علم المسيح

المسيح فى طريق الصلب



المسيح فى طريق الصلب

المسيح فى طريق
الصلب

 

«أسلمه
بيلاطس للصلب» – هذا القول فاتحة فصل جديد في حياة المسيح الأرضية، حمل فيه خطايا
البشر ليكفّر عنها، فاقت فيه آلامه كثيراً جداً ما سبقها من الآلام التمهيدية. لقد
حقق رؤساء اليهود ما أرادوه. وها هي الجماهير ترى هذا الذي أجرى المعجزات منهوك
القوى، دامي الجراح. ها حمل اللّه الذي يرفع خطية العالم يسير ليُذبَح عن البشر،
ويجتازُ أزقَّة مدينته حاملاً صليبه – المذبح – الذي سيُرفع عليه، كما حمل قديماً
جدُّه إسحق الحطب المهيَّأ لحرْقه ذبيحةً إلى الجبل المقدس.

 

 المسيح
يسقط تحت حمل الصليب

«وَبَعْدَ
مَا ٱسْتَهْزَأُوا بِهِ، نَزَعُوا عَنْهُ ٱلرِّدَاءَ وَأَلْبَسُوهُ
ثِيَابَهُ، وَمَضَوْا بِهِ لِلصَّلْبِ. وَفِيمَا هُمْ خَارِجُونَ وَجَدُوا
إِنْسَاناً قَيْرَوَانِيّاً ٱسْمُهُ سِمْعَانُ، فَسَخَّرُوهُ لِيَحْمِلَ
صَلِيبَهُ. وَلَمَّا أَتَوْا إِلَى مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ جُلْجُثَةُ، وَهُوَ
ٱلْمُسَمَّى «مَوْضِعَ ٱلْجُمْجُمَةِ» أَعْطَوْهُ خَلاًّ مَمْزُوجاً
بِمَرَارَةٍ لِيَشْرَبَ. وَلَمَّا ذَاقَ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَشْرَبَ» (متى 27:
31-34).

 

لا
نغفل الأسباب التي ذهبت بقُوى المسيح الجسدية في هذا النهار، حتى سقط تحت حمل
الصليب، فاضطر أصحاب الأمر أن يحمِّلوا صليبه لغيره. ولا نجهل ما للآلام الروحية
من التأثير على قُوى الإِنسان الجسدية. وندرك أن هذه الآلام الروحية كانت أعظم بما
لا يُقاس من الجسدية، ففي الساعات الأولى من يوم الجمعة هذا، مع الليل الذي
تقدمها، حُرم المسيح من النوم كلياً، وسِيق مكتوفاً من البستان في جبل الزيتون إلى
قصر رئيس الكهنة، ثم دار المحكمة، فقصر بيلاطس فقصر هيرودس، ثم قصر بيلاطس ثانية.
والوقوفُ في المحاكمات الطويلة، واللطمُ المتكرر وما تعلَّق به، والجَلْدُ الذي لا
نعلم مقداره مع ما نزف من دمٍ بسببه.. كل هذه جعلت قواه تخور.

 

وما
أكبر الآلام الروحية الساحقة لنفسٍ ذات رِقة وحب وشعورٍ كنفس المسيح. نذكر خيبةَ
آماله في تلاميذه وهم يتشاجرون حول من منهم هو الأعظم، وخيانةَ يهوذا، وسقوطَ
بطرس، وهروبَ كل التلاميذ والمصارعةَ العجيبة في البستان، وبعدها معاملاتُ العنف
والتحقير والتخجيل والاستهزاء الوحشي، ناهيك عن الجوع والبرد القارص. كل هذه أسباب
جعلته يسقط تحت حمل الصليب. وفي آلامه كما في تجربته كان ناسوته فقط في هذه
المعصرة الرهيبة.

 

كان
أربعة حراس يسوقون المصلوب إلى حيث صُلب، فلما رأوا عجز المسيح عن حمل الصليب،
سخَّروا رجلاً قيراونياً من شمال أفريقيا اسمه سمعان، كان راجعاً من الحقل، ليؤدي
هذه المهمة. لم يوجد من يتبرع بهذه المساعدة في كل ذلك الجمهور بسبب عار الصليب
المشين الذي لا يتحمله أحد طوعاً. لكن ما كان وقتها عاراً تحوَّل فخراً، وأصبح
سمعان القيرواني في مقدمة جيش شريف لا يُحصى عدده من حاملي صليب المسيح.

 

بعد
هذا استأنف الجمهور سيره، ومعهم ثمانية حراس يسوقون مجرمَيْن، ويحملون ألواحاً
ثلاثة مرفوعة فوق الرؤوس، يعلن كلٌ منها اسم أحد المصلوبين ووطنَه وجُرمه الذي
يُعاقب عليه. أما اللوح الذي عليه اسم المسيح فكان مختلفاً لأنه مكتوب في ثلاث
لغات: العبرانية لغة الدين، فكان ابن داود وابن اللّه. وباليونانية لغة العلم،
لأنه نور العالم والحق الأزلي. واللاتينية لغة السياسة، لأنه ملك إسرائيل وملك
القديسين وملك الملوك ورب الأرباب. كان الإعلان يقول: «هذا هو يسوع الناصري ملك اليهود».
اسمه يسوع. ووطنه الناصرة. وجريمته ظهوره كأنه ملك اليهود، ثائراً ضد قيصر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار