علم التاريخ

حالة اليهود أيام أنطيوخس الثالث:



حالة اليهود أيام أنطيوخس الثالث:

حالة
اليهود أيام أنطيوخس الثالث:

يثبت
المؤرِّخ يوسيفوس، معتمداً على ثلاث وثائق تاريخية، مقدار العناية والاهتمام
والمحاباة التي لاقاها اليهود من أنطيوخس الثالث. وهذه الوثائق تنص على أن يُدفع
لهم معونات خاصة لتقديم الذبائح، بالإضافة إلى السماح لهم بأخذ كافة الأخشاب
اللازمة لهم من لبنان بدون ضرائب لترميم الهيكل، كما يأتي في نهايتها هذا التصريح:
“ولتُمَكَّن هذه الأُمة من أن تعيش بمقتضى قوانين بلادها، وليُعفَ كافة أعضاء
السنهدريم والكهنة وكتبة الهيكل وكافة المرنمين الدينيين من الضريبة المالية
العامة وضريبة التاج وكافة الضرائب العادية الأخرى. وليُعفَ سكَّان أُورشليم من
الضرائب العادية
” ولكن ما يهمنا جداً من هذه الوثائق هو أنها أُرسلت لكل من
حكام لبنان وسوريا للتنفيذ مباشرة على أن يكون “رؤساء الكهنة” هم الجهة السياسية
المسئولة أمام الدولة. وكان رؤساء الكهنة مسئولين عن جمع الضرائب وتسليمها للحاكم
العام، وكذلك في زمن البطالسة، مما كان يضطرهم للسفر إلى الإسكندرية لتقديم
الحسابات وتجديد العقود، إلاَّ أنهم أوكلوا عنهم وكلاء كان أشهرهم عائلة “طوبيا”
والتي كانت في عداوة وخصام ومنافسة شديدة مع عائلة سمعان البار رئيس الكهنة التي
سُميت بعد ذلك بعائلة “أونياس”. ولكن بعد تصاهر العائلتين صار هناك اتفاق بينهما
لتوريد الضرائب التي ظلت عائلة طوبيا مسئولة عنها مدة عشرين سنة تقريباً. ولكن ظل
التنافس على السلطان السياسي والمدني قائماً بين عائلة “أونياس” وعائلة “طوبيا”.
وقد حافظ رؤساء الكهنة على دفع جزء من الضرائب بأنفسهم لاستمرار سلطتهم السياسية.
وبانتصار أنطيوخس الثالث ظلَّت عائلة طوبيا هي
المسئولة عن الضرائب وكانت تقدَّم لوالي
سوريا.

وظلت المنازعات بين رؤساء الكهنة وبين عائلة طوبيا
الموكَّلين على الضرائب وعلى خزائن الهيكل شديدة ومستمرة، مما أثَّر كثيراً على
الأحوال الدينية.

غير
أنه كانت هناك شيعة جديدة بدأت في الظهور تمسَّكت بالناموس تمسُّكاً روحياً شديداً
وانعزلت عن الاهتمامات السياسية وعكفت على العبادة والاهتمام بالحياة الروحية فقط،
تلك هي الشيعة المستقيمة الرأي (الأرثوذكسية اليهودية)، وكانت منقسمة إلى قسمين:
قسم يُدعى “الأسينيون”، والآخر يُدعى “كاسيدين” أو “حسيديم” وترجمتها “الأتقياء”
(1مك 42: 2). والأسينيون يمثِّلون الجناح اليساري المتطرِّف لهذه الشيعة،
والأتقياء يمثِّلون جناحها اليميني المعتدل. وقد ذكر دانيال النبي شيعة الحسيديم
في نبوته ووصفهم بأنهم: “الشعب الذين يعرفون إلههم
” (دا 33: 11). وهذه الشيعة الجديدة، بجناحيها اليميني
واليساري قامت لتدافع عن التقاليد الدينية والميراث الروحي الآبائي الذي بدأت تعبث
به جماعات اليهود المتأثِّرة بالثقافات السياسية اليونانية، والتي كان منها رؤساء
الكهنة الذين مالوا جداً للحياة المدنية الارستقراطية واللعب بالسياسة. وكانت
الشيعة اليهودية اليونانية هي التي سمَّاها دانيال النبي: “المتعدُّون على
العهد” (دا 32: 11)

ويكشف
سفر المكابيين الثاني (من 4: 3 إلى 1: 4)، من المثالب والاعتداءات والمؤامرات التي
كان يحيكها رؤساء الكهنة ضد بعضهم بعض، حتى ولو كانوا إخوة، بسبب خزائن المال في
الهيكل.

وبموت
أنطيوخس الثالث (187 ق.م) ملك ابنه سلوقوس الرابع (187175 ق.م) ومن
بعده اعتلى أخوه أنطيوخس إبيفانس الرابع العرش، ودخل اليهود في حقبة جديدة من
التاريخ المعروفة بزمن “المكابيين”.

وجدير
بالذكر أن دانيال يذكر في نبوته حادثة اعتلاء سلوقوس الرابع وملكه القصير:

+
“فيقوم مكانه مَنْ يُعبِّرُ جابيَ الجزيةِ في فخرَ المملكة وفي أيام قليلة
ينكسر لا بغضبٍ ولا بحربٍ” (دا 20: 11)

ثم
يذكر أيضاً حادثة اعتلاء إبيفانس:

+
“فيقوم مكانه مُحْتَقَرٌ لم يجعلوا عليه فخرَ المملكة ويأتي بغتة ويُمْسِك
المملكة بالتملُّقات” (دا 21: 11)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار