اللاهوت الدفاعي

الفصل الخامس



الفصل الخامس

الفصل الخامس

الوثائق التي تثبت صحة العهد القديم واستحالة تحريفه

 

وصلت أسفار العهد القديم من موسى النبي إلى الرب يسوع المسيح وتلاميذه
ورسله سالمة ومحفوظة بدقة شديدة، وقد شهد المسيح لكل كلمة، بل وكل حرف فيها ”
فإني الحق أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة
واحدة من الناموس حتى يكون الكل
” (مت18: 5)، كما بينا في الفصل
السابق.والسؤال الآن هو كيف وصلت إلينا هذه الأسفار منذ الرب يسوع المسيح وحتى
الآن؟ وما هي الوسائل التي وصلت بها إلينا؟ وهل وصلت إلينا هي هي كما تسلمها الرب
يسوع المسيح ورسله؟ وهل حفظها الله بالفعل في رحلتها إلينا عبر التاريخ والبلاد؟
وهل لدينا، الآن، ما يؤكد أن هذه الأسفار، الموجودة لدينا الآن، هي نفسها التي
كتبها الأنبياء والرسل؟

1 – دور الكتبة والماسوريين في نقل وحفظ العهد القديم عبر التاريخ:

 كان الله قد سبق وطلب من بني إسرائيل أن يحفظوا كلام الله ووصاياه
احفظوا وصايا الرب إلهكم وشهاداته وفرائضه التي أوصاكم بها
(تث17: 6)، ” احفظوا جميع الوصايا التي أنا أوصيكم بها اليوم
(تث1: 27). وأكد أنه هو نفسه ضامن لحفظها سالمة وأنه ساهر على كلمته ” لأني
أنا ساهر على كلمتي لأجريها
” (إر12: 1)، كما حذرهم من أن يزيدوا أو
ينقصوا حرفا واحداً أو كلمة واحدة من المكتوب ” لا تزيدوا على الكلام الذي
أنا أوصيكم به ولا تنقصوا منه لكي تحفظوا وصايا الرب إلهكم التي أنا أوصيكم بها

” (تث2: 4). فإلى أي مدى حفظ الله كلمته؟ وإلى أي مدى حفظ الشعب كلامه
وأسفاره المقدسة؟!

(1) الكتبة (سوفريم) وتاريخ نسخ ونقل العهد القديم:

 كانت عملية نقل أسفار، العهد القديم، قديمة قدم التوراة ذاتها، فقد
كانت تتم من الآباء إلى الأبناء عبر الأجيال، من جيل إلى جيل، بكل دقة وأمانة
متناهية، وذلك عن طريق جماعة من الكهنة دعوا بالكتبة (سوفريم –
MyrpvsSofreim). يقول التقليد القديم في المشنا (Avot1: 1):

 أستلم موسى الناموس من سيناء وسلمه ليشوع ويشوع سلمه
للشيوخ والشيوخ سلموه للأنبياء والأنبياء سلموه لرجال المجمع العظيم
(1).

 فقد انتشرت الأسفار المقدسة بين اليهود في القديم وشعوب العالم
المؤمن في العهد الجديد عبر القارات والدول والمدن والقرى عن طريق نسخ الكتاب
المقدس التي كانت تنسخ يدوياً، تكتب يدوياً بخط اليد. فقد كان هؤلاء الكتبة مدربين
ومتعلمين النسخ والكتابة، كمهنة مقدسة. وكانوا يحفظون الأسفار المقدسة ويحافظون
عليها وينسخون نسخاً منها للهيكل وللمجامع وللدارسين من الشعب كما كانوا يحفظون
النطق الصحيح لكلمة الله شفوياً. وكان هؤلاء الكتبة موظفين رسميين يعينهم الملك في
البلاط والجيش والهيكل(2).

 وكان الكتبة متخصصين في نسخ أسفار العهد القديم، وخاصة أسفار موسى
الخمسة، وهم عادة من الكهنة واللاويين الذين كانت وظيفتهم منذ موسى النبي هي تعليم
الشعب الأحكام والوصايا، الناموس (2أخ10: 30؛ 3: 35). وكان تلاميذ الأنبياء أيضا
يكتبون ما يمليه عليهم الأنبياء، فقد كان باروخ تلميذ إرميا النبي يكتب كلمة الله
التي كان يمليها عليه إرميا ويقرأها للشعب بتكليف منه (أر36)، وكان عزرا كاتباً
ماهراً ” في شريعة موسى التي أعطاها الرب اله إسرائيل … لان عزرا هيّأ قلبه
لطلب شريعة الرب والعمل بها وليعلّم إسرائيل فريضة وقضاء ” (عز6: 7و10)، أي
أنه كان كاتبا محترفاً ماهراً في الأسفار المقدسة. وقد قام مع نحميا والشيوخ بعد
السبي بقراءة التوراة أمام الشعب وترجمتها شفويا إلى الآرامية (نح8: 8)، وذلك إلى
جانب تعليم الشعب للناموس والوصايا. وقد ازداد دور هؤلاء الكتبة بعد السبي كمعلمين
ومفسرين لكلمة الله. وقد دعاهم العهد الجديد ” بالناموسيين ” (لو 25:
10) و ” معلمي الناموس ” (أع 34: 5؛ 1تى 17: 1). وكانوا هم علماء اليهود
والحراس على نصوص وآيات العهد القديم وحفظها. وكانوا يقضون وقتا كبيرا في نسخ ونقل
أسفار العهد القديم. وكان عملهم الرئيسي هو حفظ نص العهد القديم ومن ثم استنبطوا
عددا من القواعد لحفظ كل حرف وكل كلمة فيه بدقة بدون زيادة أو نقصان. فقد كانوا
كتبة بالمعنى الحرفي. وكانوا قضاة للناموس. وقد تركز عملهم هذا من القرن الخامس
إلى الثالث قبل الميلاد.

 وكان يليهم أزواج من العلماء النصيين (زوجوس – Zogos) في القرنين الأول والثاني قبل الميلاد، ثم
” التنائيم –
MyaCGTanaaim (Tannaim)(3)” أي المكررين من كلمة ” تنا
” أي يكرر، أو المعلمين (معلمو المشناه)، وتُستخدَم الكلمة للإشارة إلى علماء
اليهود الذين جاءوا بعد الكتبة (سوفريم) وعاشوا في القرنين الأول والثاني
الميلاديين الذين استمر عملهم من 10 ق م إلى سنة 200م، وقد دون عملهم في التلمود
” التعليم “(5) والذي انقسم بعد ذلك إلى
المشنا
” التكرارات ” والجيمارا ” المسألة التي تعلم “(6).
وقد دون التلمود بالتدريج من سنة 100 إلى 500م. وكان من الطبيعي أن يعمل التنائيم
على صيانة الكتاب المقدس العبري إذ أن عملهم كان يتعلق بجمع تعاليم معلمي اليهود
على مدى عدة قرون اعتماداً على النص الكتابي.

(2) علماء التلمود (100 500 م):

 وجاء
بعد عصر الكتبة، العصر الأول للتقليد، عصر التلمود والذي استمر من حوالي
100 – 500 م. يقول كل من جيسلر ونيكس (
Geisler and Nex):

 ” بعد العصر الأول للتقليد الذي اتَّبعه كتبة العهد القديم في
عصر السوفريم (حوالي 400 ق م – 200م) ظهر عصر ثانٍ وهو العصر التلمودي (حوالي
100-500م) وهذا تلاه التقليد الماسوري الشهير (حوالي 500- 900م). وكان عزرا يعمل
مع أول هذه المجموعات حيث كانوا يعتبرون حافظي الكتاب المقدس حتى العصر الذي تلي
عصر المسيح. وفيما بين 100-500م، نما التلمود (التعليم) كمجموعة من القوانين
المدنية والدينية العبرية التي تعتمد على التوراة. ويمثل التلمود بالأساس آراء
وقرارات معلمي اليهود من حوالي عام 300 ق م إلى حوالي عام 500م، وهو يشتمل على
قسمين أساسيين: المشنا والجيمارا (7).

 وفي ذلك العصر أمضي العلماء الوقت الكثير في وضع القوانين المدنية
والدينية العبرية. ووضع علماء التلمود نظاماً معقداً بعض الشيء لنسخ كتبهم
الدينية.

(3) الماسوريين:

 وبعد العصر التلمودي جاء عصر التقليد الماسوري، أو عصر الماسوريين،
أي

حملة التقليد، من كلمة تقليد ((Tradition: ” TrsmMasoret – ماسورا ” أي يسلم (to transmit – to give over – to hand over)، يسلم التقليد والوحي الإلهي الذي تسلموه من
أسلافهم، من جيل إلى جيل(8)، وعملوا في الفترة من 500 م إلى 900 م
على

وضع العلامات المتحركة وحركات النطق والتي أثبتت كشوف قمران أنها
استمرار لما تم في القرون السابقة للميلاد. كما تولوا مسؤلية تحرير ونسخ ومطابقة
مخطوطات العهد القديم. وكان مركز عملهم في طبرية. وقد كتبوا نسخاً من العهد
القديم، وأطلقوا عليها (النسخة الماسورية) وهي النسخة العبرية المعتمدة الآن.

 وقد تعامل هؤلاء الكتبة والماسوريون – على مر الأجيال – النص الكتابي
بدرجة عالية من التوقير والقداسة، ومن ثم وضعوا قواعد صارمة لضمان نقل آيات ونصوص
الأسفار المقدسة من مخطوطة إلى أخرى بدقة شديدة حتى لا يقعوا في أي خطأ، فلا
يزيدوا على كلمة الله أو ينقصوا حرفاً واحداً. يقول كل من السير فردريك كنيون (
Sir Fredric
Kenyon
) مدير المتحف
البريطاني الأسبق في كتابه ” كتابنا المقدس والمخطوطات القديمة ” و ف. ف
بروس (
F.F.Bruce) في كتابه ” الكتب والرقوق “، أنهم، أي الكتبة
والماسوريين، أحصوا عدد الآيات والكلمات والحروف في كل سفر، وحددوا الحرف
الأوسط في أسفار موسى الخمسة والحرف الأوسط في العهد القديم كله، وعرفوا الآيات
التي تحتوى كلماتها على كل حروف الأبجدية
“، وغير ذلك من الحسابات
ليذكروا الأرقام بسرعة(9)!

 وقد وضعوا قواعد وخطوات كان يجب أتباعها كما جاءت في التلمود
والقواميس والكتب الكثيرة وهي كما يقول جيسلر وكما جاء في قاموس الكتاب المقدس
لصموئيل دافيدسون (
Samuel Davidson) إن الخطوات التالية تُتَّبع بدقة في كتابة مخطوطة العهد القديم،
كما جاء في التلمود:

(1) يجب أن يدون درج المجمع على جلد حيوان طاهر.

(2) ويجب أن يعده للاستخدام الخاص من قِبَل المجمع شخص يهودي.

(3) يجب أن تُضَم صفحات الدرج معاً بخيوط مأخوذة من حيوانات طاهرة.

(4) يجب أن تحتوي كل صفحة من الجلد على عدد معين وثابت من الأعمدة في
المخطوطة كلها.

(5) يجب ألا يقل طول أي عمود عن 48 سطراً وألا يزيد عن 60 سطراً، ويجب

أن يشتمل السطر على ثلاثين حرفاً.

(6) يجب أن تحاذي أوائل السطور في النسخة كلها، وإذا وجِدت ثلاث كلمات
دون محاذاة لا يعتد بهذه النسخة.

(7) يجب أن يستخدم الحبر الأسود وليس الأحمر أو الأخضر أو أي لون آخر،
ويجب أن يعد طبقاً لمواصفات محددة.

(8) يجب أن يتم النقل عن نسخة معتمدة لا يحيد عنها الناسخ بأي حال من
الأحوال

(9) يجب ألا يعتمد الناسخ على ذاكرته في تدوين أي كلمة أو حرف حتى ولو
كان أصغر الحروف، وكان على الكاتب أن ينقل فقط عن المخطوطة التي أمام عينيه.

(10) يجب أن يفصل بين كل حرفين ساكنين مسافة شعرة أو خيط.

(11) وأن يفصل بين كل فقرتين مسافة تسعة حروف ساكنة.

(12) وبين كل سفرين ثلاثة أسطر.

(13) يجب أن ينتهي السفر الخامس من أسفار موسى بسطر تام وليس هذا
ضرورياً بالنسبة للأسفار الأخرى.

(14) علاوة على ذلك، يجب أن يرتدي الناسخ الثياب اليهودية كاملة.

(15) وأن يغسل بدنه كله.

(16) أن يبدأ في كتابة اسم الله بقلم حالما أخرجه من دواة الحبر.

(17) وإن خاطبه ملك أثناء تدوينه لهذا الاسم يجب ألا يلتفت إليه(10).

 ويضيف دافيدسون أن كل مخطوطة لا تتبع فيها هذه التعليمات تُدفن في
الأرض أو تُحرق أو تُرسل للمدارس لتُقرأ فيها ككتب مطالعة، ولا تُستعمل في المجامع
ككتب مقدسة. من هذا نرى سبب قلَّة عدد مخطوطات العهد القديم الموجودة عندنا اليوم،
وهو برهان على الصحة للدقة المتناهية التي كان يراعيها النساخ، فإنهم لم يكونوا
يقبلون أية مخطوطة إلا إذا كانت مطابقة تماماً للمخطوطة الأصلية.

 ويقول جوش ماكدويل (Gosh McDOWELL) ” كان علماء التلمود مقتنعين تماماً أنهم إذا ما انتهوا من
نسخ إحدى المخطوطات فإنهم بذلك قد حصلوا على نسخة مطابقة للأصل، ومن ثم يمكنهم أن
يعتمدوا النسخة الجديدة ويعطوها نفس الصلاحيات “(11).

 ويضيف السير فريدريك كنيون في كتابه ” كتابنا المقدس والمخطوطات
القديمة ” إلى ما سبق: ” إن الحرص الشديد الذي كان يتَّبع عند نسخ
المخطوطات هو نفسه السبب في اختفاء النسخ القديمة. فعندما كانت تنسخ المخطوطة
طبقاً للمواصفات الدقيقة المنصوص عليها في التلمود، وبعد أن يتم التحقق من صحتها
تماماً كانوا يقبلونها كنسخة معتمدة، لها نفس قيمة النسخ الأخرى. وإذا تطابقت
نسختان تماماً وبشكل صحيح فإن عنصر القِدَم لم يكن عنصر إيجاب للإبقاء على
المخطوطة بل عنصر سلْب، إذ أن المخطوطة كانت عرضة للبلاء والتلف بمرور الوقت.
وكانت النسخة التالفة أو غير السليمة تفرز حالاً وتعد غير ملائمة للاستخدام.

 وكان بكل مجمع جنيزة (hzynfGeniza)(12)وهي
خزانة للأشياء القديمة توضع بها المخطوطات التالفة جانباً، ومن هذه الخزانات تم
اكتشاف بعض المخطوطات الأكثر قِدَماً في العصور الحديثة.

 ومن
هنا لم تجري العادة اليهودية على اعتبار النسخة الأقدم من الأسفار المقدسة هي
الأكثر قيمة، ولكن على تفضيل النسخة الأحدث كنسخة سليمة لا يلحقها التلف. أما
النسخ القديمة التي كانت تودع في الجنيزة فكان يصيبها التلف والفناء بشكل طبيعي
إما بسبب الإهمال أو بسبب حرقها بشكل مقصود عندما كانت الجنيزة تمتلئ عن آخرها.

 ومن ثم فإن غياب النسخ القديمة جداً للكتاب المقدس العبري لا يجب أن
يثير دهشتنا أو قلقنا. وإذا أضفنا للأسباب التي ذكرناها عصور الاضطهاد المتكررة
(بما فيها من تدمير للممتلكات) التي تعرض لها اليهود، يمكننا تعليل اختفاء
المخطوطات القديمة، كما يمكننا قبول المخطوطات الباقية بما تحفظه لنا – أي النص
الماسوري “(13).

 وهكذا سلم لنا الكهنة والكتبة أسفار العهد القديم بكل دقة، بل ولم
يكن التزام هؤلاء الكتبة بالدقة التامة هو وحده المسئول عن سلامتها، بل بالأحرى
تبجيلهم الشديد والمبالغ فيه للكتاب المقدس. تقول المشنا (أبوت 1: 1) ” أستلم
موسى التوراة في سيناء وسلمها ليشوع ويشوع سلمها للشيوخ والشيوخ سلموها لرجال
المجمع العظيم وقالوا ثلاثة أشياء: كن متروياً في القضاء، أقم تلاميذ كثيرين،
وأعمل سورا حول التوراة
“. كما قال المؤرخ والكاهن اليهودي يوسيفوس:
يوجد برهان عملي على كيفية معاملتنا لهذه الكتب، فبرغم المدة الطويلة
التي انقضت حتى الآن لم يجرؤ أحد أن يضيف إليها أو أن يحزف منها شئاً أو يغير أي
شيء منها. بل أنه طبيعي لكل اليهود من يوم الميلاد مباشرة يعتبرون هذه الكتب هي
تعليم الله ويثابرون فيها وإذا دعت الضرورة يموتون سعداء لأجلها
” ويواصل
يوسيفوس قوله مقارناً بين احترام العبرانيين للكتاب المقدس واحترام الإغريق
لأدبهم: ” إلى أي مدى يمكن أن يحتمل الإغريق مثل هذا النهج؟ ولو كان بذلك
سوف ينقذ أدب الأمة بأكمله من الدمار، ما قبل الشخص الإغريقي أن يتحمل ألماً
شخصياً ضئيلاً. إذ أن الإغريق يعتبرونها مجرد قصص ألَّفها أدباؤهم وفقاً لإبداعهم،
وهم يقنعون بهذه الرؤية حتى بالنسبة لأقدم مؤرخيهم، إذ أنهم يرون بعض معاصريهم
يخوضون في وصف أحداث ليس لهم فيها طرف، دون أن يتكلفوا عناء البحث والسؤال لدى من
يضطلعون على الحقائق
(14).

 ومما يبرهن على دقة حفظ كلمة الله في هذه الأسفار كلمة كلمة بدون
زيادة أو نقصان وبكل دقة متناهية هو حفظ الأسماء الأجنبية بنفس الدقة التي كان
يكتب بها أصحابها الأصليون يقول جليسن أركر (
Gleason Archer) متتبعاً روبرت ديك ويلسون (Robert Dick Wilson,s) من خلال ملاحظاته الرائعة لصحة وموثوقية
الكتاب المقدس منذ زمن الحضارات القديمة التي كانت تحيط بإسرائيل في العهد القديم:

 ” تحوي الأسفار المقدسة العبرية أسماء ستة وعشرين ملكاً أو أكثر
ذُكرت أسماؤهم في وثائق معاصرة لهؤلاء الملوك. وقد تبين أن هجاء أسماء معظم
هؤلاء الملوك المنقوشة على آثارهم أو المدونة في وثائق ترجع إلى العصر الذي كانوا
يحكمون فيه هو نفس الهجاء الوارد في نصوص العهد القديم
. أما
اختلافات الهجاء في البعض الآخر فهي تتفق مع قواعد علم الصوتيات التي كانت سائدة
وقت تدوين النصوص العبرية. وفي حالتين أو ثلاث فقط هناك حروف أو أشكال للهجاء لم
يتم التأكد من تفسيرها حتى الآن. وحتى في هذه الحالات القليلة لا يمكن اعتبار
الهجاء الذي ورد في النص العبري هجاءً خاطئاً. ومن ناحية أخرى، فإن أكثر
أسماء ملوك يهوذا وإسرائيل وجِدت في الوثائق الأشورية المعاصرة لها بنفس الهجاء
الذي ورد في النص العبري الموجود الآن.

 وفي
144 حالة للنقل من اللغات المصرية والأشورية والبابلية والموآبية إلى اللغة
العبرية وفي 40 حالة أخرى للنقل في الاتجاه المعاكس، أي في 184 حالة تشير الأدلة
إلى أنه على مدى 2300 – 3900 عام تم نقل الأسماء بدقة بالغة في مخطوطات الكتاب
المقدس العبري. فقيام الكتبة الأصليين بتدوينها بهذه الدقة البالغة
ومراعاتهم للقواعد اللغوية الصحيحة، هو دليل رائع على علمهم وحرصهم الشديد، فضلاً
عن ذلك فإن نقل النسَّاخ للنص العبري عبر هذه القرون الطويلة يعد ظاهرة لا مثيل
لها في تاريخ الأدب
(15).

 ويواصل ويلسون قائلاً: ” ولا ينبغي لدارسي نصوص الكتاب المقدس
سواءً كانوا مهاجمين له أو مدافعين عنه أن يفترضوا ولو لحظة واحدة أن هذه الترجمة
الدقيقة وهذا النقل الصحيح لأسماء الأعلام هو أمر سهل أو عادي. وفي هذا المقام أود
أن ألفت انتباه القارئ الذي ليس له دراية بهذه الأمور إلى أسماء ملوك مصر كما
ذكرها مانيتو وكما تظهر على الآثار المصرية. كان مانيتو رئيس كهنة لهياكل الأوثان
في مصر في زمن بطلميوس فيلادلفيوس أي حوالي 280 ق م وقد ألَّف عملاً عن أسر ملوك
مصر، بقيت بعض أجزائه في أعمال يوسيفوس ويوسابيوس وغيرهم. ومن بين ملوك 31 أسرة
يذكر 40 اسماً من 22 أسرة. ومن بين هذه يظهر 49 اسماً على الآثار بشكل يوافق
الهجاء الذي ذكره مانيتو، وهناك 28 اسماً آخر يمكن التحقق منها جزئياً. أما
الأسماء الثلاثة والستون الباقية فلا يمكن التحقق من أي مقطع فيها. وإن كان صحيحاً
أن مانيتو نفسه نقل هذه القوائم من السجلات الأصلية – إذ أن نقله لتسعة وأربعين
اسماً بشكل صحيح يؤيد هذا الفرض- فإن مئات الاختلافات والأخطاء في خمسين أو أكثر
من هذه الأسماء التي لم يمكن التحقق منها لابد أنها ترجع إلى أخطاء مانيتو في
النسخ أو أخطاء النسَّاخ الذين نقلوا النص من بعده “(16).

 ويضيف ويلسون أيضاً ” أن هناك ما يقرب من أربعين من هؤلاء
الملوك عاشوا في الفترة بين 2… ق م و400 ق م ويظهر كل منهم في تسلسل تاريخي:
بالإشارة إلى ملوك هذه الدولة وملوك الدول الأخرى … ليس هناك دليل آخر يمكن
تصوره على دقة روايات العهد القديم أقوي من هذه المجموعة من الملوك
“.
وفي ملاحظة هامشية يحسب ويلسون احتمال حدوث ذلك عن طريق الصدفة: وحسابياً، فهناك
احتمال من بين 750 ألف مليون مليون مليون احتمال أن تكون هذه الدقة من قبيل الصدفة
(17).

 وانطلاقاً من هذه البراهين يصل ويلسون إلى النتيجة التالية: ” لا
يمكن إنكار الدليل على أن نسخ الوثائق الأصلية قد وصلت إلينا بشكل صحيح تماماً على
مدى أكثر من ألفي عام.
أما انتقال النسخ التي وجدت منذ ألفي عام على نحو مماثل
انحداراً من النسخ الأصلية فلا يُعد أمراً ممكناً فحسب، ولكنه، وكما أوضحنا، أصبح
كذلك عن طريق التماثل بين الوثائق البابلية التي توجد الآن، والتي لدينا النصوص
الأصلية لها والنسخ المنقولة عنها، حيث يفصل بينهما آلاف السنين، وكذلك التماثل
بين عشرات المخطوطات البردية التي تبين عند مقارنتها بالنسخ الحديثة للمؤلفات
الكلاسيكية أنه لم يطرأ على النصوص سوى تغييرات طفيفة على مدى أكثر من ألفي عام،
كما يتبين ذلك من البراهين العلمية على الدقة التي نقلت بها أسماء الملوك وطريقة
هجائها الصحيحة وكذلك المفردات الأجنبية الكثيرة الموجودة في النصوص العبرية
(18).

 ويقول ف. ف. بروس (F.F. Bruce): ” وصل نص الكتاب المقدس العبري المكتوب بحروف ساكنة
والذي حرره علماء الماسورا إلى العصر الذي عاشوا فيه

بدقة تامة
في النقل على مدى ما يقرب من ألف عام
(19).

 ويقول وليم
جرين (
William Green): أنه ” يمكننا أن نقول بثقة إنه ليس هناك نص آخر باق من
العصور القديمة انتقل بمثل هذه الدقة البالغة
(20).

3 مجموعات المخطوطات العبرية وأهم نسخها:

أولاً: المخطوطات العبرية:

 نظراً لانتشار المسيحية في كل بلاد العالم، وكذلك انتشار مجامع
اليهود في الكثير من بلاد العالم، فقد انتشرت نسخ الأسفار المقدسة في كل مكان على
الأرض ويوجد الآن في مكتبات الجامعات ومتاحف العالم عشرات الألوف من مخطوطات العهد
القديم باللغة العبرية وآلاف أخرى باللغة اليونانية وبلغات الترجمات الأخرى، سواء
الكاملة أو الجزئية أو التي تضم قصاصات أو أجزاء صغيرة، وفيما يلي أهم مجموعات هذه
المخطوطات:

1 – والمجموعة الأولي من المخطوطات العبرية قام بجمعها بنجامين كينكوت
(1776-1780م) ونشرتها جامعة أكسفورد وتضم 615 مخطوطة للعهد القديم. وبعد ذلك قام
جيوفاني دي روسي (1784-1788م) بنشر قائمة تحوي 731 مخطوطة.

2 – وأهم اكتشاف للمخطوطات في العصر الحديث هي مخطوطات جنيزة القاهرة (21)(جنيزة
مخزن تحفظ فيه الكتب القديمة والمستهلكة)، حيث تم اكتشاف حوالي 200,… (مائتي
ألف) مخطوطة وقصاصة في معبد بن عزرا في القاهرة سنة1890 م منها حوالي 10,… (عشرة
آلاف) لأجزاء من أسفار العهد القديم وترجع للقرنين السادس والتاسع للميلاد(22).
ويحفظ الآن ما يقرب من نصف هذه المخطوطات التي وجدت بهذا المستودع بجامعة
كامبريدج. أما الباقي فيوجد في أماكن متفرقة حول العالم. ولقد تعرَّف بول كال،
مدير جنيزة القاهرة، على أكثر من 120 من المخطوطات النادرة التي كانت قد أعدتها
مجموعة بابلية من الكتبة الماسوريين.

3 – يوجد حوالي 100,… (مائة آلف) مخطوطة في كامبردج، من مجموع
المخطوطات التي اكتشفت في جنيزة القاهرة.

4 – وتضم مجموعة فيركوفيتش في مكتبة لينينجراد (بطرسبرج حاليا) بروسيا
1,582 مخطوطة مكتوبة على رقوق، و 725 مخطوطة مكتوبة على ورق، و1,200 قصاصة من
مخطوطات غير عبرية. هذا بالإضافة إلى 1.200 قصاصة من المخطوطات العبرية في مجموعة
أنطونين(23). كما يؤكد كاهل أيضاً على أن هذه
المجموعة من المخطوطات والقصاصات أخذت جميعها من جينزة القاهرة. وفي مجموعة
فيركوفيتش هناك أربع عشرة مخطوطة عبرية للعهد القديم

ترجع إلى ما بين عامي 929م، و 1121م وكانت أصلاً في جنيزة القاهرة.

5 – ويوجد 161 مخطوطة عبرية في المتحف البريطاني. كما يوجد 146 مخطوطة
في مكتبة بودليان بجامعة أوكسفورد.

6 – ويوجد في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها عشرات الألوف من
المخطوطات والقصاصات السامية والتي تشكل أسفار العهد القديم 5% منها، أكثر من 500
مخطوطة(24).

 وفيما يلي أهم نسخ هذه المخطوطات:

(1) بردية ناش ؛ وترجع للقرن الثاني
الميلادي، حصل عليها ناش في مصر سنة1902م، وكانت تعتبر اقدم مخطوطة قبل اكتشاف
لفائف البحر الميت، وتحتوى على نص ليتورجى للوصايا العشر وجانب من الشما (من خر2:
20،3؛ تث6: 5،7؛4: 6،5)، أي ” أسمع ” وهى الكلمة الأولى من تثنية 4: 6،
وهى تعتبر قانون إيمان إسرائيل لإعلان وحدانية الله كما جاء في تثنية 4: 6 ”
أسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد “. وكانت الشما تمارس في الصلاة يوميا.

(2) مخطوطة القاهرة ؛ التي نسخها موسى بن أشير
في طبرية بفلسطين سنة 895 م وهي أقدم مخطوطة ماسورية، وتحتوى على أسفار يشوع وقضاة
وصموئيل 1و2 وملوك 1و2 وإشعياء وإرميا وحزقيال والأنبياء الأثنى عشر، وهى موجودة
في المتحف البريطاني وتسمى بالمخطوطة القاهرية(25).

(3) مخطوطة المتحف البريطاني ؛ (شرقيات
4445) وهى نص كامل لأسفار موسى الخمسة، التوراة، (تك20: 39 – تث33: 1)، كتبت في
الفترة بين سنة 920 و 950 م، وعليها أسم بن اشير.

(4) مخطوطة حلب ؛ وتحتوى على العهد القديم كاملاً،
نسخها هارون بن موسى بن أشير وتؤرخ بسنة 900 إلى 925 م، وكانت محفوظة في مجمع
اليهود

السفرديم بحلب وهى الآن بالقدس.

(5) مخطوطة بطرسبرج B3(لينينجراد سابقاً) ؛ وتحتوى على الأنبياء
القدامى (إشعياء وارميا وحزقيال) والمتأخرين (الأثنى عشر)، وترجع لسنة 916 م.

(6) مخطوطة بطرسبرج B19a (لينينجراد) ؛ وتحتوى على العهد القديم كاملاً،
وقد نسخت سنة 1008 – 1009م على يد صموئيل بن ياكوب بالقاهرة.

ثانياً: المخطوطات غير العبرية:

 هناك
العديد من المخطوطات للترجمات القديمة التي ترجمت للعهد القديم وأهمها الفاتيكانية
التي ترجع للقرن الرابع الميلادي والإسكندرية التي ترجع للقرن الخامس، وهما
للترجمة السبعينية اليونانية، وقد وجد ضمن لفائف قمران في كهف 4 مخطوطات للترجمة
السبعينية أيضا تحتوى على أسفار الخروج واللاويين والعدد وترجع لسنة 100ق م. أي
بعد الترجمة بحوالي 150 سنة واكتشفت أيضا مخطوطة يونانية للأنبياء الصغار في منطقة
وادي خبرا. وهناك مخطوطة للبشيتا السريانية مؤرخة بسنة 464 م بالمتحف البريطاني،
ومخطوطة للسريو هيكسابلا ترجع للقرن الثامن. وهناك مخطوطة على ورق البردي للترجمة
القبطية باللهجة الصعيدية ترجع إلى سنة 300م بالمتحف البريطاني، وهناك جزيئات
(قصاصات) ترجع للقرن الرابع والخامس باللغة القبطية باللهجتين الأخميمية
والفيومية، إلى جانب مخطوطة باللغة العربية ترجع للقرن الثامن. وتمتلئ مكتبة
الفاتيكان بالمخطوطات القديمة للترجمة اللاتينية خاصة الفولجاتا.

ثالثاً: التوراة السامرية:

 لم تكن التوراة السامرية(…)
إلى وقت قريب معروفة إلا من خلال كتابات الآباء مثل يوسابيوس وجيروم ولكن أعيد
اكتشاف نصها في دمشق سنة 1616م وتوجد منها كميات كبيرة في مكتبة بطرسبرج
(لينينجراد) العامة بروسيا، وجامعة كامبردج. ولكن أهم هذه المخطوطات هو درج الابيش
الموجود مع جماعة السامريين بنابلس والذي ترجمه إلى العربية الكاهن السامري أبو
الحسن اسحق الصوري. كما وجد منها عدة أجزاء ضمن مخطوطات قمران.

 وهذه التوراة السامرية مأخوذة أصلاً عن الأصل العبري وتتفق معه بدرجة
كبيرة برغم وجود بعض الاختلافات بينهما، وقد ثبت أن معظم هذه الاختلافات هي لحروف
هجائية أو بسبب الترجمة من لغة إلى أخرى، وهي غير مؤثرة على المعنى أو العقيدة
بصفة عامة.

4 اكتشاف مخطوطات قمران وصحة الكتاب
المقدس:

 وادي قمران القديمة على الشواطئ الشمالية الغربية للبحر الميت،
وتعتبر هذه المخطوطات أو اللفائف، برغم حداثة اكتشافها،(26) من
أثمن مخطوطات الكتاب المقدس بل واكتشافات القرن
العشرين
لأنها ترجع للقرون الثلاثة السابقة للميلاد والقرن الأول الميلادي (من حوالي 280
ق. م إلى حوالي 133م)، وتزيد في متوسطها عن أقدم مخطوطة كانت بين أيدينا
بحوالي1150 سنة، وبالطبع فهي منقولة أو منسوخة عن نسخ أقدم منها بعشرات بل ومئات
السنين، وبالتالي يقترب بعضها من زمن عزرا الكاتب، الذي جمع كل أسفار العهد القديم
وأعاد تحريرها ونسخها بالروح القدس، بحوالي من 150 إلى 250 سنة، وقد يكون بعضها
منقولاً عن النسخ التي نسخت في زمن عزرا نفسه، كما أن معظمها موجود من قبل تجسد
الرب يسوع المسيح، الذي أكد صحة كل حرف وكل كلمة في أسفار العهد القديم، بقرنين أو
ثلاثة قرون. وهى بذلك تؤكد الاستمرار الطبيعي غير المنقطع في تواصل النص الأصلي
لأسفار العهد القديم ووصوله إلينا بكل دقة عبر الزمان والتاريخ وتبطل كل نظريات
وأراء النقاد والليبراليين الذين زعموا دخول إضافات على بعض الأسفار، مثل
المزامير، وتأخر كتابة البعض الآخر، مثل دانيال، للقرنين السابقين للميلاد مباشرة،
أو القرن الأول للميلاد، مثل الجامعة، حيث وجدت أجزاء كثيرة لكل أسفار العهد
القديم عدا سفر استير فقط(27).

 وتتكون هذه المخطوطات من أربعين ألف قصاصة، أمكن تجميع خمسمائة كتاب
من بينها كتب عن قوانين الحياة في مجتمع قمران، وأصول التلمذة فيها، مع تفاسير
لبعض الأسفار، وذلك إلى جانب المخطوطات الكتابية لأسفار العهد القديم. وتشمل هذه
اللفائف كل أسفار العهد القديم عدا سفر أستير. وذلك إلى جانب الكتب الدينية الأخرى
التي لطائفة الأسينيين اليهودية. وترجع أقدم اللفائف وهى لأسفار اللاويين والخروج وصموئيل
إلى ما قبل سنة 250 ق م، إذ يرى العلماء لفة الخروج (من كهف 4) ترجع لسنة 250ق م،
ويرى بعضهم أن لفة لسفر صموئيل ترجع لحوالي 280ق م، ويرى أحد العلماء أن هناك لفة
لسفر اللاويين ترجع لسنة 400 ق م.

 وقد كتبت
هذه اللفائف في معظمها بالخط الآرامي، المربع، وهناك 10 لفائف تضم أسفار موسى
الخمسة وأيوب كتبت بالخط العبري القديم. وكتب الاسم الإلهي ” يهوه ”
أحيانا بهذا الخط القديم في بعض اللفائف الأخرى، وحتى سنة 1999م كان قد وجد عدد
233 مخطوطة وقصاصة من كهوف قمران الأحد عشر، هي: 18 مخطوطة لسفر التكوين + 3
قصاصات، و18 للخروج، و17 للاويين، و12 للعدد، و31 للتثنية + 3 قصاصات، و2 ليشوع،
و3 للقضاة، و4 لراعوث، و4 لصموئيل (الأول والثاني)، و3 للملوك (الأول والثاني)،
وواحد لأخبار الأيام (الأول والثاني)، وواحد لسفر عزرا
تحميا، و4 لأيوب، و39 للمزامير + قصاصتين،
و 2 للأمثال، و 3 للجامعة، و4 لنشيد الإنشاد، و22 لإشعياء، و 6 لإرميا، و4
للمراثي، و7 لحزقيال، و8 لدانيال + قصاصة، و10 للأنبياء الصغار + قصاصة.

 وأشهر هذه الأسفار هي تكوين والخروج والتثنية وإشعياء والمزامير ومن
أحسن وأهم هذه المخطوطات لفتين لإشعياء وأجزاء كاملة من سفر صموئيل ولفة للمزامير
وتفسير لسفر حبقوق. وفيما يلي أهم هذه المخطوطات الكتابية والكهوف التي وجدت فيها(28):

1- كهف1(من15/2إلى9/3/1949م) ويضم أجزاء كثيرة لأسفار التكوين
واللاويين والتثنية والقضاة وصموئيل الأول والثاني والمزامير ولفة طويلة كاملة
لسفر إشعياء (
(1QISa ولفة طويلة، جزئية، أخرى لسفر إشعياء (1QISb) وحزقيال ودانيال وأجزاء من تفاسير للمزامير
وميخا وحبقوق وصفنيا وزكريا. وأعمال أخرى غير كتابية مثل أخنوخ وأقوال موسى (ولم
تكن معروفة قبلاً)، وسفر اليوبيل وسفر نوح، وشهادة لاوي وطوبيا وحكمة سليمان.
وهناك أيضاً أجزاء من سفر دانيال وتشمل دانيال 2: 4 (حيث تتغير اللغة من العبرية
إلى الآرامية)، وقد وجد أيضاً في الكهف الأول أجزاء من شروح لأسفار المزامير وميخا
وصفنيا.

2 – كهف 2(مارس سنة 1952م) ويضم أجزاء من حوالي مائة مخطوطة، منها
مخطوطة لسفر التكوين ومخطوطتان لسفر الخروج وواحدة لسفر اللاويين وأربع مخطوطات
للعدد واثنتان أو ثلاثة للتثنية ومخطوطة واحدة لكل من إرميا وأيوب والمزامير
ومخطوطتان لراعوث (وصفحة من لفة إشعياء
B في قمران).

3 – كهف 3(4/3/1952م) ويضم جزئيات من أسفار المزامير وإشعياء ومراثي
وحزقيال ونصفين لدرج نحاسي به خريطة ل 64 موقع سرى لكنوز مخفية.

4 – كهف 4 (سبتمبر 1952م) ويضم مئات المخطوطات (حوالي 400) منها حوالي
100 نسخة لأسفار العهد القديم كلها عدا سفر استير، منها جزئيات من سفر الجامعة،
ومنها لفة لسفر صموئيل (
4QSamb) تعتبر اقدم نسخة معروفة للكتاب المقدس وترجع
للقرن الثالث قبل الميلاد (لسنة 280 ق م)، كما يوجد به عدد من التفاسير لأسفار
المزامير وإشعياء وناحوم، كما توجد أسفار التثنية وإشعياء وإرميا والأنبياء الصغار
بكثافة وهذا يدل على حب الدراسة لهذه الأسفار وتفضيلها عن بقية أسفار العهد
القديم، كما وجد بهذا الكهف نسخة مهمة جدا لسفر دانيال تحتوى على (7: 28؛8: 1)
الذي تتغير فيه اللغة من الآرامية للعبرية مما يؤكد قدم السفر وانتقاله عبر
الأزمنة كما هو. ومن أهم لفائف هذا الكهف أيضا تفسير لسفر هوشع (2: 8-14)،(
4Q16) مكتوب على رقوق في القرن الأول قبل الميلاد.

5 كهف 5 (سبتمبر 1952م) ويضم جزء من سفر طوبيا إلى جانب جزئيات من
أسفار التثنية والملوك 1و2 وإشعياء وعاموس والمزامير والمراثي.

6- كهف 6 (27/9/1952م) ويضم من بين جزئياته برديات من أسفار التكوين
واللاويين والتثنية والملوك ونشيد الإنشاد ودانيال.

7 – كهوف من7 إلى 10 وتضم أجزاء قليلة من أسفار العهد القديم.

8 – كهف 11(يناير وفبراير 1956م) ويضم لفة من أهم لفائف قمران تشكل
أجزاء من41 مزموراً (من مزمور 50 إلى 101) بما فيها مزمور151 الذي كان معروفا في
اللغة اليونانية فقط، مكتوباً على جلد سميك من العصر الهيرودسى، وذلك إلى جانب 36
مزمور آخر من المزامير التي تقع فيما بين 93 إلى 150، وثلاث نسخ منها جزء جيد من
سفر اللاويين (
11Qlevb) وترجوم (تفسير) آرامي لسفر أيوب.

5 دقة حفظ كلمة الله في هذه المخطوطات:

 انتقلت
أسفار العهد القديم من جيل إلى جيل عن طريق النسخ اليدوي بدقة متناهية، وكان الكهنة
واللاويون والأنبياء والملوك والكتبة واتباع الفرق الدينية المختلفة، كالاسينيين
الذين وجدت لفائفهم في كهوف قمران، ينقلون نسخهم الخاصة من النسخة الرسمية
المعتمدة التي كانت تحفظ عادة إلى جوار تابوت عهد الرب وفي الهيكل. وكانت هناك
دائماً صلة قوية وسلسلة واحدة متصلة، لا تنقطع، بين نسخ الأسفار المقدسة التي
كتبها الأنبياء والرسل وبين الكتاب المقدس كما هو بين أيدينا في القرن العشرين في
كل اللغات المترجم إليها، وهنا يتبادر إلى ذهن القارئ سؤال مهم هو ؛ هل يملك علماء
الكتاب المقدس نسخة دقيقة ومطابقة للأصل كما
خرجت
من أيدي الرسل والأنبياء كتبة الوحي الإلهي؟ والإجابة هي: نعم!! لأن علماء الكتاب
المقدس يمتلكون آلاف النسخ والمخطوطات، سواء الجزئية أو الكاملة من أسفار العهد
القديم، منها مئات النسخ التي ترجع للقرون الثلاثة السابقة للميلاد والقرن الأول
الميلادي(29).

 فقد مارس
الكتبة الذين كانوا ينسخون هذه الأسفار عملهم بدقة شديدة، كما بينا، وقد تبرهن لنا
ذلك بشكل عملي بعد اكتشاف مخطوطات قمران. فقد كانت أقدم نسخة موجودة للعهد القديم،
حتى سنة 1947م، ترجع إلى القرن العاشر للميلاد، أي بينه وبين الرب يسوع المسيح
حوالي 1… (ألف) سنة ومع ذلك كان كل اليهود والمسيحيين واثقين أن لديهم كلمة الله
كما سلمت منذ البدء. وقد تبرهنت هذه الثقة بصورة عملية وعلمية بعد اكتشاف مخطوطات
قمران ابتداء من سنة 1947. فهل كان المؤمنون في حاجة لاكتشاف مثل هذه المخطوطات
ليتأكدوا من صحة إيمانهم بالكتاب المقدس؟ والإجابة ؛ كلا!! فهم واثقون من وعد الله
الذي وعد بحفظ كلمته، إنما سمحت عناية الله لمثل هذه المخطوطات المكتشفة أن ترى
النور لترد على الذين ادعوا أن أسفار العهد القديم كتبت بعد الأنبياء بسنين كثيرة،
وبرهان للذين ادعوا وجود تحريف أو تغيير أو تبديل في أسفار الكتاب المقدس على
بطلان مزاعمهم!!! فقد أكدت مخطوطات قمران على ثلاث حقائق جوهرية ؛

الأولى:
هي وجود نسخ كثيرة لكل سفر من أسفار العهد القديم، عدا سفر واحد هو
سفر أستير، وكلها ترجع للقرون الثلاثة السابقة للرب يسوع المسيح والقرن الأول
للميلاد، مع ملاحظة أن هذه المخطوطات منقولة عن مخطوطات أخرى أقدم منها ترجع لأيام
عزرا الكاتب، وبالتالي أصبح لدينا مخطوطات للعهد القديم ترجع لقبل تجسد الرب يسوع
المسيح وتلاميذه بسنوات طويلة، ومخطوطات معاصرة له، وزال الفارق الزمني بين أقدم
مخطوطة كانت لدينا وبين الرب يسوع المسيح، بل وأصبح لدينا مخطوطات ترجع لقبل تجسده
بمئات السنين. ويجب أن نتذكر أن الرب يسوع المسيح وتلاميذه ورسله أكدوا وحي كل
كلمة بل وكل حرف وكل نقطة في أسفار العهد القديم كما كانت في أيامهم، كما بينا!!

والثانية: هي إيمان
اليهود في كل العصور بوحي وقداسة هذه الأسفار فقد اقتبسوا منها واستشهدوا بها في
كتاباتهم بنفس الأسلوب والطريقة التي اقتبس واستشهد بها العهد الجديد. فقد
استخدموا تعبيرات مثل ” ما أمر به الله خلال موسى وخلال كل خدامه
الأنبياء
” الذين ساووا فيها بين أسفار موسى النبي وجميع الأنبياء
باعتبارها جميعاً كلمة الله. ومثل الصيغة المقدسة ” مكتوب
” في مقدمة اقتباسات كثيرة من أسفار كثيرة مثل أسفار موسى الخمسة وإشعياء
وحزقيال وهوشع وعاموس وميخا وناحوم وزكريا وملاخي. وجاء في إحدى كتاباتهم ”
الوثيقة الصادوقية ” قول الكاتب أن ناموس موسى لا يمكن أن ينتهك وسيحرم
الإنسان الذي ” ينتهك كلمة واحدة من ناموس موسى “. وكانت
هذه الوثيقة تستخدم عبارات ” كلمة الله “، ” قال
هو
“، ” قال الله “، ” كتاب
الناموس
“، ” قال موسى “، كمقدمة
لاقتباساتها من أسفار العدد والتثنية وإشعياء وعاموس وهوشع وزكريا وملاخي، واقتبست
من سفر الأمثال كسفر مقدس وكلمة الله واستخدمت عبارة ” الناموس
والأنبياء
” مرتين للإشارة إلى كل أسفار العهد القديم.

والثالثة: هي عصمة
أسفار الكتاب المقدس ودقة حفظها على مر العصور بدون زيادة أو حذف أو تغيير أو
تبديل، وصحة كل كلمة وكل حرف فيها والتأكد من تطبيق القواعد التي وضعها الكتبة لعمل
نسخ منها بكل أمانة ودقة!!

 وكان النقاد قد زعموا، قبل اكتشاف هذه المخطوطات أنه لو تم
اكتشاف مخطوطات أقدم للكتاب المقدس، العهد القديم، لأثبتت أن العهد القديم قد
أعيدت صياغته مرات كثيرة عبر القرون الماضية!!

 ولكن خاب أمل هؤلاء النقاد، فقد جاءت النتيجة عكسية تماما، بعد
اكتشاف هذه المخطوطات!! فقد ترجمت إلى الإنجليزية ودرسها العشرات بل المئات من
العلماء والنقاد ولم يجدوا بها نصاً واحداً يخالف العقيدة المسيحية!!

 ونناقش فيما يلي بعض النماذج التي تدل على دقة نقل أسفار العهد
القديم الكتاب المقدس وحفظه عبر مئات السنين وعشرات القرون:

(1) دراسة سفر إشعياء: فقد قام العلماء بعمل مقارنة بين لفه
لسفر إشعياء ترجع لسنة 916م ولفة أخرى لسفر إشعياء (إشعياء
A) من مخطوطات قمران وترجع لسنة 125 ق م، بفارق زمني قدره حوالي
1050 سنة، وكانت النتيجة مذهلة، فقد تبين لهم حقيقة حفظ الله لكلمته والدقة
المتناهية والتي وصلت بها إلينا، وكانت النتيجة كالآتي ؛ فقد وجدوا في 166 كلمة من
ص53 تساؤل حول 17 حرفاً، عشرة منها في حروف الهجاء وأربعة في طريقة الكتابة، دون
أي تأثير على المعنى، وثلاثة حروف في كلمة ” نور ” الموجودة في آية 11
والتي وجدت في الترجمة اليونانية السبعينية. ثم وجدت مخطوطة أخرى لسفر إشعياء(30)
(إشعياء
B) تتفق
بصورة أدق وأروع مع المخطوطة الماسورية.

 ويقول
ميللر باروز: ” من الأمور العجيبة أنه على مدى ما يقرب من ألف عام لم يطرأ
على النص تغيير يذكر. وكما أشرت في بحثي الأول عن هذه المخطوطة

فإن أهميتها
الرئيسية تكمن في إثباتها لصحة التقليد الماسوري “(31).

 ونظراً
لأن سفر إشعياء ينقسم إلى ثلاثة أجزاء من ص 1 إلى 35 ومن ص36

إلى 39 ومن ص 40 إلى 66، القسم الأول منها (من ص1-35)، وكله تقريباً،
هو قسم تعليمي وعظي تذكيري ” إعلان كلمه الله ” أو ” إرادة
الله
” وهو أيضاً قسم نبوّي ليس به روايات تاريخية أو غيرها إنما هو
إعلان لنبي إسرائيل. والقسم الثاني (ص 36-39) وهو أربعة إصحاحات تاريخية تحتوى على
رواية واحدة بسيطة لأحداث محدودة في حكم الملك حزقيا. والجزء الثالث والذي يمتد من
ص 40 إلى 66 هو جزء نبوّي مثل الأول ولكنه في الأغلب نبوات مسيانيه وأخروية. ومن
هنا قال النقاد أن الإصحاحات من (1-39) كتبها كاتب واحد ركز على دينونة الله
لإسرائيل بسبب خطاياهم، بينما الإصحاحات من (40-60) كتبها كاتب آخر ركز على نعمة
الله!! وقال بعضهم أن هناك كاتب ثالث كتبت الإصحاحات من (36-39)!!

 وقد برهنت
هذه المخطوطات على وحدة سفر إشعياء وذلك عكس النقاد تماماً!! فعلى الرغم من شهادة
المسيح وتلاميذه لوحدة كاتب سفر إشعياء وشهادة سفر يشوع بن سيراخ (180 ق م)
والترجمة اليونانية السبعينية، وكذلك المؤرخ والكاهن اليهودي المعاصر لتلاميذ المسيح
يوسيفوس (36-100م)، وجميع علماء اليهود بذلك، فقد برهنت مخطوطات قمران على حقيقة
وحدة سفر إشعياء وأن كاتبه بالروح القدس هو شخص واحد هو إشعياء النبي. ولم تلمح أو
تشر من قريب أو من بعيد إلى عكس ذلك، بل تكلمت عن السفر كله من ص 1 إلى ص 66 على
أنه سفر واحد لكاتب واحد هو إشعياء النبي.

 (2) دراسة سفر الخروج(ù)
Professor
Enigma , Evedences
: كان هناك موضوع واحد في سفر الخروج
درسه العلماء وناقشوه كثيراً وهو ما جاء في خروج (1: 5) والذي يقول ” وكانت
جميع النفوس الخارجين من صلب يعقوب سبعين نفساً ” في حين يقول نص الترجمة
اليونانية السبعينية ” خمسة وسبعين نفساً “! وقد اقتبس القديس استيفانوس
من هذه الترجمة في (أع7: 14) قوله ” خمسة وسبعين نفساً “!! مثل بقية
المسيحيين في فجر المسيحية الذين استخدموا الترجمة السبعينية وكانوا لا يرون بها
شيئاً غير ملائم!! وقد تم حل هذه المعضلة عند اكتشاف مخطوطة للخروج (
4Q Exoda) فتذكر هذه المخطوطة أن عدد هؤلاء ” خمسة وسبعون نفساً
” متطابقة مع الترجمة السبعينية وخطاب استيفانوس في سفر الأعمال!! وهذا يؤكد
لنا وجود نسخة دقيقة مع القديس استيفانوس وهي نفسها التي كانت مع مستمعيه من شيوخ
اليهود.

 سأل السير فردريك كنيون ” هل النص المعروف بالماسوري المأخوذ
من نسخة كانت موجودة عام 100م، يمثل النص الأصلي الذي كتبه كتَّاب العهد القديم
؟
“. وقد جاءت مخطوطات البحر الميت لتقول: نعم. بالتأكيد!

6 شهادة كتب اليهود الأخرى لنص العهد
القديم:

(1) التراجم الآرامية:

 كانت
المجامع اليهودية تمارس ترجمة شفوية من العبرية إلى الآرامية منذ القرن الخامس قبل
الميلاد، وترجع هذه الترجمات الشفوية إلى زمن عزرا ونحميا اللذين لما عادا إلى
أورشليم بعد السبي وجدا الشعب يتكلم لغة مهجنة لذا اضطروا إلى قراءة الأسفار
بلغتها العبرية ثم ترجموها شفوياً إلى الآرامية التي يتكلم بها الشعب. وازدادت
الحاجة إلى هذه الترجمة الشفوية مع الوقت حتى اتخذت الصفة الرسمية في المجامع.
وكان المترجم يدعى ” ميترجمان ” وكانت ترجمته تدعى ” ترجوم –
Targum ” أي ترجم. وقد ظلت هذه الترجمة تتم شفوية
حتى دونت في القرن الخامس الميلادي تقريبا. ودعي الكتاب المدون فيه هذه الترجمة
” ترجوم “. وأهم هذه الترجمات هي ترجوم انكيلوس للأسفار الخمسة
الأولى أو التوراة وترجوم يوناثان بن أوزيل للأنبياء، ويعتقد أنهما كتبا في القرن
الخامس الميلادي. وأصبحا كلاهما كتابين رسميين في اليهودية. ويميل الأول إلى
الترجمة الحرفية المحافظة على القديم ويميل الثاني إلى التفسير. وهناك ترجومات
عديدة ظهرت بعد ذلك. ويقول لنا جيسلر ونيكس كيف نشأت التراجم:

 ” هناك أدلة(32)على أن الكتبة كانوا ينقلون الأسفار
المقدسة العبرية شفهياً إلى اللهجة الآرامية العامية منذ زمن عزرا (نح8: 1-8).
وهذه التفاسير لم تكن ترجمات بالمعنى الدقيق للكلمة، ولكنها كانت وسائل مساعدة
لفهم اللغة العتيقة للتوراة … وترجع الحاجة إليها إلى أن العبرية أصبحت شيئاً
فشيئاً غير مألوفة كلغة للحديث بين عامة الشعب. وبانتهاء القرن الأول قبل الميلاد
استمرت هذه الظاهرة بالتدريج حتى شملت كل أسفار العهد القديم وأصبح لكل منها
تفسيره الشفهي (الترجوم). وفي خلال القرون الميلادية الأولي، دوَّنت هذه التراجم
وانتشر النصّ الرسمي لها، إذ أن الأسفار القانونية العبرية ونصوصها وتفسيرها كان
قد تمَّ إقرارها قبل انعقاد مجمع يامنيا لعلماء اليهود (حوالي 90م) وطرد اليهود من
فلسطين عام 135م. ويبدو أن أقدم نسخ الترجوم قد دوِّنت بالآرامية الفلسطينية إبان
القرن الثاني الميلادي، إلا أن هناك أدلة تشير إلى وجود نسخ من الترجوم سابقة على
العصر المسيحي “.

 ويذكر جيسلر ونيكس تفاصيل أكثر عن بعض التراجم الهامة: ” إبان
القرن الثالث الميلادي، ظهر في بابل ترجوم آرامي للتوراة … وينسب التقليد هذه
النسخة إلى أونكيلوس … كما وجد ترجوماً بابلياً آرامياً آخر مع أسفار الأنبياء
(الأولين والمتأخرين) ويعرف باسم ترجوم يوناثان بن عزئيل. وهو يرجع إلى القرن
الرابع الميلادي، وهو فضفاض فيما يتعلق بتفسيره للنص. وكل من هاتين النسختين كانت
تقرأ في المجامع. ولأن الأسفار المعروفة بالكتب لم تكن تقرأ في المجامع، لم يكن
هناك داع للاحتفاظ بنسخ رسمية منها، رغم أنه كانت هناك نسخ غير رسمية يستخدمها
الأفراد. وإبان منتصف القرن السابع الميلادي ظهر ترجوم للتوراة أُطلق عليه اسم
ترجوم يوناثان المزيف … كما ظهر ترجوم أورشليم أيضاً حوالي عام 700م ولكن لم
يتبق سوى بعض أجزائه “(33).

 ويقول
ف.ف. بروس عن الترجوم بشكل أكثر تشويقاً: ” إبان القرون التي اختتمت عصر ما
قبل الميلاد تنامت ظاهرة مصاحبة التفسير الشفهي باللغة الآرامية العامية للقراءات
العامة للأسفار المقدسة في المجامع. وكان من الضروري إزاء تضاؤل معرفة العامة من
الشعب باللغة العبرية كلغة للحديث أن يكون هناك تفسير لنصّ الأسفار المقدسة بلغة
يعرفونها حتى يمكنهم فهم ما كان يُقرأ. وكان المسئول عن إلقاء هذا التفسير الشفهي
يسمي الميتورجمان (المترجم أو المفسر) وكان التفسير نفسه يسمي الترجوم.

 ولم يكن يسمح للميتورجمان أن يقرأ من خلال درج مكتوباً، حتى لا يعتقد
جمهور الحاضرين خطأً أنه يقرأ الأسفار المقدسة الأصلية. أما بالنسبة للدقة، فلم
يكن يسمح إلا بترجمة آية واحدة فقط من التوراة وما لا يزيد عن ثلاث آيات من أسفار
الأنبياء في المرة الواحدة. وبمرور الوقت دوَّنت هذه التفاسير “(34).

 ويقول ج. أندرسون في كتابه ” الكتاب المقدس هو كلمة الله ”
إلى أن: الفائدة العظمى لكتب الترجوم الأكثر قدماً تكمن في البرهان على أصالة النص
العبري عن طريق إثبات أن النص العبري الذي كان يوجد في عصر تدوين كتب الترجوم هو
نفسه النصّ الذي لدينا اليوم “(35).

(2) المشنا (200م): اكتمل تدوين المشنا (hnQmMishnah – تكرار أو تفسير أو تعليم) حوالي عام 200م، وكانت عبارة عن خلاصة
الشريعة الشفهية منذ عصر موسى. وتمَّ تدوينها باللغة العبرية، وكانت تتضمن
التقاليد والتفاسير الشفهية للشريعة. وما تحويه من اقتباسات كتابية تشابه النصّ
الماسوري إلى حد بعيد وتعدّ شاهداً على موثوقيته(36).

(3) الجيمارا: دوَّنت الجيمارا (armfGemara – وتعني يكمل أو ينجز أو يتعلَّم) باللغة الآرامية، وكانت في
الأساس شرحاً مكملاً للمشنا. وقد وجد منها نسختان: الجيمارا الفلسطينية (حوالي
200م) والجيمارا البابلية وهي الأكبر حجماً والأكثر مرجعية (حوالي 500م) (37).

 وتسهم هذه الشروح (المدونة بالآرامية) التي ارتبطت بالمشنا في تحقيق
موثوقية النصّ الماسوري. وتشكل المشنا مع الجيمارا الفلسطينية التلمود الفلسطيني،
ومع الجيمارا البابلية التلمود البابلي. المشنا + الجيمارا الفلسطينية = التلمود
الفلسطيني. المشنا + الجيمارا البابلية = التلمود البابلي.

(4) المدراش: كان المدراش (100 ق م – 300 م – QrdmMidrah) عبارة عن الدراسات العقائدية للنصّ العبري للعهد القديم.
والاقتباسات الكتابية في المدراش مأخوذة عن النصّ العبري. كان المدراش (الدراسة أو
التفسير النصّي) تفسيراً عقائدياً ووعظياً للأسفار العبرية المقدسة مدوناً بالعبرية
والآرامية. وتم جمع المدراشيم (جمع مدراش) بين عامي 100 ق م و300 م. وينقسم
المدراش إلى جزأين رئيسيين الهلاكا
Halakah أي إجراء، وهو يختص بالتوراة فقط، والهاجادا Hagada إعلان أو تفسير، وهي شروح للعهد القديم كله،
وقد اختلفت كتب المدراش عن الترجوم، فالأولى كانت في الحقيقة شروح أما الأخيرة
فكانت ترجمات. ويشتمل المدراشيم على بعض العظات التي كانت تُلقي قديماً في المجامع
والتي تدور حول العهد القديم وما به من أمثال ومواعظ(38).

 وهكذا وصل إلينا نص أسفار العهد القديم سالما وبدقة متناهية. وتحقق
قوله ” لا تزيدوا على الكلام الذي أنا أوصيكم به ولا تنقصوا منه لكي
تحفظوا وصايا الرب إلهكم التي أنا أوصيكم بها
” (تث2: 4). وحقق الله وعدة
القائل:

” لأني أنا ساهر على كلمتي لأجريها ” (إر12: 1).



(1)Ency.Judaica. Sofreim.

 

(3) موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية و Tannaim Judaica Ency.

(5) التلمود TalmuddBmlG كلمة مشتقة من الجذر العبري ” لامد ”
الذي يعني الدراسة والتعلم كما في عبارة ” تلمود توراه “، أي ”
دراسة الشريعة “. ويعود كل من كلمة ” تلمود ” العبرية وكلمة ”
تلميذ ” العربية إلى أصل سامي واحد.
وينقسم
التلمود إلى المشناه والجماراه. وتبلغ أقسام المشناه ستة، وتُسمَّى ” سداريم
“، وهي أيضاً أقسام التلمود الأساسية (وذلك باعتبار أن الجماراه تعليق على
المشناه وشرح لها). وتنقسم السداريم بدورها إلى أسفار تُسمَّى ” ماسيختوت
” تنقسم بدورها إلى فصول تسمَّى ” براقيم ” (
Ency. Judaica وموسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، عبد
الوهاب المسيري).

(6)
الجماراه (
Gemaraarmf) كلمة آرامية تعني ” التتمة ” أو
” التكملة ” أو ” الدراسة “. وهي عبارة عن التعليقات والشروح
والتفسيرات التي وضعها على المشناه الفقهاء اليهود الذين يسمَّون بالشراح
(أمورائيم) في الفترة 220 ـ 500م. وهي تأخذ عادةً شكل أسئلة وأجوبة. وتُعَدُّ
الجماراه جزءاً من الشريعة الشفوية. لكن تسميتها بالجماراه، أي ” المكملة
“، هي من قبيل المجاز. وهناك جماراتان إحداهما فلسطينية والأخرى بابلية.
ويبلغ عدد كلمات الأولى نحو ثلث عدد كلمات الثانية.

(7) (Geisler, Gen.Int.Bib., 306.

(8) Ency. Judaica.

(9) F.F.Bruce The
Books and the Parchments 114 & Fredric Kenyon , Our Bible and the Ancient
manuscripts 4th edition 47.

 

(10) Davidson, The History Text of the Old Testament, 89.

(12) Ency. Judaica.

(14) Josephus Against Apion 8:1.

 

(21) See Ency. Judaica. Geniza.

(22) Kahle, the Cairo Geniza 13.

هذا المعبد كان حتى عام 882 م كنيسة
باسم الملاك ميخائيل

(23)Wurthwein,
the Text of the Old Testament 23.

(25) Bruce, Books and Parchments 115-16.

 

(…)
يرجع وجود السامريين إلى ما بعد سنة 720ق م عندما استوطن جماعة من غير اليهود السامرة
بعد سبى إسرائيل إلى أشور بواسطة شلمناصر ملك أشور والذي أتى ” بقوم من بابل
وكوث وعوا وحماه وسفراوييم وأسكنهم في مدن السامرة عوضا عن إسرائيل ” وأمر
بإرسال كاهن لعيلمهم الشريعة اليهودية “، فأتى واحد من الكهنة الذين سبوهم من
السامرة وسكن في بيت إيل وعلمهم كيف يتقون الرب “، فعبدوا الرب إلى جانب
آلهتهم الوثنية (2مل 17). ويحتمل أن التوراة أو أجزاء منها نقلت إليهم في ذلك
الوقت. وقد يفسر ذلك قبولهم فقط لأسفار موسى الخمسة دون بقية العهد القديم. ولكن
غالبية العلماء يرون أنها نقلت إليهم سنة 432 ق م عندما طرد نحميا واحد من بنى
يهويا داع الكاهن، والذي كان صهرا لسنبلط الحوراني، من اليهودية فذهب إلى السامرة
وأسس جماعة فيها وأقام هيكلا على جبل جرزيم منافسا لهيكل أورشليم.

 

(26)
وترجع قصة اكتشاف هذه المخطوطات إلى راعي أغنام بدوي اسمه ” محمد ” كان
يبحث عن معزة ضائعة في مارس 1947، فرمى حجراً في ثقب في تل على الجانب الغربي
للبحر الميت، على بعد ثـمانية أميال جنوب أريحا، واندهش وهو يسمع صوت تحطيم آنية
فخارية، فدخل ليستكشف الأمر، فوجد أواني فخارية كبيرة تحتوي على لفائف من الجلد
ملفوفة في أنسجة كتانية. ولما كانت الأواني الفخارية مغلقة بإحكام، فقد بقيت
المخطوطات في حالة ممتازة لمدة نحو 1900 سنة، فقد وضعت تلك المخطوطات داخل الأواني
عام 68م.

 وقد اشترى رئيس دير السريان الأرثوذكس بأورشليم خمساً من تلك
المخطوطات، كما اشترى الأستاذ سكنك من الجامعة العبرية بأورشليم ثلاثاً، وكتب في
مذكراته عنها يقول : ” لعل هذا واحد من أعظم الاكتشافات في فلسطين، أكثر جداً
مما توقعنا “. وفي فبراير (شباط) سنة 1948 اتصل رئيس الدير السرياني بالمدرسة
الأمريكية للبحوث الشرقية في أورشليم وأخبرهم عن المخطوطات. وكان المدير شاباً
عالماً يهوى التصوير أيضاً، اسمه جون تريفر، فقام بجهد خارق في تصوير كل عمود من
مخطوطة سفر إشعياء وهي بطول 24 قدماً وعرض عشر بوصات وحمّض الأفلام بنفسه وأرسل
بعض الصور منها إلى الدكتور أولبرايت من جامعة جون هوبكنز، الذي كان يُعتبر عميد
علماء الحفريات الكتابية. فأرسل رده برجوع البريد يقول : ” تهانيَّ
القلبية على اكتشاف أعظم مخطوطة في عصرنا الحديث. يا له من اكتشاف مذهل ! ولا يمكن
أن يوجد ظل شك في العالـم كله في صحة هذه المخطوطة ” وقال أنها ترجع لسنة 100
ق م
(
See Encyclopedia Judaica Dead Sea Scrolls).

(27) Donald W.
Parry and Stephen D. Ricks T
he Dead Sea Scrolls and
the Bible. What the scrolls teach us about the Bible.

 

(28) لمراجعة ذلك تفصيلياًَ أرجع لـ http//home.flash.net/~hoselton/deadsea/caves.htm

See also : Ayala Sussman and Ruth Peled
The Dead Sea Scrolls

 

(29) Charles
F. Pfeiffer The
Dead Sea Scrolls and the Bible 101- 119.& John Allegro Dead Sea Scrolls 58-
83.

 

(30) ويقول ف ف. بروس : أن هناك مخطوطة أخرى
غير كاملة لسفر إشعياء وُجدت مع المخطوطة الأولى، وأطلق عليها ” إشعياء
B” تمييزاً لها عن الأولى، وهي تتفق بصورة رائعة مع النص
الماسوري العبري الذي بين أيدينا بنسبة تزيد على 95% منه. أما الخمسة بالمائة
الباقية فهي اختلافات ناتجة عن زلات النسْخ أو اختلافات في أشكال الكلمات “.
Archer,
Survey of the Old Testament Introduction 19.

(31) Burrows, TDSS, 304.&
Josh McDOWELL the NEDV.

(ù) Professor Enigma , Evedences

 

(32) Geisler &
Nix. A General Introduction to the Bible, 304, 305.

(33) Ibid. 304, 305.

(36) Geisler, GIB,
502 & Ency. Judaica
. Mishnah.

(37) Ibid. 502 & Ency.
Judaica. Gemara.

(38) Ibid. GIB
306 &
Ency. Judaica. Midrash.

– 108 –

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار