علم

الكتاب الأول: الفصل الأول



الكتاب الأول: الفصل الأول

الكتاب
الأول: الفصل الأول

1-
وحدانية الجوهر وتثليث الأقانيم
: إله
ورب كلاهما اسم للجلالة

ملخص:

 يُميِّز
الكاتب بين الإيمان وبين أخطاء الوثنيين واليهود، وبعد أن يشرح مغزى الأسماء: الله
في الآب، فإنه يبين بوضوح الفرق بين الأقانيم
Persons
في وحدة الجوهر. إن الآريوسيين بتقسيمهم للجوهر، لا يدخلون فقط الاعتقاد بثلاثة
آلهة، بل يُسقطون أيضاً ربوبية الثالوث.

 

 6
وهذا هو بيان وإقرار إيماننا، نحن نقول إن الله واحد، ونحن لا نفصل ابنه عنه كما
يفعل الوثنيون[1]؛ ولا ننكر كما يفعل اليهود، أن الابن مولود من الآب قبل كل الدهور،
وبعد ذلك وُلد من العذراء، كما أننا لسنا مثل سابيليوس[2] الذي خلط الآب مع الكلمة
وبهذا يؤكد ويدافع عن أن الآب والابن هما ذات ونفس الشخص. وأيضاً ليس كما فعل
فوتينوس[3]
Photinus الذي يتمسك بأن الابن بدأ وجوده في بطن العذراء. ولا نعتقد مع
آريوس[4] في وجود سلطات متعددة، وبهذا فهو مثل الوثنيين الذين يعيشون في الجهل
والظلام وهكذا يكون عند آريوس أكثر من إله واحد. أما الوحي فيقول: ” اسمع يا
إسرائيل الرب إلهك إله واحد”.

 7
إن إله ورب هما اسم للجلالة (الإلهية)، اسم للقوة، كما يقول الله نفسه: ”
يهوه…، هذا اسمي” (خر15: 3)، وكما يعلن النبي في موضع آخر: ” أنا
الرب، هذا اسمي” (إش8: 42). لذلك فالله يكون “هو”، كما أنه الرب،
وهذا إما بسبب أن سلطانه هو على الكل، أو لأن هو ضابط كل الأشياء، والجميع يخشونه
بلا استثناء.

 8
إذن، إن كان الله واحداً، فواحد هو الاسم، وواحدة هي القوة التي للثالوث. والمسيح
نفسه قال بحق: ” اذهبوا عمّدوا الأمم باسم الآب والابن والروح القدس”
(مت19: 28). لاحظ أنه يقول باسم وليس بأسماء.

 9
وأكثر من هذا، فإن المسيح نفسه يقول: ” أنا والآب (نحن معاً) واحد”، وهو
يقول واحد حتى لا يكون هناك انفصال في القوة والطبيعة، ولكن لاحظ مرة أخرى انه
يقول: “نحن” (يقصد الآب والابن)، حتى يمكنك أن تتعرف على وجود الآب
والابن نظراً لأننا نؤمن أن الآب الكامل قد ولد الابن الكامل، وأن الآب والابن هما
واحد، وليس باختلاط الأشخاص ولكن بوحدانية الطبيعة.

 10
لذلك نحن نقول إنه يوجد إله واحد وليس إلهان أو ثلاثة. لأنه من الخطأ القول بوجود
ثلاثة آلهة لأن هذا ما وقعت فيه هرطقة الآريوسيين الكفرة، عديمة التقوى، بما فيها
من تجاديف، وبهذا فإنها تقسّم ألوهية الثالوث، بينما في قول الرب: ” اذهبوا
عمّدوا جميع الأمم باسم الآب والابن والروح القدس” يُوضِّح أن الثالوث هو قوة
واحدة. نحن نعترف بالآب والابن والروح، وبذلك نفهم كمال ملء الألوهية وكمال وحدة
القوة، في ثالوث كامل.

 11
يقول الرب: ” كل مملكة منقسمة على ذاتها تخرب سريعاً”. إن مملكة الثالوث
لا تنقسم، فإن كانت غير منقسمة فهي واحدة، لأن ما ليس هو واحد فهو منقسم، أما
الآريوسيون فيريدون أن تكون مملكة الثالوث من النوع الذي يخرب بسهولة، بأن يجعلوها
تنقسم على نفسها. ولكن إذ نحن نرى بالحق أنها لا يمكن أن تخرب، فمن الواضح أنها
غير منقسمة. لأنه لا توجد وحدانية تنقسم أو تنشطر إلى نصفين، لذلك فلا الزمن ولا
الفناء يقوى عليها.

===

[1]
حرفياً: الأمم ”
The Nations
t¦ œqnh Gentes
“. إن
الرومان في الجمهورية تعوَّدوا أن يتكلموا عن الشعوب الغريبة خصوصاً إذا كانوا
يخضعون لملوك ” أمم خارجية
Gentes
– exterae
” للتمييز عن ”
شعب الجمهورية
Populus Romanus “. القديس أمبروسيوس يقصد هنا بلا شك أولئك الذين لا يزالون
يتمسكون بالديانات القديمة، الذين هم غرباء عن جمهور الكنيسة.

[2]
كان سابيليوس قساً في برقة في الخمس مدن الغربية في ليبيا، ومنها أتى إلى روما حيث
جاهر بتعاليمه الكفرية في أوائل القرن الثالث الميلادى (حوالى210م). كان سابيليوس
يعتقد أنه لا يوجد تمييز حقيقى بين أقانيم اللاهوت، ويقول إن الله هو أقنوم (شخص)
واحد، وعندما يكون الكلام عن أقانيم إلهية متميزة عن بعضها، فهذا لا يعنى عنده
أكثر من أوجه أو ظهورات مختلفة، أى أن نفس الأقنوم يقوم بأدوار مختلفة. فالآب يقوم
بدور الابن عند التجسد، وهو نفسه يظهر بعد ذلك باسم الروح القدس.

[3]
كان فوتينوس من أهل غلاطية على سيرميم
Sirmium (في سلافونيا Slavonia) في القرن الرابع، وهو يعلّم أن يسوع المسيح لم يوجد قبل أمه
مريم، ولكنه وُلد منها ومن يوسف النجار، وهذا الإنسان يسوع الذي عاش بروح عاقلة
وجسد بشرى استنار وأُرشد واقتيد بتأثير اللوغوس أو العقل الإلهى، وبذلك فإنه صار
ابن الله الفائق على جميع الأنبياء والمعلمين.

[4]
كان آريوس كاهناً بالأسكندرية، وبدأ في عام 319م في جذب الانتباه بتعليمه الهرطوقى
المخالف، والذي أودى به نتيجة لذلك إلى حرمه، إلاّ أنه وجد استحساناً وقبولاً لدى
أشخاص لهم حيثيات في الكنيسة مثل يوسابيوس القيصرى في فلسطين، ويوسابيوس أسقف
نيقوميدية، وآخرين. وقد نوقشت هرطقته في النهاية في مجمع نيقيا المسكونى بناءً على
دعوة من الإمبراطور قسطنطين. أدان المجمع البدعة الآريوسية وشجبها، ومع ذلك فقد
تفشت الهرطقة في الشرق حتى حكم ثيئودوسيوس الكبير (379395م).

 كان
آريوس ينادى بما يلى: ” إما أن الابن له جوهر أصلى إلهى؛ وإن كان هكذا فإنه
يجب علينا أن نعترف بإلهين، أو أنه يكون مخلوقاً، وإن كان هكذا فإنه ليس إلهاً
بنفس المعنى الذي به يكون الآب إلهاً. وقد اختار آريوس البديل الأخير، هذا الذي
اعتبره القديس أمبروسيوس سقوطاً في الوثنية ب” آلهتها المتعددة وأربابها
المتعددة ” والآلهة المولود من الآلهة والإلاهات.

 إن
أخطاء آريوس قد لُخصت في الحرومات التى أُلحقت بالقانون النيقاوى الأصلى: إن أولئك
الذين يقولون إنه كان يوجد زمان لم يكن فيه ابن الله موجوداً، أو انه تكوّن من أشياء
غير موجودة، أو أن الذي يزعم أن ابن الله من جوهر مختلف أو أنه مخلوق، أو متغير،
فإن جميع هؤلاء تشجبهم وتحرمهم كنيسة الله الرسولية الجامعة”.

لا
يدعم المستعرض الذي تستخدمه الإطارات المضمنة وتمت تهيئته حالياً حتى لا يدعم
الإطارات المضمنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار