المسيحية

لاهوت السيد المسيح



لاهوت السيد المسيح

لاهوت
السيد المسيح

ذكرت
كلمة اللاهوت فى المعجم الوجيز على أنها (مقصود بها الخالق أما عبارة علم اللاهوت
فهى تعنى العلم الذى يبحث فى الخالق وصفاته وعلاقاته بمخلوقاته) ويلاحظ فى كلمة
لاهوت أنها تستمد حروفها من كلمة الله وكما أن كلمة ناسوت مأخوذه من كلمة إنسان
وملكوت من كلمة ملك كذلك لاهوت فمن الله وهى تعبر عن طبيعة الله وقد ذكرت كلمة
اللاهوت بالكتاب المقدس:

 ”
إننا به نحيا ونتحرك ونوجد كما قال بعض شعرائكم أيضاً لأننا أيضاً ذريتن فإذ نحن
ذرية الله لا ينبغى أن نظن أن اللاهوت شبيه بذهب أو فضة أو حجر نقش صناعة إختراع
إنسان “. (أع 17: 28، 29)

 “لأن
أموره غير المنظورة ترى منذ خلق العالم مدركه بالمصنوعات قدرته السرمدية ولاهوته
حتى أنهم بلا عذر”. (رؤ1: 20)

 “لأن
فيه يحل كل ملء اللاهوت جسديا “. (كو2: 9)

وكلمة
اللاهوت تحمل فى معناها طبيعة الله التى لم يراها أحد ولا يستطيع أحد النظر إليه
أو التفكر فيه. وعندما نقول لاهوت السيد المسيح إنما نتحدث عن طبيعة السيد المسيح
الإلهية التى اتحدت بالطبيعة الإنسانية بغير أختلاط ولا أمتزاج ولا تغيير ولم
ينفصل قط لاهوته عن ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين.

لاهوت المسيح فى الإسلام

قال
المحاور الغير مؤمن:
لعل الخلاف الأكبر فى الحوار بين المسيحية
والإسلام هو القائم على اعتقاد المسيحيين بألوهية المسيح، الأمر الذى يحسبه القرآن
كفراً. وقد اعترض عليه بعدة آيات أبرزها ما جاء فى سورة المائدة، وآية فى سورة
النساء.

قلت
بنعمة الرب:
هات ما عندك.

 كفر الذين قالوا أن الله هو المسيح ابن مريم

قال
المحاور الغير مؤمن:
” لقد كفر الذين قالوا أن الله هو المسيح
ابن مريم قل فمن يملك من الله شيئا إن اراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن فى
الأرض جميعاً. “(المائدة 5: 17). والأية الثانية تقول ” لقد كفر الذين
قالوا أن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يا بنى إسرائيل أعبدوا الله ربى
وربكم أنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من
أنصار ” (المائدة 5: 72).

قلت
بنعمة الرب:
عندما جاء محمدا وعمل علي تعليم القرآن، كان القوم بدائيين فأراد
ان يعلمهم عن توحيد الله، وكان من الصعب ان يطلب منه أبحاثاً أو حقائق عن ذات الله
قبل أن يعرف الناس ما هو الله في ذاته، فكان يجب عليهم أن يوحدوه، وهذا ما كان يسعى
إليه القرآن. فنقلوا حديثاً شريفاً” البحث عن ذات الله كفر ”

 

ألوهية
المسيح التي ينكرها في القرآن

ينكر
القرآن بشده تعدد الآلهة بناء على شهادة الأنبياء المتعاقبين: ” وسئل من
أرسلنا من قبلك من رسلنا، اجعلنا من دون الرحمن آلهة يُعبدون” (الزخرف43:
45)، ومنطق العقل البديهي: ” لو كان فيهما إلهه الا الله لفسدتا”
(الأنبياء 21: 22). ويشهد للتوحيد الخالص في كل صفحاته: ” شهد الله أنه لا
إله إلا هو، والملائكة وأولو العلم – قائماً بالقسط – لا إله إلا هو العزيز الحكيم
” (آل عمران 3: 6).

 

ينفي
القرآن الولادة في الله، ولا يقدر أن يتحمل تأليه أحد مع الله، بولادة أو بسواها
” قل هو الله أحد، الله الصمد! لم يلد ولم يولد! ولم يكن له كفؤاً أحد ”
(سورة الاخلاص).

 

وينكر
أشد الإنكار بنوة أي مخلوق من الله: ” وقالوا اتخذ الله ولداً! سبحانه بل له
ما في السموات والأرض، كل له قانتون. بديع السموات والأرض، وإذا قضى أمراً فإنما
يقول له: كن فيكون” (البقرة 2: 117).

 

ينكر
حتى البنوة المعنوية التي يعلنها اليهود والنصارى لأنفسهم من الله: ” وقالت
لليهود والنصاري نحن أبناء الله وأحباؤه! – قل فلم يعذبكم بذنوبكم؟ بل أنتم بشر
ممن خلق” (المائدة 5: 18).

ينكرالبنوة
المعنوية حتي في الأنبياء والملائكة

وينكر
هذه البنوة المعنوية حتي في الأنبياء والملائكة: “ولا يأمركم أن تتخذوا
الملائكة والنبيين أرباباً! أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون؟” (آل عمران
3: 80)

لأنها
تقود إلي الشرك: “وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً!.. وجعلوا له
من عباده جزءاً: إن الإنسان لكفور مبين” (الزخرف 43: 15 و19).

 

الأسباب التي
دعت إلي هذا التكفير والنكران

وأما
الأسباب التي دعت إلي هذا التكفير والنكران فتنحصر في نظريتين:

 

النظرية
الأولي:
أن
كل نبوة أو ولادة تنسب إلي الله لا يمكن أن تكون إلا جسدية تناسلية” بديع
السماوات والأرض أني يكون له ولد ولم تكن له صاحبة” (انعام 101)

لا
يعرف القرآن البنوة والولادة، أياً كانت إلا بزوجة وزواج. فكل بنوة عنده هي مخلوقة
بشرية جسدية تناسلية. فهو لا يعرف البنوة المعنوية أو ما يسمي التبني الإلهي. وهو لا
يعرف أيضاً الولادة المجردة، لأن الولادة بحد ذاتها هي انحدار حي من حي انحداراً
ينتج عنه، بفعله الذاتي، مشابهة تامة في الطبيعة. وهذا الانحدار هو انحدار جسدياً
كما في الإنسان، ولكنه لا يعرف الأنحدار العقلي كالذي يسنده الإنجيل إلي السيدالمسيح.

 

النظرية
الثانية:
منبثقة
عن النظريه الأولي، وهي امتناع الصاحبة والولد عند الله لأنه “اتخاذ” لا
تناسب فيه ولا تكافؤ في طبيعة الآخذ والمأخوذ: “وأنه تعالي جد ربنا: ما اتخذ
صاحبة ولا ولداً” (الجن 3).

تنزه
جلاله وعظمته عما نسب إليه من الزوجة والولد (الجلالان).

لذلك
ينتفي تأليه المسيح أو غيره لأنه ” اتخاذ “: ” ولا يأمركم أن
تتخذوا الملائكة والنبيين أرباباً (آل عمران 3: 80)،

اتخذوا
أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله، والمسيح ابن مريم (توبة 9: 31) ذلك عيسي
ابن مريم، قول الحق، الذي فيه يمتزون: ما كان لله أن يتخذ من ولد، سبحانه”
(مريم19: 35).

 

القرآن
يساوي بين تأليه المسيح وتأليه آلهة العرب

يساوي
القرآن بين تأليه المسيح وتأليه آلهة العرب: كلاهما اتخاذ وضم “جزء”
خارج عن الله إليه تعالي!


وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم! وحرقوا له بنين وبنات بغير علم، سبحانه وتعالي عما
يصفون! بديع السموات والأرض أني يكون له ولد ولم تكن له صاحبة” (انعام 6: 100
– 101).


وقالوا اتخذ الله ولداً! سبحانه، بل له ما في السموات والأرض، كل له قانتون، بديع
السماوات والأرض، وإذا قضي أمراً فإنما يقول له كن فيكون” (البقرة 2: 116 و117)؟

 نزلت
لما قال اليهود “عزير ابن الله” والنصاري “المسيح ابن الله”
ومشركو العرب “الملائكة بنات الله” (البيضاوي).

وهكذا
تفهم حملة القرآن العنيفة الصاخبة علي فكرة البنوة والولادة منسوبة إلي الله.

ولكن
ليس هناك مجالا للمقارنه بين بنوة عيسي من الله، وبنوة عزير عند اليهود، وبنوة
آلهة العرب المشركين

 

بنوة
آلهة العرب تناسلية

وقد
فهم القرآن ” قومه ” علي حقيقتهم. فلا بدع أن ينتفض القرآن لهذه الفكرة
السمجة تنسب إلي الله: فما اتخذ صاحبة ولا ولداً (الجن 3) وقالوا اتخذ الرحمن
ولداً! لقد جئتم شيئاً إداً، تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال
هداً: أن دعوا للرحمن ولداً” (مريم 88).

 

بنوة
عزير عند اليهود معنوية

بنوة
عزير عند اليهود معنوية قد تجرهم إلي مشاكلة المشركين ” فيضاهوون قول الذين
كفروا من قبلهم (توبة9: 30).

 

بنوة
عيسي في الإنجيل ليست تناسلية، وليست معنوية

بل
هي بنوة روحية محضة من ولادة عقلية محضة

السيد
المسيح هو كلمة الله: ” في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله، وكان
الكلمة الله: به كون كل شئ وفيه كانت الحياة” (1: 1 – 4). وهذا الاسم يشرح معني
بنوة المسيح من الله وفي الله.

 

 بما
أنه كلمة الله فبنوته فكرية عقلية، لا علاقة لأي جسد فيها، بل هي قبل كل جسد, وبما
أن الله روح محض، وعقله روح محض، وفكره وكلمته روح محض، فالولادة روحية من جوهر
الله وفيه، لا يشاركه فيها أحد.

وهكذا
يسمي الإنجيل التفاعل الجوهري الإلهي ” ولادة ” والتفاعل العقلي الإلهي
” بنوة ” بلغة بشرية يفهمها جميع الناس: فكلمة الله هو ابن الله، وابن
الله هو كلمة الله. ولا علاقة لمريم أو لمخلوق بهذا التفاعل والتسلسل الإلهيين.

 

ليس
في هذا ضم جزء من خارج الله أو تناسل او تأليه مخلوق

وليس
في هذا “اتخاذ” بضم جزء من خارج الله إلي الله، أو تأليه برفع مخلوق إلي
منزلة الخالق وطبيعته، أو تناسل جسدي باستيلاد الله عيسي من مريم، فالله لا جسد
له! بل جل ما في ذات الله من سر الحياة السرمدية والوجود الفياض، أنه في الجوهر
الإلهي الفرد تفاعل روحي وتسلسل عقلي في الله، ومنه، ومعه: فكلمة الله هو فكر الله
الناتج عن عقل الله في جوهره الروحي نتوج الابن عن أبيه، ولذلك يجوز بكل حق أن
نسمي الله “أباً” وفكره الجوهري “ابناً”.

 

الألوهية
في القرآن ليست هي الألوهية التي في الإنجيل

وإذن
فالألوهية التي ينفيها القرآن عن المسيح ليست بالألوهية التي يثبتها الإنجيل له.
والبنوة التي يسندها الإنجيل إلي المسيح ليست كالتي ينفيها القرآن عنه.

إن
بنوة عيسي في القرآن تناسلية جسدية، كأن الله اتخذ مريم صاحبة واستولدها عيسي:
” ذلك عيسي ابن مريم قول الحق الذي فيه يمتزون: ما كان لله أن يتخذ من
ولد!” (مريم 59).

 

القرآن
علي حق حين يسمي الولادة التناسليه السمجة والمنسوبة إلي الله افكاً

والقرآن
علي حق حين يسمي مثل هذه الولادة السمجة، منسوبة إلي الله، افكاً: ” ما
المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، وأمه صديقة، كانا يأكلان الطعام!
أنظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أني يؤفكون” (مائدة 78). والقرآن علي حق
حين يسمي بنوة كهذه كفراً: “لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم:
قل فمن يملك من الله شيئاً إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض
جميعاً” (مائدة 19).

 

إن
ألوهية عيسي التي ينكرها القرآن تستند إلي هذه البنوة الجسدية والولادة التناسلية،
ومن ثم فلا بدع أن يثور ويصيح: ” لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن
مريم!” (مائدة 19 و75)

كأن
الإنسان ابن مريم صار الله!! أو كأن الله استحال عيسي ابن مريم!! لذلك ينزه القرآن
المسيح عن ادعاء تأليه كهذا: “ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم
والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الله” (آل عمران 79)، فحسب
المسيح فخراً أن يكون عبداً لله: “لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله – ولا
الملائكة المقربون”! (نساء 172).

خلاصه
القول

وقصاري
القول ليست لاهوتية المسيح كتأليه المشركين لآلهتهم. وليست بنوة المسيح العقلية
الروحية في الله كبنوة وولادة الآلهة المتألهين من الله. هذه غارقة في اللحم
والدم، والجسد والصاحبة، في دنيا المحسوسات، وتلك ضمن الجوهر الإلهي الفرد، الروح
المحض، والعقل المحض، في عالم الأزل قبل الزمان والمكان، وقبل المحسوسات
والمعقولات والأجساد والأرواح: “في البدء كان الكلمة! والكلمة كان لدي الله!
وكان الكلمة الله” (يو 1: 1).

 وهكذا
فليست البنوة الروحية التي ينسبها الإنجيل إلي المسيح مثل البنوة الجسدية التي
ينفيها القرآن عنه. وليست الآلوهية التي يثبتها الإنجيل للمسيح، روح الله وكلمة
الله، مثل التأليه الذي يستنكره القرآن فيه، ولا هي “الاتخاذ” الذي يضم
إلي الله “جزءاً” ليس منه.. وليست بنوته العقلية والروحية في جوهر الله
الفرد بنوة مخلوقة بشرية جنسية تناسلية. كل بنوة من هذا النوع منسوبة إلى الله افك
وشرك وكفر! (التوبة: 31 – 33). كأن الله اتخذ مريم إلاهه صاحبة واستولدها عيسى
إلهاً من دون الله! إن مجرد فكر كهذا لكفر محض، كفر لا يقول به إلا من أوغل في
الهمجية، وما قدر الله حق قدره! يُنزل الخالق منزلة المخلوق! وينسب اللاهوت لغير
الله!

يا
قوم ألا رحمة بعقولكم وعقولنا!

يا
قوم ألا رحمة بعقولكم وعقولنا! نحن أعقل من هذا! وأنتم يجب أن تكونوا أعدل من هذا!

أجل
لقد كفر الذين جعلوا الملائكة والنبيين أرباباً من دون الله! (آل عمران: 80)

أجل
لقد كفر الذين اتخذوا الأحبار والرهبان أرباباً من دون الله! (التوبة: 32).

أجل
لقد كفر الذين قالوا: عزير ابن الله! ” (التوبة: 31).

أجل
“لقد كفر الذين قالوا: أم المسيح إلاهه من دون الله أو مع الله!”
(المائدة: 120).

أجل
” لقد كفر الذين قالوا: أن الله هو المسيح عيسى ابن مريم ” (المائدة: 19
و75) إذ جعلوا المسيح إلهاً آخر دون الله!

أجل
” لقد كفر الذين قالوا: أن الله ثالث ثلاثة ” (المائدة: 76) أي الالهة
ثلاثة! أو الذات الإلهية ثلاث!

أجل
لقد كفروا: فالذات الإلهية واحدة، والجوهر الإلهي فرد أحد! وليست بنوة ” كلمة
الله ” منه تعالى جسدية، ولا معنوية، ولا اتخاذاً، ولا تبنياً، ولا تأليهاً،
حتى ولا إلهية بمعنى غريبة عن جوهر الله الفرد، ومن خارج الذات الإلهية الواحدة.
فالمسيح ” روح الله ” وبنوته روحية في الله ذاته. والمسيح ” كلمة
الله ” وبنوته عقلية.

وهكذا
فالخلاف على ألوهية المسيح بين الإنجيل والقرآن خلاف ظاهري ؛ وليس بينهما خلاف
جوهري لاختلاف وجهات النظر. ليست ألوهية عيسى ابن مريم تلك الألوهية الكاذبة التي
حاربها القرآن عند نصارى العرب الأميين الجاهلين بألوهية المسيح الحقة التي يعلمها
الإنجيل. واعتقد أنه وصل تعليم الإنجيل إلى محمد سالماً لاعتنقه ودان به: ”
قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين ” (الزخرف: 81).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار