علم المسيح

نبؤات تحققت



نبؤات تحققت

نبؤات تحققت

 

لم
يكن العسكر الروماني يعلمون ماذا يفعلون، لأنهم في ظلام العبادة الوثنية.. ولا عرف
رؤساءُ اليهود ماذا يفعلون، لأنهم أغمضوا عيونهم للنور عمداً، فأتاهم العَمى الذي
يأتي كلَّ من يحبس البصر طويلاً. لم يعلموا ما يفعلون لأنهم تمموا النبوات الصريحة
بخصوص مسيحهم عن غير معرفة أو تقوى فأثبتوا بفعلهم أن يسوع مسيحُهم، بينما أنكروا
ذلك بقولهم. مثالُ هذا اشتراكهم بتسمير جسده على الصليب، ليتمموا النبوة القائلة:
«جَمَاعَةٌ مِنَ ٱلأَشْرَارِ ٱكْتَنَفَتْنِي. ثَقَبُوا يَدَيَّ
وَرِجْلَيَّ» (مزمو 22: 16).

 

وبتعليقه
بين لصين تمموا النبوة القائلة: «جُعِلَ مَعَ ٱلأَشْرَارِ قَبْرُهُ…
وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ » (إشعياء 53: 9، 12).

 

هذا
المصلوب مكلَّل بتاج من شوك، لأن فوق رأسه عنوان «ملك اليهود». فكل ذي بصيرة يرى
تيجاناً أخرى مجيدة تزيّن جمالَ مُحيَّاه وتكلل جبهته. وفي التاج الشوكي نرى
رمزها. نراه متوَّجاً بالحكمة الشديدة، والقدرة الخيرية، والقداسة السماوية. وكأن
هذه التيجان تختلط لتؤلِّف تاجه الأعظم، تاجَ حبه الفدائي السائد في كلامه
وحركاته. وقد برهن العسكر الروماني – عن غير قصد – أن هذا المصلوب هو مسيح اليهود
الحقيقي الذي تنبأ بمجيئه الأنبياء، لأنهم لما اقتسموا ثيابه ليأخذ كل جندي حقَّه
منها، أتمُّوا دون أن يقصدوا النبوَّة القائلة: «يقسمون ثيابي بينهم». ثم لما
وصلوا إلى القميص المنسوج بغير خياطة، اقترعوا عليه، فأتمُّوا بقية النبوة
القائلة: «عَلَى لِبَاسِي يَقْتَرِعُونَ». وبنَزْع ثيابه عنه، أتمُّوا الكلام
الأول في تلك النبوة وهو: «أُحْصِي كُلَّ عِظَامِي، وَهُمْ يَنْظُرُونَ
وَيَتَفَرَّسُونَ فِيَّ» (مزمور 22: 17، 18).

 

ما
أعظم السخرية التي سمعها المسيح على الصليب. سخروا أولاً على ما حرّفوه من كلامه
عن نقض الهيكل وبنائه في ثلاثة أيام، وثانياً على قوله إنه ابن اللّه، وثالثاً أنه
جعل ذاته مخلِّص البشر، ورابعاً أنه ادَّعى بأنه المسيحُ مختار اللّه، وخامساً أنه
يدَّعي بأنه يتكل تماماً على اللّه، وسادساً لأنه لما سأله بيلاطس: «أأنت ملك
اليهود؟» أجاب بالإيجاب.

 

حسب
أفكارهم السطحية كان الصليبُ تكذيباً كافياً لكل هذه البنود الستة، فطالبوا
المسيحَ أن يخلِّص ذاته من الصليب ليؤمنوا به مخلصاً للآخرين، مع أن تخليصه نفسه
من الصليب – وهو قادر على ذلك – يوقع البشر جميعاً في يأس الهلاك الأبدي. لكن هذا
الاستهزاء كان تحقيقاً للنبوات التي منها: «كُلُّ ٱلَّذِينَ يَرُونَنِي
يَسْتَهْزِئُونَ بِي. يَفْغَرُونَ ٱلشِّفَاهَ وَيُنْغِضُونَ ٱلرَّأْسَ
قَائِلِينَ: «ٱتَّكَلَ عَلَى ٱلرَّبِّ فَلْيُنَجِّهِ. لِيُنْقِذْهُ
لأَنَّهُ سُرَّ بِهِ» (مزمور 22: 7، 8).

 

وانضم
العسكر الروماني، ومعهم اللصين إلى صفوف المستهزئين. فقدَّم له العسكر خلاً للشرْب
بدلاً من الخمر الذي يُقدَّم للملاك، قائلين: «إنْ كنتَ أنت ملك اليهود فخلِّصْ
نفسك». وأما استهزاء اللصين فيُعذَر أكثر من غيره، لأن تعذيبهما هيَّج الشر في
قلبيهما، ولأنهما يفكران أن يحمِّسا هذا القدير ليخلِّص ذاته إنْ أمكن، فيخلصْهما
معه، وصدقَتَ بكلامهما نبوةٌ أخرى هي: «تَعْيِيرَاتِ مُعَيِّرِيكَ وَقَعَتْ
عَلَيَّ» (مزمور 69: 9).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار