بدع وهرطقات

11- مخالفات الأدفنتست



11- مخالفات الأدفنتست

11- مخالفات الأدفنتست

قبل
الكلام عن مخالفات الأدفنتست، أرى لزاماً علي أن أذكر أن الأدفنتست منتشرون في
بقاع الأرض، ولهم نشاطات واسعة في نشر دعوتهم. لذلك ينبغي أن تكون كنائسنا ملمة
بنشاطاتهم المبذولة، فلا يمر قادة الكنائس بمنشوراتهم التعليمة دون الإنتباه إلى
ما فيها من مخالفات للعقائد الصحيحة.

 

وأني
لأهيب بأعضاء الكنائس أن يرفضوا كل تعليم ليس مبنياً على كلمة الله التي هي سراج
لأرجلنا ونور لسبيلنا، وأن يثبتوا في الحرية التي حررنا المسيح بها، وأن لا
يرتبكوا أيضاً بنير عبودية (غلاطية 5: 1) وأن يتمسكوا بالإيمان المسلم مرة
للقديسين، بأن يسوع هو إله حق من إله حق.

 

في
اتصالاتي المباشرة ببعض المبشرين السبتيين ومطالعتي تعاليمهم، لمست انحرافاً
مأسوفاً له، حول عدد من الأمور المهمة بالنسبة للبساطة التي في الإنجيل. فهل يجب
أن أحيي إخوة لم يوفقوا في أبحاثهم؟ أو يجب أن أدعو للكفاح ضدهم كمعلمين
مضلين؟!… إنه لمن المؤكد أن بينهم إخوة مؤمنين مفعمين بحب المسيح. وهم في هذا
الوضع خلائق جديدة. ولكنني أخاف من كون كثيرين منهم قد انجذبوا إلى ضلالات عميقة،
بسبب بعض التعاليم الرسمية، التي تفرض بعض الممارسات الناموسية كشرط لا بد منه لخلاص
النفس البشرية. وإنني لأخشى من أن يقعوا تحت طائلة اللعنة، التي رمى يها الرسول
بولس أولئك الذين ارتبطوا بإنجيل آخر، الذي ليس هو إنجيل (غلاطية 1: 6-9) ولكن لا
ننسى أن الرب يعرف الذين هم له.

 

إنه
لمن واجب المخلصين، أن يشهّروا بالغلط حيثما وجد. وعملاً بهذا الواجب كان لا بد لي
من الإشارة إلى ما وجدته في تعاليم الأدفنتست من خلط بين ما هو حق وما هو باطل.
ومهما كان تقديري للمخلصين بينهم الذين عرفتهم، فليس لي أن أساير الأفكار الخاطئة.

 

1
– تطهير القدس:

لعل
هذا الأمر أخطر موضوع في عقيدة السبتيين. فمع أنهم لا يؤمنون بأن يسوع قد جاء
فعلاً في العام 1844 ومع أنهم يرفضون تعيين أي تاريخ آخر لمجيئه الثاني، فإن العام
1844 يضع أمام عيونهم علامة لا غنى عنها في التاريخ الخلاصي. لأنه وإن كانت
الكتابات المقدسة لا تحتوي أي إشارة إلى زمن نبوي يصل إلى مجيء المسيح الثاني،
فإنهم لم يستطيعوا التخلص من الجاذب الذي أطل عليهم من الألفين والثلاثماية يوماً،
التي ذكرت في دانيال 8: 14، والتي بحسب حساباتهم انتهت في سنة 1844، وفيها إشارة
إلى حدث سماوي دُعي «بتطهير القدس» (كتاب اعترافات الإيمان فقرة 13).

 

فمن
معتقدات الأدفنتست أنه في ظل العهد القديم وخلال كل سنة، كانت خطايا الإسرائيليين
ترفع بواسطة تقديم الذبائح في قدس خيمة الإجتماع، الذي كان يجب أن يطهر خلال عيد
الكفارة السنوي. وانطلاقاً من هذه النظرية قالوا إن المسيح كان خلال الثمانية عشر
قرناً يمارس رسالته في المكان الأول من القدس… ونتيجة لذلك توضع خطايا كل الذين
يتوبون على المخلص بالإيمان، وذلك في القدس السماوي. لذلك يجب تطهير القدس السماوي
تطهيراً حقيقياً، بإبعاد الخطايا المسجلة فيه (مأساة العصور صفحة 413). وينجم عن
ذلك أنه في نهاية الألفين وثلاثماية يوماً المذكورة في نبوة دانيال، يدخل رئيس
كهنتنا قدس الأقداس. وينجز القسم الأخير من مهمته المقدسة، أي تطهير القدس (صفحة
364).

 

صحيح
أن الكتابات المقدسة، تشير إلى وجود هيكل لله في السماء، وإن هذا الهيكل وجب أن
يطهر بذبيحة المسيح. ولكن أن يكون هذا التطهير قد حدث في سنة 1844، فهذا أمر لم
يرد في الكتاب المقدس. ونقرأ في رسالة العبرانيين 9: 24-25 هذه العبارات: «لأن
المسيح لم يدخل إلى أقداس مصنوعة بيد أشباه الحقيقة، بل إلى السماء عينها، ليظهر
الآن أمام وجه الله لأجلنا. ولا ليقدم نفسه مراراً كثيرة، كما يدخل رئيس الكهنة
إلى الأقداس كل سنة بدم آخر». فصعود الابن هنا، قد وضع للمقارنة، ولكن ليس مع
الاحتفالات الدينية اليومية في الخيمة اللاوية، بل مع الاحتفال السنوي بالكفارة
(لاويين 16: 2 و29) فالمسيح إذن، دخل إلى قدس السماء منذ يوم صعوده.

 

وواضح
أن الأسس التي اضطر الأدفنتست أن يرتكزوا عليها للوصول إلى هذا التاريخ 1844 غير
ثابتة للأسباب التالية:

 

أ
– لأن المتفق عليه لدى مفسري النبوات، هو أن اليوم النبوي بالنسبة لأسابيع دانيال
يعادل سنة. ولكن هذا الإصطلاح لا يمكن اتخاذه كقاعدة قانونية، ففي بعض النبوات
تصبح هذه القاعدة غير صالحة، وخصوصاً في ما يختص بقيامة المسيح.

 

ب
– كان على الأدفنتست أن يقرروا أن الألفين والثلاثماية مساء وصباحٍ المذكورة في
دانيال 8: 14، بدأت في وقت واحد مع السبعين أسبوعاً المذكورة في دانيال 9. ولكن
هذا الحساب. يتعارض مع القرينة. صحيح أن القرينة تتيح لنا اكتشاف نقطة الإنطلاق،
أو البرهة التي فيها أُعطيت الرؤيا لدانيال في عهد بلشاصر الملك.. ولكن هذا لا
يتوافق مع الأحداث، خصوصاً بداية الشروع بمضادة الذبيحة الأبدية.

 

ويجب
أن لا ننسى أن آخرين غير الأدفنتست وقبلهم، أجروا الحسابات عينها، مستندين على
دانيال 8: 14. ولكن ليس في محاولاتهم أي برهان على صحة هذه الحسابات.

 

أما
بالنسبة لنا، فمهما كانت المحاولات لتأويل هذه الآيات الواردة في (دانيال 8: 14)،
بالأيام الأخيرة، فإنه ظاهر لنا أن أفضل شرح لها، هو ما قاله كالفن، عن أنها تشير
إلى الإضطهادات التي وقعت على اليهود في زمن أنطيوخس أبيفانوس، القرن الصغير الذي
قام على انقاض الإمبراطورية المقدونية، والوعد بإقامة عبادتهم في زمن المكابيين
عام 165 قبل الميلاد (عظات كالفن جزء 41 صفحة 108 و 499).

 

على
أي حال إن كان الكتاب المقدس قد تنبأ عن هذا التاريخ 1844، وحدده لإتمام حدث ما،
وجب بالضرورة أن يعقب عودة السيد في هذا العام. فإن المؤمنين الذين عاشوا قبل هذا
التاريخ يكونون قد ارتكبوا خطأ في انتظار هذا الرجوع. وكيف إذن نفهم أمر الرب
لتلاميذه بوجوب السهر (الإنجيل بحسب مرقس 13: 34-37، لوقا 12: 23-39، متى 24:
42-44، متى 25: 13).

 

فالمسيح
لم يكن ليجهل اليوم والساعة المتعلقين بمجيئه الثاني (إقرأ الإنجيل بحسب مرقس 3:
32) وايضاً لم يكن جاهلاً بما كتبه دانيال. بل كان يفهمه أكثر من وليم مِلَر وإلين
هوايت. كان ينبغي أن يفكر في أن نهاية التسعة وستين أسبوعاً المذكورة في دانيال 9:
24-27) وشيكة الحدوث. وإن كانت الألفان والثلاثماية مساء وصباحٍ مضافة إلى التسعة
والستين أسبوعاً بحسب تعليم الأدفنتست. وطالما هو عليم بكل شيء فكيف أوعز لتلاميذه
بوجوب الإستعداد حالاً لمجيئه، إن كان هذا لن يحدث إلا بعد سنة 1844؟!

 

وهناك
حقيقة مهمة يجب أخذها بعين الإعتبار وهي أنه بالنظر لعدم احتواء العهد الجديد على أي
نص يحدد مجيء المسيح، فكل نظرية تحاول استخراج تاريخ هذا المجيء يجب اعتبارها
نوعاً من الرجم بالغيب، لأن كل كلام عن طول أو قصر زمن النعمة هو في جملته وتفصيله
لغو، لا يجوز الأخذ به.

 

لو
أن أدفنتستيي اليوم السابع اقتدوا فقط بحكمة مِلَر، الذي بعد أن خاب في آماله،
اعترف ببساطة شريفة بأن حساباته كانت خاطئة. لو فعلوا ذلك، لأراحوا أنفسهم
وأراحونا أيضاً.

 

2
– تيس عزازيل:

إن
شروحات البارزين بين جماعة الأدفنتست عن الكيفية التي يتم بها تطهير القدس تضعهم
أمام صعوبات أخرى أشد.

 

يقولون:
في الواقع إن هناك «تحقيقاً» حدد من هم من بين ملايين البشر الراقدين في القبور –
الذين لهم حق بالقيامة الأولى – ومن هم بين جماهير الأحياء – الذين لهم حق
بالاختطاف مع الكنيسة الأمينة (اعتراف الإيمان فقرة 16). إن الحالات الوحيدة
الواجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، هي فقط حالة أولاد الله، الذين تنزهوا عن ارتكاب
الخطية. هؤلاء سيخلصون. أما الذين بعد تجديدهم اقترفوا ذنوباً ولم يعترفوا بها،
ولم يحصلوا على الصفح، فإن أسماءهم ستحذف من سفر الحياة (مأساة العصور صفحة 521 و
523).

 

لا
حاجة بنا للرجوع إلى القول بأن الأدفنتست يعتقدون بأن المؤمن المتجدد حقيقة يمكن
أن يخسر خلاصه. أما الذي يكدر بصورة خاصة فهو أن السيدة إلين هوايت، بعد شرح لا
مبرر له للطقس الخاص بتيس عزازيل، عادت فأكدت أن يسوع سيرفع خطايا المفديين ويضعها
على الشيطان، إذ تقول: حين يرفع رئيس الكهنة بقوة دم الذبيحة الخطايا عن القدس،
كان يضعها على التيس المرسل. هكذا يسوع، باستحقاق دمه، سيبعد خطايا شعبه من القدس
السماوي في نهاية خدمته وسيضعها على الشيطان، الذي سيحمل القصاص الأخير (مأساة
العصور صفحة 713).

 

فعلى
أساس أقوال كهذه، يتهم الأدفنتست أحياناً بأنهم يعلمون هذه الضلالة، التي مفادها
أن الشيطان في النهاية سيصبح ذبيحة كفارية عن خطايانا.

 

في
الحقيقة أنه لا يوجد تجديف أفظع من هذا، لذلك يجب على جميع المخلصين أن يقاوموا
هذا التعليم الفاسد بقوة وسلطان وأن يدعوا المسيحيين جميعاً، لوضع ذواتهم في خط
الإنجيل بدون تحفظ وأن يصرخوا في آذان الأدفنتست السبتيين: إن موت المسيح فقط يرفع
خطايانا. وإنه الوسيلة الوحيدة لخلاصنا، كما هو مكتوب: «مات عن خطايانا وأُقيم
لأجل تبريرنا» (رومية 4: 25) «إِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ فَلَنَا شَفِيعٌ عِنْدَ الآبِ،
يَسُوعُ المَسِيحُ البَارُّ. وَهُوَ كَفَّارَةٌ لِخَطَايَانَا. لَيْسَ
لِخَطَايَانَا فَقَطْ، بَلْ لِخَطَايَا كُلِّ العَالَمِ أَيْضاً» (يوحنا الأولى 2:
1-2) «كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ،
وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا» (إشعياء 53: 6).

 

ومع
ذلك فإن الأدفنتست المعاصرين ينفون هذا الفكر في أن ديانة اللاويين تقول إن التيس
المرسل هو المعيّن لأجل التكفير عن الخطايا. ثم يذهبون إلى القول بأن الشيطان لا
يكفر عن خطايانا، وإنما يجب في النهاية أن يتكبد العذاب لأنه علة خطايا كل البشر،
الصالحين منهم والأشرار (مأساة العصور صفحة 49).

 

هذا
قول رائع! ولكن القارئ لا بد أن يلاحظ تناقضاً صارخاً بين هذه التصاريح وأقوال
السيدة إلين هوايت، التي ذكرت أعلاه.

 

وفوق
هذا فبحسب ما نقرأ في سفر اللاويين وخلافاً لتفسيرات الأدفنتست المزعجة، فإن التيس
الذي خرجت عليه القرعة لعزازيل كان هنا للتكفير، فقد وُضعت عليه خطايا الشعب ليحملها
إلى البرية (لاويين 16: 5، 10، 21، 22).

 

ولا
بد للمتأمل في تفاسير الأدفنتست أن يصل إلى برهان مزدوج: فإما أن يكون التيس
ممثلاً للشيطان، فيعتبر الشيطان والحالة هذه حاملاً لخطايانا، الأمر الذي يحسب
تجديفاً فظيعاً لا أظن الأدفنتست يقبلون به. وإما أن لا يعتبر التيس ممثلاً
للشيطان، وحينئذ يسقط كل التعليم الذي نادت به السيدة إلين هوايت عن القدس.

 

ولو
سلمنا جدلاً أن التيس يمثل الشيطان، وهذا أقل الأمور صحة، فإنه لن ينتج عن ذلك أي
تأييد للفكرة الأدفنتستية القائلة بأن التيس الذي خرجت عليه القرعة لعزرائيل يجب
اعتباره عدو النفوس. العكس هو الصحيح. فإن التيسين اللذين قدمتهما الجماعة –
لاويين 16: 6 – يرسمان صورة عظيمة من عمل المسيح. فالخطية يجب أن تنال أجرتها التي
هي موت. هذا من جهة، ومن جهة أخرى يجب طردها بعيداً جداً. وهناك حقيقة يجب ذكرها
بالمناسبة، وهي أنه ما كان في وسع الجماعة أن تكتفي بتيس واحد لأجل هذه الخدمة
المزدوجة. أما مخلصنا يسوع الذي كان يمثل السماء والأرض، فبذبيحة نفسه على الصليب
حقق الأمرين معاً إلى التمام والكمال. ولا يوجد لدينا أي نص يمنع اعتبار كلاً من
الحيوانين رمزاً ليسوع المسيح. وعلى أي حال فإن الأدفنتست أبعد من أن ينفوا ذلك،
لأن المسيح هو في ذات الوقت الكاهن والذبيحة، خلافاً للترتيب اللاوي، الذي فيه
يميز بين الكاهن والذبيحة.

 

حين
نتأمل شروح الأدفنتست نرى أنهم لم يعطوا التيس المرسل إلى البرية (لاويين 16: 21)
أهمية بالنسبة التي قدرها منتقدوهم. وبالفعل فإنه لمؤسف أن يكتفي الأدفنتست بمحو
بعض المظاهر التي تصدم عقيدتهم في هذا الموضوع، بدلاً من أن يعطوا هذه الحقيقة ما
تستحقه من اعتبار.

 

إن
الحقيقة التي نسعى إليها جميعاً تحملني على أن أذكر صعوبتين خطيرتين، لا بد لهذه
العقيدة أن تواجههما:

 

يتحتم
على المتمسكين بهذا التعليم العقائدي أن يفترضوا بأن خيمة الإجتماع الإسرائيلية،
كان يجب أن تطهر بسبب الذبائح، التي تقدم فيها كل سنة. ولكن هذا يتناقض مع النص
الوارد في لاويين 16: 16، والذي يقول إن القدس مدنس بسبب وجوده في وسط النجاسات،
التي كان بنو إسرائيل يمارسونها.

 

وقد
لاحظ أحد المفكرين «الدربيين» من القرن الماضي أن هذا الرأي كما أورده الأدفنتست –
يخشى أن يؤدي إلى فكرة فظيعة جداً، مفادها أن دم يسوع أدخل تدنيساً إلى القدس
السماوي. وهذا يخالف التعليم الوارد في (رسالة العبرانيين 9: 23)

 

هذا
الاعتراض رد عليه ج.ن. اندريو بالقول: «من السهل أن يقول أحدهم بلزوم تطهير القدس
السماوي بعد أن دخلته الخطية أمام الله نتيجة لوساطة رئيس الكهنة. ولكن لا يقدر
أحد أن يعطي تعليلاً لوجوب تطهيره، قبل أن تبدأ مهمة ربنا يسوع» (مجيء المسيح
وطبيعته صفحة 32).

 

في
الواقع أن القدس السماوي كان ممكناً أن يلزمه التطهير، سواء بسبب الملائكة الذين
سقطوا من أمجادهم، أم بسبب صدى الخطية العالمي (أفسس 6: 12، كولوسي 1: 20).

 

لكي
يعزز الأدفنتست نظريتهم الخاصة بتطهير القدس، فإن بعض مؤلفيهم القدماء، ذهبوا في
كتاباتهم إلى القول بأن الكفارة أو المصالحة لم تتم كاملاً على الصليب. ويؤكدون أن
موت المسيح والكفارة ليسا هما شيئاً واحداً. بمعنى أن المسيح لم ينجز عمل الكفارة
كاملاً حين أراق دمه على الصليب – هذا القول لأريان سميث في كتابه القدس صفحة 181.

 

ولعل
هؤلاء المؤلفين لم يقدّروا خطورة تصريحاتهم التجديفية، التي ربما لم يكن في نيتهم
أن يقصدوا من ورائها التقليل من شأن ذبيحة الصليب. وإنما أرادوا التركيز على مهمة
يسوع، ووجوب تطبيق ثمر تضحية على الجميع. ولكن هذا لا ينفي خطورة هذه التصريحات،
لأنها تنشر الضلال بين الذين يقرأونها.

 

3
– الأدفنتست والرؤى:

في
وجه عام يمكن القول إن الإدفنتست في تعليقاتهم على سفري دانيال والرؤيا يرتبطون
بمدرسة تاريخية، هي المدرسة المسماة بالكهنوتية. وهي ترى في نبوات هذين السفرين
فقط أحداثا معاصرة وخاصة بالزمن الذي كتب السفران فيه. بينما التأمل في نبوات هذين
السفرين يتيح لنا التأكد من أنها نبوات خاصة بالمستقبل.

 

وبإيجاز
يمكن القول إن الأدفنتست يرون في رؤى هذين السفرين إعلاناً عن الأحداث التي تعاقبت
في تاريخ الكنيسة، والتي لها علاقة بالأحوال المادية والاجتماعية والصناعية
والسياسية والدينية التي مر بها العالم، كدليل على أن مجيء المسيح صار قريباً على
الأبواب (اعترافات الإيمان المادة 20).

 

ولعل
أغرب ما في الأمر هو إصرار إلين هوايت على أن ترى في البابوية ما يدعى في الكتاب
المقدس «ضد المسيح». هذا الرأي يجب أن نقابله بالتحفظ الشديد.

 

ويدعو
جماعة الأدفنتست إلى النظر في الرسائل الإنجيلية الثلاث في رؤيا 14: 6-12، كنبوة
عن قيام حركتهم، حتى أن بعضهم اعتقدوا أن إعلان الدينونة والدعوة إلى مخافة الله
وإعطائه المجد، تتفق مع نشاطات وليم مِلَر ومعاونيه (مأساة العصور صفحة 409).

 

أما
رسالة الملاك الثاني فيقولون إنها إعلان عن خراب بابل التي هي في تقديرهم الكنيسة
الرومانية أم الفجار، والتي ستكون لها بنات مشابهات، وهي بيد الكنائس
البروتستانتية (مأساة العصور ص 422). بيد أن السيدة إلين هوايت تقر بأن كفرهن لم
يصل بعد ذروته، وأن تتمة النبوة في رؤيا 14: 8 ما زالت برسم المستقبل (مأساة
العصور 430).

 

وأخيراً
يقولون إن أدفنتستيي اليوم السابع، الذين يحفظون وصايا الله وخصوصاً وصية السبت،
والذين لهم شهادة يسوع، أي أنهم يقبلون النبوة المعلنة في كتابات السيدة إلين
هوايت، مكلفون بصورة خاصة بقبول رسالة الملاك الثالث وإبلاغها للعالم (مأساة
العصور 439) ويجب أن يفعلوا ذلك بسلطان يجب إدراجه في اعتراف الإيمان هكذا: «أن
الله يعلن للعالم اقتراب مجيء ابنه ثانية» – وهذه الإنذارات الواردة في رؤيا 14
على لسان الملائكة الثلاثة، بحسب تفسيرهم، تحتوي على عمل إصلاح، هدفه أن يجمع
شعباً معداً لقبول ابن الله حالما يظهر (اعتراف الإيمان مادة 15).

 

وقد
تنبأت السيدة إلين هوايت عن وقوع خصام بقيادة روما (مأساة العصور صفحة 626) وأن
الولايات المتحدة ستلعب دوراً هاماً في هذا الخصام. والسيدة إلين هوايت تحسب
الولايات المتحدة بمثابة القرنين للوحش الثاني المذكور في رؤيا 14. وقالت إن جهود
العاملين لتقديس الأحد ستؤول في أميركا وخارجها إلى شرائع هجومية ضد السبتية
(مأساة العصور صفحة 638) وأكدت أن السبت سيكون حجر الصدمة الأكبر لتمييز الإخلاص.
وسيوضع خط فاصل واضح دقيق بين الذين يخدمون الله، والذين لا يخدمونه (مأساة العصور
صفحة 648).

 

إن
المتأمل في تفاسير السبتيين للنبوات التي ذكرت آنفاً، يتأكد بما لا يقبل الجدل أن
هؤلاء، ليس فقط يتهمون كل الطوائف المسيحية بالمروق، بل أيضاً يقللون من أهمية
ذبيحة المسيح بحسبانها غير كافية للخلاص، ويعتبرون أن كل مسيحي يقدس الأحد يحمل
سمة الوحش.

 

ويقول
الأدفنتست أيضاً إنه حين يقترب العالم إلى النهاية ويتهيأ للوثبة الأخيرة ضد ال
144000 أدفنتست، الذين بقوا أمناء يظهر الرب، والأموات في المسيح سيقومون، يظهر
الرب، وال 144000 الأحياء سيتغيرون (مأساة العصور صفحة 689 – 690) أما قيامة
الأبرار المذكورين أعلاه فتحدث عند مجيء المسيح. ويعقب ذلك ألف سنة يكون الشيطان
فيها مقيداً. وفي نهاية الألف سنة يقوم الأشرار، وسيضع الشيطان في أذهانهم أنهم
مدينون له بقيامتهم (مأساة العصور ص 808) ونتيجة لذلك يقفون مرة أخرى ضد الله،
ولكن الله يتدخل ويبيدهم بالنار (مأساة العصور ص 713) فتصبح أرضنا فردوساً.
والمفديون سيحيون فيها إلى الأبد (مأساة العصور ص 714) أما المفديون ال 144000
فستكون لهم امتيازات خاصة، تميزهم عن البقية.

 

من
المسلم به أن الأدفنتست يرتكبون شططاً كبيراً في موضوع إبادة الأشرار بالنار. وهم
في هذا الاعتقاد يلتقون مع جماعة شهود يهوه، الذين يعتقدون بالملاشاة، وينفون
العذاب الأبدي في جهنم. هذا مع أن الكتب المقدسة تحتوي مزيداً من الآيات التي تنفي
الملاشاة وتؤكد العذاب الأبدي للأشرار.

 

في
كل زمن وجد أناس يؤمنون بأنهم قد وجدوا في أحداث شهدوها أو عاشوها تتمة لهذه أو
تلك النبوة الكتابية ولكن قولهم في الغالب كان تخميناً ولا نقول إنه بدعة.

 

أما
بالنسبة للأدفنتست الذين نشهد لهم بالتواضع، فإن الحدس عندهم يرتدي شيئاً من
الخطورة، إن لم نقل الخطورة كلها، أانهم بالرغم من وجود مسيحيين حقيقيين في
الكنائس الأخرى، فهم يحسبون أنفسهم الكنيسة الشرعية الوحيدة. وبحسب زعمهم هي التي
تضم وحدها أبناء الله الحقيقيين، الذين قبل حدوث ساعة التجربة، سيهرعون إلى الله.
ويعزون هذا الأمر إلى إطاعتهم للرسالة التي أساسها السبت.

 

أما
في ما يختص بال 144000، فإننا نلاحظ أن الأدفنتست السبتيين قد ارتكبوا شططاً في
موضوع هويتهم، إذ قالوا إنهم يمثلون المختارين من كل الشعوب (مأساة العصور 666)
وإنهم يشكلون المجموعة الأخيرة من المفديين، ويلقبونهم ببقية نسل المرأة (مأساة
العصور صفحة 636) أما الكتاب المقدس كلمة الحق، فيلقبهم بالمختومين ويحدد هويتهم
هكذا:

 

وسمعت
عدد المختومين مئة وأربعة وأربعين ألفاً، مختومين من كل سبط من بني إسرائيل من سبط
يهوذا إثنا عشر ألف مختوم – من سبط رأوبين إثنا عشر ألف مختوم – من سبط جاد إثنا
عشر ألف مختوم – من سبط أشير إثنا عشر ألف مختوم – من سبط نفتالي إثنا عشر ألف
مختوم – من سبط منسى إثنا عشر ألف مختوم – من سبط شمعون إثنا عشر ألف مختوم – من
سبط لاوي إثنا عشر ألف مختوم – من سبط يساكر إثنا عشر ألف مختوم – من سبط زبولون
إثنا عشر ألف مختوم – من سبط يوسف إثنا عشر ألف مختوم – من سبط بنيامين إثنا عشر
الف مختوم (رؤيا 7: 4-8).

 

وعلى
أي وجه فتفسير الأدفنتست محزن بالنسبة لهم، لأن عددهم في أيامنا يربو على المليون
مشايع. فإن كان المختارون هم من كل الشعوب كما يقولون، فالمعنى أن معظمهم سيهلكون.

 

ويبدو
أن السيدة إلين هوايت احتسبت لهذه الثغرة، فقالت: عند اشتداد العاصفة سيرتد كثيرون
من المؤمنين الذين قبلوا رسالة الملاك الثالث ومارسوها، لأنهم لم يتقدسوا بالطاعة
الحقيقية الكاملة، بل غيروا مواقفهم، فصاروا من صفوف المرتدين (مأساة العصور صفحة
650).

 

وقبل
أن أنهي هذا البحث، أرى لزاماً علي أن أذكر القارئ الكريم بأن عدد المفديين ليس
فقط الماية وأربعة وأربعين ألفاً الذين ذكروا أعلاه. إذ نقرأ في الكتاب العزيز هذه
العبارات: «بَعْدَ هذَا نَظَرْتُ وَإِذَا جَمْعٌ كَثِيرٌ لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ
أَنْ يَعُدَّهُ، مِنْ كُلِّ الأُمَمِ وَالقَبَائِلِ وَالشُّعُوبِ وَالأَلْسِنَةِ،
وَاقِفُونَ أَمَامَ العَرْشِ وَأَمَامَ الحَمَلِ، مُتَسَرْبِلِينَ بِثِيَابٍ بِيضٍ
وَفِي أَيْدِيهِمْ سَعَفُ النَّخْلِ وَهُمْ يَصْرُخُونَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ
قَائِلِينَ: «الخَلاصُ لإِلهِنَا الجَالِسِ عَلَى العَرْشِ وَلِلْحَمَلِ».
وَجَمِيعُ المَلائِكَةِ كَانُوا وَاقِفِينَ حَوْلَ العَرْشِ وَالشُّيُوخِ
وَالحَيَوَانَاتِ الأَرْبَعَةِ، وَخَرُّوا أَمَامَ العَرْشِ عَلَى وُجُوهِهِمْ
وَسَجَدُوا للّهِ قَائِلِينَ: «آمِينَ! البَرَكَةُ وَالمَجْدُ وَالحِكْمَةُ
وَالشُّكْرُ وَالكَرَامَةُ وَالقُدْرَةُ وَالقُّوَةُ لإِلهِنَا إِلَى أَبَدِ
الآبِدِينَ. آمِينَ» وَسَأَلَنِي وَاحِدٌ مِنَ الشُّيُوخِ: «هؤُلاءِ
المُتَسَرْبِلُونَ بِالثِّيَابِ البِيضِ، مَنْ هُمْ وَمِنْ أَيْنَ أَتُوا؟»
فَقُلْتُ لَهُ: «يَا سَيِّدُ أَنْتَ تَعْلَمُ». فَقَالَ لِي: «هؤُلاءِ هُمُ
الذِينَ أَتُوا مِنَ الضِّيقَةِ العَظِيمَةِ، وَقَدْ غَسَّلُوا ثِيَابَهُمْ
وَبَيَّضُوهَا فِي دَمِ الحَمَلِ. مِنْ أَجْلِ ذالكَ هُمْ أَمَامَ عَرْشِ اللّهِ
وَيَخْدِمُونَهُ نَهَاراً وَلَيْلاً فِي هَيْكَلِهِ، وَالجَالِسُ عَلَى العَرْشِ
يَحِلُّ فَوْقَهُمْ» (رؤيا 7: 9-15).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار