اللاهوت الدفاعي

الفصل الرابع عشر



الفصل الرابع عشر

الفصل الرابع عشر

شهادة القرآن والحديث
والسيرة
لصحة التوراة واستحالة تحريفها

 

وَكَيْفَ
يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ

(المائدة: 43).

 هناك
عدة آيات قرآنية تتحدث عن مكانة التوراة مثل الآيات التي ذكرناها سابقاً والتي
تتكلم عن الكثير من الصفات التي تؤكد أن التوراة جاءت من الله هدى ونور، وأنها
جاءت على ” أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً “،
وأنها كِتَابُ مُوسَى الذي هو ” إِمَاماً وَرَحْمَةً “، و ”
وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ “، و ” وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ
الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا ” و ” َضِيَاءً وَذِكْراً
لِلْمُتَّقِينَ ” 00الخ

¯
ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَاماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ
وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً
لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ
رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ ” (الأنعام: 154).

¯
وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً ” (هود:
17).

¯
وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً وَهَذَا
كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَاناً عَرَبِيّاً لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى
لِلْمُحْسِنِينَ ” (الاحقاف: 12).

¯
فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ
وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ” (آل عمران: 184).

¯
إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا
النَّبِيُّونَ
الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا
وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ
اللَّهِ
وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ
وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ
بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ” (المائدة: 44).

¯
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْراً
لِلْمُتَّقِينَ
” (الأنبياء: 48).

1
التوراة هُدًى لِلنَّاسِ ونور:

¯
نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ
مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ
وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ. مِنْ
قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ
وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ
اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ
عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ” (آل عمران: 3و4).

& يقول القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ”
نزل عليك الكتاب بالحق
مصدقا
لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل. قوله تعالى: ” لما بين يديه
” يعني من

الكتب المنزلة، ” وأنزل التوراة والإنجيل ” والتوراة معناها
الضياء والنور
“.

& وجاء في الدر المنثور في التفسير بالمأثور للإمام
جلال الدين السيوطي: ” وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن
قتادة في قوله ” نزل عليك الكتاب ”
قال: القرآن ” مصدقا لما بين يديهمن الكتب التي قد خلت
قبله
(وأنزل التوراة والإنجيل، من قبل هدى للناس)، هما كتابان أنزلهما
الله فيهما بيان من الله، وعصمة لمن أخذ به، وصدق به وعمل بما
فيه
“.

& وجاء في جامع البيان للطبري ” القول في
تأويل قوله تعالى ” وأنزل التوراة والإنجيل ” يعني بذلك جل ثناؤه: وأنزل
التوراة على موسى، والإنجيل
على
عيسى. وأيضا ” حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة:
” وأنزل
التوراة
والإنجيل من قبل هدى للناس “

هما كتابان أنزلهما الله، فيهما بيان من الله، وعصمة لمن أخذ
به وصدق به وعمل بما
فيه
“.

¯
إِنَّا أَنزَلْنَا
التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ
يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ
أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا
وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا
اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ
وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ
فَلاَ تَخْشَوْا النَّاسَ
وَاخْشَوْنِي وَلاَ تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ
يَحْكُمْ
بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ ” (المائدة: 44).

& وجاء في تهذيب سنن أبي لابن القيم – باب في رجم
اليهوديين: فقَالَ أنْشُدُكُمْ بالله الّذِي أنْزَلَ التّوْرَاةَ
عَلَى مُوسَى. مَا تَجِدُونَ في التّوْرَاةِ عَلَى مَنْ زَنَى إذَا أُحْصِنَ؟
قالُوا يُحَمّمُ

وَيُجَبّهُ وَيُجْلَدُ، وَالتّجْبِيَةُ أنْ يُحْمَلَ الزّانِيَانِ
عَلَى حِمَارٍ

وَيُقَابَلُ أقْفِيَتَهُمَا وَيُطَافُ بِهِمَا. قالَ وَسَكَتَ شَابّ
مِنْهُمْ،
فَلمّا
رَآهُ النّبيّ … سَكَتَ ألَظّ بِهِ النّشْدَةَ فقالَ: الّلهُمّ إذْ نَشَدْتَنا
فإنّا نَجِدُ في التّوْرَاةِ الرّجْمَ، فَقالَ النّبيّ … فَما أوّلُ ما
ارْتَخَصْتُمْ أمْرَ الله؟ قالَ زَنَى ذُو قَرَابَةٍ
مِنْ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِنَا فأَخّرَ
عَنْهُ الرّجْمَ ثُمّ زنَى رَجُلٌ في أُسْرَةٍ مِنَ النّاسِ فأَرَادَ رَجْمَهُ
فَحَالَ قَوْمُهُ دُونَهُ وَقالُوا لا يُرْجَمُ
صَاحِبُنَا حَتّى تَجِيءَ
بِصَاحِبِكَ فَتَرْجُمَهُ، فأَصْلَحُوا عَلَى هَذِهِ
الْعُقُوبَةِ بَيْنَهُمْ، فَقالَ
النّبيّ …فإنّي أحْكُم بِمَا في
التّوْرَاةِ فأَمَرَ بِهِمَا
فَرُجِمَا
“.

& وجاء في سُنَنُ أبي دَاوُد للإمامِ أبي دَاوُد،
أول
كتاب الحدود
– باب في رجم اليهوديين: ” ما تجدون في التوراة في شأن الزِّنا؟ ”
فقالوا: نفضحهم ويجلدون
. فقال عبد الله بن سلام: كذبتم إن فيها الرجم، فأتوا
بالتوراة فنشروها فجعل أحدهم يده على آية الرجم، ثم جعل يقرأ ما قبلها وما بعدها.
فقال له عبد الله بن سلام: ارفع يدك، فرفعها فإِذا فيها آية الرجم
“.

فأمر بالرجم.

 

2 لا تحريف ولا نسخ لكلام الله في التوراة:

وما يعنينا
في هذا الفصل هو قوله ” وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ
التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ
ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ
ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ” (المائدة: 43).

& جاء في الجامع لأحكام القرآن القرطبي ”
قوله تعالى: ” وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا
حُكْمُ اللَّهِ
” قال الحسن: هو الرجم. وقال قتادة: هو القود. ويقال: هل
يدل قوله تعالى: ” فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ” على أنه لم ينسخ؟ الجواب:
قال أبو علي: نعم ؛ لأنه لو نسخ لم يطلق عليه بعد النسخ أنه حكم الله

“.

& وجاء في الدر المنثور في التفسير بالمأثور
للإمام جلال الدين السيوطي ” قوله تعالى: ” وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ
وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ
ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ
” ؛ أن نبي المسلمين سأل
اليهود: ” ما تجدون حد الزاني في كتابكم؟ قالوا ؛ نجد حده
التحميم والجلد. فسألهم أيكم أعلم؟ فوركوا ذلك إلى رجل منهم، قالوا: فلان. فأرسل
إليه فسأله، قال: نجد التحميم والجلد “. ثم يتكرر ما سبق ذكره إلى قوله
اللهم أني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه، فأمر به فرجم “.
ثم سأله اليهود: ” ما تجد فيما أنزل إليك حد الزاني؟ فأنزل الله ”
وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ” يعني حدود الله، فأخبره الله
بحكمه في التوراة قال ” وكتبنا عليهم فيها ”
إلى قوله ”
والجروح قصاص ” (المائدة الآية 45) “. أي كيف يحكمونك، يا محمد، وعندهم
التوراة فيها حكم الله؟؟!!

& وجاء في مختصر تفسير ابن كثير اختصار الصابوني
المجلد الأول
وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ
وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ
ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ”
(المائدة:
43)، ” إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ
بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ
وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ
شُهَدَاءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً
قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ
الْكَافِرُونَ ”
(المائدة: 44)… ويذكر ما سبق إلى قوله:
” ما تجدون في التوراة في شأن الرجم: فقالو: نفضحهم ويجلدون، قال عبد اللّه
بن سلام: كذبتم إن فيها الرجم، فأتوا بالتوراة فنشروها فوضع أحدهم يده على
آية الرجم، فقرأ ما قبلها وما بعدها
، فقال له عبد اللّه بن سلام: ارفع يدك،
فرفع يده، فإذا آية الرجم، فقالوا: صدق يا محمد، فيها آية الرجم، فأمر بهما رسول
اللّه …فرجما
” … وهذا لفظ البخاري، وعند مسلم … فقال: ” ما
تجدون في التوراة على من زنى؟
” قالوا: نسود وجوههما ونحممهما
ونحملهما، ونخالف بين وجوههما ويطاف بهما قال: ” فأتوا بالتوراة
فأتلوها إن كنتم صادقين “
قال فجاءوا بها فقرأوها، حتى إذا
مر بآية الرجم وضع الفتى الذي يقرأ يده على آية الرجم، وقرأ ما بين يديها وما
وراءها ” …
ثم قال: ” اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه
“، قال: فأمر به فرجم ” ثم يقول المفسر ” فهذه الأحاديث دالة
على أن رسول اللّه …حكم بموافقة حكم التوراة، وليس هذا من باب الإكرام لهم بما
يعتقدون صحته
” … ” ثم مدح التوراة التي أنزلها على
عبده ورسوله موسى بن عمران فقال: ” إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا
هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ
هَادُوا ” أي لا يخرجون عن حكمها ولا يبدلونها ولا يحرفونها،

والربانيون والأحبار ” أي وكذلك الربانيون منهم وهم العلماء والعبّاد،
والأحبار وهم العلماء ” بما استحفظوا من كتاب اللّه ” أي بما استودعوا
من كتاب اللّه الذي أمروا أن يظهروه ويعملوا به ” وكانوا عليه شهداء فلا
تخشوا الناس واخشوني”
.

3 آيات القرآن تؤكد استحالة تغير ألفاظ
التوراة أو تبديلها:

& وجاء في البداية والنهاية للإمام
إسماعيل بن كثير الدمشقي: ” أما اليهود فقد أنزل الله عليهم التوراة على يدي
موسى بن عمران عليه السلام، وكانت كما قال الله تعالى: ” ثُمَّ
آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَاماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ
شَيْءٍ
” (الأنعام: 154). وقال تعالى: ” قُلْ مَنْ
أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِلنَّاسِ
تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً

(الأنعام: 91). وقال تعالى: ” وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ
الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ
” (الأنبياء: 48).
وقال تعالى: ” وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ
وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ
” (الصافات: 117-118).
وقال تعالى: ” إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ
يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا
وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ
وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ
فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا
تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ
فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ” (المائدة: 44). فكانوا يحكمون بها وهم
متمسكون بها برهة من الزمان، ثم شرعوا في تحريفها، وتبديلها، وتغييرها، وتأويلها،
وإبداء ما ليس منها، كما قال الله تعالى: ” وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً
يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ
مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ
اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ
” (آل
عمران: 78). فأخبر تعالى أنهم يفسرونها، ويتأولونها، ويضعونها على غير
مواضعها، وهذا ما لا خلاف فيه بين العلماء، وهو أنهم يتصرفون في معانيها،
ويحملونها على غير المراد، كما بدلوا حكم الرجم بالجلد، والتحميم مع بقاء لفظ
الرجم فيها
.

4 تقدير نبي المسلمين للتوراة واحتكامه لها
وإيمانه بها:

¯
وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمْ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ
ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ
ذَلِكَ وَمَا وْلَئِكَ
بِالْمُؤْمِنِينَ
” (المائدة: 43).

& جاء في الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي
” قوله تعالى: ” وكيف يحكمونك وعندهم التوراة
فيها حكم
الله
” قال الحسن: هو الرجم. وقال قتادة: هو القود. ويقال: هل
يدل قوله
تعالى:
فيها حكم الله “

على أنه لم ينسخ؟ الجواب: قال أبو علي: نعم ؛ لأنه لو نسخ لم يطلق
عليه بعد النسخ أنه حكم الله
“.

& وجاء في ‏جامع البيان عن تأويل آي للإمام الطبري ” يعني معالي ذكره:
وكيف يحكمك هؤلاء اليهود يا محمد بينهم، فيرضون بك حكما بينهم، وعندهم التوراة
التي أنزلتها على

موسى، التي يقرون بها أنها حق وأنها كتابي الذي أنزلته على نبيي، وأن
ما فيه من
حكم
فمن حكمي
“.

& وجاء في البداية والنهاية للإمام إسماعيل بن كثير
الدمشقي ” أما اليهود فقد أنزل الله عليهم التوراة على يدي موسى بن عمران
عليه السلام، وكانت كما قال الله تعالى: ” ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ
تَمَاماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ ” (الأنعام:
154(. وقال
تعالى:
قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُوراً
وَهُدًى
لِلنَّاسِ
تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً ” (الأنعام:
91)، وقال تعالى: ” وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ
وَضِيَاءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ
” (الأنبياء: 48). وقال تعالى:
وَآتَيْنَاهُمَا
الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ
وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ
الْمُسْتَقِيمَ ”
(الصافات: 118و119).

وقال تعالى:
إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ
يَحْكُمُ
بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا
وَالرَّبَّانِيُّونَ
وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ
وَكَانُوا
عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا
تَشْتَرُوا
بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ
اللَّهُ
فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ” (المائدة: 44).
فكانوا يحكمون بها وهم متمسكون بها برهة من الزمان، ثم شرعوا في
تحريفها، وتبديلها، وتغييرها، وتأويلها، وإبداء ما ليس منها، كما قال الله تعالى:
” وَإِنَّ مِنْهُمْ
لَفَرِيقاً
يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ
وَمَا هُوَ
مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ
عِنْدِ
اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ” (آل
عمران: 78).
فأخبر تعالى أنهم يفسرونها، ويتأولونها،
ويضعونها على غير مواضعها، وهذا ما
لا خلاف فيه بين العلماء، وهو أنهم يتصرفون في
معانيها، ويحملونها على غير المراد،
كما بدلوا حكم الرجم بالجلد، والتحميم مع
بقاء لفظ الرجم فيها، وكما أنهم
كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد،

مع أنهم مأمورون بإقامة الحد، والقطع على الشريف والوضيع. فأما تبديل ألفاظها فقال
قائلون: بأنها جميعها بدلت، وقال آخرون: لم تبدل، واحتجوا بقوله تعالى:
” وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ
فِيهَا
حُكْمُ اللَّهِ
” (المائدة: 48) … وفي قصة اليهودي
واليهودية الذين زنيا فقال لهم: ” ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟ “.فقالوا:
نفضحهم ويجلدون فأمرهم رسول الله …بإحضار التوراة
فلما
جاءوا بها، وجعلوا يقرؤونها ويكتمون آية الرجم التي فيها، ووضع عبد الله بن
صور
بأيده على آية الرجم، وقرأ ما قبلها وما بعدها، فقال له رسول الله …: ”
ارفع يدك يا أعور “.فرفع يده، فإذا فيها آية الرجم فأمر رسول الله …
برجمهما، وقال: ” اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه “
.
وعند أبي داود: أنهم لما جاؤوا بها نزع الوسادة من تحته فوضعها تحتها، وقال:
آمنت بك وبمن أنزلك
، وذكر بعضهم أنه قام لها ولم أقف على إسناده، والله
أعلم.وهذا كله يشكل على ما يقوله كثير من المتكلمين وغيرهم، أن التوراة
انقطع تواترها في زمن بخت نصر، ولم يبق من يحفظها إلا العزير، ثم العزيز إن كان
نبياً
فهو
معصوم، والتواتر إلى المعصوم يكفي، اللهم إلا أن يقال: إنها لم تتواتر إليه، لكن
بعده زكريا، ويحيى، وعيسى، وكلهم كانوا متمسكين بالتوراة، فلو لم تكن
صحيحة
معمولاً بها، لما اعتمدوا عليها وهم أنبياء معصومون

.

& جاء في سيرة ابن هشام الجزء الأول والروض الأنف
الجزء الثاني: أن نبي المسلمين دخل ” بيت المدراس على جماعة من يهود فدعاهم
إلى الله فقال له النعمان بن عمرو، والحارث بن زيد على أي دين أنت يا محمد؟ قال
على ملة إبراهيم ودينه قالا: فإن إبراهيم كان يهوديا، فقال لهما …: فهلم
إلى
التوراة، فهي بيننا وبينكم فأبيا عليه. فأنزل
الله تعالى فيهما: ” ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون ذلك
بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون
“.

 وهنا
يستشهد نبي المسلمين بالتوراة ويطلب الحكم بما جاء فيها ويدعوها القرآن بكتاب الله
يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ” رغم رفض اليهود
لذلك!!

& وجاء في نفس السيرة الجزء الأول وفي الروض الأنف
الجزء الثاني أن رافع بن حارثة، وسلام بن مشكم، ومالك
بن الصيف
، ورافع بن حريملة، سألوه قائلين:
يا محمد ألست تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه وتؤمن بما عندنا من التوراة، وتشهد أنها من الله حق؟ قال بلى، ولكنكم
أحدثتم وجحدتم ما فيها مما أخذ الله عليكم من الميثاق فيها، وكتمتم منها ما
أمرتم أن تبينوه للناس فبرئت من إحداثكم
قالوا: فإنا نأخذ بما في أيدينا،
فإنا على الهدى والحق ولا نؤمن بك، ولا نتبعك. فأنزل الله تعالى فيهم قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل
وما أنزل إليكم من ربكم وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا فلا
تأس على القوم الكافرين
“.

 وهنا تأكيد
صريح في إجابته على سؤالهم “ وتؤمن بما عندنا من التوراة، وتشهد أنها من
الله حق؟
وقوله ” بلى “، أي نعم!! ولكنه يلومهم على
جحدهم لما جاء فيها وكتمانهم ما أُمروا أن يبينوه للناس. ولكن لا يشير من قريب أو
من بعيد لأي تغيير أو تبديل أو حذف أو إضافة فيها!!

& وجاء في صحيح البخاري ” عن أبي هريرة رضي
الله عنه قال كان أهل الكتاب يقرءون
التوراة بالعبرانية
ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام
فقال رسول
الله … لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم “.

 وهنا لم
يقل نبي المسلمين أن التوراة محرفة وإنما قال “ لا تصدقوا أهل الكتاب ولا
تكذبوهم
“. لماذا؟ لأنه بعد ما حدث من إخفاء لآية الرجم في حادثة رجم
اليهودي واليهودية، وبسبب تأويلاتهم وتفاسيرهم ولي لسانهم وإخفائهم لبعض الحقائق
الموجودة في التوراة، وخاصة لأن التوراة كانت مكتوبة بالعبرية وكانوا يفسرونها
ويؤولونها بالعربية قال لهم “ لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم
“!!

& جاء في الروض الأنف أن اليهود لما حكموا نبي
المسلمين فيهم ” دعاهم بالتوراة وجلس حبر منهم يتلوها، وقد وضع يده على
آية الرجم
قال فضرب عبد الله بن سلام يد
الحبر ثم قال هذه يا نبي الله آية الرجم يأبى أن يتلوها عليك “. وهنا قال
فأنا أول من أحيا أمر الله وكتابه وعمل به ثم أمر بهما فرجما عند
باب مسجده “.

 ويكمل ابن
كثير الدمشقي في البداية والنهاية: ” فأما تبديل ألفاظها فقال قائلون: بأنها
جميعها بدلت، وقال آخرون: لم تبدل، واحتجوا بقوله تعالى: ” وَكَيْفَ
يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ”
(المائدة:
48). وقوله: ” الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي
التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ
يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ
الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ ” الآية
(الأعراف: 157).
وبقوله: ” قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ
صَادِقِينَ ”
(آل عمران: 93). وبقصة الرجم، فإنهم كما ثبت في الصحيحين
عن ابن عمر، وفي صحيح مسلم عن البراء بن عازب، وجابر بن عبد الله وفي السنن عن أبي
هريرة وغيره، لما تحاكوا إلى رسول الله … في قصة اليهودي واليهودية الذين زنيا
فقال لهم: ” ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟ “. فقالوا:
نفضحهم ويجلدون فأمرهم رسول الله … بإحضار التوراة فلما جاؤوا بها، وجعلوا
يقرؤنها
ويكتمون آية الرجم التي فيها، ووضع عبد الله بن صور يده على آية
الرجم، وقرأ ما قبلها وما بعدها، فقال له رسول الله …: ” ارفع يدك يا أعور
“. فرفع يده، فإذا فيها آية الرجم فأمر رسول الله … برجمهما، وقال:
” اللهم إني أول من أحيا أمرك
إذ أماتوه
“.

 ويكمل بن
كثير الدمشقي فيقول ” وعند أبي داود: أنهم لما جاؤوا بها نزع الوسادة
من تحته فوضعها تحتها، وقال: آمنت بك وبمن أنزلك، وذكر بعضهم أنه قام لها ولم أقف
على إسناده
، والله أعلم
.

& وجاء في صحيح البخاري وسنن أبي داود إن اليهود
جاءوا إلى نبي المسلمين فذكروا له أن رجلا منهم وامرأة زنيا فقال لهم: ” ما
تجدون في التوراة في شأن
الرجم
فقالوا نفضحهم ويجلدون قال عبد الله بن سلام كذبتم إن فيها الرجم فأتوا
بالتوراة
فنشروها
فوضع أحدهم يده على آية الرجم
فقرأ ما قبلها وما
بعدها
فقال له عبد الله بن سلام ارفع يدك فرفع يده فإذا فيها آية الرجم قالوا صدق يا
محمد فيها آية الرجم “. فأمر بهما فرجما “.

& ووتتكرر نفس القصة في سنن ابن ماجه ” فقال
هكذا تجدون في كتابكم حد الزاني قالوا نعم فدعا رجلا من علمائهم فقال أنشدك
بالله الذي أنزل

التوراة
على موسى أهكذا تجدون حد الزاني قال لا ولولا أنك نشدتني
لم أخبرك نجد حد الزاني في كتابنا الرجم “. وهنا طبق حد الرجم
وقال “ اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه وأمر به فرجم
“.

& وكذلك في مسند أحمد ” فقال ما تجدون في
كتابكم فقالوا نسخم وجوههما ويخزيان فقال
كذبتم إن فيها الرجم فأتوا بالتوراة فاتلوها
إن كنتم
صادقين
فجاءوا
بالتوراة
وجاءوا بقارئ لهم أعور يقال له ابن صوريا فقرأ حتى إذا انتهى إلى موضع منها وضع
يده عليه فقيل له ارفع يدك

فرفع يده فإذا هي تلوح فقال أو قالوا يا محمد إن
فيها الرجم ولكنا كنا نتكاتمه بيننا “. فأمر بهما فرجما.

& وجاء في صحيح مسلم أنه لما ” جاء يهود فقال
ما تجدون في التوراة على
من زنى قالوا نسود
وجوههما ونحملهما ونخالف بين وجوههما ويطاف بهما قال فأتوا
بالتوراة
إن كنتم صادقين فجاءوا بها فقرءوها حتى إذا مروا بآية الرجم وضع الفتى الذي يقرأ
يده على آية الرجم وقرأ ما بين يديها وما وراءها فقال له عبد الله بن سلام وهو مع
رسول الله …مره فليرفع يده فرفعها فإذا تحتها آية الرجم فأمر بهما رسول الله …فرجما

“.

4 التأكيد على استحالة أن تكون التوراة قد
فقدت فيما بين موسى والمسيح:

 يقول ابن
كثير ” وهذا كله يشكل على ما يقوله كثير من المتكلمين وغيرهم، أن
التوراة انقطع تواترها في زمن بخت نصر، ولم يبق من يحفظها إلا العزير، ثم العزيز
إن كان نبياً فهو معصوم، والتواتر إلى المعصوم يكفي
، اللهم إلا أن يقال:
إنها لم تتواتر إليه، لكن بعده زكريا، ويحيى، وعيسى، وكلهم كانوا متمسكين

بالتوراة،
فلو لم تكن صحيحة معمولاً بها، لما اعتمدوا عليها وهم أنبياء معصومون

ولهذا حكم بالرجم قال: ” اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه
“. وسألهم ما حملهم على هذا ولم تركوا أمر الله الذي بأيديهم؟
فقالوا: إن الزنا قد كثر في أشرافنا ولم يمكنا أن نقيمه عليهم، وكنا نرجم من زنى
من ضعفائنا. قلنا تعالوا إلى أمر نصف نفعله مع الشريف والوضيع فاصطلحنا على الجلد
والتحميم، فهذا من جملة تحريفهم وتبديلهم وتغييرهم وتأويلهم الباطل، وهذا
إنما فعلوه في المعاني مع بقاء لفظ الرجم في كتابهم، كما دل عليه الحديث المتفق
عليه.

 فلهذا قال من قال: هذا من الناس إنه لم يقع تبديلهم إلا في
المعاني، وإن الألفاظ باقية وهي حجة عليهم
“.

 ” وقال تعالى: ” قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ
عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ
إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ … ” الآية (المائدة: 68). وهذا المذهب وهو القول
بأن التبديل إنما وقع في معانيها لا في ألفاظها
، حكاه البخاري عن ابن عباس في
آخر كتابه الصحيح، وقرر عليه ولم يرده. وحكاه العلامة فخر الدين الرازي في
تفسيره عن أكثر المتكلمين
“.

5 البخاري واستحالة تحريف التوراة
والمزامير (الزبور) والإنجيل:

 جاء
في كتاب فتح الباري، شرح صحيح البخاري للإمام ابن حجر العسقلاني. المجلد الثالث
عشر. كِتَاب التَّوْحِيدِ. باب

قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ
مَحْفُوظٍ
وَالطُّورِ
وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ “. قَالَ قَتَادَةُ مَكْتُوبٌ يَسْطُرُونَ
يَخُطُّونَ
فِي أُمِّ الْكِتَابِ جُمْلَةِ الْكِتَابِ وَأَصْلِهِ مَا يَلْفِظُ مَا
يَتَكَلَّمُ
مِنْ شَيْءٍ إِلَّا كُتِبَ عَلَيْهِ

وَقَالَ ابْنُ
عَبَّاسٍ يُكْتَبُ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ يُحَرِّفُونَ يُزِيلُونَ
وَلَيْسَ أَحَدٌ
يُزِيلُ لَفْظَ كِتَابٍ مِنْ كُتُبِ
اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَكِنَّهُمْ
يُحَرِّفُونَهُ يَتَأَوَّلُونَهُ
عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ
دِرَاسَتُهُمْ تِلَاوَتُهُمْ
وَاعِيَةٌ حَافِظَةٌ وَتَعِيَهَا تَحْفَظُهَا وَأُوحِيَ إِلَيَّ
هَذَا
الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ يَعْنِي أَهْلَ مَكَّةَ وَمَنْ بَلَغَ هَذَا
الْقُرْآنُ
فَهُوَ لَهُ نَذِيرٌ
“.

 مما سبق يتضح لنا أن
التوراة التي كانت بين يدي المسيح والذي جاء مصدقا بها، كانت هي نفسها التوراة
المنزلة من عند الله، وأنها كانت سليمة ومحفوظة والمسيح شاهد لها، كما أنها أيضا
كانت بين يدي نبي المسلمين وأتي بها اليهود أمامه ورآها ولكنه لم يقرأها لأنه كانت
مكتوبة بالعبرية ولكنه لم يشك فيها وأنه حكم بأحكامها وقال أنها هي نفسها توراة
موسى المنزلة من عند الله ولم يقل أنها محرفة أو أنها قد تغيرت أو تبدلت، وما قيل
عن التحريف فيها هو تأويل بعض اليهود لمعانيها دون أن يغيروا حرفها.

 هذا ما جاء
في القرآن وهذا ما جاء في أقدم كتب التراث الإسلامي، فهل من المعقول أن يساير بعض
الأخوة المسلمين ما يكتبه النقاد الماديين ويقولون أنه لم تكن
هناك توراة
لا في أيام المسيح ولا قبله وإنما مجرد أساطير شعبية؟؟
!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار