المسيحية

كيف تقولون لاهوته لم يفارق ناسوته وتقولون أنه صلب ومات؟



كيف تقولون لاهوته لم يفارق ناسوته وتقولون أنه صلب ومات؟

كيف
تقولون لاهوته لم يفارق ناسوته
وتقولون
أنه صلب ومات؟

قال
المحاور غير المؤمن:
كيف تقولون ان لاهوته لم يفارق ناسوته وتقولون ايضاان
المسيح صلب وقبر وقام من الأموات؟ كيف توفقون بين هذا وذاك؟

قلت
بنعمة الرب: قال الحكيم: “
ليس لإنسان سلطان علي الروح ليمسك الروح
ولاسلطان علي يوم الموت” (جا8: 8) وهذا حق نافذ علي كل إنسان- آدم وجميع
ذريته إلاّ واحد فقط (يو8: 04،1تي2: 5) هو الفرد العلم ” الإنسان يسوع المسيح”
الإله المتأنس، اللَّه الظاهر في الجسد (1تي2: 5،3: 16) الذي له وحده السلطان علي
الروح ليمسك الروح وله سلطان علي يوم الموت، أليس هو له المجد القائل عن روحه “..لي
سلطان أن أضعها ولي سلطان أن آخذها أيضاً..” ولهذا يمتاز موته الكفاري علي
الصليب عن موت جميع البشر بأنه موت ارادي (عب10: 10)، أما موت البشر فغير ارادي. موتنا
نحن البشر ليس بإردتنا، وكم من الناس من يطلبون الموت، ولايجدونه وكم منهم من
يتجاهلون الموت ولكن يفاجئهم بغتة كالمخاض للحبلي فلا ينجون (لو12: 19،02،1تس5: 2)
وكم من الأبرار من لايريد الموت ليتسني له القيام برسالته في الحياة وكم منهم من
يرغب في الإنطلاق حباً في سعادة الأبد، وفي جميع هذه الحالات، ليس بيد من يسعي ولا
بيد من يشاء (رو9: 16،أش38: 1-3،في1: 23،رو7: 24) بل بيد رئيس الحياة الذي يميت
ويحيي وله مفاتيح الهاوية والموت (رؤ1: 18).

 

سكرات للموت واليقظة الكاملة

هذا
فضلاً عن أن سكرات موتنا نحن البشر تتسرب إلي أجسامنا تدريجياً فنفتقد وعينا شئياً
فشيئاً إلي أن يتلاشي، حتي وإن ظل الوعي فينا أحياناً ونحن نعالج سكرات الموت، فقد
يكون وعياً مشوباً بالضعف الشديد، حتي لقد يكون وعينا آنئذ (هذيانا) أكثر منه
وعياً.

أما
فادينا الحبيب فلأن موته إرادي وبسلطانه الذاتي بوصفه الإله المتأنس الله الظاهر
في الجسد، لهذا فقد كان يقظاً علي الصليب واعياً إلي آخر لحظة وعياً كاملاً،
ممسكاً بزمام وسائل إتمام معالم الفداء، السابق ذكرها في الكتب المقدسة.

 

كلماته في أشد ساعات آلامه كانت كلها عذوبة وحلاوة روحية

ولما
كان الفادي الحبيب هو صاحب الشخصية الفدائية العجيبة (أش9: 6) الذي حلقه حلاوة
وكله مشتهيات (نش5: 16) فإن كلماته السبع علي الصليب وهو في أشد ساعات آلامه كانت
كلها عذوبة وحلاوة روحية منسابة من ينبوع حلقه الحلو ومشتهيات قلبه الطاهر.

فتأمل
أيها الحبيب وأنت خاشع في حضرة قدس أقداس الفداء في ظلال صليب رب المجد (نش2: 3)
واصغ إلي قول البشير (..بعد هذا رأي يسوع أن كل شئ قد كمل فلكي يتم الكتاب قال أنا
عطشان..فلما أخذ يسوع الخل قال قد أكمل ونكس رأسه وأسلم الروح) (يو91: 28-30).

 

سر يقظة الفادي وهو علي الصليب ووعيه
الكامل منقطع النظير

ثم
اصغ إلي صوت الفادي، صوته اليقظ الداوي (إلهي إلهي لماذا تركتني) (مت27: 46) لتلمس
الصلة بين قوله هذا وبين قوله أنا عطشان، وتحصل علي معني عميق ومفهوم رائع، من
روائع معاني ومدركات أعمال الفداء، وتدرك كيف أن المصلوب كان في أتم يقظته الساهرة
ووعيه الكامل، وكيف كان لآخر لحظة يحتمل آلام وأوجاع الصليب المريرة ممسكاً بزمام استكمال
المكتوب عنه في غرورهم وحسدهم وشرهم، إلي ضرورة الرجوع إلي المزمور الثاني
والعشرين الذي مطلعه (إلهي إلهي لماذا تركتني) ليتحققوا أنه بقوله أنا عطشان قد
أكمل حقاً المكتوب عنه في الكتب بوجه عام وفي هذا المزمور بالذات بوجه خاص (مز22)
لعلهم يثوبون إلي رشدهم فيؤمنوا بأنه حقًا هو المسيا فادي البشرية فيخلصوا.

هذه
اليقظة الرائعة وهذا الوعي الكامل منقطع النظير لآخر لحظة من آلام وأوجاع الصليب،
من بين دلائل سمو شخصية المصلوب، وأنه ليس إنساناً عادياً بل هو الإله المتأنس،
اللَّه الظاهر في الجسد، الذي له وحده فقط السلطان علي روحه الناسوتية، ليضعها متي
أراد، ويردها إلي جسده بعد موته (جا8: 8، ويو 10: 18)، وعلي ضوء ذلك سجلت الكنيسة
أعترافها بهذه القدرة الإلهية لفادي البشرية، في نهاية القداس (بالحقيقة أؤمن أن
لاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين)، مفسرة بذلك سر يقظة الفادي وهو
علي الصليب ووعيه الكامل منقطع النظير، لآخر لحظة من ساعات آلام وأوجاع الصلب
المريرة، وكيف ظل الاتحاد الكامل بين لاهوته وناسوته قبل الموت، وبعد استيداع روحه
الناسوتية في يدي الآب (لو23: 46) وبعد دفن جسده في القبر (يو19: 38-42). وقد
تأيدت هذه القدرة الإلهية للمصلوب فادي البشرية عندما أعاد- في يقظته اللاهوتية
التي لم تتأثر مطلقاً لا بالآلام ولا بالموت، لأنه من هذه الناحية اللاهوتية (حي
لايموت)- روحه البشرية إلي جسده فكانت قيامته بالجسد الممجد.

 

ليس هناك تناقض بين التعبيرين ولا نحتاج إلي التوفيق بينهما

إذن
ليس هناك تناقض بين التعبيرين المشار اليهما في السؤال، حتي يحتاج الأمر إلي
التوفيق بينهما. فشخصية الكلمة المتأنس (اللَّه الظاهر في الجسد) اتحد فيها لاهوت
الابن الكلمة الأزلي بناسوته المأخوذ في ملء الزمان (غل4: 4-5) من السيدة البتول
مريم في بطنها البتول (لو1: 35،38). وهذه هي الآية التي أعطي الرب نفسه فيها آية
(ها العذراء تحبل وتلد أبناً وتدعو إسمه عمانوئيل) (أش7: 14) ومتي تم الاتحاد بين
لاهوت الكلمة الأزلي وجنينه الناسوتي الزمني في بطن العذراء لم يفارق لاهوته
ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين.

 

المصلوب هو نفسه اللَّه الظاهر في الجسد

فلما
صلب كان المصلوب هو نفسه صاحب الشخصية الإلهية المتأنسة. كذلك لما مات وقبر، كان
هو نفسه صاحب الشخصية الإلهية المتأنسة. وفي الصلب والموت والقبر كان صلبه إلهياً،
أي أن المصلوب هو نفسه (اللَّه الظاهر في الجسد) المصلوب بالجسد (لأنهم لو عرفوا
لما صلبوا رب المجد) (1كو2: 8). وهو هو الذي مات بالجسد وقبر بالجسد، (مماتا في
الجسد ولكن محي في الروح الذي فيه أيضاً ذهب فكرز للأرواح التي في السجن (1بط3: 18،19)
أي أنه هو نفسه صاحب الشخصية الإلهية المتأنسة الذي مات وقبر (بالجسد)- كما نموت
نحن موت الجسد (بانفصال الروح عن الجسد)، كذلك موت المسيح كان بانفصال روحه
البشرية الناسوتية عن جسده، وكان اللاهوت متحداً بناسوته (روحاً وجسداً)، متحداً
بروحه البشرية الناسوتية التي انفصلت بالموت عن الجسد (لو23: 46)، وبجسده الذي مات
علي الصليب ودفن في القبر ثلاثة أيام.

 

القائم من الأموات هو نفسه اللَّه الظاهر في الجسد

كذلك
صاحب هذه الشخصية الإلهية المتأنسة (اللَّه الظاهر في الجسد) هو هو الذي قام من
الأموات حين عادت روحه الناسوتية (وهي متحدة باللاهوت) إلي جسده الإلهي المدفون في
القبر (متحداً باللاهوت) فقام المسيح من القبر بجسده الممجد ظافراً منتصراً علي
شوكة الموت.

وهو
صاحب الشخصية الإلهية المتأنسة (اللَّه الظاهر في الجسد) الذي وهو بهاء مجد أبيه
السمائي ورسم جوهره وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته بعدما صنع بنفسه تطهيراً
لخطايانا جلس في يمين العظمة في الأعمال صائراً أعظم من الملائكة بمقدار ماورث
إسماً أفضل منهم (عب1: 3-4) “الذي إذ كان في صورة اللَّه لم يحسب خلسة أن
يكون معادلاً للَّه. لكنه أخلي نفسه آخذاً صورة عبد صائراً في شبه الناس. وإذ وجد
في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتي الموت موت الصليب لذلك رفعه اللَّه أيضاً
وأعطاه اسماً فوق كل اسم لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن علي الارض
ومن تحت الأرض ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد اللَّه الآب” (في2:
6-11).

 

هل هذا يعني لاهوت المسيح؟

قال
المحاور غير المؤمن:
ولكن موت السيد المسيح يؤكد قول داود النبي (لن
تترك نفسي في الهاوية) فكيف تقولون أن هذا يعني لاهوت المسيح؟

ابن داود وليس داود ذاته

قلت
بنعمة الرب:
يعلن القديس بطرس الرسول ويتابع أن هذه النبوة ليست عن داود
شخصياً، وإنما عن السيد المسيح الذي جاء من نسل داود فيقول: ” أيها الرجال
الإخوة يسوغ أن يقال لكم جهاراً عن رئيس الآباء داود إنه مات ودفن وقبره عندنا حتي
هذا اليوم. فإذ كان نبياً وعلم أن الله حلف له بقسم أنه من ثمرة صلبه يقيم السيد
المسيح حسب الجسد ليجلس علي كرسيه سبق فرأي وتكلم عن قيامة السيد المسيح أنه لم
تترك نفسه في الهاوية ولا راي جسده فساده. فيسوع هذا أقامه الله ونحن جميعاً شهود
لذلك. وإذ ارتفع بيمين الله وأخذ موعد الروح القدس من الآب سكب هذا الذي أنتم
تبصرونه وتسمعونه لأن داود لم يصعد إلي السموات. وهو نفسه يقول قال الرب لربي أجلس
عن يميني حتي أضع أعداءك موطئاً لقدميك. فليعلم يقيناً جميع بيت إسرائيل أن الله
جعل يسوع هذا الذي صلبتموه أنتم رباً ومسيحاً ” (أع2: 29-36)

إن
هذه العبارات تؤكد في وضوح لاغموض فيه الحقائق التاليه:

 

جسد السيد المسيح لم يري فساداً

الحقيقة
الأولي:
أن
جسد السيد المسيح لم يري فساداً، لم يتعفن كما تتعفن أجساد البشر أجمعين. لقد بقي
في كل بهائه، وجماله. لأنه خلا من كل عناصر الخطية.

أقام نفسه بنفسه وخرج من القبر المغلق

الحقيقة
الثانية:
هي
ان السيد المسيح أقام نفسه بنفسه لقد أعلن السيد المسيح عن قدرته في أقامة جسده من
بين الأموات، وأكد هذا بكلماته ” لهذا يحبني الآب لأني أضع نفسي لآخذها
أيضاً. ليس أحد يأخذها مني بل أضعها أنا من ذاتي. لي سلطان أن أضعها ولي سلطان أن
آخذها أيضاً ” (يو10: 17-18)

قام خرج من قبره وهو مغلق

الحقيقة
الثالثة:
أن
السيد المسيح عندما قام خرج من قبره وهو مغلق: إن كثيرين يتصرورن إن ملاك السماء
جاء ودحرج الحجر عن باب القبر ليساعد السيد المسيح علي الخروج منه، وهذا تصور
خاطئ، لقد قام السيد المسيح وخرج من القبر وهو مغلق، ثم جاء الملاك ودحرج الحجر
وقال للمرأتين- مريم المجدلية ومريم الأخري، ” ليس هو ههنا لأنه قام كما قال.
هلما أنظروا الموضع الذي كان الرب مضطجعاً فيه” (مت28: 6).. لقد خرج الرب من
القبر وهو مغلق. خرج متحدياً أختام الامبراطورية الرومانية وقوتها العسكرية.
تماماً كما دخل إلي العلية التي في أورشليم والأبواب مغلقه (يوحنا20: 91-92). ولقد
كانت قيامة السيد المسيح هي الدليل الساطع علي نصرة الحق علي الباطل، والنور علي
الظلام، وإله السلام علي إله هذا العالم الأثيم. ومن هنا يتضح ان السيد المسيح هو
الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار