اسئلة مسيحية

هل تم تحريف الكتاب المقدس أم لا



هل تم تحريف الكتاب المقدس أم لا

هل تم تحريف الكتاب
المقدس أم لا

قبل الإجابة على السؤال، لا بدّ من الإشارة إلى
أنه سؤال هام جداً لكونه يتعلّق بالتشكيك بصحة الكتاب المقدس وتحريفه. والمعروف أن
الكتاب المقدس هو كتاب الوحي الذي يتضمن كلام الله ودستوره وتعليمه للبشر. وهو
يُتعبر الأساس الذي ترتكز عليه العقيدة الأساسية للديانة المسيحية. والكتاب المقدس
يُعتبر كتاب الكتب بالنسبة للمسيحيين، لأنه يحتوي على كلام الله وتعاليمه وشرائعه
التي أوحى بها الله إلى رجاله القديسين. وهو مصدر الإيمان بالنسبة للدين المسيحي،
ويخبرنا عن محبة الله ورحمته وفدائه للناس بواسطة المسيح المخلص. وإن كل ما جاء
فيه يعرض مقاصد الله وتعاليمه بكل أمانة وإخلاص. فكل ما جاء فيه كان بإرشاد روح
الله القدوس. وأن الله سبحانه وتعالى يُثبت مدى صحة هذا الكتاب بقوله: “كل
الكتاب موحى به من الله، ونافع للتعليم والتوبيخ، للتقويم والتأديب الذي في البر،
لكي يكون إنسان لله كاملاً متأهباً لكل عمل صالح” (2تيموثاوس 16: 3و17).

+ طالما أن الكتاب المقدس يحتوي على كلام الله،
وكل ما جاء فيه كان بإرشاد الروح القدس، وطالما أن الإيمان المسيحي مستمدّ منه،
فهل صحيح ما يروّجه البعض بأن الكتاب المقدس قد حُرِّف مرّ السنين؟

في الواقع، أن ما يُطلق أحياناً على لسان البعض
أن الكتاب المقدس كان عُرضة للتحريف والتغيير على مرّ السنين، هو ليس أكثر من
مجرّد افتراء أو ادّعاء باطل. فالكتاب المقدس هو كلمة الله، ومن يجرؤ على تغيير أو
تبديل كلام الله، وما الهدف من ذلك؟ ولو صحَّ ما يُقال، لكان إيمان المسيحيين
المبنيّ على ما جاء في الكتاب المقدس هو تعليم باطل. ولكن الحمد لله أن ذلك لم
يحصل ولن يحصل البتة، طالما أن الله سبحانه وتعالى مصدر الوحي وهو القادر أن يحفظه.

+ ما هو الدليل أو البرهان على أن الكتاب المقدس
لم يُحرَّف، وأن ما يُقال بهذا الصدد هو مجرّد ادعاء؟

يوجد عدّة أدلة تدحض الاتهام بأن الكتاب المقدس
قد حُرّف منها:

1 – إن الكتاب المقدس موجود اليوم بين أيدينا،
وعلى من يدّعي أن الكتاب مُحرّف أن يُبرز النسخة الأصلية غير المحرّفة بحسب
اعتقاده، ولا وجود لذلك طبعاً.

2 – أن الادّعاء بتحريف الكتاب المقدس لم يبرز
إلى الوجود إلا بعد عدة قرون من بداية المسيحية، وما يدحض هذا الادّعاء، هو وجود
نسخ كاملة من الكتاب المقدس تعود إلى القرون الأولى للميلاد، أي قبل ظهور ادعاءات
المدّعين. وهذه النسخ محفوظة في المتاحف الشهيرة في أماكن مختلفة حول العالم،
ويمكن الرجوع إلى هذه النسخ الأصلية التي سبقت الادّعاء بالتحريف لمقارنة الكتاب
المقدس الحالي بتلك الكتب القديمة، وكلها طبعاً متوافقة تدحض التحريف منها:

أ – نسخة بيزي المحفوظة في كمبردج: تحتوي على
الأناجيل الأربعة وأعمال الرسل، وقسم من رسالة يوحنا الأولى، يعود تاريخها إلى
القرن الخامس أو السادس للميلاد.

ب – النسخة الأفرامية في بارس: تحتوي على
العهدين القديم والجديد كاملين باليونانية يعود تاريخها الى
القرن
الخامس.

ج – النسخة الإسكندرية المحفوظة في المتحف
البريطاني بلندن: العهدان القديم والجديد باليونانية سنة 325 للميلاد.

د – نسخة واشنطن الأناجيل تعود الى القرن الرابع
أو الخامس

ه – النسخة الفاتيكانية المحفوظة بروما: العهدان
القديم والجديد باليونانية حوالي سنة 300 للميلاد.

و – النسخة السينائية المحفوظة في المتحف
البريطاني: العهدان القديم والجديد باليونانية مثل الفاتيكانية في القدم، بل ربما
أقدم منها.

ز – بردية تشستربيتي المحفوظة في دبلين بإيرلندا:
أجزاء من الأناجيل وسائر أسفار العهد الجديد. حوالي سنة 250 للميلاد.

ح – بردية بودكر المحفوظة في جنيف بسويسرا: فيها
إنجيلا لوقا ويوحنا وبعض الرسائل حوالي سنة 200 للميلاد.

ط – بردية دون رينلد المحفوظة في مانشتر
بانجلترا: فيها إنجيل يوحنا وترجع إلى حوالي سنة 120 للميلاد.

3 – لا شك أنه بعد جمع أسفار الكتاب المقدس في
كتاب واحد، صدر عنه نسخ عديدة توزعت في بلدان مختلفة. ومن يريد أن يحرّف الكتاب
لما استطاع جمع كل النسخ الموجودة ليحرّفها. فإذا حُرّف بعضها، فلابد أن يكون
البعض الآخر بدون تحريف، فأين تلك الكتب غير المحرّفة حسب زعمهم؟ أنها غير موجودة
طبعاً.

4 – توافق ما جاء في الكتاب مع علم الآثار
وتعاليم الأنبياء وكتابات آباء الكنيسة الأولى، التي تؤيّد بما جاء في التوراة
والإنجيل ومنه ما يلي:

أ – القول الصريح الوارد في سورة المائدة 44: “إنا
أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبّيون”.

ب – ما ورد في سورة المائدة 46: “وقفينا
على آثارهم بعيسى ابن مريم مصدقاً لما بين يديه من التوراة، وأتيناه الإنجيل فيه
هدى ونور ومصدقاً لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتّقين”.

ج – وأيضاً ما ورد في سورة المائدة 68: “قل
يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أُنزل إليكم من
ربكم”. وايضا: “ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين
ظلموا منهم وقولوا آمنّا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له
مسلمون” (العنكبوت 46). “قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا
وبينكم” (آل عمران 64). “قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى
إبراهيم وإسماعيل واسحق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسىوعيسى وما أوتي النبيون من
ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون”(البقرة 136). وهذا طبعاً يعطي
شهادة القرآن الكريم بصحة التوراة والإنجيل، ولو كان الكتاب المقدس محرّفاً لما
جاءت مثل هذه الشهادة.

+ هل هناك شهادات أخرى تشير إلى صحة أو عدم
تحريف الكتاب المقدس؟

– هناك شهادتان أساسيتان هما: شهادة المؤمنين
وشهادة الله.

1 – شهادة المؤمنين:

إن شهادة المؤمنين تبرز في إيمانهم الواحد بصحة
ما جاء في الكتاب المقدس منذ بداية المسيحية حتى اليوم ومع أن المسيحية تنقسم إلى
طوائف، فكل الطوائف مهما اختلفت في تفسير آيات الكتاب تؤمن بصحة ما جاء فيه،
وبالأخص إيمانهم بالسيد المسيح أنه الإله الذي ظهر في الجسد، وأنه وُلد ولم يُخلق،
وأنه عمل الآيات والمعجزات مثل شفاء المرضى وإقامة الموتى وغيرها، وأخيراً صلبه
عِوضاً عن الإنسان الخاطيء، وقيامته من الأموات لأجل تبرير الخطاة، وأنه صعد إلى
السماء. فكل هذه الحقائق تؤمن بها جميع الطوائف المسيحية ولا خلاف حولها البتة،
وهذا هو جوهر تعاليم الإنجيل.

2 – شهادة الله:

تأتي شهادة الله في وصاياه وأقواله. فقد أوصى
الله المؤمنين على مرّ العصور بأن كلامه الموحى به نافع للتعليم والتوبيخ للتقويم
والتأديب. فأوصى المؤمنين قائلاً:

أ – “لا تزيدوا على الكلام الذي أنا أوصيكم
به، ولا تنقصوا منه، لكي تحفظوا وصايا الرب إلهكم التي أنا أوصيكم بها” (سفر
التثنية2: 4).

ب – وقوله أيضًا: “كل الكلام الذي أوصيكم
به، احرصوا لتعلموه، لا تزد عليه، ولا تنقص منه” (تثنية32: 12).

ج – وقوله أيضاً: “لم تأتِ نبوة قط بمشيئة
إنسان، بل تكلم أُناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس” (2بطرس21: 1).

د – وقال السيد المسيح: “فإني أقول لكم الى
أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون
الكل” (متى18: 5).

ه – وأخيراً تحذير الله لكل من يزيد على الكتاب
المقدس أو ينقص منه بقوله: “لأني أشهد لكل من يسمع أوقال نبوة هذا الكتاب. إن
كان أحد يزيد على هذا، يزيد الله عليه الضربات المكتوبة في هذا الكتاب. إن كان أحد
يجذف من أقوال هذه النبوة، يحذف الله نصيبه من سفر الحياة، ومن المدينة المقدسة،
ومن المكتوب في هذا الكتاب” (رؤيا 18: 22-19).

+ فبعد كل هذه التوصيات والتحذيرات الصارمة من
الله، هل يتجرأ أحد من المؤمنين على تحريف كلام الله؟

– فالمؤمنون لا يجرؤون على تحريف الكتاب المقدس.
أما غير المؤمنين فيتعذّر عليهم جمع الألوف من نسخه المنتشرة في العالم ليعبثوا
بها ويزوروها. وعلى هذا الأساس، فإن الادّعاء بأن الكتاب المقدس كتا ب مُحرّف، هو
ادّعاء باطل لا أساس له، ومن لا يؤمن بذلك عليه أن يثبت العكس لتقبل حجّته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار