علم المسيح

ظهور المسيح بعد القيامة لأكثر من 500 أخ



ظهور المسيح بعد القيامة لأكثر من 500 أخ

ظهور المسيح بعد
القيامة لأكثر من 500 أخ

 

«وَبَعْدَ
ذٰلِكَ ظَهَرَ دَفْعَةً وَاحِدَةً لأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِمِئَةِ أَخٍ،
أَكْثَرُهُمْ بَاقٍ إِلَى ٱلآنَ. وَلٰكِنَّ بَعْضَهُمْ قَدْ رَقَدُوا»
(1 كورنثوس 15: 6).

 

 

يقول
سفر الأعمال عن المسيح إنه «أَرَاهُمْ أَيْضاً نَفْسَهُ حَيّاً بِبَرَاهِينَ
كَثِيرَةٍ، بَعْدَ مَا تَأَلَّمَ، وَهُوَ يَظْهَرُ لَهُمْ أَرْبَعِينَ يَوْماً،
وَيَتَكَلَّمُ عَنِ ٱلأُمُورِ ٱلْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ
ٱللّٰهِ» (أعمال 1: 3). قضى المسيح في أول خدمته أربعين يوماً في مصارعة
إبليس في البرية، والآن يقضي أربعين يوماً يظهر لتلاميذه معلِناً انتصاره الأخير
على إبليس. وليسهِّل لهم ولجميع المؤمنين أن يفهموا حضوره معهم روحياً على الدوام.

 

ومن
أهم ظهورات المسيح الظهور الثامن، وهو أيضاً الثاني والأخير في وطنه الجليل، عندما
ظهر دفعة واحدة لأكثر من خمسمئة أخٍ كان أكثرهم لا يزال حياً عندما كتب بولس عنهم
في رسالته لأهل كورنثوس. ويقول البشير متى: «ولما رأوه سجدوا له، لكن بعضهم
شكُّوا». وشكُّ هؤلاء معقول بالنظر إلى التغيير الكلي في هيئة المسيح الخارجية
البشرية، مما صعَّب التصديق بأنه هو.

 

واجتماع
خمسمئة أخٍ في وقت واحد دليل على نجاحٍ ليس بقليل. والتقاء هؤلاء في أحد جبال
الجليل حسب تعيينٍ سابق كان ضرورياً، ليتمكَّن عدد كهذا من مشاهدة المسيح دفعة
واحدة. وفي خبر هذا الاجتماع أوضَحُ دليلٍ على حقيقة قيامة المسيح، لأنه يحتوي على
كلام قاله لتلاميذه يستحيل اختراعه-لو أن المسيح لم يقم.

 

لنستمِعْ
إلى بعض أقوال المسيح القوية: «دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي
ٱلسَّمَاءِ وَعَلَى ٱلأَرْضِ» (متى 28: 18). فأي منطق يُنسَب إلى شخص
صُلِبَ بإهانةٍ فائقة، أمام جماهيرٍ من أنحاء العالم، يفوه بكلام كهذا؟ ثم لنسمع
قوله: «فَٱذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ ٱلأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ
بِٱسْمِ ٱلآبِ وَٱلٱبْنِ وَٱلرُّوحِ
ٱلْقُدُسِ» (متى 28: 19). معلومٌ ما هو تعليم اليهود ومشربهم منذ القديم، في
أنهم يتشبَّثون بالانفراد عن غيرهم من الأمم، ويحصرون الدِّين وفوائده في جماعتهم،
ويحتقرون كل الشعوب الأخرى دينياً.

 

وهل
يُعقَل أن التلاميذ يستنبطون تعليماً مبنيّاً على معرفة طبيعة الإِله الواحد في
ثلاثة أقانيم، بينما هذا لم يُذْكَر في تعاليمهم اليهودية؟

 

لكن
أعظم ما قاله المسيح، وأقواه برهنةً للقيامة قوله: «هَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ
ٱلأَيَّامِ إِلَى ٱنْقِضَاءِ ٱلدَّهْرِ. مَنْ آمَنَ
وَٱعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ» (متى 28: 20، مرقس 16:
16). فإذا كان لم يَقُمْ، لا يمكن أن يكون معهم. وإنْ كان معهم حقاً فلا يبقى
ريْبٌ في قيامته. فبما أن حضوره معهم لا يكون إلا روحياً، أراد أن يحققه لهم
بواسطة علامات ظاهرة للحواس في السنين الأولى بعد اختفائه، أي بواسطة معجزات
يعطيهم أن يفعلوها. ومتى دوَّنوا خبرها في تاريخ صادق، يكفي ذلك شهادة للعالم فيما
بعد، ولا يعود يلزم تكرارها جيلاً بعد جيل.

 

لذلك
وعدهم أن هذه الآيات تتبع المؤمنين: يُخِرجون الشياطين باسمه، ويتكلمون بألسنة
جديدة، ويحملون حيَّات. وإنْ شربوا شيئاً مميتاً لا يضرُّهم. ويضعون أيديهم على
المرضى فيبرأون (مرقس 16: 17، 18). لذلك كانت الآيات التي صنعها الرسل فيما بعد
باسمه، إثباتاً كافياً لكل ما ورد في هذا الخطاب، لأن هذه الزُّمرة الضعيفة نشرت
التعليم المسيحي في أكثر البلدان الراقية، وفي وقت قصير جداً. وانضمَّ ملايين من
الأمم إلى الكنيسة الجديدة. فأخبار هذا النجاح الصادقة تبرهن أن القيامة قد حدثت فعلاً،
وتبرهن نسبة هذه الأقوال القوية إلى المسيح نفسه.

 

يرتبط
كلام المسيح في هذا الخطاب الوداعيّ لتلاميذه في الجليل بعضه ببعض ارتباطاً
فلسفياً متيناً. فلما كان قوله إنه صاحب السلطان في السماء وعلى الأرض يحتاج إلى
برهان، أعطاهم الآيات التي يُجريها بواسطة المؤمنين به. وفي الوقت ذاته تفتقر هذه
الآيات إلى عاملٍ قادرٍ أن يجريها، وهذا يستدعي حضوره معهم كل الأيام. فهذه
القضايا الثلاث تستلزم كلٌّ منها الأخرى، ويُثْبِتُ كلُ واحدةٍ منها الأخرى. ولا
يقدر المسيح أن يمكِّن رسله من فعل المعجزات بحضوره معهم، وأن يكون صاحب سلطان
كهذا، ما لم يصعد إلى السماء بعد قيامته، ويجلس عن يمين العرش في الأمجاد
السماوية.

 

أمر
المسيح تلاميذه أن يبشروا العالم بإنجيله، وهذا أمرٌ عام ودائم لكل فرد من تابعيه.
ويتوقف وعده لهم بأنه يكون معهم كل الأيام على إتمام هذه الوصية. لا يوجد عمل بشري
أشرف وأسمى وأجزل من هذا العمل التبشيري. لكن النجاح الذي وعد المسيح تلاميذه به
في تبشيرهم، يتوقَّف على فعل الأقنوم الثالث في الإِله الواحد، الروح القدس، الذي
نعتمد عليه في الأعمال الروحية، ولا سيما بعد صعود الأقنوم المتأنِّس المُقام إلى
السماء.

 

لذلك
أوصى المسيح رسله أن لا يبرحوا من أورشليم بل ينتظروا موعد الآب، وقال: «وَأَمَّا
أَنْتُمْ فَسَتَتَعَمَّدُونَ بِٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ، لَيْسَ بَعْدَ
هٰذِهِ ٱلأَيَّامِ بِكَثِيرٍ». «لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا
ٱلأَزْمِنَةَ وَٱلأَوْقَاتَ ٱلَّتِي جَعَلَهَا ٱلآبُ فِي
سُلْطَانِهِ، لٰكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ ٱلرُّوحُ
ٱلْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُوداً فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي
كُلِّ ٱلْيَهُودِيَّةِ وَٱلسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى
ٱلأَرْضِ» (أعمال 1: 5، 7، 8).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار