المسيحية

الفصل العاشر



الفصل العاشر

الفصل
العاشر

ماذا
اخذ الاسلام من الديانات الاخري

الاسلام،
مما لا شك فيه، قد اقتبس من الديانات الاخرى بحكم الجوار واختلاط عرب الجزيرة
باليهود والنصارى والفارسيين واالحبشة والهند. فلنبدأ باليهودية لانها اكثر أثراً
في الاسلام. فهناك كلمات معينة في القرآن ليست عربية ويسهل ارجاعها الى العبرية.
فخذ مثلاً:

 

التابوت:

هذه
ليست كلمة عربية. والكلمات التي تنتهي ب ” وت” اما ان تكون عبربية او
كلدانية او سريانية. واستعمل القرآن كلمة ” تابوت” مرتين وبمعنى مختلف
في كل مرة. في سورة طه الآية 39 عندما يتكلم القرآن عن موسى عندما وضعته أمه في
النهر: ” أن اقذفيه في التابوت فأقذفيه في أليم فليلقه أليم بالساحل يأخذه
عدو لي وعدو له”. والتابوت هنا تعني سلة صغيرة وُضع فيها موسى. ونفس الشئ
موجود في التوراة: ” وعندما لم تستطع إخفاءه اطول من ذلك، أخذته ووضعته في
تابوت من الحشائش وطلت التابوت بالغار ووضعت فيه الطفل، ووضعته بضفة النهر”.
والمرة الثانية التي يذكر فيها القرآن التابوت فهي في سورة البقرة الآية 248 عندما
قالوا لنبيهم شمويل: انزل لنا مًلكاً نقاتل معه: ” وقال لهم نبيهم إن آية
مُلكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينةٌ من ربكم “. والتابوت هنا، حسب تفسير
الجلالين، يعني صندوق به صور الانبياء انزله الله على آدم واستمر الى بني اسرائيل.
بينما اليهودية تستعمل كلمة التابوت لتعني الميثاق بين الله وبني اسرائيل ”
The Ark of the Covenant “.

 

جهنم:

وهذه
الكلمة كذلك مشتقة من العبرية وكانت تدل اولاً على اسم مكان يدعى وادي هينوم
The Vale of Hinnom “. وكان هذا المكان مخصص لعبادة الاصنام، ولكراهية اليهود
لعبادة الاصنام اصبح هذا الوادي يعرف بوادي العذاب او جهنم، ”
Gehinnom ” وقد ورد هذا الاسم في تلمود اليهود. وكذلك ورد في الانجيل
ك ” جهينا” دون الميم، ”
Gehenna “. وهذه كلمة
من اصل سرياني. وقد يكون محمد قد سمع هذه الكلمة من النصارى ولكن اغلب الظن انه
سمعها من اليهود في مكة.

 

احبار:

الكلمة
العبرية لأحبار هي ”
Habber ” وتعني ” مرافق” وذُكرت في المشنة اليهودية.
والكلمة اصلاً اُستعملت لترمز الى جماعة من اليهود المتدينيين فصلوا انفسهم عن
بقية اليهود وتفرغوا للعبادة، وكانوا متحمسين لنقل التراث شفهياً. ولكي يفعلوا هذا
كان لا بد لهم من ملاقاة الناس وتدريسهم التراث، ولذلك اعتبروهم معلمين او مدرسين.
والواحد منهم كان يُعرف ب ” حبيرم” ”
Habberim
أما كلمة ” الرهبان” والراهب فمشتقة من اللغة السريانية التي كان
يستعملها النصاري في الجزيرة العربية. واصل الكلمة في اللغة السريانية ”
رحبوي” ”
Rahboye” وتعني ” الخوف اي الذي يخاف الله”. وكذلك كلمة
قسيسين مشتقة من الكلمة السريانية ”
Gashishoye
” وتعني ” الكبار” اي رؤوس القبيلة. ونجد القرآن يجمع بين الاثنين
في آية واحدة وهي الآية 82 من سورة المائدة: ” لتجدن أشد الناس عداوة للذين
آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودةً للذين آمنوا الذين قالوا إنا
نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وانهم لا يستكبرون”.

 

رباني:

 وهذه
كلمة عبرية أُستعملت في اليهودية لتعني ” معلم”، واصلها ”
راباي” “
Rabbi” وهي مستعملة في عصرنا هذا لتعني رجل الين اليهودي اي
المعلم، الذي يعلم اليهود دينهم. ويبدو ان ” ربان” اعلى درجةً من ”
راباي”. وقد ذكرها القرآن في الآية 44 من سورة المائدة: ” إنا انزلنا
التوراة فيها هدى ونورٌ يحكم بها النبيون الذين اسلموا للذين هادوا والربانيون
والاحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا علية شهداء”.

 

السبت:

الايام
الخمسة الاوائل من ايام الاسبوع عند العرب سميت علي عددٍ من واحد الى خمسة، فنجد
الاحد والاثنين والثلاثاء والاربعاء والخميس، اما اليوم السادس فكان اليوم الذي
يجتمع فيه اهل مكة ليتشاوروا فيما بينهم في دار الندوة ولذلك سموه الجمعة. واليوم
الوحيد الذي يختلف عن هذه التسميات هو يوم السبت، الذي أُخذ من اليهود الذين سموا
سابع ايام الاسبوع ”
Sabbath ” فصار سبتاً عند المسلمين، وذُكر في القرآن في الآية 65 من
سورة البقرة: ” لقد علمتم الذين أعتدوا فيكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردةً
خاسئين”.

 

المثاني:

قد
قلنا سابقاً ان الاحبار هم الذين كانوا متحمسين لنقل التراث شفهياً، واصبحت هذه
الطريقة من التدريس تسمى مشنة ”
Mishnah” ولما كان الشين في العبرية يحل محل السين في العربية، تصبح
الكلمة العبرية ” مسنة ” عندما تترجم للعربية. وبما انها مفرد، قال
العرب ان جمعها يكون ” مساني”، ودخل عليها بعض التحريف الذي غير السين
الى ثاء فصارت ” مثاني” كما في الآية 87 من سورة الحجر: ” ولقد
آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم”. وقد قلنا سابقاً ان ”
مثاني” ليست كلمة عربية ولا احد من الذين شرحوا القرآن يعرف معناها او اصلها.

أما
الافكار التي أقتبسها الاسلام من الهودية فعديدةٌ. فاذا أخذنا مثلاً خلق السماوات
والارض، نجد ان الاسلام يقول ان الله قد خلق الارض والسماوات في ستة أيام، تماماً
كما يقول اليهود والنصارى، والفارق الوحيد ان اليهود والنصارى قالوا ان الله
استراح في اليوم السابع والقرآن انكر ذلك كما في الآية 38 من سورة “ق”:
” ولقد خلقنا السموات والارض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب”.

 

واليهود
يقولون ان الله ارتاح في اليوم السابع ليس من التعب بعد خلق السموات والارض، وانما
ارتاح ليضرب مثلاً عملياً للانسان ليرتاح يوم السبت. ويقول العلماء المسلمون لما
خلق الله العالم في ستة أيام كان عرشه على الماء: ” وهو الذي خلق السموات
والارض في ستة أيام وكان عرشه على الماء”، وهذه نفس فكرة اليهود عن الخلق.
واليهودية نفسها قد تكون أخذت فكرة خلق العالم من

البابليين
القدماء وفكرتهم عن خلق الاله مردوخ للعالم، وكيف ان الآلهة نفسهم خلقوا انفسهم من
ماء ازلي كان موجوداً منذ القدم. وفكرة السماوات السبعة كذلك مأخوذة من اليهود
الذين اعطوا كل سماء اسماً مختلفاً، وسموا السماء الدنيا”
Vilon” وهي مأخوذة من الكلمة اللاتينية ” Velum ” وتعني ستارة، وقالوا ان السماء الدنيا ستارة تحجب عظمة
الخالق.

 

والاسلام
يقول ان آدم خُلق من تراب ثم خلق الله زوجته من احدى اضلاعه وقال لهما كلا من كل
اشجار الجنة الا شجرة واحدة منعهما ان يأكلا منها، ولما أكلا منها بدت لهما
سوأتاهما: ” ويا آدم اسكن انت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه
الشحرة فتكونا من الظالمين. فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ورئ عنهما من
سوءاتهما”. ونجد نفس القصة في التوراة، سفر التكوين، الاصحاح الثاني، الآية
21 وما بعدها: ” فأوقع الرب الاله سُباتاً عميقاً على الانسان فنام. فأخذ
إحدى أضلاعه وسد مكانها بلحم. وبنى الرب الاله الضلع التي أخذها من الانسان
إمرأةً، فأتى بها الانسان. فقال الانسان: هذه المرأة هي عظم من عظامي ولحم من لحمي.
هذه تُسمى إمرأة لانها من أمريٍ اُخذت. ولذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلزم أمرأته
فيصيران جسداً واحداً. وكانا كلاهما عريانين، الانسان وأمرأته، وهما لا
يخجلان”. ونرى هنا ان اليهودية تقول ان آدم وحواء كانا عريانين في الجنة
ولكنهما لم يخجلا من عريهما، والسبب في عدم خجلهما هو انهما لم يريا اعضاءهما
التناسلية الا بعد ان أكلا من الشجرة المحرمة.

 

والاسلام
كذلك يقول رغم انهما كانا عريانين الا انهما لم يريا عوراتهما الا بعد ان أكلا من
الشجرة المحرمة عليهما، فظهرت لهما عورتاهما فراحا يخصفان عليهما من ورق
الشجر.والمنطق يُحتم علينا ان نسأل انفسنا كيف يقف شخصان عريانان امام بعضهما
البعض ولا يريان عوراتهما، وخاصة عورة الرجل. وحتى لو بانت لهما عوراتهما بعد ان
أكلا من الشجرة، لماذا شعرا بالخجل وكانت هذه اول مرة يريا فيها اعضاءً تناسلية
ولم يكونا يعرفان حتى الغرض منهما؟ وكنا نتوقع منهما ان يكونا متشوقين لمعرفة
لماذا تختلف اعضاؤهما التناسلية، كما يفعل الاطفال عندما يرون انفسهم عراة مع
اطفال آخرين.

 

وحتى
في عصرنا الحاضر هناك قبائل بدائية يعيشون في الادغال في اميريكا الجنوبية وفي جزر
جنوب شرق أسيا ولا يلبسون اي ملابس تسترهم ولا نراهم يخجلون حتى امام عدسات
كاميرات التلفزيون. وفي العالم الغربي اندية للعراة وبلاجات يُحرّم فيها لبس أي
نوع من الملابس، ونرى الرجال والنساء والاطفال يسرحون ويمرحون عراة كما ولدتهم
أمهاتهم، ولا يخجلون من عريهم. فلماذا خجل آدم وحواء وهما لم يكونا قد مارسا الجنس
بعد ولم يكن لهما علم بان الاعضاء التناسلية الغرض منها ممارسة الجنس؟

 

والقصة
أُخذت من اليهودية دون تمحيص، ففي سفر التكوين نجد ” ورأت المرأة أن الشجرة
طيبة للأكل ومتعةٌ للعيون وأن الشجرة منيةٌ للتعقل. فأخذت من ثمرها وأكلت وأعطت
أيضاً زوجها الذي معها فأكل. فأنفتحت أعينهما فعرفا أنهما عريانان. فخاطا من ورق
التين وصنعا لهما منه مآذر”

 

والقرآن
يخبرنا ان الله علّم آدم أسماء جميع الحيوانات وطلب من الملائكة ان تخبره اسماء
الحيوانات ولكنها لم تستطع، فسأل آدم عن أسمائها فأخبره إياها: ” وعلّم آدم
ألاسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هولاء ان كنتم
صادقين”. وصيغة القصة في التوراة كالاتي: ” وجبل الرب الاله من الارض
جميع حيوانات الحقول وجميع طيور السماء وأتى بها ألانسان ليرى ماذا يُسميها. فكل
ما سماه ألانسان من نفس حيةٍ فهو أسمه. فأطلق ألانسان أسماء على جميع البهائم
وطيور السماء وجميع وحوش الحقول”. ولم تكن هناك منافسة بين الانسان والملائكة
لمعرفة من يعرف اسماء الحيوانات.

 

لما
تبلورت فكرة الجنة والنار لجزاء الذين يعملون الخيرات والسيئات على التوالي، ظهرت
لأهل الدين مشكلةٌ صعبة، وهي ماذا يفعلون بالاشخاص الذين تستوي حسناتهم مع
سيئاتهم؟ علماء اليهودية حلوا هذه المشكلة بأن جعلوا مكاناً بين الجنة والنار
ليستوعب هذا النوع من الناس، وقال بعض الربانيون ان هذا الفاصل بين الجنة والنار
هو حائط، بينما قال آخرون تفصلهما مسافة شبر واحد فقط ويمكن لهولاء الناس الذين علي
هذا البرزخ ان يروا اهل الجنة واهل النار. أما القرآن فيقول في سورة الاعراف،
الآية 46: ” وبينهما حجابٌ وعلى ألاعراف رجالٌ يعرفون كُلاً بسيمائهم ونادوا
اصحاب الجنة ان سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون”. وقال ابن جرير في شرح هذا
الحجاب انه السور الذي قال عنه الله: ” فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه
الرحمة وظاهره من قبله العذاب “، وقال مجاهذ: الاعراف حجاب بين الجنة والنار،
سور له باب. وقال ابن جرير الاعراف جمع عُرف وهو كل ما ارتفع من الارض، وانما قيل
لعرف الديك عرف لارتفاعه.

 

سورة
النور، الآية 24 تقول: ” يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا
يعملون”. وهذه الفكرة موجودة في التلمود الذي يقول: ” وأعضاءألانسان
نفسها سوف تشهد عليه “. وقد أمر الاسلام الناس ان يصلوا واقفين، وان لم
يستطيعوا فتجوز الصلاة للشخص وهو جالسٌ او حتى راقد على جنبه.فالآية 238 من سورة
البقرة تقول: ” حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين”
وسورة آل عمران، الآية 191: ” الذين يذكرون الله قياما وقعوداً وعلى جنوبهم
ويتفكرون في خلق السموات والارض”. وفي اليهودية كذلك الصلاة تكون والانسان
واقفٌ. وتقول كتابات الربانيين (اليهود) اذا كان الشخص راكباً على حمارٍ واتى وقت
الصلاة، يجب ان يترجل الراكب لاداء الصلاة، وان لم يستطع فعليه إدارة وجهه الى
القدس “.

 

والاسلام
يُبيح للمسلمين ان كانوا مسافرين او في الجهاد ان يُقصروا الصلاة، ففي سورة
النساء، الآية 101، نجد: ” وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جُناح أن تُقصروا
في الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا”. واليهودية كذلك أباحت لليهود ان
يُقصروا الصلاة ان كانوا في موقعٍ او موقف فيه خطرٌ عليهم.

 

وعندما
جاء عمر او احد الصحابة الآخرين الى الصلاة وهو سكران، نزلت الآية 42 من سورة
النساء: ” يأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وانتم سُكارى حتى تعلموا ما
تقولون ولا جُنباً الا عابري سبيل حتى تغتسلوا”. ونجد في المشنة كذلك ان
الصلاة حُرمت على اليهود اذا كانوا سُكارى او لامسوا النساء.

 

ويُحث
الاسلام وكذلك اليهودية على الاغتسال بالماء لازالة النجاسة قبل الصلاة، ولكن اذا
لم يتوفر الماء، فقد أباح الاسلام للمسلمين ان يتيمموا بالرمل، ففي سورة المائدة،
الآية 6: ” وان كنتم مرضى او على سفر أو جاء أحدكم من الغائط أو لامستم
النساء فلم تجدوا ماءً فتيمموا صعيداً طيباً فأمسحوا بوجوهكم وأيديكم منه”.
ونجد كذلك نفس السماح بالتيمم في اليهودية اذ تقول: يطهر نفسه بالرمل ويكون قد فعل
ما فيه الكفاية.

 

وصلاة
الفجر في اليهودية تحين عندما يتبين للانسان الخيط الازرق من الخيط الابيض بضوء
الفجر. واذا نظرنا الى الآية 187 من سورة البقرة وهي تشرح للمسلمين وقت الامساك عن
الاكل والشرب في رمضان، نجد: ” وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من
الخيط الاسود من الفجر ثم أتموا الصيام الى الليل”. فالا سلام قد أبدل الخيط
الازرق بالخيط الأسود.

 

وبعض
الاحكام التي تخص النساء متطابقة بين اليهودية والاسلام. فمثلاً عُدة المرأة
المطلقة ثلاثة شهور في الديانتين، ورضاعة الطفل عامين في الديانتين كذلك.

 

واذا
أخذنا الاشياء التي تُفسد الوضوء في الاسلام، نجد ان الاستمناء يفسده وعلي المسلم
ان يغتسل قبل الصلاة اذا استمنى. ونجد نفس الشئ في التوراة، ” اذا خرج المني
من الرجل يجب عليه ان يغسل كل جسمه بالماء”. وكذلك نجد في نفس الاصحاح، الآية
16، ” إذا أضجع رجلٌ مع أمرأة وخرج منه منيٌ فعلى كليهما الاغتسال
بالماء”. وفيما يختص بالمحيض، نجد القرآن يقول في سورة البقرة، الآية 222:
” ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فأعتذلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى
يطهرن”. ونجد في التوراة ” عندما يكون على المرأة نزول الدم المعتاد،
فان عدم طهارتها الشهرية يستمر سبعة أيام، وكل من يمسها يصبح غير طاهر”.
وكذلك في اللاويين، الاصحاح 18، الآية 19: ” لا تقترب من إمرأة بقصد الجماع
في فترة عدم طهارتها الشهرية”.

 

والآية
23 من سورة النساء تبين النساء المحرمات على المسلم: ” حُرمت عليكم أمهاتكم
وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الاخ وبنات الاخت وأمهاتكم اللاتي
أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم
اللاتي دخلتم بهن فان لم تكونوا قد دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل ابنائكم الذين
من اصلابكم وان تجمعوا بين الاختين الا ما قد سلف”.

والتوراة
تقول: ” لا تؤذي أباك بأن تضاجع أمك، ولا تضاجع زوجة أبيك. لا تضاجع أختك من
ابيك او اختك من أمك، لا تضاجع عمتك ولا تضاجع خالتك. لا تضاجع زوجة ابنك ولا زوجة
اخيك. لا تضاجع أمرأةً وابنتها. لا تتزوج اخت زوجتك وزوجتك على قيد الحياة.

 

والحيوانات
التي يُحرم على المسلم أكلها، والتي تحل له، هي نفسها في التوراة، ” بإمكانك
ان تأكل كل الحيوانات التي تجتر وظلفها مشقوق. أما الحلوف (الخنزير) مع ان ظلفه مشقوق،
لكنه لا يجتر، ولذا حُرم عليك. وكل حيوانات البحر التي عليها زعانف محللة لك. ومن
الطيور يجب الا تأكل النسر والصقر والحدأة والغراب والبومة. والحشرات التي تطير
وتمشي على اربعة محرمة عليك الا الجراد والصرصار”.

 

والاسلام
يُحرّم الربا في الآية 278 من سورة البقرة، ” يا أيها الذين آمنوا إتقوا الله
وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين”. والتوراة تقول: ” إذا أقرضت احد
عبادي المحتاجين مالاً، فلا تطلب منه ربحاً”

 

وأما
القصص القرآنية، وقد ذُكرت في القرآن كقصص تاريخية فقط، ولم تجئ لتأكد أحكاماً
شرعية او لتقدم شرحاً لما صعُب من الاحكام، فنستطيع ان نقول انها مأخوذة من
اليهودية بكاملها ما عدا قصة الاسراء والمعراج، وقصة عيسى بن مريم وقصة أهل الكهف.
وقد رأينا في الصفحات السابقة ان قصة خلق الكون وخلق آدم وتعليم آدم اسماء كل
الحيوانات، هي نفس القصص في المصدرين. ولكن الاسلام اختصر قصة آدم واهله اختصاراً
شديدا ولم يذكر غير قتل أحد أبناء آدم لأخيه، ولم يسمي القرآن ابناء آدم، وهم
Cain ” و” Abel ” كما تسميهم التوراة، ولكن الاسلام سماهم فيما بعد ب هابيل
وقابيل. أما بقية قصص الانبياء من ابراهيم الى موسى ويوسف فهي متشابهة مع تغيرات
واضافات او حذف بسيط، باستثناء قصة سليمان وملكة سبأ، التي تعج بالمبالغات.

 

أما
قصة أهل الكهف فهي مأخوذة من القصص الاغريقية وظهرت في كتاب باللغة اللاتينية اسمه
” قصة الشهداء” لكاتب أسمه جرجوري ”
Gregory of Tours” وتحكي القصة حالة المسيحيين الذين كانوا مضطهدين في
الامبراطورية الرومانية في عهد الامبراطور ديسيس “
Decius
” عام 249-251 ميلادية. ولينجوا بدينهم وحياتهم قرر سبعة من الرجال من مدينة
أفيصص ”
Ephesus ” اللجو الى كهف بالقرب من المدينة، وغلب عليهم النوم وناموا
لمدة مائتي عام. ولما أفاقوا من نومهم كان الامبراطور في ذلك الوقت ثيودورس الثاني
عام 447 ميلادية. وذهب واحد منهم للمدينة ليستطلع الاخبار لهم، ودُهش عندما رأى ان
المسيحية قد انتصرت على اليهودية وصارت الديانة الرسمية للدولة. ولم تذكر القصة أي
كلبٍ لهم ولم يكن هناك اختلاف في عددهم. والقصة اصلاً قصة رمزية تُعبر عن اضطهاد
المسيحيين في الامبراطورية الرومانية في بداية عهد المسيحية الى ان صارت المسيحية
الديانة الرسمية للدولة.

 

أما
قصة عيسى ومريم فواضح انها أُخذت من المسيحية وحدثت بها بعض أخطاء مثل ” يا
أخت هارون” التي خاطب بها القرآن مريم أم عيسى وكان بينها وبين هارون 1570
عاماً. ومريم هي أصلاً مايري ”
Mary ” وقد تزوجت يوسف النجار بعد أن حملت بعيسى، ثم ولدت خمسة
أولاد بما فيهم عيسى، وكذلك ولدت بنتين. وأخوان عيسى الاربعة هم: جيمس ويوسف
وجوداس وسيمون.

 

أما
زكريا الذي يذكره القرآن على انه ربى مريم في المحراب، فهو فعلاً نبي من انبياء
بني اسرائيل لكن لم تكن له أي صلة بمريم. فالعهد القديم يخبرنا: ” في الشهر
الثامن من السنة الثانية من حكم دارياس، أتت كلمة الرب الى النبي زكريا”.
ودارياس هذا كان ملك الميديس في بابل في ايام المنفي الثاني لليهود في حوالى العام
539 قبل الميلاد. وبالتالى يكون الفارق الزمني بين مريم أم عيسى وبين النبي زكريا
حوالي خمسمائة عام.

 

وكذلك
حصلت أضافات مثل معجزة المن والسلوى، في سورة المائدة، الآية 114: ” إذ قال
الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك ان ينزل علينا مائدةً من السماء قال
أتقوا الله ان كنتم مؤمنين. قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم انه قد
صدقنا ونكون عليها من الشاهدين، قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من
السماء تكون لنا عيداً لأولنا وآخرنا وآيةً منك وارزقنا وانت خير
الرازقين”.هذه إضافة لا يوجد لها اصل لا في الانجيل ولا في كتابات المسيحيين.

 

وبعض
الآيات يبدو انها نُقلت نقلاً من الانجيل، فهناك آية الاغنياء والجنة في الانجيل:
” وأقول لك مرة أخرى، انه أسهل للجمل ان يدخل في سُم الابره، من أن يدخل رجلٌ
غنيٌ ملكوت الله”. ونجد في القرآن، الآية 39 من سورة الاعراف: ” إن
الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا لا تُفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى
يلج الجمل في سم الخياط”.

 

وحتى
فكرة أهل اليمين وأهل اليسار في يوم القيامة عندما يحاسبهم الله ويدُخل أهل اليمين
الجنة ويُدخل أهل اليسار النار، مأخوذة من المسيحية، فالانجيل يخبرنا: ” يوم
يعود المسيح في كل عظمته وحوله الملائكة ويجلس فوق عرشه في السماء، سوف تأتي أمامه
جميع ألامم، وسوف يفصلهم عن بعضهم البعض كما يفصل الراعي الغنم من الماعز. وسوف
يضع الغنم عن يمينه والماعز عن يساره. وسوف يقول للذين عن يمينه: تعالوا أيها الذين
بارككم أبي، خذوا إرثكم، المملكة التي أُعدت لكم منذ خلق العالم. وسوف يقول للذين
عن يساره: أرحلوا عني أيها الملعونون وادخلوا النار الخالدة التي أُعدت للشيطان
وملائكته”

 

وقبل
مولد الرسول واثناء بعثته كانت أجزاء كبيرة من الجزيرة العربية تحت الحكم الفارسي.
فكسرى نشروان كان قد ارسل جيشاً للحيرة وازاح الملك الحارث وولى نصر بن ربيعة
حاكماً عليها، وكذلك ارسل جيشاً لليمن التي كانت تحت حكم الحبشة وطرد الاحباش من
اليمن وعين عليهاحاكماً فارسي. وتعاقب ثمانية حكام فارسيين على اليمن قبل ظهور
الاسلام. وكان لهولاء الفرس اثُرٌ كبير على العرب عن طريق القصص والكتب التي
ادخلوها معهم. وواحدٌ من هذه الكتب أسمه ”
Arta Viraf Namak ” كُتب حوالي اربعمائة سنة قبل الهجرة في أيام الملك ”
أردشير”. وتدور قصة هذا الكتاب عن شخص زرادشتي أسمه أرتا بعثه ملك فارس الى
السماء ليُحضر للناس بشارةً من السماء تُنعش الديانة الزرادشتية التي كانت آخذةً
في الاضمحلال.

 

وصعد
هذا الرسول الى السماء الدنيا ثم مر بكل السماوات، وأخيرأً أمره ”
أُورمزد” بأن يعود الى الارض. وحكى هذا الرسول حكايته للناس وقال: ” أول
ما وقفنا كان بالسماء الدنيا وهناك رأينا ملكاً يشع نوره، فسألت ساروش المقدس
وأزار المَلك: ما هذا المكان ومن يكون هولاء الناس؟. ثم تخبرنا القصة ان أرتا صعد
للسماء الثانية ثم الثالثة والى سماوات أخرى. ويستمر أرتا في سرد قصته ويقول: وقام
باهمان من عرش مطلي بالذهب وقادني حتى وصلنا الى ” أورمزد” وحوله الملائكة
في ثيابٍ مزركشة لم أرى مثيلها من قبل. وقدمني دليلي الى ” اورمزد” الذي
رحب بي وطلب من ساروش ومَلك النار ان يطوفا بي على المكان الذي اُعد للمتقين،
وكذلك المكان المُعد لعقاب العُصاة. وبعد ان رأينا الجنة والنار، رجعنا الى ”
اورمزد” الذي قال لي: أرجع الى العالم المادي يا أرتا”.

 

هذه
القصة، ولا شك، هي الاساس لقصة الاسراء والمعراج التي سردناها في فصلٍ سابق، خاصةً
اذا أخذنا في الاعتبار ان عائشة قالت ان جسم الرسول لم يبارح فراشه ليلة الاسراء،
ولكن الله حمل روحه. وإذاً الاسراء لم يكن جسدياً وانما كان رحلةً معنوية مثل القصة
اعلاه.

 

وكُتب
الديانة الزرادشتية تحكي عن مخلوقات من الارواح جميلة للغاية وتُدعى ”
Paries ” وهو ما يُعرف في اللغة الانجليزية ب ” fairies ” وهي أرواح في هيأة بنات ولهن اجنحة يطرن بها بين السماء
والارض. وحتى كلمة ” حوري” مشتقة من كلمة فارسية ”
Hur ” وتعني شمس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار