اللاهوت الدفاعي

الباب الرابع



الباب الرابع

الباب
الرابع

شهادة الإسلام لصحة الكتاب المقدس

من
الحقائق المعروفة أنه فى القرن السابع ظهر الإسلام فى بلاد العرب، وقد اعترف نبى
الإسلام بالكتاب المقدس المتواجد بين أيدى المسيحيين فى عصره، وكان موقفه بالنسبة
للإنجيل طيباً للغاية مما يقطع الشك باليقين أن الإنجيل لم يفقد ولم يبدل بإنجيل
مزور كما يدعى البعض، وكما ذكر صاحب تحقيق السبت بجريدة الأهرام (عزت السعدنى).

 

بل أن نبى الإسلام عاين
الكتاب المقدس الذى كان منتشراً فى كل بلاد العالم ومنها بلاد العرب وقت مجيئه فى
القرن السادس.

 

لقد كان الكتاب المقدس
موجوداً فى كل بلاد العرب مع اليهود ومع المسيحيين على اختلاف طوائفهم ووجوده معهم
أشهر من نار على علم.

 

وقد شهد القرآن الكريم
للمسيحيين فى وقت مجيئه أنهم أمة قائمة يتلون آيات الكتاب المقدس ويتعبدون به ليل
نهار فقال “ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الكتاب وهم
يسجدون” (آل عمران).

 

ولم تكن قراءتهم للكتاب
المقدس قراءة سطحية بل كانت قراءة عميقة وشاملة وعن دراية تامة. فكانوا يعرفون
حقائقه كما يعرفون البديهيات. وقد جاء فى سورة (البقرة) “الذين يتلون الكتاب
يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فاولئك هم الخاسرون” (البقرة).

 

شهادات متنوعة من القرآن الكريم للكتاب
المقدس

الكتاب المقدس كتاب سماوى
وموحى به من الله:

 

الوحى الإلهى هو إلهام
إلهى لعقول الأنبياء ينيرهم ويرشدهم ويعصمهم فيما يقولون للناس من مشيئة الله.

 

والإنجيل معناه الأخبار
السارة المتضمنة للخلاص.. وقد نادى بهذه البشارة السيد المسيح له المجد وكل ما علم
به وعمله وسمعه الرسل ذكرهم به الروح القدس عندما حل عليهم فدونوه بشارة مفرحة
للناس. وقد سمي ما دونه القديس متى الرسول من وحى إلهى باسم بشارة القديس متى
البشير ونفس الشىء مع ما دونه القديسون مرقس ولوقا ويوحنا.. الخ.

 

فالإنجيل موحى به من
الله إلى رسل المسيح الحواريين كقول القرآن الكريم “وإذ أوحيت إلى الحواريين
أن آمنوا بي وبرسولي” (المائدة). وما أوحى إلى الحواريين بخصوص الله وكلمته
(السيد المسيح) الذى أرسله إلى العالم إنما هو (البلاغ المبين)
الذى قام الحواريون بنشره بين جميع البلدان
مؤيدين بالمعجزات ولهذا سُمي الحواريون بالمرسلين كقول القرآن “قالوا ربنا
يعلم إنا إليكم لمرسلون. وما علينا إلا البلاغ المبين” (سورة يس).

 

إن هؤلاء الحواريين
مشهود لهم من القرآن الكريم بأنهم أصحاب رسالة منزلة وأنهم حملة البلاغ المبين
وأنهم أنقياء السيرة والسريرة وأنهم من زمرة الأنبياء الشاهدين الغالبين وأنهم
واتباعهم فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة.. لقد جاء عنهم فى القرآن الكريم أنهم
من الشاهدين فهل من يختم حياته بالشهادة بالدم يكون مزوراً. لقد جاء فى سورة آل
عمران قول التلاميذ للسيد المسيح له المجد “فاكتبنا مع الشاهدين” وقال
ابن عباس مفسراً ذلك “أى من زمرة الأنبياء أو ممن يكون فى شهود جلالك مستعداً
للشهادة بالدم” ولشهرتهم بخلوص النية وصفاء القلب خلع عليهم القرآن لقب
(الحواريين) وكرر لهم هذا الاسم الرفيع خمس مرات. قال البيضاوى فى تفسير آل عمران
(الحواريون – حوارى الرجل خالصته من الحور وهو البياض الخالص ومنه الحوريات
للحضريات لخلوص الوانهم سمى به أصحاب عيسى عليه الصلاة والسلام لخلوص نيتهم ونقاء
سيرتهم” (البيضاوى صفحة 100). ولشهرتهم بالالتصاق بالله وحبهم للسيد المسيح
وغيرتهم الصادقة لقبهم القرآن الكريم بأنصار الله فى قوله “قال الحواريون نحن
أنصار الله” (سورة الصف) – كما لقبهم (أنصار المسيح) فى قوله “من أنصارى
إلى الله” وقد فسر البيضاوى ذلك بمعنى أنهم انضموا إلى الله ونفذوا مشيئته فى
نصرة المسيح فصاروا فى دعوتهم المسيحية الناجحين المنتصرين على دعاة الكفر
بالمسيح، وتأيدوا بالحجة بعد رفع عيسى فصاروا الغالبين الطاهرين. (البيضاوى صفحة
763).

 

ومن المعلوم أن الوحى
يسمى فى القرآن بالتنزيل، ويؤكد القرآن الكريم أن الكتاب المقدس هو موحى به من
الله حيث قال “ونزل عليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه، وأنزل التوراة
والإنجيل من قبل هدى للناس” (آل عمران). ” وقفينا على آثارهم بعيسى بن
مريم مصدقاً لما بين يديه من التوراة وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقاً لما
بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين، وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه
ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون” (المائدة). “ولا تجادلوا
أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذى أنزل الينا
وأنزل اليكم وإلهنا وإلهكم واحد” (العنكبوت). “يا أيها الذين آمنوا
آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذى نزل على رسوله والكتاب الذى أنزل من قبل ومن يكفر
بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالاً بعيداً” (النساء).

 

ورغم ما أوردناه من
نصوص إلا أن البعض يتصور خطأ أن الاسلام يهاجم المسيحية والكتاب المقدس وهذا
التصور الخاطىء يعد ادعاء على الإسلام وافتراء عليه. فالإسلام لم يسىء إلى
المسيحية مطلقاً بل وصفها بأكرم الأوصاف ونعت كتابها المقدس بأقدس الكلمات
والإسلام بريء من هذه الأفكار التى تهاجم الكتاب المقدس بل إنه يدعو الناس إلى
ضرورة قراءته والإيمان به ويقر بكماله وقداسته ويحث المسلمين على التعايش مع
إخوانهم المسيحين فى ود وحب وسلام وهذا ما تنادى به المسيحية. لذلك ليس هناك مكان
لمن يحاول أن يصور خطأ وجود خلاف على صحة الكتاب المقدس من جهة الإسلام (*) وها نحن نؤكد هذه الحقيقة
الطيبة من بين صفحات كتاب الإسلام الذى لم يقدم للمسيحيين إلا حباً وخيراً.

 

أولاً: شهادة الإسلام أن الكتاب المقدس
كتاب منزل من الله

 

(أ) شهادة الإسلام
لتنزيل التوراة (العهد القديم): (1)

– جاء فى سورة
الأنبياء: “وآتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكراً للمتقين”.

قال الرازى فى تفسيره:
(الفرقان أى الكتاب الجامع لكونه فارقاً بين الحق والباطل وضياء يستضاء به من
ظلمات الحيرة والجهالة وذكراً يتعظ به المتقون أو ذكر ما يحتاجون إليه من شرائع).
وجاء فى سورة الأنعام: “قل من أنزل الكتاب الذى جاء به موسى نوراً وهدى للناس
قل الله”. “ولقد آتينا موسى الهدى وأورثنا بنى اسرائيل الكتاب هدى
وذكراً لأولى الألباب” ونكتفى
بذكر هذه
النصوص ولها مثيلاتها كثيرات لا يتسع لها المجال وربما نشير إليها تفصيلياً فيما
بعد.

 

(ب)
شهادة القرآن لتنزيل المزامير (الزابور):

-جاء فى سورة الأنبياء:
” لقد كتبنا فى الزابور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادى الصالحون “.
وفى سورة الإسراء: ” لقد فضلنا بعض النبيين عن بعض وآتينا داود
زابوراً”.

 

(ج) شهادة الإسلام
لتنزيل الإنجيل:

– جاء فى سورة المائدة:
” وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه”. وفى سورة الحديد: “ثم
قفينا على آثارهم برسلنا وقفينا بعيسى بن مريم وآتيناه الإنجيل “.

 

الإنجيل موحى به
للحواريين (التلاميذ الأثنى عشر):

– جاء فى سورة المائدة:
” وإذ أوحيت للحواريين أن آمنوا بى وبرسولى”.

التلاميذ يبشرون
بالإنجيل ويبلغون به العالم:

– جاء فى سورة يس:
“قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون وما علينا إلا البلاغ المبين”.

 

(د) شهادة الإسلام
لتنزيل الكتاب المقدس بكل من عهديه:

– جاء فى سورة يونس:
” فإن كنت فى شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك”
وهذا يوضح أن الكتاب المقدس مصدر للوحى ومرجع للشرائع. وفى سورة الشورى: “قل
آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم”. وفى سورة آل عمران: “وأنزلنا
التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس”. وفى سورة النحل: “وما أرسلنا قبلك
إلا رجالاً نوحى إليهم فأسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون”.

 

الصفات التى يصف القرآن الكريم بها
الكتاب المقدس

1-         
هدى للناس: “وأنزلنا التوراة والإنجيل من
قبل هدى للناس” (آل عمران).

2-    هدى
ونور وموعظة للمتقين: ” أنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور” (المائدة).
“وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم مصدقاً لما بين يديه من التوراة وآتيناه
الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقاً لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين”
(المائدة). “قل من أنزل الكتاب الذى جاء به موسى نوراً وهدي للناس. قل الله”
(الأنعام).

3-    إماماً
ورحمة: “ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفى نسختها هدى ورحمة للذين هم
لربهم يرهبون” (الأعراف). “ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة” (هود).

4-         
بصائر للناس: “ولقد آتينا موسى الكتاب من
بعدما أهلكنا القرون الأولى بصائر للناس وهدى ورحمة لعلهم يتذكرون” (القصص).

5-         
هدى وذكر لأولى الألباب: “ولقد آتينا موسى
الهدى وأورثنا بنى اسرائيل الكتاب. هدى وذكر لأولى الألباب” (المؤمن).

6-    تفصيل
لكل شىء: “ثم آتينا موسى الكتاب تماماً على الذى أحسن وتفصيلاً لكل شىء وهدى
ورحمة لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون” (الأنعام).

 

الألقاب التى أطلقها
القرآن الكريم على الكتاب المقدس.

لقد
أطلق القرآن الكريم على الكتاب المقدس العديد من الألقاب التى تدل دلالة واضحة على
أن الكتاب المقدس هو كتاب إلهى سماوى ومن بين هذه الألقاب:

 

1- الكتاب:

” ولقد آتينا بنى
اسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين”
(سورة الجاثية). ” ووهبنا له اسحق ويعقوب وجعلنا فى ذريته النبوة والكتاب
وآتيناه أجره فى الدنيا وأنه فى الآخرة لمن الصالحين” (سورة العنكبوت).
“إن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم
لغافلين” (الأنعام).

 

جاء فى سورة البقرة
“الذين آتيناهم الكتاب – يتلونه حق تلاوته (1).
أولئك يؤمنون به، ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون”. وجاء فى سورة البقرة
“أتأمرون (بنى اسرائيل) الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا
تعقلون”.

 

2- الكتاب المنير:

“جاءتهم رسلهم
بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير” (الملائكة). “فإن كذبوك فقد كذب رسل
من قبلك جاءوا بالبينات والزبر والكتاب المنير” (آل عمران).

 

3- الكتاب المستبين:

” ولقد مننا على
موسى وهرون ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم ونصرناهم فكانوا هم الغالبين.
وآتيناهم الكتاب المستبين” (الصافات).

 

4- الفرقان:

” واذ آتينا موسى
الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون” (البقرة) “ولقد آتينا موسى وهرون الفرقان
وضياء وذكراً للمتقين” (الأنبياء).

 

5- كتاب الله:

” ولما جاءهم رسول
من عند الله مصدقاً لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب. كتاب الله وراء
ظهورهم كأنهم لا يعلمون ” (سورة البقرة). ” وان عدة الشهور عند الله
اثنا عشر شهراً فى كتاب الله يوم خلق السموات والأرض” (سورة التوبة).

 

ويحتكم رسول الإسلام فى
خلافاته مع اليهود إلى كتاب الله الذى بين أيديهم فى عصره “ألم تر إلى الذين
أوتوا نصيباً من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم
معرضون! ذلك بأنهم قالوا: لن تمسنا النار إلا أياماً معدودات، وغرهم فى دينهم ما
كانوا يفترون” (آل عمران).

 

وهنا نص قاطع ”
إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور. يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا
والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله. وكانوا عليه شهداء”
(المائدة)

 

6- كلام الله:

” افتطمعون أن
يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم
يعلمون” (البقرة).

 

7- آيات الله:

” يا أهل الكتاب
لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون” (آل عمران).

قال الزمخشرى:
“آيات الله: التوراة والإنجيل “، “فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات
الله وقتلهم الأنبياء بغير حق” (النساء)، “ولا تشتروا بآياتى ثمناً
قليلاً” (المائدة). ويمدح القرآن الرهبان المسيحيين على تلاوة آيات الله آناء
الليل وهم يسجدون ويثنى على صلاحهم وتقواهم “ليسوا سواء! من أهل الكتاب أمة
قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. يؤمنون بالله واليوم الآخر. ويأمرون
بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون فى الخيرات، وأولئك من الصالحين، وما يعملونه
من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين” (آل عمران).

 

8- الذكر:

جاء فى سورة الحجر:
“انا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون”

وهنا يجب الإشارة إلى
أن البعض يقول أن المقصود بالذكر هنا هو القرآن بناء على ما جاء فى سورة الحجر:
“وقالوا يا أيها الذى نزل عليه الذكر انك لمجنون” وفاتهم أن لفظة ذكر معناها
الوحى وقد وردت صفة ونعتاً واسماً للتوراة والإنجيل وأيضاً القرآن على السواء

              
” لقد كتبنا فى الزابور من بعد الذكر أن
الأرض يرثها عبادى الصالحون” (الأنبياء).

              
” ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء
وذكراً للمتقين، وهذا ذكر مبارك أنزلناه” (الأنبياء).

              

وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحى إليهم. فأسألوا أهل الذكر إن كنتم لا
تعلمون” (النحل).

 

يلاحظ أن القرآن الكريم
لقب الكتاب المقدس بألفاظ سامية وقد أطلق هذه الألفاظ على نفسه أيضاً
مما يدل على أن القرآن الكريم ينظر للكتاب
المقدس بكل قداسة.

 

ثم يضيف القرآن الكريم
بعد ذلك فيصف الكتاب المقدس بالكمال والهدى فيقول فى (سورة الأنعام) “ثم
آتينا موسى الكتاب تماماً على الذى أحسن وتفصيلا لكل شىء وهدى ورحمة” بل ان
القرآن الكريم يقرر أن من يحيد عن الكتاب المقدس يكون فاسقاً فقد جاء فى المائدة:
“وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم
الفاسقون”..

 

كما أن القرآن الكريم
يرفع الشك عن الكتاب المقدس فيقول فى سورة السجدة >لقد آتينا موسى الكتاب فلا
تكن فى مرية من لقائه”…
ويقرر ضرورة
الإيمان بالكتاب المقدس فيقول فى النساء ” يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله
ورسوله والكتاب الذى نزل على رسوله والكتاب الذى أنزل من قبل ومن يكفر بالله
وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيداً “… ويضيف القرآن
بأن من لا يؤمن بالكتاب المقدس يكون خاسراً فيقول فى سورة البقرة ” الذين
آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ومن كفر فأولئك هم الخاسرون
“.

 

ويؤكد بضرورة الإيمان
بالكتاب المقدس كاملاً وليس بأجزاء منه فقط فيقول فى سورة البقرة “أفتؤمنون
ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذاك منكم إلا خزى فى الحياة الدنيا
ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون ”

 

كما أن القرآن ينص على
عدم إغفال دراسة الكتاب المقدس فيقول فى سورة الأنعام “ثم آتينا موسى الكتاب
تماماً على الذى أحسن وتفصيلاً لكل شىء وهدى ورحمة… أن تقولوا إنما أنزل الكتاب
على طائفتين من قبلنا (أى اليهود والمسيحيين) وإن كنا عن دراستهم لغافلين “.

 

شهادة الإسلام بعدم تحريف
الكتاب المقدس وسلامته

 

أولاً: شهادة الإسلام بعدم
تحريف الكتاب المقدس قبل ظهور الإسلام:

(سورة يونس): “فان
كنت فى شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك”. فلو كان
الكتاب المقدس قد حرف فكيف يرتضى رسول الإسلام لنفسه أن يسأل قوماً حرفوا كتابهم!؟

 

(سورة المائدة):
“كيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله”. ومن هنا يتضح أن اليهود لم
يمسوا التوراة رغم أنها لم تكن ملائمة لأهوائهم.

 

 (سورة السجدة):
“لقد آتينا موسى الكتاب فلا تكن فى مرية من لقائه” وهنا يدفع الإسلام
مجرد الشك فى الكتاب المقدس.. وكما سبق وأشرنا أن الإسلام يدعو للإيمان بالكتاب
المقدس كاملاً وليس بأجزاء منه (سورة البقرة). فلو حدث تحريف فى جزء من الكتاب
المقدس ألم يكن من الأجدر أن يشير الإسلام إلى ذلك وأن ينبه الناس إلى ذلك ويحرم
عليهم هذه الأجزاء المحرفة.

 

كما يؤكد القرآن ما سبق
الإشارة إليه من أن الذين لا يؤمنون بالكتاب المقدس يكونون خاسرين (سورة البقرة
21) فكيف يكونون خاسرين إذا كان الكتاب المقدس محرفاً.

 

(فى سورة الجمعة):
“مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً” وفى
هذا دليل قاطع على عدم تحريف التوراة بل إن المعنى هو عدم فهم اليهود للكتاب لأن
الحمار اذا حمل أسفاراً لا يفهمها، أما ان نقول أن الحمار يتعرض لها بالتحريف فهذا
غير معقول.. نكتفى بهذه النصوص ولها مثيلات أخريات..

 

ثانياً: شهادة الإسلام
بسلامة الكتاب المقدس وقت ظهور الإسلام:

(سورة يونس): “وما
كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله، ولكن تصديق الذى بين يديه”.. الذى بين
يديه هو (الكتاب المقدس).

(سورة البقرة):
“ثم جاءكم رسول مصدقاً لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه “.

(سورة الأعراف):
“تزل عليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه “.

(سورة فاطر 31):
“والذى أوحينا إليك من الكتاب هو الحق مصدقاً لما بين يديه “.

(سورة النساء):
“يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما أنزلنا مصدقاً لما معكم”.

(سورة الأنعام):
“هذا الكتاب أنزلناه مباركاً مصدق الذى بين يديه”.

 

نكتفى بهذه النصوص،
ومثيلاتها كثير، ولو كان الكتاب المقدس قد حدث به تحريف قبل أو أثناء ظهور الإسلام
للزم أن يتحاشى القرآن ذكره بهذا الإجلال والإكرام ووجب عليه ألا يغمض عينيه عن
هذا التحريف بل يظهره ويشرحه.. أما أن يصرح القرآن بأنه جاء مصدقاً له ويحرض على
التمسك به وللاحتكام إليه فهذا دليل قاطع على سلامته.

 

ثالثاً: شهادة الإسلام
باستحالة تحريف الكتاب المقدس بعد ظهور الإسلام:

(سورة المائدة):
“وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه ومهيمناً عليه”.

قال البيضاوى فى تفسيره لهذا النص “ومهيمناً عليه،
رقيباً على سائر الكتب يحفظها من التغيير ويشهد لها بالصحة والثبات”. فالقول
بهيمنة القرآن للتوراة والإنجيل دليل على أن الإسلام يسلم بأنهما حفظا ويحفظان
سالمين لم تلعب بهما أيدى المحرفين.

 

(سورة الحجر):
“إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون” وجاء فى تفسير الجلالين لهذه
الآية “انه يحفظ ما أنزله من التبديل والتحريف أو الزيادة أو النقص”.

(سورة الأنعام):
“لا مبدل لكلمات الله”.. وقد أثبتنا أن الكتاب المقدس هو كلام الله

(سورة الكهف): “لا
مبدل لكلماته “.

(سورة الفتح): “لن
تجد لسنة الله تبديلا”.

(سورة يونس): “لا
تبديل لكلمات الله “.

 

مما سبق يتضح بجلاء
شهادة القرآن بصحة الكتاب المقدس قبل وأثناء وبعد ظهور الإسلام وتعهد الله بحماية
كتابه من التحريف أو التبديل أو النقص أو الزيادة.

 

الفاتحة والمسيحية

مما يستلفت النظر أن
الفاتحة التى يصلى بها إخواننا المسلمون خمس مرات فى اليوم يطلبون فيها من الله أن
يهديهم إلى إيمان الذين أنعم الله عليهم من أهل الكتاب فيقولون “اهدنا الصراط
المستقيم.صراط الذين أنعمت عليهم. غير المغضوب عليهم ولا الضالين”.

 

والقرآن يقرر فى صراحة
تامة أن الكتاب المقدس هو الهدى الكامل والمرجع الذى يرجع إليه إخوتنا المسلمون
فيما استغلق عليهم فهمه فى سبيل الهداية فقال “ولقد آتينا موسى الهدى وأورثنا
بنى اسرائيل الكتاب هدى وذكر لأولى الألباب” (المؤمن).

 

وقال “فإن كنت فى
شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك. لقد جاءك الحق من ربك فلا
تكونن من الممترين” (يونس).

 

رسول الإسلام يحتكم للكتاب
المقدس ويعاينه

من الواضح أن الحكم فى
القرآن الكريم ضد الزانية كان الحبس حتى الممات كقوله “واللاتى يأتين الفاحشة
من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فامسكوهن فى البيوت حتى يتوفاهن
الموت أو يجعل الله لهن سبيلا” (النساء).

 

ولكن استبدل هذا الحكم
بالجلد كقوله “الزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم
بهما رأفة فى دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من
المؤمنين” (النور).

 

ثم استبدل حكم الجلد
بالرجم كقوله “إذا زنى الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز
حكيم”.

 

والنص الأخير كان
متواجداً بالقرآن الكريم فى سورة الأحزاب بشهادة الصحابة وأخصهم أبى بن كعب وخاله
أبى إمامه بن سهل وعمر بن الخطاب وزيد بن ثابت.

 

ويقول العلماء أن هذا
النص سقط كتابه وبقى حكماً أى يعمل به المسلمون شرعاً إلى الآن.. وقد أخذ حكم الرجم
من الكتاب المقدس، وذلك واضح من قول القرآن الكريم “وكيف يحكمونك وعندهم
التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين”

 

” إنا انزلنا
التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون
والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله، وكانوا عليه شهداء” (المائدة).

 

ويتفق مشاهير المفسرين
والعلماء مثل الطبرى والسيوطى والزمخشرى والجلالين والرازى والبيضاوى على أن قوماً
من يهود خيبر أتوا بشريف وشريفة منهما زانيين وحكموا نبى الإسلام ماذا ينبغى لهذين
من قصاص. فذهب رسول الإسلام إلى بعض الأحبار وسألهم عن حكم التوراة ثم أمر رسول
الإسلام بإقامة حكم التوراة وأمر برجمهما فرجما. وفى سبيل هذه القصة بالذات جاء فى
القرآن الكريم قوله كيف يحكمونك” أى اليهود. “وعندهم التوراة فيها حكم
الله” هذه شهادة على وجود التوراة صحيحة كاملة وأوجب العمل بها.

 

القرآن الكريم يشهد بأن
الكتاب المقدس هو هو مع الطوائف المسيحية المختلفة:

فرغم تضارب الطوائف
وتعددها فى المسيحية (كما فى غيرها من الأديان) فإن القرآن الكريم يرى أن
التوراة كما هى فى يد اليهود. والتوراة والإنجيل
كما هما فى يد النصارى يتلونهما جميعاً بغير اختلاف على نصوصهما.

 

فقد أقام الله على
الكتاب منهم وكلاء أتقياء أمناء يحرصون عليه أكثر من حرصهم على أرواحهم فقال فى
(سورة البقرة) ” وقالت اليهود ليست النصارى على شىء وقال النصارى ليست اليهود
على شىء وهم يتلون الكتاب. كذلك قال الذين لا يعملون مثل قولهم فالله يحكم بينهم
يوم القيامة فيما كانوا فيه مختلفون”.

 

كما أن وجود الربانيين
والقسيسين والرهبان وشهادة القرآن لهم بالتقوى والأمانة على الوكالة والشهادة
للدين المسيحى أنه باقٍ إلى يوم القيامة كقوله عن السيد المسيح “وجاعل الذين
اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة” (آل عمران).. كل ذلك دليل على وجود
الكتاب المقدس فى أيام نبى الإسلام وبعده يتعبد به المسيحيون إلى قيام الساعة.

 

الكتاب المقدس أحد مصادر
الشرع الإسلامى:

لقد جعل نبى الإسلام
الكثير من شرع الإسلام من التوراة والإنجيل “شرع لكم من الدين ما وصى به
نوحاً والذى أوحينا إليك وما وصينا به ابراهيم وموسى وعيسى” (الشورى 13).

 

الكتاب المقدس هو المرجع
فيما يستغلق فهمه:

” وإن كنت فى شك
مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قلبك. لقد جاءك الحق من ربك فلا
تكونن من الممترين” (يونس).

 

كما أعلن أن الكتاب
المقدس هو المرجع الذى يرجع إليه فى الشئون الدينية بل أعلن أنه على رسول الإسلام
نفسه أن يقتدى بالكتاب المقدس.

 

جاء فى (سورة الأنعام)
“أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفر بها هؤلاء (قريش) فقد
وكلنا بها قوماً ليسوا بكافرين (أهل الكتاب) أولئك الذين هدى الله فبهداهم
اقتده” وجاء فى (سورة النحل) “فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا
تعلمون”. وقد جاء فى تفسير (الجلالين ص 357) أن أهل الذكر هم العلماء
بالتوراة والإنجيل. فإن كنتم لاتعلمون ذلك فإنهم يعلمونه.

 

لوم المسلمين الغافلين عن
دراسة الكتاب المقدس:

لقد لام رسول الإسلام
أشد اللوم الذين يهملون دراسة الكتاب المقدس. كما أعلن القرآن الكريم أن من يحيد
عن الكتاب المقدس يوصف بكل فساد “وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن
لم يحكم بما أنزل
الله فأولئك
هم الفاسقون” (المائدة). لذلك أوصى مراراً وتكراراً وحرض الناس كثيراً على
الإيمان به.

 

ضرورة الإيمان بالكتاب
المقدس:

” قل آمنت بما
أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم. الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم
لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا وإليه المصير” (الشورى).

 

” قل آمنا بالله
وما أنزل علينا وما أنزل على ابراهيم واسماعيل واسحق ويعقوب والأسباط وما أوتى
موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون” (آل
عمران).

 

“يا أيها الذين
آمنوا. آمنوا بالله ورسوله، والكتاب الذى نزل على رسوله والكتاب الذى أنزل من قبل
ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالاً بعيداً”
(النساء).

 

ضرورة عدم الشك فى الكتاب
المقدس على الإطلاق:

” لقد آتينا موسى
الكتاب فلا تكن فى مرية من لقائه” (السجدة).

 

ضرورة الإيمان بكل أجزاء
الكتاب المقدس:

“أفتؤمنون ببعض
الكتاب وتكفرون ببعض؟ فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزى فى الحياة الدنيا ويوم
القيامة يردون إلى أشد العذاب. وما الله بغافل عما تعملون” (البقرة).

 

ضرورة الاعتراف علناً
بالإيمان بالكتاب المقدس:

“قل يا أهل الكتاب
هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل” (المائدة).

القرآن الكريم يؤكد على
ضرورة العمل بأحكام الكتاب المقدس

إذا كان الإيمان
بالكتاب المقدس شيئاً بديهىاً بالنسبة للمسيحى فهو فرض على كل مسلم، ويجب إطاعة
أوامره والعمل بأحكامه “لأن الإيمان بدون أعمال ميت. كما أن الجسد بدون روح
ميت” (يعقوب 2: 26).

 

لذلك نجد أن القرآن الكريم يحض على بعض الأمور:

1- التمسك بالكتاب
المقدس:

” الذين يؤمنون
بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر الصالحين” (الأعراف).

 

2- الاحتكام لأهل
الكتاب:

” كيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد
ذلك وما أولئك بالمؤمنين” (المائدة).

 

3- احترام أهل الكتاب:

” ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن”
(العنكبوت).

 

4- ضرورة الاصغاء
لمشورة أهل الكتاب:

وما أرسلنا من قبلك إلا
رجالاً نوحى إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون”(النحل).

 

5- عدم إغفال دراسة
الكتاب المقدس:

” ثم آتينا موسى الكتاب تماماً على الذى أحسن وتفصيلاً لكل
شىء وهدى ورحمة.. إن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا (أى اليهود
والنصارى) وإن كنا عن دراستهم لغافلين” (الأنعام).

 

6- العمل بأحكام
الكتاب:

” وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه، ومن لم يحكم بما
أنزل الله فأولئك هم الفاسقون” (المائدة).

 

7- عقاب الذين لا
يؤمنون بالكتاب:

” ولقد آتينا موسى الهدى. وأورثنا بنى اسرائيل الكتاب هدى
وذكر لأولى الألباب.. الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا فسوف يعلمون. إذ
الأغلال فى أعناقهم والسلاسل يسحبون. فى الحميم ثم فى النار يسجرون” (سورة
المؤمن).

 

بدون الكتاب المقدس يكون الإيمان إسمياً

يقول أحد المعترضين فى
كتابه “يتعين على المسلم الاعتماد أولاً على رواية القرآن مما ورد أيضاً فى
الكتاب المقدس “.

 

التعليق: إن هذا القول
يتعارض مع القرآن الكريم “فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون”
(النحل).

 

وقد أكدها بقوله
“وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحى إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا
تعلمون” (الأنبياء).

 

والمسلم لا يعتبر
مسلماً فى نظر القرآن إلا إذا آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقال
“ومن يكفر بالله وملائكته ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالاً بعيداً”
(النساء).

 

“آمن الرسول بما
أنزل إليه من ربه والمؤمنون آمن بالله وملائكته ورسله لا نفرق بين أحد من
رسله” (البقرة).

 

فكيف يعتبر المسلم نفسه
مؤمناً بالكتب وهو لم يقرأها ولا يريد أن يقرأها ويدعى أن ليس لها وجود؟

 

كيف يرسى مرساة إيمانه على لا شىء:

لقد جاء بالقرآن الكريم
وعد الله بحفظ الكتب المنزله. فقد جاء فى سورة الحجر “إنا نحن نزلنا الذكر
وإنا له لحافظون” – وفي سورة الكهف “واتل ما أوحى إليك من كتاب ربك. لا
مبدل لكلماته” – وفى سورة يونس “لا تبديل لكلمات الله” – وفي سورة
الفتح “ولن تجد لسنه الله تبديلاً”.. فاذا كانت التوراة والإنجيل كما
ثبت مما تقدم أنهما “الذكر وكتاب الله وكلمات الله المودع فيها حكم
الله” فيكون الوعد الإلهى بالحفظ وعدم التبديل شاملاً لهما. ولا يمكن لعاقل
أن يقول أن هذا الوعد خاص بالقرآن الكريم دون التوراة والإنجيل لأن من يقول بذلك
يرمى القرآن بالتناقض ويتهم عدالة الله وصدقه وحفظ مواعيده (حاشا) وكأنه يقول إن
الله بعدما وعد وعداً مطلقاً بحفظ الذكر والآيات التى أنزلها وعدم المساس بها أو
التبديل فيها يرجع ويقصر وعده على القرآن فقط ويظهر عجزه عن حفظ التوراة والإنجيل
(حاشا لله من ذلك).

 

والآن نتساءل معاً إذا
كانت التوراة (العهد القديم) قد حرفت كما يدعى البعض فمتى تم ذلك؟

 

إذا قلنا أن التوراة
تحرفت قبل مجىء السيد المسيح ورسله نقول “إن السيد المسيح قد صادق على صحة
الكتب المقدسة”:

 

أولاً: بالاستشهاد بما
جاء فيها من نبوات تتكلم عنه. ومن أبرزها نبوة إشعياء، التى تلاها السيد المسيح فى
مجمع الناصرة حيث مكتوب: “روح السيد الرب علىّ، لأن الرب مسحنى، لأبشر
المساكين. أرسلنى لأعصب منكسرى القلب. لأنادى للمسبيين بالعتق، وللمأسورين
بالإطلاق. لأنادى بسنة مقبولة للرب ويوم انتقام لإلهنا، لأعزى كل النائحين”
(إشعياء61: 1-3). ويخبرنا القديس لوقا البشير أن السيد المسيح بعد أن تلى هذه
النبوة الخاصة به قال للسامعين: “اليوم قد تم هذا المكتوب فى مسامعكم”
(لوقا5: 39).

 

ثانياًَ: بحضه اليهود
على تلاوة الأسفار المقدسة ودرسها، إذ قال لهم: “فتشوا الكتب، لأنكم تظنون أن
لكم فيها حياة أبدية وهى التى تشهد لى” (يوحنا5: 31).

 

ثالثاً: بتوبيخه
الصدوقيين لجهلهم بالأسفار المقدسة وعدم إقامة أحكامها، إذ قال: “لماذا
تضلون، إذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله”.

 

رابعاً: باتخاذها
سلاحاً ضد تجارب إبليس.. إذ نقرأ فى الإنجيل المقدس، أن يسوع صد التجارب، التى
هاجمه بها إبليس فى برية الأردن، بآيات من الكتاب المقدس. ففى التجربة الأولى قال:
“مكتوب ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة تخرج من فم الله”
(التثنية8: 3). وفى التجربة الثانية، قال: “مكتوب أيضاً لا تجرب الرب إلهك
(التثنية6: 16). وفى التجربة الثالثة قال: “مكتوب، للرب إلهك تسجد وإياه وحده
تعبد” (التثنية6: 13).

 

وكذلك رسل السيد
المسيح، حذوا حذو معلمهم فى الاستشهاد بنبوات العهد القديم، لدعم كتاباتهم: كقولهم
عن هلاك يهوذا الإسخريوطى: “لأنه مكتوب فى سفر المزامير، لتصير داره خراباً،
ولا يكون فيها ساكن. وليأخذ وظيفته آخر” (مزمور69: 25، مزمور109: 8، أعمال1:
20).

 

وكقولهم عن حلول الروح
القدس، فى يوم العنصرة: “بل هذا ما قيل بصموئيل النبى. يقول الله، ويكون فى
الأيام الأخيرة إنى أسكب من روحى على كل بشر فيتنبأ بنوكم وبناتكم. ويرى شبابكم
رؤى، ويحلم شيوخكم أحلاماً وعلى عبيدى أيضاً وإمائى أسكب من روحى فى تلك الأيام،
فيتنبأون” (أعمال الرسل 2: 17-18، يوئيل2: 28-29).

 

فهل يعقل أن السيد
المسيح ورسله الأمناء الموحى إليهم، يستشهدون لإثبات رسوليتهم وتعاليمهم بآيات من
كتب محرفة. ثم يحضون الناس على تلاوتها، وإقامة أحكامها؟ أو هل يتجاسر أحد على
القول بأن السيد المسيح ورسله لم يكونوا عالمين بتحريفها. فاستشهدوا بها وهم لا
يدرون؟.

 

كما أن السيد المسيح
استشهد بأجزاء منها وحث اليهود على تفتيش هذه الكتب وهكذا سلك رسله وتلاميذه فهل
يعقل أن السيد المسيح يثبت تعاليمه من كتب

محرفه
ويحض الناس على تداولها كما جاء فى (يوحنا 5: 39، مرقس 2: 24)؟ أم أن السيد المسيح
ورسله كان يخفى عليهم هذا التحريف الذى يدعى البعض حدوثه بالتوراة لذلك استشهدوا
به وهم لا يعلمون. إذا قلنا هذا فإننا نطعن فى علم الله وننسب له الجهل لأن القرآن
الكريم يقول صريحاً إن الإنجيل هو منزل من عند الله كما جاء فى (سورة آل عمران
والمائدة).

 

إذا قلنا إن التوراة
تحرفت من اليهود بعد زمن السيد المسيح (بالجسد) ورسله نقول: إن التوراة منذ ذلك
الوقت فصاعداً كانت موجودة بين أيدى المسيحيين كما أنها كانت موجودة بين أيدى
اليهود. فهل يعقل أن اليهود يتجاسرون على تحريفها وهم يعلمون بوجودها عند النصارى.

 

إذا قلنا إن التحريف
صار من النصارى: نقول إن ما قلناه بخصوص اليهود نقوله بخصوص النصارى حيث لا يمكنهم
أن يتجاسروا على تحريف التوراة وهم يعلمون بوجودها عند اليهود خصومهم الذين لا
يمكنهم
السكوت على هذا
التحريف.

 

إذا قلنا إن اليهود
والنصارى قد اتفقا على تحريف التوراة نقول: إن هذا غير ممكن وإن الشخص العاقل لا
يقول بذلك لأن اليهود مضادين للنصارى فى عقيدتهم فى السيد المسيح بل أنهم ينكرون
مجيئه فكيف يتم الإتفاق على التحريف. ولو افترضنا أن المستحيل حدث، أفما كان
اليهود يشترطون حذف النصوص التى تمجد السيد المسيح وتتكلم عن لاهوته وولادته
المعجزية من عذراء وكل الأقوال النبوية عن آلامه وموته وقيامته؟ أمّا وكل هذه
النصوص التى تمجد السيد المسيح مازالت باقية، فكل ادعاء فى هذا الأمر يسقط.

 

إذا قلنا عن العهد
الجديد (الإنجيل المقدس) إنه تم تحريفه فنحن نسأل أيضاً متى تم ذلك؟

إذا قلنا ان ذلك تم قبل
الإسلام: نقول كيف يكون الوضع كذلك بينما جاء فى سورة يونس “فان كنت فى شك
مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك”.. كيف يطلب الله من رسول
الإسلام أن يزيل الشك من قلب البشر بأن يلجئه إلى الكتاب المقدس وقد حدث به تحريف.
هل الله لم يكن يعلم بما حدث للتوراة والإنجيل من تحريف وتبديل؟ حاشا. هل كان الله
يخدع؟. حاشا.. لقد جاء فى سورة المائدة “وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً
لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه “وجاء فى سورة الأنعام ” وهذا
كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذى بين يديه” فكيف يكون التوراة والإنجيل محرفين
قبل نزول القرآن الكريم؟ هل يوافق أخوتنا المسلمون أن يكون مجىء القرآن مصدقاً على
كتاب محرف لعبت به أيدى التغيير والتبديل؟ والمعروف أن الهيمنة تعنى الحراسة
والحماية.. والحراسة على التوراة والإنجيل تعنى الاحتفاظ بما فيهما من حقائق
إلهية. فهل يعجز الله عن تنفيذ ما يقول؟

 

ولعلنا بعد ما تقدم،
يجب أن نطرح هذا السؤال: لو أن نفراً من المسلمين الذين يقيمون القرآن بدقة،
أرادوا الذهاب إلى أهل الكتاب ليسألوهم عن بعض الأمور الإلهية، صادفوا فى طريقهم
فريقاً من المدعين بالتحريف؛ وقالوا لهم أإننا وفقاً لتعليم القرآن ذاهبون إلى أهل
الذكر، لنسألهم عن بعض الأمور. فهل يتجاسر أولئك المدعون على القول لهم: لا تذهبوا
لأن ذكرهم محرف؟ ولو بالفرض أنهم تجاسروا، فمإذا يكون موقف أولئك الأتقياء.
أيصدقون مدعى التحريف، أم يصدقون قول القرآن: “إسألوا أهل الذكر إن كنتم لا
تعلمون”؟.

 

والسؤال الثانى، يفرض
علينا طرح سؤال آخر وهو: ماذا يكون حال المدعين بالتحريف، لو أن الملحدين، الذين
بثوا فيهم فكرة تحريف التوراة والإنجيل، رموا القرآن بما رموا به التوراة
والإنجيل، وقالوا أنه محرف؟ فبمإذا يردون عليهم، وأى سلاح يشهرونه فى وجه
الملاحدة، بعد أن يكونوا قد طرحوا السلاح الوحيد، الذى أوجده الله فى أيديهم، وهو
وعده بحفظ كتبه المقدسة من كل عبث وتحريف؟.

 

وهناك سؤال ثالث، وهو:
ما هو موقف عامة المسلمين الذين أخذوا بادعاء المدعين بالتحريف من قول القرآن:
“ألم، ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة
ومما رزقناهم ينفقون. والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم
يوقنون أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون” (سورة البقرة).

 

” قولوا آمنا
بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى ابراهيم واسماعيل واسحق ويعقوب والأسباط وما
أوتى موسى وعيسى وما أوتى النبيون من ربهم. لا نفرق بين أحد منهم” (سورة
البقرة).

 

فكيف يأمر القرآن الذين
آمنوا بما أنزل فيه بأن لا يفرقوا بين قرآنهم وبين الكتاب الذى من قبل، وهو عارف
بأن الذى أنزل من قبل محرف ومتغير، ألا يكون الادعاء بالتحريف إتهاماً لبر الله
وصدقه وأمانته؟

 

كل من قرأ التاريخ رأى
أن المسيحيين منذ بداية العصر الرسولى إلى القرن الرابع الميلادى، قد عانوا
الاضطهاد والتنكيل من الوثنيين واليهود. وقد احتملوا العذابات، بأقسى ألوانها بصبر
أدهش العالم، حتى معذبيهم أنفسهم. وهذا الاحتمال العجيب نشأ عن إيمانهم بالإنجيل
المقدس، وتمسكهم بمبادئه الإلهية.

 

ويروى لنا التاريخ أنهم
أقبلوا على الاستشهاد بفرح، حباً بالمسيح، وطاعة لأمره القائل: “كن أميناً
حتى الموت” وإن كثيرين منهم ضوعفت عذاباتهم لأنهم أبوا أن ينكروا المسيح، أو
يرفضوا إنجيله، حباً بالنجاة. مفضلين بالأحرى أى نوع من الموت على التمتع الوقتى
بالحياة.

 

افتح سجلات المسيحية،
ترى ذكراً لسحابة من الشهود الذين عذبوا. ولم يقبلوا النجاة، لكى ينالوا قيامة
أفضل. فهل يصدق أحد أن المسيحيين، الذين قدموا هذه التضحيات الرائعة، وتجرعوا من
الآلام لأجل مبادئ الإنجيل، يقدمون على تحريف إنجيلهم؟

 

وهل يسمح المسيحيون
لأحد، أياً كان شأنه، أن يبدل كلمة من إنجيل الله، ولهم تلك الوصية الرسولية
القائلة: “ولكن إن بشرناكم نحن أو ملاك من السماء، بغير ما بشرناكم فليكن
اناثيما” – أى مرفوضاً (رسالة غلاطية1: 8).

 

وإنى لأسأل كل مدع
باللتحريف: ما هو الباعث للمسيحيين على تحريف كتبهم المقدسة؟ هل يكون هذا الباعث
أفضل من حياتهم الأبدية؟ لأن ربهم وفاديهم، الذين عبدوه بأرواحهم ودمائهم، وكل
عزيز وثمين لديهم، قد ختم عهده
معهم برسالة
بلغها بواسطة رسوله الأمين يوحنا: “لأنى أشهد لكل من يسمع نبوة هذا الكتاب،
إن كان أحد يزيد على هذا، يزيد الله عليه الضربات المكتوبة فى هذا الكتاب. وإن كان
أحد يحذف من أقوال كتاب هذه النبوة، يحذف الله نصيبه من سفر الحياة، ومن المدينة
المقدسة، ومن المكتوب فى هذا الكتاب” (رؤيا22: 18-19).

 

إذا قلنا بأن التحريف
المزعوم للتوراة والإنجيل حدث بعد مجىء القرآن فأننا نقول (إن فى ذلك طعن فى صدق
مواعيد القرآن الكريم) لأنه شهد بأن الله حافظ للكتاب المقدس.. فكلمة حافظون الوارده
فى القرآن الكريم تأتى فى صفة اسم الفاعل وتدل على أن الوعد بالحفظ لا يشمل الماضى
فقط بل الحاضر ثم ينسحب على المستقبل كقول الزمخشرى (إنه يشترط فى أعمال اسم
الفاعل أن يكون فى معنى الحال والاستقبال) كما أن قوله (لا تبديل لكلمات الله)
و(لن تجدن لسنه الله تبديلاً) فإن الوعد بعدم التبديل ليس عن الماضى بل ينسحب على
المستقبل. كذلك فإن القول بالتحريف بعد مجىء القرآن الكريم يطعن فى مهمه القرآن
الكريم فكلمة (مهيمناً) اسم فاعل مدلوله كمدلول (لحافظون) يدل على الهيمنة فى
الحال والاستقبال.

 

كما أن الواقع والتاريخ يرفضان
هذا الزعم استناداً على الحقائق التالية:

(1)    إن
الديانة المسيحية كانت منتشرة فى بلدان عديدة، كالأناضول، وبلاد العرب، وشمالى
أفريقيا، وإيران، والهند، وإيطاليا، وفرنسا، وأسبانيا، وانجلترا، وألمانيا. فهل
يسلم العقل السليم بأن المسيحيين المنتشرين فى هذه البلدان المتعددة والمتباعدة،
اجتمعوا يوماً فى مكان واحد، للاتفاق على تحريف الإنجيل؟

(2)    إن
الذين اعتنقوا المسيحية فى تلك البلدان، لم تكن لهم لغة واحدة، بل لغات مختلفة.
والكتاب المقدس كان منتشراً فى لغاتهم، مما يجعل إتفاقهم على تزوير الكتابات
المقدسة أمراً مستحيلاً. خاصة أنهم كانوا يجهلون لغات بعضهم
البعض.

(3)    إن
المسيحيين فى القرن الرابع كانوا منقسمين إلى طوائف عديدة، يباعد بينها بعض
العقائد المذهبية. وكل فريق يجتهد لدعم وجهة نظره بآيات الكتاب المقدس. فكثرت
المناقشات حول التفسير. وعقدت مجامع، بحثت فيها الخلافات العقائدية. وأشهرها مجمع
نيقية الذى انتهى بشجب بدعة آريوس وأتباعه. ولهذا يسقط الادعاء، بأن المسيحيين
اتفقوا على تحريف الإنجيل.

 

ولعله من الحق الصريح
أن نسأل المدعين بالتحريف أن يذكروا لنا متى وأين حصل التحريف؟ ومن هم الذين
حرفوه، وكيف حصل الاتفاق بينهم؟.

 

إن العالم لم يخل يوماً
من مؤرخين أمناء، دأبهم أن يدونوا الحوادث فى سجلاتهم، فهل يستطيع أحد أن يذكر لنا
اسم مؤرخ وثنى، أو يهودى، أو مسلم، ذكر ولو تلميحاً أن مؤتمراً عقد بين شعوب
العالم المعتنقة لليهودية والمسيحية المختلفة فى العقيدة واللغة، وجرى فيه العبث
بكلام الله؟ وإن كان هذا قد حدث، أفلم يكن فى استطاعة أحد أن يحتفظ ولو بنسخة
واحدة، لتبقى شاهداً على تواطؤ اليهود والمسيحيين؟.

 

ويقيناً أنه لو حدث
تواطؤ كهذا، لكان معناه أن الخصومات بين اليهود والمسيحيين قد زالت، وكان الثمن
تحريف شريعة الله.

 

الأسباب التى استند إليها البعض
للقول
بتحريف الكتاب المقدس

1-         
وجود لفظ التحريف بالقرآن ووجود أربعة أناجيل
بينما لم يذكر القرآن سوى واحدا

2-         
قضية تجسد السيد المسيح.

3-         
قضية فداء السيد المسيح للإنسان.

4-         
قضية موت السيد المسيح.

5-         
قضية صلب السيد المسيح وقيامته وصعوده.

6-         
قضية لاهوت السيد المسيح.

7-         
القول بأن القرآن نسخ (ألغى) الكتاب المقدس وحل
محله. وأن جميع الأنبياء كانوا مسلمين.

8-         
خلو الكتاب المقدس من اسم رسول الإسلام.

9-         
إنجيل برنابا المزعوم وما يحويه من خرافات.

10-       قضية
التثليث والتوحيد والاعتقاد الخاطئ لدى البعض أن المسيحيين كفرة ومشركون وغير
موحدين بالله.

11-      عدم
فهم الكتاب المقدس فهماً صحيحاً.

12-      اعتراضات
لأجل الاعتراض.



(*)
الحرب ضد الكتاب المقدس لها ما يماثلها فى الحرب ضد القرآن الكريم، فهناك عشرات
الكتب الإسلامية والتى قام بكتابتها أشخاص مسلمون ولكنها تطعن فى صحة القرآن
الكريم وتتهمه بالتحريف. ويجب عدم الإلتفات لتلك الكتب أيضاً.

(1)
التوراة هى أسفار موسى الخمسة فقط، ولكن اعتاد بعض الكتاب من الأخوة المسلمين أن
يتحدثوا عن العهد القديم فيقولون أنه التوراة

(1) قال الجلالان “يتلونه حق تلاوته أى يقرأونه كما أنزل والجملة
حال وحق نصب على الحال، ومن يكفر به أى بالكتاب المؤتى”

وقال البيضاوى
“الذين آتيناهم الكتاب يريد به مؤمنى أهل الكتاب يتلونه حق تلاوته. بمراعاه
اللفظ عن التحريف والتدبر فى معناه والعمل بمقتضاه، وهو حال مقدره، والخبر ما بعده
أو خبر (الذين) على أن المراد بالموصول مؤمنوا أهل الكتاب”.

وأهل الكتاب على حق فى
إيمانهم بكتابهم لأن من يكفر بهذا الكتاب المقدس فهو من الخاسرين فالنص واضح
والتفسير صريح وكلاهما شهادة قاطعة بصحة الكتاب الموجود فى زمن نبى الإسلام وصحة
تلاوته، والقرآن الكريم يكفر من ينكر ذلك ويتوعده.

وهذا النص القاطع يكفى
وحده لتأثيم تهمة التحريف اللفظى أو المعنوى فاليهود والنصارى يتلون كتابهم حق
تلاوته

ويختصم اليهود والنصارى ويكفر بعضهم بعضاً فيعجب نبى
الإسلام لأن الطائفتين تتلوان الكتاب “وقالت اليهود ليست النصارى على شىء
وقالت النصارى ليست اليهود على شىء. وهم يتلون الكتاب” (البقرة).

قال البيضاوى
“نزلت لما قدم وفد نجران على رسول الله وأتاهم أحبار اليهود فتناظروا
وتقاولوا بذلك (وهم يتلون الكتاب) والواو للحال والكتاب للجنس أى قالوا ذلك وهم من
أهل العلم والكتاب”.

وقال الجلالان
“وهم أى الفريقان يتلون الكتاب المنزل عليهم وفى كتاب اليهود تصديق عيسى وفى
كتاب النصارى تصديق موسى”. ولو كان القرآن لا يعتقد بصحة التوراة والإنجيل
الموجودين فى زمانه وصحة فهمهما لما بقى مجال لدهشته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار