اللاهوت الدفاعي

هوت_دفاعى_عظمة_الكتاب_المقدس_وحفظ_الله_له_04[1].html



الرد الرابع

مخطوطات
العهد القديم(1)

وصحة التوراة
والعهد القديم

 

أولاً:
المخطوطات العبرية:

 نظراً لانتشار مجامع اليهود في الكثير من بلاد
العالم ومدنها، فقد انتشرت نسخ الأسفار المقدسة في جميع هذه البلاد والمدن ويوجد
الآن في مكتبات الجامعات ومتاحف العالم عشرات الألوف من مخطوطات العهد القديم
باللغة العبرية، هذا غير آلاف أخرى باللغة اليونانية وبلغات الترجمات الأخرى، سواء
الكاملة أو الجزئية أو التي تضم قصاصات أو أجزاء صغيرة. وفيما يلي أهم مجموعات هذه
المخطوطات:

1 –
المجموعة الأولي من المخطوطات العبرية قام بجمعها بنجامين كينكوت (1776-1780م)
ونشرتها جامعة أكسفورد وتضم 615 مخطوطة للعهد القديم. وبعد ذلك قام جيوفاني دي
روسي (1784-1788م) بنشر قائمة تحوي 731 مخطوطة.

2 – وأهم
اكتشاف للمخطوطات في العصر الحديث هي مخطوطات جنيزة القاهرة (جنيزة مخزن تحفظ فيه
الكتب القديمة والمستهلكة)(2)،
حيث تم اكتشاف حوالي 200,000 (مائتي ألف) مخطوطة وقصاصة في معبد بن عزرا في
القاهرة سنة1890 م منها حوالي 10,000 (عشرة آلاف) لأجزاء من أسفار العهد القديم
وترجع للقرنين السادس والتاسع للميلاد(3).
ويحفظ الآن ما يقرب من نصف هذه المخطوطات التي وجدت بهذا المستودع بجامعة كمبريدج.
أما الباقي فيوجد في أماكن متفرقة حول العالم. ولقد تعرَّف بول كال، مدير جنيزة
القاهرة، على أكثر من 120 من المخطوطات النادرة التي كانت قد أعدتها مجموعة بابلية
من الكتبة الماسوريين.

3 – يوجد
حوالي 100,000 (مائة آلف) مخطوطة في كمبريدج، من مجموع المخطوطات التي اكتشفت في
جنيزة القاهرة.

4 – وتضم
مجموعة فيركوفيتش في مكتبة ليننجراد (بطرسبرج حاليا) بروسيا 1,582 مخطوطة مكتوبة
على رقوق، و 725 مخطوطة مكتوبة على ورق، و1,200 قصاصة من مخطوطات غير عبرية. هذا
بالإضافة إلى 1.200 قصاصة من المخطوطات العبرية في مجموعة أنطونين(4). كما يؤكد كاهل أيضاً على أن هذه المجموعة
من المخطوطات والقصاصات أخذت جميعها من جينزة القاهرة. وفي مجموعة فيركوفيتش هناك
أربع عشرة مخطوطة عبرية للعهد القديم ترجع إلى ما بين عامي 929م، و 1121م وكانت
أصلاً في جنيزة القاهرة.

5 – ويوجد
161 مخطوطة عبرية في المتحف البريطاني. كما يوجد 146 مخطوطة في مكتبة بودليان
بجامعة أكسفورد.

6 – ويوجد
في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها عشرات الألوف من المخطوطات والقصاصات السامية
والتي تشكل أسفار العهد القديم 5% منها، أكثر من 500 مخطوطة(5).

وفيما يلي
أهم نسخ هذه المخطوطات:

(1) بردية
ناش؛ وترجع للقرن الثاني الميلادي، حصل عليها ناش في مصر سنة1902م، وكانت تعتبر
أقدم مخطوطة قبل اكتشاف لفائف البحر الميت، وتحتوى على نص ليتورجى للوصايا العشر
وجانب من الشمّا (من خر2: 20،3؛ تث6: 5،7؛4: 6،5)، أي ” أسمع ” وهى
الكلمة الأولى من تثنية 4: 6، وهى تعتبر قانون إيمان إسرائيل لإعلان وحدانية الله
كما جاء في تثنية 4: 6 ” أسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد”. وكانت
الشمّا تمارس في الصلاة يوميا.

(2) مخطوطة
القاهرة(6)؛
التي نسخها موسى بن أشير في طبرية بفلسطين سنة 895 م وهي أقدم مخطوطة ماسورية،
وتحتوى على أسفار يشوع وقضاة وصموئيل 1و2 وملوك 1و2 وإشعيا وإرميا وحزقيال
والأنبياء الأثني عشر، وهى موجودة في المتحف البريطاني وتسمى بالمخطوطة القاهرية.

(3) مخطوطة
المتحف البريطاني؛ (شرقيات 4445) وهى نص كامل لأسفار موسى الخمسة، التوراة، (تك20:
39 – تث33: 1)، كتبت في الفترة بين سنة 920 و 950م، وعليها أسم بن أشير.

(4) مخطوطة
حلب؛ وتحتوى على العهد القديم كاملاً، نسخها هارون بن موسى بن أشير وتؤرخ بسنة 900
إلى 925م، وكانت محفوظة في مجمع اليهود السفرديم بحلب وهى الآن بالقدس.

(5) مخطوطة
بطرسبرج
B3 (ليننجراد سابقاً)؛ وتحتوى على الأنبياء القدامى إشعيا وإرميا
وحزقيال) والأنبياء المتأخرين (الأثني عشر)، وترجع لسنة 916م. (هذه الصورة والصورة
أعلاه لمخطوطة حلب)

(6) مخطوطة
بطرسبرج
B19a (ليننجراد)؛ وتحتوى على العهد القديم كاملاً، وقد نسخت سنة 1008 –
1009م على يد صموئيل بن ياكوب بالقاهرة.

 

ثانياً:
مخطوطات غير عبرية:

 وهناك العديد من المخطوطات للترجمات القديمة
التي ترجمت للعهد القديم وأهمها
المخطوطة
الفاتيكانية التي ترجع لسنة 325م، السينائية ل350م، والإسكندرية التي ترجع ل 450م،
وهما للترجمة السبعينية اليونانية، وقد وجد ضمن لفائف قمران في كهف 4 مخطوطات
للترجمة السبعينية أيضا تحتوى على أسفار الخروج واللاويين والعدد وترجع لسنة 100ق
م. أي بعد الترجمة بحوالي 150 سنة واكتشفت أيضا مخطوطة يونانية للأنبياء الصغار في
منطقة وادي خبرا. وهناك مخطوطة للبشيتا السريانية مؤرخة بسنة 464م بالمتحف
البريطاني، ومخطوطة للسريو هيكسابلا ترجع للقرن الثامن. وهناك مخطوطة على ورق
البردي للترجمة القبطية باللهجة الصعيدية ترجع إلى سنة 300م بالمتحف البريطاني،
وهناك جزيئات (قصاصات) ترجع للقرن الرابع والخامس باللغة القبطية باللهجتين
الأخميمية والفيومية، إلى جانب مخطوطة باللغة العربية ترجع للقرن الثامن. وتمتلئ
مكتبة الفاتيكان بالمخطوطات القديمة للترجمة اللاتينية خاصة الفولجاتا.

 

ثالثاً:
التوراة السامرية:

 لم تكن التوراة السامرية(7) إلى وقت قريب معروفة إلا من خلال كتابات
الآباء مثل يوسابيوس وجيروم ولكن أعيد اكتشاف نصها في دمشق سنة 1616م وتوجد منها
كميات كبيرة في مكتبة بطرسبرج (ليننجراد) العامة بروسيا، وجامعة كمبريدج. ولكن أهم
هذه المخطوطات هو درج الابيش الموجود مع جماعة السامريين بنابلس والذي ترجمه إلى
العربية الكاهن السامري أبو الحسن اسحق الصوري (ولدينا نسخة من هذه الترجمة). كما
وجد منها عدة أجزاء ضمن مخطوطات قمران. وهذه التوراة السامرية هي نسخة من الأصل
العبري ولكن بلغة أقدم وتتفق معه بدرجة كبيرة برغم وجود بعض الاختلافات بينهما،
وقد ثبت أن معظم هذه الاختلافات هي لحروف هجائية أو بسبب النقل عبر مئات السنين
وبسبب تمسكهم الشديد بتنزيه الله الواحد، وهي غير مؤثرة على المعنى أو العقيدة
بصفة عامة، كما بينّا في الفصل السابق.

 

رابعا
اكتشاف مخطوطات قمران وصحة الكتاب المقدس
:

 وادي قُمران القديمة على الشواطئ الشمالية الغربية
للبحر الميت، وتعتبر هذه المخطوطات أو اللفائف، برغم حداثة اكتشافها، من أثمن
مخطوطات الكتاب المقدس بل واكتشافات القرن العشرين لأنها ترجع للقرون الثلاثة
السابقة للميلاد والقرن الأول الميلادي (من حوالي 280 ق. م إلى حوالي 133م)(8)، وتزيد في متوسطها عن أقدم مخطوطة كانت
بين أيدينا، قبل أكتشاف جنيزة القاهرة سنة 1889م، بحوالي1150 سنة، وبالطبع فهي
منقولة أو منسوخة عن نسخ أقدم منها بعشرات بل ومئات السنين، وبالتالي يقترب بعضها
من زمن عزرا الكاتب، الذي جمع كل أسفار العهد القديم وأعاد تحريرها ونسخها بالروح
القدس، بحوالي من 150 إلى 250 سنة، وقد يكون بعضها منقولاً عن النسخ التي نسخت في
زمن عزرا نفسه، كما أن معظمها موجود من قبل تجسد الرب يسوع المسيح، الذي أكد صحة
كل حرف وكل كلمة في أسفار العهد القديم، بقرنين أو ثلاثة قرون. وهى بذلك تؤكد
الاستمرار الطبيعي غير المنقطع في تواصل النص الأصلي لأسفار العهد القديم ووصوله
إلينا بكل دقة عبر الزمان والتاريخ وتبطل كل نظريات وأراء النقاد والليبراليين
الذين زعموا دخول إضافات على بعض الأسفار، مثل المزامير، وتأخر كتابة البعض الآخر،
مثل دانيال، للقرنين السابقين للميلاد مباشرة، أو القرن الأول للميلاد، مثل
الجامعة، حيث وجدت أجزاء كثيرة لكل أسفار العهد القديم عدا سفر أستير فقط(9).

 وتتكون هذه المخطوطات من أربعين ألف قصاصة أمكن
تجميع خمسمائة كتاب من بينها كتب عن قوانين الحياة في مجتمع قمران، وأصول التلمذة
فيها، مع تفاسير لبعض الأسفار، وذلك إلى جانب المخطوطات الكتابية لأسفار العهد
القديم. وتشمل هذه اللفائف كل أسفار العهد القديم عدا سفر أستير. وذلك إلى جانب
الكتب الدينية الأخرى التي لطائفة الأسينيين اليهودية. وترجع أقدم اللفائف وهى
لأسفار اللاويين والخروج وصموئيل إلى ما قبل سنة 250 ق م، إذ يرى العلماء لفة
الخروج (من كهف 4) ترجع لسنة 250ق م، ويرى بعضهم أن لفة لسفر صموئيل ترجع لحوالي
280ق م، ويرى أحد العلماء أن هناك لفة لسفر اللاويين ترجع لسنة 400 ق م.

 وقد كتبت هذه اللفائف في معظمها بالخط الآرامي،
المربع، وهناك 10 لفائف تضم أسفار موسى الخمسة وأيوب كتبت بالخط العبري القديم.
وكتب الاسم الإلهي ” يهوه ” أحيانا بهذا الخط القديم في بعض اللفائف
الأخرى، وحتى سنة 1999م كان قد وجد عدد 233 مخطوطة وقصاصة من كهوف قمران الأحد عشر،
هي: 18 مخطوطة لسفر التكوين + 3 قصاصات، و18 للخروج، و17 للاويين، و12 للعدد، و31
للتثنية + 3 قصاصات، و2 ليشوع، و3 للقضاة، و4 لراعوث، و4 لصموئيل (الأول والثاني)،
و3 للملوك (الأول والثاني)، وواحد لأخبار الأيام (الأول والثاني)، وواحد لسفر عزرا
– تحميا، و4 لأيوب، و39 للمزامير + قصاصتين، و 2 للأمثال، و 3 للجامعة، و4 لنشيد
الإنشاد، و22 لإشعيا، و 6 لإرميا، و4 للمراثي، و7 لحزقيال، و8 لدانيال + قصاصة،
و10 للأنبياء الصغار + قصاصة.

 وأشهر هذه الأسفار هي التكوين والخروج والتثنية
وإشعيا والمزامير ومن أحسن وأهم هذه المخطوطات لفتين لإشعيا وأجزاء كاملة من سفر
صموئيل ولفة للمزامير وتفسير لسفر حبقوق. وفيما يلي أهم هذه المخطوطات الكتابية
والكهوف التي وجدت فيها(10):

1-
كهف1(من15/2إلى9/3/1949م) ويضم أجزاء كثيرة لأسفار التكوين واللاويين والتثنية
والقضاة وصموئيل الأول والثاني والمزامير ولفة طويلة كاملة لسفر إشعيا (1
QISa ولفة طويلة، جزئية، أخرى لسفر إشعيا (1QISb) وحزقيال ودانيال (سفر
إشعيا العظيم شاهد على أمانة الله من نحو كلمته. وفيه نرى الدقة
التي توخاها الكتاب اليهود في نقل نصوص الوحي).

وأجزاء من
تفاسير للمزامير وميخا وحبقوق وصفنيا وزكريا. وأعمال أخرى غير كتابية مثل أخنوخ
وأقوال موسى (ولم تكن معروفة قبلاً)، وسفر اليوبيل وسفر نوح، وشهادة لاوي وطوبيا
وحكمة سليمان. وهناك أيضاً أجزاء من سفر دانيال وتشمل دانيال 2: 4 (حيث تتغير
اللغة من العبرية إلى الآرامية)، وقد وجد أيضاً في الكهف الأول أجزاء من شروح
لأسفار المزامير وميخا وصفنيا.

2 – كهف
2(مارس سنة 1952م) ويضم أجزاء من حوالي مائة مخطوطة، منها مخطوطة لسفر التكوين
ومخطوطتان لسفر الخروج وواحدة لسفر اللاويين وأربع مخطوطات للعدد واثنتان
أو
ثلاثة للتثنية ومخطوطة واحدة لكل من إرميا وأيوب والمزامير ومخطوطتان لراعوث
(وصفحة من لفة إشعيا
B
في قمران).

3 – كهف
3(4/3/1952م) ويضم جذاذات من أسفار المزامير وإشعيا ومراثي وحزقيال ونصفين لدرج
نحاسي به خريطة ل 64 موقع سرى لكنوز مخفية.

4 – كهف 4
(سبتمبر 1952م) ويضم مئات المخطوطات (حوالي 400) منها حوالي 100 نسخة لأسفار العهد
القديم كلها عدا سفر استير، منها جذاذات من سفر الجامعة، ومنها (قصاصة لسفر هوشع)

لفة لسفر
صموئيل (4
Q Samb) تعتبر أقدم نسخة معروفة للكتاب المقدس وترجع للقرن الثالث قبل
الميلاد (لسنة 280 ق م)، كما يوجد به عدد من

التفاسير
لأسفار المزامير وإشعيا وناحوم، كما توجد أسفار التثنية وإشعيا وإرميا والأنبياء
الصغار بكثافة وهذا يدل على حب الدراسة لهذه الأسفار وتفضيلها عن بقية أسفار العهد
القديم، كما وجد بهذا الكهف نسخة مهمة جدا لسفر دانيال تحتوى على (7: 28؛8: 1)
الذي تتغير فيه اللغة من الآرامية للعبرية مما يؤكد قدم السفر وانتقاله عبر
الأزمنة كما هو. ومن أهم لفائف هذا الكهف أيضا تفسير لسفر هوشع (2: 8-14)،(4
Q16) مكتوب على رقوق في القرن الأول قبل الميلاد.

5 – كهف 5
(سبتمبر 1952م) ويضم جزءًا من سفر طوبيا إلى جانب جذاذات من أسفار التثنية والملوك
1و2 وإشعيا وعاموس والمزامير والمراثي (أنظر كهف 5 على يسارك).

6- كهف 6
(27/9/1952م)
ويضم من بين جذاذاته برديات من أسفار التكوين
واللاويين والتثنية والملوك ونشيد الإنشاد ودانيال.

7 – كهوف
من7 إلى 10 وتضم أجزاء قليلة من أسفار العهد القديم.

8 – كهف
11(يناير وفبراير 1956م) ويضم لفة من أهم لفائف قمران تشكل أجزاء من41 مزموراً (من
مزمور 50 إلى 101) بما فيها مزمور151 الذي كان معروفا في

اللغة
اليونانية فقط، مكتوباً على جلد سميك من العصر الهيرودسى، وذلك إلى جانب 36 مزمور
آخر من المزامير التي تقع فيما بين 93 إلى 150، وثلاث نسخ منها جزء جيد من سفر
اللاويين (11
Qlevb) وترجوم (تفسير) آرامي لسفر أيوب.

 

خامسا دقة
حفظ كلمة الله في هذه المخطوطات:

 انتقلت أسفار العهد القديم من جيل إلى جيل عن
طريق النسخ اليدوي بدقة متناهية، وكان الكهنة واللاويون والأنبياء والملوك والكتبة
وأتباع الفرق الدينية المختلفة، كالآسينيين الذين

وجدت
لفائفهم في كهوف قمران، ينقلون نسخهم الخاصة من النسخة الرسمية المعتمدة التي كانت
تحفظ عادة إلى جوار تابوت عهد الرب وفي الهيكل. وكانت هناك دائماً صلة قوية وسلسلة
واحدة متصلة، لا تنقطع، بين نسخ الأسفار المقدسة التي كتبها الأنبياء والرسل وبين
الكتاب المقدس كما هو بين أيدينا في القرن العشرين في كل اللغات المترجم إليها،
وهنا يتبادر إلى ذهن القارئ سؤال مهم هو؛ هل يملك علماء الكتاب المقدس نسخة دقيقة
ومطابقة للأصل كما خرجت من أيدي الرسل والأنبياء كتبة الوحي الإلهي؟ والإجابة هي:
نعم!! لأن علماء الكتاب المقدس يمتلكون آلاف النسخ والمخطوطات، سواء الجزئية أو
الكاملة من أسفار العهد القديم، منها مئات النسخ التي ترجع للقرون الثلاثة السابقة
للميلاد والقرن الأول الميلاد. فقد مارس الكتبة الذين كانوا ينسخون هذه الأسفار عملهم
بدقة شديدة، كما بينا، وقد تبرهن لنا ذلك بشكل عملي بعد اكتشاف مخطوطات قمران. فقد
كانت أقدم نسخة موجودة للعهد القديم، حتى سنة 1947م، ترجع إلى القرن العاشر
للميلاد، أي بينه وبين الرب يسوع المسيح حوالي 1000 (ألف) سنة ومع ذلك كان كل
اليهود والمسيحيين واثقين أن لديهم كلمة الله كما سلمت منذ البدء. وقد تبرهنت هذه
الثقة بصورة عملية وعلمية بعد اكتشاف مخطوطات قمران ابتداء من سنة 1947. فهل كان
المؤمنون في حاجة لاكتشاف مثل هذه المخطوطات ليتأكدوا من صحة إيمانهم بالكتاب
المقدس؟ والإجابة؛ كلا!! فهم واثقون من وعد الله الذي وعد بحفظ كلمته، إنما سمحت
عناية الله لمثل هذه المخطوطات المكتشفة أن ترى النور لترد على الذين ادعوا أن
أسفار العهد القديم كتبت بعد الأنبياء بسنين كثيرة، وبرهان للذين ادعوا وجود تحريف
أو تغيير أو تبديل في أسفار الكتاب المقدس على بطلان مزاعمهم!!! فقد أكدت مخطوطات
قمران على ثلاث حقائق جوهرية؛

الأولى: هي وجود نسخ
كثيرة لكل سفر من أسفار العهد القديم، عدا سفر واحد هو سفر أستير، وكلها ترجع
للقرون الثلاثة السابقة للرب يسوع المسيح والقرن الأول للميلاد، مع ملاحظة أن هذه
المخطوطات منقولة عن مخطوطات أخرى أقدم منها ترجع لأيام عزرا الكاتب، وبالتالي
أصبح لدينا مخطوطات للعهد القديم ترجع لقبل تجسد الرب يسوع المسيح وتلاميذه بسنوات
طويلة، ومخطوطات معاصرة له، وزال الفارق الزمني بين أقدم مخطوطة كانت لدينا وبين
الرب يسوع المسيح، بل وأصبح لدينا مخطوطات ترجع لقبل تجسده بمئات السنين. ويجب أن
نتذكر أن الرب يسوع المسيح وتلاميذه ورسله أكدوا وحي كل كلمة بل وكل حرف في أسفار
العهد القديم كما كانت في أيامهم، كما بينا!!

 

والثانية: هي إيمان
اليهود في كل العصور بوحي وقداسة هذه الأسفار فقد اقتبسوا منها واستشهدوا بها في
كتاباتهم بنفس الأسلوب والطريقة التي اقتبس واستشهد بها العهد الجديد. فقد
استخدموا تعبيرات مثل ” ما أمر به الله خلال موسى وخلال كل خدامه الأنبياء
” الذين ساووا فيها بين أسفار موسى النبي وجميع الأنبياء باعتبارها جميعاً
كلمة الله. ومثل الصيغة المقدسة ” مكتوب ” في مقدمة اقتباسات كثيرة من
أسفار كثيرة مثل أسفار موسى الخمسة وإشعيا وحزقيال وهوشع وعاموس وميخا وناحوم
وزكريا وملاخي. وجاء في إحدى كتاباتهم ” الوثيقة الصادوقية ” قول الكاتب
أن ناموس موسى لا يمكن أن ينتهك وسيحرم الإنسان الذي ” ينتهك كلمة واحدة من
ناموس موسى”. وكانت هذه الوثيقة تستخدم عبارات ” كلمة الله “،
” قال هو “، ” قال الله “، ” كتاب الناموس “،
” قال موسى “، كمقدمة لاقتباساتها من أسفار العدد والتثنية وإشعيا
وعاموس وهوشع وزكريا وملاخي، واقتبست من سفر الأمثال كسفر مقدس وكلمة الله
واستخدمت عبارة ” الناموس والأنبياء ” مرتين للإشارة إلى كل أسفار العهد
القديم.

والثالثة: هي عصمة
أسفار الكتاب المقدس ودقة حفظها على مر العصور بدون زيادة أو حذف أو تغيير أو
تبديل، وصحة كل كلمة وكل حرف فيها والتأكد من تطبيق القواعد التي وضعها الكتبة
لعمل نسخ منها بكل أمانة ودقة!!

 وكان النقاد قد زعموا، قبل اكتشاف هذه المخطوطات
أنه لو تم اكتشاف مخطوطات أقدم للكتاب المقدس، العهد القديم، لأثبتت أن العهد
القديم قد أعيدت صياغته مرات كثيرة عبر القرون الماضية!! ولكن خاب أمل هؤلاء
النقاد، فقد جاءت النتيجة عكسية تماما، بعد اكتشاف هذه المخطوطات!! فقد ترجمت إلى الإنجليزية
ودرسها العشرات بل المئات من العلماء والنقاد ولم يجدوا بها نصاً واحداً يخالف
العقيدة المسيحية!!

 كما استعملت الوسائل التكنولوجية المتطورة لرؤية
بعض النصوص الغير ظاهرة للعين البشرية. فاستخدم العلماء الطّرق الرّقميّة لإعادة
اكتشاف النّصوص المفقودة.

 وفي الصورة على اليسار عرض حديث لطريقة حفظ
المخطوطات في الجرار الفخارية. وهذه الرّقوق والمخطوطات هي أقدم مجموعة من مخطوطات
العهد القديم وجدت في التاريخ. وقد وجد في جرة فخارية كالتي نراها في الصورة
أمامنا.

 

(1)
أنظر كتابنا ” الكتاب المقدس يتحدى نقاده والقائلين بتحريفه”.

(2)See Ency. Judaica.
Geniza.

(3)Kahle, the Cairo Geniza 13. هذا المعبد كان حتى عام 882م كنيسة باسم الملاك ميخائيل

(4) Wurthwein, the
Text of the Old Testament 23.

(5)Goshen-Gottstein,
Bible Manuscripts in the U. S, 30.

(6)Bruce, Books and Parchments 115-116.

(7) يرجع وجود السامريين إلى ما بعد سنة 720ق م عندما استوطن جماعة من غير
اليهود السامرة بعد سبى إسرائيل إلى أشور بواسطة شلمناصر ملك أشور والذي أتى
” بقوم من بابل وكوث وعوا وحماه وسفراوييم وأسكنهم في مدن السامرة عوضا عن
إسرائيل ” وأمر بإرسال كاهن ليعلمهم الشريعة اليهودية “، فأتى واحد من
الكهنة الذين سبوهم من السامرة وسكن في بيت إيل وعلمهم كيف يتقون الرب”،
فعبدوا الرب إلى جانب آلهتهم الوثنية (2مل 17). ويحتمل أن التوراة أو أجزاء منها
نقلت إليهم في ذلك الوقت. وقد يفسر ذلك قبولهم فقط لأسفار موسى الخمسة دون بقية
العهد القديم. ولكن غالبية العلماء يرون أنها نقلت إليهم سنة 432 ق م عندما طرد
نحميا واحد من بنى يهويا داع الكاهن، والذي كان صهرا لسنبلط الحوراني، من اليهودية
فذهب إلى السامرة وأسس جماعة فيها وأقام هيكلا على جبل جرزيم منافسا لهيكل
أورشليم.

(8) وترجع قصة
اكتشاف هذه المخطوطات إلى راعي أغنام بدوي اسمه ” محمد ” كان يبحث عن
معزة ضائعة في مارس 1947، فرمى حجراً في ثقب في تل على الجانب الغربي للبحر الميت،
على بعد ثمانية أميال جنوب أريحا، واندهش وهو يسمع صوت تحطيم آنية فخارية، فدخل
ليستكشف الأمر، فوجد أواني فخارية كبيرة تحتوي على لفائف من الجلد ملفوفة في أنسجة
كتانية. ولما كانت الأواني الفخارية مغلقة بإحكام، فقد بقيت المخطوطات في حالة
ممتازة لمدة نحو 1900 سنة، فقد وضعت تلك المخطوطات داخل الأواني عام 68م.

 وقد
اشترى رئيس دير السريان الأرثوذكس بأورشليم خمساً من تلك المخطوطات، كما اشترى
الأستاذ سكنك من الجامعة العبرية بأورشليم ثلاثاً، وكتب في مذكراته عنها يقول:
” لعل هذا واحد من أعظم الاكتشافات في فلسطين، أكثر جداً مما توقعنا”.
وفي فبراير (شباط) سنة 1948 اتصل رئيس الدير السرياني بالمدرسة الأمريكية للبحوث
الشرقية في أورشليم وأخبرهم عن المخطوطات. وكان المدير شاباً عالماً يهوى التصوير
أيضاً، اسمه جون تريفر، فقام بجهد خارق في تصوير كل عمود من مخطوطة سفر إشعياء وهي
بطول 24 قدماً وعرض عشر بوصات وحمّض الأفلام بنفسه وأرسل بعض الصور منها إلى
الدكتور أولبرايت من جامعة جون هوبكنز، الذي كان يُعتبر عميد علماء الحفريات
الكتابية. فأرسل رده برجوع البريد يقول: ” تهانيَّ القلبية على اكتشاف
أعظم مخطوطة في عصرنا الحديث. يا له من اكتشاف مذهل! ولا يمكن أن يوجد ظل شك في
العالم كله في صحة هذه المخطوطة ” وقال أنها ترجع لسنة 100 ق م
(
See
Encyclopedia Judaica Dead Sea Scrolls
).

(9) Donald W. Parry and Stephen D. Ricks The Dead Sea Scrolls
and the Bible. What the scrolls teach us about the Bible.

(10) لمراجعة ذلك تفصيلياًَ أرجع ل http://home.flash.net/~hoselton/deadsea/caves.htm

See also: Ayala Sussman
and Ruth Peled The Dead Sea
Scrolls

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار