اللاهوت العقيدي

الباب الثاني عشر



الباب الثاني عشر

الباب
الثاني عشر

الطوائف
المختلفه وموقفها من سر التوبه والإعتراف

اولا:
الكاثوليك

خطأ
الكنيسة الكاثوليكية في تطبيق القوانين

ان
الكنيسة البابوية قد جنحت في تطبيق قوانين سر التوبة شأنها في كثير من مبادئها
وتعاليمها مناقضة بذلك نصوص الكتاب المقدس وتعاليم الكنيسة الجامعة الرسولية
وارشادات الآباء الرسل وخلفائهم القديسين اذ قررت وعلمت ان هذه القوانين التي تفرض
علي المعترف التائب هي بمثابة كفارة عن خطاياه وفاء لعدل الله وليست بمثابة علاجات
روحية وتأديبات كنسية الغرض منها اصلاح حال التائب وشفاء جراحاته وتهذيب اخلاقه
وتقويم نفوس الآخرين من المؤمنين0

 يتضح
بطلان مبدأ الكنيسة الكاثوليكية ومناقضته للتعليم الالهي ومخالفة آراء آباء
الكنيسة من القرار الذي وضعه (مجمع تريدنتي جلسة 14 فصل 8) وهذا نصه

“انها
تعتبر القوانين قصاصات حقيقية غايتها وفاء عدل الله” فتعتقد أن التائب يتكبد
تلك القصاصات لكي يفي عدل الله الذي أهانه بخطاياه”.

 

الكنيسة
الارثوذكسية ترفض هذا التعليم

غير
أن الكنيسة الجامعة الرسولية ترفض هذا التعليم وتعتبر القوانين بمثابة أدوية روحية
لشفاء امراض الخطايا ولا تسلم بانها قصاص لوفاء عدل الله والبراهين علي صحة هذه التعاليم
وخطأ الكنيسة البابوية كثيرة نذكر منها:

 

أولاُ:
تعاليم الكتاب المقدس

 تعاليم
الكتاب المقدس تعلن ان هذه القوانين تاديبات ابوية وعقاقير روحية حسب قول الرسول
بولس ” لأن الذي يحبه الرب يؤدبه ويجلد كل ابن يقبله ان كنتم تحتملون التأديب
يعاملكم الله كالبنين فاي ابن لا يؤدبه ابوه” (عب 12: 6 – 7) ” ولكن اذ
قد حكم علينا نؤدب من الرب لكي لا ندان مع العالم ” (1 كو 32: 11) ويتضح من
هذا البيان وبمقتضاه ان الرسول بولس قد أوقع الحكم علي الزاني من أهل كورنثوس
كتوبيخ حيث قال ” فأني أنا كائن بالجسد ولكن حاضر بالروح قد حكمت كأني حاضر
في الذي فعل هذا هكذا0 باسم ربنا يسوع المسيح ان يسلم مثل هذا للشيطان اذ أنتم
وروحي مجتمعون مع قوة ربنا يسوع المسيح ان يسلم مثل هذا للشيطان لهلاك الجسد لكي
تخلص الروح في يوم الرب يسوع ” (1 كو 5: 3 – 5) ولما تحقق الرسول ان هذا
التوبيخ قد أثمر حزناُ عميقاُ وندامة قلبية أمر برفع القصاص عنه حالاُ حيث قال
” حتي تكونوا بالعكس تسامحونه بالحري وتعزونه لئلا يُبتلع مثل هذا الحزن
المفرط ” (2 كو 7: 2) ” مؤدباُ بالوداعة المقاومين عسي أن يعطيهم الله
توبة لمعرفة الحق فيستفيقوا من فخ ابليس اذ قد اقتنصهم لارادته” (2 تي 25: 2
-26) هذا هو الغرض الاسمي من فرض التأديبات الكنسية علي المعترف بخطاياه وهي
بمثابة علاجات روحية لشفاء النفس من امراضها0

ان
الرسول بولس لما وضع هذا الحكم لم يقصد به ان ذلك المحكوم عليه يقوم به كفارة عن
خطاياه وفاء لعدل الله بل الغرض منه خلاصه ” لكي تخلص الروح في يوم الرب يسوع
” وقد أوقعه بحكمة وتؤدة وروية واحتراس تام وحنو أبوي لئلا يكون بالتشديد فيه
سبباُ لزيادة مرض الخاطيء عوضاُ عن الشفاء والخلاص فكتب الي الكورنثيين قائلاُ: ”
تسامحونه بالحري وتعزونه لئلا يبتلع مثل هذا من الحزن المفرط “

 

ثانياً:
تعاليم المجامع المسكونية والمكانية

وقوانين
اباء الكنيسة الاولين

 تعاليم
المجامع المسكونية والمكانية وقوانين اباء الكنيسة الاولين تبين بكل وضوح أن
قوانين التوبة لا تفرض علي المعترف كفارة لوفاء عدل الله من الخاطيء بل قصاصاُ
للتقويم وعلاجاُ روحياُ للشفاء حيث ورد في القانون الثاني عشر للمجمع الاول
المسكوني ما نصه ” يجب علي الذين نالوا من الله سلطان الحل والربط أن يفحصوا
ماهية الخطية واستعداد الخاطيء الي الرجوع وهكذا يقدمون علاجاُ ملائماُ للمرض حتي
لا يستعمل الافراط في كل من الامرين فيخيبون من تخليص المريض لان سقم الخطية ليس
بسيطاُ بل متنوعاُ وكثير الاشكال وله فروع كثيرة يمتد منها الشر امتداداُ عظيماُ
ويسري الي قدام حتي انه يقاوم قوة المعالج”

 

ثالثاُ:
اختلاف القوانين وامكانيه الحل من الخطايا

لو
كان وضع القوانين كفارة لوفاء عدل الله حسب تعليم الكنيسة الرومانية لما وضعوا
قصاصاُ أعظم أو اقل كما يقتضيه ثقل الخطية أو خفتها بحسب درجات الذنوب0 وبالتالي
لما أمكنهم التداخل في حل التائب أو رفع باقي القانون عنه وتقصير مدته لعدم
امكانهم معرفة استيفاء حقوق العدل الالهي ولعدم اعلان الله لهم ذلك0 غير أن الله
الذي جعل قصاص التوبة ليس وفاء لعدله بل بمثابة علاج للتائب خول للطبيب الروحي ذلك
الحق لانه مما عرفه من مرض النفس استطاع ان يصف لها عقاقير العلاج للشفاء كما أيد
ذلك القديس باسيليوس في القانون الثالث من قوانينه بقوله: ” يجب علي الذي
يتعاطي الطب الروحي ان يلاحظ أولاُ فكر الخاطيء وينظر هل هو مائل الي الصحة أو
بالعكس انه يدعو المرض الي نفسه بسؤ اخلاقه وان يلاحظ تصرفه وسلوكه ومدة معالجته
حتي اذا كان لا يقاوم الطبيب ويزيد قروح النفس بالعقاقير التي تعطي له يعامله
بالمعاملة التي يستحقها”0

 

رابعاُ:
حفظ التائبين من الوقوع في خطايا

 جديدة
وليس لوفاء العدل الالهي

أن
الغاية من وضع القوانين حسب تعاليم الآباء هي حفظ التائبين من الوقوع في خطايا
جديدة وليس لوفاء العدل الالهي كما قال القديس باسيليوس (في قوانينه 3): أن تمام
الكلام عند الله وعند من أؤتمن علي السياسة الرعوية هو أن يرد الخروف الضال ويشفيه
من الجرح الذي جرحه اياه الثعبان ولا يدفعه إلي هوة اليأس لئلا يهلك ولا يرخي له
العنان لئلا يزدري وتسترخي عيشته وعلي كل حال يجب علي الراعي أن يحارب المرض كيفما
كان بلا بد أما بالادوية الحارة والقابضة وأما بالمينة واللطيفة وان يجاهد في ختم
الفرح باختباره اثمار التوبة ومداراته بحكمة ذلك الإسان المعو الي الاستنارة
العلوية0

 

خامساُ:
عدم الأنتظار علي التائب لتتميم القانون

 لو
كانت الغاية من وضع القوانين وفاء عدل الله كما تعلم الكنيسة الكاثوليكية لكان يجب
علي المعترف لآن يتمم قانونه كله بلا نقص ولكننا نري الاباء لم ينتظروا علي التائب
الي نهاية قانونه بل عندما يرون اثمار التوبة مؤكدة يختصرون له القانون وهذا ما
نراه واضحاُفي القانون الرابع من قوانين القديس غريغوريوس النيسي حيث قال: “أما
الذين يندمون ندامة اكثر حرارة ويظهرون بسيرتهم رجوعاُ الي الصلاح فمسموح للمعلم
الروحي ان يختصر هذا الزمان ايضاُ ويمنحهم الشركة بسرعة اكثر بحسب ما يري ذلك
موافقاُ من اختباره حالة المتطبب0

(وفي
قانون 12 من المجمع الاول المسكوني وقانون 74 للقديس باسيليوس) ما يأتي: ولتقتصر
مدة القانون بحسب ما تقتضي مدة التوبة حتي تعوض السنوات التسع بثمان أو بسبع أو
بست أو بخمس فقط اذا كانت التوبة عظيمة تغلب الزمان وتجعل التائب في التقويم يسبق
الذين يطهرون انفسهم من الاوساخ بتهاون في مدة طويلة000 اعني انه ينبغي هنا أيضاُ
أن يفحص عزم التائب وميله وان لا يحافظ علي عدد السنين بالتدقيق متي كانت توبته
حقيقية بل يؤتي به بالطريق القصيرة الي رتبته في الكنيسة ليشترك بالصلاح أي
بالاسرار المقدسة0

 

سادساُ:
القوانين لم تفرض إلا علي أثقل الخطايا واكبرها

لو
كانت القوانين تفرض لوفاء عدل الله لكان يجب أن تفرض علي جميع الخطايا صغيرها
وكبيرها علي السواء لأن كل خطية هي مغاضبة لله وتعتبر مخالفة لشريعته المقدسة
ولكننا نري ان القوانين لم تفرض إلا علي أثقل الخطايا واكبرها ولذا ورد (في قانون
12 من قوانين المجمع الاول المسكوني) ما نصه: ” لما كانت الافعال المفعولة
خطأ من تلقاء التهيج كثيرة وكلها رديئة فقد رأي اباؤنا أن لا يدققوا في جميع
انواعها تدقيقاُ زائداُ ولا يعتبروا كل الزلات الحاصلة من الغيظ محتاجة الي علاج
علي ان الكتاب ينهي لا عن الضرب البسيط فقط بل عن كل خصام وتجديف أيضاُ وعن كل ما
ينجم عن الغيظ من أمثال ذلك لكن الاباء جعلوا التحفظ من خطية القتل وحدها
بالتأديبات”0

 

سابعاُ:
القوانين تلين عجرفة الخاطيء

وتحركه
ليشعر بزلاته ويعترف بها

أن
الغرض من قوانين سر التوبة بصفتها عقاقير روحية لشفاء النفس يمكنها أن تلين عجرفة
الخاطيء وتحركه الي أن يشعر بزلاته من أعماق قلبه ويعترف بها امام الله واب
اعترافه فتولد فيه كراهة الخطية وتشوقه الي الاصلاح والتقويم وتفسح مجالاُ
للتائبين لمباشرة جميع الفضائل التقوية والنيات المستقيمة فيحصلون علي تعزية ورجاء
حين توبتهم وهذا ما أوضحه القديس غريغوريوس النيسي (في ق 8) فقال: في كل نوع من
انواع الزلات يجب قبل كل شيء ان يلاحظ ماهو ميل التائب ولا يظن الزمان كافياُ
للشفاء (اذ اي شفاء يمكن ان يحصل من الزمان، بل النية الحسنة من الذي يعالج نفسه
بالتوبة).

 

ثامناُ:
أن القوانين تقوم برياضات روحية تقوية

أن
القوانين تقوم غالباُ برياضات روحية تقوية تساعد علي قلع الخطايا من الخاطيء الذي
بخضوعه للقانون وطاعته وصبره علي القيام به بطوية صالحة تعينه علي مقاومة الخطأ
واستئصل المرض القديم واقتناء عادات صالحة وخصال حميدة مثال ذلك ان يداوي الشره
المنغمس في اللذت بالامساك والصوم ومحب المال والمغتصب والسارق والطامع بالرحمة
وبتوزيع الصدقات وعلي المسرف والميال الي التمتعات العالمية بحضور الصلاة والعبادة
يومياُ وقراءة الكتب المقدسة باستمرا وممارسة الصلاة الانفرادية وهكذا يعالج كل
مرض روحي بضده مما يساعد علي الاقلاع عن العادات الذيمة والتحلي بالخصال الحميدة0

 

صكوك
الغفران

ابتدعت
الكنيسة الرومانية الكاثوليكية هذه البدعة في أواخر القرن الخامس عشر حيث شرع
سكمتينوس الرابع بابا روما أن يوزعها للصفح التام عما ارتكبه شعبه من الخطايا في
الماضي وما يرتكبه في المستقبل أيضا. للذين علي الأرض وللراقدين أيضا. ليعتقوا من
النار المطهرية (في المطهر).

وهذه
الصكوك (أو الاوراق) تشترى بالمال وحسب قولهم أن من يتلو صلاة صغيرة للقديس يوسف
يصير له غفران (300 يوم) ومن يتلو الوردية الباباوية يصير له غفران 100 سنة مقدما
ومن زار كنائس رهبنة القديس فرنسيس في اليوم الثاني في شهر آب يربح غفرانا كاملا
متعددا بعدد مرات دخوله فيها.

كما
يمنح صفح تام في يوم اليوبيل البابوي لكل الذين يمرون خلف البابا من الباب المقدس.
ولا يمكن مطلقا تصديق هذا الكلام إذا ليس له سند، لا من الكتاب المقدس ولا من
التقليد الكنسي ولا من المنطق أو العقل البشري. لأن غفران الخطيئة لا يمكن أن يكون
إلا بالتوبة و
الإعتراف والانسحاق
والتذلل علي اساس استحقاقات دم المسيح فقط. فكيف يمنح البابا الروماني سلطان
الغفران بدون توبة وانسحاق؟. وهل من العدل أن يغفر الله خطايا الاغنياء القادرين
علي شراء هذه الصكوك ويمسكها علي الفقراء؟!

في
خطأ الكاثوليك ببيع أوراق الغفرانات

ان
خطأ الكنيسة الكاثوليكية في اعتقادها بأن قوانين سر التوبة التي تفرض علي التائبين
هي وفاء لعدل الله وانها قصاصات غضب وليست علاجات رحمة كما تعلم الكنيسة الأرثوذكسيه
لم يكفها ذلك بل تطرفت ايضاُ وألحقته بخطأ آخر أشد منه خطأ وأخطر منه لمناقضته لحق
الله الموحي به ومغايرته لتعليم المجامع المسكونية والآباء القديسين واغراء
وتحريضاُ للمؤمنين علي ارتكاب الشرور واستمراء مرعي الفساد:

 

أولاُ

تقول
الكنيسه الكاثوليكيه ” أن الله في سر التوبة يصفح عن خطايا التائبين ويعتقهم
من العذاب الابدي الذي تستوجبه خطاياهم ولكنه لا يتركهم بدون قصاص وقتي لوفاء عدله
الالهي أما في الدنيا وأما بعد الموت في نار المطهر سواء فرض عليهم ذلك القصاص من
الكاهن قانوناُ لتوبتهم أو لم يفرض “.

 

وعند
مناقشة هذا الرأي يتضح الأتي:

 

(1)
الأدعاء بعدم كمال كفاره السيد المسيح

اذا
كانت القصاصات الوقتية واجب علي التائب المفروضه عليه القيام بها وفاءً لعدل الله
يقوم بها بنفسه الا ان الكنيسة الكاثوليكية اثبتت امكان عجزه عن هذا القيام بها
كلها أو بعضها لأي سبب0وفي هذه الحالة يعوض عنها من استحقاقات مخلصنا أو من فضائل
القديسين. لقد أصبح هذا الرأي منقوضاُ من أساسه مادام الخاطيء لا يتكبد في شخصه
مايفي به عدل الله وحقه ولا يتحمل القصاص أو يقوم به وفاء عن خطاياه. لقد اضافوا
علي حاجته لأستحقاق المخلص نقص هذا الاستحقاق وعدم كمال وكفاية كفارة يسوع المسيح
لوفاء العدل الالهي واعتبروه ناقصاُ فاشركوا معه فضائل القديسين لأنه ان كان وفاء
المسيح لحقوق العدل كاملاُ لا حاجة به الي فضائل القديسين وان كان هذا أو ذاك فلا
تكون قوانين التوبة قصاصاُ للوفاء بل علاجات روحية للشفاء ومن ثم يكون مبدأ بيع
أوراق الغفرانات مؤسساُ علي غرض فاسد0

 

(2)
تعليم مناف لقداسة الله ويعود بالضرور علي الخطاة

واذا
كانت القوانين هي تأديبات أبوية يقصد بها شفاء الامراض النفسانية فحينئذ يمكن
رفعها أو تخفيفها أو تعويضها بغيرها أشد مناسبة لحالة الخاطيء التائب فلا داعي
لاوراق الغفرانات وهذا ما جرت عليه الكنيسة في بدايتها الي اليوم وتستمر عليه الي
الابد كما يعلمنا الكتاب المقدس والمجامع المقدسة واقطاب وعلماء الكنيسة0 أما عتق
الخطاة من قصاصات خطاياهم بدون توبة ولا علاج ومع بقائهم علي حالتهم بواسطة أوراق
الغفرانات فهو تعليم مناف لقداسة الله ويعود بالضرور والوبال علي الخطاة انفسهم اذ
يرخي لهم العنان للاستمرار في الفساد ارتكاناُ علي سهولة الحصول علي الوفاء ولا
حاجة لهم الي اصلاح حال او تقويم0

 

(3)
الغقرانات عن المتوفين تعليم فاسد لم

 يبتدع
إلا للولوع بالربح القبيح

 

 لما
كانت قوانين التوبة علاجات روحية لشفاء نفوس الخطاة أصبحت فائدتها وفرصة استعمالها
محصورة في الحياة الدنيا فقط ولا يمتد وقت العلاج بها إلي مابعد القبر وهذا ما تعلمناه
اياه قوانين الآباء والمجامع “أن التائبين يرجعون ويصلحون بتأديبات كنائسية
لا تتجاوز الحياة الحاضرة ومن ثم فالذين نمنعهم عن المناولة الإلهية وقتاُ ما
ليقوموا فيه بتوبتهم نسمح لهم بأن يتنالوا الاسرار قبل تتميمهم وقت توبتهم اذا
اشرفوا علي الموت ولا يطلب منهم قصاصاُ بعده ” (مجمع انقرا قانون 9 و22 ومجمع
قيصرية قانون 2 والنيقاوي قانون 1 و13 وقرطاجنة قانون 7 وباسيليوس الكبير قانون 73
وغريغوريوس النيسي قانون 2) فيكون اعطاء اوراق الغقرانات عن المتوفين ليعتقوا بها
من نيران المطهر أمر عديم النفع وتعليم فاسد لم يبتدع إلا للولوع بالربح القبيح0

أن
الخاطيء يعتق من القصاصات التي تفرض عليه في هذه الحياة فقط حتي اذا خرج من هذا
العالم لا ينظر الي عتق أو قيام بوفاء لأنه قد أكمل د حقبل مبارحته العالم ولهذا
قال الرسول “اذ قد حكم علينا نؤدب من الرب لكي لا ندان مع العالم” (1 كو
32: 11)0

 

ثانياُ:

 

تقول
الكنيسه الكاثوليكيه: ” لما كان التائب عاجزاُ عن القيام بالاعمال التي يوفي
بها عدل الله اذ كثيراُ ما يهمل القصاصات الوقتية المفروضة عليه ويعرض عنها ولا
يتممها كلها أو بعضها وحينئذ ينبغي ان يعوض العدل الالهي عنها أو عما ينقص منها من
استحقاق يسوع المسيح الغير المحدود ومن فضائل القديسين التي تؤلف كنز الكنيسة “.

 

عند
مناقشه هذا الرأي يتضح:

 

(1)         
تعد غير مشروع خارج عن الشريعة

من
الحقائق المقررة شرعاُ أن استحقاق مخلصنا يسوع المسيح هو غير محدود وانه الكنز
الوحيد المملوء من نعمة التبرير لخلاص الخطاة غير ان هذه النعمة التي تفيض علي
الدوام تبريراُ وخلاصاُ لا ينالها المؤمن وتوهب له إلا تحت شروط يتحتم القيام بها
وهي الايمان والتوبة الحقيقة المثمرة اعمالاُ صالحة او العزم الوطيد علي اصلاح
السيرة وعلي العيشة بالبر والقداسة وفقاُ للتعليم القويم في سر التوبة0

أما
منح هذه الاستحقاقات قبل أن يتمم المؤمن شروط التوبة المذكورة وعتقه من القصاصات
التي وضعت عليه بموجب قانون عدل الله بسبب خطاياه واعطاؤه اوراق غفران عنها هو تعد
غير مشروع خارج عن الشريعة.

 

(2)         
فضائل القديسين لا تزيد عن الواجب عليهم

ولا
تفضل عنهم حتي يوزعوها علي غيرهم

 ان
فضائل القديسين مهما كانت عظيمة لا تزيد عن الواجب عليهم ولا تفضل عنهم حتي
يوزعوها علي غيرهم ويمنحوها لسواهم لينالوا بها نعمة التبرير من قصاص العدل الالهي
ويوفوا له من فضائل غيرهم عما هم مطابون به شخصياُ0

 

أولاُ:
فضائل القديسين ليست كامله بذاتها

لأن
فضائل القديسين ليست كاملة بذاتها بل بقوة النعمة الالهية ” لانكم بالنعمة
مخلصون بالايمان0 وذلك ليس منكم هو عطية الله” (اف 8: 2) ومع ذلك يكافا
المؤمن لأجلها امام منبر العدل الالهي باستحقاق المخلص فقط0

 

ثانياُ:
الشريعه واسعه النطاق مهما قام

المؤمن
بطاعتها لا يمكنه اتمامها كلها

ان
الشريعة واسعة النطاق كثيرة المطالب كما اعلن ذلك داود النبي قائلاُ ” لكل
كمال رأيت حداُ أما وصيتك فواسعة جداُ” (مز 96: 119)0

لذلك
مهما قام المؤمن بطاعته لها لا يمكنه اتمامها كلها فكم بالحري الاستحالة عن أن
يزيد عليها ولا يمكنه أن يصل إلي الكمال المطلوب في هذه الشريعة ” كونوا أنتم
كاملين كما أن اباكم الذي في السموات هو كامل ” (مت 48: 5)0

وهذا
الكمال هو الغاية العظمي التي دُعي اليها الإنسان ويجب أن يسعي اليها دائماُ ومهما
جاهد في سبيل الوصول اليها لا يصل الي نهايتها حسب شهادة القديس الرسول بولس
” ليس اني قد نلت أو صرت كاملاُ ولكن اسعي لعلي ادرك الذي لأجله ادركني ايضاُ
المسيح يسوع” (في 12: 3) فالذي يعمل عملاُ ممتازاُ من اعمال الفضيلة والبر
انما يصل به الي درجة ممتازة ولكنها ليست درجة الكمال المقرر شرعاُ0

 

ثالثاُ:
درجات المكافأة والثواب مختلفة

ومتنوعة
بقدر اختلاف مجهودات المؤمنين

يتضح
من قول السيد ” في بيت أبي منازل كثيرة ” (يو 2: 14) وقول القديس الرسول
بولس ” لأن نجماُ يمتاز عن نجم في المجد ” (1 كو 41: 15) ان درجات
المكافأة والثواب مختلفة ومتنوعة بقدر اختلاف مجهودات المؤمنين وتباين مساعيهم في
طريق الفضيلة في هذه الحياة الدنيا ولذلك مهما كانت أعمال المؤمن وفضائله علي
الأرض فأنه يكافأ عليها ولا تزيد عنه حتي يمنحها لغيره أو ينتفع بها سواه كأنها
غير نافعة له ومع ذلك فأن الله يجازي الإنسان حسب اعماله وليس حسب اعمال غيره فإن
أمكن لشخص ان تزيد فضائله وهذا محال عن حاجة نفسه وأمكنه أن يهبها لآخر وهذا محال
أيضاُ يكون الواهب قد خسر ما وهب والموهب اليه لم ينتفع بما وهب له0

 

رابعاُ:
الله لا يريد هلاك الخطاة وأنه يشفق عليهم دائماُ

نتعلم
من الكتاب المقدس ان الله لا يريد هلاك الخطاة وأنه يشفق عليهم دائماُ ويطلب
توبتهم ورجوعهم ومن اجل محبته لقديسيه يسمع صلواتهم ويقبلها شفاعة في الخطاة وهذا
ما يتسعطف اشفاق الله عليهم ويرحمهم لأجله وليس بفضائلهم الزائدة عنهم أو باوراق
غفرانات تمنح لهم كما يزعم الكاثوليك.

 

ضلالات
ومخالفت لكل عدل

 اليك
ما زادوا به ضلالتهم ومخالفاتهم لكل عدل نذكر منه جزءاُ طفيفاُ

 

(1)ارباح
زيارة كنائس رهبنة القديس فرنسيس

في
اليوم الثاني من شهر آب!

 

سؤال
اجابت عنه الجمعيه المقدسه: ما القول في زيارة كنائس رهبنة القديس مار فرنسيس في
اليوم الثاني من شهر آب؟! هل يربح زائرها في هذا اليوم غفراناُ كاملاُ متعدداُ
بحسب تعدد دخوله الكنيسة حيث يصلي فيها ولو قليلاٌ؟

فاجابت
الجمعية المقدسة بالايجاب في 22 شباط سنة 1874 (صحيفة 49: 1 عد 1091) من كتاب
مختصر اللاهوت الادبي جزء ثاني صحيفة 1005)0

 

(2)
غفران اربعون يوما أو سنه واحده في يوم تكريس كنيسه

أن
للاساقفة منح الغفرانات لرعاياهم بناء علي رسم الناموس العام ولكن بحسب ترتيب
المجمع اللاتراني الرابع قانون 62 قد حصر سلطانهم بحيث لم يبق لهم حق مألوف ان
يمنحوا سوي غفران اربعين يوماُ وأما يوم يكرسون كنيسة فيمنحون غفران سنة واحدة0

 

(3)
غفران مائة يوم أو مائتين أو ثلاثة مائة بل أقل من سنه

 يسوغ
للكرادلة منح غفران مائة يوم من الكنائس التي أضيفت الي مراتبهم وأما مبعوثوا
البابا أي سفراؤه فلهم ان يمنحوا مرؤوسهم غفران مائة يوم أو مائتين أو ثلاثة مائة
بل أقل من سنة0

 

(4)
غفرانات شهر قلب يسوع

غفرانات
ممنوحة من لاون ال 13 في 30 مايو سنة 1902 ينال غفران سبع سنوات وسبع اربعينيات
وغفراناُ كاملاُ من يحضر شهر قلب يسوع علي الاقل عشر مرات في كنيسة أو بيت ويزور
كنيسة أو معبداُ عمومياُ في يونيو أو في الاسبوع الاول من يوليو0

غفرانات
ممنوحة من بيوس العاشر في 8 أغسطس سنة 1906 و26 يناير سنة 1908، ينال غفراناُ
كاملاُ من يزور الكنائس التي يحتفل فيها بشهر قلب يسوع وذلك في آخر أحد من يونيو0

كل
محرض لاقامة مثل هذه الاحتفالات ينال

أولاُ:
غفران 500 يوم لاجل كل عمل صالح مآله انتشارها أو اتقانها0

ثانيا:
يربح غفراناُ كاملاُ كل مرة يتناول القربان المقدس في شهر يونيو.

 

(5)
يمكنك ان تحول من رصيد غفراناتك زكاه لغيرك

قد
حكم البابا ليون الرابع والبابا باسكال 2 بمنح غفران كامل لتسع سنين في كل درجة من
درجات السلم المعبود وعدها 28 درجة لكل من يصعد عليها جاثياُ غفران كامل لمدة 252
سنة فاذا لم يكن هو نفسه محتاجاُ الي غفران هذا مقداره فيمكنه ان يحول ما زاد منه
الي حساب او دين نفس اخري في المطهر يريد خلاصها بالزكاة وبذا حكم البابا بيوس
السابع سنة 1817م0

فهل
مثل هؤلاء في حاجة إلي توبة إتماماُ لقوله ” توبوا وارجعوا لتمحي خطاياكم ”

 

ثالثاُ

تقول
الكنيسه الكاثوليكيه: أن الحق في عمل التعويض من استحقاق يسوع المسيح ومن فضائل
القديسين لوفاء العدل الالهي وعتق الخطاة احياء كانوا ام أموات من القصاصات
الوقتية اي الحق في اعطاء الغفرن هو مختص بالكنيسة.

 

و
عن مناقشه هذا الراي نقول: ان هذا الرأي يعني ان للكنيسة الكاثوليكيه الحق في اعطاء
الغفران للمؤمنين في الدنيا والآخرة لتساعدهم في وفاء عدل الله. ونحن نترك للكنيسه
الكاثوليكيه تفعل ما تشاء وهنيئاُ لهم بهذه المساعدة الزائفه. أما نحن فنقرع باب
الرحمة الالهية فقط بملء الرجاء طالبين مغفرة خطايانا0

 

ثانيا:
موقف البروتستانت من سر التوبه والإعتراف

لا
يسع البروتستانت انكار سلطان الحل والربط (مت 16: 16 و18: 18) أو غفران الخطايا
ومسكها (يو23: 20) المسلم من السيد المسيح له المجد الي رسله القديسين لأنه قد
وردت عنه نصوص صريحة في الانجيل المقدس الذي يقولون انه شعارهم وقانون ايمانهم
ويلقبون به0

غير
انهم مع اعترافهم بوجود هذه النصوص ومعرفتهم أياها حاولوا وجاهدوا كثيراُ في
تفسيرها علي غير مجراها الحقيقي حتي يبرروا بذلك غايتهم من كراهة الكنيسة الكاثوليكية
وبيعها أوراق الغفرانات ولكنهم لم ينصفوا أنفسهم ولم ينصفوا الأبرياء من هذه
المباديء المغايرة فضلا عن ركوبهم متن الشطط في التفسير وارتكابهم جريرة الانتقام
من اخوتهم بانكارهم عليهم ما تسلموه امانة غالية من السيد المسيح واحتفظوا به الي
اليوم0 واعتبروه في نظرهم انه من اختراعات البشر مع أن زعماء مذهبهم مثل لوثر
وكلفينوس قبلاُ سر التوبة أسوة بالمعمودية والعشاء الرباني في مقدمة العقائد التي
اقاموا عليها مباديء عقيدتهم0

ومع
أنهم يعترفون بوجود تسليم سر التوبة في الآيات المذكورة إلا أنهم يحاولون التخلص
والهروب من مسؤولية عدم استعماله والرضوخ له بتقديم بعض اعتذارات او اعتراضات
زعموا ان لها من القوة ما يبرر مخالفتهم لهذه النصوص المقدسة ولذلك يقولون

 

اعتراض
(1): يقولون ان سلطان الحل والربط أو غفران الخطايا ومسكها كان قاصرا علي جيل رسل
السيد المسيح0

 

يقول
البروتستانت: أن كنا لا ننكر أن السيد المسيح سلم رسله سلطان الحل والربط أو غفران
الخطايا ومسكها0 إلا أننا نقول ان ذلك التسليم وحق استعماله كان محصوراُ في جيلهم
فقط كامتياز خاص وبعد موتهم بطل مفعوله.

 

التعليق:
ماداموا يقرون أن السيد المسيح أعطي للرسل سلطان حل الخطايا وربطها أو غفرانها ومسكها
ويقولون ان ذلك كان محصوراُ في جيلهم فقط فيلزمهم أن يقرروا واحد من ثلاث.

أولاُ:
أما أن يكون اهل الجيل الرسولي هم خطاة دون بقية الناس.

ثانياُ:
أما أن يكون السيد له المجد حصر الحل والمغفرة في الجيل الرسولي وحرم منها بقية
الاجيال مع احاطتها بالخطية وحاجتهم الشديدة الي غفرانها.

ثالثاُ:
وأما أن يكون هذا السلطان معطي للرسل ولخلفائهم من بعدهم في جميع اجيال الكنيسة
الي منتهي الدهر لأن اناس هذه الاجيال جميعهم محاطين بالخطية.

 

أولاُ:
هل كان اهل الجيل الرسولي خطاة دون بقية

الناس
وكانوا في حاجة الي الغفران والحل ولذلك

حصر
المسيح هذا السلطان في زمانهم

 

هل
كان اهل الجيل الرسولي خطاة دون بقية الناس وكانوا في حاجة الي الغفران والحل
ولذلك حصر المسيح هذا السلطان في زمانهم وجعله قاصراُ عليه دون بقية الازمنة وهذا
محال ولا يمكنهم القول به لانه مخالف لتعليم الكتاب المقدس الذي ينادون بتعاليمه
لأن المسيح صرح لتلاميذه قائلاُ: ها أنا معكم كل الايام الي انقضاء الدهر”
(مت 20: 28) والرسل لم يعيشوا في الارض الي انقضاء الدهر فيكون هذا الوعد لهم
ولخلفائهم في جميع اجيال الكنيسة وتمتد بركات مواعيده لشعبه التي وعد الرسل بها
الي سائر الاجيال القادمة حسب قول القديس الرسول بولس ” وهو أعطي البعض أن
يكون رسلاُ والبعض انبياء والبعض مبشرين والبعض رعاة ومعلمين لاجل تكميل القديسين
لعمل الخدمة لبنيان جسد المسيح الي ان ننتهي جميعاُ الي وحدانية الايمان ومعرفة
ابن الله الي انسان كامل الي قياس قامة ملْ المسيح” (اف 11: 4 – 13) وبما أن
هذه العطية الرسولية لم تنحصر في جيلهم بل توارثها الخلف عنهم في جميع الاجيال ولا
تزال كذلك الي ان ننته الي وحدانية الايمان وتكميل القدسين0

كذلك
الخطية ايضاُ التي من اجلها أعطي هذا السلطان فانها محيطة بالبشر في جميع اجيالهم
كطبيعة المرض للاجساد وملازمته لها وقد عبر الرسول بولس عن حالة الطبيعة البشرية
وملازمة الخطية لها في جميع الاجيال بقوله ” فاننا نعلم أن الناموس روحي واما
أنا فجسدي مبيع تحت الخطية لأني لست أعرف ما أنا أفعله اذ لست افعل ما اريده بل ما
أرفضه فاياه افعل فالآن لست بعد أفعل ذلك بل الخطية الساكنة في لأني لست افعل
الصالح الذي اريده بل الشر الذي لست اريده فاياه افعل فأن كنت ما لست اريده اياه
افعل فلست بعد افعله انا بل الخطية الساكنة في0 ويحي أنا الإنسان الشقي من ينقذني
من جسد هذا الموت” (رو 7: 14 – 24).

اذن
مادامت الخطية محيطة بالبشر في جميع اجيالهم يكون محالاُ حصر هذا السلطان في الجيل
الرسولي فقط وجعله وقفاُعليه دون سواه0

 

ثانياُ:
هل حصرالسيد المسيح له المجد الحل والمغفرة

في
الجيل الرسولي وحرم منها بقية الاجيال مع

احاطتها
بالخطية وحاجتهم الشديدة الي غفرانها؟

 

هل
حصرالسيد له المجد الحل والمغفرة في الجيل الرسولي وحرم منها بقية الاجيال مع
احاطتها بالخطية وحاجتهم الشديدة الي غفرانها وهذا محال أيضاُ لأن القول به يناقض
مشيئة الله ومحبته لخلاص جميع الناس حسب تصريحه تعالي “حي انا يقول السيد
الرب أني لا اسر بموت الشرير بل بان يرجع الشرير عن طريقه ويحيا0 ارجعوا ارجعوا عن
طرقكم الرديئة فلماذا تموتون يا بيت اسرائيل” (حز 11: 33) “ليترك الشرير
طريقه ورجل الاثم افكاره وليتب الي الرب فيرحمه واليالهنا لأنه يكثر الغفران”
(إش 7: 55) ” لأن هذا حسن ومقبول لدي مخلصنا الله الذي يريد أ جميع الناس
يخلصون وإلي معرفة الحق يقبلون” (1 تي 2: 3 – 4) ومادام الكتاب المقدس يعلن
لنا محبة الله للخطاة وانه يريد خلاصهم ويفرح بتوبتهم ورجوعهم يكون القول بحصر
سلطان حل خطاياهم وغفرانها علي الجيل الرسولي فقط مجاهرة بمقاومة مشيئة الله
ومناوأة ارادته الصالحة وانكار محبته للخطاة في جميع الاجيال وينطبق عليه القول
“من لا يجمع معي فهو يفرق” (مت 3: 12) واخواننا البروتستانت لا يرغبون
طبعاُ في تطبيق هذا القول عليهم0

 

ثالثاُ:
البشر في جميع الأجيال محاطين بالخطية علي

السواء
وفي حاجة ماسة الي غفرانها اتماماُ لمشيئة الله

 لابد
أن يكون هذا السلطان معطي للرسل ولخلفائهم من بعدهم في جميع اجيال الكنيسة الي
منتهي الدهر لأن اناس هذه الاجيال جميعهم محاطين بالخطية علي السواء وفي حاجة ماسة
الي غفرانها اتماماُ لمشيئة الله ووفقاُ لمحبته له المجد في توبة الخطاة ورجوعهم
اليه وهو ما نقول به ولا نخالفه لأننا تسلمناه هكذا وننادي بصحته المقدسة ونتحذر
من اتباع من يخالفه اطاعة للقول ” ولكن ان بشرناكم نحن أو ملاك من السماء
بغير ما بشرناكم فليكن محروماُ” (غل 8: 1)

 

اعتراض
(2): ايقولون ان التوبة تقدم لله كذلك يجب

 أن
يكون الإعتراف لله وحده

 يقول
البروتستانت كما أن التوبة تقدم لله كذلك يجب أن يكون الإعتراف لله وحده وليس لبشر
مثل الرعاة أو الآباء.

 

التعليق:
اما اعتراضهم بأنه مادامت التوبة تقدم له كذلك يجب ان يكون الإعتراف لله وحده
فنقول لهم عنه انهم مادموا معترفين بأن السيد المسيح أعطي رسله الاطهار سلطان الحل
والربط وظهر لنا ان هذا السلطان لم يكن محصوراُ في الجيل الرسولي بل متواتراُ في
جميع الاجيال كما تقتضيه محبة الله للخطاة ورغبته في خلاصهم0وبالتالي بما أنه لم
يجعلهم الهة يعلمون الغيب ويحيطون بمكنونات الصدور أصبح من الضرور لكي يباشروا
سلطان الحل والربط أو المغفرة والمسك ان يسمعوا اعترافات الخطاة بخطاياهم كما أن
من الزم واجبات الخطاة التائبين والراغبين نوال الصفح عن معاصيهم الاقرار بذنوبهم
والإعتراف بها أمام خلفاء رسل المسيح ووكلاء اسراره حتي يقوم اتمام سر التوبة علي
اكمل نواحيه واقدس وجوهه وبذلك تتم الغاية المقصودة من وضعه وهذا وجدناه كما اشرنا
مباشراُ في كرازة يوحنا المعمدان ” اعتمدوا منه في نهر الاردن معترفين
بخطاياهم” (مت 6: 3) وفعله الخطاة التائبين في الجيل الرسولي ” وكان
كثيرين من الذين آمنوا يأتون مقرين ومخبرين بافعالهم” (أع 18: 19) فالإعتراف
نتيجة طبيعية تستلزمها وظيفة الكاهن المنوط به حل الخطايا وربطها في سر التوبة
بموجب السلطان المعطي له0 اذ من المقرر الثابت ان الإنسان لا يصح له الحكم علي
الشيء قبل تصوره أو معرفته بما أن الخطايا غالباُ تكون مجهولة وترتكب سراُ لا
جهراُ وفي الخفاء لا في العلانية0 وإلا كيف يمكنه التصرف في ما يجهله وفي ما لا
يعرفه0

 

اعتراض
(3): يقولون ان جاز الإعتراف علي البشر

فيكون
متبادلاُ بين الاخ واخيه

يقول
البروتستانت أن جاز الإعتراف علي البشر فيكون متبادلاُ بين الاخ واخيه فقط وليس
فئة مخصوصة المعروفة بالرعاة.

التعليق:
أولاً: أن هذا الاعتراض مناقض لتعليم السيد المسيح الذي ميز تلاميذه فقط بسلطان
الحل والربط مع وجود كثيرين من المؤمنين الاتقياء وقت هذا التسليم وثبت لنا أن هذا
السطان لا يؤدي علي وجهه الاتم إلا باعتراف الخطاة امامهم فالقول بان الإعتراف
يكون من الاخ الي اخيه موجب لبطلان الغفران الذي يحتاجه المعترف ولا يناله إلا من
افواه خلفاء الرسل الذين هم الكهنة والرعاة الشرعيين0

ثانياً:
من قول القديس يعقوب الرسول ” اعترفوا بعضكم لبعض بالزلات” (يع 16: 5)
لأن هذا القول أعقب صدور الأمر للمريض بأن يدعو قسوس الكنيسة ليدهنوه بزيت ويصلوا عليه
باسم الرب0 وبينما يكون المريض في حضرة القسوس صدر اليه الأمر بالإعتراف ومهما
حاول المعترض ان يراوغ في انكاره فالبرهان قائم علي صحته واثباته0

ثالثاُ:
سبق ان اشرنا الي ان القديس اغسطسنوس قد فسر هذا القول” اعترفوا بعضكم لبعض
بالزلات ” بما يأتي: ليس المقصود منه ان يعترف الكهنة للعلمانيين كما يعترف
هؤلاء لهم فان هذه الجملة لا توجب دائماُ حصول المشاركة بين كل من الطرفين اي لا
يلزم منها اعتراف الكهنة للشعب واعتراف الشعب للكهنة بل هي علي حد قولك علموا
بعضكم بعضاُ وعالجوا أحدكم اخاه وليسعف الواحد منكم صاحبه بمعني ان المعلم يعلم الطالب
والطبيب يعالج المريض والقوي يأخذ بناصر الضعيف وقس علي هذا قول الرسول اعترفوا
بعضكم لبعض أي فليعترف يعضكم علي البعض الذين اعطوا سلطاناُ أن يغفروا ويمسكوا
الخطايا: والقديس اغسطينوس صاحب هذا التفسير هو من آباء الجيل الرابع (354 – 430م)
وكان قبل ظهور البروتستانت بأثني عشر جيلاُ فيكون تفسيره ليس رداُ علي اعتراض بل
أثباتاُ لحقيقة كانت عامة ومجمعاُ بصحتها.

 

في
استعمال البروتستانت سلطان الحل

والربط
واقرارهم بوجوب الإعتراف

 

لا
يعدم الحق انصاراُ حتي من نفس اعدائه كما ان الله لم يترك نفسه بلا شاهد في كل
الاجيال ولذلك فالحقائق الالهية المعلنة في كتاب الله المقدس مهما حاول ذوو
الاغراض انكارها وسدلوا عليها ستار التمويه عنوة فانها لابد ان يشع نورها ويظهر
ضياؤها مخترقاُ تلك الحجب رغم مقاصدهم ويسطرون بأيديهم تلك الحقائق شهادة بصدقها
وعصمة تنزيلها رغم انكارهم اياها عملاُ وقولاُ واليك ما دونه زعماء البروتستانت
واقطابهم عن حقيقة الإعتراف علي الكهنة واقرارهم بسلطان الحل والربط الذي ينكرونه0

 

(1)
قال لوثر مؤسس المذهب البروتستانتي (في كتابه سبي بابل في التوبة) أن الإعتراف
السري كما يصنع يعجبني كثيراُ وهو نافع بل لازم0 وقال ان الإعتراف جلاء الضمائر0

وشهد
كلفينوس نفسه بوجوب الإعتراف (في الرسومات ك 3 رأس 3) بقوله من كان ضميره معرقلاُ
في شيء جني من الإعتراف احسن ثمرة.

 

(2)
في قانون الايمان الذي سنوه في اوغسطا قالوا ” ان الإعتراف في الكنائس لم
يبطل عندنا “0

(3) وجاء في كتاب نظام
التعليم (ص 117) مانصه: ” الانجيليون يقبلون الحل الكهنوتي بمثابة تصريح
قانوني للتائبين0 وان الكنائس اللوثرية والاسقفية تستحسن الإعتراف السري للراعي في
بعض الاحوال0

 

وقد
اثبت موسيهم المؤرخ البروتستانتي في تاريخه (قرن ا ف قسم 4) ” أن المسيحيين الاولين
لما مرضوا مرضاُ مخطراُ كانوا يدعون شيوخ الكنيسة (أي القسوس والاساقفة ” (1 بط
1: 5) حسب قول يعقوب الرسول (يع 5: 14 – 15) وبعد أن يعترف المريض بخطاياه يستودعه
الشيوخ لله بالتضرعات الخشوعية ويدهنونه بزيت “0

 

وجاء
في كتاب الصلاة العامة للكنيسة الاسقفية ما نصه: ” وهنا يحث القس المريض علي
الاقرار بخطاياه وبعد الاقرار يحله القس علي هذا الوجه (ربنا يسوع المسيح الذي ترك
لكنيسته سلطاناُ علي أن يحلوا جميع التائبين المؤمنين به حقاُ ليغفر لك خطاياك
برحمته العظيمة0 وأنا بسلطانه الذي فوض الي احلك من جميع خطاياك باسم الاب والابن
والروح القدس امين) {صحيفة 279). فهل بعد ذلك من ينكر علي الكنيسة الجامعة
الرسولية هذا الحق المخول لها من الله رأساُ0

 

(3)
جاء في تفسير الانجيل للبروتستانت في (2 كو 7: 8 – 9) ما يأتي: ” لم يكف ان
نعلن عموماُ شر الخطية التي ورثناها من آدم واشترك فيها كل جنس البشري بل يجب فوق
ذلك ان نذكر الخطايا الخاصة التي أرتكبها المخاطب وكيف يكرهها الله ويعاقب عليها
لان الإعتراف بخطية آدم وخطايا كل نسله ليس بالتوبة الكاملة الواجب علي كل
خاطيء0ويعسر التمييز بين الذنوب والخطايا وهما يعمان التعدي وعدم الامتثال والاثام
الباطنة والظاهرة واثام العمد والسهو والاعمال الشريرة والمباديء الفاسدة التي ادت
الي تلك الاعمال0وان المقصود من التأديب الكنائسي هو نفع الكنيسة كلها حفظاُ
لطهارتها وصيتها لا مجرد اثبات خطية هذا وبر ذاك0

 

ان
البروتستانت مهما انكروا الإعتراف موضوعاُ ولكنهم يتمموه شكلاُ فهم يقاصون الاثمة
ويوقعون عليهم التأديبات اللازمة عندما يخطئون أما بالفرز من الجماعة أو بالمنع من
العشاء الرباني علناً ثم يعطونهم الحل الكهنوتي متي اظهروا اثماراُ تليق بالتوبة
(تفسيرهم علي 1 كو 5: 1 -6 ص 54 و55)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار