علم المسيح

جواب عملي على سؤال المعمدان



جواب عملي على سؤال المعمدان

جواب عملي على سؤال
المعمدان

 

فضَّل
المسيح أن يجيب على سؤال المعمدان بالأفعال قبل الأقوال «ففي تلك الساعة شفى
كثيرين من أمراض وأدواء وأرواح شريرة، ووهب البصر لعميان كثيرين». وبعد هذا
البرهان النظري الوافي بأنه المسيح، أفهم الرسولين أن يبلغا مرسِلهَما الكريم خبر
ما رأيا وسمعا من معجزاته وتعاليمه، وخصَّ بالذكر علامة روحية، هي أن شخصاً قد
أحرز شهرة وأظهر سلطاناً بهذا المقدار، ثم يعتني بتبشير المساكين، لا يمكن إلا أن
يكون المسيح. ألم يعْطِ النبيُ العظيم هذه العلامة في قوله: «يَزْدَادُ
ٱلْبَائِسُونَ فَرَحاً بِٱلرَّبِّ، وَيَهْتِفُ مَسَاكِينُ
ٱلنَّاسِ بِقُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ» (إشعياء 29: 19) وأيضاً «ٱلرَّبُّ
مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ ٱلْمَسَاكِينَ» (لوقا 4: 18).

 

«فَلَمَّا
مَضَى رَسُولا يُوحَنَّا، ٱبْتَدَأَ يَقُولُ لِلْجُمُوعِ عَنْ يُوحَنَّا:
«مَاذَا خَرَجْتُمْ إِلَى ٱلْبَرِّيَّةِ لِتَنْظُرُوا؟ أَقَصَبَةً
تُحَرِّكُهَا ٱلرِّيحُ؟ بَلْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟ أَإِنْسَاناً
لابِساً ثِيَاباً نَاعِمَةً؟ هُوَذَا ٱلَّذِينَ فِي ٱللِّبَاسِ
ٱلْفَاخِرِ وَٱلتَّنَعُّمِ هُمْ فِي قُصُورِ ٱلْمُلُوكِ. بَلْ
مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟ أَنَبِيّاً؟ نَعَمْ أَقُولُ لَكُمْ وَأَفْضَلَ
مِنْ نَبِيٍّ! هٰذَا هُوَ ٱلَّذِي كُتِبَ عَنْهُ: هَا أَنَا أُرْسِلُ
أَمَامَ وَجْهِكَ مَلاكِي ٱلَّذِي يُهَيِّئُ طَرِيقَكَ قُدَّامَكَ! لأَنِّي
أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ بَيْنَ ٱلْمَوْلُودِينَ مِنَ ٱلنِّسَاءِ لَيْسَ
نَبِيٌّ أَعْظَمَ مِنْ يُوحَنَّا ٱلْمَعْمَدَانِ، وَلٰكِنَّ
ٱلأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ أَعْظَمُ مِنْهُ».وَجَمِيعُ
ٱلشَّعْبِ إِذْ سَمِعُوا وَٱلْعَشَّارُونَ بَرَّرُوا
ٱللّٰهَ مُعْتَمِدِينَ بِمَعْمُودِيَّةِ يُوحَنَّا. وَأَمَّا
ٱلْفَرِّيسِيُّونَ وَٱلنَّامُوسِيُّونَ فَرَفَضُوا مَشُورَةَ
ٱللّٰهِ مِنْ جِهَةِ أَنْفُسِهِمْ، غَيْرَ مُعْتَمِدِينَ مِنْهُ»(لوقا
7: 24-30).

 

أعلن
المسيح في جوابه على سؤال المعمدان أهمية العمل، برهاناً قاطعاً لمزايا الشخص.
فإنْ كان هو المسيح حقاً، يتضح ذلك من أعماله أكثر من أقواله. ولكنْ لئلا يُؤخذ
سكوته، ثم كيفية جوابه، ثم تخلّيه عن إنقاذ المعمدان، دليلاً على عدم اهتمامه
بالمعمدان الشهم الغيور المعتبَر عند الشعب أنه من أنبياء اللّه، أسرع المسيح في
مدحه حالما انصرف رسولا المعمدان راجعيْن إليه. لم يشأ أن يبلغ مديحه هذا آذان
المعمدان، لئلاّ يظن أنه فقط من باب التعزية أو الترضية أو التمليق، ولأن المدح في
غياب الممدوح تكون قيمته مضاعفة.

 

ذكَّر
المسيح الجمهور بأيام نجاح المعمدان، حين كان بعض سامعيه بين الجماهير المتقاطرة
إليه في البرية، تاركين الأوطان والأشغال، وطالبين أن يسمعوه ويعتمدوا منه. سأل
المسيح الجمهور: هل وجدوا المعمدان آنئذٍ رجلاً متقلِّباً تزعزعه المخاوف أو
المطامع، فيشبه قصبةً تحرّكها الريح؟ أليس ثباته وعزمه وحزمه سبب وجوده في ذلك
السجن المخيف؟ إذاً لا يجوز اتّخاذ سؤاله بواسطة رسوليْه أساساً للحكم بأنه رجل
ضعيف ومتقلِّب.

 

وسأل
المسيح الجمهور أيضاً إن كانوا قد وجدوا المعمدان رجلاً محبّاً للذات يطلب
التنعُّم والرفاهية، حتى يروا بين كلامه وسلوكه تناقضاً يمنع من اتّباع إرشاداته.
ألم يجدوا بخلاف ذلك أنه يسلك في منتهى إنكار الذات، ويعطي نفسه كلها لخدمة اللّه
بواسطة خدمته للبشر؟

 

فإن
اعتبروه نبياً فقد أصابوا العلم. لكنه أيضاً أعظم من نبي. لأن لا موسى بتسليمه
الشريعة للشعب بعد إخراجهم من عبودية مصر، ولا إيليا بمقاومته عبادة الوثن وصنُعْه
المعجزات المدهشة، ولا داود برعايته شعب إسرائيل كملكٍ مدة أربعين سنة وإعطائه
العالم مزاميره الشهيرة، قد خدموا العالم خدمةً جوهرية مثل خدمة المعمدان، الذي
هيّأ الطريق للمسيح الموعود به، ثم دلَّ الناس عليه.

 

إنْ
صحَّ من كتب: «الخَلْق عيال اللّه، وأحبُّهم إليه أنفعهم لعياله» يكون المعمدان من
أحب الناس إلى الله. وتؤيد ذلك شهادة المسيح عنه، إذ قال: «الحق أقول لكم إنه بين
المولودين من النساء ليس نبي أعظم من يوحنا المعمدان». وهذا يعني أنه أعظم من كل
نبي وُلد ولادة طبيعية – فيُستثنَى المسيح من ذلك – وقد فاق المعمدان كل الأنبياء
في أنه أقربهم إلى المسيح. وأكمل المسيح كلامه هذا بالقول: «ولكن الأصغر في ملكوت
السماوات أعظم منه». وهذا يعني أن أدنى مركز في العهد الجديد هو حظٌ أعظم من أرفع
مركز في العهد القديم، لأن مؤمن العهد الجديد يدرك أكثر من مؤمن العهد القديم أن
ملكوت المسيح ملكوت روحي، وأنه قد جاء ليفدي شعبه بموته.

 

ثم
وبخ المسيح رؤساء اليهود لأنهم من الناس الذين يصح فيهم القول إن «الأولين يكونون
آخِرين». فبدلاً من أن يكونوا في مقدمة المستفيدين من خدمة المعمدان في الوعظ
والتعميد، بسبب معارفهم ووظيفتهم «رفضوا مشورة اللّه من جهة أنفسهم غير معتمدين
منه». بينما العشارون المحتقرون «برروا اللّه معتمدين بمعمودية يوحنا» إذْ أقروا
بصلاح اللّه الذي ظهر في كرازة المعمدان. وقال المسيح إن رؤساء اليهود انتقدوا
يوحنا المعمدان لابتعاده عن الناس، ولاختياره العيشة التقشُّفية قائلين إن به
شيطاناً، فرفضوه. ثم انتقدوا المسيح لاقترابه من الناس، واختياره العيشة الطبيعية،
مشتركاً معهم في أفراحهم وأتراحهم، فقالوا عنه: «هُوَذَا إِنْسَانٌ أَكُولٌ
وَشِرِّيبُ خَمْرٍ مُحِبٌّ لِلْعَشَّارِينَ وَٱلْخُطَاةِ» (متى 11: 19)
فرفضوه أيضاً. وأثبتوا بذلك أنهم غير مخلصين في توجيه التهمتين. وأوضحوا أنه لا
يؤمل ظهور الحكمة الحقيقية وتزكيتها إلا في أهلها الحقيقيين.

 

عزيزي
القارئ، افتح قلبك لتقبل المسيح طريق اللّه الوحيد للخلاص، ولا تكن غير مؤمن بل
مؤمناً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار