اللاهوت العقيدي

الباب السادس



الباب السادس

الباب
السادس

شروط
الإعتراف المقبول

ليس
كل اعتراف عن الخطية يعتبر مقبولاُ لدي الله أو يستجلب رضاءه وعفوه لأن فرعون
اعترف بخطأه أمام موسي وهرون مرتين (خر 27: 9 – 28) وأخوة يوسف اعترفوا بخطئهم
أمامه ووبخوا أنفسهم (تك 21: 42) وشاول الملك اعترف بخطيته أمام صموئل النبي وطلب
منه الغفران (1 صم 24: 15 – 25) ويهوذا الاسخريوطي اعترف بخطيته وندم (مت 3: 27 –
4) ومع ذلك قد هلكوا جميعاُ ولم يجدهم اعترافهم نفعاُ لأنه لم يكن مصحوباُ
بالندامة الحقيقية علي ما أرتكبوه أو بتوبة خالصة عما اعترفوا به ولهذا وجب علي كل
معترف يطلب المغفرة ويشعر أنه في أشد الحاجة اليها أن تكون توبته مقترنة بالأتي:

 

أولاُ:
انسحاق القلب أو الحزن علي الخطايا (1)

أولاُ:
انسحاق القلب أو الحزن علي الخطايا التي تمرغ في حمأتها وهذا شرط أساسي وضروري لمن
يشعر بثقل خطاياه قدام الله وبابتعاد الله عنه مادام ملوثاُ بها

ومن
يفقد هذا الانسحاق لا يعتبر اعترافه توبة بل رياء ونفاقاُ0 وهذا ما يطلبه الله من
شعبه في حالة رجوعهم اليه ” ولكن الآن يقول الرب أرجعوا إليّ بكل قلوبكم
وبالصوم والبكاء والنوح ومزقوا قلوبكم لا ثيابكم وأرجعوا إلي الرب الهكم لأنه رؤوف
رحيم بطيء الغضب وكثير الرأفة ويندم علي الشر” (يؤ 12: 2 و3) وهذا ما تقدم به
داود الملك في توبته “استر وجهك عن خطاياي وأمح كل أثامي ” (مز 9: 51)
” لكنك ترحم الجميع لأنك قادر علي كل شيء وتتغاضي عن خطايا الناس لكي
يتوبوا” (حك 24: 11)0

 

 (1)
أن مصادر أنسحاق القلب ثلاثة مهما كان الباعث لها واحداُ وعلها متفقة إلا أنها
تختلف في النتيجة بالنسبة لحالة المؤمن عند نوال المكافأة وحصول الأجر وهذا

ما
عبر عنه الرسول بقوله ” لأن نجماُ يمتاز عن نجم في المجد ” (1 كو 41: 15)
وهو ما اقتبسه من تعليم السيد المسيح له المجد ” في بيت أبي منازل كثيرة
“(يو2: 14) بل هو ذلك الامتياز الذي تتبين به درجات المؤمنين عند نوال الجزاء
يوم جلوس المسيح علي كرسي مجده

 اولا:
عبد لم يعتنق التوبة إلا خوفاُ من العقاب

قد
يكون انسحاق القلب صادراُ عن خوف من العقاب الذي تستوجبه نتائج الخطية المهلكة في
العالم الحاضر والدهر الآتي وأن كان المبدأ هو عبارة عن توجع النفس ومقت الخطايا
لسبب معروف بالأيمان الفائق الطبيعة كفقدان النعمة والنفي من السعادة وقباحة
الخطية والشر ==

ولما
أراد مخلصنا الحبيب أن يبين ماهية التوبة الحقيقية في عهد النعمة أوضح شروطها
الاساسية بأمثال حية في سيرتي الابن الشاطر والعشار وشخص الأول حاكماُ عن نفسه
حكماُ طوعياُ بمحض ارادته وصارماُ جداُ وراجعاُ إلي أبيه بقلب منسحق وتخشع عميق
نتيجة خبرة واسعة بما لحقه من أدناس الرذيلة وما حاق به

 

=وأهانة
الله ومع ذلك يسمي بالندامة الغير الكاملة لأن الباعث له هو خوف العقاب وعذاب جهنم
ودرجة المؤمن في هذه الحالة بمثابة عبد لم يعتنق التوبة إلا خوفاُ من العقاب
المرعب ولا يفعل مرضاة سيده إلا من رهبة الخوف ” أو لا تخاف الله اذ أنت تحت
هذا الحكم بعينه ” (لو 40: 23). ” لا أعود اسميكم عبيداُ لأن العبد لا
يعلم ما يعمل سيده لكني قد سيمتكم احباء لأني اعلمتكم بكل ما سمعته من أبي ”
(يو 15: 15) ” إذ لم تأخذوا روح العبودية أيضاُ للخوف بل أخذتم روح التبني
الذي به نصرخ يا أبا الآب ” (رو 15: 8) ومع أن الانسحاق في هذه الحالة قد
يوصل الخاطيء إلي بدء الاصلاح ويرجعه عن طريق الشر إلي طريق الفضيلة إلا أنه لا
يمكن أن يكون ندامة حقيقية ولا تبرر إلا مع قبول السر بما أن مركز المؤمن أرقي من
هذه الحالة

ثانياُ:
الأجير الذي يقوم بعمله الأكمل طمعاُ في نوال الأجر

قد
يكون الانسحاق ناتجاُ عن طموح إلي المجد العتيد وميراث القديسين ونوال السعادة الأبدية
وغاية التائب فيه نوال رضا الله للوصول إلي هذه البركات0 وفي هذه الحالة يكون
التائب بمنزلة الأجير الذي يقوم بعمله الأكمل طمعاُ في نوال الأجر فقط ” ولست
مستحقاُ بعد أن ادعي لك أبناُ اجعلني كأحد أجراك ” (لو 19: 15).


قال صاحب الكرم لوكيله ادع الفعلة وأعطهم الأجرة مبتدئاُ من الآخرين إلي الأولين ”
(مت 8: 20).. ” إلي أن يسر كالاجير بانتهاء يومه ” (أي 6: 14).. ومدعاة
سروره نوال الاجرة التي يعمل لأجلها وأن كانت هذه الغاية توصل إلي توجع النفس ومقت
الخطايا لغرض معروف بالإيمان الفائق الطبيعة كفقدان النعمة والنفي من السعادة
وقباحة الخطية والشر وأهانة الله وقد يبعد التائب من كل ميل إلي الرزائل إلا أنه
يعتبر في درجة متوسطة بالنسبة لما يجب أن يكون المركز الحقيقي لأبناء الله.

ثالثاُ:
الابن العائد إلي أبيه لا خوفاُ من عقاب ولا طمعاُ في ثواب

قد
يكون الأنسحاق ناتجاُ عن محبة الله من قلب يفيض بها قد خالف ارادته المقدسة واعترف
ضميره داخلاُ بأنه أخطأ أمام الآب السماوي الصالح وقد شعر بعصيانه وعدم شكره ==

من
الانحطاط الزريع وقائلاُ له ” يا أبي اخطأت إلي السماء وقدامك ولست مستحقاُ
أن أدعي لك بل أبناُ اجعلني كأحد اجراك ” (لو 18: 15 – 19)0وشخص العشار

مستغيثاُ
بعطف الله ورحمته بتواضع عميق وحزن قلب وتنهدات ساحقة وواقفاُ من بعيد لم ير نفسه
اهلاُ أن يرفع عينه إلي السماء وكان يقرع صدره قائلاُ: ” اللهم أرحمني أنا
الخاطي ” (لو 17: 18).

 

ثانياُ:
في العزم الثابت علي اصلاح السيرة

هذا
هو الشرط الثاني لصحة
الإعتراف وقبوله أمام الله، وهو
في سر التوبة نتيجة ضرورية لانسحاق قلب النادم علي ما أرتكبه من المعاصي والذنوب، وكما
أن الخاطيء لا يكون حزنه عميقاُ علي خطاياه وصادر من أعماق قلبه ليس عن خوف

 

==
لاحسانات الله المحسن العظيم وأصبح بعيداُ عن استحقاقه لهذا الاحسان ويطلب بانسحاق
قلبه عودته إلي مركزه الاول بنوال رضاء الله كأب له وفي هذه

الحالة
يكون التائب في مركز الابن الذي يطلب العودة إلي أبيه لا خوفاُ من عقاب ولا طمعاُ
في ثواب بل لأنه ابن يتمني أن يعيش في كنف أبيه ويتمتع بحنانه وعطفه ويظل مشمولاُ
بالرعاية التي يقتضيها مقام النبوة ” وأما كل الذين ولدوا ليس من دم ولا من
مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله ” (يو 12: 1 – 13)0.. “أنظروا
أية محبة أعطانا الآب حتي ندعي أولاد الله” (1يو 1: 3)


إذاُ لست بعد عبداُ بل ابناُ وأن كنت ابناُ فوراث لله بالمسيح ” (غل 7: 4)
” الروح نفسه أيضاُ يشهد لأرواحنا أننا أولاد الله فإن كنا أولاداُ فأننا
ورثة أيضاُ. ورثة الله ووارثون مع المسيح ان كنا نتألم معه لكي نتمجد أيضاُ معه ”
(رو 16: 8 – 17) فالابن يعمل مرضاة أبيه محبة فيه فقط واكراماُ وتقديراُ لهذه
المحبة ينسحق قلبه اكتساباُ لرضاه فيضمن لنفسه الغفران وينال ميراثاُ مع المسيح في
ملكوت الله الآب ” لا خوف في المحبة بل المحبة الكاملة تطرح الخوف إلي خارج
لأن الخوف له عذاب وأما من خاف فلم يتكمل في المحبة نحن نحبه لأنه هو أحبنا أولاُ ”
(1 يو 18: 4 – 19) فمتي عرف المؤمن مقامه وأنه ابن الله المحبوب من أبيه لا يري
لنفسه راحة بعيداُ عن هذا المركز السامي والمقام الرفيع ومتي طوحت به الاهواء
وابعدته عن مقامه يبذل ما استطاع من انسحاق قلب ومرارة نفس وندامة عميقة للوصول
إلي ما يمتعه برؤية أبيه ونوال حنانه وعطفه وهذه الحالة تصالحه مع الله كابن وتورثه
الامجاد كابن وهي منزلة ارفع من منزلة الأجير والعبد

العقاب
ولا طمعاُ في الثواب فقط (كما سبق ان اوضحنا في هامش الفقره السابقه)، بل ناتجاُ
عن محبة الله أيضا ولكراهته ومقته للخطية التي تغضب قداسته0 هكذا لا يمكن التائب
أن يكون انسحاق قلبه حقيقياُ ما لم يشعر في نفسه بشوق صادق وعزم ثابت علي اصلاح
حياته والأقلاع عن سيرته الماضية بخلع الإنسان العتيق مع أعماله وان يلبس الإنسان
الجديد الذي يتجدد بحسب صورة خالقه في البر وقداسة الحق (اف 9: 3 – 10 و23: 4 –24).


ولا تشاكلوا هذا الدهر بل تغيروا عن شكلكم بتجديد اذهانكم لتختبروا ماهي أرادة
الله الصالحة المرضية الكاملة ” (رو 2: 12) وهذا التغيير يأمر به كلام الله
في كرازة القديس يوحنا المعمدان عن التوبة الحقيقية وثمارها الطبيعية حيث قيل
” فلما رأي كثيرين من الفريسيين والصدوقيين يأتون إلي معموديته قال لهم يا
أولاد الأفاعي من أراكم أن تهربوا من الغضب الآتي فاصنعوا أثماراُ تليق بالتوبة
وكل شجرة لا تصنع ثمراُ جيداُ تقطع وتلقي في النار ” (مت 7: 3 – 10) ويقول القديس
بطرس الرسول في كرازته لليهود ” توبوا وارجعوا لتمحي خطاياكم ” (أع 19: 3)
لأن هذا هو الذي اعلنه الوحي الألهي عن السيد المسيح له المجد ” أن يكرز
باسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الأمم ” (لو 47: 24) ويكتب القديس يوحنا
الرائي إلي ملاك كنيسة أفسس قائلاُ: ” فأذكر من أين سقطت وتب وأعمل الأعمال
الأولي وإلا فأني أتيك عن قريب وأزحزح منارتك من مكانها أن لم تتب ” (رؤ 5: 2)
لأن من يتب إلي الرب يرحمه ويكثر له الغفران (إش 7: 55) وهذا ما جاهر وعلم به آباء
الكنيسة الأولون حيث قال القديس أمبروسيوس (في التوبة ك2 – 35) يجب علي التائب أن
يغسل بالدموع خطيته وأن يستر الهفوات السابقة بأعمال صالحة كي لا تحسب التوبة عليه
خطية ” أرجعوا الآن أيها الخطاة واصنعوا أمام الله براُ واثقين بأنه يصنع
إليكم رحمة ” (طو 8: 13)0

 

ضع
حداُ للأمور الماضية

كتب
القديس باسيليوس القيصري من اباء الجيل الرابع (في ادبياته 4: 1) لأن ليس الذي
يقول اخطأت ويلبث مصراً علي الخطية يعترف! لا! بل الذي يجد خطيته ويبغضها اذ ما هي
الفائدة للمريض من اجتهاد الطبيب اذا كان هو يجلب ما يفسد حياته؟ هكذا لا فائدة من
صفح الظلم لمن لم يكف عن ظلمه ولا من ترك الرجاسة لمن بقي في رجاسته 0فبدون
المسامحة من الله لا يمكن للإنسان أن يبتديء بالحياة الفاضلة ولهذا قد أراد مدبر
حياتنا الحكيم من الذي امتحن ببعض الخطايا وعزم علي السلوك بالسيرة المنزهة أن يضع
حداُ للأمور الماضية يحددها به ويجعل لنفسه بدءاُ جديداُ بعد الخطايا كأن حياته قد
تجددت بالتوبة وأما الذي يعترف بخطاياه مراراُ متكررة ثم يسقط فيها بتكرار فإنه
يغلق أمامه باب تعطف الله ويترك في اليأس إذ لا يكفي للتائبين غفران الخطايا وحده
للحصول علي الخلاص بل من الضروري ان تكون لهم أثمار تليق بالتوبة “

وقال
دانيال النبي لنبوخذ نصر ” لذلك أيها الملك فلتكن مشورتي مقبولة لديك وفارق
خطاياك بالبر وآثامك بالرحمة للمساكين لعله يطال اطمئنانك ” (دا 27: 4) ولذلك
لا يجب أن تكون توبتنا عقيمة عديمة الثمر.

 

ثالثا:
الأيمان والرجاء بيسوع

 

وهذا
شرط لازم من شروط التوبة لأن
الإعتراف بالخطايا المقرون
بالندامة العميقة وانسحاق القلب لا ينفع التائب ما لم يكن ثمراُ للإيمان بيسوع
المسيح ومفعماُ بالرجاء التام في رحمة الله وتحننه علي الخطاة وعظيم فرحه برجوعهم
إليه وتوبتهم له لأن رحمة الله تسع جميع المعاصي والذنوب مهما كان ثقل جرمها
” أما مراحمك فعظيمة جداُ، لأنه طيب هو الرب للذين يترجونه للنفس التي تطلبه
فإنه ولو أحزن يرحم حسب كثرة مراحمه ” (مرا 26: 3 – 32).

وكل
اعتراف مهما شملته الندامة وانسحاق القلب خلواُ من الرجاء برحمة الله بنوال
المغفرة يشبه خطية إبليس ويعتبر تجديفاُ عديم المغفرة في الدارين لأن إبليس مع
إيمانه الوطيد بوجود الله و
الإعتراف بكمالاته وقدسية حنانه
” إلا أنه اعتقد بحصر قدرة الله وحكمته في إيجاده وخلقته دون سواه ويتعذر
عليه (له المجد) ان يخلق أحكم وأعظم منه. هذا ” تصلف وكبرياء ” (1 تي 6:
3).. ” كيف سقطت من السماء يا زهرة بنت الصبح كيف قطعت إلي الأرض يا قاهر
الأمم وأنت قلت في قلبك أصعد الي السموات أرفع كرسي فوق كواكب الله وأجلس علي جبل
الاجتماع في أقاصي الشمال أصعد فوق مرتفعات السحاب أصير مثل العلي لكنك أنحدرت إلي
الهاوية إلي اسافل الجب ” (إش 12: 14 – 15).. ” والملائكة الذين لم
يحفظوا رياستهم بل تركوا مسكنهم حفظهم إلي دينونة اليوم العظيم بقيود أبدية تحت
الظلام ” (يه 6) وإذ حكم عليه بالسقوط مع كل أجناده قطع الرجاء من رحمة الله
وعطفه فأصبحت خطيته تجديفاُ عديم المغفرة وهي الخطية التي قال عنها يوحنا الحبيب
” توجد خطية للموت ليس لأجل هذه أقول أن يطلب ” (يو 16: 5) ومن هذا
النوع كان اعتراف يهوذا الاسخريوطي وندامته (مت 4: 27 – 5).

 

الرجاء
وعدم اليأس

فلذا
وجب على كل معترف بخطيته مهما كانت ثقيلة أن يضع أمام بصيرته الرجاء برحمة الله
والتماس تعطفه وحنانه وعدم اليأس من نوال مغفرته عن أى ذنب اقترفه ” ويقال فى
ذلك اليوم هوذا هذا إلهنا انتظرناه فخلصنا ” (اش25: 9) ولهذا السبب إستلفت
الرسول بطرس أنظار الراجعين إلى الله والتائبين عن معاصيهم إلى التماس الرجاء
بيسوع المسيح بقوله ” له يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن يه ينال باسمه
غفران الخطايا ” (أع10: 43). ” وليس بأحد غيره الخلاص لأن ليس اسم آخر
تحت السماء قد أعطى بين الناس به ينبغى أن نخلص ” (أع4: 12). ” فمن ثم
يقدر أن يخلص أيضاً إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله إذ هو حى فى كل حين
ليشفع فيهم ” (عب7: 25). ” ويصالح الاثنين فى جسد واحد مع الله بالصليب
قاتلاً العداوة به فجاء وبشركم بسلام أنتم البعيدين والقريبين ” (أف2: 16و 17).
” وننتظر رحمتك إذا حكم علينا ” (حك12: 13).

فمهما
كان اعترافنا صريحاً وندامتنا ساحقة ومهما كان عزمنا على إصلاح سيرتنا صادقاً
وتحسينها فى المستقبل ثابتاً لا يمكننا أن نستحق غفران الخطايا من الله بدون
الإيمان بيسوع المسيح والرجاء يرحمة الله.

 

رابعا:
الأستعداد
الجيد وامتحان النفس

من
كان بينه وبين صاحبه حقد، فليصطلح معه. من كانت سريرته توبخه علي الخطايا،فليعترف
بها. من كان غريباً في أفكاره عن وصايا الرب
فلينصرف. من
هو في سيئة فلا يتواري
فإنه لا يختفي. من هو
مريض بمشورات مردودة
فلا يدخل نفسه. من هو
دنس ومن لم يثبت فلينصرف.

من
رفض كتب الله..، فليذهب لينجي نفسه من
غضب الوحيد.
من إستحي آن يعترف بصلب المسيح،
فليذهب هارباً من تهديد
ربنا.

بحكمة
الله فلنكن مستعدين لأن تأخذ بإستحقاق التي أنعم بها علينا ” مقدمة قداس عهد
ربنا
.

يمتحن
أعماله وسلوكياته


ولكن ليمتحن كل واحد عمله، وحينئذ يكون له الفخر من جهة نفسه فقط، لا من جهة غيره
لأن كل واحد سيحمل حمل نفسه ” (غل 6: 4).

 يمتحن
ويفحص أفكاره وإنطباعاته وتطلعاته وأهدافه ومعاملاته وشهوات قلبه وأعماله، ويسأل
نفسه بل يجيب علي سؤال يوجه إلي ضميره وقلبه:

 هل
نحن في عمل المحبة نامون؟.. هل نحن في طريق التوبة سائرون؟.. هل نحن للأعداء
غافرون؟.. هل نحن في الصلاة مداومون؟.. هل نحن في الأصوام زاهدون؟.. هل نحن في
العطاء مغبوطون؟.. هل نحن في العبادة جادون؟.. هل نحن في البذل صادقون؟.. هل نحن
في القدوة مزكون؟.. هل نحن للضعفاء متسعون؟.. هل نحن في الفضيلة نامون؟.. هل نحن
في الكرازة نشيطون؟.. هل نحن في الأسرة متحابون ومترابطون؟.. هل نحن في العالم غير
ملوثين؟.. هل نحن عن الخطية منفصلون؟.. هل نحن مع السمائيين مشتركون؟.. هل نحن في
نور المسيح سالكون، أم في ظلمة إبليس قائمون ولاهون؟.. هل نحن للمسيح عائشون أم مع
بليعال سائرون؟.. هل نحن من إبليس راضعون، طباعه وأفكاره وحيله، وإغراءاته؟

 

 يمتحن
نفسه يقيمها ويقومها

يقيمها
علي ضوء الإنجيل والوصية الإلهية

 لا تكونوا مديونين لأحد
بشيء، إلا بأن يحب بعضكم بعضاً، لأن من أحب غيره فقد أكمل الناموس، لأنه لا تزن لا
تقتل لا تسرق لا تشته وإن كانت وصية أخرى هي مجموعة في هذه الكلمة أن تحب قريبك
كنفسك.. فالمحبة هي تكميل الناموس ” رو 13: 8″.

 

يمتحن
فكره

” لا تنظروا كل واحد
إلي ما هو لنفسه، بل كل واحد إلي ما هو لآخرين أيضاً، فليكن فيكم هذا الفكر الذي
في المسيح يسوع أيضاً ” (في 2: 4).

 لتتغيروا
عن شكلكم بتجديد أذهانكم بل: يمتحن الإنسان نفسه لتختبروا ما هي إرادة الله
الصالحة المرضية الكاملة أي “إمتحنوت كل شيء، تمسكوا بالحسن.

 وإذا
فحصت ذاتك وإختبرت إيمانياتك وسلوكك ووجدت نفسك غريباً فهناك الحل الوحيد ألا وهو:
التوبة و
الإعتراف وتجديد
العهد.

خامسا:
تكون توبته صحيحة ومقبولة؟

أن
تكون توبته صادقة حبا في الله وليس خوفا من عقاب، وأن تكون غايته من
الإعتراف شفاء نفسه
والحصول على نعمة الغفران من الله والحصول على الحياة الأبدية السعيدة. وأن يكون
أمينا صريحاً مع نفسه لا يحابيها ولا يدللها لئلا ينطبق عليه قول الرب ” من
يحب نفسه يهلكها ” (يو 12: 25). وأن يكون لديه النية الصادقة والعزم الأكيد
على ترك الخطية ومسبباتها. وأن يفحص ضميره فحصا دقيقاً ويمتحن نفسه ويحصر خطاياه
سواء بالفعل أو القول أو الفكر أو الحواس ويظهر الندامة عليها والانسحاق بسبب
سقوطه فيها. وأن يكون صادقاً في
الإعتراف عالما أن الكذب على أب
الإعتراف هو كذب على
الروح القدس نفسه كما قال القديس بطرس الرسول لحنانيا ” لماذا ملأ الشيطان
قلبك لتكذب على الروح القدس ” (أع 5: 3). وأن لا يخفي شيئاً من أسراره
وأفكاره بل يكشف قلبه بكل وضوح وصراحة أمام الأب الكاهن حتى يتمكن الكاهن من تقديم
العلاج المناسب لبنيان حياة المعترف الروحية.

 

لا
تخفي شيئا.. ماء وليس زيت

يقول
ارميا النبي مخاطبا النفس البشرية ” اسكبي كمياه قلبك قبالة وجه السيد ”
(مرا 2: 19). فحين نسكب الماء من الإناء لا يتبقى في الإناء أثر أو رائحة، أما إن
سكبنا من الإناء زيتاً يتبقى فيه الأثر وإن سكبنا خلاً تبقت فيه الرائحة، أما
الماء فلا يتبقى منه شئ.

كذلك
المطلوب من الإنسان أن يفرغ نفسه في
الإعتراف من كل خطاياه تفريغا
كاملاً كسكب الماء من الإناء، ولا يتبقى في قلبه إي أثر للخطية كالزيت ولا أي
رائحة للخطية كالخل. وأن لا ينتحل لنفسه الأعذار ولا يلقي اللوم على الظروف أو
الناس الآخرين لأن
الإعتراف هو شكوى النفس من النفس فعلي المعترف أن يعترف
بخطاياه هو لا خطايا الآخرين والحكيم ينصح كل معترف قائلاً ” لا تقل قدام
الملاك (الكاهن) أنه سهو ” (جا 5: 6). وعلى المعترف أن يكون عادلاً في محاسبة
نفسه لا يعطف عليها أكثر من اللازم فيسلك الطريق الواسع ولا يقسو عليها أكثر من
اللازم فيصل إلى الوسوسة والضمير الضيق بل يسلك باعتدال وضمير مستقيم سوي

 

اجماع
الكنائس الرسوليه القديمه علي
الإعتراف

اجمعت
الكنائس الرسوليه القديمة على أن
الإعتراف سر من أسرار الكنيسة
مع أن بينها اختلافات أخري كثيرة ويعد هذا من أكبر الأدله على صحة وجوب
الإعتراف للكاهن لأن
أسرار الكنيسة لا يمارسها إلا الكاهن. والكاهن مؤتمن على سر التناول من جسد المسيح
ودمه الأقدسين ومطالب إلا يناوله إلا للتائب حسن السيرة وإلا أصبح هو مسئولا
ومدانا أمام الله عن إهماله في ذلك.

 

وصية
سيامه الكاهن الجديد

 وفي
وصية سيامه الكاهن الجديد يوصيه الأسقف قائلاً ” أحرس هذه الذخيرة كحراسة
الشاروبيم لشجرة الحياة، احترز على هذه السرائر احتراز يخلصك من الجرائر (المصائب
والنكبات) ولا تناوله إلا للحسن السيرة الصالح السمعة الطاهرة السريرة، رد من كانت
طريقته شريرة لئلا يقتل نفسه وتكون أنت السبب في الجريرة “.

كيف
يتم التنفيذ؟

هنا
نتساءل كيف يعرف الكاهن ان هذا الإنسان حسن السيرة طاهرة السريرة حتى يسمح له
بالتناول، وكيف يعرف الإنسان الخاطئ غير المستحق ليمنعه من التناول؟ أليس عن طريق
الإعتراف أمامه، من
حق الكاهن أن يمنع الإنسان الذي لا يمارس سر
الإعتراف من التناول
من الأسرار المقدسة فالسيد المسيح له المجد لم يناول من جسده ودمه الأقدسين إلا
تلاميذه الذين يعرفهم حق المعرفة ويعرف أنهم مستحقون لتناول هذه الأسرار الإلهية،
ولم يتناول يهوذا الأسخريوطي من جسد ودم المسيح بسبب شره وخطيته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار