كتب

النظام السياسي



النظام السياسي

النظام
السياسي

 

أ-
الحكم الجمهوري

برنابا
69: 4-9 ” واستمر يسوع في كلامه قائلاً: أيها الفقهاء والكتبة والفريسيون
وأنتم أيها الكهنة قولوا لي. إنكم لراغبون في الخيل كالفوارس ولكنكم لا ترغبون في
المسير إلى الحرب، إنكم لراغبون في الألبسة الجميلة كالنساء، ولكنكم لاترغبون في
الغزل وتربية الأطفال. إنكم لراغبون في أثمار الحقل ولكنكم لاترغبون في حراثة
الأرض. إنكم لراغبون في أسماك البحر ولكنكم لاترغبون في صيدها، إنكم لراغبون في
المجد كالجمهوريين ولكنكم لا ترغبون في عبء الجمهورية “

من
الواضح جداً أنه لا يمكن أن يوجه المسيح مثل هذا القول لكتبة وفريسيي القرن الأول
في فلسطين والحديث عن المسير إلى الحرب، والحكم الجمهوري لا يمكن أن يكون حديث
المسيح – الذي كان رجل سلام ولم يكن من شيمه الدعوة إلى الحرب – في القرن الأول
الميلادي في ظل الاحتلال الروماني لفلسطين، الذي كان يحكم البلاد بيد من حديد لم
تكن تدع واحداً من أهلها يحلم بالحكم الجمهوري، ولكن هذه الأمور – ركوب الخيل
والسير إلى الحرب والحكم الجمهوري – كانت من طابع سكان غرب أوربا في العصور الوسطى،(28) وهذا يؤكد أن هذا الإنجيل كُتب في عصر النهضة
والجمهوريات في أوربا

*ملحوظة:

-إن
الكتبة والفريسيين معروفون أما كلمة الفقهاء فنحن نتساءل:


من هم الفقهاء؟ هل هم الصدوقيون حيث أن الطائفتين متلازمتان؟ أم هم طائفة أخرى؟ مع
ملاحظة أن هذه الكلمة لم تأت على لسان المسيح قط

And
Jesus continued saying: O
doctors, O scribes, O pharisees

هل
في ذكر الخيل والفوارس تأكيد واضح أن هذا الكتاب كتب بعد زمن الحروب الصليبية حين
انتشرت نظم الفوارس (مثل فرسان المعبد……..الخ)

(28) إنجيل برنابا. عوض سمعان. ط3 ص 80

 

ب-
نظام الأقطاع

برنابا
194: 1، 3 “فتشاور الكتبة والفريسيون مع رؤساء الكهنة ليقتلوا لعازر… ولكن
لما كان قوياً وله أتباع في أورشليم وممتلكاً مع أختيه المجدل (29) وبيت عنيا (30) لم يعرفوا ماذا يفعلون “

وهنا
نرى لعازر مع أختيه ممتلكاً المجدل وبيت عنيا، ونظام الامتلاك هذا لم يكن معروفاً
بالمرة في فلسطين في زمن المسيح ولكن كان منتشراً في المجتمع الأوربي في العصور
الوسطى عندما كان نظام الاقطاع
Feudalism سائداً هناك. وهذا يوضح أن الإنجيل لا يمكن أن يكون مكتوباً
بواسطة أحد تلاميذ المسيح في فلسطين، بل بواسطة شخص قد عاش في أوربا في العصور
الوسطى.

(29) مجدل: “كانت مجدل تقع على الساحل الغربى لبحر الجليل، عند
الطرف الجنوبى الغربى لسهل جنيسارت (مت 15: 39) ومجدل: كلمة عبرية تعنى البرج أو
الحصن ” دائرة المعارف الكتابية. مجلد 1 سنة 1997. ص 98 وكانت تقع في منطقة
نفوذ هيرودس انتيباس.

(30) بيت عنيا: اسم
أرامى لا يعلم معناه على وجه التحديد، فقد يعنى ” بيت التمر ” أو
“بيت الغناء” وهى قرية صغيرة على بعد نحو ميلين إلى الجنوب الشرقى من
أورشليم (يو 11: 18). وكان يعيش في بيت عنيا مريم ومرثا وأخوهما لعازر، وفيها أقام
الرب يسوع لعازر من الأموات (يو11: 17). ومازالت بيت عنيا قائمة حتى الآن، وهى
قرية صغيرة وتعرف الآن باسم “العازرية ” نسبة إلى لعازر ” دائرة
المعارف الكتابية. ج2. ص 299. وبالنظر إلى الخريطة المرفقه نجد أن بيت عنيا في
جنوب فلسطين في الجزء الخاضع لحكم بيلاطس، بينما نجد أن مجدل في أقصى شمال فلسطين،
في الجزء الخاضع لهيرودس انتيباس. فكيف امتلك لعازر – رغم عدم وجود مثل هذا – في
أقصى الشمال والجنوب في منطقتين مختلفتين خاضعتين لنفوذ شخصين مختلفين؟

 

5-
النظام المالى:

أ-
الرطل كوحدة أوزان

برنابا
217: 88 بعد موت المسيح “دفنوه في القبر الجديد ليوسف بعد أن ضمخوه بمئة رطل
من الطيوب “

having
wrapped him up in an
hundred pounds of precious ointments

بينما
يذكر الرسول يوحنا ” وجاء أيضاً نيقوديموس.. وهو حامل مزيج مر وعود نحو مئة
مناً. فأخذا جسد يسوع ولفاه بأكفان مع الأطياب كما لليهود عادة أن يكفنوا”
(يو 19: 39-40).

وعندما
يذكر الكاتب هنا مئة رطل فهو يؤكد تاريخ كتابة إنجيله فأول من استخدم الرطل كوحدة
للوزن هم العثمانيون في تجارتهم مع إيطاليا(31)
وأسبانيا ولم يكن الرطل كوحدة وزن معروفاً في زمن المسيح

أما
وحدة الوزن في زمن المسيح فهى الشاقل ” وكلمة شاقل العبرية معناها ثقل أي وزن
وكان الشاقل هو وحدة الأوزان للمعادن عند الشعوب السامية قديماً ولم يكن هناك
معيار ثابت للشاقل، بل أن قطع الأوزان الأثرية التي تم العثور عليها والتى تحمل
نفس الرموز ليست متساوية، ويقدر الشاقل في أغلب المراجع بما بين 11.30 – 11.47 من
الجرامات. ويقول حزقيال إن الشاقل عشرون جيرة (حز 45: 12). والمنا يساوى ستين
شاقلاً ” (32)

 

2-
العملة المستخدمة


برنابا 98: 8 معجزة إشباع خمسة آلاف رجل خلا النساء والأطفال “أجاب
فيلبس” يا سيدي أن مئتي قطعة من الذهب لا تكفى لشراء ما يتبلغون به من الخبز

Philip
answered: Lord, two hundred pieces of gold could not buy so much
bread

وإذ
نرجع إلى إنجيل يوحنا نجد فيلبس يقول: “لا يكفيهم خبز بمئتى دينار ليأخذ كل
واحد منهم شيئاً يسيراً ” يو 6: 7

*
برنابا 214: 5-6 في مفاوضات يهوذا مع رئيس الكهنة لبيع المسيح

فأجاب
رئيس الكهنة: كم تطلب؟

قال
يهوذا: ثلاثين قطعة من الذهب

The
high priest answered ‘How
much scekest thou?” said Judas, “Thirty pieces of gold

*برنابا
54: 22-23 “لأن من يأخذ بالصرافة قطعة ذهب يجب أن يكون معه ستون فلساً”

For
he who would get in change
a piece of gold must have sixty mites

(31) إنجيل
برنابا: هل يمكن تصديقه؟ ص 12

(32) دائرة
المعارف الكتابية ج 4. ص 49

 

التعليق

لكى
تكون الصورة واضحة حول هذه الجزئية نقدم أولاً بعض المعلومات حول العملات
اليونانية، والرومانية (33) واليهودية ثم نقدم تعليقنا حول الموضوع.

العملة
اليونانية

1-
الدراخمة 1-
The drachma

العملة
اليونانية الرئيسية هي الدراخمة الفضية

وقد
ُذكرت في لو15: 8 “درهم” وهى تساوى تقريباً الدينار الروماني

2-
داى دراخمة 2-
The didrachma

والبادئة
di تعنى اثنين أي أن هذه العملة تساوى 2 دراخمة أى تقريبا 2 دينار.
وهى تساوى الضريبة السنوية التي يدفعها اليهودى للهيكل (مت 17: 24)

 (3)
استار 3-
Star

يساوى
4 دراخمة، وهى ضريبة الهيكل التي دفعت عن بطرس والمسيح (مت 17: 47)

4-
المنا 4-
The Mna

وهى
التي جاءت في لوقا 19: 11-27

وجمعها
” أمناء” (أجرة 10 أيام. والدينار أجرة يوم).

(33)المراجع:

The New Bible Dict., The
Inter-varsity Fellowship, 1967, London.pp. 480-481

Aconcise GreekEnglish Dict.,

-فهرس كلمات العهد الجديد اليونانية. القس غسان خلف. ص 41، 45، 48

 

2-
العملة الرومانية

1-
الدينار الفضي 1-
Silver denarius

وهو
العملة الرومانية الرئيسية، وكلمة دينار مأخوذة من الكلمة اللاتينية
“ديناريوس “
Denarius التي تعنى عشرة (deni = ten at time) لأن الدينار كان يساوى عشرة “آسات” رومانية. وكان
الدينار الروماني من الفضة، وكان يزن نحو ثلاثة جرامات، (34) وهناك دينار يوليوس
الذهب

The aureus or denaruis
aureus
(golden denarus)

وهو
عملة ذهبية كانت في زمن يوليوس قيصر سنة 49 ق.م، ولم تذكر في الكتاب المقدس، ولكن
ذكرها يوسيفوس في عادياته 15: 508

2-
الآس 2-
The copper

وهو
يساوى 1/16 من الدينار الفضى وقد ترجم في الكتاب المقدس “فلس” مت 10: 29،
لو 12: 6

وهو
أصغر عملة رومانية (مر 12: 42) (35) ويساوى 1/4 الآس.

مما
سبق نرى أن العملة التي كانت سائدة في زمن المسيح هي العملة الفضية وليست هناك
عملة ذهبية بالمرة، فعندما يذكر إنجيل برنابا أن فيلبس قال إن مائتى قطعة من الذهب
لا تكفى فهذا يوضح أنه لم يكن معاصراً للمسيح بل في العصور الوسطى، عندما تحولت
الكلمة من
denarius إلى dinar وتعنى عملة ذهبية. (36) وطبعاً 200 قطعة من الذهب تكفى لشراء
الخبز المطلوب وأكثر، وبذلك تكون ملاحظة فيلبس هنا ليست ذات قيمة


وأيضاً في بيع المسيح بثلاثين قطعة من الذهب (بر 214: 5-6) ما يؤيد ما سبق وذكرناه،
والمسيح قد بيع بثلاثين من الفضة (مت 26: 15)، وهو المبلغ الذي كان يدفع للمالك
كتعويض عن فقد أحد العبيد (خر21: 32)، وهو ما سبق وتنبأ عنه زكريا ” فوزنوا
أجرتي ثلاثين من الفضة” (زك11: 12 -13)


وأما ما جاء في برنابا 54: 22-23 ” لأن من يأخذ بالصرافة قطعة ذهب يجب أن
يكون معه ستون فلساً”

فى
المخطوطة الإيطالية يقسم الدينار الذهبي
golden denarius
إلى ستين
minuti وهذه هي العملة التي كانت منتشرة في أسبانيا في فترة Visigothic period وهذا يوضح الخلفية الأسبانية لإنجيل برنابا. (37)

 

ج
– معيار الفضة

برنابا
74: 16 “لاحظوا إذا كيف أن الصيرفي ينظر في النقود هل صورة قيصر صحيحة وهل
الفضة صحيحة أم كاذبة وهل هي من العيار المعهود”

لقد
كانت النقود من الفضة وكانت تزيف باضافة معادن أقل في القيمة، وهذا الأمر لم يكن
معروفاً في زمن المسيح، ولكنه عُرف وانتشر في الأمبراطورية العثمانية في معاملاتها
التجارية مع الدول الأوربية. وكان العثمانيون هم أول من أهتم بمعايير الذهب
وأطلقوا على أجود أنواعه وأنقاها كلمة البندق.(38)

(34)دائرة المعارف الكتابية.ج3.ص 454

والدينار هو أجر العامل في اليوم (مت 20: 1-6، لو 10: 35)

3- الفلس 3- The
quadrans

(35) يرى القس ليون موريس أن الفلس هنا يشير إلى عملة يهودية، وهى
العملة اليهودية الوحيدة التي ورد ذكرها في العهد الجديد، وكان قيمتها النقدية
ضيئلة وهى الحد الأدنى للتقدمة (تفسير لوقا. ص 314)

لمزيد من الدراسة ارجع إلى:

1- دائرة المعارف الكتابية. ج1 ص 206. ج 3 ص 343، 454، 424، ج4.ص490-
491

2- قاموس الكتاب

3- فهرس كلمات العهد الجديداليونانية. القس غسان خلف

4- قاموس العهد الجديد اليونانى الإنجليزى. باركلى نيومان. ص 41، 45،
48

(36) إنجيل برنابا: قيمته الحقيقية. ص 18

Philip answered him,“Thundred
denarii worth of bread not sufficient for them, for every one to
receive a little, (New American standard Bible

(37) أصول ومصادر إنجيل برنابا. جون جلكرست.ص 29.

(38) إنجيل برنابا: إنجيل مزيف. القس صفاء داود. سنة 1994. ص 25

 

6-
فلسفة وتعاليم العصور الوسطى

تضمن
إنجيل برنابا عبارات مُصاغة في أسلوب فلسفي توضح الزمن الذي كتب فيه، وحتى لاأكون
متجنياً سأورد هنا هذه العبارات ولتحكم معى عزيزى القارئ:

أ-
عن الله

*
برنابا 17: 5-18 “أجاب يسوع يا فيلبس إن الله صلاح بدونه لا صلاح. إن الله
موجود بدونه لا وجود، إن الله حياة بدونها لا أحياء. هو عظيم حتى أنه يملأ الجميع،
وهو في كل مكان. هو وحده لاند له. لا بداية ولا نهاية، ولكنه جعل لكل شئ بداية
وسيجعل لكل شئ نهاية. لا أبناء ولا أم له. لا أبناء ولا إخوة ولا عشراء. ولما كان
ليس لله جسم فهو لا يأكل ولا ينام ولا يموت ولا يمشى ولا يتحرك. ولكن يدوم إلى
الأبد بدون شبيه بشرى. لأنه غير ذى جسد وغير مركب وغير مادي وأبسط البسائط. وهو
جواد لا يحب إلا الجود. وهو مقسط حتى إذا هو قاض أو صفح فلا مرد له. وبالاختصار
أقول لك يا فيلبس إنه لا يمكنك أن تراه وتعرفه على الأرض تمام المعرفة ولكنك ستراه
في مملكته إلى الأبد حيث يكون قوام سعادتنا ومجدنا.”

برنابا
43: 6-8 “فأجاب يسوع: كل من يعمل فإنما يعمل لغاية يجد فيها غناء. لذلك أقول
لكم إن الله لما كان بالحقيقة كاملاً، لم يكن له حاجة غناء. لأن الغناء عنده
نفسه”.

*برنابا
83: 27-28 قول المسيح “اعترف بك إلهاً الأحد، الذي ليس لك من بداية، ولا يكون
لك من نهاية لأنك برحمتك أعطيت كل الأشياء بدايتها وستعطى بعد ذلك الكل نهاية.
لاشبه لك بين البشر، لأنك بجودك غير المتناهي لست عرضة للحركة ولا أي عارض.”

Thou
are not subject to motion
nor to any accident

*
برنابا 95: 9 قال يسوع: ” إنه مكتوب هناك أن الله لا يُرى وأنه محجوب عن عقل
الإنسان لأنه غير متجسد وغير مركب وغير متغير”

ع
11 “فقال يسوع: إنه مكتوب هناك كيف أن سماء السموات لا تسعه، لأن إلهنا غير
محدود. “

ع
13 “فقال يسوع: إنه مكتوب أن ليس لله حاجة لأنه لا يأكل ولا ينام ولا يعتريه
نقص. “

*
برنابا 105: 1 “إن الله لا يدركه قياس”

*
برنابا 128: 10 “إلهنا هو الإله العظيم الذي خلق بكلمته الكون بالأمم
وآلهتهم”

*
برنابا 133: 13-14 قول المسيح “فالحق أقول لكم أنه الله ربنا رب كل الأشياء
لأنه خلق الأشياء كلها ولكنه ليس أباً على طريقة الطبيعة لأنه غير قادر على الحركة
التي لا يمكن التناسل بدونها”.

But
he is not a father after the
manner of nature for that he is incapable of mation
which without generation is
impossible

*
برنابا 158: 15-17 عن الله ” صلاح غير متناه بدون أدنى شر وهذا هو الله
وحده”

*برنابا
161: 13-14 ” وعليه لما كان الله غير مركب وغير متغير، فهو أيضاً غير قادر أن
يريد وأن لا يريد الشئ الواحد لأن بذلك يصير تضاد في نفسه يترتب عليه ألم ولا يكون
مباركاً إلى مالا نهاية له.

*
برنابا 180: 7 “لما كان الله غير محدود والإنسان محدوداً لم يستحق الإنسان
الله”.

*
برنابا 184: 3 “إن الله منشئ كل صلاح وأنه هو نفسه منشئ الخطيئة “

*
برنابا 189: 7″من المؤكد أن الله لا يفعل هذا لأنه غير متغير”.

وبالرجوع
إلى ما كتبه الفلاسفة حول هذا الموضوع نجد أنها لا تشابه ما جاء في إنجيل برنابا
فقط بل تطابقه تماماً مثل:

1-
أفلوطين

“ورد
في المخطوطة رقم 539 مارش شرقي بمكتبة بودلي باكسفورد

قال
الشيخ اليونانى (أفلوطين):

*
الفاعل الأول ساكن غير متحرك بشيء من أنواع الحركة.. وينبغي للفاعل الأول أن يكون
ساكناً غير متحرك، إذا كان واجباً أن يكون شئ ما ثانياُ بعده، وأن يكون فعله من
غير روية ولا حركة ولا إرادة مائلة إلى المفعول. والمفعول الأول – وهو العقل –
انبجس من شدة سكون الفاعل وقوته، ثم انبجست منه سائر الأشياء العقلية والحسية
بتوسط العقل.

*
إنه واحد عظيم أعظم الأشياء لا بالجثة، لكن بالقوة، وكذلك إذا قلنا إنه لا نهاية
له، لا يعنى أنه لا نهاية له بأنه جهة أو عدد، لكننا نعنى أنه لا يحيط بقوته شئ،
وذلك أنه فوق وهم المتوهم، ثابت، قائم بذاته، ليس فيه شئ من الصفات“(39).

2-
الكندي

*وإذ
الكثرة موجودة في الحركة، فالواحد الحق لا حركة، والواحد الحق لا نفس والواحد الحق
لا أسماء متردافة (40)

(39) أفلوطين عند العرب. حققه وقدم له د. عبد الرحمن بدوى. دار النهضة
العربية. سنة 1966.ص 184 تحت عنوان “نصوص متفرقة لافلوطين.

(40) نماذج من
فلسفة الإسلاميين د. سامى نصر لطفى. عن “الفلسفة الأولى من رسائل
الكندى”. ص 112

 

3-
الفارابي

الله
واجب الوجود، وهذا المفهوم يحمل في ذاته صفات مثل: كونه تعالى ثابتاً لا يتغير
قائماً بذاته لا يحتاج إلى علة، منزهاً عن الانقسام….

منزهاً
عن الكليات المنطقية لأنها تتضمن التركيب، ولأن لا جنس له فلاحد له، ولأنه واحد
بالذات فلا تركيب له وهو أيضاً فوق الجسمية وهو يُعرف بذاته لا بغيره.

هو
أزلى دائم الوجود بجوهره وذاته، وهو مباين بجوهره لكل ما سواه وهو بسيط غير منقسم،
وما لا ينقسم في جوهره فهو واحد في جوهره (41)

*
وقد جاء في “رسالة في العلم الإلهى ” منسوبة للفارابى عن الله “وأن
يكون مكتفياً غنياً بنفسه.. بسيط محض وأن الفاعل الأول يبقى على حاله ساكناً
قائماً تاماً”.(42)

3-
ابن سينا

“صفات
واحد الوجود:

واحد
من جميع الوجوه: واحد لا شريك له، وواحد في ذاته، وواحد في صفاته وواحد في أفعاله

ومن
حيث وحدة الذات: نجد أن ذاته لا تنقسم إلى أجزاء إذ هي بسيطة غير مركبة. وهو خير
محض وكمال محض وحق وهو عقل وعاقل ومعقول وهو حكمة وحكمته إرادته الثابتة التي لا
تتغير ولا تسعى لغاية، وهو بذاته عاشق ومعشوق”(43)

وانتقل
هذا الفكر الإسلامى في عصر النهضة إلى أوربا عن طريق أسبانيا وخاصة مدينة طليطلة،
وعن طريق صقلية وجنوب إيطاليا، خصوصاً في عهد ملوك النورمان، وأشهرهم فريدريك
الثانى (القرن الثالث عشر)

وحيث
أن إنجيل برنابا يحتوى مثل هذه التعبيرات(الفاعل الأول ساكن

غير
متحرك – صلاح بدونه لا صلاح – أبسط البسائط، غنى في ذاته… الخ)، وهى تعبيرات
فلسفية لم تعرف في أوربا قبل بدء عصر النهضة. فهذا يؤكد أن إنجيل برنابا كتب بعد
القرن الرابع عشر.

(41) المرجع السابق. ص 175، 176، 181-185

(42) أفلوطين
عند العرب. ص 178، 179، نص الرسالة الكامل. ص 165-183

(43) نماذج من فلسفة الإسلاميين. ص 221

 

ب-
النفس

برنابا
106: 1-13 ” فلما فرغ يسوع من صلاة الفجر جلس تحت شجرة نخل فاقترب تلاميذه
إليه هنا. حينئذ قال يسوع: لعمر الله الذي تقف نفسي في حضرته إن كثيرين مخدوعين في
شأن حياتنا. لأن النفس والحس مرتبطان معاً ارتباطاً محكماً حتى أن أكثر الناس
يثبتون أن النفس والحس إنما هما شئ واحد فارقين بينهما بالعمل لا بالجوهر ويسمونها
بالنفس الحاسة والنباتية والعقلية. ولكن الحق أقول لكم أن النفس هي شئ حي
مفكره. ما أشد غباوتهم فأين يجدون النفس العقلية بدون حياة. لن يجدوها أبداً. ولكن
يسهل وجود الحياة بدون حس كما يُشاهد في منْ وقع في غيبوبة متى فارق الحس.

أجاب
تداوس: يا معلم متى فارق الحس الحياة فلا يكون للإنسان حياة؟

أجاب
يسوع: إن هذا ليس بصحيح لأن الإنسان إنما يفقد الحياة متى فارقته النفس لأن النفس
لا ترجع إلى الجسد إلا بآية. ولكن الحس يذهب بسبب الخوف الذي يعرض له أو بسبب الغم
الشديد الذي يعرض للنفس. لأن الله خلق الحس لأجل الملذة ولا يعيش إلا بها كما أن
الجسد يعيش بالطعام والنفس تعيش بالعمل والحب، فهذا (الحس) يخالف النفس بسبب الغيظ
الذي يلم به لحرمانه من ملذة الجنة بسبب الخطيئة. لذلك وجب أشد الوجوب وأكده على
من يريد تغذيته بالملذة الجسدية أن يغذيه بالملذة الروحية”.

برنابا
123: 3-12 قول المسيح ” إن إلهنا لأجل أن يظهر لخلائقه جوده ورحمته وقدرته
على كل شئ مع كرمه وعدله صنع مركباً من أربعة أشياء متضاربة ووحدها في شبح واحد
نهائي هو الإنسان وهى التراب والهواء والماء والنار ليعدل كل منها ضده.
وصنع من هذه الأشياء الأربعة إناءً، وهو جسد الإنسان من لحم وعظام ودم ونخاع وجلد
مع أعصاب وأورده وسائر أجزائه الباطنية. ووضع الله فيه النفس والحس بمثابة يدين
لهذه الحياة. وجعل مثوى الحس في كل جزء من الجسد لأنه انتشر هناك كالزيت. وجعل
مثوى النفس القلب حيث تتحد مع الحس فتتسلط على الحياة كلها. فبعد أن خلق الله
الإنسان هكذا وضع فيه نوراً يُسمى العقل ليوحد الجسد والحس والنفس لمقصد واحد وهو
العمل لخدمة الله. فلما وضع هذه الصنيعة في الجنة وأغرى الحس العقل بعمل الشيطان،
فقد الجسد راحته وفقد الحس المسرة التي يحيا بها وفقدت النفس جمالها. فلما وقع
الإنسان في هذه الورطة وكان الحس الذي لا يطمئن في العمل بل يطلب المسرة غير
مكبوحة الجماح بالعقل اتبع النور الذي تظهره له العينان. ولما كانت العينان لا
تبصران شيئاً غير الباطل خدع نفسه واختار الأشياء الأرضية فأخطأ. لذلك وجب برحمة
الله أن ينور عقل الإنسان من جديد ليعرف الخير والشر والمسرة الحقيقية”.

برنابا
173: 19-26 “إن نفس الإنسان وجسده وحسه تخدم الله. فالنفس تنظر وتأمر بالخدمة
فقط لأن النفس لما كانت لا تأكل خبزاً فهي لا تصوم ولا تمشى ولا تشعر بالبرد أو
الحر ولا تمرض ولا تقتل لأنها خالدة. وهى لا تكابد شيئاً من الآلام الجسدية التي
يكابدها الجسد بفعل العناصر، فأقول هل من العدل أن تذهب النفس وحدها إلى الجنة دون
الجسد الذي أنهك نفسه بهذا المقدار في خدمة الله. قال بطرس: يا معلم لما كان الجسد
هو الذي حمل النفس على الخطيئة فلا ينبغى أن يوضع في الجنة. أجاب يسوع: كيف يخطئ
الجسد بدون النفس. حقا هذا محال، فإذا نزعت رحمة الله من الجسد قضيت على النفس
بالجحيم”

برنابا
194: 12 “إن الجسد متى انفصل عن الحس في غيبوبة، فليس له ميزة على الميت
والمدفون، وإن كانت فيه النفس سوى أن المدفون ينتظر الله ليقيمه أيضاً والفاقد
الشعور ينتظر عودة الحس”.

برنابا
105: 23-26 “فأجاب يسوع: أيمكن أن يوجد إنسان فيه حياة ولا تعمل فيه
حاسة؟”

أجاب
التلاميذ: لا

قال
يسوع: إنكم تخدعون أنفسكم فأين حاسة من كان أعمى أو أطرش أو أخرس أو أبتر والإنسان
حين يكون في غيبوبة؟. فتحير التلاميذ حينئذ، أما يسوع فقال: “يتألف الإنسان
من ثلاثة أشياء أي النفس والحس والجسد وكل منهما مستقل بذاته”.

*
يقول مترجم إنجيل برنابا

إن
هذا الإنجيل ” يباين الأناجيل الأصلية في بعض أساليبه لأنه كثيراً ما يخوض في
المسائل الفلسفية والمباحث العلمية مما يرويه عن المسيح الذي كانت تعاليمه الباهرة
ومباحثة الدينية على ما هي عليه من التفرد في السمو عنوان البساطة، حتى كان
يفهمهما لأول وهلة الزارع والصانع والسيد والخادم والشيخ والفتى دون أدنى إجهاد
للذهن.

والفلسفة
التي تتخلل مباحث هذا الإنجيل إنما هي ضرب من فلسفة أرسطوطاليس التي كانت شائعة في
القرون الوسطى… وفلسفة أرسطاطاليس لم تصل إلى الغربيين إلا من العرب وخصوصاً عرب
الأندلس الذين دخلوا أسبانيا واضاؤا بمشكاة علومهم تلك الأعصر الأوربية التي كان
الجهل مخيماً فيها “(44)

وقد
علق أيضاً المترجم على ما جاء في برنابا 106 بأنه “يشير إلى ضرب من فلسفة
أرسطوطاليس الذي كان شائعاً في القرون الوسطى”(45)

لقد
استخدم كاتب إنجيل برنابا في النصوص السابقة تعبيرات فلسفية لم تكن منتشرة ومعروفة
قبل نهاية العصور الوسطى وبدء عصر النهضة. فمن أين أتى بها؟ لنرجع إلى مراجعنا
التاريخية لنعرف نبذة مختصرة عن الموضوع من البداية:

1-
ظهر المعلم الأول سقراط (469 – 399 ق.م) وعاش في أثينا القديمة نحو سبعين سنة ومات
دون أن يترك أثراً مكتوباً، إلا أن التراث الذي سجله عنه تلميذه الفذ
“أفلاطون ” يدل على غزارة في التفكير العلمى الصائب.

وقد
تناول الإنسان بوصفه كائناً يمتلك جسداً فانياً وروحاً خالدة، وجاء في وصفه ”
للروح ” أنها مكونة من مادة تجمع في تركيبها النار والهواء (46)

2-
ثم أكمل المسيرة أفلاطون(427-347 ق.م)، الذي تتلمذ على يد سقراط وقد أخذت مؤلفاته
شكل المحاورات (47)

3-
و جاء بعد أفلاطون، أرسطو وهو أيضاً فيلسوف يونانى عاش في أثينا القديمة، تتلمذ
على يد أفلاطون، وكان يحاضر تلاميذه وهو يتجول في الطرقات سيراً على الأقدام فُسمى
وأتباعه بالمشائين.

ويُعد
أرسطو أعظم فلاسفة اليونان القدامى، وأبو علم النفس الحقيقى والشرعى وقد أحتلت
مشكلة العلاقة بين النفس والجسم مقعداً دائماً على مائدة العلم الخاص لدى أرسطو. (48)

4-
ثم انتشرت هذه التعاليم والتعبيرات الفلسفية في القرن الثالث في الأسكندرية بواسطة
أفلوطين (توفى عام 269م)، وقد جاء في تاسوعاته، عن النفس ما يلي:

“إن
النفس ليست بجرم وأنها لا تموت ولا تفسد ولا تفنى، بل هي باقية دائماً”

“أما
نفس الإنسان فإنها ذات أجزاء ثلاثة: نباتية وحيوانية ونطقية وهى مفارقة البدن عند
انتقاصه وتحلله”

“إن
النفس متجزئة، وإنما نعنى بذلك أنها في كل جزء من أجزاء الجسم لأنها تتجزأ بتجزؤ
الجسم والدليل على ذلك أن كل عضو من أعضاء البدن يكون حساساً دائماً إذا كانت قوة
النفس فيه”.

“الأنفس
كانت هي في عالمها قبل أن تنحط إلى الكون حاسة، إلا أن حسها كان حساً عقلياً، فلما
صارت في الكون ومع الأجسام صارت هي أيضاً تحس حساً به جسمياً “(49)

5-
وانتقلت تعاليم الفلاسفة اليونانيين إلى العرب بواسطة كثير من المترجمين في
القرنين التاسع والعاشر الميلادى. ونذكر بعض الأمثلة:

-ترجم
عبد المسيح بن ناعمة الحمصي (في حدود سنة 220ه/835م) للخليفة المعتصم كتاب
أرسطوطاليس الفيلسوف المسمى باليونانية “أثولوجيا” وراجعه الكندي، وهو
نقل غير حرفي لشرح فوفوريوس لتاسوعات أفلوطوين 4-6


وترجم قسط لوقا البعلبكي. (فى حدود سنة 205ه/820م) للخليفة المستعين شرح
الأسكندر(الأفروديس) ويحيى النحوي على كتاب السماع الطبيعي لأرسطو وكتاب أرسطو عن
النوم والأحلام وعن طول العمر.


وترجم حنين ابن اسحق العبادي (في القرن التاسع) لأرسطو “القياس، النفس، ما
بعد الطبيعة، شرح الأسكندر على كتاب السماع الطبيعي، السماء والعالم وغيرها، وترجم
لأفلاطون: الجمهورية – كتاب النواميس – بيانات عن مختصرات لمحاورات أفلاطون عملها
جالينوس.


وترجم أبو بشر متى بن يونس (فى القرن العاشر) كتاب البرهان (أنالوطيقيا الثانى)
لأرسطو عن الترجمة السريانية لإسحق بن حنين وغيرهم كثير من المترجمين. (50)

6-
إذن لقد عُرفت الفلسفة الأرسطية في العالم العربى عن طريق الترجمات والشروحات
السريانية وبدأت تُفهم بصورة أفضل في زمن الخليفة المأمون، إذ أن الترجمات نقلت
بصورة مباشرة من اليونانية وأدى هذا إلى ظهور فئة من الدارسين الذين أطلق عليهم
لقب فلاسفة وكان أول هؤلاء:

أ-
أبويوسف يعقوب ابن إسحق الكندى (المتوفى حوالى سنة 873م)، وهو ينحدر من ملوك كندة
اليمنيين، كان عارفاً باللغة اليونانية فترجم ولخص كثيراً من الكتب اليونانية. (51)

ولقد
كتب الكندى رسالة بعنوان: “القول في النفس المختصر من كتاب أرسطو وأفلاطون
وسائر الفلاسفة “، والذى يمكن الانتهاء إليه من هذه الرسالة أن الكندى يميل
إلى الجمع بين رأى كل من أفلاطون وأفلوطين في النفس. والنفس عنده هي جوهر الإنسان،
ذلك أن جوهر الإنسان في كونه ذاتاً عاقلة أو ناطقة والنطق أو التعقل هو أخص أوصاف
النفس.

والنفس
هي مصدر وجود الحركة والحياة والفاعلية في كل ماله نفس وهى وإن كانت مصدر الحس إلا
أنها لا تقع تحت الحس، لأنها ليست مادية وليست بذى طول أو عرض أو عمق حتى يمكن
إدراكها إدراكاً حسياً مادياً.

وحول
مفارقة النفس للبدن واستقلالها عنه يحكى الكندي عن أفلاطون، ولعله يوافقه في ذلك
فيقول: ” وقد بين أن هذه النفس منفردة عن هذا الجسم مباينة له وأن جوهرها
جوهر إلهي روحاني، بما يرى من شرف طباعها ومضادتها لما يعرض للبدن من الشهوات
والغضب”.(52)

ويظهر
تأثير ” أثولوجيا ” الواضح على ” مقالة في العقل” المبنية على
عقيدة قوى النفس كما هي موصوفة في كتاب “النفس ” لأرسطو بشرح الأسكندر
الأفردويس. (53)

ب-
أما الفيلسوف العظيم الذي جاء بعد الكندي فكان محمد بن محمد بن طرخان أبو النصر
الفارابي (من مدينة فاراب، بأقليم خراسان التركي، وُلد سنة 870م) شرح كثيراً من
الكتب المنطقية الأرسطية (مثل المقولات، المدخل، البرهان من الخطابة… وغيرها)

كما
شرح وفسر وحلل ميتافيزيقا أرسطو وأضاف إليها الكثير من عنده، وذلك في مجموعة من
مؤلفاته وهي (كتاب الحروف، كتاب الألفاظ المستخدمة في المنطق، أراء أهل المدينة
الفاضلة، مبادئ الموجودات الذي اشتهر بعنوان السياسة المدنية)

وقد
قرأ علوم الفلسفة وتناول جميع كتب أرسطوطاليس، ويقال إنه وُجد كتاب النفس لأرسطو،
وعليه مكتوب بخط الفارابي ” إني قرأت هذا الكتاب مائة مرة”. وُنقل عنه
أنه كان يقول: قرأت الساع الطبيعي (الطبيعات) لأرسطوطاليس الحكيم أربعين مرة. وأرى
أنى محتاج إلى معاودة قراءته.

ولقد
استطاع الفارابي أن يوفّق بين آراء أفلاطون وأرسطو وأفلوطين

وأُطلق
عليه لقب ” المعلم الثانى ” على اعتبار أن أرسطو هو المعلم الأول (54)، وأما عمله في مجال علم النفس فيمثله ” كتاب
شرح مقاله الأسكندر في النفس ” بالإضافة إلى رسائله ” في النفس “،
“قوة النفس” و”كتاب الواحد والوحدة” و”العقل
والمعقول”. (55)

ويتحدث
الفارابى عن طبيعة النفس فيقول: “إن النفس الإنسانية، إنما تعقل ذاتها لأنها
مجردة والنفوس الحيوانية غير مجردة فلا تعقل ذاتها، لأن عقلية الشيء هو تجريده من
المادة.والنفس إنما تدرك بواسطة الأشياء المحسوسة والمتخيلة. وأما الكليات
والعقليات فإنها تدركها بذاتها وبنفسها”

أما
عن علاقة النفس بالجسم فيرى الفارابي أن الجسم شرط في وجود النفس لا محالة، ويبدو
أنه يقصد بالوجود هنا وجود النفس كمصدر حياة الكائن الحي وحركته، لا الوجود بمعنى
علة وسبب حدوثها. وكذلك فإننا نرى أن الجسم ليس شرطاً في ادراك النفس أو في قيامها
بالمعرفة والعلم لأنها لا تتوقف عليه، ولا يحتاج إليه إلا في جانب واحد فقط هو
المعرفة الحسية والتجريبية. (56)

 

ج
– ابن سينا: أبو على الحسن بن عبد الله (المتوفى سنة 1027م)

وقدبرع
ابن سينا باللغة والفلسفة اليونانيتين، وينظر ابنسينا إلى النفس باعتبارها مجموعة
من القوى ” التي تعمل في البدن وكل نشاط من أي نوع، في الأجسام الحيوانية أم
النباتية، تماماً كما في الإنسان، إنما مصدره مثل هذه القوى، مضافة إلى البدن، أو
من خليط العناصر التي يتكون منها البدن وأبسط حالات النفس هي النباتية التي يقتصر
نشاطها على التغذية والتوالد والنمو وللنفس الحيوانية ما للنفس النباتية من قوى
مضافاً إليها قوى أخرى.

وأما
النفس الإنسانية فلها هذه جميعها بالإضافة إلى قوى أخرى، وهذه الإضافة للنفس
الإنسانية هي التي تمكنها من أن تتصف بأنها النفس العاقلة (57)

د-
ابن رشد (520-595 ه)

كان
أعظم الفلاسفة العرب على الإطلاق – أحد أبناء قرطبة بالأندلس-عمل قاضياً في العديد
من المدن الأسبانية، درس الطب وُعين طبيباً في بلاط أبى يعقوب عام 578ه وفى عهد
أبى يوسف بن المنصور الموحدي حوكم ابن رشد بتهمة الكفر وُطرد من قرطبة.وقد اشتهر
ابن رشد كشارح لفلسفة أرسطو وقد قال بما قاله أرسطو في النفس

(44) الترجمة العربية لإنجيل برنابا. د. خليل سعادة. ط دار الفتح
العربى للاعلام. ص15

(45) المرجع
السابق. هامش ص 119

(46) نظريات علم النفس.أ.د. سيد عبد العال. ط2 سنة 1986. الناشر مكتبة
سعيد رأفت.ص45

(47) المرجع السابق. ص 46، 59 – 62

وقد قام د. عزت قرنى بترجمة بعض هذه المحاورات من اللغة اليونانية

1- فيدون (في خلود النفس). ط2. مكتبة الحرية الحديثة. سنة 1979

2- محاكمة سقراط (أوطيفرون، الدفاع، أقريطون)

(48) نظريات في علم النفس. ص 49-53

(48) نظريات في علم النفس. ص 49-53

(49) أفلوطين عند العرب. حققه وقدم له. د. عبد الرحمن بدوى. دار النهضة
العربية سنة 1966. ص 18، 20، 39، 97

(نقلاً عن: أثولوجيا: لأرسطوطاليس وهو عبارة عن أجزاء من التساعات
الرابعة والخامسة والسادسة لأفلوطين. (كلمة أثولوجيا: معناها “بحث في
الإلهيات”)

(50) تاريخ الأدب العربى. كارل بروكلمان. ترجمة د. السيد يعقوب بكر، د.
رمضان عبد التواب ج4. ص 89- 120

لمزيد من الدراسة حول هذا الموضوع ارجع إلى:

أ- الفكر العربى ومركزه في التاريخ. د. دى لاسى أوليرى. ترجمة إسماعيل
البيطار. دار الكتاب اللبنانى. بيروت ص 93- 107

ب- الحضارة العربية المسيحية د. جورج شحاتة قنوانى. دار الثقافة.
القاهرة

ج – مقالات عن ” النصارى العرب” الآب د. سمير خليل اليسوعى.
مجلة صديق الكاهن.

(51) الفكر العربى ومركزه في التاريخ. ص 119-120

(52) نماذج من فلسفة الإسلاميين. د. سامى نصر لطفى. مكتبة سعيد رأفت. ص
88-89

(53) الفكر العربى. ص 121

(54) نماذج من فلسفة الإسلاميين. ص 119-124

(55) تاريخ الفكرالعربى. ص 128

(56) نماذج من فلسفة الإسلاميين. ص 146

(57) الفكر العربي ومركزه في التاريخ. ص 146، 147، 151

 

*
انتقال فكر أرسطو للغرب عن طريق الفلاسفة العرب

في
القرن الثالث عشر تُرجمت مؤلفات ابن رشد، وابن سينا، والفارابي إلى اللاتينية.

ومن
خلال ترجمات مؤلفات الفلاسفة العرب عُرفت الفلسفة اليونانية “وقد تركز الجدل
الفلسفي بصورة رئيسية في ذلك الحين في المسائل النفسية التي لها علاقة بطبيعة
النفس، وخصوصاً ما كان له علاقة بوجودها المستقل وأمكانية خلودها “.(58)

فمثلاً
كتاب ” أثولوجيا ” المنسوب إلى أرسطوطاليس ُطبع لأول مرة في القرن
السادس عشر في ترجمة لاتينية في روما سنة 1519 قامت على ترجمة عربية ترجع إلى
القرن التاسع. (59)

ويذكر
المؤرخ ه. أ. ل. فيشر: إن مؤلفات أرسطو صارت في متناول الدارسات الجامعية في باريس
في منتصف القرن الثالث عشر الميلادي.(60)

لقد
انتقل التراث اليوناني الإسلامي إلى المدرسة اللاتينية أولاً من المشرق الإسلامي
إلى المغرب الإسلامي ومن المغرب الإسلامي انتقل عن

طريق
أسبانيا إلى أوربا، وظهرت في أوربا الوسيطة بعض التيارات الفلسفية التي تحمل أسماء
بعض فلاسفة الإسلام. فنجد تيار السنيوية (نسبة إلى ابن سينا) وتيار الرشدية (نسبة
إلى ابن رشد). إن حركة ترجمة الفلسفة الإسلامية نهضت ابتداء من أواخر القرن الثاني
عشر وغطت القرن الثالث عشر كله، بل وامتدت إلى القرن الرابع عشر”.(61)

وإنجيل
برنابا والمفروض أنه مكتوب لعامة الشعب وليس للفلاسفة، يستخدم مصطلحات عن النفس
مثل (النفس الحاسة والنباتية والعقلية، وخلود النفس باعتبارها هي الجزء الخالد في
الإنسان… الخ) وهذه المصطلحات هي التي سادت في العصور الوسطى وانتشرت بين طبقة
المثقفين في القرون 13-14.

إذن
فالحديث بها لا يمكن أن يكون ذا معنى إذا لم يكن مفهوماً من القارئ. وهذا لم يكن
منتشراً قبل نهاية العصور الوسطى وبدء عصر النهضة – بعد ترجمته من العربية إلى
اللاتينية – ولذلك لا يمكن أن يقال هذا الكلام على فم المسيح في فلسطين في القرن
الأول الميلادي مما يؤكد أن إنجيل برنابا كتب في أوربا في نهاية العصور الوسطى
وبدء عصر النهضة.

(58) أفلوطين عند العرب. ص 3 من المقدمة

(59) تاريخ
أوربا في العصور الوسطى. تعريب. محمد مصطفى زيادة، السيد الباز العرينى القسم
الأول. ط6. دار المعارف. ص 214

(60) تاريخ الفكر العربي. ص 248

(61) محاضرات في فلسفة العصور الوسطى المسيحية.د. فيصل بدير عون. مكتبة
الحرية الحديثة. ص 10، 12-19

 

ملحوظة

إن
فكر وفلسفة العصور الوسطى يتحدث عن أن للإنسان جسداً ونفساً، “فسقراط
وأفلاطون إذ يتكلمان عن “خلود النفس ” يعنيان بالنفس الجوهر الخالد الذي
لا يقبل الموت. وأرسطوطاليس يقول عن الروح فىالإنسان، إنها النفس الناطقة، ولكن في
الإنسان روح ونفس وجسد. أما الجسد فهو الكيان المادى الترابى، وأما النفس فهى
الحياة الحسية المرتبطة بالجسد ارتباط الحرارة بالنار، فإذ انطفأت النار، زالت
الحرارة بزوالها، وأما الروح فهى الجوهر العاقل، وكل من الجسد والنفس يفنى بالموت.
وأما الروح العاقلة فهى خالدة لا تموت.

ومن
الكتاب المقدس نتعلم أن في الإنسان روحاً، كما أن فيه نفساً، وأن الروح تتميز عن
النفس وتفترق عنها “وجمع إلى نفسه روحه ونسمته ” (أى 34: 14).

“لأن
كلمة الله حية وفعالة، وأمضى من كل سيف ذي حدين، وخارقة إلى مفرق النفس والروح
“(عب 4: 12).

وهذا
معناه أن النفس شئ والروح شئ آخر. وأن هناك نقطة التقاء بينهما، كما أن هناك نقطة
افتراق. وأن كلمة الله تستطيع أن تبلغ المفترق بين النفس والروح “وإله السلام
نفسه يقدسكم بالتمام، ولتحفظ روحكم ونفسكم وجسدكم كاملة بلا لوم عند مجئ ربنا يسوع
المسيح”(اتس5: 23) مما يؤكد على أنه في الإنسان ثلاثة أشياء متميزة: هي الروح
والنفس والجسد.

ويغلب
في الكتب المقدسة استخدام لفظ ” الروح ” للدلالة على الجوهر العاقل في
الإنسان وتستخدم ” الروح” في مقابل الجسد أى أن الجسد هو الجوهر المادي،
والروح هي الجوهر الروحاني غير المادي (يو3: 6، مت 26: 41، يع 2: 26، غل 5: 16-25)
واللغات تفرق بين الروح والنفس.

وفى
اللغة اليونانية تستخدم كلمة “ابنفما
Pneuma” للدلالة على
الروح وكلمة “أبسيكى
Psyche ” للدلالة على النفس. وفى اللغة العبرية الروح “Ruah” أما النفس فهى Nefesh

وفى
اللغة الإنجليزية تستعمل كلمة “
Spirit” بمعنى الروح، وكلمة”Soul
بمعنى النفس. وفى اللغة الفرنسية تستخدم كلمة (
Esprit)
للروح، وكلمة (
Ame) للنفس. (62)

إذن
المفهوم الكتابي يختلف عن المفهوم الفلسفي الذي قال به إنجيل برنابا والذي كان
سائداً في نهاية العصور الوسطى.

(62) في عالم الروح. للأنبا غريغوريوس. ط 1 سنة 1978. ص 26-35

 

*
أدلة أخرى

أ-
الحقول في الصيف

برنابا
169: 13-14 “انظروا ما أجمل العالم في الصيف حين تحمل كل الأشياء ثمراً حتى
أن الفلاح نفسه يثمل من الحبور بالحصاد الذي أتى فيجعل الأودية والجبال ترجع
غناءه”.

وهذا
وصف لما يحدث في أوربا في الصيف، ولكن بالتأكيد ليس في فلسطين حيث يسقط المطر شتاء
في الفترة من أكتوبر حتى مايو، ويندر المطربين يونيه وسبتمبر أى أن الحقول تكون
قاحلة في الصيف

ب-
حفظ الخمر في براميل من خشب

برنابا
152: 24-25 “فقال حينئذ يسوع: أدوناى صبأوت. ففى الحال تدحرجت الجنود من
الهيكل كما يدحرج المرء براميل من خشب غسلت لتملأ ثانية خمراً”.

وهنا
يتحدث الكاتب عن استعمال البراميل الخشبية في حفظ الخمور وهذا لم يكن يحدث في
فلسطين في زمن المسيح، لأن الخمور كانت تحفظ في أزقة من جلد (مت 9: 17) “لا
يجعلون خمراً جديدة في زقاق عتيقة لئلا تنشق الزقاق فالخمر تنصب والزقاق تتلف. بل
يجعلون خمراً جديدة في زقاق جديدة فتحفظ جميعاً “. وأما حفظها في براميل
خشبية فكان يتم في أوربا في العصور الوسطى.

وهذا
دليل على أن الكاتب عاش في أوربا في العصور الوسطي.

ج
– عقوبة الشنق

برنابا
153: 7-8 “فقال حينئذ أحد الكتبة: كيف ملأت السرقة العالم كل خطيئة. حقاً أنه
لا يوجد الآن بنعمة الله سوى النزر القليل من اللصوص وهم لايجرؤون على الظهور لأن
الجنود تشنقهم حالاً”

برنابا
154: 1-2 “فالرجل الذي له شرف وحياة ومال إذا سرقت أمواله شنق السارق وإذا
أخذت حياته قُطع رأس القاتل وهو عدل لأن الله أمر بذلك”.

من
المفترض طبعاً أن كاتب إنجيل برنابا. هو واحد من تلاميذ المسيح، أى يهودى الديانة
وكيهودى من المفروض أن يكون عارفاً بكتابه المقدس وقد جاء فيه أن عقوبة السرقة هي
كما يلى: ” إذا سرق إنسان ثوراً أو شاه فذبحه أو باعه يُعوض عن الثور بخمسة
ثيران وعن الشاة بأربعة من الغنم… إذا أعطى إنسان صاحبه فضة أو أمتعة للحفظ
فسُرقت من بيت الإنسان فإن وجد السارق يعوض باثنين ” (خر 22: 1، 7).

أى
أن عقوبة السرقة هي التعويض برد ضعف ما سرقة، ودفع أربعة أوخمسة أمثال ما قد باعه
ثم يقدم ذبيحة خطيئة تجاه الله (لا 6).

وليس
هناك عقوبة شنق للسرقة، ولم يأمر الله بذلك في العهد القديم في شريعة موسى، وأيضاً
عقوبة قطع رأس القاتل لم تكن معروفة في فلسطين في زمن المسيح. ووسيلة الأعدام
المعروفة في ذلك الوقت هي الرجم ومن يقتل سهواً كان يصان من القتل بالإلتجاء إلى
إحدى مدن الملجأ. وأما من يقتل عمداً فكان يقتل بوسائل أخرى غير الشنق مثل الرجم
أوالصلب (عدد 35: 9-29). أما عقوبة الشنق فقد سادت في العصور الوسطى، مما يعلن
بوضوح تاريخ كتابة هذا الإنجيل.

د-
مقاطع الأحجار

برنابا
109: 9 “ولكن قولوا لى أرأيتم الذين يشتغلون بالحجارة المستخرجة من المقالع
كيف تعودوا بالتمرن المستمر أن يضربوا حتى أنهم يتكالمون وهم طول الوقت يضربون
بالآلة الحديدية في الحجر دون أن ينظروا إليها ومع ذلك لا يصيبون أيديهم”.

ومقاطع
الاحجار لم تُعرف في فلسطين ولكنها موجودة في أوربا وهذا دليل على أن الكاتب أوربى
عاش في أوربا وليس في فلسطين.

ه
– تعريف المرائي

برنابا
45: 17-20 قول المسيح ” ويل إذاً للمرائين لأن جزاءهم باطل. لعمر الله الذي
أقف في حضرته أن المرائى لص ويرتكب التجديف لأنه يتذرع بالشريعة ليظهر صالحاً
ويختلس مجد الله الذي له وحده الحمد والمجد إلى الأبد”.

لقد
عرّف المسيح المرائى وخاصة المرائى الدينى بأنه سارق لمجد لله.

وعبارة
” سرقة مجد الله ” أخذت مكانة هامة في الكتابات الروحية في القرن الرابع
عشر، فالقديسة سانت كاترين (ماتت سنة 1380) ركزت على فكرة سرقة مجد الله. ولقد بدأ
هذا الفكر واضحاً في كتابات القديس جورج الكبير الذي قال عن المرائى: إنه بينما
يعمل الخطية يرغب أن يكون شريفاً مثل القديس، فهو يسرق مجداً لحياته ليس له،
فالمرائى لص. وقد استمر تأثير هذا الفكر في كثير من كتابات القديسين في العصور
الوسطى في الكنيسة الكاثوليكية (63)

وعندما
يتحدث كاتب إنجيل برنابا عن المرائى إنه لص يختلس مجد الله. فهذا دليل على أنه
يكتب في هذه الفترة.

6-
ولادة المسيح

برنابا
2: 1-2 “أما مريم فإذ كانت عالمة مشيئة الله وموجسة خيفة أن يغضب الشعب عليها
لأنها حبلى فيرجمها كأنها ارتكبت الزنا. اتخذت لها عشيراً من عشيرتها قويم السيرة
يُدعى يوسف”

برنابا
3: 8-10 وبينما كان يوسف مقيماً هناك تمت أيام مريم لتلد. فأحاط بالعذراء نور شديد
التألق. وولدت ابنها بدون ألم “.

وهنا
نرى أمرين:

1-
إن العذراء مريم أتخذت لها عشيراً يُدعى يوسف. والحقيقة أن اتخاذ الفتاة عشيراً
لها (رجل تعيش معه الفتاة دون زواج) لم يكن معروفاً في فلسطين، بل في أوربا في
العصور الوسطى. والتاريخ الكتابى يذكر

(63) إنجيل برنابا: قيمته الحقيقة. ص 39-40

لنا أن مريم كانت مخطوبة ليوسف وليست عشيرة له (مت 1: 18، لو1: 26-27)
(64)

وبالرجوع إلى النص الإنجليزى نرى:

Mary, having known the will of God
fearing the people lest they should take offence at her being
great with child, and should stone her as guilty of fornication ,
chose a
companion of her own lineage.

2- إن النور شديد التألق الذي أحاط بالعذراء والولادة بدون ألم هو من
معتقدات الكنيسة الكاثوليكية في أوربا في العصور الوسطى مع العلم أن هذا يناقض
القرآن. فإنه يتحدث عن ولادة المسيح بألم (سورة 19: 23). وولادة المسيح بدون ألم
لم تُعرف في الكنيسة قبل توما الأكوينى (توفى في سنة 1274).(65)

 

7-
عصمة العذراء مريم من الخطأ

برنابا
1: 1-2 “لقد بعث الله في هذه الأيام الأخيرة بالملاك جبريل إلى عذراء تُدعى
مريم من نسل داود من سبط يهوذا. بينما كانت هذه العذراء العائشة بكل طهر بدون أدنى
ذنب المنزهة عن اللوم المثابرة على الصلاة مع الصوم”.

وقد
ظهر تعليم عصمة العذراء في الكنيسة الكاثوليكية في الغرب في العصور الوسطى، فقد
ساد القول بأنه:

1-
ُحبل بمريم دون دنس الخطيئة الأصلية


في القرن الثانى عشر انبرى راهبان بريطانيان (إيدمر
Eadmer
أحد تلاميذ القديس انسلموس كنثوربرى وأوسبرت الكلارى
Osbert de Clare) يدافعان عن الحبل بمريم البرئ من الخطيئة الأصلية، فكان إيدمر
أول من كتب في هذا الموضوع.

(64) انجيل برنابا المزور. القس صفاء داود. ص 25

(65) Christians Answer
Mulims, Gerhard Nehls, 1988. p123

-رفض البعض هذا التعليم (فى القرنين الثانى عشر والثالث عشر) لأنهم لم
يستطيعوا أن يوفقوا بين عصمة مريم وشمولية الخطيئة الأصلية شمولاً يعم البشرية
قاطبة ويجعلهم بحاجة للمخلص.

ولكن يوحنا دونس سكوت Jean Duns Scot (1308) تلميذ العالم اللاهوتى الفرنسسكانى وليم ده وار نجح في التوفيق
بين عصمة مريم من الخطيئة الأصلية وضرورة الخلاص للبشر أجمعين عن طريق فكرة الفداء
بالوقاية.

– مجمع بال، في دورته السادسة والثلاثين (1439) أخذ بهذه العقيدة

– البابا سكستوس الرابع (1471 – 1484) أغنى عيد “حبل حنة” –
الذي كان يُحتفل به منذ القرن السابع – بالغفرانات

– المجمع التريدنتينى لما أصدر مرسومه بشأن الخطيئة الأصلية أعلن فيه
“أنه لا يقصد بهذا المرسوم الطوباوية مريم العذراء البريئة من الدنس”

– في عام 1567 أدان البابا بيسوس التاسع عبارة بايوس القائلة بأنه ما
من أحد غير المسيح منزه عن الخطيئة الأصلية

– في الثامن من كانون الأول 1854 أعلن البابا بيوس التاسع في براءته
أنها عقيدة أوحى بها الله، يجب بالتالى على المؤمنين جميعهم أن يؤمنوا بها: ”
إن الطوباوية مريم العذراء حُفظت من كل دنس الخطيئة الأصلية من اللحظة الأولى من
الحبل بها وذلك بامتياز ونعمة وحيدين من الله القدير بالنظر إلى استحقاقات يسوع
المسيح “

 

2-
عصمة مريم من الشهوة ومن كل خطيئة شخصية

أ-
عصمتها من الشهوة

كانت
مريم، منذ الحبل بها محفوظة من الشهوة التي هي من عواقب الخطيئة الأصلية.

ب-
عصمتها من الخطيئة الفعلية

كانت
مريم بامتياز خاص من الله معصومة مدة حياتها كلها من كل خطيئة شخصية “(66)

وهذا
التعليم كما هو واضح قد ساد وانتشر في العصور الوسطى وكون أن كاتب إنجيل برنابا
يذكر هذا، فإن ذلك يعنى أن هذا الكتاب كُتب في هذا الوقت.

8-
عدد الصلوات اليهودية

ذكر
كاتب إنجيل برنابا أربع صلوات يومية في أوقات منتظمة يؤديها اليهود، وقد شارك فيها
المسيح وتلاميذه. وهذه الصلوات هي:

أ-
صلاة الفجر (89: 20،106: 1)

ب
– صلاة الظهيرة (155: 1، 156: 1)

ج-
صلاة العشاء (61: 1-3، 100: 4)

د
– صلاة نصف الليل (83: 24)

وبالرجوع
إلى الكتابات اليهودية نجد أن الصلوات الواجبة على اليهودى ثلاث مرات في كل يوم

1-
صلاة الفجر، ويسمونها صلاة السحر (شحاَريت)، ووقتها حسب ما قررته المشنا منذ أن
يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأزرق إلى ارتفاع عمود النهار

2-
صلاة نصف النهار أو القيلولة “ِمنْحة” وتجب منذ انحراف الشمس عن نقطة
الزوال إلى ما قبل الغروب.

3-
صلاة المساء، ويسمونها صلاة الغروب “عَربيتْ ” ووقتها من غروب الشمس
وراء الأفق إلى أن تتم ظلمة الليل الكاملة، أي ما يقابل وقت العشاء.

وتبدأ
الصلاة بشيء يقابل الوضوء وهو غسل اليدين فقط، ثم يوضع الشال الصغير على الكتفين،
أو الشال الكبير في الصلوات التي تتم جماعة في المعبد كصلاة السبت والأعياد وهذا
الشال يكون من نسيج أبيض مستطيل أو مربع وفى كل زاوية من زواياه، حلية مؤلفة من
ثمانية أهداب من الخيط، أربعة بيضاء وأربعة زرقاء للتعرف على طلوع الفجر بتمييز
الخيط الأبيض من الخيط الأزرق “(67)

أى
أنه كان لدى اليهود عادة الصلاة ثلاث مرات في اليوم، ولم يكن هناك صلاة منتصف
الليل
Matin – midmight prayers. وهذه الصلاة هي عادة مسيحية متأخرة ظهرت في أوربا في العصور
الوسطى في الأوساط الرهبانية الكاثوليكية.

وهذا
يوضح خطأ الكاتب في قوله إن المسيح صلى مع تلاميذه صلاة نصف الليل وأيضاً يؤكد
كتابة إنجيل برنابا في العصور الوسطى.

(66) مختصر في علم اللاهوت العقائدى. ج2. لو دويغ أوث. تعريب الآب جرجس
المارديني. المطبعة الكاثوليكية. بيروت لبنان. سنة 1965

(67) الفكر
الدينى اليهودى: أطواره ومذهبه. د. حسن ظاظا. ط2. دار القلم. دمشق. سوريا. 1987. ص
151-152 نقلاً عن المقدمة الذي كتبها د. هلال يعقوب فارحى – أحد علماء الشريعة
اليهودية المصريين- لترجمته لمجموع نصوص الصلوات اليهودية الذي سماه ” سدور
فارحى ” وطبعه في القاهرة سنة 1917. ص 2 وما بعدها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار