اللاهوت المقارن

الخلاص فى المفهوم الأرثوذكسى



الخلاص فى المفهوم الأرثوذكسى

الخلاص فى المفهوم الأرثوذكسى

البابا شنودة الثالث

الفهرس

تصدير
الطبعة الأولى لنيافة الأنبا غريغوريوس

خطورة
استخدام الآية الواحدة

آيات
تكملتها توضحها

إننا لا
نستغل الآية الواحدة لصالحنا

الفصل
الأول: لا خلاص إلا بدم المسيح وحده

الفصل
الثاني: أهمية الأعمال في موضوع الخلاص

الفصل
الثالث: الجهاد والنعمة

الفصل
الرابع: الثقة وضمان الملكوت

الفصل
الخامس: هل يمكن أن يهلك المؤمن؟

الفصل
السادس: إجابة أسئلة تتعلق بالموضوع

 

الفصل
الأول: لا خلاص إلا بدم المسيح وحده

5 لا
خلاص إلا بدم المسيح وحده

6 شروط
الخلاص بدم المسيح

7 1- شرط
الإيمان

8 أ- ما
هو الإيمان؟

9 ب-
الإيمان والمحبة

10 ج-
المؤمنون و المُختارون

11 2-
أهمية المعمودية للخلاص

12
ممارسة المعمودية منذ البدء

13 شرح
“أهمية المعمودية” لاهوتياً

14 أ-
بدأ الخلاص بالموت

15 ب-
يستمر الخلاص بالموت

16 ج-
يتم الخلاص بالموت

17
الأسرار اللازمة للخلاص

18 1- سر
المسحة المقدسة

19 2- سر
الإفخارستيا | التناول

20 3- سر
التوبة

21
الأعمال الصالحة

 

الفصل
الثاني: أهمية الأعمال في موضوع الخلاص

22 أهمية
الأعمال في موضوع الخلاص

23
الأعمال الشريرة تؤدي إلى الهلاك

24 نصوص
حول الأعمال الشريرة من رسائل بولس الرسول

25 نصوص
حول الأعمال الشريرة من رسائل الكاثوليكون

26 تعليم
المسيح عن الأعمال الشريرة والهلاك

27
الدينونة حسب الأعمال

28
الأعمال ثمار لازِمة للإيمان

29
الأعمال برهان على وجود الإيمان والولادة من الله

30 أهمية
السلوك والأعمال الصالحة

 

الفصل
الثالث: الجهاد والنعمة

31
الجهاد والنعمة معاً

32 شركة
الروح القدس

33 هل
عمل النعمة معناه إلغاء الحرية الشخصية؟!

34 ضرورة
الجهاد

35 الحرب
الروحية

36
الإيمان والعمل معاً

37 جهاد
الرسل والرعاة

38 العمل
مع الله

39 التداريب
الروحية

 

الفصل
الرابع: الثقة وضمان الملكوت

40 الفصل
الرابع:

الثقة
وضمان الملكوت

الثقة
وضمان الملكوت

41 أ-
ثقة في الله غير محدودة

42 ب-
عدم ثقة بإرادتنا الخاصة

43 ج- هل
خلصت أم لم تخلُص؟!

44 د-
إيمان الكنيسة

45 أسس
الثقة وشروطها ثقة بولس ويقينه

46 1-
شرط راحة الضمير

47 2-
شرط الثبات في المسيح

48 3-
شرط المحبة الكاملة

49 الثقة
واليقين في رسائل يوحنا الرسول

50 1-
يقين بولس وإكليله

51 2-
الثقة بالدخول إلى الأقداس

52 3-
الاجتهاد والصبر لحظة الثقة

53 4-
الذي بدأ فيكم عملاً فهو يُكَمِّل

54 كلمة
ختامية في موضوع الثقة

 

الفصل
الخامس: هل يمكن أن يهلك مؤمن؟!

55 الفصل
الخامس:

هل يمكن
أن يهلك المؤمن؟

 هل يمكن أن يهلك المؤمن؟!

56 كلمة
“مؤمن” وكلمة “مُختار”

57 1-
الغُصن الذي يُقطَع

58 2-
الشعب العاصي في البرية

59 3- إن
أخطأنا باختيارنا بعد معرفة الحق

60 4-
هلاك المرتدين

61 5-
الذين استنيروا وسقطوا

62 6-
يقين يحتاج إلى ثبات، وله شروط

63 7-
يصنع حرباً مع القديسين ويغلبهم!

64 8-
هلاك ديماس مساعد القديس بولس

65
اعتراضات والرد عليها 1- لا يقدر أحد أن يخطف من يد أبي

66 2-
خُتِمتُم بروح الموعد القدوس

67 3-
أسماؤكم قد كَتِبَت في السموات

68 4-
نحن أولاد الله، و ورثة مع المسيح

69 5-
مَنْ يُقبِل إليَّ، لا أُخرِجهُ خارجاً

70 6-
مَنْ له الابن، فله الحياة

71 أ-
معرفة الابن

72 ب-
الثبات في الابن

73 ج-
الشركة مع الابن

74 د-
محبة الابن

75 7-
خروف الفصح | الخلاص بدم الخروف

76 8-
المسيح سدَّد مطالب الله

77 9-
مَنْ يسمع كلامي، له حياة أبدية

78 10-
الذي وعد وهو أمين

79 متى
نصل إلى الخلاص؟

 

الفصل
السادس: أسئلة والرد عليها

80 1- هل
اختار الله أناساً معيّنين للخلاص؟

81 خلاص
مُقَدَّم للجميع

82 وضع
الله الاختيار في أدي الناس

83
الإرادة بيد الإنسان بشهادة الكتاب المقدس

84 الله
مستعد أن يرجع عن حكمه

85 كل
الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله، وليس للذين يحبهم الله

86 بحث
موضوع الاختيار السابق للمُخَلَّصين من الناحية اللاهوتية

87 2-
ماذا كان جهاد اللص اليمين حتى خلص؟

88 3-
كيف خلصوا بدون عماد؟

 

1- تصدير
الطبعة الأولى لنيافة الأنبا غريغوريوس

قال نيافته في مقدمة
الكتاب سنة 1967:

هذا البحث الذي كتبه
نيافة الأنبا شنوده أسقف المعاهد الدينية والتربية الكنسية، بحث يمتاز بالوضوح
والدقة والشمول، في موضوع من أهم الموضوعات التي تشغل أذهان المؤمنين في كل العصور،
لأنه يتصل بقضية (الخلاص) وهى غاية الايمان، وتاج الرجاء المسيحى..

فيه ترى التعليم
الأرثوذكسى القويم، مؤيدا بمنطق سليم واستخدام صحيح للنصوص المقدسة، كاشفا
الأغاليط..

إننى أشهد أن هذا
الكتاب القيم أمكن أن يعالج موضوع (الخلاص) لأول مرة معالجة وافية، تكفي لن تعطي
صورة مشرفة صادقة لتعليم كنيستنا الأرثوذكسية في مشكلة الخلاص.

غريغوريوس

بنعمة الله اسقف عام

للدراسات العليا متوسط
الثقافة القبطية متوسط البحث العلمي

 

2- خطورة
استخدام الآية الواحدة

فى موضوع الخلاص أيها
الاخوة – كما فى أى موضوع آخر – احترسوا جدا من خطورة استخدام واحدة من الكتاب
المقدس.

ان الكتاب المقدس ليس
هو مجرد آية أو آيات، وانما هو روح معينة تتمشى في الكتاب كله.

الشخص الجاهل يضع أمامه
آية واحدة، أو أجزاء من آية، فاصلا اياها عن ظروفها وملابساتها وعن المعنى العام
كله، أما الباحث الحكيم، الذي يتوخى الحق فانه يجمع كل النصوص التي تتعلق بموضوع
بحثه، ويرى على أى شئ تدل..

وفى موضوع الخلاص، ترى
أمثلة من خطورة الآية الواحدة:

 

آمن بالرب يسوع المسيح
فتخلص أنت وأهل بيتك (أع 16: 31)

هذه الآية يتخذها البعض
برهانا على الخلاص بالايمان فقط!! لأن فيها يقول بولس الرسول لسجان فيلبي: (آمن..
فتخلص..) (أع 16: 31) وينسى الذين يستخدمون هذه الآية عدة أمور هى: لمن قيلت..؟
وتكلمت الآية..؟ وماذا حدث بعدها..؟ والآيات الأخرى المتعلقة بالموضوع.

 

1- أولا: قيلت هذه
الآية لرجل أممى، غير مؤمن، مهما فعل من أعمال صالحة فلن تجديه شيئا بدون الايمان
بالمسيح!!

لذلك كان لابد من
لرشاده الى الخطوة الأولى التي بدونها لا يمكن أن ينال شيئا من الخلاص. فاذا خطا
هذه الخطوة، يمكن ارشاده الى ما يتلوها من خطوات.. لم يكن مناسبا أن يكلم الرسولان
هذا السجان عن أهمية الأعمال الصالحة، لأنها بالنسبة اليه لا يمكن أن تفيده وهو
غير مؤمن.. والوضع السليم أن يتدرجا معه خطوة خطوة، حتى يصل.

 

2 – والخطوة الأولى
تستخدم أحيانا في الكتاب المقدس للدلالة على العمل كله الذي يبدأ بتلك الخطوة.

مثال ذلك قول سمعان
الشيخ عندما حمل المسيح الطفل بين ذراعيه: (الآن يارب تطلق عبدك حسب قولك بسلام،
لأن عينى قد أبصرتا خلاصك..) (لو 2: 28 –31) بينما أن سمعان الشيخ لم يبصر خلاص
الرب الذي لم يتم الا بدم المسيح على الصليب عندما دفع الرب ثمن الخطيئة بموته
عنا!! ولكن سمعان أبصر فقط تجسد الرب وميلاده. ولما كان تجسد الرب هو الخطوة
التنفيذية الأولى التي تؤدى الى الخلاص، لذلك قال سمعان الشيخ فى ثقة: (لأن عينى
قد ابصرتا خلاصك..)

وبهذا الأسلوب تقريبا،
تتحدث بولس وسيلا مع سجان فيلبي ليس عن أن ايمانه فقط هو الذي سيخلصه ويخلص أهل
بيته، وانما على أنه الخطوة الأولى التي تؤدى الى خلاص البيت..

 

3 – وأكبر دليل على أن
المقصود بهذا الخلاص هو الخطوة الأولى المؤدية اليه، هو قول الرسول لهذا السجان: (فتخلص
أنت وأهل بيتك).

اذ كيف يمكن أن يخلص
أهل بيته بمجرد ايمانه؟! هل ايمان انسان يخلص شخصا آخر؟! ولكن الوضع السليم هو ان
ايمان هذا الشخص هو مجرد الخطوة الأولى التي ستقوده الى الخلاص عندما يعتمد باسم
يسوع المسيح، وأيضا سيقنع اسرته بالايمان ويكون فاتحة خير للأسرة، وهكذا يخلص هو
وأهل بيته..

 

4- ولذلك نرى أن هذه
الآية كان لها تكملة،

اذ يقول الكتاب أن بولس
وسيلا (كلماه وجميع من في بيته بكلمة الرب.. واعتمد في الحال هو والذين له أجمعون)

 

5- ونحن اذا أخذنا هذه
الآية: (آمن بالرب يسوع فتخلص أنت وأهل بيتك)

انما يجب أن نضع الى
جوارها آيات أخرى لنكمل فهم الموضوع، وسأذكر لكم مثالا بسيطا له دلالته القوية:

تقدم شاب الى السيد
المسيح ليسأله: (أى صلاح أعمل لتكون لى الحياة الأبدية؟) (مت 19: 16) فلم يقل له
السيد المسيح: (آمن فتخلص) وانما قال له: ان اردت أن تدخل الحياة فاحفظ الوصايا)

هلى نجرؤ نحن ونقول أن
مجرد حفظ الوصايا كاف للخلاص، بدون ايمان، وبدون معمودية، وبدون أسرار؟‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍
كلا اننا لا يمكن أن نخطئ الى انفسنا ولا الى الناس ولا الى الإيمان ذاته باستخدام
الآية الواحدة..

فى هذا المثال أيضا نجد
أن الشاب عندما قال عن الوصايا: (هذه حفظتها منذ حداثتى، فماذا يعوزنى بعد؟) حينئذ
قال له ربنا يسوع (ان أردت أن تكون كاملا، فاذهب وبع أملاكك وأعط الفقراء فيكون لك
كنز في السماء وتعال اتبعنى) هنا أيضا لم يحدثه السيد المسيح عن الايمان. ولا عن
النعمة.. فهل نستخدم هذا المثال لنقلل من قيمة الايمان، اذ لم يرد له ذكر في حديث
الرب عن نوال الحياة الأبدية؟‍‍‍‍!

كلا، حاشا لنا أن نفعل
هذا ونستخدم الآية الواحدة، فلكل مجال الكلام اللائق به وفى هذا المثال كلم الرب
الشاب الغنى بما يناسب حالته وبما يعالج أمراضه الداخلية الأصلية..

 

نتناول آية أخرى من
التي يستخدمها البروتستانت ومن يجرى في مجراهم..

(فاذا قد تبررنا
بالايمان، لنا سلام مع الله) (رو 5: 1)

يأتيك انسان من الذين
يهتمون بالآية الواحدة، ويقول لك: هوذا أمامك آية صريحة تقول ان تبررنا بالإيمان،
فلا داعى لأن تجادل أو تفتح فمك! هل تنكر الآية أو تعارض كلام الله..!

 

لا يا أخى، نحن لا ننكر
الآية، ولا نعارض كلام الله. ولكننا نضع الى جوار هذه الآية أخرى من نفس رسالة
بولس الرسول إلى أهل رومية، ونرى ماذا يمكن أن نفهمه من الآية. يقول الرسول: (لأن
الذين يسمعون الناموس هم أبرار عند الله، بل الذين يعملون بالناموس هم يبررون) (رو
2: 13)

 

هنا كلام عن تبرير من
يعمل بالناموس، هل نسمح لأنفسنا أن نخطئ ونستخدم الآية الواحدة، ونقول أن الأعمال
وحدها هى التي تخلص

 

معتمدين على قول الرسول:
(بل الذين يعملون بالناموس هم يبررون)؟! كلا، بل نحن نضع الآيتين معا (رو 2: 13)،
(رو 5: 1). ونخرج بتعليم صحيح يتفق مع كلام الله، وهو أن عمل الايمان في التبرير
لا ينكر أهمية الأعمال، ولزوم الآعمال لتبرير لا ينكر قيمة الايمان..

 

هذه الآية التي تقول
(اذ قد تبررنا بالايمان) نضع الى جوارها آية أخرى هى (ترون اذن أنه بالأعمال يتبرر
الانسان، لا بالايمان وحده (كذلك راحاب الزانية أيضا، أما تبررت بالأعمال، اذ قبلت
الرسل وأخرجهم في طريق آخر) (يع 2: 24، 25).

 

نأخذ آية أخرى:

(وأما الذي لا يعمل،
ولكن يؤمن بالذى يبرر الفاجر، فايمانه يحسب له برا) (رو 4: 5)

فهل تعنى هذه الآية أن
الله يبرر الفاجر إذا ثبت في فجوره دون عمل التوبة؟‍‍! حاشا. إذن لكى نفهم هذه
الآية فلنضع أمامها آيات أخرى توضحها. ولنبدأ بآية من نفس الرسالة إلي رومية حيث
يقول الرسول (1: 18) (لأن غضب الله معلن من السماء على جميع فجور الناس وأثمهم)

 

تضيف إليها آية أخرى من
الرسالة الثانية لبطرس الرسول: (واذ رمد مدينتى سدوم وعمورة، حكم عليهما بالانقلاب،
واضعا عبرة للعتيدين أن يفجروا) (2 بط 2: 6) وهكذا أظهر لنا الرسول أن الفاجر
يشترك في مصير سدوم وعمورة.

 

وهذا أيضا يشرحه معلمنا
يهوذا الرسول اذ يقول: وتنبأ عن هؤلاء أيضا أخنوخ السابع من آدم) قائلا: (هوذا قد
جاء الرب في ربوات قديسيه ليصنع دينونة على الجميع، ويعاقب جميع فجورهم، على جميع
أعمال فجورهم التي فجروا بها) (يه 14، 15).

 

لا يمكن أن نفهم اذن من
الآية التى قالها بولس الرسول أنه يكفى للفاجر أن يؤمن فقط لكى يخلص، بقائه في
فجوره. فان بولس نفسه أنذرنا في صراحة تامة قائلا: (لا تضلوا. لا زناة، ولا عبدة
أوثان، ولا فاسقون، ولا مأبونون، ولا مضاجعو ذكور.. يرثون ملكوت الله) (1كو 6: 9،
10).

 

أما عبارة (لا يعمل)
فلعل المقصود بها هنا أعمال الناموس الطقسية، كالختان بالذات كما يظهر من باقى
النص (رو 5: 6 – 12)

 

لا يصح مطلقا أيها
الأحباء أن نسير بطريقة الآية الواحدة، فهى طريقة خاطئة وخطر وغير أرثوذكسية.

 

أن أتاك أحد في يوم من
الأيام بآية من الآيات، مهما كانت صريحة وواضحة، فقل له: أنا لا تنفعنى الآية
الواحدة (لنضع أمامنا جميع النصوص التي تتعلق بهذا الموضوع، ثم نتفاهم معا
(احترسوا من أن تخدعكم الآية الواحدة، فربما لها مناسبة معينة، وربما لها تكملة،
وهذه التكملة هى التي توضح معناها (وسأضرب لكم لذلك بعض الآمثلة:

 

3- آيات
تكملتها توضحها

يقول بولس الرسول في
رسالته الى افسس (2: 9):

(لأنكم بالنعمة مخلصون،
بالإيمان. وذلك ليس منكم، هو عطية الله. ليس من أعمال كى يفتخر أحد)

هذه آية تبدو صريحة
ولكن تمهل قليلا واقرأ الآية التي بعدها مباشرة (أفسس 2: 10)، يقول: (لأننا نحن
عمله مخلوقين في المسيح يسوع لأعمال صالحة قد سبق الله فأعده لكى نسلك فيه) اذن لا
يليلق أن نخطف آية ونجرى قائلين في خفة: ان الموضوع قد انتهى

 

· لنأخذ مثالا آخر.
يقول بولس الرسول:

(فان كان بالنعمة، فليس
بعد الأعمال، والا فليست النعمة بعد نعمة (رو 11: 6)

ما أجمل أن نتروى قليلا،
ونتابع ما يقوله الرسول في نفس الاصحاح، حيث يستطرد: (.. أنت بايمان (لا تستكبر بل
خف (لأنه ان كان الله لا يشفق على الأغصان الطبيعية، فلعله لا يشفق علينا أيضا.
فهوذا لطف الله وصرامته، أما الصرامة فعلى الذين سقطوا. وأما اللطف فلك، ان ثبت في
اللطف، والا فانت أيضا ستقطع). (رو 11: 10 – 22)

 

ما مهنى هذا الكلام..؟
معناه أنك نلت خلاصا بدم المسيح. ولكن جب أن تثبت فيه، والا فانك ستفقده اذا لم
تعمل أعمالا تليق بالتوبة. لأن الغصن الذي يقطع من الشجرة يهلك ويموت

 

· مثال آخر؟ يقول بولس
الرسول:

فاين الافتخار..؟ قد
انتفى، بأى ناموس، أبناموس الأعمال..؟ كلا، بل بناموس الإيمان. اننا نحسب ان
الانسان يتبرر بالايمان دون أعمال الناموس) (رو 3: 27، 28).

ان قرأنا آية مثل هذه،
فلا يصح أن نتسرع، بل نتابع القراءة لنرى ماذا يقول الرسول بعدها.. انه يستطرد
قائلا بعد هذه الآية مباشرة: (أفنبطل الناموس بالايمان حاشا، بل نثبت الناموس) (رو
3: 31)

 

· مثال آخر، يقول بولس
الرسول:

(ولكن حين ظهر لطف
مخلصنا الله واحسانه، لا بأعمال في بر عملناها نحن، بل بمقتضى رحمته خلصنا بغسل
الميلاد الثانى وتجديد الروح القدس..) (تى 3: 4 –6).

لاحظوا أن هذه الآية
بالذات تتحدث عن الخلاص بالمعمودية وعمل الروح القدس. أما من جهة الأعمال، فاننا
اذا. أكملنا ما يقوله الرسول نجده يستطرد مباشرة (صادقة هى الكلمة، وأريد أن تقرر
هذه الأمور لكى يهتم الذين آمنوا بالله أن يمارسوا أعمالا حسنة. فان هذه الأمور هى
الحسنة والنافعة للناس) (تى 3: 8).

 

اننى أيها الاخوة
الأحباء لست فى المقدمة أناقش الإيمان والأعمال، فموعده في هذه المحاضرة لم يأت
بعد. انما أريد فقط أن أوجه الاهتمام الى هذه القاعدة وحدها وهى خطورة استخدام
الآية الواحدة.

ونحن أنفسنا، لا نسمح
لذواتنا بتاتا أن نستخدم هذه الطريقة الخطرة الضارة.

 

4- إننا لا
نستغل الآية الواحدة لصالحنا

فمثلا إن وجدنا يوحنا
الرسول يقول:

*(إن علمتم أنه بار هو،
فاعلموا أن كل من يصنع البر مولود منه) (1 يو 2: 29).

إن قرأنا مثل هذه الآية
وحدها، وانما مع هذه الآية نذكر الإيمان والمعمودية وأسرارالكنيسة التي لم تتضمنها
الآية مطلقا من حيث اللفظ.

 

وبالمثل أيضا إذا قرأنا
ليوحنا الرسول قوله:

*(نحن نعلم أننا قد
انتقلنا من الموت إلى الحياة، لأننا نحب الاخوة) (1يو 3: 14)

فلا يمكن أن نتخذ هذه
الآية دليلا على أن المحبة وحدها كافية لتخليص الانسان، ونقله من الموت إلى الحياة‍‍!!

 

وكذلك بنفس الأسلوب لا
يمكن أن نستعمل الآية التي تقول:

*(الله محبة. ومن يثبت
في المحبة يثبت في الله والله فيه) (1 يو 4: 16).

 

وبنفس الأسلوب لا يمكن
أن نستغل أية آية من الآيات التي تتحدث عن الأعمال وأهميتها، مثل قول السيد المسيح
للشاب الغنى:

 

*(إن أردت أن تدخل
الحياة فاحفظ الوصايا) (مت 19: 17).

هل مجرد حفظ الوصايا
وحده يكفى، بدون إيمان وبدون معمودية؟! بلا شك. أما الآية فتفهم آخر يتفق مع
الملابسات التي أحاطت بها.

 

وهكذا أيها الأحباء،
علينا أن نتذكر باستمرار – في تعرفنا على الايمان السليم – تلك الآية الجميلة التي
تقول:

 

* (لا الحرف بل الروح.
لأن الحرف يقتل، ولكن الروح يحيى) (2 كو 3: 6)

فلنبحث اذن عن مفهوم
الخلاص مقتادين بروح الكتاب، لا بحرفه، محاولين أن نجمع في صعيد واحد النصوص
المتعددة التي تتناول الموضوع. لنطرق موضوعنا من جميع نواحيه لا من زواية واحدة
فقط، ولا من ملابسة معينة فقط.

 

ونصيحتى لكم أن تبعدوا
عن قراءة الكتب الغربية، التي تبعدكم عن الإيمان السليم. ونصيحتى أيضا أن تبحثوا
الموضوع في تواضع كثير، لأن الاعتداد بالذات، في الأمور اللاهوتية، قاد كثيرين الى
الهرطقة.

 

بعد هذه المقدمة
الوجيزة نتحدث عن الخلاص في المفهوم الأرثوذكسى ووسائطه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار