علم الخلاص

43- هل إتحاد الطبيعتين ألغى خواص إحدى الطبيعتين؟



43- هل إتحاد الطبيعتين ألغى خواص إحدى الطبيعتين؟

43- هل
إتحاد الطبيعتين ألغى خواص إحدى الطبيعتين؟

ج:
لقد تم الإتحاد الكامل بين الطبيعتين، ولكن بدون اختلاط ولا امتزاج ولا تغيِيّر،
فاللاهوت ظل لاهوتاً بكل خصائصه الإلهية، والناسوت ظل ناسوتاً بكل خصائصه
الناسوتية، وفي السيد المسيح الواحد رأينا خصائص اللاهوت والناسوت في آن واحد، فهو
الطفل الذي يرضع اللبن وهو الإله المانح الحياة.. العذراء ترعاه والمجوس يسجدون له..
هرب إلى أرض مصر وأمامه سقطت الأوثان.. على جبل التجربة ” جاع أخيراً ”
(مت 4: 2) وهو الإله الذي لا يجوع بل يشبع الكل من رضاه.. على بئر السامرية ”
تعب من السفر ” (يو 4: 6) وهو مريح التعابى، وعطش (يو 4: 7) وهو الينبوع الذي
يروي كل عطشان، في السفينة تعب ونام (لو 8: 23) وهو الإله الذي لا ينعس ولا ينام
(مز 121: 4).. كان يصلي (لو 5: 16) وهو قابل الصلوات.. وفي البستان حزن وأكتئب
وقال ” نفسي حزينة جداً حتى الموت ” (مت 26: 37، 38) وهو المنزَّه عن كل
ألم جسداني ونفساني، وعلى الصليب ” نكس الرأس وأسلم الروح ” (يو 19: 30)
وهو الذي يقيم الموتى.. هو الميت الحي الذي سبحه يوسف مع نيقوديموس قائلين
“قدوس الحي الذي لا يموت”.

 

ولنصعد
يا أحبائي إلى بستان الآباء القديسين لنتذوق من ثمار أقوالهم الحلوة:

 

+
البابا الكسندروس: قال متعجباً ” الديان دانوه، والذي يحل رباط الموت ربطوه،
والذي يضبط العالم ضبطوه، والذي يعطي الحياة للبشر أطعموه مرارة، ومات المحيي
وقبروا الذي يُقيم الموتى، تعجبت قوات السموات في ذلك الزمان، وبهتت الملائكة وفزعت
الاستقصات (العناصر) وتعجبت الخليقة كلها، وقالت هوذا الديان يُدان وهو ساكت،
والغير مرئي يُرى ولا يُسأل.. والغير متألم تألم ولم ينتقم، والغير مائت مات وهو
صابر” (1).

 

+
القديس كيرلس الكبير: قال في رسالته الرابعة إلى نسطور ” فانه يوجد مسيح واحد
وإبن واحد من الأثنين. إن اختلاف الطبائع لم يبطل الإتحاد. بل بالحرى فان هذا
الإتحاد الذي يفوق الفهم والوصف كوَّن لنا من اللاهوت والناسوت رباً واحداً يسوع
المسيح وإبناً واحداً ” (2).

 

وقال
أيضاً ” نحن يا سادة نؤمن بان الإتحاد بين الكلمة والناسوت، ونرى أن الآلام
تخص الناسوت، ولكنه غير قابل للآلام كإله. وإن كان قد تجسَّد وصار مثلنا إلاَّ
إننا نعترف بألوهيته ومجده الفائق وعطاياه الإلهية. ونحن نضع الإتحاد كأساس
للإيمان. ونعترف بأنه تألم في الجسد ولكنه ظل فوق الآلام لأن عدم التألم من طبيعته.
وعلينا الإحتراس من فصل اللاهوت عن الناسوت، ومن التقسيم إلى طبيعتين أو فصل كل
طبيعة عن الأخرى.. هو نفسه إله متأنس، والآلام تخص الناس أي تخصه هو، لكن من حيث
هو إله غير قابل للآلام ” (1).

 

+
البابا ديوسقورس: قال في رسالته من المنفى إلى رهبان هناطون ” إنني أعرفه
وأنا اتسامى بالإيمان، انه وُلِد من الآب إلهاً، وإياه أعرف أنه وُلِد من مريم
إنساناً، فأنظره يمشي على الأرض كإنسان، وأنظره بارياً (خالقاً) لملائكة السماء
كإله. أنظره ينام في السفينة كإنسان، وهو بعينه يمشي على الماء كإله. أنه يجوع
كإنسان، ويتعب ويشبع كإله. هو يُجرَّب كإنسان ويطرد الشياطين كإله.. أعترف به
واحداً، وهو بذاته رب ومخلص لئن صار بعطفه إنساناً، فتمسكوا بإيمان الآباء ولا
تلتفتوا إلى تعاليم المنحرفين فانها مفسدة للنفوس.. إن القول بطبيعتين (بعد
الإتحاد) عن الإله الكلمة المتجسد إنما هو ضلال ” (2).

 

+
القديس ابرقلس أسقف كسكس: قال ” هو أيضاً الذي لبس إكليل الشوك وأبطل قضية
الشوك، وهو الذي في حضن أبيه، وهو الذي في بطن العذراء وهو في حضن أمه.. يمشي على
أجنحة الرياح، وتسجد له الملائكة، وهو جالس مع العشارين.. لا تقدر أن تتأمله
الساروفيم، وبيلاطس يسائله، والعبد يلطمه، وكل الخليقة ترتعد منه، وهو مسمَّر على
الصليب. لم يخلُ عرشه منه، وهو في المقبرة. هو الذي مدَّ السماء مثل الجلد. هو
يُعد مع الأموات وهو يسبي الجحيم. هو أسفل يُعيَّر كطاغي، وهو فوق يُنطَق بمجده
كقدوس. هكذا نعترف نحن الأرثوذكسيين، ولا نقول أثنين عن الواحد الغير مفترق، ولا
مسيحين ولا ربين ولا شكلين ولا أقنومين ولا فعلين ولا طبيعتين. بل كما قلت طبيعة
واحدة، أقنوم واحد، الله الكلمة صار جسداً، نبشر به بإعلان ونسجد له بجسده سجدة
واحدة، ومن لا يعترف هكذا، فليكن محروماً ” (1).

 

+
القديس أغسطينوس: يقول ” خالق الزمن يوُلَد في زمن معين!.. صانع الإنسان صار
إنساناً ورضع من ثدي أمه! خبز الحياة يمكن أن يجوع! كما يمكن أن يعطش الينبوع!
الطريق يتعب في الطريق، والحق يتهم من شهود زور! ديان الأحياء والأموات يُدان من
قاضٍ مائت! المعلم يُضرَب بالسياط، والكرمة يكلل بالأشواك! الذي يشفي الآخرين
يُجرَح، والحياة يمكن أن يموت! (2).

 

+
القديس غريغوريوس النيزينزي: يقول ” وُلِد ولكنه كان مولوداً منذ الأزل.
وُلِد من إمرأة ولكنها عذراء، فثمة لاهوت وناسوت متحدين، ليس له على الأرض أب، ولا
في السماء أم.. اعتمد كإنسان ومحا الخطايا كإله.. جاع ولكنه أشبع جماهير، وهو خبز
السماء الحي. عطش ولكنه صاح قائلاً: من كان عطشاناً فليأتِ إلىَّ ويشرب، ووعد من
يؤمنون به أنهم يصبحون ينابيع ماء حي. عانى التعب، ولكنه هو راحة المتعبين
والمثقلين. كان مثقلاً بالنعاس ومشى على البحر، وزجر الرياح، وأنهض بطرس وقد كاد
أن يغرق في الماء. دفع الضريبة ولكنه أخرج المال من حلق السمك، وهو سيد من
يطالبونه بدفع الضريبة.. يصلي، ويستجيب لصلاة من يدعوه.. يبكي ويكفكف دموع الباكين.
يسأل أين وضعتم لعازر لأنه إنسان، ويبعثه حياً لأنه إله.. يُقاد كالنعجة إلى الذبح
وهو راعي إسرائيل وراعي الأرض كلها.. رُفع على عود الصليب وسُمّر عليه، ولكنه يعيد
لنا حقنا من شجرة الحياة.. يموت ولكنه يحيي، وبموته هزم الموت ” (العظة 29: 19
– 21) (3).

 

تذكر

+
تم الإتحاد بين الطبيعة اللاهوتية والطبيعة الناسوتية في بطن العذراء في لحظة
البشارة.. لقد وُجِد الناسوت في الإتحاد.

+
تم الإتحاد بين الطبيعتين اللاهوتية والناسوتية:

بدون
إختلاط ولا إمتزاج ولا تغييّر.

بدون
إفتراق ولا إنفصال.

 

إتحاد
طبيعي إقنومي مثل إتحاد الروح والجسد في الإنسان، وهو إتحاد بين طبيعتين وليس بين
شخصين، لأن إقنوم الكلمة بشخصه الإلهي إتخذ طبيعة بشرية وليس شخصاً بشريَّاً – الطبيعة
تَعُم والشخص يخص – والإعتقاد بأن الإبن إتخذ شخصاً معناه إننا نعبد إنسان تأله
كقول النساطر. + السيد المسيح طبيعة واحدة من طبيعتين في إتحاد عجيب يفوق الأذهان.

طبيعة
بشرية محدودة × طبيعة إلهية غير محدودة

=
الله المتأنس غير المحدود

+
من نتائج الإتحاد بين الطبيعتين:

الولادة
المعجزية للسيد المسيح.

ظهور
الله المتأنس.

نتيجة
الإتحاد إن المعجزات التي صنعها الرب يسوع هي من عمل اللاهوت والناسوت معاً.

نتيجة
الإتحاد أطلق الإنجيل على السيد المسيح كل من الصفات الإلهية والناسوتية.

نتيجى
الإتحاد إن الإنجيل ينسب للسيد المسيح جميع الألقاب الإلهية وأيضاً البشرية.

 

ز-
نتيجة الإتحاد إن جميع الأعمال تنسب للمسيح الواحد.

نتيجة
الإتحاد لا نفصل بين أقوال السيد المسيح.

نتيجة
الإتحاد نستطيع أن ننسب آلام المسيح وموته لللاهوت.

+
إتحاد الطبيعتين لم يلغِ خواص إحدى الطبيعتين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار