المسيحية

الله واحد أم ثلاثة؟



الله واحد أم ثلاثة؟

الله
واحد أم ثلاثة؟!

 

هذا
تساؤل نواجه به كثيراً فى كل مكان لأنها قضية غريبة على الفكر الإسلامى كيف يكون
الله واحد وكيف يكون ثالوث؟. وما معنى الثالوث؟. نحن نحب أحباءنا المسلمين جداً
كمحبتنا للإنسان المسيحى تماماً، لذا فنحن نحاول أن نوضح ما هو إيماننا وعقيدتنا،
حتى يدرك الأخ المسلم أننا لسنا مشركين ولا كفرة. إذن كيف يكون إيماننا بالله واحد
أى بالوحدانية؟ وما معنى الثالوث؟ أنا أجاوب على هذه القضية من سؤالك.. فالثالوث
ليس شئ معقد على الإطلاق.

 

هنا يأتى السؤال: لماذا إذن لا نكتفى بالقول بأن الله
واحد
ولا داعى لموضوع الثالوث هذا الذى قد يصعب فهمه على البعض؟.
أحب
أن أضرب المثل التالى لنوضح الهدف من هذا الموضوع حتى نعرف لماذا
أصر الكتاب المقدس عليه
.

عندما
يكون الإنسان طفلاً صغيراً حوالى أربع سنوات ونريد أن نشرح له حقيقة معينة..
فإدراك الطفل الصغير لا يزال بسيطاً فنحاول أن نُبَسِط له العملية.. فمثلاً إذا
أردت أن أقول للطفل الصغير أنى أحبه كثيراً، فلا يمكن أن أقول له باللغة العربية
الفصحى { إنى أحبك كثيراً }.. بالطبع لن يفهم شيئاً لكن الطفل الصغير ممكن أقول له
أنا بحبك { آ آ آ د كده } الولد يفهمها، وبالتالى هو يعبر ويقول وأنا بحبك آآد
الأوضة (الحجرة)، وبالتالى تكون لغة الحوار مع هذا الطفل على مستواه لأننا بسطنا
له الحقيقة.. لكن عندما ينضج الإنسان ويكتمل عقله ويصبح من خريجى الجامعات، فلا
نستطيع أن نقول له بنفس المستوى الذى للطفل، وإلا كان الأمر استخفافاً بعقليته..
لذا فهو يريد أن يعرف دافع الحب وأهداف الحب وأسلوب الحب.. وطبعاً هذا ليس تعقيداً
للموضوع بل هو فحص فى جوهر الشىء ومضمونه… هكذا الأمر تماماً مع الله فى الأمور
الخاصة به… فحين كانت البشرية فى مرحلة الطفولة الفكرية كانت الأمور بسيطة –
الله مالئ الكون وكفى..

 

سؤال: ما هى البساطة فى البداية؟

الإجابة: مثلاً الله
واحد مالئ الكون والسماء والأرض وكل البشرية فى طفوليتها قبلت هذه الحقيقة الله
واحد لا شريك له، لكن لما بدأت البشرية تنضج فى الحضارة والثقافة والعلم والمنطق
والإدراك لم يكن كافياً أن يقول الله عن نفسه أنه واحد وكفى.. البشرية تريد فحص
وفهم أكثر عن الله.. هل الله مالئ الكون؟ وهل هو إله عاقل؟ وهل هو إله حى؟ أم هى
مجرد فكرة؟

        وهكذا بدأت أمثلة كثيرة، لذا أتى
الإعلان الكتابى فى مرحلة النضج البشرى ليشرح ويرد على الأسئلة وهذه الأسئلة تحتاج
إلى إجابات منطقية، فبدأ الكتاب المقدس يوضح. وحقيقة أن البشرية كانت فى مرحلة
طفولة وبدأت تنضج موجودة فى الكتاب المقدس… فمعلمنا بولس الرسول يوضح فى الرسالة
الأولى إلى كورنثوس (1 كو 3: 1، 2) ” وأنا
أيها الاخوة لم استطع ان أكلمكم كروحيين بل كجسديين كأطفال في المسيح. سقيتكم
لبناً لا طعاما لأنكم لم تكونوا بعد تستطيعون بل الآن أيضاً لا تستطيعون ”

فالطفل
الصغير يحتاج فى تغذيته الأولى إلى اللبن فلا نستطيع أن نعطى له قطعة من اللحم قد
تؤذيه.. ومن هنا نقول أن الله واحد ونقول أيضاً أنه ثالوث وليس فى ذلك أى تعقيد.

 

سؤال: نريد توضيحاً
أكثر وبصورة مبسطة لقضية الثالوث لأن ذلك يشكل عقبة أمام أى مسلم يتهم المسيحية
والمسيحيين
أننا نعبد ثلاثة آلهة فنريد إيضاحاً أكثر بحيث يفهمها أخونا المسلم
بسهولة .

الإجابة: فى البداية أريد أن أنبه لنقطة هامة وهى. هل نحن نؤمن بإله واحد أم لا؟

فنريد
أن نوضح أن المسيحية تؤمن بإله واحد لا شريك له فالله واحد ولا نستطيع أن نقول أن
هناك أثنان أو ثلاثة آلهة فالله نفسه إله غير محدود فالله مالئ الكون كله فلو قلنا
أن هناك إله آخر ثانى وثالث فأين سيوجد فبالتالى لسنا فى احتياج إلى إله آخر.

والكتاب
المقدس وضح أننا نؤمن بإله واحد والسيد المسيح وضح من العهد القديم أننا نؤمن بإله
واحد.

 

سؤال:
نريد توضيح ذلك من الكتاب المقدس فكثير يقولون لنا نريد آيات من الكتاب المقدس تصرح
أن الله واحد
.

الإجابة: ” فأجابه يسوع أن أول كل الوصايا هي اسمع
يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد ” (مر
قس 12: 29)،
والسيد المسيح يعيد ما فى العهد القديم ” اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد. وأكتبها على قوائم أبواب بيتك و على
أبوابك ” (تث
نية 6: 4، 9) ويكرره بنفس الصورة ويقول الرب إلهنا
إله واحد.

 ونفس الكلام
كرره رسل السيد المسيح فى (رو
ميه 3: 29)، (يعقوب 2: 19).

        وهذا ما نردده
فيما يعرف بقانون الإيمان بالحقيقة نؤمن بإله واحد….
إلى آخره.

        إذن
المسيحية تؤمن بإله واحد لا شريك له ونفس الإسلام يشهد لنا بذلك.

 

سؤال: فى الحقيقة أن الأحباء فى
الإسلام دائماً يقولون: أنتم تعبدون ثلاثة آلهة وهذا هو الاتهام الموجه لنا فهل
يمكن أن نركز على هذه النقطة وهى أننا نعبد إلهاً واحداً

. و
أليست عقيدة الثالوث هى شرك بالله ومن الذى قال أن الله ثالوث وما
مفهوم المسيحية عن الثالوث؟

الإجابة: نبدأ بالسؤال الأول نحن لا نؤمن بثلاثة آلهة
ونحن نؤمن بإله واحد لا شريك له وتعبير ثلاثة آلهة لم يرد نها
ئياً فى
المسيحية، ولكن أحباؤنا المسلمون فهموا من الثالوث أننا نعبد ثلاثة آلهة وهذا
الموضع يجرنا إلى ما مفهوم الثالوث؟ ومن قال هذا الكلام؟

 

المسيح نفسه هو الذى قال هذا الكلام فى (متى 28: 19)
” فأذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب
والابن والروح القدس
ونلاحظ استخدم لفظ ” اسم ” وليس أسماء
ولو كانوا ثلاثة لأستخدم لفظ أسماء.
.

ويقول يوحنا الحبيب أن الشهود فى السماء ثلاثة { الآب والكلمة والروح القدس } والثلاثة هم واحد.
(يوحنا الأولى 5: 7)
فكيف ذلك وما مفهومه وما معناه وماذا يعنى ثالوث؟
وكيف هم واحد؟ وهذا هو موضوعنا
وأظن أن أخوتنا فى الإسلام لا يستطيعون
تقبل
مفهومنا
هذا
لكن نوضح أكثر
ببساطة
معنى الآب والابن والروح القدس.

       

طبعاً أول نقطة أحب أن أؤكدها أن ليس معنى هذا
الكلام أن هناك علاقة جسدية تناسلية أو جنسية.
. حاشا.. فلا نعنى هذا
الكلام على الإطلاق،
ومعروف فى اللغة العربية بالتحديد أن الكلام إما
أن يكون لازم معناه أو يكون كلاماً بلاغياً له معانى أخرى.

فإذا فهمنا الأمر على أنه كلام لازم، تكون كلمة أب
وابن
تعنى أن رجلاً تزوج
امرأة
وأنجبوا
ابناً.. هذا هو
الكلام اللازم معناه،
ونحن لا نقول هذا والقرآن نفسه يقول ذلك (آنّا [ أى كيف ] يكون
لله ولد ولم تكن له صاحبة)
بمعنى زوجة فنحن لا نقول أن الله سبحانه
تزوج لكن
لا
نعلم من أين أتى
القرآن بهذا الكلام.

        كانت هناك بدعة فى القرن الخامس قبل
الإسلام ُتسمى
بدعة المريميين وكانت تنادى بتعليم غريب.. أناس
يعبدون الأوثان وكانت البدعة شبيه
ة ببدعة إيزيس وأوزوريس وحورس أوزوريس إله الخير وإيزيس زوجته وولدوا حورس وهذه
القصة تخص قدماءنا المصريين،
وكان هناك أشخاص مثلهم يعبدون نفس الآلهه، ولما دخلوا
المسيحية
حاولوا
أن يستمروا فى نفس الخط،
وحسب اعتقادهم أن العذراء إله، فى وجهة نظرهم.. ولكن
المسيحية قامت ضد هؤلاء ومنعتهم وحرمتهم تماماً،
فلما جاء
الإسلام كان
لا
يزال يوجد بقية من
هؤلاء الناس والفكر الموجود، فقام الإسلام أيضاً بدوره ضد
هذه البدعة وليس ضد المسيحية والقرآن يقول جاعل الذين
تبعوك فوق الذين كفروا فنحن لسنا كفرة
[ سورة آل
عمران 55 ]
.

 

        كذلك يقول القرآن: ولتجدن أشد الناس عداوة للذين
آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا هم الذين قالوا أننا
نصارى لأن منهم قسيسين ورهباناً وهم لا يستكبرون
” [
المائدة
82 ]

        فإذا كان النصارى
مشركين لكانوا أشد الناس عداوة ولكن أشد الناس عداوة هم اليهود والذين أشركوا وفى
ال
مقابل
أقربهم
مودة هم النصارى.
كما يقول: ولا
تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن وقولوا آمنا بالذى أُنزل علينا وأُنزل عليكم
وإلهنا وإلهكم واحد
” [ سورة العنكبوت 46 ]

 

سؤال:
نريد
أيضاً المزيد من الإيضاح على الثالوث
.

الإجابة: التشبيه بسيط جداً
و
فهمه
أمر هين ل
لشخص
اللى
يحاول
أن
يفهم، لكن عندما نحاول أن نكلم أى أخ
أو أخت من أحباءنا المسلمين
فعل الفور يغلق أذنيه وبالتالى
يحكم علىَّ

مبدئياً أنى أنا كافر ومشرك،
والسبب أنه لا يريد أن يعطينى
أذنيه،

ظناً منه أنه سيصبح
مشركاً، وبالتالى يفتح شفتيه ولسانه يتكلم بلا فهم وليس لديه استعداد أن
يسمع ويفهم خشية أن يقتنع.

 

        ولكن ببساطة الكتاب يقول أن الله خلق
الإنسان على صورته ومثاله ولكن طبعاً الله ليس له صورة ولا مثال ولكن ماذا يقصد؟
قصد بذلك أن الله ذو عقل ونطق وروح والإنسان أيضاً جسد له وجود جسدانى مادى وله
عقل يفكر به وروح يحيا به و لا نستطيع أن نقول لأى إنسان
حضرتك ثلاثة ولكن
واحد، وجود جسدى ونطق وروح حى.
.. إذاً الكائن الحى لابد أن يكون له وجود
حقيقى ولابد أن يكون عاقل ولابد أن يكون حى،
هكذا بالضبط
الله بالفكر الناضج له وجود وليس مجرد فكر
ة، مثل السلام
مثلاً،

هذه
فكرة ولكن ليس لها كيان مادى ولا يمكن مثلاً مقابلة السلام ونقول أهلاً
كيف أنت أيها السلام
ومن هنا الله ليس مجرد فكرة ولكنه كائن وله وجود وهذا
الوجود نسميه الآب لأنه مصدر الوجود وهذا الكلام سبق أن وضحناه أنه كلام بلاغى
وليس لازم معناه. ولكن يشير إلى معنى روحى كما أن الأب فى البيت هو مصدر وجود
الأسرة فأخذنا التشبيه أن الأب عنصر الوجود نسميه الآب.

 والعقل الله
عاقل وإلا كيف يخلق البشر عاقلين والعقل هذا نأخذ له كلام بلاغى ونسميه الابن فكيف
ذلك.

 مثال:

 عندما يجلس الإنسان صامتاً لا
نعرف
هل
هو

عاقل أم مجنون.
.
لكن عندما يبدأ
فى الكلم نبدأ نعرف إذا كان عاقلاً أم
مجنوناً فالكلمة تعبر عن العقل
،
والكلمة
هذه فى الكلام البلاغى
نطلق عليها بنت
الشف
ة ويقال هكذا لم ينطق ببنت شفة!!! بنت شفة! لا لا.. ده كلام كفر.. ده بيقولوا
بنت شفة!! يعنى الشفة العليا من الفم تزوجت الشفة السفلى واللسان حبل وأخرج الكلمة
طبعاً هذا ليس
معقول أبداً وهذا هو التشبيه.

ومثال آخر: نقول فلان أسد فلا يغضب علىَّ ومن الممكن
أن يرفع علي قضية سب ويقول أنك قلت عل
ىَّ حيوان من ذوات الأربع
وله ذيل وحيوان مفترس
هذا الكلام غير معقول . ولكن الصفة التشبيهية تعنى أنى عندما أشبه فلاناً بالأسد فأنا أقصد
أنه
شجاع
فإذن عندما
نقول بنت شفة فإننا نرمز إلى الكلمة الخارجة من الوجود.

والروح أيضاً واضحة جداً هى روح الحياة.

 

سؤال:
 يحضرنى هنا سؤال،
فأحباؤنا فى الإسلام يقولون عندما تجسد عقل الله،
فهل كان
الله وقتها من غير عقل؟

الإجابة: هذا سؤال هام، والله ليس
مادة وليس محدوداً ووجود الله فى حيز لا يمنع وجوده فى مكان آخر وسنشرح ذلك
باستفاضة، فمثلاً فى القرآن عند أخوتنا المسلمين يقول أن الله فى الثلث ال
أخير من
الليل ينزل إلى السماء إذن
من سيكون فى السماء العليا؟؟ فلا
نستطيع أن نأخذ الآية حرفياً ومثلاً فى القرآن الرحمن
على الكرسى
استوى فكيف أن الله
يجلس على كرسى وهذا الكرسى المحدود خشب أو
ألومنيوم أو
حديد وما حجمه
.. فبهذه
الطريقة لا تفهم
الأمور ولكن معناها أن الرحمن بدأ يملك ويحكم
ومعنى أنه جلس على الكرسى
لا يعنى أنه أصبح غير موجود فى الأماكن
الأخرى،

ونستطيع
أن نقول الآن أن وجود الله فى مكان لا يمنع وجوده فى مكان آخر
.. مثال آخر
من القرآن فى سورة النور ” الله نور السماوات
والأرض مثل نوره ” كمشكا
ة
” بمعنى حائط فيها مصباح والمصباح فى زجاجة والزجاجة تضئ كأنها كوكب درى..
ونلاحظ أن
الزجاجة لم تمنع النور بل النور أشع منها وبقى أجمل والله إذاً لم يحدد وجوده فى
كل مكان ولا نستطيع أن تقول عقل الله أنفصل عن الله عندما كان فى المسيح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار