اللاهوت الروحي

الفصل الثالث



الفصل الثالث

الفصل الثالث

التسبيح بالمزامير بداية حياتنا في السماء

30- التسبيح بالمزامير
بداية حياتنا في السماء

خدمة السواعى هي مدرسة
المؤمن التى بواسطها يصل اٍلى الهدف الذي يسعى اٍليه، لأن الكنيسة تمثل جماعة
تسبيح كاملة لا يفوقها سوى السماء ذاتها. ان التسبيح يجعلنا نحيا حياة السماء
ويعدنا لها، وكونه يعدنا لحياة السماء فما ذلك الا لأن التسبيح بالمزامير هنا يحوى
في جوهره التسبيح هناك.

 

ومنذ البداية فجوهر
التسبيح هو تلاوة وتراتيل المزامير، والأهمية التى أعطاها اَباؤنا القديسون لهذا
الأمر يمكن تجاهلها.

 

+ فيوحنا كاسيان عند
زيارته لرهبان مصر كون فكرة بأن عمل الراهب هو الصلاة، و ذلك بحفظ المزامير
وتلاوتها مع التأمل فيها.

 

وله تعبير يثير الاعجاب
في وصفه لمعرفة الرهبان القلية للمزامير وشدة تفاعلهم مع كلماتها فيقول انهم عندما
يتلون المزامير يظهرون كما لو كانوا يرتجلون (أى كأنها من تأليفهم وصياغتهم).

 

31- قراءة الكتاب
المقدس والصلاة هما شهيق وزفير

 قراءة الكتاب المقدس والصلاة هما شهيق وزفير.

ان العلاقة بين قراءة
الكتاب المقدس وتلاوة المزامير والصلاة بها بفهم واضحة، فان كان التدريب الأساسى
للمؤمن هو الاصغاء لكلمة الله في دراسة الكتاب المقدس فان التدريب الذي يكلمه هو
أن يتعلم الاجابة لله في صلوت المزامير.

 

وهكذا نجد أن القراءة
الروحية في الكتاب المقدس والصلاة بالمزامير هما عمليتا تنفس المؤمن، هما شهيق
وزفير القلب الروحانى النقى وكما أن الانسان لا يستطيع ان يعيش بدون عملية تنفس
الهواء، وكذلك لا يستطيع أن يعيش بدون عملية تنفس الهواء، وكذلك لا يستطيع أن يحيا
روحيا بدون الكتاب المقدس والصلاة.

 

32- أهمية معرفة المؤمن
لمعاني المزامير

يجب أن يكرس المؤمن بعض
وقته وجهده لكى يتعمق في معرفة المزامير من حرفها الى روحها، أن المزامير لا يمكن
أن تفهم أو تمارس كما يجب ما لم يبذل فيها جهد، وأى شخص يرفض بذل هذا الجهد لا
يستطيع ممارسة الصلاة بالمزامير كما ينبغى.

 

ولعل هذا هو السبب في
شكوى الكثيرين من عدم قدرتهم على الصلاة بالمزامير، ولكن السبب الحقيقي أنهم غير
جادين في ممارسة الصلاة بالمزامير أو الاقتراب منها.

 

وللوصول اِلى معرفة
المزامير ومعانيها واعماقها يلزم الانسان معرفة تاريخية كاملة عن كل مزمور، من
قاله ومتى قيل والمناسبة التى قيل فيها ولمعرفة كل هذا يجب قراءة تفاسير وتأملات
الآباء في المزامير، أو على الأقل التفاسير الحديثة للمزامير ذات الطابع الأرثوذكسى.

33- تلاوة المزامير
بروح العهد الجديد

علينا أن نتفهم المعنى
السارى في بعض المزامير وهو مفهوم القتال، ولعل هذا ما يتعلل به البعض في إحجامهم
عن الصلاة بالمزامير قائلين انها لا تناسب روح العهد الجديد روح المحبة والتسامح
لما تحمله من رائحة الحرب والقتال وطلب الانتقام مثال:

 

لآنك ضربت كل من
يعاديني باطلا. أسنان الخطاة سحقت (مز2).

 

دنهم يا الله وليسقطوا
من جميع مؤامراتهم وككثرة نفاقهم استأصلهم لأنهم قد أغضبوك يا رب (مز5).

خلصني يارب فان البار
قد فنى….

شفاة غاشة في قلوبهم
يستأصل الرب الشفاة الغاشة واللسان الناطق بالعظائم (مز11).

ليخز ويخجل طالبو نفسي،
وليرتد اٍلى الذين يبتغون لى الشر وليرجع بالخزى سريعا القائلون لى نعما نعما
(مز69).

العدو قد أضطهد نفسي
واذل في الارض حياتي…

أنقذني من اعدائي يارب
فأني لجأت اليك (مز 142) وغير ذلك الكثير.

والعهد الجديد عهد
النعمة والمحبة والتسامح يدعونا لإحلال الفكر الجديد محل القديم، فإذ لم يعد لنا
أعداء منظورين يهاجموننا ويضايقوننا، فلا يزال أعداونا غير المنظورين أي الشياطين
لا يتوانون عن مقاومتنا ملتمسين هلاكنا، ونحن نصرخ الى الله أن يبيدهم بنسمة فيه
وينقذنا من شرهم.

 

وبهذا نصلي المزامير
بروح العهد الجديد وليس لنا أعداء الا الشياطين وشهوات الخطية واغراءاتها، ونحن
نلتمس من الرب النصرة على هؤلاء الأعداء المحيطين بنا جميعاً.

 

34- يا لروعة الصلاة
بالمزامير

كيف ينتفع الانسان
بكنوز صلاة المزامير التي لا تنفَذ؟

الشرط الاساسي لحدوث
هذا هو أن يكتشف الجمال الذي لا نظير له الذي تحويه المزامير.

 

أن كان الكتاب المقدس
يشرح خطط الله الازلية في خلقه الكون وتدبيره فالمزامير هي بلورة وتكثيف لهذا
العمل في كون صغير من التسابيح الشفافة.

 

أن روعة المزامير ستنقل
المؤمن تلقائياً من الجمال المشتت المبعثر هنا وهناك الى الجمال المصدر الجمال
الفائق. الله.

 

وجمال المزامير اللفظي
لا ينفصل عن جمالها الروحي لآن الاثنين ممتزجان معاً كومضات الفجر مع أشعة النهار
البيضاء.

 

أن نور المزامير
بتلاوتها وتنغيمها ينير حياة الؤمن ويفرحنا كما ملأت المزامير حياة أبائنا
القديسين بالفرح أذا شيعت نفوسهم بتدبير المسيح الخلاصي ونصرته على الشياطين عدوهم
الأول وعلى الموت عدوهم الأخير.

 

فعلى الؤمن أن يكسب
حياته هو في المزامير حتى اِذا رتلها يكون معبرا عن مشاعره الشخصية في الكلمات
التي تنطق بها شفتاه.

 

المزامير تقود المؤمن
الذي يتعمق فيها حتى يتقابل قلبه مع القلب المطعون الذي للمخلص، تقوده اِلى ذلك
القلب الذي هو شمس ونور كل القلوب حيث يهمس له الروح بلا توقف:

اذهب إلى الله….

وهو يجيب من الأعماق: ها
أنا ذاهب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار