علم

حياة باسيليوس الكبير



حياة باسيليوس الكبير

حياة
باسيليوس الكبير

ولد
القديس باسيليوس في أوائل القرن الرابع سنة “329م” . في مدينة قيصرية من
أبوين مسيحيين و من عائلة اشتهرت بالفضيلة و القداسة . كان لباسيليوس تسعة إخوة و
أخوات خصص ستة منهم ذواتهم لله، لخدمة المذبح و للنسك في الصوامع، فجدته ماكرينا
ووالدته اميليا و أخته ماكرينا هن من القديسات كما انه مع أخويه غريغوريوس نيصص و
بطرس من القديسين . درس في أثينا العلوم و الفلسفة، و هناك التقى بصديقه غريغوريوس
النزينزي فتمكنت بينهما عرى الصداقة المتينة المبنية على المحبة المسيحية، فقضيا
أياماً طويلة في اقتباس العلوم و ممارسة الفضائل المسيحية . يقول غريغوريوس في
رسائله: لم نكن نعرف في أثينا غير طريقين: الطريق المؤدية إلي الكنيسة و إلي بيوت
كهنة الرب، و طريق المدرسة . فكنا نترك لغيرنا طرق المسارح و الملاهي لان تقديس
أنفسنا كان لنا الشغل الأفضل . نظر باسيليوس بعينه الفلسفية الثاقبة إلي خيرات
الدنيا و سيرها بمقياس العلم الإلهي، فتلاشت أمامه كأنها لم تكن، فقام لساعته و
ترك وطنه و أهله ووزع أمواله على الفقراء و سار إلي البرية ليتعبد لله بالصلاة و
النسك، و طاف براري فلسطين و مصر لزيارة الأديرة و الاقتباس من حياتها السامية
الملانكية، ثم عاد الي بلاده و أنشأ أديرة للرهبان حتى صار أباً لمئات منهم و ألف
لهم قوانينه (الكبرى و الصغري) و له خدمة القداس الإلهي المعروفة باسمه ((قداس
القديس باسيليوس الكبير)) الذي يقام عشر مرات في السنة في الأول من كانون الثاني
يوم عيده، و في كل من آحاد الصوم الكبير المقدس ما عدا احد الشعانين (وهي خمسة
آحاد) و في براموني عيد الميلاد و عيد الظهور الإلهي (الغطاس) و في يومي الخميس و
السبت العظيمين . كانت حياته قاسية فكان يرقد على الأرض و يلبس قميصا خشنا و
يتمنطق فوقه بمنطقة من جلد و يقضى الكثير من لياليه ساهرا في الصلاة و التأمل، كان
يحتمل البرد القارس، و لا يوقد نارا آماته لجسده، و لا يأكل إلا مرة واحدة في
النهار، و يكتفي بالخبز و الماء، و لا يأكل البقول إلا في أيام الأعياد . و كان
يقول ((إن الراهب هو الرجل الذي لا ينقطع عن الصلاة، و يقدس عمل يديه باتحاده
الدائم بالله، و لا يفتر عن تلاوة المزامير و يحرص على أن يزين نفسه دائما
بالفضائل المقتبسة من تأمل الكتب المقدسة، يعيش على الخبز و الماء فقط و لا يأكل
إلا مرة في النهار و لا ينام إلي ما بعد منتصف الليل، يقوم للصلاة و صلاته تدوم
حتى الصباح . و لما تسلم ((ديانس)) مقاليد السلطة الأسقفية في مدينة قيصرية حمل
باسيليوس رغم ممانعته الشديدة على قبول سر الكهنوت ؛ و هكذا أصبح كاهنا للعلي فترك
ديره و صومعته و أتى قيصرية، ثم رقي إلي الدرجة الأسقفية سنة”370م”
خلفاً للمطران ارسانيوس، و اخذ يدير أمور رعيته فتابع مواعظه الشهيرة، و سعى
للإكثار من شعائر التقوى و جعل يجمع الشعب في الكنيسة كل صباح و كل مساء وزرع في
المؤمنين محبة القربان فكانوا يتقربون إلي المائدة المقدسة أيام الأحد و الأربعاء
و الجمعة و السبت من كل أسبوع . أسس ملجأ للمرضى و الفقراء فذاع صيته، و انتشرت في
زمانه البدعه الاريوسية فدافع باسيليوس عن العقيدة الأرثوذكسية و دحض هذه البدعة
التي بلبلت الكنيسة حتى سنة “378م” حين اعتلى العرش غراسيان الذي أعاد
السلام إلي الكنيسة، و في آخر تلك السنة عينها رقد باسيليوس بالرب
سنة”379م”بعد أن رأى بعينيه إنتصار الكنيسة الأرثوذكسية و القضاء على
البدعة الاريوسية التي عاشت فسادا في النفوس زمانا طويلا . لقبه المؤرخ ثيوذوريتس
بالكبير، أما المجمع المسكوني الرابع سنة “451م” فقال عنه: (هو باسيليوس
الكبير، خادم النعمة و معلم المسكونة) . للقديس باسيليوس مؤلفات كثيرة في العقيدة
و الدفاع عنها أوجزها القديس غريغوريوس بقوله ” حين أقرأ كتابه على الخليقة،
يخيل إلي إني أرى الخالق يبدع من العدم كل شيء . و عندما أتصفح مقالاته ضد
الهراطقة تتبادر إلي ذهني صورة نار سدوم تنصب على رؤوس أعداء الإيمان المقدس،
فتصير ألسنتهم الأثيمة رمادا باردا . و إذا قلبت كتابه عن الروح القدس، اشعر
بانفعال الهي و لا أعود أهاب التبشير بكلام الله . و إذا قرأت شرحه للكتاب المقدس،
تراني ألج أعماق الأسرار الإلهية . أما الخطب التي مجد بها الشهداء . فإنها تحملني
على الازدراء بجسدى و تدفعني إلي الثبات في الحرب الخلاصية حتى الموت . و لكم
ساعدتني مواعظه على تنقية نفسي و جسدي لأصبح هيكلاً مقبولاً عند العلي، و صناجة
تذيع أمجاده و تباركه و تنشر مجده في الدنيا.

 تحتفل
كنيستنا الأرثوذكسية بعيده في اليوم الأول من شهر كانون الثاني شرقي (14 غربي) من
كل عام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار