اللاهوت الروحي

168- كم عدد أساتذتنا؟



168- كم عدد أساتذتنا؟

168- كم عدد أساتذتنا؟

الذى
له روح التلمذة، ويحب أن يتعلم ويكتسب كلمة منفعة، هذا لا يستطيع أن يحصى عدد
أساتذته، وبالأحرى مصادر معرفته..

 

ولسنا
نقصد فى ذلك أساتذته فى محيط الأسرة، من جهة الوالدين والأقارب.. ولا أساتذته فى
نطاق التعليم المدرسى والجامعى وهم كثيرون، ولا نقصد أيضا أساتذته فى محيط الكنيسة
من جهة أب الأعتراف، والمرشدين الروحيين، ورجال الكهنوت، وخدام التربية الكنسية،
وكل خدام الوعظ والمنبر، وأساتذة كلية اللاهوت إن اتيح له التتلمذ عليهم..

 

إنما
لكل إنسان عدد لا يحصى ممن تلقى عليهم المعرفة وفى كل نواحى بقصد وبغير قصد، شعر
بذلك ولم يشعر..

 

هل
يستطيع أحد أن ينكر عدد الذين أثروا بحياتهم وقداوتهم فى معارفه ومثالياته وسلوكه،
دون أن يقصدوا تعليمه، ولكنهم تركوا أثرا لا يمحى فى نفسيته، وزودوه بنماذج من
الحياة انطبعت فى عقله؟!

 

هل
تستطيع أن تحصى عدد الذين استفدت من حياتهم دروسا؟ سواء من أسلوبهم فى الكلام، ومن
طريقتهم فى التعامل، وطريقة حلهم للمشاكل؟

 

هل
يمكنك أن تحصى عدد الذين أخذت دروسا من روحانية صلواتهم، ومن وداعة حياتهم،
وشجاعتهم ونبلهم وكرمهم؟ وكل ذلك دون أن يقصدوا هم أن يلقنوك درسا؟

 

وهل
ينكر أحد ما قد تعلمه من أخطاء الآخرين، كما من مثالياتهم. وكانت أخطاؤهم ونتائج
هذه الأخطاء أجراسا عالية الصوت، تحذره وتنذره وتخيفه، وتلقنه دروسا لن تنسى..؟!

 

وكما
يتعلم الإنسان من أخطاء الآخرين، لا شك أنه قد يتعلم من أخطائه أيضا، ويتعلم مما
يتلقاه فى حياته من عقوبات، ومن كلمات التوبيخ، ومن كلمات العتاب، وحتى من كلمات
التهكم والنقد والتجريح.. هذا إن كان يحب أن يتعلم.

 

والعلاقات
الإجتماعية هى أيضا دروس، بكل ما لها من نتائج.

 

كم
درسا أخذته خلال تعاملاتك فى الحياة؟

 

كم
نصيحة وملاحظة تلقيتها من صديق ومن عابر طريق؟ وكم درسا أخذته ممن خدعك واستغلك
وحاربك؟ وكم درسا أخذته ممن ساعدك وكتم عنك مساعدته، وممن احتملك دون أن يشكوا؟

 

كم
فائدة أخذتها ربما من حديث عابر بين اثنين؟

 

إذن
كم عدد أساتذتك من الأصدقاء والأعداء، من الأحياء والأموات؟ من الأبرار ومن
الأشرار كليهما؟

 

من
المصيبين والمخطئين.

 

وهناك
دروس أخرى يتلقنها الإنسان من قراءاته وهى كثيرة:

 

سواء
من الكتب، والصحف، والمجلات، ومن كل وسائل الإعلام: دروس من القصص والروايات
والمسرحيات. وحتى الفكاهات والنوادر والكوميديات، كثيرا ما تحمل فى داخلها دروسا
عميقة.

 

والأحداث
هى أيضا أساتذة لنا، نتلقى منها دروس.

 

كم
عدد الدروس التى تلقاها الناس من الموت، ومن الحروب، ومن الكوارث، ومن الانقسامات
والشقاقات ونتائجها.. ومن كل الأحداث ويد الله فيها؟

 

إن
الأخبار التى نسمعها ونقرأها كل يوم تحمل دروسا، إن كانت تحمل عبرا فى الحياة.

 

إننا
نأخذ دروسا حتى من الحيوانات والطيور والحشرات.

 

نتعلم
النشاط من النمل، ونتعلم النظام من النحل، ونتعلم الوفاء من الكلب، والشجاعة من
الأسد، والذكاء من الحية ومن الثعلب، ونتعلم الصبر والصوم من الجمل..

مصادر
المعرفة موجودة فى كل مكان. ولكن من يريد أن يتعلم؟!

إن
العالم والحياة هما مدرسة كبيرة، كلها دروس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار