اللاهوت المقارن

218- الضيق العظيم، ونبوة عن المجيئين الأول والثاني



218- الضيق العظيم، ونبوة عن المجيئين الأول والثاني

218- الضيق العظيم، ونبوة عن المجيئين الأول
والثاني

الضيق
العظيم قال عنه السيد المسيح: “لأنه يكون حينئذ ضيق عظيم لم يكن مثله منذ
ابتداء العالم إلى الآن ولن يكون” (مت24: 21).

 

وأكمل
السيد المسيح كلامه قائلاً: “ولو لم تقصّر تلك الأيام لم يخلص جسد. ولكن لأجل
المختارين تقصّر تلك الأيام” (مت24: 22).

 

نبوة
عن المجيئين:

يوم
الرب العظيم والمخوف ذكرت مواصفاته فى سفر يوئيل النبى وفى سفر أعمال الرسل على
لسان معلمنا بطرس فى يوم الخمسين “بل هذا ما قيل بيوئيل النبى يقول الله
ويكون فى الأيام الأخيرة أنى أسكب من روحى على كل بشر فيتنبأ بنوكم وبناتكم ويرى
شبابكم رؤى ويحلم شيوخكم أحلاماً وعلى عبيدى أيضاً وإمائى أسكب من روحى فى تلك
الأيام فيتنبأون. وأعطى عجائب فى السماء من فوق وآيات على الأرض من أسفل دماً
وناراً وبخار دخاناً. تتحول الشمس إلى ظلمة، والقمر إلى دم قبل أن يجىء يوم الرب
العظيم الشهير ويكون كل من يدعو باسم الرب يخلُص” (أع2: 15-21).

 

وقيل
فى ملاخى: “قبل مجيء يوم الرب اليوم العظيم والمخوف” (ملا4: 5). واضح
الربط بين نبوة يوئيل وبين نبوة ملاخى والمجيئين.

 

المجئ
الأول هو يوم الخمسين ويوم الصلب والفداء.

والمجئ
الثانى الذى سيحدث فيه أن الشمس تحترق والقمر.. والعناصر.. إلخ.

 

هذه
ليست من علامات المجئ بل من الأحداث التى سوف تصاحب المجئ نفسه.

 

لكن
كيف نطبق “دماً وناراً وبخار دخاناً” (أع2: 19) على المجئ الأول؟

 

حدث
فى يوم صلب المسيح أن الشمس أظلمت فى وضح النهار، وكان هناك دم المسيح المسفوك،
ونقول {هذا الذى أصعد ذاته ذبيحة مقبولة عن خلاص جنسنا فاشتمه أبوه الصالح وقت
المساء على الجلجثة..}. فبخار الدخان هو النار التى أصعدت الذبيحة فى يوم الفداء
وهى نفس النار التى ظهرت فى يوم الخمسين، لأن بولس الرسول يقول عن السيد المسيح فى
رسالته إلى أهل العبرانيين “الذى بروح أزلى قدّم نفسه لله بلا عيب”
(عب9: 14) فهو قدّم نفسه بالروح القدس .. الروح القدس الذى حلّ على هيئة ألسنة
منقسمة من نار هو نفسه أصعد ذبيحة الابن الوحيد فوق الجلجثة فاشتمه أبوه الصالح
وقت المساء.

 

“الدم
والنار وبخار دخان” موجودة فى يوم الفداء فى المجيء الأول، وموجودة فى يوم
الخمسين كحدث متصل بيوم الفداء، وموجودة فى المجيء الثانى فى نهاية العالم..

 

واضح
هنا من نبوة يوئيل ونبوة ملاخى عن يوم الرب العظيم والمخوف إنه يشير إلى المجيء
الأول والفداء وحلول الروح القدس يوم الخمسين، ويشير أيضاً إلى المجيء الثانى
حينما تحدث هذه العجائب فتتحول الشمس إلى ظلمة والقمر إلى دم. وهذه هى العلامات
التى تكلّم عنها السيد المسيح.

 

ثامناً:
العلامات التى ترافق المجئ الثانى

 

“وللوقت
بعد ضيق تلك الأيام تظلم الشمس والقمر لا يعطى ضوءه والنجوم تسقط من السماء وقوات
السماوات تتزعزع. وحينئذ تظهر علامة ابن الإنسان فى السماء” (مت24: 29، 30).

 

وعلامة
ابن الإنسان هى علامة الصليب التى سوف تظهر فى السماء لكى نستطيع أن نميّز بين
المسيح الحقيقى والمسيح الغير حقيقى. “وحينئذ تنوح جميع قبائل الأرض ويبصرون
ابن الإنسان آتياً على سحاب السماء بقوة ومجد كثير” (مت24: 30). ويحيطه ألوف
ألوف وربوات ربوات من الملائكة لذلك يقول: “آتياً على سحاب السماء بقوة ومجد
كثير. فيرسل ملائكته ببوق عظيم الصوت، فيجمعون مختاريه من الأربع الرياح من أقصاء
السموات إلى أقصائها” (مت24: 30، 31) الملائكة سيجمعون هؤلاء المختارين
لنختطف لملاقاة الرب فى الهواء.

 

“تظلم
الشمس والقمر لا يعطى ضوئه والنجوم تسقط من السماء وقوات السماوات تتزعزع”
هذه أمور سوف تحدث أثناء المجيء الثانى. معنى ذلك أن هذا أيضاً هو يوم الرب العظيم
الشهير المخوف.

 

وليس
فقط السماوات والقوات التى فيها تتزعزع، بل حتى الأرض نفسها ستحترق. لذلك يدعونا
بطرس الرسول أن نعتبر من هذا الأمر فيقول: “لا يخف عليكم هذا الشئ الواحد
أيها الأحباء؛ أن يوماً واحداً عند الرب كألف سنة وألف سنة كيوم واحد. لا يتباطأ
الرب عن وعده كما يحسب قوم التباطؤ، لكنه يتأنى علينا وهو لا يشاء أن يهلك أناس بل
أن يقبل الجميع إلى التوبة. ولكن سيأتى كلص فى الليل يوم الرب الذى فيه تزول
السماوات بضجيج وتنحل العناصر محترقة وتحترق الأرض والمصنوعات التى فيها. فبما أن
هذه كلها تنحل أى أناس يجب أن تكونوا أنتم فى سيرة مقدسة وتقوى. منتظرين وطالبين
سرعة مجيء يوم الرب الذى به تنحل السماوات ملتهبة والعناصر محترقة تذوب. ولكننا
بحسب وعده ننتظر سماوات جديدة وأرضاً جديدة يسكن فيها البر” (2بط3: 8-13).

 

واضح
من كلام معلمنا بطرس الرسول أنه لا يُفيدنا حساب الأيام والسنين لمعرفة ميعاد مجيء
الرب لأن “ألف سنة عند الرب كيوم واحد”، لكن يقول “منتظرين وطالبين
سرعة مجيئ يوم الرب”. ومع ذلك يقول “لا يتباطأ الرب عن وعده كما يحسب
قوم التباطؤ، لكنه يتأنى علينا وهو لا يشاء أن يهلك أناس بل أن يقبل الجميع إلى
التوبة”. فكون الله يتأنى ويطيل أناته هذا لا يعنى أنه يتباطأ. ولكن هذا لا
يمنع أن نكون مشتاقين إلى سرعة مجيء يوم الرب ومشتاقين أن ننطلق من هذا العالم
مثلما قال بولس الرسول “لى اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح، ذاك أفضل
جداً” (فى1: 23).

 

من
ضمن إعجاز الكتاب المقدس أن معلمنا بطرس يقول: “تنحل العناصر محترقة”.
فى أيام بطرس الرسول من كان يصدق أن الحديد من الممكن أن يحترق؟ فى عصر الذرة نعرف
أن النيوترونات تصطدم بنواة الذرة وتدمّرها وتحوّل المادة إلى طاقة. بمعنى أن
العناصر نفسها تحترق وهذا ما حدث عند انفجار القنبلة الذرية فى هيروشيما.

 

من
الناحية العلمية لم يكن هذا الكلام معقولاً فى أيام معلمنا بطرس لكنه كتبه لأن
الروح القدس هو المتكلم.

 

كيف
تحترق الأرض؟! من يصدق أن الرمل يحترق، بل ويحترق بضجيج!! “تزول السماوات
بضجيج، وتنحل العناصر محترقة”.. من المعروف أنه يحدث ضجيج فى الإنفجار
النووى. ولكن إذا حرقت حديد مثلاً وأذبته لا يحدث ضجيج؛ بل يحدث إحمرار فقط. لكن
متى يحدث ضجيج؟ الضجيج يحدث مع الإنفجار النووى، هيدروجينى أو ذرى..

 

كان
بطرس الرسول صياد سمك بسيط ولكنه حينما تكلم عن نهاية العالم تكلم بالروح القدس.
وعلى الرغم ذلك، كان بطرس واحداً من الذين سألوا السيد المسيح عن نهاية العالم
فقال لهم: “ليس لكم أن تعرفوا الأزمنة والأوقات التى جعلها الآب فى
سلطانه” (أع1: 7).

 

نصيحة
ختامية:

ياليتنا
نتضع ونقول إذا كان الآباء الرسل أنفسهم لم يعرفوا متى سوف ينتهى العالم، فمن
يستطيع أن يدّعى أنه فاق الآباء الرسل القديسين كاتبى أسفار العهد الجديد، فاقهم
فى معرفة الأزمنة والأوقات ويستطيع أن يحدد كما فعل وليم ميلر وتشارلز راصل مؤسسا
بدعتى الأدفنتست وشهود يهوه.

 

 ياليتنا
نستعد لمجيء الرب بروح الإنسحاق والإتضاع لأن هذا أنفع لأنفسنا من أن نحاول معرفة
الأزمنة.

 

فليعطنا
الرب حياة التوبة والاستعداد بصلوات صاحب القداسة البابا شنوده الثالث أدامه الرب
على كرسيه ونفعنا ببركة صلواته. ولإلهنا المجد دائماً أبدياً آمين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار