علم التاريخ

انتصار الأرثوذكسية



انتصار الأرثوذكسية

انتصار
الأرثوذكسية

لاوون
الخامس والأيقونات: وسيطر نقفور وزير المال على بلاط ايرينية وقبض عليها وحبسها في
أحد الأديرة. فانتهى عهد هذه الفسيلسة في السنة 802 وكان نقفور ساميّ الأصل ولم
يقل قول إيرينة فلم ينفذ مقررات المجمع المسكوني السابع ولكنه لم يضطهد من قال
بإكرام الأيقونات ولا هو شجعهم. وسقط نفقور في حرب البلغار في السنة 811 وقطع
البلغاريون رأسه واتخذوا جمجمته كأساً. وجُرِح ابنه وولي عهده وتوفي فتولّى العرش
ميخائيل الأول صهره (811-813) وكان ميخائيل لطيف المعشر معجباً بالرهبان فأبعد عن
الوظائف جميع أعداء الأيقونات فأثار غضبهم ودفع بهم إلى التآمر. ومما زاد في الطين
بلة أن البطريرك نيقوفوروس تقسى في معاملة المهاجرين الذين نقلوا إلى العاصمة
وتراقية من الولايات النائية الجنوبية الشرقية لتمسكهم بمذاهب لم تقرها المجامع
المسكونية فعادت المشادة الدينية إلى ما كانت عليه من قبل. وكانت الحرب البلغارية
لا تزال ناشبة فأعدّ ميخائيل جيشاً وزحف إلى الجبهة في ربيع السنة 813 فدارت
الدائرة عليه فنادى الجند بلاوون الأرمني أحد كبار القادة فسيلفساً. فتنازل
ميخائيل وترهب.

وأول
ما فعله هذه الفسيلفس الأرمني لاوون الخامس (813-820) أنه أقسم يمين الولاء
للكنيسة وقطع وعداً بأن يحافظ على عقائدها ومصالحها. ولكنه كان وصولياً وكان يعتمد
على جنود آسيويين لا يحترمون الأيقونات ولا يرغبون في تكريمها. فما أن استتب له
الأمر وتخلّص من خطر البلغار حتى نكث يمينه ونبذ عهد الولاء للكنيسة. وكان مراوغاً
مداوراً فبث بادئ ذي بدء في الأوساط الرسمية أن ما حلّ بالدولة من ضعف وما أحدق
بها من خطر إنما نشأ عن العودة إلى تكريم الأيقونات وتقديسها. وبعد أن تمكن من جمع
قرارات مجمع هييرية (754) عقد مجلساً في القصر ضمّ بعض وجهاء الطرفين المتخاصمين
ممن قال بالأيقونات وممن حرمها. ودعا البطريرك نيقوفوروس إلى هذا المجلس في خريف
السنة 814 وثيودوروس رئيس دير الاستوديون وطلب إلى المجتمعين أن يبحثوا في أمر
الأيقونات. فأجه ثيودوروس بصراحة وشدة أن البحث في الأمور الدينية منوط برجال
الدين وأن الواجب على الفسيلفس أن يطيع هؤلاء في أمور الدين لا أن يغتصب دورهم
اغتصاباً وأن للفسيلفس أن يعنى بما سوى ذلك. فأجاب لاوون بأنه لا يرغب في حمل
الناس على الاستشهاد. وفي عيد الميلاد من هذه السنة استمع القداس الإلهي في كنيسة
الحكمة الإلهية مظهراً الخشوع مكرماً الأيقونات. ولكنه في ربيع السنة 815 قبض على
البطريرك نيقيوروس ونفاه إلى خريسوبوليس وأقام في موضعه علمانياً يدعى ثيودوتوس.
ثم عقد مجمعاً محلياً في نيسان سنة 815 في كنيسة الحكمة الإلهية ثبّت فيه مقررات
مجمع السنة 754 وحرم تكريم الأيقونات. على أن لاوون الخامس كان أقل تسرعاً ممن
سبقه إلى محاربة الأيقونات مع أن مقاومة من كرّم الأيقونات كانت أشد وأقوى من ذي
قبل. فاكتفى لاوون بنفي الأساقفة والرهبان وبحبسهم. وأشهر المنفيين بعد نيقوفوروس
البطريرك ثيودوروس الأستودي الذي كتب من منفاه في أزمير في السنة 819 يشدد عزائم
الرهبان كما أنه استغاث ببابا رومة وبطاركة الشرق الثلاثة. وكان بين المنفيين
ثيوفانس المؤرخ. فإنه أبعد إلى سموتراقية فتوفي في السنة 817.

 

ميخائيل
الثاني والأيقونات: (820-829) وأشرك لاوون الخامس ابنه في الحكم وظن أنه بذلك يؤسس
أسرة حاكمة. ولكن رفاقه في السلاح الذين عاونوه في الوصول إلى الحكم وفي طليعتهم
ميخائيل العموري لم يرضوا عن مسلكه فتآمروا عليه. واكتشف لاوون هذه المؤامرة وقذف
بمخائيل إلى السجن ولكنه أجّل عقابه وترك شركاءه في المؤامرة أحراراً. فضرب هؤلاء
ضربتهم قبل أن ينكشف أمرهم وذبحوا لاوون في كنيسته الخاصة. وأخرجوا ميخائيل من
سجنه وتوجوه فسيلفساً قبل أن تكسر قيوده الحديدية.

وكان
ميخائيل الثاني ريفياً غير مثقف جندياً عتيقاً في طباعه وعاداته ولكنه كان قديراً
حكيماً. وعلى الرغم من قلة إيمانه بالأيقونات فإنه اتخذ موقفاً معتدلاً فمنع كل
مشادة حول الأيقونات واستدعى من المنفى جميع المبعدين بسبب ذلك واستقبل ثيودوروس
الراهب في قصره وأكد له حرية العبادة وقال نيقوفوروس البطريرك: ليس لي أن أبتدع في
الإيمان والعقيدة ولا أن أجادل في التقاليد الموروثة أو أن أنقضها. ولكنه لم يعترف
بقرارات المجمع المسكوني السابع.

 

ثيوفيلوس
الأول: (829-842) ويختلف المؤرخون في موقف ثيوفيلوس من الأيقونات فبعضٌ يرى فيه
عدواً لدوداً للأيقونات وأنصارها وبعضٌ يراه معتدلاً في موقفه مقتصراً في إجراءاته
على العاصمة وضواحيها. والواقع أنه رغم تعلقه بالعذراء والقديسين فإنه اتخذ له
مستشاراً عدواً للأيقونات وهو العالم الشهير يوحنا الكاتب. وجعل من صديقه هذا
بطريركاً مسكونياً ولم يكترث بقرارات البطاركة باسيليوس الأورشليمي وخريستوفوروس
الإسكندري وأيوب الأنطاكي التي وُجهت إليه موجبة المحافظة على التقليد واحترام
الأيقونات. وكوى كفيّ الراهب العازر بالحديد الحامي وجلد ثيوفانس وأخاه ثيودوروس
الراهب الفلسطينيين ووسم جبينيهما بأبيات من الشعر نظمها هو نفسه.

 

يوم
استقامة الرأي: وتوفي ثيوفيلوس في السنة 842. وخلّف خمس بنات وابناً هو ميخائيل
الثالث. وإذ كان ميخائيل هذا لا يزال في السادسة من عمره فإن الفسيلفس الراحل جعل
زوجته ثيودورة وصية على ميخائيل القاصر. وعاونها في الوصاية مجلس تألّف من كبار
رجال الدولة بينهم أخواها برداس وبتروناس والماييستر سرجيوس وثيوكتيستوس عزيز
ثيودورة المفضل على غيره.

وتحدّرت
ثيودورة من أصل أرمني بفلاغوني شرقي ولكنها على الرغم من هذا أحبت الأيقونات
وأكرمتها. ووافقها على ذلك مجلس الوصاية فدعت الآباء الأرثوذكسيين إلى مجمع ليحلوا
ثيوفيلوس زوجها من خطيئته في اضطهاد من كرّم الأيقونات وطلبت إلى الكاتب أن يشترك
في أعمال هذا المجمع فأبى. وادعى أن مؤامرة كانت تحاك لاغتياله فأخرج برداس من
المقر البطريركي وأودعه بيته. ثم انتخب مثوذيوس المعترف بطريركاً على القسطنطينية
وذلك في الرابع من آذار سنة 843. ووافق مجمع الآباء على خلع يوحنا واعترف برئاسة
مثوذيوس وجدد الاعتراف بقرارات المجامع المسكونية واعتبر تكريم الأيقونات عملاً
مشروعاً ولعن من حرّمها. وفي الأحد الأول من الصوم الكبير في الحادي عشر من آذار
سنة 843 خرجت ثيودورة في موكب عظيم إلى كنيسة الحكمة الإلهية يواكبها كبار الرجال
لاستماع القداس الإلهي ولتقبيل الأيقونات ولطلب المغفرة لزوجها الراحل. ولا نزال
حتى يومنا هذا نعتبر الأحد الأول من الصوم الكبير يوم استقامة الرأي ويعرف ب
“أحّد الأرثوذكسية”

 

لصورتك
الطاهرة نسجد أيها الصالح طالبين مغفرة الذنوب أيها المسيح الإله

إن
أسرارك كلها يا والدة الإله تفوق كل إدراك وتعلو كل مجد

التريودي:
الأحد الأول من الصوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار