اسئلة مسيحية

التثليث والتوحيد



التثليث والتوحيد

التثليث
والتوحيد

 

إن
ملخص تعليم الكتاب المقدس في هذا الموضوع هو أنه لا يوجد إلا إله واحد فقط، ومع
ذلك لكل من الاب والابن والروح القدس صفات اللاهوت وحقوقه. وبالتفصيل نقول:

 


أنه لا إله إلا الإله الوحيد السرمدي الحقيقي. ومن نصوص الكتاب على وحدانية الله
ما يلي “اسمع يا إسرائيل، الرب إلهنا رب واحد” (التثنية 4: 6)،
“هكذا يقول الرب ملك إسرائيل وفاديه بالجنود، أنا الأول والآخر ولا إله
غيري” (أشعياء 6: 44) وأيضاً “أنت تؤمن أن الله واحد، حسناً تفعل”
(يعقوب 19: 2). ومن وصايا الله العشر التي تتضمن خلاصة الناموس الأدبي للدين
اليهودي، والدين المسيحي أيضاً، أن الوصية الأولى والعظمى منها هي “لا يكن لك
آلهة أخرى أمامي” ومن ثم كان كل تعليم يضاد ذلك باطل.

 


إن لكل من الآب والابن والروح القدس ما للآخر من الألقاب والصفات الإلهية (إلا ما
كان خاصاً بالأقنومية) وأن كلاً منهم يستحق العبادة الإلهية، والمحبة والإكرام
والثقة. فيتضح من الكتاب المقدس لاهوت الابن كما يتضح لاهوت الاب، ويتضح لاهوت
الروح كما يتضح لاهوت الاب والابن.

 


أن أسماء أقانيم الثالوث الأقدس، أي الاب والابن والروح القدس، ليست كنايات عن نسب
مختلفة بين الله وخلائقه، على ما يزعم البعض، كلفظة خالق وحافظ ومنعم التي تشير
إلى نسب كهذه. ومن إعلانات الكتاب المقدس التي تثبيت ذلك:

 

*
أن كلاً من الاب والابن والروح القدس يقول عن ذاته “أنا”.

*
أن كلاً منهم يقول للآخر في الخطاب “أنت” ويقول عنه في الغيبة
“هو”.

*
أن الاب يحب الابن، والابن يحب الاب والروح القدس يشهد للابن.


فيظهر من ذلك أن بين كل منهم والآخر من النسب ما يدل على التمييز في الأقنومية، لا
الاختلاف. وأنه يوجد إله واحد فقط في ثلاثة أقانيم، وهم الاب والابن والروح القدس.

 

#
ماذا يتضمن تعليم التوحيد و التثليث معاً؟

إن
تعليم التوحيد والتلثيث معاً يتضمن ما يلي:

 

1-
وحدانية الله

2-
لاهوت الاب والابن و الروح القدس

3-
أن الاب والابن والروح القدس، أقانيم ممتازون الواحد عن الآخر

4-
أنهم واحد في الجوهر متساوون في القدرة والمجد

5-
أن بين أقانيم الثالوث الأقدس تمييزاً في الوظائف والعمل، لأن الكتاب المقدس يعلم
أن الاب يرسل الابن، وأن الاب والابن يرسلان الروح القدس، ولم يذكر قط أن الابن
يرسل الاب، ولا أن الروح القدس يرسل الاب، أو الابن مع أن الاب والابن الروح القدس
واحد في الجوهر، ومتساوون في القدرة والمجد.

 

6-
أن بعض أعمال اللاهوت تُنسب على الخصوص إلى الاب، وغيرها إلى الابن وأخرى إلى
الروح القدس، مثال ذلك ما قيل أن الاب يختار ويدعو، وأن الابن يفدي، وأن الروح
القدس يقدس ويجدد.

 

7-
تنسب بعض الصفات إلى أقنوم من الثالوث دون الآخرين، كالأبوة إلى الاب والبنوة إلى
الابن، والانبثاق إلى الروح القدس

 

فإن
قيل أن هذا التعليم فوق إدراكنا، قلنا ذلك لا يفسده، كما أنه لا يفسد ما شاكله من
الحقائق العلمية والدينية. وإن قيل أن جوهراً واحد ذا ثلاثة أقانيم محال، قلنا تلك
دعوى بلا برهان، وأن عقولنا القاصرة لم تخلق مقياساً للممكن، وغير الممكن، مما فوق
إدراكها.

 

ومما
ينبغي أن يعلم هو أننا لا نعتقد أن الله ثلاثة أقانيم بنفس معنى القول أنه جوهر
واحد، لأن لفظ أقنوم ليست بمعنى لفظ جوهر. غير أننا نُسلم بأننا لا نقدر أن نوضح
بالتفصيل كل المقصود في لفظ أقنوم ولا حقيقة النسبة التي بين الأقنوم والجوهر.
وعجزنا هذا غير مقصور على تعليم التثليث، لأن جل ما نعرفه عن جميع الأمور المادية
والروحية ليس هو إدراك الجوهر بل معرفة صفاته وخواصه، ومن باب أولى يصح هذا القول
من جهة الله الذي لا نعرف كنه جوهره، ولا أسراره الجوهرية مطلقاً. بل جل ما نعرفه
هو صفات ذلك الجوهر الذي نسميه بالروح المجرد. وقد اعترض البعض على أن التثليث
يستلزم إنقسام جوهر الله إلى ثلاثة أقسام هو قول باطل، لأنه ناشئ عن تصور جوهر
الله على أنه مادي، وله صفات مادية، وأما الروح فلا يقبل الإنقسام مطلقاً. ولما
كان العقل البشري عاجزاً عن إدراك جوهر الله، كان حكمنا بإستحالة كونه في ثلاثة
أقانيم باطلاً، لأننا نكون قد حكمنا بما هو فوق إدراكنا، وخارج عن دائرة معرفتنا.

 

#
ما هي القضايا الرئيسية التي يجب النظر إليها في إثبات التثليث؟

1-
وحدانية الله

2-
أقنومية المسيح ولاهوته

3-
أقنومية الروح القدس ولاهوته

4-
كون الكتاب المقدس يعلم وجود إله واحد في ثلاثة أقانيم

5-
إيضاح ما أعلنه الله في كتابه من النسب التي بين الأقانيم الثلاثة وذلك من الكتاب
نفسه

 

#
كيف تثبت أن تعليم التثليث قد جاء بالكتاب المقدس؟

إن
تعليم وحدنية الله، وامتياز الأقانيم أحدها عن الآخر، ومساواتها في الجوهر، ونسبة أحدها
إلى الآخر، لم يرد في الكتاب المقدس جملة واحدة بالتصريح، بل في آيات متفرقة، غير
أن جوهر هذه الأمور منصوص عليه من أول الكتاب إلى آخره.

 

ومن
الأمور التي تثبت صحة هذا الاعتقاد:

 

1-
وجوده في الإعلانات المتتابعة وانجلاؤه بالتدريج، ففي سفر التكوين تلميحات إلى
تعليم التثليث، لا تفهم جلياً إلا بنور إعلانات بعدها، كورود اسم الله (ألوهيم)
والضمائر التي تعود إليه في هذا السفر بصيغة الجمع كقوله تعالى “لنصنع
الإنسان على صورتنا” وأقوال أخرى تشابهه) أنظر: تكوين 26: 1 و22: 3 و7: 11 و
أشعياء 8: 6). وهذا وحده لا يثبت تعليم التثليث، ولكن إذا قابلناه بآيات أُخر
معلنة في أزمنة متتابعة تبين لنا أن في اللاهوت ثلاثة أقانيم، وهو ما تكشفه هذه
الآيات وما يتوافق مع التعليم الجوهري في الثالوث الأقدس.

 

كما
نرى في أسفار الكتاب المقدس الأولى تمييزاً بين “يهوه” و”ملاك
يهوه” وأن لهذا الملاك ألقاباً وعبادة إلهية، ومن أسمائه أيضاً الكلمة
والحكمة، وابن الله، وأقنوميته ولاهوته موضحان، وبشكل واضح، لأنه منذ القديم ومنذ
الأزل، والإله القدير، ورب داود، والرب برنا، الموعود به قبلاً أنه سيولد من عذراء
ويحمل خطايا كثيرين (مزمور 7،6: 45 و1: 110 وأشعياء 7،6: 44، 24 و تكوين 11: 31
و13 و15: 48 و16).

 

وجاء
في الأسفار المقدسة أن روح الله هو مصدر الحكمة والنظام، وحياة الكون، وأنه يلهم
الأنبياء ويعطي القوة والحكمة للرؤساء والقضاة ولشعب الله، وأنه يعلم ويختار،
ويحزن ويغتاظ. ومن كلام يوحنا المعمدان يظهر أنه إله مستحق العبادة ومصدر بركات
ثمينة. والسيد المسيح له كل المجد، تكلم عنه على أنه أقنوم معروف متميز، إذ وعد
تلاميذه أنه يرسله إليهم كمعزياً لينوب عنه، ويعلمهم ويقويهم، وبين لهم أنه يجب
عليهم أن يقبلوه ويطيعوه (تكوين 2: 1 و3: 6 و مزمور 30: 104 و7: 139 و أيوب 13: 26
وأشعياء 16: 48). فعلى هذا المنوال نرى أن إعلانات هذا السر التي كانت أولاً مبهمة
أخذت تنجلي رويداً رويداً، حتى إتضح أكمل إيضاح في الإنجيل، وصار إيمان جميع
المؤمنين.

 

2-
ألفاظ الصورة الموضوعة للمعمودية:

لقد
أمر السيد المسيح أن يعمد المؤمنون باسم الاب والابن والروح القدس، ولذلك كل مسيحي
يعتمد باسم الثالوث الأقدس، وهذا يدل على أقنومية كل منهم، ومساواتهم، ويستلزم
إقرارنا بأننا مكلفون بالعبادة لهم، والاعتراف بهم علانية.

 

3-
البركة الرسولية:

البركة
الرسولية هي طلبة نعمة المسيح من المسيح، ومحبة الاب من الاب، وشركة الروح القدس
من الروح القدس. فألفاظ صورة هذه البركة تتضمن الإقرار بأقنومية كل من الاب والابن
والروح القدس، وألوهيتهم.

 

4-
ظروف معمودية المسيح:

حين
تعمد المسيح خاطبه الاب وحل عليه الروح القدس مثل حمامة. وهذا يستلزم ما بينته
ألفاظ صورة المعمودية والبركة الرسولية.

 

والسيد
المسيح في خطابه لتلاميذه في الليلة التي أسلم فيها (يوحنا 16،15،14) تكلم عن الآب
وخاطبه ووعد التلاميذ بإرسال الروح القدس إليهم. فأوضح به أقنومية وألوهية كل من
الآب والابن والروح القدس، كل الإيضاح.

 

فمن
كل ما تقدم من الأدلة، ليس هو الأساس الوحيد لإيمان الكنيسة بالتثليث، بل هو مؤسس
على الخصوص على ما يعلمه الكتاب أولاً في وحدانية الله، وثانياً في أقنومية الاب
والابن والروح القدس، وألوهية كل منهم. وخلاصة ما حصلته الكنيسة من تعليم الكتاب
المقدس هو وجود إله واحد في ثلاثة أقانيم متساوين في الجوهر والمجد، أي كلاً منهم
هو صاحب اللاهوت.

 

ونجمل
بأوضح ما قيل في هذا الأمر: “فإن الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة الآب
والكلمة والروح القدس، وهؤلاء الثلاثة هم واحد” (رسالة يوحنا الأولى 7: 5).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار