علم المسيح

القبض على يسوع



القبض على يسوع

القبض
على
يسوع

(مر43:
1452 ؛ مت47: 2656 ؛ لو47: 2253 ؛ يو1: 1811)

مقدمة:

أولاً:
قبلة يهوذا.

ثانيًا:
المشكلة التفسيرية لقول السيد ليهوذا «يا صاحب لماذا جئت» (مت50: 26).

ثالثًا:
ملامح الحوار الذى دار بين يسوع والجمع الذى جاءَ للقبض عليه
، بحسب يوحنا
3: 189.

رابعاُ:
قطع بطرس لأذن ملخس اليمنى

(مر47:
14 ؛ مت51: 26 ؛ لو50: 22 ؛ يو10: 18).

خامسًا:
موقف يسوع أمام تصرف بطرس هذا

(مت52:
26 54 ؛ لو51: 22 ؛ يو11: 18).

سادسًا:
ماذا يُعنى قطع الأذن اليُمنى لعبد رئيس الكهنة.

سابعًا:
تفسير عملية القبض على يسوع.

ثامنًا:
منَ الذين قبضوا على المسيح.

تاسعًا:
معنى الشاهد
”.. كأنَهُ على
لص خرجتم بسيوف وعُصىِ لتأخذونى
..” (مر48: 14 ؛ مت55: 26 ؛ لو52: 22).

عاشرًا:
القبض على يسوع وتشتت التلاميذ (مر50: 14 ؛ مت56: 26).

حادى عشر: الإنجيلى مرقس الشاب
المعروف المجهول
(مر51: 1452)

 

مقدمة:

السيد
بعد معموديته مباشرة وبمجرد بد
ء خدمته الجهرية، بدأ يواجه
مقاومات وردود أفعال وحسد وكراهية، من رئيس هذا العالم (الشيطان) من جانب (
انظر مثلاً
مت1: 411؛ لو1: 413؛ مر12: 113)
، ومن شعبه الخاص الشعب اليهودى من جانب
آخر
، وبالذات من
الرؤساء الدينيين له (
انظر مثلاً يو11: 1؛ مت18: 27). وفيما يخص
الشعب اليهودى وأساسًا قياد
اته الدينية نجد أن المقاومة التى واجهها يسوع منهم
كانت من الشدة
والضراوة
والإستمرارية

للدرجة التى جعلت الإنجيليين يصورونها على أنها حرب مقدسة ضد شخصه (
انظر مثلاً
لو10: 1317؛ يو16: 9؛ يو7: 19)[1]! فالزعامة
الدينية لليهود فى تعقبها للسيد المسيح قد شرعت أكثر من مرة
في القبض عليه
بهدف قتله
، وبحسب شهادة
الإنجيليين
فإن
هذه

المحاولات تمت على فترات زمنية مختلفة، على سبيل المثال:

V بعد شفاء الإنسان صاحب
اليد اليابسة (
انظر مر1: 36؛
مت9: 1214؛ لو6: 611).

V بعد مثل
الكرامين الأردياء (
انظر مر1: 1212؛ مت33: 2146؛ لو9: 2020).

V بعد معجزة
شفاء ال
أعمى منذ
ولادته (
انظر يو1: 941)[2]

لقد
شعرت القيادات الدينية لليهود من البداية بال
إرتباك
والقلق، عندما رأوا السيد يتمم معجزات وي
ُعلّم كمَن له سلطان،
ومع الوقت تحول هذا القلق
إلى خوف، وصار وجود السيد يمثل مشكلة
بالنسبة لهم، وفى النهاية قادهم الخوف
إلى الشروع فى التخلص
منه
.

لكن
لماذا تولدت
عند
قادة اليهود
مشاعر
عداوة بمثل هذه الدرجة
من نحو السيد، وهو المعروف عنه أنه
وديع ومتواضع القلب، لا يخاصم ولا يصيح ولم يسمع أحد فى الشوارع صوته (
انظر مت29: 11،19: 12)؟ للإجابة على
هذا السؤال نقدم الأسباب الثلاثة ال
آتيه:

1
السبب
الأول يخص أعمال السيد المعجزية
، ففى الوقت الذى لا نسمع فيه عن أى نوع
من المواهب
عند
رؤساء
اليهود
الدينيين
(
انظر مثلاً
مت23) كان السيد يجرى المعجزات الكثيره والمتنوعة ويكتسب يومًا ب
عد يوم احترام الشعب, وهذه
الحقيقة

قد اعترفوا به
ا هم أنفسهم عندما
قالوا فيما بينهم «
انظروا أنكم لا تنفعون شيئا هوذا العالم قد ذهب
وراءه» (يو19: 12)
. ومن هنا صار واضحًا أن الخوف من ضياع مكانتهم
الدينية ووضعهم كرؤساء للشعب
. هذا الخوف الذى دبّ فيهم من
جراء أعمال السيد المعجزية
، هو الذى ولّد فيهم
مشاعر الكراهية من نحوه.

2
السبب
الثانى يتعلق بتعاليم السيد الروحية
، تلك التعاليم التى
تهدف

أساسًا

إلى أن تكون حياة ال
إنسان “حسب الروح” وليست “حسب
الحرف” (
انظر يو63: 6،
6769). الأمر الذى خافت منه القيادات اليهودية
واعتبرته خطرًا على
تقاليدهم التى يحافظون عليها بشدة
، وأنه سيؤدى فى
النهاية إلى ضياع
أمتهم. وهذا واضح جدًا من قولهم فى (يو48: 11) « إن تركناه
(يسوع) هكذا يؤمن الجميع به فيأتى الرومانيون ويأخذون موضعنا وأمتنا»، أى أنه
م لو تركوا
السيد يعلم بشريعته “الجديدة” سيؤمن اليهود به
، وبالطبع
سيتركون العبادة “القديمة” بالهيكل (
انظر يو19: 424).
وبفقد الهيكل
لأهميته
الدينية سيكون من السهل
عندئذٍ على الرومان أخذه كما
أخذوا من قبل
أرضهم. هكذا سعى
يسوع فى رسالته لتجديد اسرائيل كشعب لله،
وبدأ يكرز
بتعاليم مؤسسة على
مقاصد إلهية، لكن هذه التعاليم
جعلته فى تصادم
مع
حافظي طرق
العبادة اليهودية[3].

3
السبب
الثالث والأهم يرجع إلى شخصية السيد ذاتها
. تلك الشخصية التى لم
يقبلها اليهود، ففى كل مرة يعلن فيها أنه “
ابن
الله” (
انظر مثلاً
يو36: 10) وأنه « واحد مع الآب» (
انظر مثلاً يو30: 10) كلما صار فى صدام
مباشر مع اليهود الذين بحسب مفاهيمهم الدينية المطلقة نظروا إلى السيد
على أنه إنسان
واعتبروا أن كلامه
عن مساواته لله هو تجديف على الله (انظر يو17: 518،
32: 1033) ويستحق بسببه الموت (
انظر يو7: 19). وهكذا أعلن
عن يسوع أنه يجب القبض عليه وأنه مستحق الموت، و
قد مات بالفعل
ك
ابن الله
وكشاهد أمين لخطة الله لخلاص البشرية (
انظر رؤ5: 1، 14: 3)[4].

وعلى
الرغم من مرور ثلاثة سنوات والزعماء الدينيين موضع الحديث يخططون وبطرق مختلفة
للقبض على يسوع، إلا أنهم لم يجرؤوا على القيام بعمل ما ضده. لأنه وكما يشهد لنا
ال
إنجيليين
الثلاثة الأّول « خافوا من الجمع لأنهُ كان عندهم مثل نب
ى» (مر12: 12؛
مت46: 21؛ لو19: 20). وكما يقرر ال
إنجيلى الرابع: « ساعتهُ لم
تكن جاءت بعد» (يو30: 7). إلا أنه قبل الآلام بأيام قليلة، وقع حدثان كبيران كانا
هما السبب فى دفع الرئاسات الدينيه لليهود إلى
إتخاذ قرار
نهائى بالقبض على السيد وقتله
، هذان الحدثان هما:

أولاً: بحسب
الأناجيل الثلاثة ال
أولى، دخول يسوع الإنتصارى
لأورشليم وطرد
ه للباعة من
الهيكل (
انظر مت1: 2116؛
مر1: 1110،

1518؛ لو29: 1940، 4546). الإجراء الذى
اعتبره الرؤساء الدينيين تعدى علنى على سلطتهم وتدخل غير مسموح به فى اختصاصاتهم (
انظر مت23: 21؛
مر27: 1128؛ لو1: 202). والانجيلى مرقس بالذات يذكر فى (26: 15) أن علة الصلب كانت
مكتوبة ” ملك اليهود” لكن لا يوجد فى الحقيقة سبب لكى يوصف السيد بأنه
كان مسيانى ثائر وأنه كان مرتبط بجماعة الغيوريين. لهذا فالسبب الرئيسى فى قتل
السيد يجب أن يفحص فى الأنظمة الدينية والسياسية التى سادت فى أورشليم فى الفترة
ما بين الأعوام 6م
41م. فرؤساء الكهنة والصدوقيين وخلفائهم كان
هدفهم المحافظه على الهيكل كمركز دينى لليهود، وأن يعملوا فى نفس الوقت على بقاء
السلام بين الرومان والشعب بتدخلهم كوسطاء
. وحسب رأيهم، فإن يسوع
رغم أنه

من جانب مارس القوانين العبادية فى الهيكل
، إلاّ أنه من
جانب آخر استمر فى نقده
للهيكل والذى وصل إلى قمته فى
طرده للباعة منه. هذا التصرف من جانب يسوع فُسر “سياسيًا” على أنه هجوم
على السلطة الدينية وإهانة لها[5].

ثانيًا: وبحسب
الإنجيلي الرابع
كان الحدث الحاسم هو معجزة إقامة لعازر من
بعد موته ودفنه بأربعة أيام (
انظر يو1: 1146). فكما هو معروف أن رؤساء
كهنة اليهود هم من جماعة الصدوقيين[6]، الذين لا
يؤمنون بإقامة الاموات (
انظر مر11: 12؛ مت23: 22؛ لو27: 20؛ أع8: 23).
ولذا كانت هذه
المعجزة بالنسبة لهم، بمثابة ضربة ساحقة لمعتقداتهم من ناحية ولمكانتهم أمام الشعب
من ناحية أخرى[7]
. ولهذا نقرأ
فى يوحنا (47: 1157) أنه بعد هذا المعجزة مباشرة دع
ا رؤساء
الكهنة الكتبة والفريسيون وشيوخ الشعب ل
عقد مجمع عاجل غالبًا كان فى
منزل رئيس الكهنة فى ذاك الوقت قيافا وعلى الرغم من أن هذا المجمع وكما يظهر من
الشواهد (يو47: 1153؛ مر1: 142؛ مت1: 265؛ لو1: 222) لم يكن داخل ال
إطارات
القانونية ل
إجتماعات أعضاء المجمع
اليهودى الكبير (السنهدريم)، ولا تم فيه ال
إتفاق على
قرار موحد من قبل كل ال
أعضاء (انظر لو50: 23؛
يو39: 19)، إلا أن رئيس الكهنة أفتى حينئذ أن موت يسوع ضرورى لأنه لصالح الشعب «..
أنه خير لنا أن يموت أنسان واحد
عن الشعب ولا تهلك الأمة كلها » (يو50: 11). وبسرعة
أصدر أمرًا
، فى نفس
اليوم، أنه
إن عرف أحد أين هو
فليدل عليه لكى يمسكوه (
انظر يو57: 11).

وعلى الرغم من إقتراب عيد الفصح
وما يصاحبه من صعود جمع كثير من الكور
إلى أورشليم
لإتمام
إجراءات
التطهير (انظر يو55: 11)،
إلاّ أن القيادات
الديني
ة مدفوعة فقط من
حسده
ا الأعمى ليسوع (انظر مر10: 15؛
مت18: 27) لم
تؤجل
قرارها

بالقبض على السيد، فقط
أرادوا أن تتم عملية
القبض « خلوًا من الجمع » (لو6: 22). وكما يخبرنا المؤرخين،
أن عددًا كبيرًا من اليهود
كان يزور
أورشليم فى
وقت عيد الفصح يقدر من (85)
إلى (100) ألف. وإذا أضفنا إلى هذا
العدد، عدد السكان الأصليين المقيمين بالبلدة والذى يقدر تقريبا ب (25)
ألفًا سيبلغ
عندئذ العدد الكلى للنفوس بأورشليم وقت عيد الفصح إلى
أكثر من (110) ألف
تقريبًا[8]. بسبب وجود
هذا التجمع الكبير من اليهود غير المألوف بالمدينه ومع توقع حدوث
إضطرابات
وقيام حركات ثوري
ة فى ذكرى العيد (انظر مر7: 15؛ لو19: 23؛ يو40: 18)
كانت القيادة الرومانيه تنقل مؤقت
ًا مقرها من قيصرية إلى أورشليم. ومن هنا أصبح واضحًا
لماذا أراد الرؤساء الديني
ين لليهود تحقيق القبض على يسوع بعيدًا عن
الشعب.

وبناء
على ما سبق فال
آية « ليس فى
العيد» لمرقس (2: 14)
ولمتى (5: 26) لا تعنى أن عملية القبض على
السيد ستتم بعد نهايه العيد
أو قبل العيد. ولكن تعنى أن عمليه
القبض ستتم فى الفرصه المناسبه فى العيد أى عندما يكون السيد بعيدًا عن الشعب
المتجمع بالمدينه والذى يقدم من كل مكان ويطلبه (انظر يو55: 1156) وذلك لغرض ما فى
نفوس الرؤساء الدينيين[9].

وبينما
لا
أحد من الشعب
فى ذاك الوقت تحرك للقبض على السيد، أو حتى فكر فى الذهاب إلى الرؤساء الدينين
ليعلمهم بمكانه. قرر واحد من تلاميذه الاثنى عشر أن يخونه و
أن يسلمه
إليهم.

يشدد
الإنجيلي
ين الثلاثة
الأ
ُوّل بوضوح على
أن هذا التلميذ الخائن قد جاء من دائرة الاثنى عشر (انظر مت14: 26؛ مر10: 14؛ لو3:
224) ويُعل
ّل هذا
التشدد بطريركنا ال (24) بقوله
: من الملاحظ أن لوقا يقول « وإذا جمع
وواحد من الاثنى عشر الذى يدعى يهوذا » (لو47: 22) وهو عندما يقول ” الذى
يدعى يهوذا” لا يعنى هذا أنه لا يعرفه فكيف لا يعرف الإنسان الذى كان من جملة
الاثنى عشر المنتخبين، ولكن لأن لوقا قد ابغض حتى اسم هذا الخائن ولذا يقول “
المدعو
يهوذا” وبقوله “واحد من الأثنى عشر” أراد أن يظهر ويوبخ فى نفس
الوقت، خسة ودناءة الخائن[10].

الحدث
إذًا أن واحدًا من
التلاميذ الاثنى عشر، قرر
أن يخون معلّمه يعلن
جليًا
أن آلام يسوع قد
بدأت « ها نحن صاعدون إلى أورشليم وابن الإنسان ي
ُسلّم الى رؤساء
الكهنه والكتبه فيحكمون عليه بالموت» (مت18: 20) ومع بدايه الآلام بدأ الفداء
أيضًا
يتحقق.

هذا
التلميذ يهوذا سمعان الاسخريوطى[11]، قبل عيد
الفصح بيومين ذهب
إلى رؤساء الكهنه والكتبه وأيضًا الى حراس الهيكل،
وتناقش معهم فى الطريقه التى سوف يسلم بها السيد لهم (انظر مر10: 14؛ مت14: 26؛
لو3: 224). هؤلاء فرحوا جدًا عندما سمعوه ورأوا عزمه على التنفيذ. إذ اعتبروا
أن مساهمته
فى تحقيق خطة القبض على يسوع قيمة جدًا فهو الوحيد الذى يعرف جيدًا المكان الذى
سوف يذهب إليه معل
ّمه أيام العيد تجنبًا للإزدحام
الشديد وبعيدًا عن الضوضاء العالية (انظر لو37: 21، 39: 22؛ يو2: 18)
. وهكذا اتفق يهوذا
مع رؤساء الكهنه على تسليم السيد لهم
، وهؤلاء من فرحتهم
وعدوه بمكافاءة مالية، ذكر الإنجيلي متى قيمتها «
ثلاثين من
الفضه» (انظر مت15: 26؛ مر11: 14؛ لو5: 22)، وكما تنبأ عنها قديمًا النبى عاموس «
كثمن لبيع البار
» (انظر6: 2) ومن ذاك الوقت كان يهوذا يطلب
الفرصه المناسبه لتسليم يسوع لهم وبالطبع « خلوًا من الجمع» (لو6: 22)
.

وفى
ختام هذه المقدمة نسجل: كيف
أن كنيستنا القبطية،
بسبب أن لقاء يهوذا مع الرئاسات الدينية لليهود للتآمر على القبض على السيد قد تم
قبل الفصح بيومين أي يوم الاربعاء و
أن مؤامرتهم الشريرة
للتخلص من السيد قد كملت بإماتته على الصليب يوم الجمعة
، قد عينت
للمؤمنين يومى ال
أربعاء والجمعه أيام صيام
بطول العام ماعدا فى فترة الخماسين[12].

 

أولاً:
قبلة يهوذا
:

الفرصة
التى طلبها يهوذا لكى ي
ُسلّم سيده إلى
القيادات الدينية
اليهودية، لم تتأخر فى المجىء، وتحدد لها كيوم، الخميس، وكساعة، ليلاً. إذ
أن يهوذا الذى
ذكر
عنه

ال
إنجيليون
مرارًا أنه « واحد من ا
لاثنى عشر» (انظر مر43: 14؛ مت47: 26؛
لو47: 22) عَرِف أن سيده فى ذلك اليوم مساءً سوف يتناول العشاء مع تلاميذه، وبعد
ذلك سوف يقضى الفترة الباقية من الليل فى هدوء بستان جثسيمانى بعيدًا عن ضوضاء
أورشليم.
إذًا
ي
سهل
علي
ه أن يشرع فى
عملية الخيانة وأن لا يسمح لتفكيره بالتردد ولو للحظ
ة، وفعلاً بعد
نهاية العشاء خرج يهوذا وحده من العلية، لكي يتمم الخطة المتفق عليها
، وعاد بعد
قليل مصحوبًا بجند مسلحين وجمع كبير للقبض على معلمه. و
إذ وصل إلى بستان
جثسيمانى اقترب من السيد وقب
ّله (انظر مر45: 14؛
مت49: 26؛ لو47: 22).

ماذا
كانت تعنى هذه القبلة؟

1
كانت
هى علامة التسليم (الخيانة) المتفق عليها مع الجمع الآتى معه « وكان مُسلّمه قد
أعطاهم علامة قائلاً الذى أقبله هوُ هوُ اَمسكوه وامضوا به بحرص » (مر44: 14 ؛
مت48: 26)[13].

2
أراد
بها يهوذا تغطية
إلى حد ما خبثه، فالقبلة التى كانت علامة احترام
التلميذ لمعلمه
، إستخدمها
يهوذا كعلامة خيانة لمعل
ّمه. وبالتأكيد
خبث يهوذا هذا كان مكشوفًا لدى السيد ولهذا قال له « يا يهوذا أَبقبلة تُسلّم ابن
الإنسان » (لو48: 22)[14].

3.
جاءت دليلاً واضحًا على وقاحة يهوذا إذ تجرأ وأقدم على هذا السلوك الممقوت فى وقت
عيد الفصح
، وقت التقوى
والورع
، وفى موضع
الصلاة والخلوة[15].

4
واذا
عرفنا أن الفعل
اليونانى المستخدم هنا Katef..lhsen (مر45: 14؛ مت49: 26) يعنى التقبيل بحرارة، يمكننا عندئذ أن
نستنتج أن يهوذا عند تقبيله لمعلمه قد أخذه أيض
ًا فى أحضانه
و
أمسكه بشدة. وقد قام بهذا
التصرف لكى يسهل للجند عملية القبض على السيد.

وبسبب
أن القبلة فى حالة يهوذا فقدت قيمتها لهذا ف
إن الكنيسة
القبطية تمنع القبلة الأخوية بين المؤمنين من
ليلة الأربعاء
الكبير، من بعد قراءة المقطع الإنجيلي الذى يتحدث عن التآمر بين يهوذا ورؤساء
الكهنة (
انظر مر3: 1411)، إلى السبت ليلاً بعد صلاة
الصلح ل
قداس
عيد
القيامة[16].

وإذ
نعود

إلى موضوعنا نسجل كيف أن يسوع يستخدم لنفسه المصطلح المسياني ”
ابن
الإنسان” ولمرة أخرى فى العبارة التى وجهها إلى يهوذا (
انظر لو48: 22)
وهو المصطلح الذى كما ذكرنا سابقًا يرتبط بآلامه والتي قد بدأت الآن[17].

 

ثانيًا:
المشكلة التفسيرية لقول السيد ليهوذا «يا صاحب، لماذا جئتَ» (مت50: 26)

فى
عبارة السيد التى وجها للخائن يهوذا والتى ترد عند الإنجيلي متى فقط « يا صاحب،
لماذا جئت

» (50: 26)،
نقابل مشكلة تفسيرية. المفسر
Rehlkopf [18] من جانبه يفهم هذه
العبارة كسؤال ويترجمها كالآتى ” يا صاحب، ألهذا جئت؟ “. لكن المفسر القبطي
بطرس السدمنتى يفهم العبارة كأمر ويترجمها هكذا ” يا صاحب، ما جئت لأجله
أفعله “[19]
.

وتفسير
السدمنتى يصير مقبولاً إذا أخذنا فى ال
إعتبار الآتي: أن السيد
بالرغم من علمه أن يهوذا قد عرف المكان الذى سوف يذهب إليه مع تلاميذه بعد العشاء
(
انظر يو2: 18)
إلا
أنه لم يذهب
الى موضع آخر، بل إلى هذا المكان بالتحديد ذهب.
كما أن السيد نفسه وقبل هذا
اللقاء بقليل قد حث يهوذا على أن يعمل ما قد قرره بأكثر سرعة (
انظر يو27: 13).

 

ثالثًا:
ملامح الحوار الذى دار بين يسوع والجمع الذى جاء للقبض عليه بحسب يوحنا 3: 189

من
الحوار الجرئ الذى دار بين يسوع والجمع الذى جاء للقبض عليه ومن الأحداث الجديرة
بالإعجاب الناتجة عنه كما حفظها لنا الإنجيلى يوحنا، يلاحظ الآتى:

1.
المبادرة غير المتوقعة من جانب يسوع والتى كانت مفاجئة للجمع كله وذلك عندما « خرج
اليهم وسألهم مَن تطلبون » (يو4: 18).
يُعلّق أمونيوس الأسكندري على هذه
المبادرة الجريئة قائلاً:
لا يسأل السيد مَن تطلبون
لأنه لا يعرف، لكن لكى نفهم أنه بالرغم
من وجوده أمامهم إلاّ أنهم لم
يستطيعوا أن يروه أو أن يعرفوه، إلا عندما أراد هو[20].
ويرى الأب بطرس السدمنتى
أن هذه المبادرة هى مثال لتعليم المؤمنين
على السلوك الشجاع فى المواقف الصعبة لأن أي إنسان مطلوب القبض عليه، وبسبب خوفه
الشديد من الذين يطاردونه، لا يظهر بالطبع نفسه أمامهم ولا يسلم لهم نفسه بإرادته[21].

2.
إجابة الجمع المذهول « يسوع الناصرى » (يو5: 18) يفسرها
القديس كيرلس عمود
الدين

هكذا
:
لم
يتجر
أوا أن
يقولوا مباشرة أنت الذى
تتكلم، نحن هنا للقبض عليك. لكن قالوا
” يسوع الناصرى ” كما لو كان الكلام عن شخص ما ليس أمامهم ولا يروه،
وهذا كله يؤكد أنه لم يكن فى أمكانهم القبض علية إذا لم يسلم نفسه لهم بإرادته[22].

3.
أما رد يسوع القوى
أنا هو، فهو من جانب
قد كشف أنه هو الشخص المطلوب القبض عليه، ومن جانب آخر كشف ألوهيته المستترة تحت
حجاب الجسد
. والسيد
بالطبع لم يرد بهذا الكشف النجاة من القبض عليه ولكن أراد أن يحمى تلاميذه من قبض
محتمل عليهم (
انظر يو8: 18). وهكذا نرى أن الذى
أعلنه
يسوع
قبل
قليل فى صلاته لله الآب، بحسب الشاهد (يو12: 17)
الذين
اعطيتنى حفظتهم ولم يهلك منهم أحد إلا ابن الهلاك
..” ها هو يحققه
هنا
وبالمعنى
الدقيق للكلمة فى الشاهد (يو8: 189)
قد قُلتَ لكم أنى أنا
هو. فإن كنتم تطلبونني فدعوا هؤلاء يذهبون
..”.

فى
النهاية، يلاحظ الأب بطرس السدمنتى بذكائه المعهود أنه فى موقف آخر
إن السيد
بقوله
أنا
هو” فى معجزة المشي على المياه (
انظر مت22: 1433) طرد
الخوف من تلاميذه
، بينما هنا وبنفس العبارة ” أنا هو”
ملأ قلوب الذين جاؤا للقبض عليه بالخوف
. وكل هذا يؤكد كما
يستنتج السدمنتى قدرته على كل شئ وأنه باختياره
وحده يسلم نفسه
لهم[23].

 

رابعًا:
قطع بطرس لأذن ملخس اليمنى (مر47: 14؛ مت51: 26؛ لو50: 22؛ يو10: 18)

إذ
نعود مرة أخرى
إلى حدث
القبض على السيد، نسجل كيف أن التلاميذ عندما رأوا يهوذا قادم بصحبة جمع كثير
مُسلح بسيوف وعصى ومعهم مصابيح ومشاعل، وعندما شاهدوا هذا الجمع يلقى بوحشية
الأيادي على معلمهم، أخرجوا بدافع من محبتهم الشديدة لسيدهم أسلحتهم (فى هذه
الحالة السكاكين)[24] فى محاولة
منهم لوقف هذا الهجوم المباغت والشرس على معلمهم،
وسألوا سيدهم
« يارب أنضرب بالسيف (بالسكين)» (لو49: 22)
. وواحد من
التلاميذ هو سمعان بطرس بحسب
قول يوحنا (10: 18) لم ينتظر أجابه السيد
ورفع سيفه (سكين
ته) وضرب عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه اليمنى وكان
اسم العبد ملخس (
انظر أيضًا مر47: 14؛
مت51: 26؛ لو50: 22). المفسر الكبير للكتاب المقدس فى القرن الخامس الميلادي
يعتبر أن
تصرف بطرس هذا لم يكن ضد وصية الناموس التى تنص على أن يكون الرد فى حالة الإساءة
بالمثل « وأن حصلت أذية تُعطى نفسًا بنفس وعينًا بعين وسنًا بسن ويدًا بيد ورجلاً
برجل.. وجرحًا بجرح» (خر23: 2125) لأنه يتساءل كيرلس الكبير لأي شئ آخر جاء ليفعله
هذا الجمع المسلح بسيوف وعصى إلا أن يهدد التلاميذ بأقصى عقوبة فى حالة دفاعهم عن
معلمهم[25].

 

خامسًا:
موقف يسوع أمام تصرف بطرس هذا (مت52: 2654؛ لو51: 22؛ يو11: 18)

لكن
يسوع الذى يسير بإختياره نحو الآلام، استنكر فى الحال هذا الفعل المتسرع من تلميذه
كما يخبرنا الإنجيليين متى ويوحنا: « فقال يسوع لبطرس رد سكينتك الى مكانها
..» (مت52: 2654؛
يو11: 18).
وفى نفس
الوقت أسرع لشفاء أذن العبد قائلاً: « دَعُوا الى
ّ هذا ولمس
أُذنهُ وأبرأها» (لو51: 22)
. لقد قبل يسوع استهزاءات كثيرة من خصومه
واحتمل بصبر قساوة قلب المقاومين له، لكنه لم يستطع أن يحتمل أطلاقًا الدفاع عنه
بسلاح ولو حتى من أحد تلام
يذه. لقد كان عليه أن يشرب الكأس التى
أعطاهُ اياها الآب والتى من أجل قبولها صلى قبل قليل فى البستان (
انظر يو11: 18). بل ونستطيع
أن
نشهد
أيضًا

أن عمله المعجزى
هذا مع ملخس هو الذى انقذ فى الحقيقة بطرس من القبض
عليه.

وبطرس
السدمنتى
يتأمل
فى
معجزة شفاء
يسوع
لأذن
عبد
رئيس الكهنة
ويحصى لنا أسبابها فى
الآتى:

1
لكى
يُهدّئ يسوع من غضب اليهود على تلاميذه وبالذات على بطرس.

2
لكى
يظهر لليهود، ولمرة أخرى، قدرته على كل شئ ورحمته الكبيرة.

3
لكى
يقوى إيمان
بطرس فى شخصه.

4
لكى
يعل
ّمنا بالعمل،
هذا الذى
سبق
و
علمنا
إياه فى
الموعظة على الجبل، أى كيف يجب علينا أن نواجه الشر (
انظر مت38: 541).

5
لكى
يفهم التلاميذ أن السيد بقوله «.. ومنَ ليس له فليبع ثوبه ويشترِ سكين
ًا» (لو36: 22)
لا يعنى التسلح المادي لكن الروحي.

6
لكى
لا يظن التلاميذ أن الجهاد لأجل الحق يجب أن يكون بالعنف والمقاومة وأستخدام
السلاح والقتل. بل بالتسامح والاحتمال والصبر وتقديم الخير.

7
ولكى
يدرك التلاميذ أن معل
ّمهم ليس بحاجة لمساعدات بشرية، ولا هو يسلّم نفسه
للموت عن ضعف
. لأنه لو
أراد
محاربة
الجمع
المسلح الذى جاء للقبض عليه لاستطاع ذلك وبدون أى عناء وبطريقة سماوية لا تقارن
بالطرق الأرضية (
انظر مت52: 2653)[26].

سادسًا:
ماذا يعنى قطع ال
أذن اليمنى لعبد رئيس الكهنة

يبدو
من
رواية
القديس
يوحنا
(3:
1811) أن خدام رؤساء الكهنة والفريسيين الذين جاءوا للقبض على يسوع كانوا من فئة
العبيد. وهؤلاء كانوا فى مقدمة الحملة وهم الذين واجهوا السيد وجهًا لوجه. وواحد
من هؤلاء العبيد كان هو ملخس عبد رئيس الكهنة قيافا
. وربما كان
هذا العبد من أصل عربى إذ أن الاسم العربى المرادف للاسم اليوناني
“ملخس”
هو “ملك”. والآراء أن هذا العبد “ملخس” كان هو قائد حملة
القبض على يسوع، أو أنه كان قائد شرطة أورشليم أو أنه بواسطته يعنى
الإنجيليين يهوذا
الخائن[27]
. هى كلها
آراء غير مدعمة وغير مؤكدة لأن الإنجيليين لا يذكرون لنا إلا اسمه وخاصيته فقط (
انظر مر47: 14؛
مت51: 26؛ لو50: 22؛ يو10: 18).

أيضًا
الرأى القائل أن بطرس بقطعه أذن العبد، يعاقب “رمزيا” سيده رئيس الكهنة[28]
. هذا الرأي
يحتاج فى الواقع
إلى معرفة العادات التى كانت منتشرة فى الشرق فى ذلك
الحين. أما التفاسير التى يعطيها لنا الآباء والك
ُتّاب الأسكندريون بملامحها
الرمزية والنظرية، والتى سنعرض
ها بمواصلتنا للحديث هى بحسب رأينا مدعمة
ومؤكدة ولنبدأ:

1
كيرلس
الإسكندري:

بطرس
قطع الأذن اليمنى للعبد، لكى يظهر بطريق
ة ما أن الشعب اليهودي
فقد السمع لصوت الله القوى لأنه رفض أن يفهم ما للمسيح[29].

2
اسيدروس
الفرمى:

بسبب
أن اليهود عصوا الله ولم ينتبهوا لكل ما علمة المسيح وفقًا للناموس
، وبالتالى
فان قطع أذن العبد، إشارة إلى أن حتى رئيس كهنتهم قد عصى الله[30].

3
بطرس
السدمنتى:

بطرس
أراد بالفعل أن يضرب العبد على عنقه كما تعود الذين يستخدمون السيوف لكنه لم ينجح
فى هذا لسببين:

أ
ربما
لأنه نهض من النوم مستعجلاً فجاءت الضربة عشوائية ولم تقطع
إلاّ الأذن.

ب
وربما
أن العناية الإلهية لم تسمح بهذا الذى أراده
، ولذا
انحصرت الضربة فى قطع الأذن فقط. وعمومًا ف
إن قطع الأذن،
عضو السمع فى الإنسان
، سمح به الله لإظهار عدم
طاعة اليهود لكتبهم النبوية[31].

وبحسب
رأينا ربما جاء قطع الأذن اليمنى
لملخس بسبب:

أ
إما
ان بطرس كان أعسرا، لأن من يضرب بيده اليمنى فانه يقطع ال
أذن اليسرى.

ب
أو
أن بطرس قد ضرب ملخس من الخلف.

ج
أو
لأن السلاح الذى
إستخدمه كان سكينًا وليس سيفًا.

ومما
هو جدير بالملاحظة هنا أنه بينما المفسرين الحديثين[32]
يترجمون الكلمة
M£caira (السلاح المستخدم هنا) على أنها “سيف”. فإن كيرلس الأسكندرى يترجمها
كما هى فى اللغة اليونانية “سكينة”
، من ذلك
النوع الذى كان يستخدم فى قتل الحيوانات المتوحشة التى كانت تشتهر بها بلاد
اليهودية وخاصة فى جبالها[33].

من
كل ما سبق ذكره نجد
أنفسنا فى النهاية أننا أمام عمل
عقابى أراده التلميذ لهؤلاء الذين القوا بوحشية أياديهم على معلمه. ولسنا أمام عمل
مفاجئ جاء كرد فعل تلقائى فى جو شبه مظلم[34].

هذا
التصرف الذى قام به بطرس، بحسب رأى القديس اسيدروس الفرمى[35]
والأب بطرس السدمنتى[36] يكشف لنا
مدى محبة هذا التلميذ لسيده وغيرته فى الدفاع عنه، مشاعر كانت بلا شك متأججة فيه
أكثر من باقى التلاميذ
. فبينما أولئك سألوا السيد « يارب أنضرب
بالسيف» (لو49: 22) نجد بطرس لم ينتظر الإجابة إذ أسرع واستل سكينته من غمدها
واستخدمها للدفاع عن معلمه، محققًا بهذا التصرف وعده له: « إني أضع نفسي عنك»
(يو37: 13)
. وبكل تأكيد
كان
بطرس
سيستمر
فى الدفاع عن سيده لو لم يمنعه السيد نفسه (
انظر يو11: 18).
وربما لهذا السبب لا يذكر الإنجيليون الثلاثة مرقس ومتى ولوقا اسم بطرس فى حادثة
قطع الأذن
، وذلك رغبة
من بطرس نفسه حتى لا يظهر أنه كان أكثر غيرة على السيد من باقى التلاميذ فى لحظة
القبض عليه. بينما يوحنا لأنه كتب إنجيله من بعد استشهاد بطرس بسنوات عديدة ولذا ف
إنه يذكره
بالاسم فى الحادثة
.

 

سابعًا:
تفسير عملية القبض على يسوع:

كل
مشهد القبض على يسوع يفسره هو نفسه:

1
كإعلان
لساعة سلطان الظلمة (
انظر لو53: 22ب)

لأن
كل الذين جاءوا للقبض عليه
كانوا فى الواقع تحت قيادة الشيطان. فتلميذه
الخائن يهوذا، قد سبق السيد وقال عنه « أليس أنى أنا أخترتكم الاثنى عشر وواحد
منكم شيطان، قال هذا عن يهوذا سمعان الاسخريوطى ل
أن هذا كان
مزمعًا أن يسلمه» (يو70: 671، 27: 13؛ لو3: 22)
. واليهود
ورؤسائهم قد سبق وخاطبهم مرة قائلاً « أنتم من أب هو إبليس وشهوات أبيكم تريدون أن
تعملوا
..» (يو44: 8)
هكذا فبالتعبير «سلطان الظلمة» يعنى السيد أساسًا الشيطان (
انظر أف12: 6)
وبالتالى يكون معنى ال
آية « هذه ساعتكم وسلطان الظلمة» أنه
فى ساعة القبض على يسوع كان للشيطان ولليهود نفس الإرادة.

ووصف
يسوع للفترة الزمنية لسلطان الظلمة على أنها “ساعة” يتفق مع الحقيقة
الراسخة أن كل سلطان الشيطان
هو “مؤقت” (انظر لو5: 4)
ففى الحالة موضع الحديث حالة آلام السيد ظهر هذا السلطان فى منتصف ليلة الخميس
بالقبض على السيد، و
اختفى هذا السلطان تماما وتلاشى مع الساعات
الأولى لفجر الأحد بقيامته.

2
كتكميل
للكتب (
انظر مر49: 14
؛ مت56: 26)

أى
أن كل ما يحدث معه، لا يحدث بالصدفة أو بالحظ أو بدون ترتيب، لكن كل شئ عنه هو
مكتوب من القديم فى ناموس موسى وفى الأنبياء والمزامير (
انظر لو44: 24). وإذا أراد اليهود
أن يعرفوا هذه الشهادات فما عليهم إلا
ّ أن يفتشوا الكتب (انظر يو39: 5).

 

ثامنًا:
مَن الذين قبضوا على المسيح؟

بعد
كل حديثنا السابق عن عملية القبض على يسوع فى بستان جثسيمانى، نضع فى النهاية هذا
السؤال التاريخي: م
َن كان هؤلاء الذين جاءوا للقبض على المسيح؟ بعض
المفسرين الحديثين[37] يفترضون أن
الذين جاءوا للقبض على المسيح كانوا يهود وجنود من الرومان ولكى يعضدوا هذا
الافتراض يسوقون هذه الدلائل:

1
المصطلاحات
“جند” و” قائد الألف” المذكورة فى إنجيل يوحنا (
3: 18و12) هى مصطلاحات
عسكرية خاصة بالرومان وهى مصطلحات دقيق
ة تاريخيًا ”
فالجند ” عبارة عن فصيلة مكونة من 200 جندى تمثل ثلث الكتيبة التى كان مقرها
قلعة انطونيا الموجودة شمال شرق الهيكل وكان من واجبها حفظ النظام فى الهيكل وقت
الأعياد. ” وقائد الألف” هو رئيس على ألف من الجنود وهى رتبة عالية جدًا
فى الجيش الروماني
. أما كلمة “خدام” المذكورة أيضا فى
الشواهد السابقة فهي تعنى خدام اليهود وبالتحديد هنا
خدام رؤساء
الكهنة والفريسيين.

2
عملية
القبض على يسوع لم يكن من الممكن لليهود تحقيقها بمثل هذه السهولة الى تمت بها،
إن لم يكن
هناك
إتفاق مسبق مع
السلطة الرومانية ومشاركه عملية بتحريك عدد ليس بقليل من جنودها.

3
إ
هتمام
الوالى الروماني بيلاطس
البنطى بقضية يسوع والذى يظهر
من الحدث: أنه عندما جاء اليهود بيسوع من عند قيافا الى دار الولاية فى الصباح
الباكر خرج
بيلاطس لمقابلتهم
كما لو كان فى انتظارهم (انظر يو28: 1829).

وقديمًا
حمل أيضًا نفس الرأى بطرس السدمنتى إذ
يفترض: أن رؤساء اليهود قد
ذهبوا قبل عملية القبض إلى بيلاطس واخبروه عن يسوع كيف انه يدعى نفسه ملك ويمنع أن
تعطى جزيه لقيصر (انظر لو2: 23)
. ولهذا أرسل بيلاطس معهم جنود من الرومان، على رأسهم
قائد ألف
للقبض على يسوع
(انظر يو12: 18)[38].

لكن
على الرغم من أن الدلائل المذكورة
أعلاه تبدو للقارئ أنها منطقية، إلا أنها فى
الواقع العملى تصطدم بحقائق كثيرة مما يجعل الرأي القائل بان القبض على السيد قام
به اليهود والرومان ضعيفًا، بينما
يجعل الرأي الآخر القائل بأن القبض على السيد
قام به اليهود فقط
أكثر ترجيحًا. هذه الحقائق هى:

أ الكلام
الذى وجهه المسيح لأولئك الذين جاءوا للقبض عليه « كل يوم كنت معكم فى الهيكل
أُعلم ولم تمسكون
ى..»
(مر48: 1449؛ مت54: 2655؛ لو52: 2253، 37: 21) منطقيًا لا يوجّه إلا لليهود فقط.

ب المفسر
ال
أسكندري الكبير القديس كيرلس، الذى عاش قريبًا من تقاليد وتفاسير عصر السيد المسيح، لا يذكر إطلاقًا فى شرحه لإنجيل يوحنا الإصحاح الثامن عشر
(34، 12) مشاركة الرومان فى
عملية القبض على السيد[39].

ج
أكثر
من هذا أنه لو تتبعنا أحداث المحاكمة ب
إنتباه سنكتشف أن الوالى
الرومانى بيلاطس البنطى قد علم بقضية يسوع
مؤخرًا، وذلك عندما قادوه
إليه للمحاكمة
، وليس من
قبل (
انظر لو1: 232؛ يو29: 1831).4 أما ما يخص
المصطلاحات العسكرية ” جند ” و” قائد
ألفالتي يذكرها
الإنجيلي
يوحنا فى روايته عن القبض (يو
3: 18، 12) فإننا نجد أن
الإنجيلي لوقا العارف بهذه المصطلاحات جيدًا، لا يذكرها فى مشهد القبض على السيد
(انظر على سبيل المثال
أع1: 10، 1: 17، 31: 2133، 24: 22، 10: 23،
23: 25)[40].

لذا يبدو لنا
أن الإنجيلي يوحنا لا يستخدم المصطلحات (جند، قائد الألف) بالمعنى العسكري المحدد
لكن بالمعنى العام
ليشير بها الى فصيلة عسكرية يهودية مماثلة
للفصائل العسكرية الرومانية كانت تتكون من21 رجلا من اللاويين يرأسهم قائد وكان
عملهم هو حراسة الهيكل[41].
والإنجيلى لوقا أيضا يخبرنا أن يهوذا قد
تشاور بجانب رؤساء الكهنة
أيضًا مع قواد جند الهيكل فى
كيفية القبض على المسيح (
انظر4: 22، 52).

5
كما
أنه غير مقبول منطقيًا تحرك فصيلة كاملة تتكون من (200) جندي لكي تقبض على فرد
واحد، ليس عليه تهمة محددة،
ولكن بسبب حسد رؤساء اليهود الدينيين له (انظر مر10: 15؛
مت18: 27)[42].

6
وحتى
لو
إفترضنا أن الجنود
الرومان هم الذين قبضوا على السيد، ألم يكن من الطبيعى عندئذ أن يذهبوا به مباشرة
الى القيادات الرومانية
، وليس إلى رئيس الكهنة اليهودي كما حدث (انظر يو12: 1813؛
مر53: 14؛ مت57: 26؛ لو54: 22).

7 وأخيرًا
لو طبقنا طريقة الاستنتاج من نهاية الأحداث،
لنصل إلى الفاعل، سنكتشف الحقيقة أن اليهود بتحملهم وحدهم فى النهاية مسئولية موت المسيح (انظر مت25: 27) هم الذين قاموا بعملية القبض علية وحدهم[43].

من
كل ما سبق أعلاه نرى أن قوات الظلمة بكل فئاتها قد اتحدوا معا وعملوا معا فى تلك
“الساعة
المحددة
للقبض على الإله الذى صار إنسان
. هكذا تلميذ من الاثنى عشر مع رؤساء
الكهنة والكتبة والفريسيين وشيوخ الشعب هم الذين خططوا “فى الخفاء” للقبض
على السيد
. بينما حراس
الهيكل
وخدام
الرؤساء الدينيين هم الذين
نفذوا ” فى الظاهر الخطة (انظر مر43: 14؛
مت47: 26؛ لو47: 22؛ يو3: 18).

أما
لماذا أرسلت قيادات
اليهود الدينية هذا الجمع المسلح للقبض على يسوع؟ فحسب رأى
الأب بطرس السدمنتى
، لأنهم ربما ظنوا إما:

* سيكون حول
السيد فى بستان جثسيمانى بخلاف التلاميذ جمهور من الشعب الذى كان يطلبه فى العيد
(أنظر يو56: 11) وهذا الجمهور إما سيدافع مع التلاميذ عن السيد لحظة القبض عليه
، وإما أن
حضوره فى ذاته لن يسمح لهم بإلقاء القبض عليه.

أ
أو
أن التلاميذ سوف يكونوا مسلحين لأن يهوذا كان حاضرا
معهم فى العلية قبل ذلك بوقت قليل
وسمع أقوال السيد الخاصة بشراء سيوف (سكاكين) (
انظر لو36: 2238).

ب
وبحسب
رأينا ربما
يرجع
مجىء هذا الجمع المسلح للقبض على يسوع إلى
تخوف رؤساء
اليهود الدينيين
الشديد من فشل عملية القبض على السيد مرة أخرى.

هذا
الجمع الكبير الذى جاء من فئات اليهود المختلفة يظهر بكل وضوح مدى الرعب الذى ارجف
قلوبهم و
قلوب
رؤسائهم من جهة
شخص السيد الذى لا يوصف بأي شئ آخر غير أنه كان شخص غير عادى. لقد جاءوا بمشاعل
ومصابيح فى أياديهم طالبين أن يقبضوا على ذاك الذى هو بالحقيقة نور العالم (
انظر يو12: 8)، وبينما
كانوا مسلحين بسيوف وعصى (
انظر يو3: 18؛ مر43: 14؛ مت47: 26)، خافوا جدًا
من ذاك الأعزل وسقطوا على الأرض بمجرد أن رأوه
وهو يقول ” أنا هو
!

 

تاسعًا:
معنى الشاهد « كأنه على لص خرجتم بسيوف وعصى لتأخذونى » (مر48: 14؛ مت55: 26، لو52:
22)

لهذا الجمع المسلح الذى جاء
للقبض عليه قال يسوع « كأنه على لص خرجتم بسيوف وعصى لتأخذوني
، كل يوم كنت معكم فى الهيكل أعلم ولم تمسكوني..» (مر48: 1449؛ مت55: 26؛ لو52: 2253). وهو بكلماته هذه يؤكد
لهم المرة بعد الأخرى
أنه بالرغم من وجوده معهم يوميا فى الهيكل يعلّم، إلا أنهم لم يستطيعوا أن
يقبضوا عليه، لأنه لم يسمح لهم بذلك
. لكن الآن إذ قد أتت الساعة المعينة من قبل التدبير الإلهي فهو يسلم نفسه
لهم بإرادته وحريته. هذا المعنى
المحدد يشدد عليه القديس كيرلس الأسكندري عندما يكتب: السيد بقوله «..كل يوم كنت معكم فى الهيكل
أعلم ولم تمسكوني
..»
لا يتهم اليهود
بتأخرهم
فى قتله، لكنه يظهر أن
عملية القبض عليه لم تكن يومًا ما عمل قوتهم بل عمل إرادته وحده. وذلك عندما جعل فى الوقت المناسب الآلام غير المرغوبة، حسب التدبير،
مرغوبة[44].

لكن ماذا يعنى يسوع بكلمة
” لص”؟

الكاتب القبطي بطرس السدمنتى
يفسر كلمة “
لص”
هنا على أنها “فاعل
شر” إذ يقول: أراد يسوع بكلمة ” لص” أن يوبخ الجمع الذى جاء بهذا
الحجم الكبير وبهذا التسليح المتعدد للقبض عليه
، لأن لا هو فاعل شر ولا هو مسلح (انظر مت19: 12)[45]. ومن
الممكن حسب رأينا أن
يكون السيد
بقوله ” كأنه على لص”
قد أراد إدانة سلوك اليهود المشين من نحوه، لأنه بينما كانوا
من قبل يدعونه باحترام ” يا معلم” (انظر مثلاً مت15: 2216، 2324 و3536) الآن يأتون لكى يقبضوا عليه وكما لو كان واحدًا من
فاعلي الشر المشهورين.

بنفس المعنى لكلمة ” لص
” أنها ” فاعل شر” يفسر أيضًا كُت
ّاب حديثين أمثال Bénoit [46]. لكن المؤرخ اليهودي يوسيفوس فى كتابة
الحروب اليهودية يقصد بكلمة ” لص
” الشخص الذى يقاوم الاحتلال الروماني بالعنف[47].

والآن
من الآية السابقة « كل يوم كنت معكم فى الهيكل» ينبت التساؤل الآتى:
إن كان الذين
جاءوا للقبض على السيد يعرفونه جيدًا
، لماذا إذًا أخذوا
معهم يهوذا؟

من
هذا المأزق يخرجنا السدمنتى، بهذه الإجابة: على الرغم من أن يهوذا هو الذى قاد
الجمع إلى المكان الذى كان يعرف أن سيده سيكون فيه، إلا أن هذا لم يكن هو السبب
الرئيسي لأن يأخذه الجمع معه لقد خطط رؤساء اليهود
لإرسال يهوذا
مع الجمع وذلك بهدف:

أ أن
يظهر يسوع أمام الشعب أنه
إنسان
شرير جد
ًا لدرجة أن واحدًا من تلاميذه يسلّمه إليهم.

ب وأن
يظهروا هم أمام الشعب أيضًا
أنهم أبرياء من القبض على يسوع، بل
و
أنهم يعملون لصالح الشعب لأنهم
يخلصوه من واحد فاعل شر[48].

قبض
الجمع من ثم على السيد وقيدوه وقادوه الى دار رئيس الكهنة، وهكذا بتقييد السيد تمت
نبوة
إشعياء «
لنقيد البار» (10: 3
س) ويرى أمونيوس الأسكندرى: أن
يسوع قد ق
ُيّد لكى يفكنا
نحن
من
رباطات الشيطان[49].

ومن
المحتمل جدًا أن
تكون المنحنيات المنخفضة لمغارة جثسيمانى بجبل
الزيتون هى مكان القبض على يسوع إذ أن الأبحاث الخاصة بالحفريات أظهرت أن هذه
المغارة كانت تستخدم فى الخريف والشتاء كمعصرة للزيت
، وفى وقت
الفصح كانت هى المكان المناسب جدًا ليسوع وتلاميذه لكى يقضوا الليل فيه[50].

 

عاشرًا:
القبض على يسوع وتشتت التلاميذ (مر50: 14؛ مت56: 26)

روايتي
الإنجيليين مرقس ومتى المتعلقتين بالقبض على يسوع فى بستان جثسيمانى تنتهيان
بالإشارة إلى هروب كل التلاميذ، مشددين هكذا على الترك التام للسيد المقبوض عليه
فى أيدي الجمع الساخط (
انظر مر50: 14؛ مت56: 26). وكما تنبأ
هو
بنفسه عن هذا
الحدث قبل قليل مع تلاميذه (
انظر مر27: 14؛ مت31: 26؛ يو32: 16)؛ من
هنا وفيما بعد يبدو يسوع وكأنه يتوارى عن أعين التلاميذ (
انظر يو16: 16)، وقليلاً
قليلاً يختفي إذ بدأت الآلام الخاصة به وحده
، وعلى أساس
هذا الرأي يمكن شرح الأحداث التالية للقبض، مثل تشتت الأحد عشر وإجراءات المحاكمة.

 

حادى عشر: الإنجيلي
مرقس
الشاب
المعروف المجهول
للشاهد (مر51: 1452)

فى هذه النقطة بالتحديد نقطة تشتت التلاميذ يذكر الإنجيلي الأول معلومة
خاصة جدًا، يحتفظ بها وحده. هذه المعلومة تخص شاب ما كان متغطيًا بملاية تبع وحده
يسوع المقبوض عليه لفترة زمنية قليلة وبعد ذلك تعرض هو نفسه لعملية القبض عليه من
مجموعة
الشباب القابضين على السيد، إلاّ
انه تمكن من الهرب منهم، تاركًا فى أيديهم الملاءة التى كان ملتفا بها (
انظر مر51: 1452). بالطبع لا يجب أن يذهب فكرنا على الفور إلى إعتبار
أن هذا الحادث خيالى وأن
الكاتب قد استوحاه من (عاموس 16: 2) « والقوى القلب بين الأبطال يهرب عريانا فى ذلك اليوم يقول
الرب»[51]. أو أنه
حادث رمزي يشير مسبقًا إلى قيامة المسيح الذى سيفلت من الموت مثلما
أفلت هذا الشاب من أيدى القابضين عليه[52].
الحادث حقيقى بكل تأكيد وذلك كما يستنتج من التفصيلات الماهرة المذكورة ومن طبيعة
الوصف
، ومرقس الذى ذكره ربما لهدف ما قد وضعه مباشرة من بعد الآية « فتركه الجميع وهربوا » (50: 14).

لكن من كان هذا الشاب؟
ولماذا كان ملفوفا بملاءة؟ ولأى سبب وجد فى بستان جثسيمانى تلك الليلة؟ وما الذى
جعله يتبع السيد المقبوض عليه فى حين أن التلاميذ تركوه وهربوا؟

على هذه الأسئلة التى تبدو
منطقيا مبررة، سوف نحاول أن نعطى إجابات
، علينا فقط أن نربط أحداث تلك الليلة التى تم فيها
القبض على السيد بعضها ببعض: لنتذكر أولاً العلية حيث تم العشاء الأخير. العلية وكما ذكرنا فى موضع سابق كانت ملك أم يوحنا الملقب مرقس[53]
ومن ثم له (
انظر أع12: 12)، ومرقس هو الرسول الذى ينتمي للدائرة الواسعة لتلاميذ السيد (السبعين)[54].
فمن الطبيعي إذا أن يتبع مباشرة بعد العشاء المعل
ّم والتلاميذ الإحدى عشر إلى بستان جثسيمانى[55].
ذلك البستان الذى من المحتمل جدًا أنه كان أيضًا فى ملكيته[56]
وكما ذكرنا فى الفصل السابق أن السيد والتلاميذ تعودوا على الراحة فى جثسيمانى.
ولذا استسلم مرقس للنوم تلك الليلة فى البستان مثله مثل باقي التلاميذ. أما عن
الملاءة التى كان ملتفًا بها، فيجب أن نذكر كيف أنها كانت عادة وقتئذ وكما هو
اليوم أن ينام الناس خالعين ملابسهم الإعتيادية ومتغطين بملاءات خفيفة
. كما يجب أن لا ننسى أن مرقس والتلاميذ الأحد عشر قضوا تلك
الليلة فى الخلاء وفى تعرض مباشر للأحوال الجوية،
إذًا
كان هناك إحتياج إلى
غطاء ولو ملاءة. نام الإنجيلي إذًا هو
أيض
ًا فى البستان، وعندما استيقظ
مع الباقين على صخب الجمع الذى
جاء للقبض على يسوع، حاول فيما بعد أن يتبعه بالرغم من أن التلاميذ الباقين هربوا
، إلا أنه أخفق
فى محاولته إذ قبض عليه
،
وفى النهاية تمكن من الهرب تاركًا
ملاءته فى أيدى الأحداث. إستنتاجًا إذًا مما سبق سنقول أن الشاب
المجهول الذى ذكر فى رواية القبض على يسوع والكاتب لهذه الرواية
هو على أكثر الاحتمالات شخص واحد
مرقس الإنجيلي [57]
الذى حفظ لنا هذا الحدث والذى يبدو غريبًا ولكنه يستحق التسجيل. وذلك لكى يؤكد لنا كيف أنه كان شاهد
عيان لحدث القبض على السيد.

ولو وضعنا فى المقابل أن
الإنجيلي يوحنا كان يتجنب ذكر اسمه فى إنجيله، تاركًا إيانا أن نفهم شخصيته وحدنا
، فربما نفس الشيء يحدث هنا مع الإنجيلي مرقس.

أما كون أن هذا الحدث لم يذكره الإنجيليون الثلاثة الآخرون فربما يُشرح من السبب أنهم لم يعتبروه ذو أهمية خاصة لقراء أناجيلهم[58].



[1] D. Wiens, “ the
passion History as Holy war “, NTA, No 1, 1985, P. 13.

[2] انظر أيضًا (يو1:5ـ18، 14:7ـ26 و 30،
31:8ـ59، 22:10ـ39).

[3] J.B. Green, “the
Death of Jesus and the ways of Good “, NTA 42, No, 3, 1998, P. 462.

[4] X. Alegre, “ las
responsables de la muerte Jesús “, NTA 42, No 2,1998, P. 242.

[5] G. Baumbach, “ Die stellung
Jesu in Judentum seiner zeit “, NTA 19, 1975, P. 17.

[6] الاسم (صادوقين) جاء من صادوق رئيس كهنة أيام
الملك سليمان (انظر 1مل35:2، أع17:5).

[7] انظر المطران أثناسيوس، ” تفسير إنجيل
يوحنا ” بنى سويف 21984، ص186ـ187.

[8] J. Jeremias, “ Die
Einwohnerzahl Jerusalems zur zeit jesu “, Abbo, 1966, P. 335-341.

[9]  W. Grundmann, “ Die Geschichte Jesu “, Berlin 1961, P. 309.

[10] ‘Ezhg. Louk¦n EÙagg “, P.G. 72,924في شروحاته لإنجيل لوقا

انظر أيضًا الترجمة العربية، إصدار مركز دراسات
الآباء، الجزء الخامس، القاهرة 2001، ص142.

[11] محاولات بعض المفسرين أمثال:

 B. C.
Torrey, “ the Name Iscariot “ HThR 36, (1943), P. 51-62.

ربط التسمية (إسخاريوطى) بالمعنى “رجل
الكذب” أو “رجل الخداع” لم توفق. لنتطلع لاسم يعلن مكان أو أصل
العائلة، إذ أن ابو يهوذا “سمعان” قد حمله أيضًا (يو71:6 و2:13).

[12] انظر البطريرك خريستوذولوس (ق11م) ” قوانين لأسبوع الآلام “. مخطوط (6) قوانين مكتبة
البطريركية القبطية بالقاهرة. القانون رقم (9) ورقة 95جـ.

[13] Dionus…ou
Alex, “ Ermn. Louk£n EÙagg “,
P.G.
10,1596.

[14] انظر بطرس السدمنتى، ” القول الصحيح ..
“، ص152.

[15] انظر القمص تادرس يعقوب ” تفسير إنجيل
لوقا “، ص658.

[16] انظر البطريرك خريستوذولوس، المرجع السابق،
ورقة 93ظ.

[17] A.
papagewrgakopoÝlou, “ TÕ p£qoj toà Uƒoà toà ¢nqrèpou “, EEQSQ, 10
(1965), s. 79-224.

[18] F. Rehkopf, “ MT. 26, 50, ™ta‹re, ™f / Ö p£rei “, znw 52, 1961, P. 109-115.

[19] انظر ” القول الصحيح .. ” ص152.

[20] “ ‘Apos. ‘Iw£nnhn EÙagg
“,
P.G 85, 1505.

[21] انظر ” القول الصحيح .. “، ص154.

[22] “ ‘Ezhg. ‘Iw£nnhn EÙagg
“,
P.G 74, 581-83.

[23] انظر ” القول الصحيح .. “،
ص155ـ156.

[24] الكلمة المستخدمة هنا M£caira بمعنى سكين، وليست X…foj التي تعنى سيف.

[25] P.G. 74, 588-89.

[26] انظر ” القول الصحيح .. “، ص161،
163، 171.

[27] M. Rostovtzgeff, “ oâj dex…on ¢potšmnein
ZNW 33, 1943, P. 197.

[28] M. Rostovtzgeff “™nq. Anwt “, P.  198.

[29] P.G. 74, 589.

[30] P.G. 78, 353.

[31] انظر ” القول الصحيح .. “،
ص168ـ169.

[32] على سبيل
المثال
Bauer “ Wörtebuch zum
N. Testament “,
Berlin, 51963, P. 981

[33] P.G. 74, 589.

[34] Iw.
KarabidÒpoulou, “ TÕ p£qoj … “, s.106.

[35] P.G. 78, 353.

[36] انظر ” القول الصحيح .. “، ص161.

[37] Westcotte, “ the Gospel according
to
st. John “, Eerdmans 1962, P. 252.
P. Winter, “ the Trail of Jesus “
Berlin 1961. P. 146.

[38] انظر ” القول الصحيح .. “،
ص149ـ150.

[39] P.G. 74, 580-581, 584-593.

[40]  Iw. KarabidÒpoulou,
“tÕ p£qoj..“, s. 107.
Blinzler, “Der Prozess Jesu“,
Regensburg 1960, P. 68 ex.

[41] Iws»pou
“Ioud… Arc…“, 20, 131. “Ioud… pÒl…“, 6,294.
Blinzler, “™nq. Anwt“, P. 672.

قواد جند الهيكل يظهرون أيضًا في (لو52:22).
وفي سفر الأعمال صار حديث بالمفرد عن قائد جند الهيكل.

[42] Iw.
KarabidÒpoulou “ tÕ p£qoj .. “ s. 107.

[43] X. Alegro, “ Las
Responsables de la muerte de Jesus “ NTA 42, No 2, 1998, P. 242.

[44] P.G. 72, 457-460.

انظر
أيضًا الترجمة العربية ـ إصدار مركز دراسات الآباء ـ الجزء الخامس، القاهرة 2001،
ص144.

[45] المرجع السابق، ص153.

[46] “ Passion et Résurrection .. “, P. 48

[47] “ ‘Ioud… PÒl… “, 2,
587, 593, 4, 84, 97.

[48] المرجع السابق، ص151ـ152.

[49] P.G. 85, 1505.

[50] J.B. Taylor “ the Garden of Gethsemane not the place of Jesus Arrest “, NTA 40 No1 1996, P. 26.

[51] A. Loisy “ Evang. Mark “,
1912, P.425. Dibelius “ Die formgeschichte “, 51966, P. 183.

[52] A. vanhoye “ La fuite du
jeune honame nu “, Biblice 52 (1971), P.401-406.

[53] انظر الجزء الأول: العشاء الأخير وأحاديث ما
بعد العشاء، ص25.

 

[54] ‘Epifan…ou “ kat¦ a„ršsewn
20, 4.51,6 “,
P.G. 41, 280-900.

[55] V. Taylor “ the Gospel
according to st. Mark “,
London 51959,
P. 561.

[56] J.M.C Grum, “ Roadmending on
the sacred way “, P. 42F.

[57] أغلبية المفسرين الحديثين يرون في هذا الشاب
المجهول الاسم، الإنجيلى مرقس نفسه: على سبيل المثال:

Trempšla “
`UpÒmn. Mr “, s.282.

Grundman “ Evang.
Markus “, P.297.

Bénoit, “ Passion et Résurrection .. “, P.
49-50.

على العكس الباحثة Linnemann,
™nq, ¢nwt … “, P.52
تصف إفتراض أن مرقس هو هذا الشاب هو من نسج الخيال. أيضًا الباحث
Damal£, “ Ermn. K.D “ 3, s.623 يرى أن هذا الشاب هو شخص
ما من أهالى المنطقة لديه حب الإستطلاع.

[58] Iw.
karabidÒpoulou, “ tÕ p£qoj toà cristoà .. “, s. 108.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار