المسيحية

ميلاد السيد المسيح من عذراء



ميلاد السيد المسيح من عذراء

ميلاد
السيد المسيح من عذراء

قال
المحاور الغير مؤمن:
كيف يكون المسيح هو الله ويولد كسائر البشر؟

قلت
بنعمة الرب:
إن السيد المسيح لم يولد كسائر البشر. لقد خلق الله آدم
خلقاً مباشراً من تراب ونفخ في أنفه نسمة حياة فصار آدم نفساً حية، تم أخذ ضلعاً
من أضلاعه وبناها إمرأة وأحضرها إلي آدم، وكان السبب وراء خلقة المرأة من الرجل هو
تأكيد (وحدة الجنس البشري) فالرجل والمرأة كلاهما من تراب لا فضل لأحدهما علي
الآخر من حيث المادة التي خلقهما منها الله، فلم يكن خلق المرأة من الرجل لمجرد
إثبات قدرة الله (فقد ثبتت هذه القدرة بخلق آدم من العدم والتراب)، بل كان هذا
الخلق لاثبات وحدة الإنسانية جمعاء.

أما
ولادة (يسوع المسيح) من عذراء لم يمسسها بشر، فكانت معجزة فريدة قصد الله في حكمته
أن تتم، لكي يولد السيد المسيح إنساناً دون أن يرث خطية الإنسان.

وواضح
أن كل البشر قد ورثوا الخطية لأنهم توارثوا دم آدم الذي أفسدته الخطية كما نقرأ في
كلمات الوحي الألهي ” من أجل ذلك كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلي العالم
وبالخطية الموت وهكذا اجتاز الموت إلي جميع الناس إذ أخطأ الجميع ” (رو5: 21).
فالبشر جميعاً يحملون في عروقهم دم آدم الأثيم كما يقرر بولس الرسول في كلماته ”
وصنع من دم واحد كل أمة من الناس يسكنون علي كل وجه الأرض” (أع17: 36) لقد
كان آدم هو نبع النهر الذي جاء منه البشر. ومادام النبع قد تلوث بالخطية، فكل قطرة
ماء تجري في النهر حملت جراثيم الخطية.

ولو
كان السيد المسيح مجرد إنسان فلماذا لم يولد كما يولد سائر البشر؟ لماذا لم يولد
بالتناسل الطبيعي كما ولد إبراهيم وموسي وإيليا وإشعياء وسائر الرسل والأنبياء؟

بل
أننا عندما نعود لقصة ميلاد السيد المسيح نجد أن ملاك الرب قد أخبر القديس يوسف
البار بان الذي حبل به في مريم العذراء هو من الروح القدس فلم يمسسها بشر ولم تك
بغيا، ويخبره بأن هذا الوليد سيدعي (يسوع) (لأنه يخلص شعبه من خطاياهم)، ويسجل متي
فكر الروح القدس عن ولادة السيد المسيح المعجزية من مريم العذراء إنها اتماماً
لنبوة سابقة هي نبوة (اشعياء 7: 14).والتي سجلها اشعياء قبل ميلاد السيد المسيح
بحوالي سبعمائه سنة.. فالسيد المسيح له المجد (عمانوئيل) الذي تفسيره (الله معنا)
ولذا قال عنه القديس بولس الرسول (وبالإجماع عظيم هو سر التقوي الله ظهر في الجسد)
وقال مشيراً إلي عمله الفدائي وهو يخاطب قسوس كنيسة أفسس ” احترزوا إذا
لأنفسكم ولجميع الرعية التي أقامكم الروح القدس فيها أساقفة لترعوا كنيسة الله
التي اقتناها بدمه” (أع20: 28)0

ويكشف
القديس (لوقا) النقاب عن بشارة جبرائيل الملاك للقديسة مريم العذراء بالكلمات ”
وفي الشهر السادس (أي الشهر السادس لحمل أليصابات زوجة زكريا الكاهن بيوحنا
المعمدان) أرسل جبرائيل الملاك من الله إلي مدينة من الجليل اسمها ناصرة. إلي
عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف. واسم العذراء مريم. فدخل إليها الملاك
وقال: سلام لك أيتها الممتلئه نعمه. الرب معك. مباركة أنت في النساء. فلما رأته
اضطربت من كلامه وفكرت ماعسي أن تكون هذه التحية. فقال لها الملاك لا تخافي يامريم
لأنك قد وجدت نعمة عند الله. وهاأنت ستحبلين وتلدين أبناً وتسمينه يسوع. هذا يكون
عظيماً وابن العلي يدعي ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه. ويملك علي بيت يعقوب
إلي الأبد ولا يكون لملكه نهاية. فقالت مريم للملاك: كيف يكون هذا وأنا لست أعرف
رجلا؟ فأجاب الملاك وقال لها: الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك أيضاً
القدوس المولود منك يدعي ابن الله.. فقالت مريم هوذا أنا أمة الرب. ليكن لي كقولك.
فمضي من عندها الملاك) (لو1)0

هذه
هي القصة الكاملة لولادة السيد المسيح المعجزية، فلكي يحمي الله القديسة مريم
العذراء من الموت رجماً حيث قد يتصورها البعض كزانية حملت سفاحاً كما أمر الرب
موسي بالكلمات ” إذا كانت فتاة عذراء مخطوبة لرجل فوجدها رجل في المدينة
واضطجع معها. فأخرجوهما كليهما إلي باب تلك المدينة وأرجموهما بالحجارة حتي يموتا
” (تث22: 23 – 24) أعطي إعلاناً خاصاً في حلم لخطبيها يوسف أكد أن هذا الوليد
ليس كسائر البشر، فهو (يسوع المخلص) وهو في ذات الوقت (ابن الله)، وأكد الكتاب في
كلمات صريحة بأن القديس يوسف البار لم يمس القديسة مريم البتول قائلاً: (فلما
استيقظ يوسف من النوم فعل كما أمره ملاك الرب وأخذ امراته. ولم يعرفها حتي ولدت
ابنها البكر. ودعا اسمه يسوع).فالسيد المسيح لم يولد كسائر البشر لأنه لم يكن
كسائر البشائر

 

لا أري أهمية لميلاد المسيح من أم وبلا أب

قال
المحاور الغير مؤمن:
أنا لا أري أهمية لكون السيد المسيح ولد من أم
وبلا أب فلقد سبق أن أوجد الله آدم بلا أب وبلا أم. وقد سبق أن أوجد حواء بلا أم
واذا قلنا آدم بمثابه أب لحواء فتكون من أب وبلا أم ثم أوجد السيد المسيح من أم
بلا أب فما هو وجه الغرابه ولم يكن آدم أو حواء الهه.

قلت
بنعمة الرب:
لقد فاتك ياأخي شئ هام وهو أن أدم وحواء مخلوقان وعند خلقتهما
لم يكن هناك بشر علي الأطلاق. ولكن السيد المسيح كما نقول عنه في قانون الإيمان
(مولود غير مخلوق). لقد كان الطريق الوحيد لايجاد آدم وحواء هو خلقتهما لعدم وجود
أصل بشري قبلهما ولكن عند تجسد السيد المسيح كان هناك ملايين من الرجال وملايين من
النساء فلماذا لم يولد من أب كسائر البشر؟!

 

المسيح مولود أي أن له بداية فكيف يكون هو الله؟

قال
المحاور الغير مؤمن:
سأوافقك فيما تقول. ولكن إليس هو مولود. اذاً له
بدايه فكيف يكون هو الله وله بداية؟

قلت
بنعمة الرب:
لم تكن ولادته بالجسد هي بدايه حياته فقد كان موجوداً منذ الأزل
كما قال بفمه المبارك ” قبل ان يكون ابراهيم انا كائن ” (يو8: 85) وكما
قال عنه أجور ابن متقيه في سفر الأمثال ” من صعد إلي السموات ونزل؟ من جمع
الريح في حفنتيه؟ من صر المياه في ثوب؟ من ثبت جميع اطراف الأرض؟ ما اسمه وما أسم
ابنه ان عرفت؟ ” (امثال 30: 4) فهو الله إلاّبن، الازلي الابدي الأول والآخر.
البدايه والنهايه.

 

لماذا تعلقون أهمية كبري علي طريقة ميلاد المسيح؟

قال
المحاور الغير مؤمن:
لماذا تعلقون اهميه كبري علي طريقه ميلاد
المسيح؟

قلت
بنعمة الرب:
لأنها حاله فريده الست معي في ذلك؟

قال
المحاور الغير مؤمن:
لا.. أنتم تبالغون ولندرس ما جاء بالقرآن الكريم
عن هذا الميلاد ونناقشه،

جاء
في (سورة مريم 19: 16-32) ” وأذكر فى الكتاب مريم إذ إنتبذت من أهلها مكانا
شرقيا فأتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها من روحنا فتمثل لها بشراًً سويا.. قالت
إنى أعوذ بالرحمان منك إن كنت تقيا!.. قال: إنى رسول ربك لأهب (ليهب) لك غلاما
زكيا.. قالت آنى يكون لى غلام ولم يمسسنى بشر ولم أكُ بغيا!.. قال كذلك!قال ربك هو
على هين! ولنجعله آية للناس ورحمة منا!.. وكان أمرا مقضيا! فحملته. فإنتبذت به
مكانا قصيا.. فاجاءها المخاض إلي جذع نخلة قالت: ليتنى مت قبل هذا وكنت نسيا
منسيا!.. فناداها من تحتها: إلاّ تحزنى قد جعل ربك تحتكٍ سريِا!.. وهزى إليك بجذع
النخلة تساقط عليك رطبا جنيا!.. فكلى وأشربى وقرى عينا فإما ترين من الناس أحدا.. فقولى:
إنى نذرت للرحمان صوما فلن أكلم اليوم إنسيا.. فأتت به قومها تحمله قالوا: يا مريم
لقد جئت شيئا فريا.. يا أخت هارون، ما كان أبوك امرء سوء! وما كان أمك بغيا!.. فأشارت
إليه. قالوا: كيف نكلم من كان فى المهد صبيا؟.. قال: إنى عبد الله آتانى الكتاب
وجعلنى نبيا.. وجعلنى مباركا أينما كنت وأوصانى بالصلاة والزكاة مادمت حيا.. وبرا
بوالدتى ولم يجعلنى جبارا شقيا.. والسلام علىً يوم ولدت ويوم أموت ويوم ابعث حيا “.

و
من (سورة آل عمران 3: 45-48) “أذ قالت الملائكة: يا مريم إن الله يبشرك بكلمة
منه.. أسمه المسيح عيسى بن مريم وجيها فى الدنيا والآخرة ومن المقربين.. ويكلم
الناس فى المهد وكهلا ومن الصالحين.. قالت رب آنًى يكون لى ولد ولم يمسسنى بشر؟
قال: كذلك!..الله يخلق ما يشاء! اذا قضى أمرا فأنما يقول له: كن! فيكون!.. ويعلمه
الكتاب والحكمة والتوراة والإنحيل.. “

 ومن
(سورة الأنبياء 21: 91) ” والتى أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها
وأبنها آية للعالمين “

و
من (سورة التحريم 66: 12) ” ومريم بنت عمران التى أحصنت فرجها فنفخنا فيه
(فيها) من روحنا وصدقت بكلمات (بكلمة) ربها وكتبه (كتابه) وكانت من القانتين”.

 

هل ميلاد المسيح من عذراء يعد معجزة أم عدة معجزات؟

قلت
بنعمة الرب:
تلك هى النصوص القرآنية فى البشرى بعيسى ومولده. فماذا تريد
ان نتناقش فيه؟

قال
المحاور الغير مؤمن:
لماذا تقولون ان الحبل بالمسيح معجزة؟ مع أن
جبريل قام مقام الأب فى مولد المسيح. الم يقل لمريم” لأهب لك “(مريم 19:
19)!!.

قلت
بنعمة الرب:
لقد فاتك قراءة (ليهب لك) والقرائن القريبة والبعيدة:
والملاك نفسه يفسر قوله قال: كذلك! قال ربك هو على هين ولنجعله آية للناس(مريم 19:
20)

فسره
الجلالان: قال:
كذلك اى الامر كذلك من خلق غلام منك من غير أب.

وما
حمل بعض المستشرقين على الشطط هو قول القرآن: فنفخنا فيها من روحنا (الأنبياء21: 91)
فنفخنا فيه من روحنا (التحريم66: 12) كما فسره الجلالان: فنفخ جبريل فى جيب درعها
فأحست بالحمل فى بطنها مصور (مريم 19: 20) والبيضاوى: فحملته بأن نفخ فى درعها
فدخلت النفخة فى جوفها.

وفاتك
ايها الحبيب وفات من يرددون قولك صريح آية (العمران 3: 47): ” قالت رب آنى
يكون لى ولد ولم يمسسنى بشر؟ قال هو كذلك: الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمرا فإنما
يقول له كن فيكون ” والمسيح كون فى مريم بأمر خلاق من دون واسطة على الإطلاق
حتى دون نفخة جبريل فى درع مريم! ويؤيد ذلك قوله فى آية (النساء 4: 170) وكلمته
ألقاها إلي مريم وروح منه.. الله ألقى مباشرة إلي مريم كلمته الذى هو روح منه
تعالى وبدون واسطة.

وآية
النساء: روح منه تجعل الملقى إلي مريم روحا منه تعالى – وهذا يفسر الغموض الذى فى
آيتى الأنبياء والتحريم فنفخنا فيها من روحنا حيث التعبير قد يكون على الفاعل
أوعلى المفعول.. على الفاعل هو جبريل النافخ، وعلى المفعول هو المسيح روح الله
الملقى إلي مريم – وبما أن الملقى إلي مريم هو روح منه تعالى، فيكون قوله: فنفخنا
فيها من روحنا على المفعول: اى نفخ الله روحه اى كلمته فى مريم بدون واسطة جبريل.

وبهذا
تنسجم كل القرائن القرآنية وتتضح عقيدة القرآن فى الحبل المعجز بالمسيح بدون واسطة
مخلوق على الإطلاق: إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن! فيكون – ومعحزة تكوين المسيح
تشبه معجزة تكوين آدم: إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم، خلقه من تراب ثم قال له كن!
فيكون (النساء 4: 17 وآل عمران 3: 59) فى الحالتين تكوين بلا واسطة

قال
الزمخشرى فى تفسير (المؤمنون 23: 51) إن مريم ولدت من غير مسيس وعيسى روح من الله
إلقى إليها.

 

مدة الحمل

قال
المحاور الغير مؤمن:
اختلفت الأراء في مده حمل العذراء بالمسيح إلاّ
يشكك ذلك في الأحداث؟

قلت
بنعمة الرب:
ظاهر القرآن يجعل الحمل والولادة متلاحقين كأنه لا زمن
بينهما: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا، فاجاءها المخاض (مريم 19: 21-22)

قال
المفسرون: والحمل والتصوير والولادة فى ساعة!! الجلالان – وكانت مدة حملها سبعة
أشهر وقيل سنة وقيل ثمانية ولم يعش مولود وضع فى ثمانية أشهر غيره وقيل ساعة
البيضاوى وقال غيرهم ثلاث ساعات. ولا حاجة لهذه التخمينات لأن اسلوب الإيجاز فى
القرآن يختصر القصص، وتذوب فيه الأوقات والمسافات والأصح أن نقول: القرآن لا يذكر
مدة الحمل وبحسب ظاهره مدة الحمل القصيرة تشير إلي معجزة آخرى. واين الشك في هذا
الست تؤمن ان هذا الحوار بالقرآن؟

 

ولادة المسيح هل كانت طبيعية أم معجزة مثل الحمل؟

قال
المحاور الغير مؤمن:
هل ولادة المسيح كانت طبيعية أم معجزة مثل
الحمل؟

قلت
بنعمة الرب:
لماذا تسألني؟ المفروض ان اسألك انا، عموما حسب معلوماتي فأن
المفسرون المسلمون الذين يجعلون مع ابن عباس ترجمان القرآن: الحمل والتصوير
والولادة فى ساعة – يجعلون الولادة معجزة مثل الحمل.

قال
البيضاوى:
كما
حملته نبذته مريم اى بمعجزة وظلت مريم بتولا فى الحمل.

يظن
بعضهم أن الولادة كانت طبيعية لقوله: فجاءها المخاض (مريم19: 22).

يفسره
الجلالان:
بوجع
الولادة ولكن تفسير البيضاوى أصح: المخاض مصدر مخضت المرأة إذا تحرك الولد فى
بطنها للخروج وليس فى أصل اللغة معنى وجع الولادة فى المخاض لكنه العرف والعادة.

ونحن
فى مولد المسيح مع عالم المعجزة: كما حملته نبذته – وتدل القرائن على أن مريم لم
تقاسى وجع الولادة وهى فى حال الولادة: تهز بجذع النخلة (مريم 19: 24) وتأكل وتشرب
وتقر عينا (مريم 19: 25) وللحال أتت به قومها تحمله(مريم 19: 26) وهذه كلها إشارات
لاتدل بأى حال على وجع الولادة.

وفى
الحديث عن عدم صراخ المسيح الوليد عند ولادته: ما من مولود يولد إلاّ والشيطان
يمسه حين يولد فيستهل صارخا من مسه إلاّ مريم وابنها – دليل على أن المسيح فى
مولده لم يقاس مع أمه ألم المخاض ولا وجع الولادة.

 

نطق المسيح منذ مولده

قال
المحاور الغير مؤمن:
حديث القرآن عن كلام المسيح في المهد كلام
مجازي!

قلت
بنعمة الرب:
هذا كلام غير مقبول ويرفضه المسلمون، ففى سورة مريم: قالوا
كيف نكلم من كان فى المهد صبيا؟ قال انى عبد الله آتانى الكتاب وجعلنى نبيا (مريم
19: 28- 29). وفى آل عمران: يكلم الناس فى المهد وكهلا (مريم 19: 46).

فسره
البيضاوى: إنى عبد الله: أنطقه الله به.. وقيل أكمل الله عقله وإستنبأه طفلا (مريم
19: 29) نطق المسيح فى المهد صريح بنص القرآن القاطع كما هى أيضاً صريحة بولادته
نبيا: آتانى الكتاب وجعلنى نبيا ونطقه المعجز معجزة نبؤته، ونبؤته فى المهد يكلم
الناس فى المهد (آل عمران 3: 46) دليل نطقه المعجز.

قال
البيضاوى: يكلمهم حال كونه طفلا، وكهلا كلام الأنبياء من غير تفاوت ونبؤة المسيح
فى المهد مثل نبؤته فى كهولته ورسالته- معجزتان إنفرد بهما على الرسل،

 

المسيح نبى الله يبدأ خدمته فور ولادته (نبي وهو في اللفة)

إذ
نطق المسيح في مهده، فهذه معجزة. أما كلماته التى فاه بها، فقد دلت على شئ آخر..
إن المسيح بدأ خدمته فور ولادته. فلا فاصل زمنى بين بدائته ككائن، وبدائته كنبى.
” فأتت أمه تحمله إلي قومها.. قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا، ياأخت هارون،
ما كان أبوك امرئ سوء، وما كانت أمك بغيا). فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان فى
المهد صبيا. قال إنى عبد الله آتانى الكتاب وجعلنى نبيا.

إن
المسيح لم يضع وقتا من عمره فى غير خدمته، فهو يكلم الناس فى المهد وكهلا، أى من
طفولته حتى كهولته.

إن
موسى بدأ خدمته فى سن الثمانين.

ومحمدا
بدأ خدمته فى سن الأربعين.

أما
السيد المسيح فقد آتاه الله الكتاب كما يقول القرآن وجعله نبيا كما يقول القرآن
أيضاً وهو فى “اللفه” وهذا ما لم يتوفر لغيره لا من قبله ولا من بعده.

فموسى
الشيخ نبى اليهوديه ومحمد الرجل نبى الإسلام أما المسيح فهو الوليد النبى. وهذه
سمة أنفرد بها عن طابور الأنبياء فنطق المسيح المعجزة، يدل على خدمة المسيح
المعجزة. علما بأن القول عن السيد المسيح انه نبي لا يبطل لاهوته، فهو نبي بمعني
يخالف غيره من الأنبياء.

 

مثل عيسى كمثل آدم

قال
المحاور الغير مؤمن:
كان مسيحيو نجران يجعلون من مولد المسيح المعجز
دليلا على الوهيته وبنوته لله – أجابهم القرآن ان مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه
من تراب ثم قال له كن! فيكون (آل عمران 3: 59). المسيح ولد بدون أب وآدم كان بدون
أب ولا أم وكما أن مولد آدم لا يجعله إلها كذلك مولد المسيح لايجعله ابن الله –

قلت
بنعمة الرب:
القرآن لا ينكر فضل المسيح على المرسلين بمولده المعجز الذى
تفرد به على العالمين – إنما ينكر برهنته على إلوهية المسيح.

لذا
نستغرب قول الذين لا يرون للمسيح فضلا على المرسلين أجمعين بمولده المعجز ونستغرب
إستشهادهم بهذه الآية لأن خلق آدم بدون أب ولا أم ليس بمعجزة – لآن المعجزة تكون
خرق العادة.

خلق
آدم بدء لناموس الطبيعة البشرية ولا خرق فيه لهذا الناموس بينما مولد المسيح من أم
بلا أب هو خرق للعادة وهو المعجزة عينها، وبما أن الله خص المسيح بمعجزة مولده من
دون المرسلين أجمعين فقد فضله فيها عليهم أجمعين. لا ينكر القرآن ذلك، بل يستنكر
البرهنة به على بنوته وعلى إلوهيته.

ان
هذا التفسير الذي تدعيه انما هو مردود حيث أن القرآن لم يقل عن آدم إنه كلمة الله
أو كلمة من الله كما قال عن السيد المسيح. أما المعنى الصحيح لوجه الشبه بين آدم
والسيد المسيح، كما يراه المفسرون، هو أن ظهور كلمة الله إلى العالم كان متعلقاً
بإرادة الله كخلق آدم، حيث أنه كما أحب الله وأراد فخلق آدم من تراب بلا آب ولا
أم، شاءت محبته أن يكون كلمته الأزلى إلهاً متجسداً اسمه المسيح عيسى بن مريم دون
أن يكون له أب بشرى.. لأنه لو كان السيد المسيح قد سمى كلمة الله لأنه خلق بقوة
كلمته لما كان هناك فرق بينه وبين مخلوقات الله، ويلزم أن نطلق لفظ كلمة الله على
كل المخلوقات لأنها خلقت
جميعاً بقوة كلمته وليس
فى ذلك من الصواب شئ.

وختم
القرآن قصص مولد المسيح المعجز بإستجماع المعجزات التى تمت فيه:

تمثل
جبريل رئيس الملائكة لمريم بشرا سويا وكلمها شفاها وعيانا (مريم 19: 16). بشرها
بغلام زكى اى طاهر من الذنوب (البيضاوى) منذ الحبل به (مريم 19: 18).

الحمل
بالمسيح يتم بمعجزة إلهية دون واسطة مخلوق

مدة
الحمل بالمسيح معجزة ذلك بإجماع المفسرين المسلمين

كيفية
المولد أيضاً: كما حملته نبذته (البيضاوى)

فناداها
من تحتها إلاّ تحزنى (مريم 19: 13) – من المنادى؟ جبريل كان يقبل الولد (البيضاوى)
فالمسيح وحده فى العالمين.. قام جبريل مقام القابلة فى مولده أو كان المولد الوحيد
الذى حضره جبريل.

 

معجزة النخلة

وهزى
اليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا (مريم 19: 25)

روى
أنها كانت نخلة يابسة لا رأس لها ولا ثمر وكان الوقت شتاء فهزتها فجعل الله تعالى
لها رأسا وخوصا ورطبا (البيضاوى).

 

معجزة النهر السرى

قد
جعل ربك تحتك سريا

قال
الجلالان:
ناداها
جبريل وكان أسفل منها: إلاّ تحزنى قد جعل ربك تحتك سريا أى نهر ماء كان قد إنقطع

وقال
الزمخشرى: لم تقع التسلية بهما من حيث أنهما طعام وشراب بل من حيث أنهما معجزتان
تريان الناس أنهما من أهل العصمة.

نطق
المسيح منذ مولده، ولم يحدث ذلك لأحد من العالمين.

نبؤة
المسيح منذ مولده (مريم 19: 30 وآل عمران 3: 46) المسيح وحده ولد نبيا.

هذه
النبؤة تقتضى كمال العقل فى المهد: أكمل الله عقله واستنبأه طفلا البيضاوى.

ينال
كمال الوحى والتنزيل منذ مولده: ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنحيل آل (عمران
3: 48) يكلم الناس فى المهد وكهلا على حد سواء.

 

معجزة التكليف بالفروض الدينية وهو طفل

وأوصانى
بالصلاة والزكاة ما دمت حيا (مريم 19: 30)

يقولها
المسيح فى مهده.

معجزة القداسة والعصمة منذ مولده

وجعلنى
مباركا أينما كنت (مريم 19: 30)

فهو
وحده المبارك فى الزمان والمكان.

معجزة نبؤته بموته وبعثه حين ولده

والسلام
على يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا (مريم 19: 32).

هل
جرى شئ من ذلك لأحد من العالمين وأكابر المرسلين مثل إبراهيم وموسى و..؟ حقا لقد
تفرد المسيح فى مولده ومعجزات مولده على العالمين وعلى المرسلين أجمعين – والمسيح
آية الله الكبرى فى مولده.

 

هناك فرق

قال
المحاور الغير مؤمن:
لا داعي للمبالغه فما قيل عن المسيح ” سلام
علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم ابعث حيا ” قيل أيضاً عن سيدنا يحي عليه السلام
(يوحنا المعمدان) فهل معني هذا ان سيدنا يحي يصبح هو أيضاً الها.

قلت
بنعمة الرب:
لا داعي للمغالطه.. فالكلمات التي قيلت عن يحيى بن زكريا تختلف
فى معناها عن تلك التي قالها السيد المسيح عن نفسه. (وسلام عليه، وسلام على).. (يوم
ولد، يوم ولدت).. (يوم يبعث حيا، يوم أبعث حيا) فمن يملك أن ينطق بهذا إن لم يكن
هو السلام والسلام أحد اسماء الله الحسنى. ويذكر القرآن عن محمد (أن الله وملائكته
يصلون على النبى يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) (الأحزاب 33: 56)
وهنا نرى أن القرآن يفرض على جميع المسلمين فى كل العصور أن يصلوا عليه ويسلموا
تسليما.

أما
السيد المسيح فيشهد حسب القرآن: السلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا).
فإبن مريم هو رئيس السلام الذى عاش من بداية حياته إلي نهايتها فى سلام مع الله
وفى رضاه.

وقد
تمت ودلاته من مريم العذراء حسب إرادة الله وقدرته بدون خطية. فعم السلام لأجل
تجسد كلمة الله حتى انفتحت السماوات وأنشدت الملائكة مرنمة: “المجد لله فى
الأعالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة ” (لوقا2: 41).

و
أيضاً قيل عن يوحنا المعمدان (يحيى بن زكريا): ” وبرا بوالديه ” أما
السيد المسيح فقال ” وبرا بوالدتى” (سوره مريم) ذلك لأن يحيى كان له
والدان، والد ووالدة. أما المسيح فلم يكن له والد، ولم يكن له أكثر من والدة، فهى
والدة بلا والد وهو مولود بوالدة من غير أن يلده والد أو أب.. عاش السيد المسيح
برا بوالدته منذ طفولته حتى صلبه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار