علم المسيح

أمة منكمشة على نفسها



أمة منكمشة على نفسها

أمة منكمشة على
نفسها

. لم
يكن هناك إذن، في أيام المسيح، دولة يهودية، بالمعنى الحصري، بل نظام في منتهى
الغرابة، فريد في التاريخ، وحصيلة تمازج صميم بين الدين والسياسة.فما كان العبراني
المؤمن ليهتم لها إلا بمقدار ما كانت تتصل بالمصالح الروحية، وصيانة الإيمان. وأما
الدين، فقد كان يقوم بوظيفة سياسية صريحة، نظراً إلى أنه الدعامة التي يرتكز عليها
الكيان القومي. ففي هذه الأوضاع، كل قضية دينية تصبح، حتماً، قضية سياسية

 

. ذاك
النظام السياسي، الديني كان مندمجا في نظام الحماية الرومانية

.
وكان الرومان يطلقون لرعاياهم حرية واسعة في كل نطاق ليس له مساس بمصالحهم
المباشرة. وما دام النظام قائما والضرائب مدفوعة، لم يكن لهم أي رغبة في التدخل في
النزاعات الكثيرة والمشاكل الطويلة التي كان يرتاب لها ذاك الشعب الغريب. لقد كان
ذلك، ولا شك، منسجما مع الأساليب المرعية في روما؛ بيد أن اليهود كانوا، بذلك،
ينفلتون، نوعاً ما، من ربقتهم. ولسوف يصحو الرومان من غفوتهم، يوم اندلاع الثورة
الكبرى (سنة 70)، فتكون صحوتهم، عليهم، شديدة

 

. إن
اللفظة الوحيدة التي يمكن أن نعرف تعريفا محكما، ذاك النظام السياسي -الديني، الذي
جرى عليه إسرائيل، في حقبه الأخيرة، إنما هي لفظة ” الثيوقراطية ” (حكم
الله). وذاك هو التعريف الذي اعتمده إفلافيوس يوسيفوس، حيث قال: . ” إن بعض
الأمم قد وضعت السلطة العليا قي يد الأفراد، وبعضها في يد الأقليات، وبعضها الآخر
في يد الشعب. ولكن واضع الشرع، عندنا، لم يستهوه أي شكل من أشكال الحكم هذه. فأفرغ
على دستوره صيغة يمكن تعريفها بلفظة- ” ثيوقراطية “، فوضع السيادة كلها،
والسلطة كلها، بين يدي الله ”

 

. على
رأس ذاك النظام الثيوقراطي كان يقوم الكاهن الأعظم، الزعيم الديني، سيد الحفلات،
والمكلف وحده بإقامة المراسيم الدينية، في الهيكل، في بعض المناسبات الكبرى، كعيد
” التكفير” مثلا. ولكنه، بسبب تلك الزعامة الدينية، كان قد أضحى، في نظر
الأمة اليهودية، زعيمها السياسي أيضا. لقد كان شبه رئيس جمهورية وبطريركا، في آن
واحد. وذلك أن الأسمونيين – وهم من سلالة المكابيين – من يوم استأثروا بالعرش والكهنوت
الأعظم، كانوا قد مهدوا السبيل لتوحيد السلطتين. بيد أن هيرودس، أو لا، ثم روما من
بعده، كانا قد نقصا أولئك الأسياد العظام جزءا كبيرا من دائرة نفوذهم؛ وباستتباعهم،
تمكنا من فرض سيطرتهما مباشرة على السياسة اليهودية كلها. وكان الأحبار العظام
ينتخبون، مبدئيا، لمدة الحياة كلها. ولكن العادة جرت، مرارا كثيرة، على تنحيتهم.
ولما كانوا دائما من ذوي المطامح، وغالبا من هواة الرشوة، فقد كانوا أبعد من أن
يجسموا تلك السلطة الرزينة المفروضة في ممثلي الله العلي

 

وكانت
هناك عشيرتان تتنازعان المدرعة والتاج: عشيرة بوئيتس، وعشيرة حنان. وقد عد يوسيفوس
حنان من أهل ” الغبطة ” لأن خمسة من بنيه -فضلا عن صهره – قد توالوا على
تلك الوظيفة من بعده: وذلك دليل عصبية راسخة. ففي سنة 29 كان الصهر-قيافا- هو
القائم بمهام ذاك المنصب الأعلى، وذلك منذ سنة 180 ولم يكن حنان ليغتم للأمر
اغتماما مفرطا: فقد كان قيافا هزيل الشخصية جدا، يترك لعمه شرف القيام بمهمة
المرشد والمشير

 

.
وكان يعاونهم في ممارسة وظائفهم الكهنوتية، جمهور ضخم من الكهنة واللاويين؛ منهم
المكلفون بالذبائح والمراسيم المقدسة، ومنهم القائمون على بيت المال، والواهفون،
والعازفون، والحجاب. فكان يلازم الهيكل لا أقل من 25 ألف. تعيشهم الأموال الضخمة
التي كان في يتبرع بها ليس فقط يهود الأرض المقدسة، بل اليهود المشردون قي جميع
أطراف الإمبراطورية أيضاً. وكان لآل هارون وحدهم – وهم ذرية شقيق موسى، – حق
القيام بالمراسيم المدققة، والتقادم العلنية، والذبائح الكبرى. وأما اللاويون
فكانوا منقطعين للمهام الصغيرة، يؤلفون شبه بروليتارية كهنوتية، لم تكن على وئام
مع الطبقة الكهنوتية الراقية. بيد أن كلا الفئتين كانت قد فقدت معظم سيطرتها منذ
يوم برز ” الكتبة ” للوجود

 

. كان
صنف الرجال هذا قد نشأ في سبي بابل. فقد كان الشعب المختار”في تلك الحقبة من
تاريخه، بعيدا عن هيكله، عاجزا عن القيام بمراسيم عبادته، كما كانت تقتضيه الطقوس
المفروضة، فراح يتشبث بما بقي له من كنز وحيد: الشريعة. وكان ذاك الكنز -لحسن
الطالع- بما يتخطى حيز الزمن، فأمكن حمله فوق، دروب الصحراء بعضه في المدارج،
ومعظمه في الصدور. فظهر إذ ذاك رجال ضليعون في التوراة، يرد دون نصوصها ويفسرون
آياتها، ويدرسونها بذاك التحذلق وذاك الانكباب الجلود اللذين برع فيهما الفكر
اليهودي. وتألفت من حولهم، حلقات من الأتباع كانوا يستمدون من تعليمهم تعزية راهنة.
وهؤلاء المستمعون والتلاميذ هم الذين خلعوا على أساتذتهم لقب ” راب ” أو
” رابي “، فراجت تسميتهم به؛ ومعناه ” سيد ” أو ” سيدي
“. وعندما رجع شعب الله إلى أرض أجداده، وأصبح فيها أمة منكمشة على نفسها، ظل
نفوذ الكتبة على تزايد مستمر، كيف لا وكانت عند جميع أسرار تلك الشريعة التي وجد
فيها اليهود، لكيانهم، خير ضمان. وكان الكتبة، جيلا بعد جيل، قد أشبعوها بحثا
وتفسيرا وتطبيقا على جميع الأحوال الممكنة، فاجتمع لديهم علم الكلام وعلم الفقه،
في آن واحد. وكانوا يؤلفون، في أيام المسيح، طبقة منظمة يشرف عليها نخبة من ألمع
” علماء الناموس “، يدخل في سلكها منذ الحداثة، ويسيطر عليها جو من
التنافس النشط في جميع ما له علاقة بشؤون الروح. وكان لتلك الطبقة نفوذ أعمق، بما
لا يقاس من نفوذ الطبقة الكهنوتية التي باتت سجينة فرائضها الطقسية

 

.
وكان لهاتين النزعتين – الكهنة والكتبة – أعضاء يملونها ضمن هيئة إدارية، كانت
تؤازر الحبر الأعظم في مهامه، وتعرف باسم ” السنهدرين الأكبر “.وكان
السنهدرين، في آن واحد، شبه مجلس الشيوخ، ومجلس حكومة، ومحكمة عليا، وأكاديمية
لاهوتية. وقد ذهبت التقاليد إلى أن السنهدرين يرقى بتاريخه إلى عهد موسى، يوم اتخذ
من السبعين شيخاً أعواناً له في العمل. ولكن الواقع أن تلك المؤسسة ما نشأت إلا في
غضون القرون الخمسة الأخيرة؛ وكان أول من دعمها الملوك السلوقيون؛ ثم اعترفت بها
روما اعترافاً رسمياً واتخذتها، خفية، لبسط نفوذها على جميع الأمة. وكان السنهدرين،
في مجمله، هيئة أرستقراطية، يؤلف نواتها الأساسية ” الشيوخ ورؤساء الكهنة
“، أي ممثلو الجبهتين: الكهنوتية والعلمانية. وكان يرأسه الكاهن الأعظم،
ويدخل فيه شرعاً، كل الكهنة العظام المنتحين عن منصبهم. بيد أن عدداً كبيراً من
الكتبة وعلماء الناموس كانوا قد انضموا إليه شيئاً فشيئاً، فباتوا في صلبه، عناصر
أكثر نزوعاً إلى الشعب، يستمدون من جدارتهم الراهنة، نفوذاً متزايداً. هؤلاء
السبعون، كانوا، في محفلهم، يؤلفون جهازاً إدارياً معنياً بجميع المشاكل التي
تتشابك فيها شؤون الدين والسياسة. وأمام محكمته سوف يمثل المسيح متهماً بجريمتين
معاً: جريمة الخروج على الشريعة، وجريمة إثارة الشغب، وتشويش الأمن العام. وكان
للسنهدرين حق النظر في كلتيهما؛ بل الصواب أن كلتيهما كانت جريمة واحدة

 

. هذا
التداخل بين السياسة والدين نجده أيضاً في المذهبين الكبيرين اللذين كانا يتوزعان
الرأي إذ ذاك: مذهب الفريسيين، ومذهب الصدوقيين. وتشير كل من هاتين اللفظتين إلى
حزب سياسي وشبه فرقة دينية، في آن واحد، وتعني، معاً، وجهة نظر في قضايا الروح
وموقفا سياسيا تجاه السلطة.. وانقسام إسرائيل إلى هذين المذهبين قد نجم نجوما
طبيعيا جدا من الظروف التاريخية التي وجدت فيها الأمة اليهودية، إثر رجوعها من
الجلاء. فلقد نشأ فيها ما ينشأ دائماً في البلاد المحتلة، من توزع الناس إلى فئتين.
فمنهم من وقفوا موقف التنكر الشديد للعوامل الأجنبية، ومنهم من اعتمدوا سياسة
اللين، وحاولوا أن يلتمسوا، في الأوضاع الراهنة: جميع ما، تنضوي عليه من عناصر
مرضية. فالفريسيون راحوا ينادون بديانة صارمة، وحياة ممعنة في التشدد؛ والصدوقييون
التحقوا بتقليد قديم، فراحوا يركزون على الشعائر جوهر حياتهم الروحية، ولا يتزيدون
في ما يأمر به الشرع من فرائض باتت، في ذاتها، على جانب عظيم من الوعورة

 

. كان
الفريسيون من ذرية أولئك ” الحسديم ” الذين حرضوا على مقاومة عوامل
الانحلال، منذ يوم بدأت السلالة المكابية تخضع لعدوى التأثيرات الغريبة.. إنه
ليصعب علينا أن نطلق فيهم حكما عدلا، وذاكرتنا حافلة بصدى التقريعات الهائلة التي
تناولهم بها المسيح. فهل كانوا كلهم ” منافقين “، وكلهم ” قبورا
مبيضة “؟.. كلا”! فالمسيح لم يشملهم جميعهم بالمذمة، بدليل أنه قبل
الدعوة يوما إلى مائدة أحد أفرادهم.. ولا شك أنهم قد قاموا، في تاريخ إسرائيل،
بمهمة مفيدة، جوهرية: فإنهم قد سعوا، أكثر من أية فئة أخرى، إلى صيانة التراث
الروحي، في حذافيره، وإن لم يكن نزوعهم إلى التشبث بالحرف ليخلو من بعض الأخطار

 

. ولم
يكن عدد الفريسيين كبيرا جدا: فكانوا يقدرون بستة آلاف في فلسطين كلها. وكانوا، في
معظم الأحيان، ينتمون إلى الأوساط الشعبية، يمارسون فيها حرفة يدوية كالقصابة،
والعطارة، والرعاية، والنجارة، والحدادة. ومع أن الإنجيل يشمل، غالبا، قي ذات
الملامة، ” الكتبة والفريسيين ” فإن معظم الفريسيين لم يكونوا من الكتبة
” المهنيين “، كما أننا نعرف كتبة وعلماء ناموس، لم يكونوا من الفريسيين.
وأما في الدين فكانوا يذهبون مذهب التشدد. ولابد أنهم كانوا يسترعون الأنظار
بتزمتهم، ووقار مظهرهم، والتمائم التي كانوا يحملونها فوق صدورهم سحابة النهار –
مخالفين بذلك عامة الشعب اليهودي، إذ أن اليهودي العامي كان بضع تلك العلبة
الصغيرة المحتوية على بعض نصوص التوراة مدة الصلاة فقط – وأقمصتهم الطويلة العارية
من الزينة. وكانوا، على زعمهم، يهربون من ظاهر الشر، ويحرمون – طبعا – الزواج
بالوثنيين. بل مجرد الاتصال بهم. وكانوا لا يلجون بيت روماني لا لأسباب خطيرة،
ويعمدون، في إثر ذلك، إلى الإمعان في التطهر. هذا، وكانوا يتخطون أحيانا، في
تدقيقاتهم الشرعية، حدود المحال

 

.
وأما الصدوقيون – وكانوا يدعون الانتساب إلى صادوق، رئيس الكهنة في عهد داود
وسليمان – فقد كانوا أشبه بمن ندعهم اليوم ” بالمعتدلين “، وكان منبعهم
تلك الأوساط الثرية التي ما فتئت، في كل عصر وتحت كل سماء، تعتقد أن المغامرات
الكبرى -روحية كانت أم وطنية- لا تستحق أن تبذل، في سبيلها، رفاهية كريمة. فكانوا
لا ينصحون بالمقاومة العنيفة، والتصدي بها لتلك السلطات الأجنبية التي لم يكن أحد
لينكر عليها فضلها في صيانة الأمن، داخل أرض كنعان. وربما يصح فيهم القول فيهم: ”
بأنهم أبدا يسعون وراء أهون الشرين). ولا يعني ذلك أنهم كانوا من كفار اليهود. وكل
ما هنالك أنهم كانوا يؤثرون الأخذ بمدلول الشريعة -ولا سيما إذا كان من جانبهم –
ويزدرون كل الازدراء الاجتهادات الكلامية التي تفرعت حول ذاك الجذع القديم الذي
نبت من موسى. ولم يكونوا أكثر اعتقادا بتمحلات الفريسيين في شريعة السبت، منهم
بتلك البدع المتطرفة التي راح يروج لها القائلون بالحياة الأخرى وبعث الأموات..

 

.
هكذا كانت المذاهب موزعة في العهد الذي بدأ فيه المسيح يبث تعليمه. فالفريسيون من
جهة، والصدوقيون من جهة أخرى. وأما الزيلوتيون فكانوا، إذا صح التعبير، في أقصى
اليسار من النزعة الفريسية، والهيرودسيون في أقصى اليمين من الحزب الصدوقي

 

.
وإنما لا بد أن نلاحظ أن هؤلاء القادة من كلتا الفئتين، كانوا يؤلفون أقليات
منطوية على ذاتها، في عاطفة شديدة من الخيلاء. وكانوا جميعهم يضمرون الازدراء
للرعاع السافل وللحثالات الشعبية: أما الفريسيون فلأنهم كانوا، في نظر ذواتهم،
راسخين في معرفة علم الله؛ وأما الصدوقيون فلأنهم كانوا فقط من ذوي النعمة والثراء

 

..
وكان يطلق على العوام ” لقب ” عم هآريتس ” أي، أهل البلاد. ولكن
اللفظة كانت قد اكتسبت، في الاستعمال، معنى ذميما، ف “العم هآريتس ”
كانوا في نظر، علماء الناموس أشبه بالوثنيين: أو لم يكن أولئك الأوباش مثقلين
بالنجاسات الشعائرية؟.

 

.
الفريسيون، والصدوقيون وال عم هآريتس.. ما بين تلك الفئات الثلاث كان لا بد للمسيح
أن ينطلق رسولا. كما أنه، في حضرة الكاهن الأعظم، وأمام ا السنهدرين، كان لا بد أن
يمثل متهما..

 

. في
تلك الحقبة من تاريخ البشرية، كان العالم الروماني قد بلغ أوجه؛ وكانت
الإمبراطورية قد مهدت للإنجيل، بيئة طيعة. لانتشاره، وللرسل، وسائل النقل والاتصال،
وللدعوة المسيحية، ذاك السلام الذي سوف يمكنها من الانتشار في الأرض قبل انفجار
الثورة الكبرى. فاصبح في إمكان المسيح أن يعالج مشاكل أهل ذاك الزمن، بالحلول
الناجعة. فهناك الأزمة الفكرية: وسوف يتدبرها المسيح بإرساء الأسس التي تقوم عليها
كرامة الفرد، وتمهد السبيل لبناء فكرة جديدة عن الإنسان. وهناك الأزمة الخلقية،
وسوف يهتم لها بإحداث انقلاب جذري قي المبادئ، والرجوع بها إلى الله مباشرة، عوض
أن تظل خاضعة للعقل وحده، وللمصالح المدرجة في القوانين الجماعية. وهناك الأزمة
الاجتماعية: ولسوف يعيد الإنجيل إلى الإنسان كرامته، ويعلن أن الشريعة الضرورية
الوحيدة إنما هي شريعة المحبة، فيملأ بذلك، على الأذلاء والأرقاء، فراغ ترقبهم،
ويجري في عروق المجتمع دما جديدا. وهناك أخيراً الأزمة الروحية، تلك الصبوة
المبهمة إلى تحقيق أهداف العدالة، في هذه الدنيا، والطمأنينة في الآخرة: ولسوف
تفضي تلك الرغبة الدفينة، بفضل الإنجيل، إلى عقيدة نيرة واضحة، وأنقى، من كل عقيدة
سواها..

 

فلا
شك إذن أن الإمبراطورية الرومانية، في واقعها التاريخي، قد هيأت،

.
لتلك الحبة المقذوفة في أرض فلسطين، أن تترعرع سريعا وتمتد بعيدا. بيد أن كل شيء
يدل على أن تلك الحبة كان لا بد مها، وأن العالم، في قرارة ضميره، كان يترقبها

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار