كتب

الفصل الحادي عشر



الفصل الحادي عشر

الفصل
الحادي عشر

الكاتب
والأحوال لسياسية والتاريخية والجغرافية والدينية

في
فلسطين أيام المسيح

 

في
حديث الكاتب عن أحوال فلسطين السياسيَّة والتاريخيَّة والجغرافيَّة والعسكريَّة
والاجتماعيَّة والدينيَّة، أيَّام المسيح، سقط في أخطاءٍ عديدةٍ تدلّ علي أنَّه لم
يكنْ لا من تلاميذ المسيح ولا من أتباع تلاميذه، ولم يكنْ من أبناء عصره ولا هو من
فلسطين أساسًا! إنَّما هو أوروبِّي، أسبانيّ أو إيطاليّ، عاش فيما بين 1350 إلي
1600م، وهذه بعض أمثلة للأخطاء التي سقط فيها غير التي ذكرناها في بقيَّة فصول
الكتاب:

1-
قال في (ف 3): أنَّه عندما وُلِدَ المسيح ” كان بيلاطس حاكمًا في زمن الرياسة
الكهنوتيَّة لحنَّان وقيافا “! وهذا خطأ تاريخيّ ودينيّ لأنَّ أيًّا منهما لم
يكنْ في موقعه وقت ميلاد المسيح، فقد كان حنَّان رئيسًا للكهنة في المدَّة من 6 –
15م وكان قيافا رئيسًا للكهنة في المدَّة من 18- 36م وكان بيلاطس واليًا علي
اليهودية في المدة من 26- 36م.

2-
قال في (ف1: 10) أنَّ يسوع ” صعد إلي جبل الزيتون مع أمِّه ليجني زيتونًا
“. وهذا غير صحيح لأنَّه كان نجارًا وقد تربَّي في الناصرة (1) ولم يكنْ
جنيًا للزيتون!

3-
قال في (ف12: 2؛ 127: 3) أنَّ يسوع كان يرتقي الدِكَّة ويعظ في الهيكل ”
إرتقي إلي الدِكَّة التي كان يرتقيها الكتبة “، والكلمة الإيطاليَّة التي
تُرجمت في العربيَّة دِكَّة هي ”
Pinculdo di Temple
” أي ” جناح الهيكل! وقد نُقِلًت إلي الإنجليزيَّة ”
Ascend to the pinnacle ” أي وصعد إلي البرج أو قمَّة عالية، وجناح الهيكل يُطِلّ
علي وادي قدرون ويرتفع عن الأرض حوالي 30 مترًا، ويقول يوسيفوس المؤرِّخ والكاهن
اليهوديّ، الذي كان معاصرًا لتلاميذ المسيح (35 – 100م)، عن ارتفاعه: ” أنَّ
النظر الإنسانيّ لا يستطيع أنْ يصل من قمَّته إلي قاع الوادي أي المنحدر الذي يقف
علي حافته (2) “! فهل يُعقل أنْ يعظ المسيح والكتبة من علُّو بمثل هذا
الارتفاع؟!!

4-
قال في (ف13) أنَّ الملاك قدَّم ليسوع كبشًا فقدَّمه ذبيحة عن نفسه علي الجبل!
ويسوع لم يكنْ في حاجة لتقديم ذبيحة عن نفسه لأنَّه قدُّوس وبار، فقد تحدَّي
اليهود وقادتهم قائلاً ” مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ؟
“؟ (يو8/46)، وقال عنه الوحي الإلهيّ ” لأَنَّهُ كَانَ يَلِيقُ بِنَا
رَئِيسُ كَهَنَةٍ مِثْلُ هَذَا، قُدُّوسٌ بِلاَ شَرٍّ وَلاَ دَنَسٍ، قَدِ
انْفَصَلَ عَنِ الْخُطَاةِ وَصَارَ أَعْلَى مِنَ السَّمَاوَاتِ ” (عب7/26).

كما
أنَّ الذبائح كانت تُقَدَّم، في عصر المسيح، بواسطة الكهنة في هيكل سليمان!! وهذا
يدلّ علي جهل الكاتب بشريعة موسي وبعادات اليهود.

5-
قال في (ف6: 20) أن َّالمسيح خاطب اللَّه قائلاً ”
O Elohim Sabaoth – يا إلوهيم الصباؤوت “!! وهذا التعبير لم يُستخدم في
العبريَّة، لأنَّ ” إلوهيم” اِسم جمع ومعناه “المقتدرون”
ويُترجم آلهة لغير اللَّه، ويُترجم ” اللَّه ” عندما يكون المقصود هو
اللَّه بقدرته الكليَّة، وهنا يكون فعله مُفرد وصفته مُفردة (3)، و”إلوهيم
الصباؤوت” معناها ” المقتدرون الجنود ” أو ” اللَّه الجنود
” ولا تُعطِي المعني المقصود! وأنَّما اِستخدم اليهود تعبير ” يِهْوَه
صباؤوت ” وترجمته ” ربّ الجنود أو ربّ القوَّات “.

6-
قال في (ف1: 20،9) ” وذهب يسوع إلي بحر الجليل ونزل في مركب مسافرًا إلي
الناصرة مدينته … ولما بلغ مدينة الناصرة أذاع النوتيَّة في المدينة كلّ ما فعله
يسوع “! ولا تقع الناصرة علي بحر الجليل أو غيره من البحار أو البحيرات!!
وإنَّما تقع ” علي بعد نحو عشرة أميال إلي الشمال من سهل إسدرالون (مرج بن
عامر) علي التلال الجيريَّة في الطرف الجنوبيّ لجبال… وهي على بعد 15 ميلاً من
بحر الجليل، 20 ميلاً إلي الشرق من ساحل البحر المتوسِّط، وتقع علي بعد 70 ميلاً
إلي الشمال من أورشليم. وتدل البقايا الأثريَّة علي أنَّ المدينة القديمة كانت
أكثر ارتفاعًا علي التلّ الغربيّ عن موقع قرية الناصرة الآن ” (دائرة المعارف
الكتابية) ويقول القدِّيس لوقا أنَّ أهل الناصرة لما أرادوا قتل المسيح ”
فَقَامُوا وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ وَجَاءُوا بِهِ إِلَى حَافَّةَِ
الْجَبَلِ الَّذِي كَانَتْ مَدِينَتُهُمْ مَبْنِيَّةً عَلَيْهِ حَتَّى يَطْرَحُوهُ
إِلَى أَسْفَلُ ” (لو4/29).

7-
قال في (ف4: 69) أنَّ يسوع خاطب رجال اليهود بتعبير الفقهاء ” أيَّها الفقهاء
(
O doctors) والفرِّيسيُّون وأنتم أيَّها الكهنة “!! وكلمة ” فقهاء
” ومفردها ” فقيه ” عربيَّة ولم تًستخدم في العبريَّة!!

8-
قال في (ف25: 46) أنَّ يسوع قال ” ما أكثر الذين يخشون النملة ولا يبالون
بالفيل؟ “!! وكلمة فيل لم تُذكر في الكتاب المقدَّس ولا في أمثال المسيح
وإنَّما اِستُخْدمت كلمة الجمل التي تدلّ علي بيئة فلسطين ؛ كقوله ” أَيُّهَا
الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ الَّذِينَ يُصَفُّونَ عَنِ الْبَعُوضَةِ وَيَبْلَعُونَ
الْجَمَلَ! ” (مت23/24).

9–
وفى (ف12: 74) صوَّر العداء بين هيرودس وبيلاطس بالعداء بين اللَّه والشيطان! وهذه
مبالغة وفهم خاطئ لواقع الأمور، فلم يصلْ العداء بينهما قطّ إلي هذا الحدّ، كما
ناقض الكاتب نفسه وزعم أنَّهما جاءا معَا للبحث عن يسوع (ف91: 90).

10-
قال في (ف4: 69-9) ” أيَّها الفقهاء والفرِّيسيُّون وأنتم أيَّها الكهنة،
إنَّكم الراغبون في الخيل كالفوارس ولكنكم لا ترغبون في المسير إلي الحرب، إنَّكم
الراغبون في الألبسة الجميلة كالنساء ولكنكم لا ترغبون في الغزل وتربية الأطفال …
إنَّكم لراغبون في المجد كالجمهوريِّين ولكنكم لا ترغبون في عبء الجمهوريَّة
“!! وهذا الكلام لا ينطبق علي واقع فلسطين أيَّام المسيح، ولم يكنْ هناك حرب
مطلوب منهم الاشتراك فيها! ولم يكنْ هناك من يفكِّر في الجمهوريَّة أو يحلم بها!
كما لم يكنْ المسيح مُحَرِّضًا علي الحرب (4)! وهذه الأوصاف جميعًا تنطبق علي
الوسط الأوربِّي الغربيّ في عهد الإقطاع حيث الفروسيَّة
Chivalries والفرسان والحروب وتقليد رجال الكهنوت (الكاثوليك) للنبلاء وحيث
أحلام الثورات والجمهوريَّة.

11-
قال (ف5: 63-7) أنَّ يونان النبيّ ” حاول الهرب إلي طرسوس خوفًا من الشعب،
فطرحه اللَّه في البحر، فإبتلعته سمكة وقذفته علي مقربة من نينوي “! كيف تقذف
السمكة بيونان بالقرب من نينوي التي تقع علي نهر دجلة، بينما سقط هو في البحر
ناحية طرسوس التي تقع في كليكية شرقيّ آسيا الصغري والقريبة من البحر المتوسِّط؟!!
ولا صلة بين هذا أو ذاك! ألا يدلّ هذا علي جهله المطلق بجغرافيَّة المنطقة؟ فما هي
الصلة بين البحر المتوسِّط ونهر دجلة؟!!

12-
سَمَّي عيد المظال في (ف1: 15) باسمه الآرامي وتُرجم في الإنجليزيَّة (
the feast of tabernacles)، واسماه في (ف30: 1) ” سينوفاجيا ” وتُرجم إلي الترجمة
الإنجليزية ”
the Senofegia ” وهذا اسمه اليونانيّ، وهذا يجعل القارئ الإيطاليّ
يَتَصَوَّر أنَّهما عيدان مختلفان! وقد أضاع مُترجم العربيَّة الفرق بينهما!

13-
قال في (ف12: 83) أنَّ السيِّد المسيح قال ” نحن (المسيح والتلاميذ) وموسي
وإيليَّا وواحد آخر لبثنا أربعين يومًا وأربعين ليلة بدون شيء من الطعام “؟!!
ولم يصمْ التلاميذ مدَّة خدمة المسيح علس الأرض (مت9/14-15؛مر2/17-18؛لو5/33)؟!!
والكتاب المقدَّس لم يذكرْ سوي هؤلاء الثلاثة فقط، المسيح (مت4/2) وموسي
(خر24/18؛34/28؛تث9/9) وإيليَّا (1مل19/8)، صاموا أربعين يومًا. فمن هو هذا الذي
يصفه بقوله ” وواحد آخر “؟؟ هل يتصوَّر الكاتب المزوِّر أنَّ المسيح نسي
ذلك الشخص ولم يتذكَّر اسمه؟! أم أنَّه هو، الكاتب الكاتب المزوِّر، الذي اعتقد
أنَّه هناك آخر صام أربعين يومًا ولكنه لم يتذكَّر اسمه؟!!

14-
اِستخدم في (ف18: 129) لفظ ” المومسة ” عن المرأة الخاطئة! وتُرجم هذا
اللفظ في الإنجليزية مخففًا ”
a
public sinner
“، وهذا
اللفظ غير المهذَّب لم يستخدمه المسيح أبدًا، إنَّما استخدم لفظ ” خَاطِئِةٌ
” (لو7/39).

15-
زعم في (ف3: 131-6) أنَّ هيرودس كان يشتري بنفسه سمكًا من يوحنَّا! وأنَّه دعا
يوحنَّا للأكل معه علي مائدته! وأنَّ المسيح قال ليوحنَّا ” كيف أكلت خبزًا
مع الكفَّار؟ “!! ولم يكنْ هيرودس كافرًا بل كان من سلالة يهوديَّة آدوميَّة!
ولم يستخدم السيِّد المسيح لفظ ” كافر ” أو ” كفَّار ”
مطلقًا، وكذلك اليهود! إنَّما استخدم تعبير ” الأمم ” و ” أمميّ
” لغير المؤمنين من غير اليهود ولم يكنْ من عادة أميرًا مثل هيرودس أنْ يشتري
بنفسه سمكًا أو أنْ يدعو بائع سمك للأكل علي مائدته!

16-
زعم في (ف12: 139وف1: 143) أنَّ يسوع ذهب مع تلاميذه إلي دمشق! وهذا لم يحدث
مطلقًا ولم تُذْكَر كلمة دمشق أبدًا في الأناجيل الأربعة! وقد كانت وصيَّة المسيح
لتلاميذه أنْ يشهدوا له، بعد صعوده، ” وَتَكُونُونَ لِي شُهُوداً فِي
أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى
الأَرْضِ ” (أع1/8). وقد بشَّر التلاميذ في دمشق بعد صعود المسيح وليس قبل
الصعود.

17-
زعم في (ف6: 151) أنَّ المسيح صنع معجزة إشباع الجموع بخمسة أرغفة وسمكتَين في
قرية نايين! والصواب أنَّه فعل ذلك في موضعٍ خلاءٍ بمدينة بيت صيدا (لو9/10).

18-
زعم (ف4: 125) أنَّه يُوجد في رومية وحدها 28 ألف إلهٍ منظورٍ!! وهذا مبالغة
خرافيَّة لأنَّه لم يزدْ عدد الآلهة في روما عن مئة إله بل ولم يصلْ عدد التماثيل
التي صُنعت لهذه الآلهة لمثل هذا العدد الخرافيّ!

19-
قال في (ف152و155) أنَّ يسوع كان يُجادل جنود الرومان داخل الهيكل وأنَّه نادى
” أدوناي صباؤوت ” فتدحرج الجنود في الحال من الهيكل كما يدحرج المرء
براميل من خشب لتُملأ ثانية خمرًا. وهنا يسقط الكاتب المزوِّر في عدَّة أخطاء خطيرة:

(1)
لم يحدث أنَّ الرومان جادلوا المسيح في الأمور الدينيَّة نهائيًا لأنَّهم كانوا
يعبدون الأوثان وكان هو في نظرهم يهوديّ يعبد اللَّه الواحد، وكان الرومان يعرفون
نظرة اليهود للأمم، كما قال القديس بطرس لكرنيليوس ” أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ
كَيْفَ هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَى رَجُلٍ يَهُودِيٍّ أَنْ يَلْتَصِقَ بِأَحَدٍ
أَجْنَبِيٍّ أَوْ يَأْتِيَ إِلَيْهِ. ” (أع10/28).

(2)
كما أنَّه لم يكنْ مسموحًا لغير اليهود بدخول الهيكل نهائيًا، وكان مخصَّصًا لهم
دار تُسَمَّي دار الأمم وتقع خلف داري إسرائيل والنساء ومساكن الكهنة، والتي كانت
تقع خلف بعضها علي أطراف الهيكل، وبالتالى فلم تحدث المعجزة من الأصل!

(3)
ولم يكنْ من عادة اليهود أنْ يضعوا الخمر في براميل خشب بل كانوا يضعونها في
زقاقات من جلد سواء في العهد القديم أو في أيَّام المسيح (5) أمَّا الأوروبيون فهم
الذين كانوا يضعون الخمر في براميل من خشب.

20-
قال في (ف8: 153) أنَّ الجنود كانو يشنقون اللصوص! وقال في (ف1: 154) ”
فالرجل الذي له شرف وحياة ومال إذا سرقت أموإله شنق السارق “! وقال في (ف63:
217) أنَّ هيروس أمر أنْ يلبس يهوذا ” ثوبا أبيض كما يلبس الحمقي ” وهو
يظنّ أنَّه المسيح قبل صلبه! وهنا سقط كعادته في عدَّة أخطاء:

(1)
لم يكنْ الشنق معروف في فلسطين أيَّام المسيح! كما لم يكنْ هناك نبلاء ذو شرف
وحياة ومال في أيديهم سلطة شنق أو إعدام السارق!! بل كان النبلاء ذو الشرف في
أوروبا في عصر الإقطاع وكانوا يملكون الأرض ومن يعمل بها.

(2)
كما أنَّ إرتداء المحكوم عليه بالإعدام ” ثوباً أبيضًا ” لم تكنْ عادة
يهوديَّة أو فلسطينيَّة بل كانت عادة أندلسيَّة!

وكانت
عقوبة السارق بحسب شريعة موسى هي ردّ ضعف ما سرقه، ودفع أربعة أو خمسه أمثاله إذا
كان قد باعه (6)، ثمَّ يقدِّم ذبيحة عن خطيئته تجاه اللَّه (7).

21-
زعم في (ف162) أنَّه حدث زلزال عنيف تأييدًا لأقوال كاذبة نُسِبَت للسيِّد المسيح
” وبعد أنْ قال يسوع هذا حصل توًا زلزال عظيم إلي حدّ سقط معه كلّ أحد كأنَّه
ميِّت “!! وفى (ف189) زعم أنَّ يسوع جعل الشمس تقف مكانها اِثنتي عشر ساعة
ليُبرهن صحَّة أقوال كاذبة أيضًا ” إنَّ هذا لصدق لأنَّ اللَّه قد أكَّده لي
ولتقف الشمس ولا تتحرَّك برهة اِثنتي عشرة ساعة لكي يؤمن كلّ أحد أنَّ هذا صدق
“!! وزعم في (ف10: 208) إنَّه مات ألف رجل في الهيكل أثناء محاولتهم رجم يسوع
فجعلهم يتخبَّطون ويضربون بعضهم بعضًا ودنَّسوا الهيكل المقدَّس!! وهذه المعجزات
المزعومة لم تحدثْ ولم يكن هناك مُبَرِّر لحدوثها، فالأقوال المنسوبة ليسوع أقوال
كاذبة اِبتدعها خيال هذا الكاتب المزوِّر!

 كما
أنَّه لم يكنْ من عادة المسيح أنْ يُحدث ضررًا بمن حاولوا قتله سواء بالرجم أو
بإلقائه من علي الجبل أو بصلبه، فقد حاول أهل الناصرة أنْ يطرحوه من علي الجبال
” فَجَازَ فِي وَسْطِهِمْ وَمَضَى ” (لو4/30) دون أن يمسُّوه أو يمسَّهم
بشيءٍ، ولما حاول اليهود رجمه في أورشليم ” أَمَّا يَسُوعُ فَاخْتَفَى
وَخَرَجَ مِنَ الْهَيْكَلِ مُجْتَازاً فِي وَسْطِهِمْ وَمَضَى هَكَذَا ”
(يو8/59) (8). دون أنْ يمسَّهم!! وبينما كانوا يصلبونه بتسمير يدَيه ورجلَيه في
خشبة صلَّي للآب قائلاً ” يَا أَبَتَاهُ اغْفِرْ لَهُمْ لأَنَّهُمْ لاَ
يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ ” (لو23/34)! إنَّه لم يأتِ ليُهلك بل
ليُخلِّص.

22-
زعم في (ف14: 200) أنَّ حجارة أورشليم صرخت عند دخول يسوع بصوتٍ عظيمٍ قائلة
” تبارك الآتي باسم الربّ إلهنا “!! وهذه مبالغة لا مُبَرِّر لها ومفهوم
خرافيّ وخاطئ لقول المسيح ” إِنْ سَكَتَ هَؤُلاَءِ (من يهتفون فرحًا بدخوله
أورشليم) فَالْحِجَارَةُ تَصْرُخُ! ” (لو19/40).

23-
زعم في (ف1: 184) أنَّ اللَّه هو مُنشئ الخطيئة؟! ولكن الخطيئة هي عدم إطاعة
اللَّه والتعدِّي علي وصاياه، كما يقول الكتاب ” كُلُّ مَنْ يَفْعَلُ
الْخَطِيَّةَ يَفْعَلُ التَّعَدِّيَ أَيْضاً. وَالْخَطِيَّةُ هِيَ التَّعَدِّي.
” (1يو3/4). إنَّها لفظ معنويّ لفعلٍ يصدر من الإنسان ضدّ إرادة اللَّه وضدّ
شرائعه، فهل خلق اللَّه ذلك؟! وهل يجعل اللَّه الإنسان يفعل ما هو ضدّ إرادته
ونواميسه؟!! كلا، فاللَّه ” يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ
وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ ” (1تي2/4).

24-
زعم في (ف92و93) أنَّ الشعب كلّه ورئيس الكهنة وهيرودس وبيلاطس قدَّموا ليسوع كلّ
احترامٍ، وأنَّ الشعب صرخ أمام المسيح ساجدين ” إنَّ إلهنا آتٍ يا أورشليم
تهيَّئي لقبوله “!! وقالوا له ” مرحبًا بك يا إلهنا “!! وأنَّ رئيس
الكهنة حاول السجود له فسبَّه المسيح وإتَّهمه وكلّ الشعب بالجنون!! وهذا ضد
الواقع، بل إنَّه من قُبَيْل الفكر الخرافيّ للكاتب، فرئيس الكهنة وهيرودس وبيلاطس
لم يقابلوا المسيح إلاَّ وقت المحاكمة فقط (9)، ولم يعترفْ اليهود مطلقًا بلاهوت
المسيح بل حاولوا رجمه واتهامه بالتجديف كلَّما ألمح إلي ذلك، وكانت تهمته
الرئيسيَّة التي صُلب من أجلها أنَّه جَدَّف بقوله أنَّه اِبن اللَّه، يقول الكتاب
” وَأَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ سَاكِتاً. فَسَأَلَهُ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ:
«أَسْتَحْلِفُكَ بِاللَّهِ الْحَيِّ أَنْ تَقُولَ لَنَا: هَلْ أَنْتَ الْمَسِيحُ
ابْنُ اللَّهِ؟» قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنْتَ قُلْتَ! وَأَيْضاً أَقُولُ لَكُمْ:
مِنَ الآنَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِساً عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ
وَآتِياً عَلَى سَحَابِ السَّمَاءِ». فَمَزَّقَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ حِينَئِذٍ
ثِيَابَهُ قَائِلاً: «قَدْ جَدَّفَ! مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إِلَى شُهُودٍ؟ هَا
قَدْ سَمِعْتُمْ تَجْدِيفَهُ! مَاذَا تَرَوْنَ؟» فَأَجَابُوا: «إِنَّهُ
مُسْتَوْجِبُ الْمَوْتِ». ” (مت26/63-66).

25-
زعم في (ف213) أنَّ نيقوديموس أرسل حمل الفصح سرًا إلي يسوع في البستان حيث أكله
مع تلاميذه!! والمسيح لم يأكلْ الفصح في البستان بل في المدينة في عُلِّيَّة كبيرة
مفروشة، كما أنَّ نيقوديموس لم يرسلْ شيئًا إلي المسيح إنَّما اللذان أعدَّا الفصح
هما بطرس ويوحنَّا تلميذا المسيح (لو22/7-13).

 

26-
قال في (ف7: 214-10) أنَّ رئيس الكهنة أرسل فرّيسيًّا إلي الوالي وهيرودس ليُحضر
جنودًا للقبض علي المسيح، فأرسلا إليه كتيبة كاملة من الجند بسبب الخوف من الشعب!!
فهل يُعقل أنْ يُقبض علي شخصٍ أعزلٍ بكتيبةٍ عسكريَّةٍ مسلَّحةٍ؟!!

27–
زعم في (ف34: 193-36) أنَّ الذين آمنوا بيسوع بعد قيامة لعازر من الموت ”
صاروا ناصريين “!! وقال في (ف12: 117) أنَّ اليهود قالوا ليهوذا وهم يظنُّون
أنَّه المسيح مستهزئين ” يا يسوع نبيّ الناصريِّين ” ويشرح ذلك بقوله
” أنَّهم هكذا كانوا يدعون المؤمنين بيسوع “!! وقد دُعي يسوع نفسه بيسوع
الناصريّ لأنَّه تربَّى في مدينة الناصرة ” (10). ولكن لم يُدْعَ أحدٌ من
أتباعه بالناصريّ ولم يُدعي أتباعه أبدًا بالناصريِّين إلاَّ بعد القيامة وحلول
الروح القدس بعِدَّة سنوات، إنَّما كان كلّ من يؤمن به، يُدعي له تلميذًا ”
فَلَمَّا عَلِمَ الرَّبُّ أَنَّ الْفَرِّيسِيِّينَ سَمِعُوا أَنَّ يَسُوعَ
يُصَيِّرُ وَيُعَمِّدُ تلاَمِيذَ أَكْثَرَ مِنْ يُوحَنَّا ” (يو4/1) (11) كما
دُعِي أتباع المسيح، أيضًا، بلقب إخوة ” وَأَنْتُمْ جَمِيعاً إِخْوَةٌ ”
(مت23/8)، ثمَّ صار لهم لقب مسيحيِّين بعد الصعود بعِدَّة سنوات ” وَدُعِيَ
التَّلاَمِيذُ «مَسِيحِيِّينَ» فِي أَنْطَاكِيَةَ أَوَّلاً. ” (أع11/26). ولم
يُستخدم لقب ناصريِّين إلاَّ مرَّةً واحدةً علي القدِّيس بولس الرسول إذ قيل عنه
أنَّه ” مِقْدَامَ شِيعَةِ النَّاصِرِيِّينَ ” (أع24/5)، وهذا حدث بعد
صعود المسيح بسنينٍ كثيرةٍ، ولكن لم يُطلق قبل صعود المسيح بصفةٍ عامَّةٍ ولم
يُطلق علي الكنيسة مطلقًا إلاَّ في هذه المرَّة.

28-
قال في (ف3: 194) أنَّ لعازر وأختَيه كانوا يمتلكون قريتيّ المجدل وبيت عنيا!!
” كان قويًا (لعازر) وله أتباع في أورشليم وممتلكًا مع أختيه المجدل وبيت
عنيا “!! ولم يكنْ نظام امتلاك الأفراد لقري بأكملها بما فيها ومن عليها
سائدًا في فلسطين بلّ كان هذا النظام معروفًا في أوروبا في العصور الوسطي، ويقول
المترجم د.خليل سعاده في الهامش ” هذه الإشارة لإمتلاك أشخاص قري برمَّتها هي
من الأغلاط التاريخيَّة (لكاتب) لبرنابا وهى تظهر أننا في العصور الوسطي لأوروبا
لا في القرن الأوَّل لفلسطين ” (12) كما أنَّ لعازر وأختَيه من سكَّان بيت
عنيا ولم يكن لهم علاقة بمجدل أو بمريم المجدليَّة.

29-
قال في (ف 9: 76و19-21) أنَّ صاحب الكروم وضع كرَّامه المهمل ” في السجن تحت
سيطرة خادمٍ جافٍ كان يضربه كلّ يوم، ولم يردْ مطلقًا أنْ يُطلقه لأجل شفاعة
أصدقائه “!! وهذه الصورة لما كان يحدث في عصر الإقطاع في أوروبا لا في فلسطين
في عهد المسيح.

 

30-
وتحدَّث في (ف5: 17-18) عن اللَّه قائلاً ” أنَّ اللَّه صلاح، بدونه لا صلاح،
أنَّ اللَّه موجود بدونه لا وجود، أنَّ اللَّه حياة بدونه لا أحياء، هو عظيم حتَّي
أنَّه يملأ الجميع وهو في كلِّ مكان … لا أب ولا أم له، لا أبناء ولا إخوة ولا
عشراء له، ولما كان ليس للَّه جسم فهو لا يأكل ولا ينام ولا يموت ولا يمشى ولا
يتحرك … إنَّه غير ذي جسد وغير مركَّب وغير ماديّ وأبسط البسائط “. وقال في
(ف13: 161و14) ” لما كان اللَّه غير مركَّب وغير مُتَغَيِّر فهو أيضًا غير
قادر أنْ يُريد وأنْ لا يُريد الشيء الواحد، لأنَّه بذلك يصير تضاد في نفسه
يترتَّب عليه ألم ولا يكون مباركًا إلي ما لا نهاية “!! وهذا الأسلوب
الفلسفيّ المبنيّ علي علم الكلام وعلم اللاهوت لا مثيل له في أسلوب المسيح البسيط
الذي يُعلن عن الحقائق بأسلوبٍ بسيطٍ. أمَّا هذا الأسلوب فقد شاع بعد المجادلات
اللاهوتيَّة والمجامع المسكونيَّة، ولا يوجد له مثيل إلاَّ في الكتابات التي
كُتِبَت إبتداءً من القرن الرابع وما بعده.

31-
وتحدَّث في (ف32) عن كيفيَّة دخول عبادة الأصنام إلي العالم هكذا ” أنَّ كلّ
شرٍّ دخل إلي العالم بوسيلة الشيوخ، قولوا لي من أدخل عبادة الأصنام في العالم
إلاَّ طريقة الشيوخ، إنَّه كان ملكًا أحبَّ أباه كثيرًا وكان اسمه بعلاً، فلمَّا
مات الأب أمر اِبنه بصنع تمثالٍ شبه أبيه تعزيةً لنفسه، ونصبه في سوق المدينة
” وراح يُعَدِّد فوائد هذا التمثال وتقديم الهدايا له ” ثم تحوَّلت هذه
الهدايا في زمنٍ قصيرٍ إلي نقودٍ وطعامٍ حتَّي سَمُّوه إلهًا تكريمًا له، وهذا
الشيء تحوَّل من عادةٍ إلي شريعةٍ حتَّي أنَّ الصنم بعلا إنتشر في العالم كلّه،
وقد ندب اللَّه علي هذا بواسطة أشعياء قائلا ” حقا هذا الشعب يعبدني باطلاً،
لأنَّهم أبطلوا شريعتي التي أعطاهم إيَّاها عبدي موسي ويتبعون تقاليد شيوخهم
“!!

وهذه
القصة الخياليَّة الخرافيَّة خلط فيها الكاتب بين تقليد الشيوخ النابع من شريعة
موسي نفسها وبين عبادة الأصنام، ولا علاقة بين تقليد الشيوخ وعبادة الأصنام، وزعم
أنَّ عبادة ” بعل ” إنتشرت في العالم كلّه، وروي قصَّة خرافيَّة عن أصل
عبادته وعبادة الأوثان! وقد كشفت حفريَّات رأس شمرا ونصوصها عن أنَّ بعلا كان هو
إله الطبيعة فهو المتحكِّم في المطر والريح والسحب وبالتالي في الخصوبة، وقد عبده
الكنعانيُّون وقد تأثَّر بعبادته بعض بني إسرائيل وإنتهى ذلك بسبي بابل سنة 586 ق.
م. وكلّ ما زعمه الكاتب هو من نسيج خياله الخرافيّ!!

32-
وقال في (ف27: 105و 28) ” يتألَّف الإنسان من ثلاثة أشياء أي النفس والحسّ
والجسد كلٍّ منها مستقلّ بذاته، ولقد خلق إلهنا النفس والجسد كما سمعت م “!!

وقال
في (ف9: 103-12) أنَّ ” الإنسان إنَّما يفقد الحياة متي فارقته النفس لأنَّ
النفس لا ترجع إلي الجسد إلاَّ بآية، ولكن الحسّ يذهب بسبب الخوف الذي يعرض له أو
بسبب الغمّ الشديد الذي يعرض للنفس لأنَّ اللَّه خلق الحسّ لأجل الملذَّة ولا يعيش
إلاَّ كما أن الجسد يعيش بالطعام والنفس تعيش بالعلم والحب “!!

 

وقال
في (ف3: 123-7) أنَّ اللَّه صنع الإنسان ” مركَّبًا من أربعة أشياء متضاربة
ووحَّدها في شبحٍ واحدٍ نهائيٍ هو الإنسان وهي التراب والهواء والماء والنار ليعدل
كلٍّ منها ضده، وصنع من هذه الأشياء الأربعة إناء هو جسد الإنسان من الجسم وعظام
ودم ونخاع وجلد مع أعصاب وأوردة وسائر أجزائه الباطنيَّة، ووضع اللَّه فيه النفس
والحسّ بمثابة يدَين لهذه الحياة، وجعل قوي الحسّ في كلِّ جزءٍ من الجسد لأنَّه
إنتشر هناك كالزيت، وجعل مثوي النفس القلب حيث تتَّحد مع الحسّ فتتسلَّط علي الحياة
كلِّها “!!

وهذه
الأقوال كلُّها ليست من أقوال المسيح ولا هذا الأسلوب الفلسفيّ هو أسلوبه! فقد
كانت أقواله سهلة، وكان أسلوبه ساميّ بسيط، وكان يشرح للجموع أقواله بأمثالٍ من
البيئة المحيطة بهم (مت13/3)، وكانت أمثاله بسيطة وسهلة، ولم يلجأ للفلسفة أو
الأسلوب الفلسفيّ نهائيًا.

أما
هذا الفكر فهو نابعٌ ومأخوذٌ من الفلسفة التي كانت منتشرة في أوروبا في العصور
الوسطي والمتأثِّرة بالفلسفة اليونانيَّة خاصَّة فلسفة أرسطوطاليس وكتابه في النفس
(13) الذي ترجمه إلي العربيَّة إسحق اِبن حنين المتوفى سنة 298 هجرية – 878م، ودخل
إلي أوروبا عن طريق العرب، والذي تأثَّر بفكره كاتب برنابا هذا إلي حدٍ كبيرٍ!!

 

الفردوس
والفرِّيسي في إنجيل برنابا

تكلَّم
كاتب هذا الكتاب المزيَّف، المسَمَّي زورًا بإنجيل برنابا، بإستفاضة عن
الفرِّيسيِّين وزعم أنِّ أصلهم يرجع إلي أيَّام أخنوخ النبيّ!! وزعم أنّ كلمة
فردوس هي من أصل كنعانيّ!! وابتدع معاني لا صلة لها بالكلمتَين!! وزعم لها تاريخ
لاوجود له!! فسقط في أخطاء لغويَّة وتاريخيَّة جسيمة!!

قال
في (ف4: 144-8) أنَّ الربّ يسوع المسيح شرح للفرِّيسيِّين أصلهم قائلاً ”
أنَّ أخنوخ خليل اللَّه الذي صار مع اللَّه بالحقِّ غير مكترثٍ بالعالم نُقِلَ إلي
الفردوس … فلمَّا علم الناس بذلك شرعوا يطلبون خالقهم طمعًا في الفردوس، لأنَّ
معني الفردوس بالحرف في لغة الكنعانيِّين ” يطلب الله “، لأنَّ هناك
ابتدأ هذا الاسم علي سبيل الإستهزاء بالصالحين … وعليه كان الكنعانيُّون عندما
يرون أحدًا ممن كان منفصلاً من شعبنا عن العالم قالوا سخرية ” فرِّيس ”
أي طلب اللَّه “!!

وهنا
يزعم الكاتب المزوِّر أنَّ كلمة فردوس من أصل كنعانيّ وأرجع الكلمة ووجود
الكنعانيِّين إلي أيَّام أخنوخ النبيّ!! وزعم أنَّ معني كلمة فردوس ” يطلب
اللَّه “، وأنَّ معني كلمة فرِّيسيّ أيضًا في لغة الكنعانيِّين ” يطلب
الله “!! أي أنِّ معني كلمتَي فرِّيسيّ وفردوس واحد وهو “يطلب اللَّه
“!!

 

 

وهذه
كلها أخطاء لغويَّة وتاريخيَّة جسيمة!!

أولاً:
لأنَّ كلمة ” فردوس ” من أصل فارسيّ، وهي مأخوذة من الفارسيَّة القديمة
Pairidaeza وتُنطق Paridaiza ومعناها حديقة أو جنينة لها سور، واستخدمها المؤرِّخ اليونانيّ
زينفون
Xenopon للمرِّة الأولي في اللغة اليونانيَّة في القرن الثالث قبل الميلاد
وذلك في وصف حدائق ملوك ونبلاء الفُرس، ثم اُستخدِمَت في أوَّل ترجمة للكتاب
المقدَّس إلي اليونانيَّة سنة 282 ق.م. تقريبًا لترجمة كلمة ” جنَّة
عدن” (14). وظهرت الكلمة في العبريَّة ” بارديس
pardes ” (15) الآراميَّة ” باراديسا paradesa
” أيضًا بمعني جنينة أو منتزه (16).

ثانيًا:
أرجع وجود الكنعانيِّين إلي أيَّام أخنوخ!! وهذا خطأ جسيم لأنَّ أخنوخ هو السابع
من آدم (يه4) بينما الكنعانيُّون هم نسل كنعان اِبن نوح (تك10/1و6) والذين جاءوا
بعد الطوفان!! ونوح كان الثالث من أخنوخ: نوح بن لامك بن متوشالح بن أخنوخ
(تك5/21-29). وبالتالي لا صلة علي الإطلاق بين من كانوا أيَّام أخنوخ والذين هلكوا
وفنوا وهلك الجيل الثاني والثالث منهم بالطوفان ولم يبقَ من أثارهم شيء، وبين
الكنعانيِّين الذين جاءوا بعد الطوفان بجيلَين!! والذين تحوَّلوا إلي عبادة
الأوثان بعد ذلك بأجيالٍ عديدةٍ!!

ثالثًا:
زعم أنَّ الفرِّيسيِّين موجودون منذ أيَّام أخنوخ، أي قبل الطوفان بأربعة أجيال!!
كما زعم أنَّهم كانوا موجودين أيَّام إيليَّا النبيّ بكثرةٍ، فقال في (ف1: 145-3)
” كان في زمن إيليَّا خليل اللَّه ونبيَّه اثنا عشر جبلاً يقطنها سبعة عشر
ألف فرِّيسيّ … أمَّا الآن ففي إسرائيل نيف ومائة ألف “!! وزعم أيضًا
في(ف148) أنَّه في زمن إيليَّا وحده وفي سنةٍ واحدةٍ ذبحت الملكة إيزابل عشرة آلاف
فرِّيسيّ!! وروي قصَّة طويلة عن فرِّيسيَين عاشا مدة خمسة عشر سنة متوحدَين في
الجبال دون أنْ يعرف بعضهما البعض!! وهذه الرواية اِستغرقت أكثر من ثلاثة فصول!!
كما زعم أنَّه ” كان لإليشع (النبي) عدد وافر من الفرِّيسيِّين جعله اللَّه
يتنبَّأ لهم ” (ف5: 185)!!

 

وكل
هذه المزاعم خرافيَّة وكاذبة ولا أساس لها علي الإطلاق، فلم يُوجد أيّ ذِكْر لكلمة
فرِّيسيّ في الكتاب المقدَّس قبل العهد الجديد!! وقد أشارت مخطوطات قمران وبعض
مخطوطات دمشق والتي ترجع إلي القرن الثاني ق.م إلي وجود جماعة بمفهوم فرِّيسيّ
الناموس ولكن دون ذكر لكلمة ” فرِّيسيّ ” علي الإطلاق!! وأشار المؤرِّخ
اليهوديّ يوسيفوس إلي أوَّل وجود لهم كجماعة أو نزعة تحت قيادة يوحنَّا هيركانوس
الأوَّل (135 104 ق.م) (17)، وبالتالي لم يكنْ لهم أي وجود قبل ذلك علي الإطلاق!!
وكلّ ما زعمه الكاتب المزوِّر مُجَرَّد خرافات وأوهام ابتدعها كما ابتدع غيرها من
خرافات!!

رابعًا:
زعم أنَّ معني ” فرِّيسيّ ” يطلب اللَّه، وهذا دليل علي جهله! فالكلمة
معناها المنفصل أو المفرز (18)، والغريب أنَّه هو نفسه أشار إلي ذلك أيضًا!! كما
زعم أنَّه كان يُوجد أيَّام المسيح أكثر من مائة ألف فريسي (…ر100)!! وهذا الرقم
الخياليّ يدلّ علي خياله الواسع لأنَّ عدد الفرَّيسيِّين لم يصلْ قط إلي مثل هذا
الرقم الخياليّ لشعب لا يزيد تعداده حوالي 2 مليون نسمة!!

 

 

—-

(1)
متى 13/55، مر ق 6/ 3.

(2)The pulpit Com. VoI.15: 105.

(3)
تك 1: 1 ” في البدء خلق الله السموات والأرض “.

(4)
كان المسيح داعية سلام وليس حرب يو 16: 33، 14: 27.

(5)
أنظر يش9: 13 ” وهذه زقاق الخمر التي ملأناها جديدة “، ومت9: 17 ”
ولا يجعلون خمرا جديدة في زقاق عتيقة.لئلا تنشقّ الزقاق فالخمر تنصب والزقاق
تتلف.بل يجعلون خمرا جديدة في زقاق جديدة فتحفظ جميعا ” أنظر أيضاً) مر 2:
22؛ لو5: 37؛ 5: 38).

(6)
” اذا سرق انسان ثورا او شاة فذبحه او باعه يعوّض عن الثور بخمسة ثيران وعن
الشاة باربعة من الغنم.ان وجد السارق وهو ينقب فضرب ومات فليس له دم. ولكن ان
اشرقت عليه الشمس فله دم.انه يعوّض.ان لم يكن له يبع بسرقته.ان وجدت السرقة في يده
حيّة ثورا كانت ام حمارا ام شاة يعوّض باثنين. اذا رعى انسان حقلا او كرما وسرّح
مواشيه فرعت في حقل غيره فمن اجود حقله واجود كرمه يعوّض. اذا خرجت نار واصابت
شوكا فاحترقت اكداس او زرع او حقل فالذي اوقد الوقيد يعوّض. اذا اعطى انسان صاحبه
فضة او امتعة للحفظ فسرقت من بيت الانسان فان وجد السارق يعوّض باثنين. وان لم
يوجد السارق يقدم صاحب البيت الى الله ليحكم هل لم يمدّ يده الى ملك صاحبه. في كل
دعوى جناية من جهة ثور او حمار او شاة او ثوب او مفقود ما يقال ان هذا هو تقدم الى
الله دعواهما.فالذي يحكم الله بذنبه يعوّض صاحبه باثنين.اذا اعطى انسان صاحبه
حمارا او ثورا او شاة او بهيمة ما للحفظ فمات او انكسر او نهب وليس ناظر فيمين
الرب تكون بينهما هل لم يمدّ يده الى ملك صاحبه.فيقبل صاحبه.فلا يعوّض. وان سرق من
عنده يعوّض صاحبه.ان افترس يحضره شهادة.لا يعوّض عن المفترس. واذا استعار انسان من
صاحبه شيئا فانكسر او مات وصاحبه ليس معه يعوّض. وان كان صاحبه معه لا يعوّض.ان
كان مستأجرا اتى باجرته ” (خر1: 22-15).

(7)
لا ص 1-7.

(8)
أنظر أيضا (يو5/30؛10/31؛12/36).

(9)
متى 26/37- 66، 14/ 1، لو 31/13، 38/11، متى 27/2- 65.

(10)
أنظر مت 26/71؛ مر1/24؛ 10/27؛ لو24/19؛ يو18/5؛ أع2/22؛ 6/6؛4/10؛ 6/14؛ 22/8؛
26/9).

(11)
أنظر أيضا (مت9/14؛ مر2/8؛ لو5/33؛ يو9/27، 28؛18/17؛أع9/1؛19/1).

(12)
إنجيل بر نابا ص 286.

(13)
انظر كتاب أر سطو طاليس في النفس، مراجعة وشرح عبد الرحمن بدوي من ص 1- 88.

(14)
The New Bib Dic. p. 934.

(15)
Ibid and Theological Dic. Of The
N. T. voI. V.PP. 765-766
.

(16)
وردت كلمة فردوس ثلاث مرات في العهد الجديد: (1) عندما قال الرب يسوع للص اليمين:
” الحق أقول لك: اليوم تكون معي في الفردوس” (لو 23: 42 و43). وواضح من
هذا أن الرب استخدم كلمة ” فردوس ” للدلالة على المكان الذي تذهب إليه
أرواح المؤمنين عقب الموت مباشرة … (2) ويقول الرسول بولس: ” إنه اختطف إلى
الفردوس وسمع كلمات لا ينطق بها، ولا يسوغ لإنسان أن يتكلم بها ” (2كو 12:
4). وقد ذكر قبل ذلك مباشرة أن هذا الاختطاف كان ” إلى السماء الثالثة ”
(2كو 12: 2). (3) ويقول الرب لملاك كنيسة أفسس: ” من يغلب فسأعطيه أن يأكل من
شجرة الحياة التي في وسط فردوس الله ” (رؤ 2: 7).

(17)
The Intr.Stand. Bib. Encyc.voI. 3pp.822
F.and N. B. Dic. pp. 675- 166 and the NT. Back pp. 124, 144 191, 231
.

(18)
كلمة فريسى في العبرية
perasign من الاصل prs وتعنى ” ينفصل ” وهكذا كان الفريسيون ” الأفراد
المنفصلين ” والكلمة
perusism تشير إلى تداريب دينية لجماعة انفصلت عن الشعائر غير الطاهرة. Ibid. ودائرة المعارف الكتابية (ج 6: 48)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار