كتب

إنجيل برنابا المزعوم



إنجيل برنابا المزعوم

إنجيل
برنابا المزعوم

المتنيح
القمص بيشوى كامل

 

1- مقدمة وعرض عام لإنجيل برنابا

كثر
الحديث حول كتاب زعم بأنه إنجيل لبرنابا
Gospel of Barnabas
علاوة على ثبوت تزييفه من كثر من مصدر. وإنه كُتِبَ بقصد تشويه العقائد، إنه في
مجمله يختلف تماماً عن أي إنجيل من الأناجيل الأربعة بل عن التوراة والقرآن. وقد
دلت الأبحاث العلمية إن كاتب هذا الكتاب هو يهودي أندلسي اعتنق الإسلام وتظاهر
بذلك. اسمه “مصطفي العرندي”. ولذا فقد حسن أن ننقل في هذا التسجيل
الصغير ملخص حرفي لما كتب فيه وما كتب الباحثون حول ظهوره والأسباب التي دعت إلى
كتابته.

 

الفهرس:

الباب
الأول

رأي
الأستاذ الكبير/ عباس محمود العقاد، ورأي الأستاذ المؤرخ: د. محمد شفيق غربال في
هذا الإنجيل.

الباب
الثاني: مقتطفات حرفية من هذا الكتاب.

الباب
الثالث: الأهداف الأربعة التي كتب من أجلها “مصطفي العرندي” هذا الكتاب.

الباب
الرابع: ملخص المقدمة التي كتبها المرحوم الدكتور سعادة. وهو أول مَنْ ترجمه إلى
اللغة العربية.

الباب
الخامس: تعليق على إنجيل برنابا و خاتمة على ما كتب في هذا الكتاب.

رأي
المؤرخ د. عباس محمود العقّاد في إنجيل برنابا

 

2- رأي المؤرخ د. عباس محمود العقّاد في إنجيل برنابا

كتب
الأستاذ المرحوم: د. عباس محمود العقاد في جريدة الأخبار بتاريخ 26 أكتوبر 1959 م.
موضوعاً عن إنجيل برنابا من خمس نقط رئيسية:

ا-
لوحظ في كثير من العبارات في الإنجيل المذكور: أنه كتب بصيغة لم تكن معروفة قبل
شيوع اللغة العربية في الأندلس وما جاورها.

2-
أن وصف الجحيم في إنجيل برنابا يستند إلى معلومات متأخرة لم تكن شائعة بين اليهود
والمسيحيين في عصر الميلاد.

3-
أن بعض العبارات الواردة به قد تسربت إلى القارة الأوربية نقلاً عن المصادر
العربية.

4-
ليس من المألوف أن يكون السيد المسيح قد أعلن البشارة أمام الألوف باسم محمد رسول
اللّه.

5-
تتكرر في هذا الإنجيل بعض أخطاء لا يجهلها اليهودي المُطلع على كتب قومه، ولا
يردده المسيحي المؤمن بالأناجيل المعتمدة من الكنيسة، ولا يتورط فيها المسلم الذي
يفهم ما في إنجيل برنابا من المناقضة بينه وبين نصوص القرآن.

 

3- رأي المؤرِّخ د. محمد شفيق غربال في إنجيل برنابا

يقول
المؤرخ الكبير د. محمد شقيق غربال في الموسوعة العربية الميسرة تحت كلمة
“برنابا” أنه إنجيل مزيف وضعه أوربي في القرن الخامس عشر. وفي وصفه
السياسي والديني للقدس في أيام المسيح أخطاء جسيمة. كما أنه يصرح على لسان سيدنا
عيسى أنه ليس المسيح إنما جاء مبشراً بمحمد الذي سيكون هو المسيح. وهناك أيضاً
ملحوظة مهمة لا يمكن تجاهلها أنه لا يوجد لهذا الكتاب أية إشارة في جميع كتب
المفسرين المسلمين من القرن الثامن حتى القرن الرابع عشر أمثال الطبري أو البيضاوي.
ولم توجد له أدنى إشارة في كتب المؤرخين مثل المقريزي، ولم توجد له أيضاً أدنى
إشارة في القرآن ذاته. رغم ما في هذا الكتاب من مهاجمة غزيرة للإنجيل والتوراة (عن
كتاب عوض سمعان).

 

4- مقتطفات من إنجيل برنابا

ها
هي بعض من مقتطفات من إنجيل برنابا
Gospel
of Barnabas
منقولة بالحرف الواحد:

1-
عنوان الكتاب “الإنجيل الصحيح ليسوع المسمى المسيح”

هكذا
وللوهلة الأولى لمطالعة الكتاب نجد عنوانه بهذه الكيفية. وهذا ما يؤكد أن كاتبه
مصطفي العرندي قصد أن الأناجيل المسيحية غير صحيحة وكذلك التوراة. ولكن عنونة
الكتاب بهذه الطريقة تؤكد أنه غير صحيح.

لأنه
لو كان صحيحاً، لما احتاج أن يؤكد في العنوان أنه الإنجيل الصحيح.

2-
“فانحنوا وسجدوا له”

وإذ
بدأ الكاتب قوله بتمنياته لجميع سكان الأرض بالسلام والعزاء، وكشف مباشرة أن يسوع
المسيح مجرد نبي جاء للتعليم وليس كلمة اللّه. وأن كثيرين ضللوا بتعاليم شديدة
الكفر داعين المسيح ابن اللّه. إلا أنه ودون أن يدرى استطرد في سرد زيارة المجوس
للطفل مع أمه ونسى ذكر عبارة “وانحنوا وسجدوا له”.

وفي
ذلك رغماً عنه اعتراف بأن كان السجود ليسوع فقط وليس له ولأمه توقيراً. وإلا لقال
“وسجدوا لهما” والسجود لا يكون إلا للّه وحده. ص 9 من الكتاب.

3-
وضع اسم برنابا من الإثنى عشر رسولاً بدلاً من توما.

وعلى
الرغم من أن الأناجيل الأربعة لم تذكر اسم برنابا من ضمن الإثتى عشر تلميذاً.

راجع
(مت 10: 52) (مر 3: 16- 19) (لو 6: 14- 16) إلا أنه استبدل توما باسم برنابا (ص
16) من إنجيل برنابا. وأن يسوع كان يخبره وحده بأنه نبي وشاهد الملاك جبريل وهو
يقدم له كتاباً. (ص 11).

4-
الوقوع في أخطاء جغرافيه في الإنجيل

ومما
يُظهر تأثير الكاتب بالفكر اليهودي أنه ذكر في كتابه هذا أن السيد المسيح صام في
جبل سيناء مع تلاميذه. (ص 140).

في
حين أن الذي عاش وصام في سيناء هو موسى وليس المسيح.

وقال
“ذهب السيد المسيح إلى دمشق ينتظر الباقين”. (ص 213).

ثم
قال أيضاً “وجاء كل التلاميذ إلى دمشق”. (ص 219)

والحقيقة
أن السيد المسيح لم يبشر إلا في أرض فلسطين ولم يذهب إلى دمشق.

5-
المبالغة الشديدة إلى حد الخيال

والقارئ
لهذا الكتاب يجد نفسه أمام خيال لا حدود له. ومبالغة شديدة في سرد القصة مما يجعله
أقرب من أساطير القدماء منه إلى أن يكون كتاب سماوي. كما أن الذي ذكر في هذا
الكتاب لم نجد له مثيل لا في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في القرآن. وأي دارس
للمسيحية أو اليهودية أو الإسلام يرفض هذه الخرافات. ويستدل منها على سخافة الكتاب
وتزييفه كقول عباس العقاد، فمثلاً جاء به:

أ-
أن عدد الأنبياء الذين أرسلهم اللّه إلى العالم 144000. (ص 21 سطر 11) وهؤلاء
جميعاً جاءوا ليتنبأوا عن رسول اللّه.

ب-
أن عدد الشياطين الذين أخرجهم السيد المسيح من رجل واحد كان يسكن القبور 6666. (ص
27 سطر 18).

ج-
أن المسيح قال “ألا تعلموا أن اللّه في زمن موسى مسخ أناساً كثيرين في مصر
حيوانات مخوفة لأنهم ضحكوا واستهزأوا بالاَخرين”. (ص 39 سطر 7، 8).

د-
أن يسوع نصح الشيطان أن يتوب، فرفض. فقال له يسوع: “إن الملاك ميخائيل سوف
يضربك يوم الدين بسيف اللّه مئة ألف ضربة وسينالك من كل ضربة عذاب عشرة جحيمات. أي
100000 × 10= 1000000 جحيم. (ص 80 سطر 7).

ه-
أن اللّه سيجعل الشياطين يبكون مع المنبوذين حتى أنه يجرى الماء من عين الواحد
منهم أكثر مما في نهر الأردن (ص 86 سطر 14).

وأن
مياه الأردن أقل من الدموع التي ستجري كل دقيقة من عيونهم. (ص 94 سطر 19).

و-
أنه لما حاول يسوع مصالحة الشيطان على اللّه، قال يسوع للشيطان أن يصطلح مع اللّه
وإلا سيجعل الملاك ميخائيل يضربه 100000 ضربة في 10 جحيمات. فرد الشيطان قائلاً عن
اللّه “سوف يكون لي أيضاً كثيرون من الملائكة وأشد عبدة الأوثان قوة الذين
سيزعجون اللّه وسيعلم اللّه أي غلطة عظيمة ارتكب بطردي من أجل طينة نجسة”. (ص
80 سطر 9، 10، 11، 12) (اقرأ مقالاً عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في
قسم الأسئلة والمقالات)فقال له يسوع “قل للّه أخطأت فارحمني”.

فرد
الشيطان قائلاً: أنه يقبل المصالحة مع اللّه، لو قال اللّه له هاتين الكلمتين
“أخطأت فارحمني”. (ص 81 سطر 4،3).

وهذا
أسلوب لا وجود له في أي كتاب سماوي.

ز-
طريقة نهاية العالم. وقد سجلها في ص 83:

في
اليوم الأول: تسير الشمس في مدارها في السماء بدون نور وتكون سوداء وتئن كما يئن
أب على ابن مشرف على الموت.

وفي
اليوم الثاني: سيتحول القمر إلى دم ثم ينزل الدم على الأرض كالندى.

وفي
اليوم الثالث: تتقاتل النجوم وتقوم حرب بينها.

وفي
اليوم الرابع: تقوم حرب بين الحجارة والصخور وتتقاتل مع بعضها.

وفي
اليوم الخامس: سيبكى النبات دماً.

وفي
اليوم الخامس: يرتفع البحر 150 ذراعاً.

وفي
اليوم السابع: يفور البحر فلا يرى.

وفي
اليوم الثامن: يقوم حرب بين الطيور والجوارح.

وفي
اليوم التاسع: ينزل برد من السماء ولا ينجو منه على الأرض إلا عشرة أحياء.

وأخيراً
اليوم الخامس عشر: تموت الملائكة الأطهار. علماً أن الملائكة أرواح لا تموت.

وواضح
أن هذا السرد لم يذكر في أي من التوراة أو الإنجيل أو القرآن.

ح-
وصف السموات (ص 159): يصف الكاتب السموات بأنها تسعة. على خلاف التوراة والإنجيل
والقرآن. وتبعد بعضها عن بعض كما تبعد الأولى عن الأرض. وهى السفر 5000 سنة.

أي
بُعد السماء التاسعة عن الأرض هو سفر 45000 سنة. وأن حجم الأرض مع حجم كل السموات
بالنسبة لحجم الجنة يساوى نقطة أو حبة رمل.

ط-
وصف الجحيم (ص 205 إلى ص 208): وهو نفس الوصف الذي كتب عنه الشاعر الإيطالي دانتي
Dante Alighieri في القرن الرابع عشر، وهو ما يؤكد أن هذا الكتاب كُتِبَ بعد دانتي.
فيقول إن الجحيم 7 درجات كما أن للخطية 7 درجات أنشأها الشيطان نظير سبعة أبواب
الجحيم، كذلك فيها سبعة أنواع من العذاب، وهى عبارة عن دوائر متداخلة ينزل فيها
الإنسان حسب ثقل شروره:

 

أ-
المتكبر: ينزل للدرجة السابعة.

2-
الحسود: ينزل للدرجة السادسة.

3-
الطماع: ينزل للدرجة الخامسة.

4-
الشهواني: ينزل للدرجة الرابعة، حيث يعطيه اللّه طعاماً ما هو كحنطة مطبوخة في
براز الشيطان المحترق (لاحظ أن الشيطان روح وليس له براز) ثم يختلطون بنساء
أعضاؤهن التناسلية نار والسرير الذي ينامون عليه سيكون من حجر الجحيم.

5-
الكسلان: ينزل للدرجة الثالثة ويضعون عليه حجارة ثقيلة.

6-
الناهم: ينزل للدرجة الثانية حيث يقدم له الشيطان طعاماً شهياً ولا يقدر أن يأكل
منه لأنه سيكون مربوطاً في الجحيم.

7-
الغضوب: ينزل للدرجة الأولى.

ثم
يستطرد إلى القول بأن جميع الخليقة ستذهب إلى الجحيم لمدة 70000 سنة. الأشرار
ليعيشوا هناك، والأنبياء الأطهار ليشاهدوها، حتى رسول اللّه سيذهب إلى هناك، ولكنه
لا يقيم إلى طرفة عين لكي يرى كل مخلوق نال نفعاً من رسول اللّه. وبعد سبعين ألف
سنة سيأتي جبرائيل إلى رسول اللّه ويقول له “أين وعدك لنا أن مَنْ كان على
دينك لا يمكث في الجحيم إلى الأبد”، وعندئذ يطلب رسول اللّه من اللّه أن يطرد
كل من هو على دينه من الجحيم إلى الجنة، ويقول أن كل من آمن برسول اللّه يذهب إلى
الجنة ولو لم يعمل عملاً صالحاً لأنه مات على دينه.

ى-
طريقة خلق آدم ص 52، 53: ثم أجاب يسوع. لما خلق اللّه كتلة التراب وتركها 2500 سنة
علم الشيطان الذي كان بمثابة كاهن ورئيس للملائكة أن اللّه سيخلق من تلك الكتلة
144000 نبياً، ورسول اللّه الذي خلق اللّه روحه قبل كل شيء آخر بستين ألف سنة. ثم
قال اللّه للملائكة ليسجد تواً كل من اتخذني رباً لهذا التراب. أما الشيطان وكل
مَنْ على شاكلته فقالوا يا رب إننا روح ولذلك ليس من العدل أن نسجد لهذه الطينة.
حينئذ صار شكل الشيطان هائلاً ومخيفاً.

ك-
كيفية خلقه (سرة آدم) ص 53: حينئذ قال اللّه انصرفوا عنى أيها الملاعين. فتضايق
الشيطان وبصق أثتاء انصرافه على كتلة التراب (ويلاحظ أن الشيطان روح فكيف يبصق؟!)،
فرفع جبريل ذلك البصاق مع شئ من التراب عن تلك الطينة فكان للإنسان بسبب ذلك سره
في بطنه.

ل-
خلقة الكلب ص 58: لما رأي الشيطان الخيل تأكل العشب أخبرها أن تدوس قطعة التراب
التي سيخلق اللّه منها آدم والأنبياء. فأعطى اللّه من فمه روحاً لذلك الجزء النجس
من التراب الذي بصق عليه الشيطان الذي بدله وجدت سُره آدم. وأنشأ الكلب فأخذ ينبح
ففزعت الخيل وهربت.

م-
الكتابة على أظافر آدم ص 59: فضرع آدم إلى اللّه قائلاً يا رب هبني هذه الكتابة
على أظافر أصابع يدي، لأن آدم قد رأي في سماء الجنة كتابة تقول “لا إله إلا
اللّه محمد رسول اللّه” عندئذ منح اللّه الإنسان الأول تلك الكتابة على ظافر
إبهام اليد اليمنى “لا إله إلا اللّه”، وعلى ظافر إبهام اليد اليسرى
“محمد رسول اللّه”.

ن-
نشأة تفاحة آدم ص 61: فتناول منها (أي من حواء) ما قدمته له وأكل. وبينما كان الطعام
نازلاً ذكر كلام اللّه. فلذلك أراد أن يوقف الطعام فوضع يده في حلقه. حيث كل إنسان
له علامة أي تفاحة آدم.

س-
قطع أرجل الحية ص 62: ودعا اللّه الملاك ميخائيل الذي يحمل سيف اللّه وقال
“اطرد من الجنة أولاً هذه الحية الخبيثة ومتى صارت خارجاً فاقطع
قوائمها”.

ويلاحظ
هنا (هل إذا قطعت قوائم حيوان يأتي نسله بدون قوائم؟!).

 

5- أهداف تأليف كتاب إنجيل برنابا ل مصطفى العرندي

الأربعة
أهداف التي كتب من أجلها مصطفي العرندي إنجيل برنابا
Gospel of Barnabas:

الهدف
الأول: هو أن الخلاص والوعد بإسماعيل وليس بإسحق.

الهدف
الثاني: إنكار لاهوت السيد المسيح وأنه ليس كلمة اللّه وروح منه.

الهدف
الثالث: أن يسوع المسيح هو المسيح. لكن المسيا سيأتي بعد المسيح الذي هو محمد.

الهدف
الرابع: أن المسيح لم يصلب لكن شبه لهم.

 

الهدف الأول: إسماعيل واسحق

ذكر
مصطفي العرندي كاتب هذا الإنجيل المزيف أن الملاك جبرائيل كلّم يسوع وقال له: “انهض
يا يسوع واذكر إبراهيم الذي كان يريد أن يقدم ابنه الوحيد إسماعيل ذبيحة
للّه” (ص 15). وفي موضع آخر: “فأجاب يسوع صدقوني لأني أقول لكم الحق أن
العهد صُنع بإسماعيل لا لاسحق”. وحينئذ قال التلاميذ يا معلم هكذا كُتب في
كتاب موسى أن العهد صُنع لاسحق. فأجاب يسوع متأوهاً “هذا هو المكتوب. لكن
موسى لم يكتبه ولا يسوع بل أحبارنا الذين لا يخافون اللّه” (ص 68).

وهكذا
أو كالعادة عندما يعجز الكاتب عن إثبات الحق يدعى تحريف التوراة والإنجيل. والعجيب
جداً أن يكون هذا السبب هو السبب الرئيسي لصلب السيد المسيح له المجد. وإذا رجعنا
إلى المرجع الصحيح في سفر التكوين (ص 18: 21) من التوراة نجده يسجل أن اسحق هو
الذي قدم ذبيحة وليس إسماعيل.

والسؤال
الاَن: ما هدف توراة اليهود في تغيير اسحق بدل إسماعيل. بل أن العهد الجديد الذي
هو الإنجيل كمكمِّل للتوراة يسجل أن الذي قدمه إبراهيم ذبيحة هو اسحق ابن الموعد
راجع (رو 9: 7)، (غلا 4: 23).

من
كل ذلك نجد إن الهدف الأول من كتابة هذا الإنجيل هو أن يكون الوعد والذبيحة
لإسماعيل وليس لاسحق.

 

الهدف الثاني: إنكار أن المسيح هو كلمه الله وروح منه. أي أنه ابن
الله المولود بالروح

التوراة
والإنجيل يؤكدان أن المسيح هو كلمة اللّه آخذاً جسداً من العذراء مريم. ولذلك وُلد
بدون أب وكلمة اللّه يدعى ابن اللّه. لأن الكلمة الناطقة مولود من ذات اللّه. إنها
ليست ولادة جسدية ولا أحد يستطيع أن ينكر أن السيد المسيح هو كلمة اللّه وروح منه.
ولكن كاتب إنجيل برنابا أراد أن يطمس هذه الحقيقة المعروفة في كل الكتب.

وهذا
هو الهدف الثاني من كتابة إنجيل برنابا.

 

مقتطقات من إنجيل برنابا:

يقول
يسوع إن العالم مجنون. وكانوا يدعونني آلهاً، ولما قال ذلك بكى (ص 74). وقال آخرون
أنه ليس اللّه ولا ابن اللّه، لأن ليس للّه جسد يلد بل هو نبي عظيم من اللّه. (ص
75).

وهنا
تخيل مصطفي العرندي أن الولادة جسدية ونسى أنه كلمة اللّه وروحاً منه. وأن الولادة
هنا روحية. “ولما رفع رأسه قال ليكن ملعون كل من يدرج في أقوالي إني ابن
اللّه” (ص 87).

ثم
قال يسوع يا رب “إن العالم كله أغواه الشيطان فقال إني ابنك وشريكك” (ص
85) (اقرأ مقالاً عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة
والمقالات). وهنا يؤكد الكاتب أن العالم كله وقع في الضلال. واستمر في تكرار هذا
الموضوع أن المسيح ليس إلا نبي وليس ابن اللّه وكلمته. في صفحات الكتاب 74، 75، 84،
87، 107، 110، 143، 146، 194، 253، 306 وهذا التكرار الكثير يكشف عن السر الخفي في
قلب الكاتب من نحو السيد المسيح كلمة اللّه المولود بالروح.

ثم
تكلم على لسان السيد المسيح معبراً عن ضعفه الشديد. فقال يسوع إني لا أقدر على خلق
ذبابة ص 146. وأنه يأتي بعدكم بعدة سنين حينما يبطل إنجيلي ولا يكاد يوجد ثلاثون
مؤمناً (ص 115).

ثم
قال إن الشيطان ضللكم بواسطة الجنود الرومانيين عندما قلتم إنني أنا اللّه. ص 194.
فإني وأنا لا طاقة لي أن أخلق ذبابة، بل إني زائل.

وهكذا
يجاهد هذا الكاتب بكل قوة لتضليل المسيحيين سواء بنسبة ما يزعمه إلى الشيطان تارة
وإلى الجنود الرومان تارة أخرى. بل أنه نسب إلى السيد المسيح أنه قال أمام رئيس
الكهنة والوالي وثلاثة جيوش كل منهما 100000 جندي إلى 600000 جندي متقلدي السلاح
خرجوا لتسكين الشعب من يسوع.

قال
إني برئ من كل ما قاله الناس عنى. إني أعظم البشر. (ص 139 إلى ص 143).

فلو
كان برنابا هذا قد كتب كل ما هو وارد في هذا الكتاب الخيالي لورد ذكره أيضاً في
القرآن أو على الأقل في كتب المفسرين كالطبري والبيضاوي أو أحد المؤرخين كالمقريزي
حتى القرن الرابع عشر.

لذلك
فالأمر متروك للقارئ لتفسير القصد من كتابة هذا الكتاب.

 

ثالثاً: الهدف الثالث: أن يسوع ليس هو المسيح ولكن المسيا سيأتي بعد
المسيح الذي هو محمد رسول الله.

يقول
د. محمد شفيق غربال عنه إنه: “إنجيل مزيف يصرح على لسان عيسى أنه ليس المسيح
إنما جاء مبشراً بمحمد الذي سيكون هو المسيا”.

وكاتب
هذا الإنجيل يركز بكل قوته على أن يسوع ليس المسيح بل جاء ليهيئ الطريق أمام رسول
اللّه الذي هو المسيا. وأن لقب مسيا خلق خصيصاً لمحمد رسول اللّه. وكما قلنا أن
الكاتب كان يهودياً أصلاً ودارساً للتوراة. ولذا فقد ألغى شخصية يوحنا المعمدان
(النبي يحيى أو سيدنا يحيى) كما هو وارد في القرآن، الذي جاء خصيصاً ليهيئ طريق
التوبة أمام المسيح كلمة اللّه استبدل به المسيح جاعلاً منه نبي ليهيئ الطريق أمام
رسول اللّه.

وتأييداً
لتزييفه استعمل نفس الاَيات والشواهد الواردة فى الأناجيل على لسان يوحنا العمدان.
قال يسوع “لأني لست أهلاً أن أحل سيور حذاء رسول اللّه الذي يسمونه
المسيّا” (ص 64). ثم قال وأنا صوت صارخ في البرية كلها. يصرخ أعدوا طريق رسول
اللّه. والذي لا خلاف عليه أن الشخص الذي جاء ليهيئ الطريق أمام الرب هو يوحنا
المعمدان ملاك العهد. الذي قال عنه ملاخي النبي في العهد القديم: “ها آنذا أرسل
ملاكي فيهيئ الطريق أمامي ويأتي بغتة إلى هيكل السيد الذي تطلبونه وملاك العهد
الذي تسرون به. هوذا يأتي قال رب الجنود” (ملا 3: 1).

وفي
العهد الجديد يقول متى الإنجيلي عن يوحنا قوله “أنا أعمدكم بماء للتوبة ولكن
الذي بعدي هو أقوى مني الذي لست أهلاً أن أحل حذاءه هو سيعمدكم بالروح القدس
ونار” (مت 3: 11). “وفي تلك الأيام جاء يوحنا المعمدان يكرز في برية
اليهود قائلاً توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السموات، فإن الذي قيل عنه بأشعياء النبي
القائل صوت صارخ في البرية أعدوا طريق الرب اصنعوا سبله مستقيمة” (مت 3: 1-3).

ويقول
إنجيل معملنا مرقس: “كما هو مكتوب في الأنبياء ها أنذا أرسل أمام وجهك ملاكي
الذي يهيئ طريقك قدامك. صوت صارخ في البرية أعدوا طريق الرب اصنعوا سبله مستقيمة.
كان يوحنا يعمد في البرية ويكرز بمعمودية التوبة لمعفرة الخطايا” (مر 1: 2-
4).

وإنجيل
معلما لوقا يقول: “وإذ كان الشعب ينتظر والجميع يفكرون عن يوحنا لعله المسيح
أجاب يوحنا الجميع قائلاً أنا أعمدكم بماء ولكن يأتي من هو أقوى منى الذي لسن
أهلاً أن أحل سيور حذائه هو سيعمدكم بالروح القدس ونار” (لو 3: 16،15).

وأخيراً
يقول يوحنا في إنجيله: “وهذه هي شهادة يوحنا حين أرسل اليهود من أورشليم كهنة
ولاويين ليسألوه من أنت فأعترف ولم ينكر وأقر إني ليست أنا المسيح وسألون إذن
ماذا؟ إيليا أنت؟ ماذا تقول عن نفسك “قال أنا صوت صارخ في البرية قوموا طريق
الرب كما قال أشعياء النبي، أنا أعمدكم بماء ولكن في وسطكم قائم الذي لستم تعرفونه
هو الذي يأتي بعدي الذي صار قدامي الذي لست مستحقاً أن أحل سيور حذائه” (يو 1:
19-27).

بالرغم
من ذلك كله يكرر في مواضع كثيرة من الكتاب قول افتراء للسيد المسيح: صدقوني إني
رأيته وقدمت له الاحترام وقلت يا رسول اللّه ليكن اللّه معكم وليجعلني أهلاً أن
أحل سيور حذائك. ص 65، 69، 110، 126، 128، 146، 147، 148، 252، 298، 306.

 

رابعاً: الهدف الرابع: صلب السيد المسيح

وهذه
النقطة هي بيت القصيد في هذا الكتاب. وعرضها الكاتب بطريقة تريح نفسه وما يؤمن به.
خاصة أنه يهودياً والمعروف أن اليهود حاولوا ويحاولون بشتى الطرق تبرئة أنفسهم من
صلب السيد المسيح.

ويلصقون
التهمة بالرومان. ومن ناحية أخرى أنه اعتنق الإسلام أيضاً الذي ينكر صلب المسيح في
حين أن المرجع الحقيقي لقصة صلب المسيح مشروحة تفصيلاً، وفي كثر من موضع في
التوراة. باعتبار أن المسيح كلمة اللّه هو فادى البشرية في الأناجيل الأربعة.

 

قصة صلب المسيح حسب رواية مصطفي العرندي:

1- سبب صلب المسيح

لقد
سأل اليهود يسوع: من الذي سيأتي من سلالته المسيا الموعود به. اسحق أم إسماعيل،
فرد يسوع قائلاً: إسماعيل. فلما سمع رئيس الكهنة هذا القول حنق وصرخ لنرجم هذا
الفاجر لأنه إسماعيلي (ص 301). وللحال قام الكتبة والفريسيون ليضربوا يسوع. فهرب
من بينهم فضربوا بعضهم بعضاً فمات 1555 رجل. (ص 301).

وهكذا
هو سبب صلب المسيح… ونترك القارئ ليفهم القصد من هذا الكلام. وخصوصاً وأن اليهود
يعرفون جيداً أنهم نسل اسحق والمسيح من نسله.

2- هروب السيد المسيح للسماء

وفجأة
جاء الملائكة جبريل وروفائيل وأورييل وخطفوا يسوع من النافذة المشرفة على الجنوب.
ووضعوه في السماء الثالثة في صحبة الملائكة التي تسبح اللّه”. (ص 308).

3- يهوذا يتغير شكله إلى شكل السيد المسيح

“ولما
دخل يهوذا مع جنود الرومان إلى الحجرة كان يسوع قد حملته الملائكة إلى السماء.
وكان التلاميذ نيام، عندئذ تغير يهوذا في الوجه والنطق وصار شبه المسيح، فقبضوا
عليه وكان الشبه شديداً حتى:

أ-
أن برنابا والعذراء مريم ويوحنا ذهبوا وراءه للصليب (ص 310).

ب-
قال يهوذا للوالي وقت المحاكمة أن يسوع ساحر وقد حولني هكذا بسحره (ص 312).

ج-
قال برنابا الحق أقول إن صوت يهوذا ووجهه وشخصه بلغت من الشبه بيسوع أن اعتقد
تلاميذه والمؤمنون كافة أنه هو يسوع (ص 314).

4- تكملة القصة، لم يكتف الكاتب بتزييف هذه القصة لكنه:

أ-
اتهم بقية التلاميذ أنهم لا يخافون اللّه فذهبوا ليلاً وسرقوا جسد يهوذا وخبأوه
وأشاعوا أن يسوع قام (ص 315).

ب-
اتهم القديس بولس الرسول أنه لا يخاف اللّه ولفَّق رسائله بقوله عن صلب المسيح.
وذلك ليكمل مشواره في التزييف (ص 320).

ج-
أنزل اللّه المسيح مرة أخرى لمده ثلاث أيام لتراه أمه ولم يسمح لأحد من التلاميذ
برؤية (ص 316).

5- ختام القصة

وأراد
العرندي أنه يختم التزييف فقال:

ا-
إن التلاميذ تفرَّقو ا في العالم.

ب-
لا يزالو ا يبشرون أن ابن اللّه. أي كلمة اللّه المتجسد.

ج-
اشترك معهم في هذا الخداع بولس الرسول (ص 320).

د-
أن يسوع قال لبرنابا إن قضية صلب المسيح ستبقى في ضلالها إلى أن يأتي محمد رسول
اللّه الذي متى جاء كشف هذا الخداع (ص 318).

 

6- مقدمة ترجمة د. خليل سعادة لإنجيل برنابا

التالي
هو ملخص مقدمة أول ترجمة عربية للكتاب. ترجمها الدكتور خليل سعادة بتاريخ 15 مارس
1908. ونشرها السيد محمد رشيد رضا منشئ مجلة المنار في 21 صفر 1326.

وقد
أورد الدكتور خليل سعادة في مقدمة الترجمة بحثاً علمياً حول حقيقة هذا الكتاب
تتلخص فيما يلي:

1- لغة الكتاب الأصلية

النسخة
الوحيدة المعروفة في العالم الذي نقل عنها هذا الإنجيل هي نسخة إيطالية في مكتبة
بلاط فينا ص ج سطر 8.

2- غلاف الكتاب

غلاف
الكتاب من الجلد الضارب إلى الصفرة النحاسية ويحيط بها على الحواف الأربعة خطان
مُذَهَّبان، وفي مركز الجلد نقش بارز من التذهيب تحيط به حافة مزدوج من نقوش ذهبية
متباينة الأشكال يسميها الغربيون الطراز العربى، ويستدلون على ذلك أنه طراز شرقي.
خصوصاً وأن هناك صك في البندقية لمعاهدة بين الدولة العلية والبندقية. ويرجع عهدها
إلى القرن السادس عشر موجوداً بالقسطنطينية مجلد بجلدة تضارع ذات الجلدة الخاصة
بهذا الإنجيل ص ج سطر 14- 23.

3- قصة اكتشاف نسخه أخرى أسبانية

في
أوائل القرن الثامن عشر وجدت نسخة أخرى أسبانية، قام المستشرق سايك بالتعليق عليها.
وترجمها الدكتور منكهوس في أكسفورد إلى اللغة الإنجليزية. وواضح من تعليق سايك أن
هذه النسخة مترجمة عن النسخة الإيطالية بقلم رجل مسلم يسمى مصطفي العرندي الذي كان
راهب اسمه “فوامنيو” ويروى في المقدمة قصة اكتشافه للنسخة الإيطالية
التي نقل عنها. بأنه عثر على كتابات للقديس إريناوس يندد برسائل الرسول ويستند إلى
كتاب اسمه إنجيل برنابا. مع العلم بأنه بدراسة كل ما كتبه القديس اريناوس في
كتابته لم يذكر أي إشارة بالمرة لإنجيل اسمه برنابا. وأن القديس إريناوس لم يندد
برسائل بولس الرسول، بل كتب عنها الكثير. وفي أحد الأيام كان في مكتبة البابا
اسكتس الخامس. كان هذا الراهب في المكتبة ووقع نوم على البابا ودخل الراهب إلى
المكتبة، وكان الكتاب الأول الذي وضع عليه هو هذا الإنجيل، فكاد يطير من الفرح،
وخبأه في ردائه ولبث إلى أن أفاق البابا واستأذنه بالانصراف. ثم طالعه بشوق عظيم
فاعتنق على هذا الدين الإسلامي (ص ه).

ويبدو
أن هذا الراهب فرامنيو كان يهودياً لأن له إيمان يفوق الوصف بالتوراة.

وهو
عينه الذي كتب النسخة الإيطالية وهو الذي ترجمها إلي اللغة الأسبانية.

 

4- وجود ألفاظ وجمل عربية على النسخة الإيطالية

إن
من يطالع هذا الكتاب ص (و) يجد صورة للغلاف مكتوب عليها ألفاظ عربية على هوامش
النسخة مثل “اللّه عظيم”. فكيف يمكن أن يكون الإنجيل مكتوب في القرون
الأولى وهو مكتوب على حروفه ألفاظ عربية؟!

 

5- التشابه بين الكتاب وشعر دانتي

دانتي
Dante شاعر إيطالي وهو أول من ذكر وصف الجحيم والسموات بصورة مختلفة
تماماً عما جاء في الإنجيل والتوراة، وأيضاً القرآن (اقرأ مقالاً عن هذا الموضوع
هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). لم يكتب أحد في التاريخ هذا
الوصف قبل دانتي. وهذا يؤكد تماماً أن كاتب إنجيل برنابا أخذ وصف الجحيم والسموات
من كتابات دانتي أي بعد القرن 14. يقول د. خليل سعادة “وقد يبعث على المقارنة
بين كاتب هذا الإنجيل والشاعر دانتي ما في كليهما من ملابسات وتعابير لمؤلفات
دانتي الشعرية التي يصف فيها الجحيم والجنة. إذ جاء في هذا الإنجيل أن هناك سبعة
درجات للجحيم في مراتبها باختلاف الخطايا الكبيرة السبع. وأن هناك 9 سموات تأتي في
قمتها الجنة فتكون العاشرة، ويُستنتَج من ذلك أن كاتب ذلك الإنجيل جاء بعد دانتي
أو معاصر له فيكون برنابا هذا ظهر في القرن الرابع عشر. صفحة ح.

 

6- الكاتب الأصلي يهودي أندلسي اعتنق الإسلام

لا
يجوز اتخاذ عدم العثور على الأصل العربي لهذا الإنجيل حجة على وجوده. لأن المطالع
الشرقي يرى لأول وهلة أن الكاتب له إيمان بالقرآن حتى أن كثيرا من فقراته تكاد
تكون ترجمات حرفية أو معنوية لاَيات قرآنية!

وكثير
من الأقوال التي تنطبق على الأحاديث النبوية والأساطير العلمية التي لم يكن يعرفها
حينئذ غير العرب، حتى أنك تجد في هذه الأيام على كثرة المستشرقين والمشتغلين
باللغة العربية وتاريخ الإسلام من الغربيين من يعد عالماً بالحديث. صفحة ط.

غير
أن القول أن هذا الإنجيل عربي الأصل، لا يترتب عليه أن يكون كاتبه عربي الأصل، بل
أن الكاتب يهودي أندلسي اعتنق الإسلام بعد تنصره وإطلاعه على أناجيل النصارى. لأنك
إذا أمعنت النظر في ذلك الكتاب وجدت لكاتبه إلماماً عجيباً بأسفار العهد القديم لا
مثيل له بين طوائف النصارى.

والمعروف
أن كثيرا من يهود الأندلس كانوا يتضلعون باللغة العربية والاطلاع على القرآن
والأحاديث النبوية مثل العرب. صفحة (ى).

ومن
أكبر الأدلة على ذلك اهتمام الكاتب بالختان حتى أنه يقول: بأن الكلاب أفضل من
الغلف أي غير المختونين! وهذا فكر يهودي محض. صفحة (ى).

بل
أن هذا الإنجيل يتضمن كثير من التقاليد التلمودية التي يتعذر على غير اليهودي
معرفتها. وفيه أيضاً شيء من معاني الأحاديث والأقاصيص الإسلامية الشائعة على ألسنة
العامة، ولا سند لها في كثير من الكتب، ولا يتأتى لأحد الإطلاع عليها إلا إذا كان
في بيئة عربية. مما يؤكد أن الكاتب الأصلي هو يهودي أندلسي أعتنق الإسلام بعد
تنصره صفحة (ى) سطر 24.

 

7- عدم ذِكْر الكتاب في أي من كتب العرب أو في القرآن

والذي
يؤيد هذا الرأي أنه لم يرد ذكر لهذا الإنجيل في كتابات مشاهير المسلمين سواء في
العصور القديمة أو الحديثة حتى ولا في مؤلفات مَنْ انقطع منهم إلى الأبحاث
والمجادلات الدينية. مع أن إنجيل برنابا هذا أمضى سلاح لهم في مثل تلك المناقشات
وليس ذلك فقط. بل لم يرد ذكر هذا الإنجيل في فهارس الكتب

العربية
القديمة عند العرب أو العجم المستشرقين الذين وضلعوا فهارس لأندر الكتب العربية من
قديمة وحديثة. صفحة (ط) سطر 11.

 

8- هذا الكتاب كُتب في القرن الرابع عشر

وهناك
دليل يمكن معه الجزم بشأن الزمن الذي كتب فيه. وهو النص الوارد في ص 123، ص 125 أي
سنة اليوبيل التي تجئ الاَن مرة كل مئة سنة.

والمعروف
أن اليوبيل اليهودي لا يجئ إلا مرة كل خمسين سنة. وأن أول مَنْ حدَّد اليوبيل بمئة
سنة في التاريخ كان البابا ديوناسيوس سنة 1300 م.

لكن
الباباوات اللاحقين أرجعوه إلى خمسين سنة، ثم إلى 33 سنة.

من
هذا يتضح أن الزمن الوحيد الذي يمكن فيه لكاتب أن يتكلم عن يوبيل يقع كل مئة سنة
هو هذا الوقت الذي كان معاصراً للشاعر دانتي في القرن 14. صفحة ى.

 

9-
أما القول الذي يشيعه البعض بأن التاريخ يذكر أن البابا جلالسيوس الأول لسنة 492 م
حرّم قراءة بعض الكتب ومن بينها إنجيل برنابا. فهذا لم يحدث. وإلا لذاع الخبر ولو
سماعاً عن نبي المسلمين. لأن هذا الكتاب فيه من العبارات الصريحة المتكررة. بل
والفصول الصافية التي تذكر اسمه في عرضها ذِكراً صريحاً لا يقبل شكاً أو تأويلاً.
وليس ذلك فقط بل لم يتصل بخلفائه الذين أتوا من بعده ولا بالعرب الذين دخلوا
الأندلس.

أخيراً
قد سجلت موسوعة العلوم البريطانية تزوير أمر قصة البابا جلاسيوس هذا صفحة ل، وصفحة
م.

المترجم
خليل سعادة القاهرة في 13 مارس 1908.

 

7- الخلاصة حول إنجيل برنابا المزيف

كلمه
أخيره في خاتمة هذا التسجيل

هذه
الأمور التي من أجلها كُتب إنجيل برنابا يمكن دراستها دراسة بسيطة بروح المحبة
والتسامح لفهمها ومعرفة حقيقتها.

 

أولاً: موضوع إسماعيل واسحق

المرجع
الحقيقي لهذا الأمر هو التوراة. فلو رجعنا إلى التوراة لوجدنا أنه يؤكد في سفر
التكوين أن الذبيحة قدمت بإسحق وليس بإسماعيل. وليس من حق أي إنسان بعد كتابة
التوراة أن يدعى أن إسماعيل هو كان الذبيحة بدل أسحق.

 

ثانياً: السيد المسيح هو ابن اللّه. والمسيحية تؤمن بالتوحيد باللّه

فالمسيحيون
لهم قانون إيمان يقول: “بالحقيقة نؤمن بإله واحد” هذا من ناحية وحدانية
اللّه. ولكن عندما نتحدث عن طبيعة اللّه فنحن نتحدث عن إله موجود بذاته أولاً…
ناطق بكلمة ثانياً… حي بروحه ثالثاً… إله واحد.

كيف
نعرف اللّه بدون كلمته، هذا الكلمة أخذ جسداً من العذراء. لذلك لم تكن العذراء
مريم محتاجة لرجل للولادة. لأن كلمة اللّه مولود من اللّه. فهذه ولادة روحية كائنة
منذ الأزل قبل أن يولد السيد المسيح من العذراء بالجسد.

ولم
ولن توجد امرأة تلد بدون رجل. لأن المولود منها مولود من اللّه الاَب قبل كل الدهور،
فنحن نؤمن بإله واحد: اللّه الاَب ضابط الكل، وكلمته المولود منه قبل كل الدهور،
مولود غير مخلوق كما يقول قانون الإيمان، لذلك نحن نقول باسم الاَب والابن والروح
القدس إله واحد آمين.

 

ثالثاً: موضوع صلب المسيح: هل هو حقيقة أم شُبِّه له؟

إن
صلب السيد المسيح بالنسبة للمسيحيين هو جوهر عقيدتهم. لأن الفداء الذي يؤمن به
اليهود عندما فدى اللّه اسحق ابن إبراهيم بخروف. والفداء الذي تم عندما عبر شعب
اللّه البحر الأحمر كان بواسطة خروف الفصح. الذي تذبحه كل أسرة يهودية.

هنا
يتساءل بولس الرسول في الرسالة لليهود قائلاً “هل دم الخروف أو الثيران يفدي
الإنسان. لذلك فدم المسيح على الصليب هو دم من حَمَل بلا خطية وحده. لأنه ولد بدون
أب جسدي وحده. هذا الدم هو فداء للعالم كله وليس دم الخروف.

إن
الصليب موضوع ضعف وسخرية للمسيح أمام العالم. ولكن المسيحيين اختبروا فيه الفداء
وقوة اللّه للخلاص. لذلك بولس الرسول يقول في رسالته إلى كورنثؤس أنه يكرز بالمسيح
مصلوباً لليهود عثرة، ولليونانيين جهالة. فرغم أنه يعلم أن الصليب سيكون موضوع
سخرية من اليونانيين الفلاسفة إلا أنه كمختبر بقوة الصليب أصرَّ أن يكرز بالصليب.
لذلك فلو كان هناك شيء يجب أن يتفق عليه المسيحيون بالفعل. كان عليهم أن يحذفوا
موضوع صلب المسيح من الإنجيل. لأنه موضوع جهالة أمام العالم. ولكن اختبارهم للقوة
الخارجة منه، اضطرتهم اضطراراً للكرازة بالصليب رغم أنه موضوع جهالة للعالم.

الأمر
الاَخر أن اليهود لو أرادوا أن يحذفوا شيئاً من كتابهم أيضاً لحذفوا موضوع صلب
المسيح لأنهم يريدون أن يبرئوا أنفسهم من هذه القضية. كيف شُبِّه لهم (اقرأ مقالاً
عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات)؟!

1-
هذا الكلام أن اللّه وضع شكل السيد المسيح على إنسان آخر. هذا يعنى أن اللّه لجأ
إلى الخداع والتزييف. إذا كان اللّه يريد أخذ المسيح للسماء بدون صلب أفما كان
يقدر بدون هذه الطريقة البشرية الرديئة؟

2-
هذا يعنى أن اللّه أحياناً يضع شخصية النبي فلان على النبي فلان ويحدث بلبلة في
العبادة وفي التاريخ.. إلخ.

3-
إن التوارة اليهودي تتنبأ عن صلب السيد المسيح.

4-
إن السيد المسيح حُوكم خمس مرات أمام رؤساء الكهنة واليهود وبيلاطس وهيرودس
وأخيراً بيلاطس. ألم يحتج الناس بخصوص أسلوب تغيير الشخصية؟

ألم
تُظهر المحاكمات الخمسة قصة هذا التغيير.

5-
وماذا عن قيامة المسيح. كيف تتم إن لم يكن المسيح قد مات بالجسد؟ كيف يقوم إن لم
يكن قد توفاه اللّه بالصليب ثم قام ثم رفع للسماء؟

 

النقطة الأخيرة: استحالة تحريف التوراة

1-
التوراة كتبها أنبياء اليهود الذين من نسلهم من صلب المسيح فلو كان بالتوراة تحريف
كان أول شيء هو أن يحذفوا النبوات عن مجيء السيد المسيح. وبالذات عن صلبه وقيامته.
فالتوراة هي أكبر شاهد للمسيح.

2-
وجدت سنة 1948 بالبحر الميت بفلسطين. أهم الأجزاء من التوراة سفر: أشعياء النبي
بالذات في مخطوطات البحر الميت. وهذا السفر بالذات مملوء بالنبوات عن صلب السيد
المسيح.

وعندما
طابقوا هذه المخطوطات الذي حُدد زمن كتابتها ب300 سنة قبل الميلاد وجدوها مطابقة
تمام التطابق مع كتاب سفر أشعياء الموجود بين يدي اليهود اليوم.

3-
لم توجد للاَن نسختان اثنتان من التوارة مختلفتين. فأين التوارة المحرف؟ وإذا كان
هناك توراة محرفة فليظهرها الذين يَدَّعون بذلك.

4-
التوراة كتبها عدد كبير من الأنبياء. كلهم تكلموا عن مجيء السيد المسيح وصلبه
وقيامته. وكتبوها على مدى أكثر من 1500 سنة.

كيف
اتفقوا على موضوع الصلب والقيامة على هذا المدى البعيد في المدى الطويل من الزمن؟

 

8- أسئلة بدون إجابة حول خرافة إنجيل برنابا

أخيراً:

1-
ما هي مصلحة اليهود أن المسيح صلب وقام؟

2-
ما هي مصلحة التلاميذ أن يتفقوا على صلب المسيح رغم أن هذا الموضوع كان موضوع
سخرية لهم؟

3-
ما هي مصلحة التلاميذ بحذف جزء من الإنجيل أو تحريفه. وخاصة أن الجزء المختلف عليه
هو صلب المسيح؟

4-
كيف استطاعت كل الأناجيل المكتوبة… على الاتفاق على صلب المسيح وقيامته؟

5-
كيف اتفق الإنجيل مع التوراة على صلب المسيح وقيامته؟

6-
كيف اتفق الأنبياء على مدى 1500 سنة على صلب المسيح؟

7-
وأخيراً… سيظل اللّه حافظاً لإنجيله وتوراته. وأكبر دليل على ذلك هو وجود
مخطوطات البحر الميت التي عمرها يزيد عن 300 سنة ق. م. مطابقة تمام التطابق لما هو
مكتوب في الإنجيل والتوراة وكأن لسان اللّه يقول مهما قال الناس عن تحريف التوراة
أو الإنجيل ومهما قال كاتب إنجيل برنابا، فاللّه وحده يستطيع أن يشهد لإنجيله.

ولإلهنا
المجد الدائم أبدياً… آمين،،

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار