علم المسيح

الحديث عن الأزمنة الصعبة



الحديث عن الأزمنة الصعبة

الحديث
عن الأزمنة الصعبة

(لو
35: 2238)

1 ما هو المعنى الأساسى
لقول السيد إلى تلاميذه: “.. لكن الآن مَن له كيس فليأخذه ومزود كذلك ومَن
ليس له فليبع ثوبه ويشتر سكينًا ” (لو 36: 22).

2
إجابة التلاميذ ” يا رب هوذا هنا سكينتين ” (لو 38: 22) ومعناها.

3
معنى عبارة السيد ” يكفي ” (لو 38: 22).

4 لأى سبب أخذ التلاميذ معهم عندئذ سكاكين؟.

 

رابعًا: الحديث عن الأزمنة الصعبة

(لو22:
3538)

(1)
ما هو المعنى الأساسي لقول السيد إلى تلاميذه:


لكن الآن من له كيس فليأخذه ومزود كذلك ومن ليس له فليبع ثوبه ويشتر سكينًا
[1](لو36:
22)

يسوع
وهو في قمة عمله المسياني، يعرف جيدا، أن العمل الذي أعطاه له الآب، قد أكمله إلى
النهاية (أنظر يو17: 4)، ويعرف أيضًا أن كل ما تنبأت عنه الكتب تم ويتم (أنظر
لو22: 37)، وفي النهاية يخطط لكي يرسل تلاميذه إلى العالم، كما أُرسِلَ هو نفسه من
الآب (أنظر يو17: 18). بل وأكثر من هذا، يسوع يعرف تمامًا أن الكرازة بالإنجيل،
سواء في وسط اليهود، أو في وسط الأمم، ستكون عبئًا صعبًا على التلاميذ، مملوءًا
بالمخاطر والعقبات، فالتلاميذ سيواجهون اضطهادات رهيبة، وسيعيشون في أحزان كثيرة
وسيكونون ” كحملان في وسط ذئاب” (مت10: 16)[2].

 

يؤكد
قداسة البابا شنودة الثالث ما سبق في كتابه ” تأملات في خميس العهد ”
ويقول: إن السيد كان صريحًا صراحة تامة مع تلاميذه، عندما أخبرهم مسبقا عن
الصعوبات العديدة والمتنوعة التي سوف يجدونها في مواجهتهم، والتي واجهها هو بالطبع
من قبل. كما قال لهم “إن كان العالم يبغضكم فاعلموا أنه قد أبغضني قبلكم إن
كانوا قد اضطهدوني فسيضطهدونكم ” (يو15: 18،20). والسيد لا يتوقف عند هذه
الكلمات فقط بل، ويخبر تلاميذه أيضا قائلاً ” سيخرجونكم من المجامع بل ستأتي
ساعة فيها يظن كل من يقتلكم أنه يقدم خدمة لله ” (يو16: 2)[3].

 

باختصار،
فإن كل ما واجهه المعلم في رسالته السماوية وسط اليهود، من حسد وكراهية واحتقار،
ورفض، وقتل (أنظر يو3: 1921)، هكذا سيشاركه تلاميذه كل هذه الآلام، بل وأصعب منها
وأكثر أثناء عملهم الكرازي ولنفس السبب أيضا، أي لكرازتهم بتعاليم السيد السماوية.
فالمستقبل الذي ينتظرهم ينذر بالأتعاب الجسيمة. ولعل صور المواجهة والمقاومات
والاضطهادات المسجلة في سفر الأعمال خلال إصحاحاته الثمانية والعشرين، تشهد وتقر
بحقيقة كل هذا.

هكذا
السيد وهو يعرف معرفة كاملة بكل ما هو متوقع أن يحدث، بتصرف أبوي، يعد تلاميذه
وينصحهم بما هو مناسب، موضحًا لهم ماذا يجب عليهم أن يفعلوا في تلك الأزمنة
الصعبة، والتي هى قريبة منهم.

يبدأ
السيد نصائحه موجهًا لهم سؤالاً، وقائدًا الحديث إلى هناك حيث يريد: ” حين
أرسلتكم
بلا كيس ولا مزود، ولا أحذية، هل أعوزكم شئ؟” (لو22: 35).
أي عندما أرسلتكم لكي تكرزوا بملكوت الله وطلبت منكم عندئذ أن لا تأخذوا في
مناطقكم أكياس ذهب أو فضة أو نحاس، ولا مزود، ولا طعام، ولا أحذية، ولا عصا، هل
أعوزكم شئ؟ وهؤلاء، من الحقيقة التي عاشوها ورأوها، أجابوا مباشرة “لا شئ
(أنظر مت10: 810 مر6: 79، لو9: 13). لكن ” الآن ” يواصل السيد
حديثه، ” من له كيس فليأخذه ومزود كذلك. ومن ليس له فليبع ثوبه
ويشتر سكينًا
” (لو22: 36). ماذا يعنى المعلم بالضبط عندما يطلب من
تلاميذه التجهيز المسبق بالأموال، والمزود، والسكاكين؟

بالتأكيد
لا يعنى أن يتسلح التلاميذ بهذه الأشياء في ذاتها لكي يستخدموها بعد ذلك في عملهم
الكرازي لأنه:

1
في إرسالياتهم الأولى، وبدون أن يكون معهم أي شئ على الإطلاق من هذه الاستعدادات،
نجدهم قد نجحوا نجاحًا عظيمًا جدًا في خدمتهم، كما تشهد بذلك الأناجيل الأربعة،
فقد أخرجوا أرواح شريرة، وقدموا شفاءً لكثيرين من المرضى، وعملوا معجزات، وجعلوا
اسم معلمهم أكثر شهرة، لدرجة أن رئيس الربع على الجليل هيرودس أنتيباس انزعج بشدة
(أنظر مر6: 1314، لو9: 67).

 

في
الحقيقة هذه المتطلبات، أي الأموال، المزود، السكاكين وغيرها، تمثل لكل عابر سبيل
أو مسافر مؤونة ضرورية لرحلته. خاصة وأن الناموس الموسوي سمح لليهودي بحمل سكين،
وذلك لمواجهة أي شر متوقع: ” وإن حصلت أذية تعطي نفسًا بنفسٍ وعينًا بعينٍ
وسنًا بسنٍ ويدًا بيدٍ ورجلاً برجلٍ ” (خر21: 2324، لا24: 20، تث19: 20، مت5:
38، لو10: 3334).

وهكذا
يستخدم السيد المسيح صورة الإنسان المسافر المستعد لرحلته بالاستعدادات المناسبة،
وهى صورة كانت مألوفة لعيون التلاميذ في بلاد اليهودية، يريد أن يوضح لهم أنه كما
أن هذه الأشياء السابقة هى ضرورية جدا للمسافر، لدرجة أنه من المستحيل أن تتحقق
رحلته بدونها، هكذا الاستعدادات الروحية المناسبة هى ضرورية ولا غنى عنها للتلاميذ
لكي يتحقق عملهم الكرازي ويكلل بالنجاح، وبالذات في الأزمنة الصعبة. فالسيد لا
يتحدث هنا حرفيا لكن مجازيًا؛ ناصحًا تلاميذه أن يتسلحوا مثل
المسافر بالاستعدادات المناسبة، لكن الروحية وليس المادية كما ذكرنا، مثل السهر
والصلاة (أنظر مت26: 41، مر14: 38)، الصوم (أنظر مت17: 21، مر9: 29)، نعمة الروح
القدس (أنظر لو49: 24)، الإيمان بابن الله (أنظر يو20: 31)، حفظ وصاياه (أنظر
مت28: 20)، المحبة وحياة الشركة، وممارسة سر الإفخارستيا (أنظر أع 2: 24) وغيرها.

 

في
نفس الوقت يريد يسوع أن يجعل تلاميذه يدركون، وبدون أن يتكلم هو بنفسه، أن نجاحهم في
إرساليتهم الثانية سوف يكون أعظم بكثير من كل نجاح حققوه في إرساليتهم الأولى، إذ
سيكونون عندئذ أكثر استعدادًا، ووسائل الاستعداد أيضًا ستكون أكثر وأقوى. وإذا كان
التلاميذ في إرساليتهم الأولى، التي ليس لدينا معلومات عنها، قد واجهوا صعوبات، وكانت
مؤازرة الرب لهم قوية. فكم ستكون هذه المؤازرة أقوى وأقوى في إرساليتهم الثانية
المملوءة بالصعوبات (أنظر مت10: 40، 28: 1920، لو10: 16، يو13: 20). لذا ليست
صدفة، أن ق. لوقا بينما ينفرد في إنجيله بذكر الحديث عن الأزمنة الصعبة، نجده في
سفر الأعمال يركز في أكثر من موضع على ذكر مؤازرة الرب لعمل الرسل الكرازي ونجاحهم
العظيم فيه، وعلى الرغم من كل الصعوبات التي واجهتهم (أنظر على سبيل المثال أع2:
41، 43، 4647، 4: 33، 5: 42، 6: 7، 8: 14، 9: 31، 11: 1، 17: 34، 28: 3031).

 

قداسة
البابا شنودة الثالث في محاولته الربط بين الشاهد موضع الحديث فى لوقا (22: 36)
بالشواهد فى يوحنا (16: 13، 15: 45، 14: 20) يكتب هذه الاستنتاجات: السيد برغم أنه
قد أخبر سابقًا وبوضوح تلاميذه عن كم المخاطر الجسيمة التي سوف يواجهونها، إلا أنه
لم يتوقف عن تشجيعهم والتأكيد لهم، انه سوف يكون دائمًا متحدًا بهم وفيما بعد بخلفائهم
مثل اتحاد الكرمة بالأغصان والرأس بالجسد.[4]

 

أخيرًا
نقدم تفسير القديس كيرلس الأسكندرى الخاص للشاهد (لو22: 36)، والذي يأخذنا خارج
مجال آلام السيد

فالقديس يعتقد أن السيد، وهو يتحدث عن الأزمنة الصعبة يقصد خراب أورشليم من
الرومان وما سوف يحدث لسكانها سنة 70 م: ” قيل هذا القول من السيد المسيح
للرسل، بينما في الحقيقة، هو موجه لكل يهودي فالغني في بلاد اليهود، عليه أن يجمع
ثروته ويخرج منها والفقير فيها عليه أن يبيع ثوبه ويشتري سكينًا. وذلك لأن الحرب
ستقع عليهم فجأة، والهجمات ستكون غير محتملة لدرجة إنه لن يبقى شئ للمقاومة “[5].

 

(2)
إجابة التلاميذ ” يارب هوذا هنا سكينتين ” (لو22: 38) ومعناها:

بالرجوع
إلى موضوعنا الذي نناقشه يجب أن نسجل، أن التلاميذ أجابوا على كلمات السيد السابقة
” يارب هوذا هنا سكينتين“. لكن إجابتهم هذه تظهر أنهم لم يفهموا
كلمات معلمهم الاستعارية عن الاستعدادات الروحية، بل فهموا الكلمات بمعناها الحرفي
الدقيق. وهذا حدث لأنه:

أ
ربما ظن التلاميذ، وفقا للقديس كيرلس، أنه كما كان السيد يتحدث من قبل عن لحظة
القبض عليه (أنظر لو22: 1521)، هكذا الآن يواصل حديثه عن هذه اللحظة الصعبة، والتي
ستحتاج بحسب تفكيرهم إلى سكاكين للدفاع عن معلمهم: ” لكن التلاميذ لم يفهموا
المعنى العميق لهذه الكلمات، على الأرجح ظنوا أن السيد يؤكد لهم أنه ستكون هناك
حاجة لسكاكين بسبب الهجوم الذي سيقع عليه بعد قليل من الخائن، ومن هؤلاء الذين
سيقبضون عليه[6].

ب
وربما افترضوا أن السيد سوف يسند لهم إرسالية أخرى، ربما سيرسلهم للكرازة بملكوت
الله وسط الأمم والسامريين، لأنه فى إرساليتهم الأولى أوصاهم قائلاً: ” إلى
طريق أمم لا تمضوا وإلى مدينة للسامريين لا تدخلوا ” (مت10: 15)، وحيث إن
سيدهم يعرف جيدًا أن علاقاتهم بهذه الشعوب هى عدائية، لهذا يطلب منهم أن يستعدوا
لهذه الخدمة بالمال والزاد والسكاكين.

وإذا
وضعنا في اعتبارنا أن كلمات يسوع في لوقا (22: 36) ” فقال لهم لكن الآن مَن
له كيس فليأخذه.. سكينا” قد قيلت بعد غسل أرجل التلاميذ، ذاك الأجراء الذي
قام هو بنفسه به لتكريسهم للخدمة، عندئذ سيكون افتراضنا هذا محتملاً جدًا، إذ أن
التلاميذ كانوا يفكرون في هذه الإرسالية الثانية ومتطلباتها، ولذلك أجابوا على
الفور وبتلقائية ” يارب، هوذا هنا سكينتين “.

على
أية حال، فإنه من الواضح
وفقا للرأيين السابقين أن التلاميذ أساءوا فهم كلمات السيد، ولذا
فالإجابة التي أعطوها لم تجد قبولاً لديه.

 

(3)
معنى عبارة السيد ” يكفي “[7] (لو 22: 38)

بسبب هذه الإجابة للتلاميذ
قال السيد: ” يكفي“. ورده هذا يصفه بعض الآباء أنه فجائي وقاطع،
وساخر. هكذا يعلق على هذا كل من:

بطريرك الإسكندرية ق. كيرلس
(ق5 م) (“يكفي” تقريبا يسخر السيد من قولهم، إذ هو يعرف جيدًا أنهم قد
قالوا ” هوذا هنا سكينتين ” بسبب أنهم لم يفهموا أهمية ما قيل لهم).[8]

وكاهن
الأسكندرية القمص تادرس يعقوب (ق20 م): إجابة السيد “يكفي” هى ترجمة
للكلمة العبرية
Dair والتي كان يستخدمها المعلمون اليهود لكي يوقفوا بها غباء
تلاميذهم. هكذا فالسيد هنا، إذ يريد أن يوقف الاتجاه المخالف تماما الذي أخذه فكر
التلاميذ، يقول لهم “
Dair” لأنه بينما هو يكلمهم عن الاستعدادات الروحية للأزمنة
الصعبة التى تقترب، فهموا الكلام، على أنه يجب عليهم أن يتسلحوا ماديا أي بمال
وزاد وسكاكين “.[9]

لكن
ليس التلاميذ فقط هم الذين أساءوا فهم كلمات السيد فيما يتعلق بنصائحه للاستعدادات
الروحية، بل أيضًا
Eisle، فهذا الباحث، أخذ كلمات
المسيح هذه عن الاستعداد بمعنى حماسي، أي أن السيد يطلب من التلاميذ الاستعداد للحظة
القبض عليه، وذلك بالتسلح بالسكاكين[10].

لكن
أي معنى أخر غير المعنى الحماسي، يمكن أن تعنيه كلمات الرب يسوع هذه، لأنه:

أ
بالرغم من أنه هو نفسه يعرف كم سيكون مرعبًا للغاية كأس موت الصليب لدرجة أنه صلى
للآب لكي يجيز إن أمكن ذلك الكأس. إلا أنه في النهاية أعلن: ” لكن ليكن لا ما
أريد أنا بل ما تريد أنت” (مر14: 36، مت26: 39، لو22، 42، يو12: 17).

ب
وإذا كان السيد يعني بكلماته هذه للتلاميذ الاستعداد للحظة القبض عليه، فكيف يفسر
إذن انتهاره لتلميذه بطرس عندما حاول الدفاع عنه أثناء القبض عليه في بستان جثسيمانى،
وأمره له أن يرد سكينته إلى غمدها (أنظر مت26: 52، يو18: 11)

ج
بل والأكثر من هذا، ماذا ستفعل سكينتان في أيدي إحدى عشر رجلا، الغالبية منهم
كانوا صيادي سمك، أي ليس لهم خبرة بفنون القتال أمام الجمع الذي سوف يصل بعد قليل
وهو مسلح، ليس فقط بسيوف وعصي، (أنظر مت26: 47، مر14، 43، لو22: 52، يو18: 3) بل
وأيضا بشهوة القبض على السيد.

د
ثم إذا كانت لدي السيد نية محاربة هؤلاء الذين سيأتون للقبض عليه، ألم يكن يستطيع
أن يفعل هذا وبطريقة إلهية، لا تقارن بأي شكل من الأشكال بطرق المحاربات البشرية،
الأمر الذي أعلنه هو بنفسه (أنظر مت26: 53).

ه
وأخيرًا إن تعاليم يسوع وأعماله بل وكل حياته، تمحو كل أثر لشبهة المعنى الحماسي
في كلماته هذه التي وجهها لتلاميذه (أنظر مت5: 3848، 12: 1821).

في
تلك الليلة التي ذهب فيها يسوع مع تلاميذه إلى العلية، كان هناك هدف واحد في ذهنه
هو: إعداد تلاميذه لنشر رسالة الخلاص في العالم، ذلك الخلاص الذي سيتحقق بعد قليل،
وكوسائل لهذا الإعداد، اختار السيد أن يكون الترتيب كما يلى: غسل أرجل التلاميذ،
تسليم سر الإفخارستيا، نصائحه بالاستعدادات الروحية المناسبة، ووعده أنه سيرسل لهم
الروح القدس ليمكث معهم ومع خلفائهم إلى الأبد. وبالتالي ومن كل ما عرضناه سابقا،
يظهر لنا في النهاية إن رأي
Eisler عن المعنى الحماسي
لكلمات يسوع إلى تلاميذه في (لو22: 36) هو رأي غير مُدعَّم.

 

(4) لكن لأي سبب أخذ التلاميذ معهم عندئذ سكاكين؟

وفى
نهاية تحليل الموضوع، يتبقى لنا أن نفحص النقطة التالية: لأي سبب أخذ التلاميذ
معهم في ذلك الوقت سكاكينًا؟

الإجابة
ترد لنا مرة أخرى، من المفسر الشهير للكتاب المقدس في القرن (5 م) كيرلس
الإسكندري: ” بالأكثر للحاجة إلى الأمن وفقًا للناموس ضد هؤلاء الذين اختاروا
إيذاء الآخرين. ولكن كان (التلاميذ) لهم عذر في هذا، وذلك بسبب خروجهم في منتصف
الليل من العلية والسير في وسط الأشجار والبساتين، وتوقعهم مهاجمة بعض الحيوانات
المتوحشة لهم، لذا كان يجب عليهم أن يحفظوا أنفسهم من هجوم هذه الحيوانات التي كانت
تعيش بكثرة في بلاد اليهود “[11].

 

وحقيقة
أننا لا نقرأ في الأناجيل ولا نسمع عن رسل المسيح أنهم كانوا من حملة السكاكين،
بهدف إيذاء الآخرين، بل وحتى في كرازتهم في سفر الأعمال، لم يذكر عنهم قط إنهم استخدموا
لا سيوف ولا حتى سكاكين في نشر الإيمان المسيحي، بل ولا حتى ذهب وفضة (أنظر مثلاً
أع3: 6، 12: 12). وليس هذا فقط بل ولا حتى في نصائحهم للمؤمنين أو في شروط
اختيارهم لخلفائهم من شمامسة وكهنة وأساقفة؛ الأمر الذي يسرى حتى الآن، فى كل هذه،
نشتم أية رائحة لوجوب حمل السلاح (أنظر مثلاً أع1: 66، 1تى1: 313، تى5: 19).

 

إذن
نتأكد من التفسير الذي قدمه لنا كيرلس الإسكندري، من أن التلاميذ لم يكونوا أبدا
(أثمة) كما ينسب إليهم هذا الوصف خطأ المفسر
Minear [12]، فبحسب
رأيه: يسوع وهو يذكر بنفسه الشاهد من (إشعياء53: 12) ” وأُحصى مع أثمة
” يقصد أن تلاميذه هم الأثمة، لأنهم أساءوا فهم كلماته وأخذوا معهم سيوفًا.

 

وأخيرًا
نختم هذا الفصل بالملاحظة التالية: إنه بينما يظهر لنا الإنجيلي الثالث لوقا كمن
يقدم لنا المسيح كما يُوصف في نبوة إشعياء، كعبد الله المتألم الذي يسير نحو
الصليب مطيعًا الله الآب حتى النهاية. فإن الإنجيلي الثانى مرقس يظهر لنا كمن يفهم
هذه النبوات ويستخدمها الاستخدام السليم، وذلك عندما يضع النبوة ” وأُحصى
مع أثمة
” هناك حيث صُلب المسيح المتألم بين لصين (أنظر مر15: 2728)[13].

 

صلاة المسيح في البستان والقبض عليه ومحاكمته

الصلاة في
البستان والقبض والمحاكمة

ليست
إرادة الابن شئ وإرادة الآب شئ آخر، لأن مَن يريد كل ما يريده الآب له في الحقيقة
إرادة الآب. إنما هذا التعبير ” لا كإرادتى بل كإرادتك، إنما هو أسلوب من أساليب
الحديث به يُرجع الابن مجد الآلام المخلّصة لإرادة الآب، مكرمًا إياه كعلة كل شئ ”

(القديس ديونيسيوس
الأسكندرى
P.G. 10, 1593)

 

قول
يسوع لبيلاطس
.. لذلك
الذي أسلمني إليك له خطية أعظم
(11: 19)، بهذا يعني
أولا ذاك التلميذ الخائن الذي كان محبًا للمال
، ثم
القيادات الدينية اليهودية التي عضد
ّت ذاك التلميذ، وفي
النهاية الشعب اليهودي نفسه الذي انساق وراء رؤسائه الأشرار. على كل هؤلاء يقع
الجزء الأكبر من مسئولية قتل يسوع
. لكن بيلاطس لا
يعفى تمام
ًا من
المسئولية بسبب موافقته على هذه الجريمة
.

(القديس
كيرلس الأسكندرى
P.G. 74, 641)

 

إن الملاك
عندما رأى يسوع
وهو يصلى ويظهر كمن يحتاج لمساعدة من السماء، بينما هو
فى الحقيقة ليس
محتاجًا لشىء، أخذ يمجده قائلاً: ” لك القوة
يا مخلص، لك المجد يارب، لك العزة يا ملك

(الأب
بطرس السدمنتى القول الصحيح في آلام المسيح، ص99)

 

ذُكر
الإنكار في الأناجيل الأربعة كمثال تعليمى لنا، وذلك لكى لا يتكبر المسيحيون
ويعتزوا بقوتهم الشخصية لأنها عادةً قوة كاذبة

(قداسة
البابا شنودة الثالث ” تأملات في يوم الجمعة العظيمة ”، القاهرة 1982، ص3839)



[2] W. Grundmann. , “Evang Lukas ”
Berlin, 1966 , P.  409

[12] P.S Minear ,
Anote on luke 22,36 , NT 7 ( 1964 ) P. 128 – 134.

[13] Bl. I. PanagopoÚlou, “Ð Prof»thj ¢pÕ
Nazaršt”, ‘AqÁna 1973, s. 141.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار