اللاهوت الطقسي

الفصل السابع: القداس الإلهى رحلة إلى السماء

الفصل
السابع: القداس الإلهى رحلة إلى السماء

حكى
المتنيح الأنبا يوأنس أسقف الغربية عن كاهن متنيح.. هذا الكاهن كان يصلى ليلة
العيد وأثناء الصلاة عند عبارة (ونظر إلى فوق نحو السماء) وإذا به يقف ولا يكمل
فظن الشماس أنه نسى فراح يذكره.. ويريه الخولاجى.. وأبونا صامت تماماً وظل أكثر من
10 دقائق ساكتاً تماماً.. ثم أكمل القداس.

 

بعد
القداس سألوه بإصرار عن السر؟ فقال لهم بعد أن ألحوا عليه كثيراً يا أولادى أول ما
قلت “ونظر إلى فوق نحو السماء” لقيت السلم اللى شافه الأب يعقوب منصوب
من الأرض للسما.. وشوفت الملايكة وهم طالعين ونازلين مقدرتش أكمل سكت لغاية ما
المنظر خلص وكملت القداس..

 

القداس
الإلهى هو النافذة التى نطل منها نحو الأبدية.. فتشعر أنك موجود فعلاً فى السماء.

 

 

 

83

 

 

ولكن كيف يتحقق
هذا.. تعالوا بنا نرى كيف يكون وقت القداس قطعة من الأبدية من خلال بعض مقتطفات من
القداس (وليس كل القداس بالطبع):

1-
عند دخولنا الكنيسة نقول: “أما أنا فبكثرة رحمتك أدخل بيتك وأسجد قدام هيكل
قدسك بمخافتك..” (مز 7: 5) أدخل بيتك الذى أنت موجود فيه.

2-
أسجد أمام الهيكل ثلاث مرات وأقول:

+ نسجد لك
أيها المسيح.

+ مع أبيك
الصالح.

+ والروح
القدس.

+ وأعلن
اسم الثالوث فى حياتى.

3-
عندما نسجد أمام الهيكل نشعر أننا فى السماء كما نصلى فى الأجبية فى قطع الساعة
الثالثة (إذا ما وقفنا فى هيكلك المقدس نحسب كالقيام فى السماء).

4-
وعندما ترفع عينيك إلى فوق تجد قبة ترمز للسماء مطلية بلون سماوى وأحياناً منقوش
عليها نجوم ترمز للقديسين الموجودين فى السماء.. لتعطيك الكنيسة شعور بأنك موجود
داخل السماء

5- نقف فى الصلاة ونحن ناظرين
إلى الشرق الذى هو موضع ظهور مجد الرب وأن الرب سوف يأتى من الشرق.

6-
من أسماء القداس “أنافورا” وهى كلمة يونانية من مقطعين.

أنا
= مرتفع – صاعد.             فورا = حامل.

أى تعنى حاملنى
وصاعد.. أى القداس يحملنى ويصعد بى إلى السماء.

7-
يتقدم الكاهن ليفتح ستر الهيكل معلناً بهذا أن باب السماء مفتوح “ما أرهب هذا المكان ما هذا إلا بيت الله وهذا
باب السماء” (تك 17: 28).

حقاً إن الرب فى هذا المكان وأنا لم أعلم
(تك 16: 28).

8-
فى رفع بخور عشية وباكر نجد أنفسنا نسبح مع صفوف السمائيين الملائكة والقديسين
للرب يسوع فى بهجة وفرح..

+ كان المعلم
ميخائيل الكبير الذى كان مرتلاً بالكنيسة المرقسية القديمة يصلى التسبحة قبل نزول
البابا كيرلس السادس لصلاة القداس يومياً وذات مرة وهو يصلى صلوات التسبحة (وهى
قائمة على نظام المرابعات) كان حين يقول (ربعاً) يسمع صوتاً يقول (ربعاً) آخر..
وهكذا فتساءل ما الذى جرى؟ أنا كل يوم أقول التسبحة وحدى.. فماذا جرى اليوم.. وسأل
الرجل الذى يأتى به يومياً إلى الكنيسة (لأن المعلم كان ضريراً) يا إبنى مين دول
اللى بيرابعوا قصادى.. فرد عليه مفيش حد يا معلم فقال له: يا إبنى أنا سامعهم
قصادى أهم.. فقال له: يا معلم مفيش حد.. إنهم الملائكة والقديسين الذين حضروا حفلة
التسبحة الجميلة التى نرددها فى عشية وباكر.

9-
حينما أرى الكاهن وهو يبخر بالشورية أرى البخور الذى هو صلوات القديسين “فصعد
دخان البخور مع صلوات القديسين من يد الملاك أمام الله” (رؤ 4: 8) والأربعة
والعشرون قسيساً أمام الخروف، ولهم كل واحد قيثارات وجامات من ذهب مملوءة بخوراً،
هى صلوات القديسين” (رؤ8: 5).

 

 

85

 

 

10- يتقدم
الكاهن ليرفع البخور حول المذبح إعلاناً عن حضور الله حيث حضوره دائماً مصحوب
بالدخان والإحتجاب.

وأما موسى
فإقترب إلى الضباب حيث كان الله(خر21: 20)

طأطأ
السموات ونزل وضباب تحت رجليه(2صم10: 22)

السحاب
والضباب حوله(مز2: 97).

+ فعندما
ترتفع حلقات دخان البخور فى الهواء ويختفى الأب الكاهن فى سحابة البخور تدرك
الكنيسة حضور المسيح السرى فتهتف فى أرباع الناقوس نسجد للآب والإبن والروح القدس.

11-
يرتدى الكاهن والشمامسة ملابس بيضاء فأصبحوا ضمن الملائكة والقديسين النورانيين يسبحون الله فى هذه الحفلة السماوية.

12-
بعد اختيار الحمل يعلن الكاهن الحضور الحقيقى للثالوث القدوس: “مجداً
وإكراماً إكراماً ومجداً للثالوث القدوس الآب والإبن والروح القدس”.

13-
فى أوشية الإنجيل يقف الكاهن أمام الهيكل ويرفع البخور كالسماء تماماً
“وإمتلأ البيت دخاناً” (أش 4: 6).

وهنا
تعبر سحابة البخور الكثيفة عن حضور ربنا يسوع المسيح فيقف الكاهن ليخاطبه قائلاً:
“أيها السيد الرب يسوع المسيح إلهنا”.

14-
فى قراءة الإنجيل نعلن عن حضور المسيح على المنجلية فيقول الشماس “ربنا
وإلهنا” ويقول الكاهن “بين شويس. أى ربنا”.

15-
فى صلاة الصلح نجد شكل السماء بسمته المميزة وهى الحب فيقول الشماس قبلوا بعضكم
بعضاً ليذكرنا أننا فى السماء حيث لا توجد خصومة أو بغضة.

16-
فى صلاة مستحق وعادل نجد أبانا يشرح لنا باقى سكان السماء الملائكة ورؤساء
الملائكة والرئاسات والسلطات والعروش والربوبيات والقوات.

17-
فى أثناء التقديس حينما يصلى الكاهن وهكذا أيضاً الكأس بعد العشاء.. يضع الكاهن
إصبعه على حافة الكأس ويمر بإصبعه على حافته
ويعمل دورتين الأولى مع عقارب الساعة والثانية عكس
عقارب الساعة إشارة إننا
عبرنا حدود الزمن وإرتفعنا فوقها.

18-
فى حلول الروح القدس الكل يسجد بخوف ورعدة ونجد الكاهن يصلى سراً “نسجد لك
بمسرة صلاحك وليحل روحك القدوس علينا، وعلى هذه القرابين الموضوعة ويطهرها وينقلها
ويظهرها قدساً لقديسيك”.

19-
وطالما المسيح له المجد على المذبح يبدأ الكاهن يطلب كل إحتياجاته وإحتياجات
شعبه.. وتكمل الصورة الجميلة للسماء بأن ينادى الكاهن على القديسين فى السماء
“هوذا قد جاء الرب فى ربوات قديسيه” (يع 14: 1).

+ فحضور
المسيح فى الكنيسة لابد أن يصحبه حضور مجمع القديسين الأطهار.

 

 

87

 

 

+ ذات مرة كان أحد
الأباء الكهنة يصلى ووصل إلى (المجمع) وقال تفضل يا رب أن تذكر جميع القديسين
وكلما ذكر اسماً وجده جواره.. وفوجئ الشماس بهذا الكاهن المبارك يقول له: وسع يا
بنى وسع أنت زانقهم كده ليه.. وسع.. روح بعيد سيبهم يقفوا.. والشماس لا يرى
أحداً..

وقف
الشماس مذهولاً.. لكن الكاهن كان يرى القديسين الذين يحضرون معه الصلاة.

+ إنها رحلة
جميلة إلى السماء فيها يكون الإنسان فى الجسد وكمن هو خارج الجسد ويصير فى الزمن
ولكن كمن هو فوق الزمن.. ويصير فى الأرض ولكن كمن هو فى السماء.

+ يتحقق فيها
وعد الله لشعبه “الأرض التى أقسم الرب لأبائك أن يعطيهم إياها كأيام السماء
على الأرض” (تث 21: 11).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار