المسيحية

من هو رب الشريعة وواضعها الله ام المسيح؟



من هو رب الشريعة وواضعها الله ام المسيح؟

من
هو رب الشريعة وواضعها الله ام المسيح؟

قال
المحاور الغير مؤمن:
اذا كان السيد المسيح هو مصدر الوحي فهل تقصد
بذلك انه رب الشريعة وواضعها؟!

قلت
بنعمة الرب:
أننا نعلم أن الله هو رب الشريعة) شريعة رب الجنود (أش 5: 42)
وحقاً إن الشريعة الإلهية سُميت أحياناً (شريعة موسي) (1 ملوك 2: 3)0لكن الشريعة
في حقيقتها هي شريعة الله تعالي، وما نُسبت أحياناً إلي موسي النبي إلاّ من قبيل
أن موسي هو الذي تلقاها من الله ثم أبلغها إلي شعب بني اسرائيل، فموسي النبي ليس
هو صاحب الشريعة، لكنه النبي الوسيط الذي أوحي الله إليه بالشريعة وأمره بأن
يحملها من قبله إلي الناس، وما علي الرسول إلاّ البلاغ،

قال
المحاور الغير مؤمن:
فهل ستحاول أن تنسب الشريعة إلي السيد المسيح؟
من هو رب الشريعة؟ هل هو الله؟! أم هو السيد المسيح؟

قلت
بنعمة الرب:
أن السيد المسيح بأعتباره الله الظاهر في الجسد فقد نسب إلي
ذاته مالم ينسب في الكتاب المقدس لغير الله، فقال: (أن ابن الإنسان هو رب السبت)
(متي 12: 8، مر 2: 28، لو 6: 5)0والمعني من أن السيد المسيح (رب السبت)، أنه واضع
شريعة السبت، وإذن فيسوع المسيح كان بوجوده الأزلي سابقاً علي زمن ميلاده من مريم
العذراء واتخاذه منها جسداً، فإنه من المعروف والمقرر قديماً أن الله هو الذي أمر
بحفظ السبت، اليوم الذي استراح فيه من عمل الخليقة الأولي، جاء في سفر التكوين: (فأكملت
السماوات والأرض وكل جندها، وفرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل، فاستراح
في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل، وبارك الله اليوم السابع وقدسه لأنه فيه
استراح من جميع عمله الذي عمل الله خالقاً) (التكوين 2) وجاء في سفر الخروج منطوق
الوصية الرابعة من الوصايا العشر (أذكر يوم السبت لتقدسه، ستة أيام تعمل وتصنع
جميع اعمالك، وأما اليوم السابع ففيه سبت للرب إلهك، لاتصنع فيه عملاً ماأنت وأبنك
وأبنتك وعبدك وأمتك وبهيمتك ونزيلك الذي في داخل أبوابك، لأن الرب في ستة أيام خلق
السماوات والأرض والبحر وكل ما فيها، وفي اليوم السابع استراح ولذلك بارك الرب يوم
السبت وقدسه) (خر 20)0(تث 5) (عب 4)0

 

يسوع المسيح هو رب السبت

قلنا
معني ان يكون يسوع المسيح (رب السبت) أنه (واضع شريعة السبت)، ثم أنه رب السبت
بمعني أنه (سيد السبت) (وإله السبت) والمهيمن علي السبت، ومن ثم فهو المالك أن
يصنع بالسبت مايشاء، وهو وحده الذي يستطيع أن يُفسر شريعة السبت، والذي يملك أن
يوضح حكمته في تشريع يوم السبت والكيفية التي يحفظ بها السبت، وماهو نطاق المفهوم
الأصيل والأساسي للسبت0فقد علم كهنة اليهود ورؤساؤهم بأن يحفظ الإنسان السبت حفظاً
يقتضيه أن يتوقف فيه عن كل أنواع العمل بما فيها عمل الخير، بل وحتي الأعمال التي
تتطلبها ضرورات الحياة، فحرموا علي الأعمي أن يحمل عُكازه ليتوكأ عليه في الطريق
وقد ورد في الإنحيل ان اليهود اعترضوا علي مفلوج بركة بيت حسدا لأنه حمل فراشه بعد
أن شفاه الرب يسوع وقال له (قم أحمل فراشك وأمشي)، فقال اليهود للذي بريء إن اليوم
سبت فلا يحل لك أن تحمل فراشك) (يو 5: 10)، قارن (نحميا 13: 15، 17، 19)، (أرميا
17: 21) وأكثر من هذا أنهم اعترضوا علي المولود اعمي لأنه بعد ان وضع السيد المسيح
له المجد طيناً علي عينيه، ذهب وغسل وجه في بركة سلوام كقول السيد المسيح له في
يوم السبت وأعترضوا علي تلاميذ السيد المسيح عندما جاءوا وكانوا يسيرون في يوم
السبت بين الحقول (فراحوا يقطفون سنابل القمح ويفركونها في أيديهم ويأكلون وهم
سائرون، فلما رأي الفريسيون ذلك قالوا له (هاهم تلاميذك يفعلون ما لا يحل فعله في
السبت) (مت 12: 1،2).

 

السيد المسيح ينسب إلي ذاته أنه هو رب الشريعة

أنتهز
الرب يسوع الفرصة، باعتباره رب الشريعة وواضعها، والعالم بحكمتها، فجعل يشرح
للكتبة والفريسيين وعلماء الشريعة من اليهود أن الأعمال الضرورية لحياة الإنسان
جائزة في يوم السبت، ولا يعتبر القيام بها نقضاً للسبت أو مخالفة للشريعة، قال
الإنحيل المقدس: (فقال لهم: أما قرأتم قط مافعل داود حين احتاج وجاع هو والذين
كانوا معه، كيف دخل بيت الله في عهد أبياثار رئيس الكهنة، وأكل خبز التقدمة الذي
لا يحل له أكله ولا للذين معه، وإنما للكهنة وحدهم وأعطي كذلك للذين كانوا معه؟ أو
ما قرأتم في الشريعة ان الكهنة في السبوت كانوا لايحفظون السبت في الهيكل ولا لوم
عليهم، وأنا أقول لكم أن هنا من هو أعظم من الهيكل، فلو كنتم تعلمون مامعني إني
أريد رحمة لاذبيحة، لما أدنتم الأبرياء، ثم قال لهم إنما جعل السبت لاجل الإنسان،
لا الإنسان لاجل السبت، فإبن الإنسان إذن هو رب السبت) (مر 2: 25 28) (متي 12: 3
8)، (لو 6: 3 5)0

وفي
هذا الحوار كشف الرب يسوع، رب الشريعة وصاحبها، أن زعماء اليهود قد هجروا الشريعة،
وأتلفوا حكمتها، وحولوها إلي قيد يعوق حركة الإنسان، وكاتماً لأنفاس الحياة، بينما
أن الشريعة لم توضع أساساً إلاّ لخير الإنسان، ولتكون عوناً له علي أن يحيا بها
أفضل مما يكون من دونها، كما شرح لهم أنهم في هذا الفهم السقيم للشريعة قد تجاوزا
كثيراً المفهوم المسجل عندهم في الكتاب المقدس0

علي
أنه، بالاضافة إلي كل ذلك، كشف السيد المسيح بكل جلاء أنه واضع الشريعة وصاحبها،
وهو خير من يفسرها ويشرحها، وتفسيره للشريعة هو بيان لحكمتها وإظهار لجوهرها، وبه
ينحل التعارض والتناقض بين المنطوق اللفظي للشريعة والمفهوم الواضح في تصرفات
العظماء من الأنبياء والكهنة المشهود بتقواهم وأمانتهم وسلامة تعليمهم وقداسة
حياتهم، وفيما يقول السيد المسيح هذا صرح لهم قائلاً (وأنا أقول لكم إنما جعل
السبت لأجل الإنسان لا الإنسان لأجل السبت) هو أعظم من الهيكل، وليس أعظم من
الهيكل إلاّ رب الهيكل، وفي هذا بيان لحقيقته الإلهية المستورة في إنسانتيه
الظاهرة لعيونهم، ويبان بالتالي لسلطانه المطلق في وضع الشريعة وفي تفسيرها وفي
وضع الحدود بين الحلال والحرام، (فإن هذا (يسوع المسيح) قد حُسب أهلاً لمجدٍ أكثر
من موسي بمقدار مالباني البيت من كرامة أكثر من البيت) (عب 3: 3) (2 أي 6: 18)،
(ملا 3: 1)0

يتضح
إنن من هذا الحوار بين السيد المسيح له المجد وبين زعماء اليهود من الكهنة
والفريسيين وعلماء الشريعة، أن السيد المسيح ينسب إلي ذاته أنه هو رب الشريعة ومن
ثم فهو واضعها وهو خير من يُفسرها ويشرحها، وهو المهمين عليها، وواضع حدودها، وهو
الذي يحكمها ويحكم علي من يخالفها طبقاً لمفهومها الأصيل كما شرعه هو بحكمته له
المجد0

 

السيد المسيح واضع شريعة العهد الجديد أيضاً

وقد
وضع السيد المسيح شريعة العهد الجديد حيث قال في العظة علي الجبل (وصية جديدة أنا
أعطيكم..) (يو 13: 34) وفي كل التعاليم الروحية التي تركها قيل انه (كان يعلمهم
كمن له سلطان وليس كالكتبة) (مت 7: 28)0

هذا
ومنطق السيد المسيح له المجد في الموعظة علي الجبل يكشف كذلك عن حقيقته باعتباره
رب الشريعة فهو يقول: (قد سمعتم أنه قيل للقدماء لا تقتل، ومن قتل يستوجب الحكم،
أما أنا فأقول لكم إن كل من يغضب علي أخيه باطلاً يكون مستوجب الحكم، ومن قال
لأخيه رقاً، يكون مستوجب المجمع، أمن من قال لأخيه يا أحمق يكون مستوجب نار جهنم..
سمعتم انه قيل للقدماء لا تزن، أما أنا فأقول لكم إن كل من نظر إلي امرأة ليشتهيها
فقد زني بها في قلبه.. قيل من طلق امرأته فليعطها كتاب طلاق أما أنا فأقول لكم إن
من طلق امرأته إلاّ لعلة الزني يجعلها تزني ومن تزوج بمطلقة فأنه يزني0

(سمعتم
كذلك أنه قيل للقدماء لا تحنث بل أوف للرب أقسامك، أما أنا فأقول لكم لاتحلفوا
البته، لا بالسماء فإنها عرش الله، ولا بالارض فإنها مؤطيء قدميه، ولا بأورشليم
فإنها مدينة الملك العظيم، ولا تحلف برأسك لأنك لاتقدر ان تجعل شعرة واحدة فيه
بيضاء أو سوداء، ولكن ليكن كلامكم نعم نعم لا لا، أما مازاد علي ذلك فهو من
الشرير)0

(سمعتم
أنه قيل عين بعين والسن بالسن، أما أنا فأقول لكم لا تقاوموا الشر، بل من لطمك علي
خدك الأيمن فحول له الآخر، ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء آيضاً..
(سمعتم انه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك، أما أنا فأقول لكم (أحبوا أعداءكم، باركوا
لأعنيكم، أحسنوا إلي مبغضيكم، وصلوا لأجل الذين يُسيئون اليكم ويطردونكم) (مت 5:
21 – 48) (لو 6: 2 – 49)0

في
الموعظة علي الجبل كما يتضح من النصوص الورادة في الإنحيل يبدو واضحاً سلطان السيد
المسيح له المجد في التشريع (سمعتم انه قيل للقدماء أما أنا فأقول لكم) وهو يعقد
مقارنة بين المفهومات اليهودية القديمة للوصايا العشر، وبين المفهوم العميق
والتخريج الجديد الذي يعلم به السيد المسيح في العهد الجديد، بصورة لا يجرؤ علي
التصريح بها نبي أو بشر ما، وإلا كان مجدفاً، ومتمرداً علي الشريعة القديمة (أما
أنا فأقول لكم)0

وعن
سلطان السيد المسيح في التعليم والتشريع قال الإنحيل في نهاية الموعظة علي الجبل
(فلما أتم يسوع هذه الاقوال بُهتت الجموع من تعليمه لأنه كان يُعلمهم كمن له سلطان
وليس كالكتبة) (مت 7: 28،29)، (مر 1: 22)، (لو 4: 32)، أنظر أيضاً (مت 13: 54)،
(مر 6: 2)0

ويذكر
الإنحيل في موضع آخر أن الفريسيين ورؤساء الكهنة أرسلوا خدماً ليقبضوا عليه.. وبعد
ان أصغي الخدام المرسلون من قبل الفريسيين ورؤساء الكهنة إلي تعليمه بُهتوا وبهروا
بسلطان تعليمه ثم رجعوا إلي من أرسلوهم بانطباع عظيم، يقول الإنحيل (ثم جاء الجند
إلي رؤساء الكهنة والفريسيين فقال هؤلاء لهم: (لماذا لم تأتوا به)؟ فأجاب الجٌند
(ماتكلم إنسان قط بمثل مايتكلم به هذا الإنسان) فقال الفريسيون لهم (إلعلكم أنتم
أيضاً قد ضللتُم) (يو 7: 32، 45 47)0

وبخصوص
العشور كان للسيد المسيح سلطان في التشريع حيث اعلن انها اقل الاشياء قائلاً: (كل
من سألك فأعطه) 0مت 5: 42) وكان له سلطان في التشريع بخصوص الزوجة الواحدة والطلاق
(مت 5: 32)0

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار