المسيحية

القرآن والذات والصفات



القرآن والذات والصفات

القرآن والذات والصفات

بالرجوع للقرآن نفسه
(المصدر الأول للعقيدة والتشريع فى الإسلام) نجد الآية الأولى به تقول:
بسم الله الرحمن الرحيم “
(الفاتحة/1).

قال بعض العلماء
“تضمنت جميع الشرع لأنها تدل على الذات وعلى الصفات. وهذا صحيح”.(
[i])

وقال النووى فى شرح صحيح
الإمام مسلم:

 إن لفظى ” الرحمن
الرحيم ” اشتملا على الصفات الذاتية.(
[ii])

لذلك قال الشهرستانى: إن
الصفات مذكورة فى الكتاب والسنة. انظر مصدر رقم (
84).

ويلاحظ أن كلمة
“الرحمن” (الصفة الثانية فى البسملة) لها وضع مميز عن بقية الصفات وبقية
أسماء الله الحسنى.. فهى أول أسماء الله الحسنى.. وهناك سورة قرآنية اسمها
“سورة الرحمن”، أما بقية الصفات والأسماء الحسنى فليس فى القرآن سورة
باسم أى منها..
كما أن اسم الرحمن في القرآن ذُكر (56) مرة – عدا البسملة في
بداية كل سورة.

كما يلاحظ أن الجلوس فى
القرآن ينسب لصفة الرحمن دون باقى الصفات (الرحمن على العرش استوى)

(انظر طه/ 5،
الفرقان/ 59)
كما
لو كان الله متجسداً وهذا ما يؤكده الحديث الصحيح:

خلق الله آدم
على صورة الرحمن
* (
[iii])

لذلك علق صالح
الوردان
ي على هذا
الحديث
قائلاً:
أثبتوا لله
الصورة

“.([iv])

من ناحية أخرى.. من هذا
الحديث ومن (الإسراء/110): “قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن..”، ومن
(الرعد/30) “وهُم يكفرون بالرحمن قل هو ربي..”.. هل نفهم أن الرحمن كائن
غير الله وفي الوقت نفسه هو الله؟

لعل ما سبق جعل أحمد
ابن حابط إمام فرقة الحابطية يعتقد أن المسيح هو المراد بقول النبي “إن الله
خلق آدم على صورة الرحمن
([v]) معتقداً
بذلك أن الرحمن هو المسيح لأن أقنوم الكلمة (المسيح) غير أقنوم الآب وفي الوقت
نفسه هو واحد معه “أنا في الآب والآب فيَّ” (يوحنا 14: 11)، ” أنا
والآب واحد” (يوحنا 10: 30).

 إذاً
فوحدانية الله ليست مجردة أو مطلقة بل شاملة جامعة
(ذات وصفات).

[لذلك قال حجاج: “ اسم الله هو
أعظم الأسماء
لدلالته على
الذات العلية الجامعة لكل صفات الألوهية
“.

وقال غيره: “اسم
الله هو سلطان الأسماء، وهو أعظم التسعة والتسعين اسماً. لأنه يدل على الذات
الجامعة لكل الصفات الإلهية
“.

وقال مصطفى محمود: “الله
هو الاسم الطلسم الذى يشمل فى داخله جميع الأسماء والصفات والأفعال
. فهو جامع
الكمالات وكامل الأوصاف”.](
[vi])

فالقول بتعدد الصفات لا
يتعارض مع وحدانية الله.. لذلك قال الفراء
à: ”
لوكان القول بتعدد الصفات كفر لزم رد جميع القرآن ولزم رد العقل من حيث إنا نعلم
بالضرورة أن المفهوم من كونه تعالى عالماً غير المفهوم من كونه تعالى حياً “.

 

يمكن تلخيص ما سبق فى
هذه النقطة [7/ د] فى الآتى:

·              
الكل أجمع على أن لله صفات أزلية قديمة.

·      موضوع
الصفات – لا هى هو ولا هى غيره – عند بعض الفرق، أو أنها عين الذات كما قالت فرق
أخرى يشبه إلى حد الإعتقاد المسيحى الذى يعتبر أقنوم (صفة) الكلمة غير أقنوم الآب
وفى نفس الوقت هو واحد مع الآب فى الجوهر كما صرح المسيح قائلاً: “أنا والآب
واحد”، “أنا فى الآب والآب فى”، “أنا أعرفه لأنى منه”.
أنظر(يوحنا10: 30)، (يوحنا14: 11)، (يوحنا7: 29).

·              
” بسم الآب والابن (الكلمة) والروح
القدس” عند النصارى تدل على الذات وعلى الصفات
الذاتية.

·              
” بسم الله الرحمن الرحيم” عند
المسلمين تدل على الذات وعلى الصفات
الذاتية.

·      الصفة
الثانية فى البسملة المسيحية – الابن أو الكلمة – تميزت بإتخاذ جسداً بشرياً
(المسيح) فكان هو الصورة المنظورة لله غير المنظور- بحسب ما جاء فى (يوحنا1: 1
4)، (كولوسى1:
15).

من هنا جاء لقب
“الكلمة” لأنه كما أن الكلمة تجسيد للعقل الذى لا يرى أو بمعنى آخر-
الصورة المنظورة للعقل غير المنظور- كذلك كان المسيح هو الصورة المنظورة لله غير
المنظور
.

والنقطة التالية (صفة الكلام
وعلاقتها بالذات)
سوف تلقى مزيداً من الضوء على هذا الموضوع.

·      الصفة
الثانية فى البسملة الإسلامية – الرحمن – لها وضع مميز كما رأينا- ولها صورة (خلق
الله آدم على صورة الرحمن)- استواء على العرش.. فكأن الرحمن هو الصورة المنظورة
لله غيرالمنظور.

·      من
ناحية أخرى، فإن الحديث النبوي السابق والآيتين (الإسراء/110) و(الرعد/30) يعطون
لنا إيحاءً بأن الرحمن كائن غير الله وفي الوقت نفسه هو الله.. كما أن أقنوم
الكلمة كائن غير أقنوم الآب وفي الوقت نفسه هو هو الله “وكان الكلمة الله”
(يوحنا 1: 1).

·              
لعل ما سبق هو الذي جعل الإمام أحمد بن حابط
يعتقد أن ” الرحمن ” هو ” المسيح ” – فهل أخطأ؟ (انظر
المصدر 126).

تكلمنا عن الصفات
وعلاقتها بالذات.. ومن الصفات صفة الكلام.. فما علاقتها بالذات؟!



à الفراء : (معتزلى) وهو
تلميذ الكسائى (أنظر الكتاب والقرآن. د. محمد شحرور- دار سينا للنشر- القصر العينى
– القاهرة – الطبعة الأولى1992- ص770، 771)



[i] حامد السيد على – كتاب من
أسرار التكرار فى القرآن والآيات المتشابهات – ص9 – مطابع الولاء الحديثة – شبين
الكوم – طبعة أولى 1419هـ- 1998م . ( نقلاً عن القرطبى ج1 – ص138 ) .

[ii] كتاب الأحاديث القدسية (
كتاب يشمل على الأحاديث القدسية الموجودة فى أصح كتب الحديث …) – المكتبة القيمة
– الحى السابع – مدينة نصر – القاهرة – ص136- ص.ب : 4045/ 11727.

[iii] المصدر السابق – ص 93 , 94
.

[iv] صالح الوردانى – أهل السنة
شعب الله المختار – ص117 – الناشر: مكتبة مدبولى الصغير – ميدان سفنكس الجيزة –
رقم الإيداع 5688/ 96 – الترقيم الدولى 4- 007- 285- 977 – الطبعة الأولى 1417هـ-
1996م .

[v] الملل والنّحَل للشهرستاني – مصدر سابق – ص54.

[vi] المصدر السابق – ص10 , 11.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار