كتب

إنجيل برنابا



إنجيل برنابا

إنجيل
برنابا

 

تمهيد

1-
لأن هذا الإنجيل ينكر لاهوت المسيح

2
– لأن هذا الإنجيل ينكرأن المسيح هو ابن الله

3-
لأن هذا الإنجيل يعلن أن يسوع هو نبي فقط ومرسل لبني إسرائيل

4-
لأن هذا الإنجيل ينكر صلب المسيح ويؤيد نظرية إلقاء شبهه على يهوذا

5-
لأن هذا الإنجيل يبشر بمجيء محمد

تاريخ
كتابة إنجيل برنابا

من
الناحية الإسلامية

عدم
كتابة إنجيل برنابا بالوحي الإِلهي

أولاً
– في إنجيل برنابا تجاديف

ثانياً
– فيه أكاذيب

 أ
– الأكاذيب العامة

 ب
– الأكاذيب الناتجة عن عدم الإلمام التام بالتوراة

ثالثاً
– فيه خرافات

رابعاً
– فيه مبالغات

خامساً
– فيه متناقضات

سادسا
– ادعاؤه بتحريف التوراة والإنجيل وإبطالهما

سابعا
– خلطه بين موضوعات الإنجيل

 

إنجيل
برنابا

تمهيد

لم
يكن برنابا الوارد ذكره في الكتاب المقدس واحداً من تلاميذ المسيح، كما أنه لم يكن
من سكان فلسطين الذين شاهدوا أعمال المسيح وسمعوا تعاليمه، بل كان يهودياً من سكان
جزيرة قبرص. ولما سمع الإنجيل بعد صعود المسيح إلى السماء بتسع سنوات تقريباً، آمن
به مثل غيره من اليهود (أعمال 4: 36 و37). فلو فرضنا جدلاً أنه هو الذي كتب
الإنجيل الذي ينسبونه إليه، لما جاز لأحدٍ أن يصدقه، لأن الشرط الأساسي في صدق
الإنجيل أن يكون كاتبه واحداً من تلاميذ المسيح، أو رفيقاً له شاهد بنفسه كل
أعماله.

 


يتكون هذا الإنجيل من 222 إصحاحا بينما لا يزيد إنجيل متى عن 28 إصحاحاً.

 


يذكر الكاتب في المقدمة أن السبب الذي من أجله يكتب هذا الإنجيل أن بعض الناس
ومنهم بولس ضلوا بادعائهم أن يسوع هو ابن الله، وأن الختان غير ضروري ثم ينسى ما
كتبه في المقدمة ويكتب في الإصحاح قبل الأخير (221: 1-2) ” والتفت يسوع إلى
الذي يكتب، وقال: يا برنابا عليك أن تكتب إنجيلي حتماً وما حدث في شأني مدة وجودي
في العالم وأكتب أيضاً ما حل بيهوذا ليزول انخداع المؤمنين ويصدق كل أحد
الحق”

 

أما
الكتاب المسمى الآن إنجيل برنابا والذي ترجمه إلى العربية السيد خليل سعادة، ونشره
في مصر السيد محمد رشيد رضا، فليست لكاتبه علاقة ببرنابا الذي ذكرناه. ومع أن
الكاتب يقول إنه كان أقرب الرسل إلى المسيح وأحبّهم إليه، غير أنه ليس هناك شخص
مسيحي يصدقه أو يقبل كتابه، لأسباب متعددة سنأتي على ذكرها.

لكن
الذين يقبلونه، هم فقط فريق من إخواننا المسلمين الذين لم يدرسوا محتوياته دراسة
دقيقة، ولكنهم يقبلونه لعدة أسباب و هي:

 

1-
لأن هذا الإنجيل ينكر لاهوت المسيح

لقد
أنكر كاتب إنجيل برنابا بإصرار أن المسيح هو الله، و تكرر هذا القول كثيراً عند
ذكر معجزات المسيح ليظهر أن المسيح عمل هذه المعجزات بإذن الله وليس بقوته الذاتية
(برنابا 11: 5،19: 1 -19)، وأعلن براهين عدم ألوهية المسيح من خلال عدم مقدرته على
خلق ذبابة (برنابا 128: 6-9)، ومن خلال عدم مقدرته على غفران الخطايا (برنابا 71:
1-6)

 

2
– لأن هذا الإنجيل ينكرأن المسيح هو ابن الله

بدأ
كتاب إنجيل برنابا في مقدمته بأن دعوى أن المسيح هو ابن الله تعليم شديد الكفر،
وأعلن أنه ملعون كل من يقول أنه ابن الله (53: 34-35) وانتهر المسيح بطرس عندما قال
عنه” إنه ابن الله ” (برنابا70: 7)

وحتى
يوم الدينونة سوف ينكر المسيح أنه ابن الله (55: 32) ويلعن المسيح كل من يقول أنه
ابن الله (برنابا 212: 5-6)

 

3-
لأن هذا الإنجيل يعلن أن يسوع هو نبي فقط ومرسل لبني إسرائيل

لقد
حرص كتاب إنجيل برنابا أن يوضح هذا الادعاء في بداية كتابه، فقد جاء هذا على لسان
الملاك جبرائيل للعذراء مريم في بشارته لها بميلاد المسيح (برنابا 1: 4)، وأيضاً
في أخباره بذلك ليوسف (برنابا 2: 10)، وفي بشارته للرعاة (برنابا 4: 6) وجاء هذا
القول مرات عديدة على لسان المسيح نفسه (10: 6، 11: 10، 14: 2، 26: 14، 47: 19،
71: 1-6، 82: 16، 83: 18-22، 96: 8، 112: 6، 126: 6، 156: 31، 157: 3 …. الخ)

 

4-
لأن هذا الإنجيل ينكر صلب المسيح ويؤيد نظرية إلقاء شبهه على يهوذا

كان
إنجيل برنابا أول كتاب يتحدث عن إلقاء شبه المسيح على يهوذا (برنابا 112، 139:
4-9) والإصحاحات 215-221 تتحدث عن هذا الموضوع بالتفصيل.

 

5-
لأن هذا الإنجيل يبشر بمجيء محمد

جاءت
البشارة بمحمد في إنجيل برنابا مرات عديدة، وقد بدأها الكاتب عندما ُطرد آدم من
الفردوس ورأى على باب الفردوس مكتوباً لا إله إلا الله محمد رسول الله (39: 14-28،
41: 25-30) ثم تحدث عن أن العهد هو بإسماعيل (برنابا 44: 1-11)، وأن المسيا هو من
نسل إسماعيل (191: 3-10) ويقوم يسوع بدور يوحنا المعمدان في إعداد الطريق للمسيا
(42: 10-13، 72: 10-72) ثم يخبر يسوع بكل وضوح أنه ليس هو المسيا المنتظر ويخبر عن
مجيء المسيا (82: 5-17، 96: 1-14، 159: 1-5، 163: 3-11، 167: 8-9، 192:
4-5….الخ).

 

تاريخ
كتابة إنجيل برنابا

 من
الناحية الإسلامية:

أ
– لو فرضنا أن هذا الإنجيل كان هو إنجيل المسيحيين في أول الأمر، أو بالحري قبل
ظهور الإسلام، لما أشار القرآن إلى وجود اختلاف بينه وبين إنجيلهم، كما جاء في
العنكبوت 29: 46. ولما أشار أيضاً إلى وجود القسوس لدى المسيحيين، كما جاء في
المائدة 5: 80 لأن إنجيل برنابا لم يورد أي كلمة عن هؤلاء. ولو فرضنا أن إنجيل
برنابا المذكور كان موجوداً مع إنجيل المسيحيين (لمتى ومرقس ولوقا ويوحنا)
لحرَّضهم القرآن على التمسُّك به دون الباقين، بل وشهّر بالباقين! وبما أنه لم
يفعل هذا أو ذاك، فلا بد من التسليم بأن الإنجيل المنسوب إلى برنابا، لم يكن له
وجود لغاية القرن السابع الذي ظهر فيه الإسلام.

 

ب
– لو كان هذا الإنجيل موجوداً بين القرنين الثامن والرابع عشر، التي ظهر فيها
قدامى المفسرين المسلمين مثل الطبري وابن كثير، لما اختلفوا معه من جهة الشخص الذي
قالوا إنه صُلب بدل المسيح، بل لأجمعوا كلهم على أنه يهوذا الإسخريوطي، كما جاء في
الإنجيل المذكور. فلا جدال في أن هذا الإنجيل لم يكن له وجود لغاية القرن الرابع
عشر.

 

أجمع
العلماء الذين اكتشفوا الإنجيل المنسوب إلى برنابا ودرسوه دراسةً دقيقة، على أن
النسخة الأصلية منه ظهرت في أول الأمر سنة 1709م باللغة الإيطالية عند رجل يدعى
كرامر، كان مستشاراً لملك بروسيا. وبعد أن أهداها هذا الملك إلى الأمير أوجين
سافوي، أودعت بمكتبة فينا سنة 1738 ولا تزال محفوظة هناك إلى الآن. كما أجمعوا على
أن الرسم الموجود على غلاف هذه النسخة هو من طراز عربي، وأن بالصفحة الأولى منها
عبارات مكتوبة باللغة العربية، مثل: الله عظيم و•إذا أرديتم (أي أردتم) من الله
شيئاً، أرديتم (أي أردتم) خير الأشياء . كما أنه توجد بهوامش النسخة المذكورة
عبارات باللغة العربية، بعضها سقيم التركيب والبعض الآخر سليمهُ. ولما فحص هؤلاء
العلماء الورق المستخدم في هذه النسخة ودرسوا الخط والأسلوب المكتوبة بهما، اتضح
لهم أنها كُتبت في القرن 16 لا في القرن 18 الذي اكتُشفت فيه. كما اتضح لهم أن
النسخة المذكورة لم تكن مترجمة من اليونانية التي كُتب بها إنجيل المسيحيين في أول
الأمر، بل أنها مكتوبة أصلاً باللهجة الإيطالية التي انتشرت بعد عصر دانتي.

 

ويقول
دكتور جورج سال العلاّمة الإنكليزي في ترجمته الإنكليزية للقرآن إنه وجد نسخة من
هذا الكتاب أيضاً باللغة الأسبانية تكاد تكون معاصرة للنسخة الإيطالية، كتبها شخص
اسمه مصطفى العرندي، يقول إنه ترجمها عن النسخة الإيطالية. وقد جاء في مقدمة
النسخة الأسبانية أن راهباً يدعى فرامارينو زار مرة سكتوس الخامس بابا روما سنة
1585م فعثر لديه مصادفة على كتاب للقديس إيريناوس، ينقض فيه تعاليم بولس الرسول،
ويشير إلى كتاب يدعى إنجيل برنابا المذكور. وصلى الراهب طالباً أن ينام البابا،
فنام. وانتهز الراهب الفرصة وأخذ يبحث في مكتبة البابا، فعثر على هذا الإنجيل وفي
الحال خبأه في ردائه وانتظر حتى استيقظ البابا، فاستأذن منه وانصرف. ولما درس
الإنجيل المذكور اعتنق الإسلام. وفي ضوء ما تقدم نقول:

 

عدم
كتابة إنجيل برنابا بالوحي الإِلهي

أولاً
– في إنجيل برنابا تجاديف:

أ
– جاء فيه في فصل 35: 22 و23 و41: 21 و22 و51: 25 و26 أن الله قال لملائكة
الشيطان: توبوا واعترفوا بأنني أنا الله خالقكم . أجابوا: إننا نتوب عن السجود لك،
لأنك غير عادل. ولكن الشيطان عادل وبريء، وهو ربنا . وأن الشيطان ذهب مرة إلى الله
ضاحكاً (أو بالأحرى ساخراً) يقول إنه سيزعج الله حتى يعلم أنه أخطأ بطرده (أي طرد
الشيطان) من الفردوس. مع أن ملائكة الشيطان لا يمكن أن يتحدثوا مع الله بهذا
الأسلوب الوقح. وأن الشيطان (إن كان من الجائز إسناد الضحك إليه) لا يجسر أن يضحك
أمام الله أو يسخر منه، لأن الشيطان ورسله ليسوا أعظم من الله أو أنداداً له، بل
هم مخلوقون بواسطته. والمخلوق الناكر الجميل، وإن كان في جهله يجدّف أحياناً على
خالقه، لكن عندما يواجهه، لا يستطيع أن يرفع رأسه أو ينبس ببنت شفة أمامه.

أما
الكتاب المقدس فيقول إن الشياطين يؤمنون ويقشعرون من جلال الله (يعقوب 2: 19) وإن
رئيسهم هبط ساقطاً مثل البرق أمامه (لوقا 10: 18) وإنه كان يرتعب من المسيح رعباً
لا مزيد عليه (مرقس 5: 7) وإن الله سيسحقه تحت أقدام المؤمنين الحقيقيين (رومية
16: 20).

 

ب
– وجاء في فصل 159: 22 الكذب الذي أمر الله الأنبياء الكَذَبة أن يتفوّهوا به وفي
161: 10 أن الله اعتبر الكذب في سبيل الحمد (أو المدح) فضيلة. مع أن الله منزه عن
الكذب (تيطس 1: 2) وقد نهى عن الكذب نهياً باتاً، فقال: لا تكذبوا بعضكم على بعض
(كولوسي 3: 9) كما قال: اطرحوا عنكم الكذب (أفسس 4: 25).

 

ج
– وجاء في فصل 51: 4-20 حديث ومجادلة بين مسيح برنابا المزعوم والشيطان لعمل
مصالحة بينهما. مع أن هذا لا يتفق مع عِزَة الله، كما أن المسيح دخل منذ البدء في
حرب مع الشيطان.

 

ثانياً
– فيه أكاذيب:

وهذه
نوعان (الأول) أكاذيب عامة (الثاني) أكاذيب ناتجة عن عدم الإلمام التام بالتوراة.
كما يتضح مما يلي:

أ
– الأكاذيب العامة:

(1)
جاء في فصل 97: 3 أن كهنة اليهود قالوا إنهم سيكتبون إلى مجلس الشيوخ الروماني
المقدس لإصدار أمر ملكي بأن لا يقول أحد عن يسوع إنه الله أو ابن الله. وجاء في
83: 12 أن يسوع حفظ مع تلاميذه الأربعين يوماً (أو بالأحرى صوم الأربعين) مع أن من
له إلمام بالتاريخ، يعلم أن ما قيل عن مجلس الشيوخ الروماني هو محض افتراء، لأن
هذا المجلس لم يكن يعبأ بالشئون الدينية اليهودية، كما أن المسيح وحده هو الذي صام
أربعين يوماً. أما صوم الأربعين (بأل التعريف) المعروف عند كثيرين من المسيحيين،
فلم يتقرر رسمياً إلا في القرن الرابع للميلاد، مما يدل على عدم معرفة كاتب إنجيل
برنابا بالحقائق التاريخية.

 

(2)
وجاء في فصل 145: 43 أنه يكفي للإِنسان كل ليلة ساعتان للنوم. ويتكرر المعنى في
101: 5 و109: 4 عن وجوب قلّة النوم. وجاء في 167: 2 أن الأرض مستقرة على سطح
الماء. مع أن (أ) الإِنسان يحتاج من 6-8 ساعات للنوم كل ليلة (ب) وأن الأرض كوكب
يسير في الفضاء، وليس مستقراً على شيء. وقد أشار الوحي إلى هذه الحقيقة فقال عن الله
أنه يعلق الأرض على لا شيء (أيوب 26: 7)، أو بلغتنا العصرية يعلقها بواسطة
الجاذبية.

 

(3)
وجاء في فصل 217: 45 أن المسيح طبع بسحره صورة وجهه على وجه يهوذا. وجاء في 208:
10 أن الفريسيين بسبب رغبتهم في قتل يسوع أعماهم الحنق. فضرب بعضهم بعضاً في
الهيكل، حتى مات منهم هناك ألف رجل. مع أن (أ) المسيح كان أبعد ما يكون عن السحر.
وقد أعلن كاتب إنجيل برنابا أنه له المجد قدوس الله (ب) كما أنه لا يعقل أن يضرب
الفريسيون بعضهم بعضاً في ذات الهيكل، ودون أن يدروا ماذا يفعلون. ولو فرضنا أنهم
أُصيبوا بالجنون وقتئذ، لكان حراس الهيكل، وهم كثيرون، قد تداخلوا في الأمر
وطردوهم منه في الحال حرصاً على سير العبادة فيه بكل وقار.

 

ب
– الأكاذيب الناتجة عن عدم الإلمام التام بالتوراة.

ويبدو
أن كاتب إنجيل برنابا، مع يهوديته، لم يكن من علماء شريعتها الذين لهم إلمام تام
بالتوراة، بل كان أحد رجال السياسة أو المال والأعمال، كما يظهر من الأخطاء
الآتية:

 

(1)
جاء في فصل 115: 7 أن الذين نجوا مع نوح من الطوفان كانوا 83 شخصاً. وجاء في 150:
24 أن داود اعتلى العرش عندما كان ابن 15 سنة. وجاء في 181: 11 أن الله قال على
لسان داود أن الصدِّيق يسقط سبع مرات في اليوم. مع أن (أ) الذين نجوا من الطوفان
بمن فيهم نوح كانوا ثمانية أشخاص فحسب (تكوين 7: 7).

 

 (ب)
وأن داود اعتلى العرش عندما كان 30 سنة (2صموئيل 5: 4 و5). (ج) وأن القول المنسوب
إلى داود، جاء على لسان سليمان الحكيم، وصوابه الصدِّيق يسقط سبع مرات ويقوم (أمثال
24: 16).

 

(2)
وجاء في فصل 138: 4 أن إيليا خادم الله لم ير خبزاً مدة ثلاث سنوات. وجاء في 160:
1 أن دانيال النبي سجل أن أحد ملوك إسرائيل تحالف مرة مع أحد ملوك يهوذا لمحاربة
بني بليعال (أي عَبَدة الوثن). وجاء في 165: 1 أن الله قال على لسان يوئيل النبي:
لعمري يقول إلهكم لا أريد موت الخاطئ، بل أود أن يتحول إلى التوبة . مع أن (أ)
دبَّر الله لإيليا خبزاًٍ ولحماً (1ملوك 17: 1-7). (ب) وأن الحادثة المسنَدة إلى
دانيال النبي، كان قد سجّلها ياهو بن حناني (2أخبار 20: 34)، وموجودة بالتفصيل في
(1ملوك 22: 3-31). (ج) وأن القول الأخير جاء على لسان حزقيال النبي: هل مسرةً
أُسرُّ بموت الشرير؟ ألا برجوعه عن طريقه فيحيا؟ (حزقيال 18: 23).

ثالثاً
– فيه خرافات:

أ
– جاء في فصل 35: 6 و7 و26 و27 أن الله خلق كتلةً من التراب ليصنع منها آدم، ثم
تركها 25 ألف سنة دون أن يفعل بها شيئاً. فبصق الشيطان عليها، وحينئذ أسرع جبريل
برفع هذا البصاق مع شيء من التراب الذي تحته، فكان للإِنسان بذلك سُرّة في بطنه.
وجاء في 39: 8-12 و123: 3 أن الشيطان لما رأى الخيل في الجنّة تأكل العشب أوعز
إليها أن تذهب إلى كتلة التراب (السابق ذكرها) فهاجت الخيل وأخذت تعدو بشدة عليها.
فأعطى الله روحاً لذلك الجزء النجس الباقي من التراب الذي وقع عليه بصاق الشيطان،
فأصبح كلباً. فأخذ هذا الكلب ينبح حتى أزعج الخيل وطردها. وبعد ذلك خلق الله آدم
وامرأته من التراب والهواء والماء والنهار. وجاء في 35: 8 أنه لما علم الشيطان الذي
كان بمثابة كاهن ورئيس ملائكة أن الله سيأخذ من الكتلة المذكورة 144 ألف نبي، قال
لأتباعه إن الله سيطلب منهم أن يسجدوا لها.

 

ب
– وجاء في فصل 40: 9-11 و16 أن الشيطان طلب من الحية أن تفتح فمها ليدخل في بطنها،
كما طلب منها أن تضعه بعد ذلك على مقربة من حواء. ولما فعلت ذلك، قال لحواء: يجب
أن تعرفي أن الله شرير وحسود . وجاء في 40: 28 أن آدم عندما أكل من الشجرة، أراد
أن يوقف نزول الطعام إلى جوفه، فوضع يده في حلقه، فظهرت العلامة الخاصة فيه. وجاء
في 39: 36 أن ما نهى الله آدم عن الأكل منه هو التفاح والحنطة.

 

ج
– وجاء في فصل 23: 3-11 أن آدم أراد بعد عصيانه أن يقطع جسده (بمعنى عضوه الجنسي)،
فأرشده الملاك إلى قطع الغلفة منه فحسب. وفي 41: 20 و21 أن الله أمر ميخائيل أن
يقطع قوائم الحية التي دخل فيها الشيطان حتى إذا أرادت السير تزحف على بطنها هي
ونسلها. وجاء في 27: 5 أن الله مسخ بعض المصريين حيوانات لأنهم استهزءوا بآخرين.
مع أن (1) فكرة قطع العضو الجنسي لا تخطر ببال الرجل إلا إذا كان مصاباً بالجنون،
أو كان يعتبر الزواج أمراً نجساً. ولم يكن آدم واحداً من هذين الشخصين. كما أن
الختان (كما يتضح من التاريخ) لم يكن له وجود قبل إبراهيم الخليل، الأمر الذي يدل
على أنه حتى إذا قيل إن المراد هو الختان، فإن هذا القول، لا يكون صحيحاً.

(2)
ولو فرضنا أن ميخائيل قطع قوائم الحية، فإن هذا القطع لم يكن يؤدي إلى ولادة نسلها
دون قوائم. لأن النسل لا يرث ما يطرأ على جسم والده من تغيير بسبب حادثة ما، كما
ذكرنا.

 

د
– وجاء في فصل 57: 14 أن كل قملة كانت على إنسان حباً في الله تتحول إلى لؤلؤة.
وجاء في 74: 4 أن سليمان الحكيم كان قد أعدّ وليمة لكل المخلوقات، فانقضّت سمكة
على كل ما في الوليمة من طعام وأكلته.

 

ه
– وجهلاً بمعاني الكلمات وأصلها جاء في فصل 144: 10 أن كلمة فردوس كنعانية تعني
يطلب الله . وبحسب 144: 13 نفس المعنى هو لكلمة فريسي! ويمدح الفريسي الحقيقي في
فصل 151: 1 و2 و10-17 دون أن يدرك المعنى وأصل الكلمة. والواقع أن كلمة فردوس
فارسية وتعني حديقة. أما كلمة فريسي فآرامية وتعني المعتزل، والفريسيون جماعة بالغت
في التدين، وأشار يوسيفوس لأول جماعة ظهرت بهذا الاسم تحت قيادة يوحنا

 هيركانوس
الأول (135-104 ق م)

 

رابعاً
– فيه مبالغات:

أ
– جاء في 34: 16 أن آدم وحواء بكيا لأجل خطيتهما مائة عام. وجاء في فصل 33: 22 أن
الذين قُتلوا من بني إسرائيل لعبادة العجل كانوا 120 ألف شخصاً. وجاء في 145: 1-3
أنه كان في أيام إيليا 12 جبلاً يسكنها 17 ألف فريسي. وأن إيليا ذبح عشرة آلاف رجل
كانوا يعبدون الأوثان (148: 7). وجاء في 13: 10 أن الله أوصى مليون ملاكاً ليحرسوا
ثياب المسيح. وجاء في 152: 4 أن عدد آلهة الرومان كانوا 28 ألف إلهاً. مع أن (1)
الله كان قد أنبأ آدم وحواء بمجيء مخلص لهما يخلصهما من نتائج خطيتهما فور شعورهما
بها (تكوين 3: 15) فلم يكن هناك داع لأن يبكيا هذه السنوات الطويلة (2) وأن الذين
قتلوا بسبب عبادة العجل كانوا ثلاثة آلاف فقط (الخروج 32: 28). (3) وأن بلاد
إسرائيل ليس بها العدد المذكور من الجبال. وأنه لو كان المراد بالفريسيين الأشخاص
الذين لم يسجدوا للأوثان في أيام إيليا، فقد كانوا سبعة آلاف فقط (1ملوك 19: 18).
وأن الذين ذبحهم إيليا من كهنة الأوثان كانوا 450 فقط (1ملوك 18: 22). (4) وأن
المسيح لم يكن يقتني إلا ثوباً أو ثوبين على الأكثر لأنه ارتضى حياة الفقر، فلم
يكن في حاجة إلى ملاك واحد ليحرس ثيابه، إذا استلزم الأمر (4) وأن عدد آلهة
الرومان، كما يتضح من أساطيرهم، لم يكونوا أكثر من مائة إله.

 

ب
– وجاء في فصل 35: 8 أن عدد الأنبياء الذين أرسلهم الله إلى العالم 144 ألف نبي.
وفي 21: 6 أن المجنون الذي شفاه المسيح كان به 6666 شيطاناً. وفي 136: 17 و137: 1
أن الناس الذين لهم إيمان بدون أعمال سيمكثون في الجحيم 70 ألف سنة فقط. وفي 51:
22 و23 و57: 2 و3 أن ميخائيل سيضرب الشيطان بسيف الله مائة ألف ضربة، كل ضربة منها
توازي عشرة أمثال الجحيم. وفي 53: 15-19 أنه قبل يوم الدينونة يتحول القمر إلى
كتلة من الدم، حتى أن الدم يتساقط منه على الأرض كما يتساقط الندى، وتقع حرب هائلة
بين الأجرام السماوية، وتبكي النباتات وقتئذٍ بدل الدمع دماً. وجاء في 55: 14 أن
العين الواحدة ستذرف في جهنم ماء أكثر من مياه الأردن

 

خامساً
– فيه متناقضات:

أ
– جاء في فصل 26: 3 و4 و47: 10 و74: 18 و77: 6 و88: 18 أن المسيح كان يبادر كل من
يسأله عن أمرٍ من الأمور التي يجهلها بالقول: يا مجنون أو يا غبي . مع أن المسيح
كان وديعاً يرحب بكل إنسان يتقدم إليه بسؤال عن أمر يجهله (متى 19: 16 ويوحنا 14:
5) ولم يوبخ إلا الأشرار من رجال الدين بالقول: يا مرائين، لأن أعمالهم كانت
تتعارض مع أقوالهم. وإذا كان الأمر كذلك، فمن المحتمل أن الشخص الذي كتب الإنجيل
المنسوب إلى برنابا، لم يكن شخصاً رزيناً سليم النفس، بل كان شخصاً ثائراً
ومعقّداً، لأن من يظن أن المسيح الوديع الهادئ كان يخاطب كل من يسأله عن أمر
بالقول يا مجنون أو يا غبي، يكون هو ذلك الشخص بعينه.

 

ب
– وجاء في فصل 93: 16 و18 و94: 5 و6 أن هيرودس الملك وبيلاطس الوالي قدّما للمسيح
صنوف التجلّة والاحترام، وأن رئيس الكهنة سجد عند قدمي يسوع. مع أن رئيس الكهنة
كان يبغض المسيح كل البغض، وهو الذي أشار على اليهود من أول الأمر بقتله. وأن
بيلاطس وهيرودس كانا لا يؤمنان بلاهوت المسيح حتى يقدما له التجلة والاحترام. ولو
كان هذا صحيحاً، لما فكر أحد في صلب المسيح، ولما كان هناك أيضاً مجال للقول بصلب
يهوذا عوضاً عنه، كما قال.

 

ج
– وجاء في فصل 205: 14 أن شيوخ اليهود رفضوا المسيح لأنه أراد أن يكون ملكاً
عليهم. مع أنهم هم الذين أرادوا أن يجعلوه ملكاً عليهم ليشبعهم خيراً ويدفع
الرومان عن بلادهم، ولكنه انصرف عنهم (يوحنا 6: 15) لأن المُلك الذي يريده هو
الملك الروحي على القلوب، لأنه لم يأت للمُلك على العالم، بل لتقديم نفسه كفارة عن
الخطاة، حتى لا يهلك كل من يؤمن به إيماناً حقيقياً، بل تكون له الحياة الأبدية
(يوحنا 3: 16). أما السبب الحقيقي في رفض اليهود للمسيح فهو توبيخه لهم على شرورهم
وآثامهم.

 

د
– وجاء في فصل 198: 12 أن المسيح قال: عساني أن أنال من الله قصاصاً في هذا
العالم، لأني لم أخدمه بإخلاص كما يجب عليَّ أن أفعل . مع أن المسيح كان كاملاً كل
الكمال، كما يؤمن المسيحيون والمسلمون معاً. فضلاً عن ذلك فقد شهد كاتب إنجيل
برنابا في 21: 3 و96: 6 و97: 2 و156: 31 وغيرها أن المسيح هو قدوس الله . و•قدوس
الله لا عيب فيه ولا يستحق إلا كل إكرام وتبجيل. وهكذا يناقض هذا الكاتب نفسه.

 

ه
– وجاء في فصل 47: 8 و215: 2 وغيرهما أن المسيح انسحب خائفاً، خاصة عندما جاءوا
للقبض عليه ليصلبوه. مع أنه كان شجاعاً كل الشجاعة، فلم يرهب الملوك أو رؤساء
الدين أو الجنود الذين أتوا للقبض عليه (متى 26: 46-49 ولوقا 13: 32 ويوحنا 18:
6-8). أما سبب انسحابه في بعض الأحيان، فيرجع إلى عدم إصغاء اليهود إلى تعليمه،
ورغبته في إسداء بعض الخدمات إلى الناس الذين كانوا في حاجة إليها.

 

و
– وجاء في فصل 131: 6 أن يوحنا، أحد تلاميذ المسيح، كان صديقاً لهيرودس الملك،
وأنه تناول الطعام معه مرة. مع أن يوحنا، كيهوديِّ المنبت، كان يعتبر الاختلاط
بواحدٍ من الأمم الأخرى نجاسة، يجب أن يبتعد عنها (يوحنا 4: 9). أما ما سجّله
الكتاب المقدس عن يوحنا هذا، فإنه كان يعرف قيافا رئيس كهنة اليهود وقتئذ (يوحنا
18: 15). وهذا أمر محتمل حدوثه، لأن يوحنا (كما يتضح من مرقس 1: 20 ويوحنا 18: 15)
كان من أسرةٍ على شيء من الثراء.

ز
– وجاء في 217: 79 أن يهوذا الإسخريوطي عندما كان معلقاً على الصليب، قال للّه:
لماذا تركتني؟ فإن المجرم قد نجا، أما أنا فأموت ظلماً . ولو كان يهوذا هو المعلق
على الصليب، لما نطق بهذه العبارة. لأنه هو الذي سعى لصلب المسيح على الرغم من
كمال المسيح المطلق. لقد كان يهوذا مذنباً لا يحق له أن يتساءل لماذا تركه الله.

ح
– وجاء في 217: 7 و8 أن الأتقياء بعد دخولهم إلى الفردوس، سوف يذهبون إلى الجحيم
لمشاهدة الأشرار وهم يتعذبون. مع أن الذين يدخلون الفردوس يكونون بكلياتهم
وجزئياتهم تحت تأثير محبة الله وجلاله، فلا تهوى نفوسهم أن ترى شيئاً سواه. ولو
فرضنا جدلاً أنهم سيذهبون إلى الجحيم لمشاهدة الذين فيه، فإن عيونهم ستقع حتماً
على بعض أقربائهم هناك فيتألمون لآلامهم ويتوجعون لأوجاعهم، فلا يهنأ لهم بال في
الفردوس فيما بعد، وهذا ما لا يرضاه الله لهم.

ط
– وجاء في فصل 101: 21 أن إبليس نادم كل الندم لأنه خسر الجنة. وجاء في 51: 32 أن
الشيطان رفض أن يقول للّه: أخطأت فارحمني – فكيف يتفق القول الأول مع الثاني؟!

 

سادسا
– ادعاؤه بتحريف التوراة والإنجيل وإبطالهما:

كان
من البديهي، وقد سلك كاتب إنجيل برنابا مسلكه الشائن من التزوير والتزييف، أن يلجأ
إلى الدعوى بحدوث تحريف في التوراة والإنجيل وإبطالهما، ليؤيد آراءه الخاصة. ولذلك
نراه في صفاقة يسجل في فصل 159: 12 أن المسيح قال: وكم قد أفسدوا بتقليدهم كتاب
موسى وكتاب داود نبي الله وخليله . وفي 72: 11 أنه قال لتلاميذه: احذروا أن
تُغَشوا، لأنه سيأتي أنبياء كذبة كثيرون، يأخذون كلامي وينجسون إنجيلي . وفي 124:
5-10 أنه قال أن إنجيله سيبطل (عمله) عندما يأتي المسيح (قاصداً به نبي الإسلام)
إلى العالم، ويقول في العدد العاشر: متى جاء رسول الله يجيء ليطهر كل ما أفسد
الفجار من كتابي .

 

سابعا
– خلطه بين موضوعات الإنجيل:

يخلط
كتاب برنابا بين الموضوعات الواردة في الإنجيل، ويضيف ما ارتآه من أمور إليها،
ليثبت دعواه، فقال في فصل 72: 10 إن يسوع قال: أما من خصوصي، فإني قد أتيت لأهيئ
الطريق لرسول الله (أي لمحمد)، الذي سيأتي بخلاصٍ للعالم . وأنه قال أيضاً إنه ليس
أهلاً أن يحل سيور حذاء محمد (فصل 97: 1). وقال في 42: 15 و72: 13 و198: 15 و206:
2 إن المسيا (أو المسيح) هو محمد. وقال في 43: 31 و191: 5 إن عهد الله مع إبراهيم
(من جهة النبوة والكتاب) محصور في إسماعيل وذريته. وقال إن الله خلق العالم لأجل
محمد في 43: 9 و82: 17 و97: 15 و122: 26.

ومن
هذه الأقوال يتضح لنا ما يأتي:

أ
– نفي مؤلف كتاب برنابا وجود يوحنا المعمدان (المعروف في الإسلام باسم يحيى) لأن
يوحنا هو قائل العبارتين الأولى والثانية عن المسيح (ملاخي 3: 1 ومتى 3: 1-12
ولوقا 3: 2-6).

ب
– وأنه جعل نبي الإسلام هو المسيا (أو بالأحرى المسيح) مع أن القرآن يشهد في آيات
كثيرة أن المسيح هو عيسى ابن مريم (النساء 4: 171).

ج
– وأنه نفى النبوة إطلاقاً عن إسحق وذريته، وبذلك ينقض ما جاء في القرآن عن إسحق
ويحيى والمسيح ومحمد جميعاً. فضلاً عن ذلك، فقد نقض الحقيقة اللغوية الثابتة
الخاصة بمدلول اسم (يسوع) والتي يقرّها علماء المسلمين والمسيحيين. فقد جاء في
الجزء الملحق بكتاب (الإتحافات السنية بالأحاديث القدسية ص281): عيسى بالعبرية:
يسوع أي المخلص، إشارة إلى أنه سبب لتخليص كثير من آثامهم وضلالهم . والغرض الوحيد
من الخلط الذي قام به كاتب إنجيل برنابا هو طبعاً، رغبته في تجريد المسيح من مقامه
الفريد وفدائه المجيد. لكن الحق يبقى حقاً إلى الأبد مهما اعتدى عليه الناس أو
قاوموه.

 

د
– وأنه قال أن يسوع أعلن عن مجيء نبي الإسلام بعده. مع أن المسيح أعلن في الكتاب
المقدس أن الذي يأتي بعده هو الروح القدس. فقد قال: وأنا أطلب من الآب فيعطيكم
معزّياً آخر ليمكث معكم إلى الأبد. روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه
لا يراه ولا يعرفه. وأما أنتم فتعرفونه، لأنه ماكث معكم ويكون فيكم (يوحنا 14: 16
و17).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار