المسيحية

هل لنا أن نتحاور؟



هل لنا أن نتحاور؟

هل
لنا
أن
نتحاور؟

قال
المحاور الغير مؤمن: (أي الذي لا يؤمن بإيماننا المسيحي):
هل لنا ان
نتحاور عن من هو الله؟

قلت
بنعمة الرب:
انت تريد ان نتحاور حول الله القدير، الخالق، الأزلي، الأبدي،
الجبار, سر الأسرار، أنه فوق متناول عقولنا، ولا يمكن أن تراه عيوننا, ولهذا نعجز كبشر
عن معرفته وإدراكه.

قال
المحاور الغير مؤمن:
لقد وصل الإنسان إلي مستوى رفيع من المعرفة،
والفلسفة، والحكمة الإنسانية,, وغطت معرفته كل فروع العلم وما يقع عليه حسه وبصره
في الحياة,,

قلت
بنعمة الرب:
ومع هذا كله لم يصل الإنسان بحكمته إلي معرفة الله، عجز
الإنسان عن معرفة الله بحكمته البشرية, ِلأن ” حِكْمَةَ هذا الْعَالَمِ هِيَ
جَهَالَةٌ عِنْدَ اللّهِ ” (1 كورنثوس 3: 19).

قال
المحاور الغير مؤمن:
قدماء المصريين كانوا حكماء, بنوا الأهرامات
بحكمتهم, حنّطوا بعلمهم جثث موتاهم فبقيت تتحدى عناصر الفناء آلاف السنين, أنشأوا
حضارة ما زالت آثارها تحكي قصة عظمة فنّهم وعلمهم وتقدمهم

قلت
بنعمة الرب:
ومع كل هذه الحكمة الإنسانية,, ضلّت عقولهم عن معرفة الله
الحي الحقيقي، فعبدوا العجل أبيس، وصنعوا لأنفسهم آلهة بحسب تصورات عقولهم,,,
وتعددت أصنامهم،

قال
المحاور الغير مؤمن:
واليونانيون القدماء بلغوا في الفلسفة شأواً
بعيداً, فظهر فيهم: سقراط أستاذ الحوار وأفلاطون مؤسس المنطق وأرسطو الذي جمع في
شخصيته الصفتين,

قلت
بنعمة الرب:
ومع كل حكمتهم، وفلسفتهم، عاشوا يعبدون آلهة من صنع أيديهم,
فعبدوا مارس إله الحرب وأفروديت إلهة الحب وفينوس إلهة الجمال وباخوس إله الخمر،
وزفس، وهرمس وأرطاميس، وسجلوا حروب آلهتهم في ملحمتي الإلياذة والأوديسة,,

قال
المحاور الغير مؤمن:
عموما في عصرنا الحاضر وصل الإنسان إلي القمر,,
واخترق بأشعته ظلمة الليل، وطوَّع لنفسه الماء والهواء فطار بطائراته، وغاص في أعماق
المحيطات بغواصاته،

قلت
بنعمة الرب:
ومع ذلك تردى إلي الحضيض في اعتقاداته وأخلاقياته, لم يستطع
الإنسان أن يصل بقدراته العقلية إلي معرفة حقيقة الذات الإلهية، وكيف يمكن للمحدود
أن يحتوي غير المحدود؟، كيف يمكن احتواء مياه المحيط في كوب؟، كيف يستطيع الناقص
أن يحتوي الذي لا حدّ لكماله؟ وكيف يمكن للعاجز أن يتصور قدرة القادر على كل شيء؟ لا
طريق إلي معرفة الله,, سوى إعلان يأتي من الله تبارك وتعالى.

لقد
سار وراء ظلمة عقله الغبي، وصنع لنفسه آلهة أعلنت عن مدى غبائه، وجهله، وشر قلبه,
واتسعت الهوة التي فصلت الإنسان عن إلهه, حكمة الإنسان عجزت عن أن تقوده لمعرفة
الله، من هنا ظهرت ضرورة الوحي الإلهي,, أو بعبارة أخرى ضرورة إعلان الله جلت
قدرته عن ذاته وعن صفاته بكلمة موحى بها منه تحدث بها تبارك اسمه لأنبيائه، إذ لا
سبيل لمعرفة الله الحي الحقيقي إلاّ بالوحي الإلهي.

قال
المحاور الغير مؤمن:
اوافقك علي ما تقول واود ان نستخدم العقل مع
الوحي

قلت
بنعمة الرب:
ظهر في ألمانيا فيما بين سنة 1743-1819 فيلسوف عظيم اسمه
جاكوبي وكانت كتاباته رداً على فلسفة اسبينوزا الذي نادى بأن العقل وحده هو باب
المعرفة,

قال جاكوبي: إن العقل غير المُعان
بالوحي الإلهي سيقود الإنسان حتماً إلي الإلحاد,, ذلك لأن العقل بطبيعته الخاصة لا
يستطيع أن يعالج سوى الأشياء ذات الحدود، وأجزاء الأشياء، لأنه هو نفسه محدود,,
وهو في معالجته للأشياء ذات الحدود، وأجزاء الأشياء، يضع هذه الأجزاء معاً ليكشف
ما بينها من روابط، ولكنه يعجز عن الحصول على مادة الحقيقة الخام، لا سيما الحقيقة
التي تشمل الأشياء جميعاً مضموماً بعضها إلي بعض في وحدة كاملة متكاملة،

ويستطرد جاكوبي قائلاً: إن الله الذي مكن إثبات
وجوده، وحقيقة ذاته، وكمال صفاته بمنطق الله عن طريق سيطرة العقل،, والخالق الأعظم
لا يمكن أن يسيطر عليه أو يحتويه عقل,, إن حقيقة الله ليس سبيل معرفتها التفكير
المنطقي,, وربط النتائج بالمقدمات,, لكن الله تسامت حكمته تنازل فأعلن عن ذاته
العلية بالوحي الذي أعطاه لأنبيائه وسجله في كتابه الكريم،

من
هنا كان المصدر الوحيد، الموثوق به، لمعرفة الله الحي الحقيقي,, هو كلمته الصادقة
التي أوحاها لأنبيائه، وبعيداً عن هذه الكلمة الصادقة يتصور كل إنسان الله كما
يحلو لتصوراته وتخيلاته,, وبهذا يضل ضلالاً بعيداً، ويعبد الحيوان، والشجر،
والحجر، وأرواح الموتى من البشر,

قال
المحاور الغير مؤمن:
فلنتناقش من القرآن الكريم لأنه كتاب الله
المعصوم، أما الكتاب المقدس فقد أصابه التحريف.

قلت
بنعمة الرب:
سأصلي من اجلك لكي ينير الله بصيرتك وليتك تدرك أن معرفة
المسيحيين بالله مصدرها إعلان الله عن ذاته في كلمته، وإعلان الله عن ذاته نجده
صريحاً وواضحاً في التوراة والإنحيل، أو بعبارة أخرى في الكتاب الموحى به من الله
والذي يسميه المسيحيون الكتاب المقدس,

ولا
عبرة بما تقوله أنت وبعض الأخوة المسلمون الغير مدققون بأن الكتاب المقدس، قد عبثت
به أيدي المحرفين من اليهود والمسيحيين, فكل ادعاء بحدوث تحريف في التوراة
والإنحيل هو تكذيب للقرآن، فالقرآن يؤكد بنصوصه وحي التوراة والإنحيل وحفظ الله
لهما.

ففي
سورة المائدة نقرأ الكلمات: ” وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ
التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا
أُولَئِكَ بَا لْمُؤْمِنِينَ إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً
وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا
وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ
وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَا خْشَوْنِ وَلا
تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ
اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ” (سورة المائدة 5: 43 و44).

يقرر هذا النص القرآني الحقائق التالية:

1
– إنه لا حاجة لتحكيم محمد لأن التوراة فيها حكم الله وهي تغني تماماً عن حكم محمد،
وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله؟

2
– إن التوراة أنزلها الله تبارك اسمه فيها هدى ونور وهذا يؤكده النص القرآني إنا
أنزلنا التوراة فيها هدى ونور،

3
– إن الربانيين والأحبار من اليهود استحفظوا أي أمروا بحفظ التوراة، وهذا يتفق مع
ما قاله القديس بولس الرسول في كلماته ” إِذاً مَا هُوَ فَضْلُ الْيَهُودِيِّ،
أو مَا هُوَ نَفْعُ الْخِتَانِ؟ كَثِيرٌ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ! أَمَّا أَّوَلاً فَلأنهم
اسْتُؤْمِنُوا عَلَى أَقْوَالِ اللّهِ ” (رومية 3: 1 و2) وهذا يعني أنهم
استحفظوا على أقوال الله، أي على كتاب العهد القديم. لقد استأمن الله تسامت حكمته
أنبياء اليهود وأحبارهم لحفظ أقواله, وهل يعقل أن يستأمن الله أناساً يحرفون كلمته،
وهو العليم الخبير؟!

4
– إن من لم يحكم بما أنزل الله في التوراة فأولئك هم الكافرون, وجاء في نفس السورة
النص القرآني التالي: ” وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابن مَرْيَمَ
مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإنحيل فِيهِ
هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى
وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإنحيل بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ
فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ
الْفَاسِقُونَ ” (سورة المائدة 5: 46 و47).

وفي هذا النص القرآني نجد الحقائق التالية:

1
– إن المسيح يسوع، الذي يسميه القرآن عيسى ابن مريم، جاء مصدقاً لما بين يديه من
التوراة، وهذا ما فعله السيد المسيح إذ قال وهو الصادق الأمين: ” لا تَظُنُّوا
أَنِّي جِئْتُ لأنْقُضَ النَّامُوسَ أو الأنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأنقض بَلْ لأكَمِّلَ.
فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إلي أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لايَزُولُ
حَرْفٌ وَاحِدٌ أو نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ ”
(متى 5: 17 و18).

وعندما
التقى بعد قيامته بتلميذين كانا يسيران في الطريق إلي قرية عمواس قال لهما: ”
اَيُّهَا الْغَبِيَّانِ وَالبَطِيئَا الْقُلُوبِ فِي الإيمان بِجَمِيعِ مَا
تَكَلَّمَ بِهِ الأنْبِيَاءُ، أَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ
بِهذا وَيَدْخُلُ إلي مَجْدِهِ؟ ثُمَّ ابتَدَأَ مِنْ مُوسَى وَمِنْ جَمِيعِ الأنْبِيَاءِ
يُفَسِّرُ لَهُمَا الأمُورَ الْمُخْتَصَّةَ بِهِ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ ” (لوقا
24: 25-27).

ثم
بعد ذلك إذ التقى بتلاميذه بعد قيامته قال لهم: ” هذَا هُوَ الْكَلامُ الذِي
كَلَّمْتُكُمْ بِهِ وَأَنَا بَعْدُ مَعَكُمْ، أَنَّهُ لا بُدَّ أَنْ يَتِمَّ
جَمِيعُ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنِّي فِي نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ
وَالمَزَامِيرِ. حِينَئِذٍ فَتَحَ ذِهْنَهُمْ لِيَفْهَمُوا الْكُتُبَ ” (لوقا
24: 44 و45).

 

طالب القرآن المسيحيين أن يحكموا بما أنزل الله في الإنحيل،
لذا فهم في غير حاجة إلي القرآن

1 – صدّق المسيح لما بين يديه من التوراة
وجميع أسفار العهد القديم,

2 – جاء المسيح بالإنحيل، وهو يعني
البشارة المفرحة للهالكين، بشارة موته على الصليب لفداء الآثمين،

3 – طالب القرآن المسيحيين، أهل الإنجيل،
بأن يحكموا بما أنزل الله فيه, فهم إذاً في غير حاجة إلي القرآن،

4 – أقر القرآن بأن الإنحيل، وهو الذي
كان يطلق على العهد الجديد بجواز إطلاق الجزء على الكل، مُنزل من عند الله,
وآتيناه الإنحيل،

5 – أعلن القرآن أن من لم يحكم بما أنزل
الله في الإنحيل فأولئك هم الفاسقون أي الخارجون على الدّين.

وزاد القرآن على ذلك فقال:


قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ
وَالإنحيل ” (سورة المائدة 5: 68) وهذا يعني أن أهل الكتاب لن يكونوا على دين
صحيح حتى يعملوا بالتوراة والإنحيل.

ثم
قال القرآن أيضاً:


يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ التِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ
وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ وَآمِنُوا بِمَا
أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلا
تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً ” (سورة البقرة 2: 40 و41).

والقرآن
في هذا النص يطالب بني إسرائيل بالإيمان بما أنزل الله مصدقاً لما معهم, كان معهم
في ذلك الوقت كل أسفار العهد القديم، وهي بذاتها الموجودة حتى الآن, وكان عليهم أن
يؤمنوا فقط بما يطابق ما جاء في هذه الأسفار, مصدقاً لما معكم، فهل يقبل المسلمون
أن يقول القرآن لبني إسرائيل إنه يصادق على الكتاب الذي معهم – كتاب العهد القديم
– إذا كان كتاباً محرّفاً أو عرضة للتّحريف؟

أوَلا
يعني هذا الاعتراف بعدم موافقه القرآن علي القول بتحريف العهد القديم إذا صح ادعاء
بعض المسلمين بحدوث هذا التحريف؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار