اللاهوت الروحي

تأملات فى الآم المسيح والآم الكنيسه



تأملات فى الآم المسيح والآم الكنيسه

تأملات
فى الآم المسيح والآم الكنيسه

ما
هو موقفك من المصلوب؟ ولماذا نخونه؟ كلاب ثائرة وأسود مفترسة

السياط
والأشواك.. الظلم وظلمه العقل والفكر.. طريق الجلجثه في كل مكان!!

القمص
مرقس عزيز خليل

 

حياة
رب المجد هي سلسلة من الآلام والأوجاع والأحزان .. لم يراه أحد ضاحكاً على الإطلاق.
حقاً قال بفم داود النبي عن نفسه ” حياتي فنيت بالحزن وسنيني بالتنهد “(مز
31: 10) ولقد كان يسوع عالماً بكل ما يأتي عليه (يو 18: 4) .. لذلك قال عنه
النبي” وجعى مقابلي دائماً ” (مز 38: 17).. عجباً فالذي يشهد عنه الوحي
الإلهي قائلاً ” أنت أبرع جملاً من بني البشر ” نراه وقد تلطخ وجهه
بالدماء فقد أنقص الجلادون على جسده الواهي بالعصي والمجالد بلا رحمه ولا هوادة
فتزعزعت عظامه وجعاً وتمزق جسده جرحاً. وتطاير لحمه فلذاً. حقاً تنبأ داود النبي قائلاً
” اكتنفتني حبال الموت. أصابتني شدائد الهاوية كابدت ضيقاً وحزناً ” (مز
116).

ربي
لقد سببت لك أنا كل هذه الآلام الباهظة.. العار الذي وضع عليك هو عاري أنا. ولا
أدري ماذا أفعل لك يا ربي بعدما أنقذتني من الهلاك؟ هل يكفي أن أكرس لك ذاتي حتى
يوم لقاك؟.. ربي دمك عني سفكته والمر لأجلي شربته والموت أيضاً قبلته حتى خوفي
أبدلته.ما أعجبك رب فعذا باتنا قاسيت ونفوسنا الدنسة اشتريت وحتى الموت ارتضيت
أنني أتساءل كيف؟.. كيف من اجل الخطاة يا ربنا القدوس تتحمل خطايانا ولعنة الناموس.كيف
من أجلي سال قلبك الرقيق بالدمع وأحزنتك خطاياي وذبت كالشمع.. من أنا؟.. أنا
الخاطئ الشقي فكيف من أجلي عانيت والمر عني سقيت.

 

لماذا
خنت سيدك؟

انظروا
هانحن نسمع وقع أقدام، لقد ظهرت أنوار ومصابيح وبدت في الأفق شرذمة العصاه يتقدمهم
يهوذا، لقد أقتادهم إلى جثيماني، كم ترجف الأوصال من هذه الخصال، لقد أتخذ يهوذا
من التقبيل علامة للغدر والتدليل حقاً تنبأ المرنم قائلاً ” رجل سلامتي الذي
وثقت به، آكل خبزي. رفع على عقبه ” (مز 41: 9) وهاهو يعبر عن خبثه ومكره
وتسليمه فيقول ” ألين من الزيت كلماته وهي سيوف مسلولة ” (مز 55: 21). يهوذا
لماذا خنت سيدك؟. لقد دعاك وجعلك شيئاً بعد أن كنت مجهولاً.أعطاك نصيباً في عشرته
وعلى يديه كنت محمولاً. من يديه أيها الشرير أخذت كل ما يطهرك، ألم يكن ذلك كافياً
حتى يردعك. لقد أعلن مراراً أن واحداً سيسلمه وكان يعرفه، لم يطرحك خارجاً بل
بيديه المباركة غسل إقدامك الملوثة. ماذا أنت؟ هل أنت حجر؟ أم حبك للمال قد ظفر؟
لماذا تقف أمام مخلصك وتوجه له هذه الضربة، حقاً تنبأ المرنم قائلاً ” أحبائي
وأصحابي يقفون تجاه ضربتي ” (مز 38).

 

ولماذا
نحن نخونه؟

لقد
خنت سيدك وبعته بثلاثين من الفضة، وأنت يا نفسي لماذا تخونين سيدك ألست تبيعينه
بشهواتك؟ بلذة عابرة! ما قيمة هذه اللذة؟ أليست هي الثلاثين من الفضة التي باع بها
يهوذا سيدك. لقد قبلت ربك مرارا وأعلنت له الحب، ولكنك لم تكادي تفارقيه حتى
تستسلمي لا عداءه فتسلمينه لهم. أنك يا نفسي مثل يهوذا بالأمس تكونين معه واليوم
تتجاذبك أشياء تجرحه وتفقدي نقاوة النعمة الثمينة. أنك مثل يهوذا اليوم من ربك
تتناولين وفي الغد لأعداءه تستسلمين. وأنتم يا غارقون في الشر. يا من عشتم تائهين
هاربين بسبب ذنوبكم. إذا كانت خطاياكم قد قست قلوبكم أو أعمتها. ليتكم تقفوا علي
حالتكم ولا تدعوا اليأس يستولي عليكم بل انظروا إلي رب الحياة واستغيثوا بالرحمة
فتحصلوا علي الغفران. انظروا فبينما كان هلاك يهوذا يغرق قلب يسوع في لجة الحزن.
كان الجلادون القساة يلقون علي كتفيه الداميتين بالصليب الغليظ الذي عليه تم
الفداء. لقد ترك يهوذا مسيحه وجري. هاهو يحاول إرجاع ثمن جريمته إلي الكهنة،
ولكنهم يشيحون عنه بوجوههم باحتقار أنه ينطلق إلي الهيكل ومنه إلي وادي هنوم ليقتل
نفسه. هذا هو مصيره ومصير كل من يشبهه. يا من تدعون انكم مسيحيون , ولمسيحكم تسيؤن
, وعلي صفحات الحياه والجرائد لأسمه تهينون , يا من وضعتم انفسكم في مكانه
المتحدثون بأسم المسيح والكنيسه وانتم منهم بعيدون. أفيقوا الكل يعرفكم ويدرك حجم
خيانتكم. الكل يعلم انكم يهوذا الجديد ويرددون ان يهوذا لا يزال يحيا وسطنا. عودوا
الي كنيستكم تائبين. ولا تكونوا لمسيحكم محاربين. والا فمصيركم هو مصير يهوذا
اللعين.

 

الصمت
لماذا؟

ربي ليتك تجيبني.
اسمعني صوتك. أنا اعلم انك كنت حزينا في ذلك الزمان. واعلم انك حزينا علي ما يجري
هذه الأيام. لقد سلمت ذاتك بإرادتك وسلطانك وحدك. ولم يكن صمتك وتسليمك عن عجز أو
ضعف فأنت القادر إذا تكلمت كلمة واحدة أن تسحقهم. لقد قلت حينما طلبوك ” أنا
هو ” فرجعوا إلي الوراء وسقطوا علي الأرض. فلماذا تترك نفسك بين أيدهم يمثلون
بك بكل قساوه؟.. نعم لقد احتملت كل ذلك وصبرت عليه حبا في خلاص جنس البشر.

 

انظري
با نفسي الجنود يسبونه ويهزءون به وينزلون الضربات علي رأسه وجسده. ليتك تقتربي من
عريسك في حبسه وتقدمي له دليل حبك. ليتك تتركي قلبك له حتى يتخذ منه سجنا له.
أوثقيه بقيود محبتك. ظلليه بلطفك. سكني جوعه بسخائك أروي عطشه بتوبتك. عزي حزنه
بطهارتك واستقامة أفكارك. حينئذ تسمعين صوته يقول لك يا عروسي أنت اليوم راحتي
وسأكون إلي الأبد راحتك، لقد كنت حارسا أمينا وأنا سجينا في قلبك لذلك هاأنا امسح
كل دمعة من عينك وأقيمك معي. أدخلي معي إلي فرحي. أدخلي فرح سيدك.

 

هل
قرعت صدرك؟

بينما
الفادي الحبيب يئن في الآمة وأوجاعه بل وهو غائص وغارق في دمائه كان الواقفون لا
يرون فيه سوي جسد مائت.. فماذا رأيتم أنتم فيه. هل بخلتم عليه بقطره من دموعكم
النابغة عن قلب جريح حزين. أما أن قلوبكم أصبحت صلده متحجرة. أن الجلادين المبغضين
الذين بأيدهم فتحوا عروقه ومزقوا جثمانه وخلعوا عظامه كانوا منحدرين من الجبل
برؤوس منحنية قارعين صدورهم كحال أناس متخشعين ” رجعوا وهم يقرعون صدورهم
” (لوقا 23: 48).. فكيف نجد اليوم من يفتحون جراح جسده (الكنيسه). هل هم وحوش
بهذا المقدار.

 

يا
اعداء المسيح أنني المح علي عيونكم قطرات يسيره من الدمع داله علي الزفرات
والعبرات الوافرة التي تريد ان تبرز منكم. فأطلقوا لها العنان ولا تمسكوها فليس
هناك وقت للبكاء أعظم من وقت التأمل في آلآم المسيح.

 

 كلاب
ثائرة وأسود مفترسة

قام الجند والقائد
وخدام اليهود وقبضوا علي يسوع ككلاب ثائرة وأسود مفترسة وشدوا يديه بالحبال شدا
عنيفا حتى كاد ينسلخ جلده. لقد قال عن نفسه ” روح الرب علي لأنه مسحنى لأبشر
المساكين. أرسلني لأشفي المنكسرى القلوب. لأنادي للمأسورين بالإطلاق ” (لوقا
4: 18). من أجل هذا سمح لهم السيد المسيح أن يوثقوه ليحل محل الإنسان المأسور في
الخطية والمربوط بوثاق الإثم. أية يد تلك التي تجاسرت أن تربط تلك اليدان اللتين
لم تصنعا سوي الخير والإحسان؟ آه يالقساوة قلبي أنا الشقي. لأني أنا هو الذي ربطت
يديك المقدستين يا الهي ومخلصي. كم من مرة أردت أن تمد لي يدك بمواهب نعمتك. أما
أنا فربطها ورددتها بفتوري وغفلتي عما يجب علي من المعرفة والشكر لجودك واحساناتك.
فامنحني يارب منذ الآن نعمة لكي أطيع إرشاداتك المقدسة ولا أخالف أرادتك الطوباوية،
مد لي يارب يدك وأفعل بي ما تشاء فأني أبنك الخاضع لك. واعطني ان أهب من غفلتي
لأتبعك , وليعلم الجميع انني ابن لك. ابن لملك الملوك ورب الأرباب. واعمل بك علي
الحفاظ علي بيعتك المقدسه من الأسود المفترسه التي تنتظر التهامها وهم مساكين لا
يدرون انك سبق ان اعلنت ان ابواب الجحيم لت تقوي عليها.!!

 

السياط
والأشواك

حكم علي الفادي بالصلب،
وكعادة الرومان كانوا يجلدون من يصدر ضدهم مثل هذا الحكم، وكانت آلام الجلد قاسية
حيث يربطون المحكوم عليه بعامود منحنيا ويضربونه فوق ظهره بالسياط، وما أقس ذلك
السوط الروماني. فلنتأمل المخلص الضابط الكل، الكاسي كل نسمة عريانا مربوطا بعامود
والجنود يتناوبون في جلده علي كتفيه وصدره المقدس تارة بالسياط وطورا بالحبال ذات
الأشواك الحديدية وأخري بالسلاسل حتى ترضضت أعضاؤه وتناثر لحمه وسال دمه.أنني
أتساءل في دهشة. من أي جنس كان أولئك الجنود؟ ومن أي نوع من الصخر كانت قلوبهم.

 

عندما تعب الجلادون من
الضرب ضفروا له إكليلا من الشوك وغرزوه في رأسه. تأملوا ذلك الجسد العليل. صاحب
الحمل الثقيل والرأس الكليل.. ألهي كيف يجري علي الصليب دمك الغالي الثمين كيف
يتوج بالشوك ذلك الجبين. تأملي يا نفسي مخلصك محكوما عليه ومدفوعا للعذاب والجلد وكأن
هذا العار كله لم يكن كافيا فزادوا عليه إكليل من الشوك وثوب الأرجوان.المرأعطوه
وبالحربة طعنوه وبإكليل الشوك كللوه ومن هو؟ انه خالق هذا الكون وضياه.

 

كفاكم ظلما

يا
من اضطهدتم المسيح قديما. ويا من تضطهدونه الآن في شخص اتباعه. كفاكم ظلما أن
الهنا عادل ورحيم وصفه داود النبي قائلا ,, الرب رحيم طويل الروح طويل البال وكثير
الرحمه ,, وهو صخرتي سندي ولا ظلم فيه ,,. ,, وعدله قائم الي الأبد,, وليس عدله
مؤقتا في الدنيا فقط لأنه ,, هو الديان العادل ,, وسيجازي كل نفس حسب عملها الصالح
أو الطالح ,, وليس عند الله محاباه ,,. والمؤمن الحقيقي يدرك تماما أن الرب سينصفه
وسيقف يوما في وجه الظالمين ولا يدع الظالم يفلت من العقاب. لا سيما حينما يتجبر.
ويطمئن الروح القدس كل نفس قائلا ,, ان رأيت ظلم الفقير ونزع الحق والعدل. فلا تخف
من الأمر الظلم لأن فوق العالي عاليا الرئيس الدنيوي يلاحظ والأعلي وهو الله فوقهما
,, (جا 5: 8).

 

أغرز أشواكك في رأسي

كيف
من أجلي يا ربي تأتي من علاك. تقيل عاري وتكلل بالأشواك، لم تهرب من الإهانة بل
لأجل خطاياي قبلتها. فما أضل الذين يقولون أنهم مستعدون أن يعملوا ما تريد وأن
يتبعوك وينضموا إليك وهم يغرسون في رأسك أشواك الإكليل بحياتهم المملوءة رياء
وتضليل .. ربي أن رؤوسنا المملوءة بأفكار العالم هي المستحقة للأشواك لذلك أسألك
يا الهي أن تغرز أشواكك في رأسي حتى تنزع من حياتي أهوائي ورغباتي. لقد قال عنك
داود مخاطبا إياك ” وبمجد وبهاء تكلله ” فكيف أراك الآن مكللا بإكليل
الشوك. أنت الذي كللت الإنسان بكل خير وبركة؟ كيف يكافئك علي صنيعك بهذا الإكليل
القاسي؟ أيها الخطاة امزجوا هذا الدم الجاري من رأس مخلصكم بدموعكم وعبراتكم،
وانحنوا إجلالا لهذه الرأس المكللة بالشوك فأنها هي الرأس المرتفعة فوق جميع
الرؤوس والمتعالية علي كل علو.

 

الظلم والظلمه.. ظلمه
العقل والفكر

ان
عالمنا هذا تسوده المظالم في كل مكان وزمان. فالظلم فيه ظاهره عامه ,, امتلأت
الأرض ظلما ,, (تك 6: 11 , حز 8: 17) ,, ومن كثره الظلم يصرخون ,, (أي 35: 9) وقد
سجل سليمان الحكيم عن واقع الحياه في عهده (1000 ق. م) ما يلي ,, رأيت كل المظالم
التي تجري تحت الشمس في الدنيا فهو ذا دموع المظلومين , ولا معز لهم , ومن يد
ظالميهم قهر , فغبطت أنا الأموات الذين ماتوا منذ زمان أكثر من الأحياء , والذين
هم عائشون بعد (الأجيال التاليه) وخير من كليهما الشعب الذي لم يولد ,, (جا 4: 1 3).
ومن الجدير بالذكر أن الظلم يشتق من الظلمه (جا 12: 2) أي ظلمه العقل والفكر والتمسك
بغباء بمفاهيم مقلوبه عن القوه الحقيقيه وضروره استخدام سياسه العنف في الأداره أو
القياده الديكتاتوريه وأن يطأ المتجبر علي رؤوس البشر ليهيمن علي من حوله. حقا ان
دوله الظلم ساعه ودوله الحق الي قيام الساعه.

 

الأناء
ينضح ما فيه

قد
يتسأل البعض ويريد معرفه سبب هذا الميل الفاسد الذي يجعل البعض يقابلون الخير
بالشر فنقول أن الأنسان بفطرته يميل الي مقابله الشيء بنظيره لأنه يشعر أنه نظير
لغيره من بني الأنسان مهما كانت ظروفه واحواله. لذلك يريد أن يقابل أعمال الأنسان
النظير بأعمال نظيرها فيدفع ثمن ما يقدم له من جيبه ولما كانت جيوب البعض أو
جعبتهم الداخليه يغلب عليها الشر. بل أن الشر هو كل ثروه الطبيعه الفاسده كان لابد
ان يكون الجزاء أو الثمن في غالب الأحوال شرا عوضا عن الخير. قد تقول اذا كان
الأنسان لا يقدر علي مقابله الخير بالخير فأقل ما يكون أنه لا يقابل الخير بالشر؟
فأجيبك أن كبرياء النفس الساقطه تأبي الا أن تقوم بتقديم تقدمه مهما كانت والأناء
عندئذ ينضح ما فيه. لذلك نري الأنسان اذا لم يستطع أن يقوم بعمل خير نظير الخير
الذي عمل معه فأن طبيعه الشر الكامنه فيه قد تنقلب في هذه الحاله الي حسد لفاعل
الخير فيقول (كيف أستطاع هذا الأنسان النظير أن يحسن الي أحسانا أعجز عن مكافأته
عنه؟ ولماذا يكون أفضل مني؟ لذلك يعمد الي الأساءه الي من أحسن اليه تعكيرا لصفوه
وهدما لفضله ولا ننسي دور الشيطان الذي يحرك الناس الي مقابله الخير بالشر ليجعل
الناس يبغضون الخير.

 وهذا
عين ما فعله اليهود مع السيد المسيح الذي جال بينهم يصنع خيرا لا شرا. فالذين أطلق
السنتهم الخرساء فتكلمت وأعاد الي ايديهم اليابسه الصحه والحركه هم هم الذين بصقوا
في وجهه ولطموه وهتفوا ضده!! لذلك ليس عجيبا أن نري أن من نسكت عن أخطائهم أملا في
اصلاحهم قد يسعون الي هدم من حولهم. هل هم معذورون لأنه ليس لديهم ما يقدمونه سوي
الغدر والخيانه فأصبحت اليد المرتعشه صافعه والأرجل المخلعه رافسه حقا الأناء ينضح
ما فيه ومن فضله القلب يتكلم الفم.

 

طريق
الجلجثه متواجدا في كل مكان

الهي أني أطوف بطريق
الجلجثة المؤلم.. لقد اصبح طريق الجلجثه متواجدا في كل مكان. لم يعد في مكانه
القديم بفلسطين فقط. لا انه في كل شارع وكل طريق. انني اطوف بطريق الجلجثه حيث
تساقط ولا يزال يتساقط دمك ليرحمني. في هذا الطريق أسمعي يا نفسي رب المجد وهو
يقول ” أن ثقل الصليب قد أوقعني علي الأرض مرارا ولكن الغيرة علي خلاص النفوس
تنهضني لإكمال الطريق “. كم اندهشت الملائكة من محبتك لهذه النفوس الهالكة.
وأنت يا أخي يا من تسير في نفس الطريق وتحب المسيح ليتك تشاركه العذاب حتى تنتعش
روحك وتقوي وحتى ينتصر هذا الحب، ليتك تتحد بالآمه حتى تجد لك السند علي احتمال
أشواك الطريق. لا تسلك بعيدا عنه ولا تدع عدو الخير يجرفك في طريقه فالدم الذي سفك
لأجلك اصبح مصدرا لقوتك وتستطيع ان تقول مع الرسول القديس بولس ” استطيع كل
شيء في المسيح الذي يقويني “.

 

 لن
أنزل عن الصليب

ربي أني أحاول أن أنزلك
عن الصليب، ولكنني لا أستطيع ذلك.. أن المسامير ممسكة بيديك وقدميك. ما هو السر؟
أسمعوا يقول لن أنزل لأنني لهذا اتيت. أيها الأحياء انظروا يديه المثقوبة وجنبه
الذي طعنوه… انظروا قدميه المسمرة وظهره الذي جلدوه ويا ليتكم لا تسمروا يدي
المسيح عندما تسمروا أيدي خدامه التي تأتي لكم بصوته ليتكم لا تدقوا أقدام المسيح
التي تبحث عنكم في طرقات الخطية ليتكم لا تطعنوا المسيح عندما تطعنون سفراءه
المرسلون إليكم ليتكم لا توثقوا يدي المسيح عندما تمتد لإنقاذكم ليتنا بالصليب
نفتخر ولزخارف العالم نحتقر.

 

ما
هو موقفك من المصلوب؟

وأنت
يا نفسي ما هو موقفك من مخلصك، يوحنا المعمدان شهد عنه بأنه حمل الله وبأنه لا
يستحق أن يحل سيور حذاءه. يوحنا الحبيب دعاه أسداً، داود دعاه صخرة وملجأ. أشعياء
دعاه مخلص. يهوذا أكرمه سيده فسلمه بطرس إنذاره إلهه فأنكره، فماذا أنت يا نفسي
فاعله به؟ هل تنكريه عندما يثور العالم ضده؟ هل تفضلين العالم عليه؟ انظري إلى
السماء، إلى قصدك وغايتك واطلبي ألهك ومسيحك فستجديه دائماً يحدق النظر إليك.

 

الهي،
عروك وأنت حله البر الأكيد وكسوه المؤمن السعيد. جروحك وأنت الطبيب الشافي ومعطي
الضياء الصافي أحزنوك وأنت مفرج الكروب وطبيب القلوب، سقطت تحت الصليب وأنت رجاء
الساقطين وعلاج المسقومين.احتقرت وأنت معطي الانتصار وواهب الافتخار. الهي ما
أعظمك، إلهي ما أعجبك.

 

أنا
عطشان

ربي
يسوع. هاأنا أسمعك تقول أنا عطشان. الذي فجر الماء من الصخرة الصماء يعطش. نهر
النعمة وبحر البهجة يقول أنا عطشان؟ يا مروي العطاش كيف عطشت؟. قدموا لك خلاً وعني
شربت.أنا أعلم أنك عطشان إلى نفسي وإلى كل نفس تائهة.فها أنا أقدم لك ذاتي. فأنا
العطشان لمجدك. عطشان للانطلاق إليك والحياة معك. كما أنت عطشان إلى النفوس. لقد
بذلت يا رب دمك حتى آخر نقطة منه لتروي عطشنا. ليت هذه القطرات الثمينة تسقط على
صحراء حياتنا فترويها فتنبت وتأتي بالثمار ويرتوي الجميع. هل أنت يا رب بحاجة إلى
مياه لتشرب وأنت ماء الحياة؟ كلا.. إن ما يرويك هو توبتي ورجوعي. فهل لازلت يا
نفسي مصممة على عطش إلهك أم تهبي لترويه؟. ليتك يا نفسي ترويه بتوبتك وتطفئ ظمأه
بكسب مزيد من النفوس إلى حظيرته.

 

 أنا
الذي صلبتك

لا
تقولي يا نفسي أنك بريئة من دم المسيح. فأنت كنت هناك معهم. هناك عند الجلجثة يوم
صلبوه وعذبوه. بل كنت من أولئك المجرمين الذين اشتركوا في مؤامرة صلبه وأشرفوا على
تنفيذها. فالذي صلبك يا رب هو في الحقيقة مجموعة من الخطايا استعبدت أشخاصاً
فنفذوا أوامرها.قيافا خضع لرعاية مصالحه الخاصة وأغراضه الشخصية فأنى بشهود زور. هيرودس
خضع لنجاسته وشهواته المرزولة فاستحقرك مع جنوده. بيلاطس خضع لخوفه وجبنه فأستسلم
وأطلق باراباس الأثيم وصلبك أيها الكريم.وأنا يا رب. ليتني أكون مثل إندراوس عندما
يسألونني عنك فأقول أني وجدته ولا أكون مثل يهوذا فأجيب أني أسلمته.او مثل بطرس في
سقطته فأقول أني أنكرته.ولا مثل توما المتشكك فأقول أني كذبته. ليتني أكون مثل
المعمدان فأقول أنني لست مستحق أن احل سيور حذائك.

 

هل
ستصلب مسيحك من جديد؟

وأنت
يا أخي كم سفكت دماء مسيحك وصلبته وعذبته بخطاياك. (كم أنكرته) في ضعفك وجهلك. كم
خنته بسبب القليل من الفضة أو جرياً وراء المصالح والمال. كم خجلت من إعلان اسمه
في حماقة وجبن واستسلام. فهل لازلت مصرا علي سلوكك؟. انتبه ان ابليس واعوانه
يريدون اقتناصك بعيدا عن مسيحك فهل ستصلبه من جديد؟

 

وأنت
يا إلهي سامحنا من أجل دمك الذي سفك لأجلنا والذي اشتركنا في جريمة سفكه فمحبتك
الكبيرة تستطيع أن تغفر كل هذا ودمك الطاهر يستطيع أن يخلص العالم إلى التمام
فيستطيع كل مؤمن أن يردد مع الرسول قائلاً ” مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل
المسيح يحيا في “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار