علم المسيح

أكبر برهان على قيامة المسيح



أكبر برهان على قيامة المسيح

أكبر برهان على
قيامة المسيح

 

أما
أثبت البراهين على قيامة المسيح، فجاء في الحوادث التابعة لصعوده. فبعد صَلْبه
بسبعة أسابيع فقط نرى تلاميذه يجاهرون أمام الجموع المتجمهرة في أورشليم ذاتها،
بحقيقة قيامته. ويوبخون الرؤساء صراحة في مركز سطوتهم على قتلهم المسيح الذي أقامه
اللّه من الأموات، ونرى الألوف يؤمنون حالاً بتأثير هذه المجاهرة، وتأثير المعجزات
التي فعلها رسله ونسبوها إلى قوة المسيح الذي قام من قبره ممجَّداً. فلو كان تكذيب
خبر القيامة ممكناً، لما استطاع التلاميذ أن يجاهروا. ولو لم يقم المسيح حقاً
لَمَا تجرأوا أن يعلنوا ما أعلنوه.

 

ثم
أنه لا يُعقل أن الرؤساء المبغِضين الذين بذلوا غاية الجهد حتى يصلبوا المسيح
يسكتون عن تلاميذٍ سرقوا الجسد ويسكتون عن حراسٍ أقاموهم ليمنعوا التلاميذ عن عملٍ
كهذا، فقصَّروا في مهمتهم. لو تجاسر تلاميذه وسرقوا الجسد، فماذا يربحون من سرقة
الجسد. لأن مَنْ يصدق قولهم بقيامة سيدهم لمجرد فروغ القبر من جسده؟ وبأي حق
يجعلون قيامته أساس وعظهم، وليس لديهم برهان إلا وجود القبر فارغاً؟

 

ثم أن
المحبين الذين يسرقون الجسد في وجود الحراس (على فرض نومهم كما قال اليهود) لن
يجرأوا أن يبقوا في القبر أكثر من الدقائق الضرورية لأخذ الجسد، فلا يمكن أن
يهتموا بأن يرفعوا الأكفان عن الجسد، ثم يضعوها ملفوفة بترتيب. وأي عاقلٍ يُسلِّمُ
بأنهم يسرقون الجسد ويتركون لأعدائه وأعدائهم الأكفان الثمينة؟ وكيف يرفعون الحجر
الضخم الذي على باب القبر بدون أن يوقظوا الحراس؟ وكيف يسرقون الجسد ثم يرفض
قادتهم من التلاميذ تصديق قيامته، وينسبون الهذيان إلى النساء القائلات بها؟ وكيف
يسرق التلاميذ جسده ليلاً ثم في الصباح تتوجَّه النساء اللواتي كُنَّ في مقدمة
تابعيه، وبعضهن أمهات بعض التلاميذ آخذات الحنوط إلى القبر؟

 

ثم أن
الصفات والمبادئ السامية القويمة التي اشتهر بها تلاميذه سريعاً بعد موته،
واستشهادَهم دون تردد انتصاراً لقيامته، أمورٌ لا تتّفق مطلقاً مع اتِّهامهم
بحيلةٍ كاذبة لهذه الدرجة.

 

لو
كانت القيامة اختلاقاً:

ثم
أنه لو كانت قصة القيامة اختلاقاً، لذكر الرواةُ ظهورَ المسيح لغير تلاميذه، ليزيد
برهانُ ما يدَّعونه. ولَمَا خطر على بالهم أن يحصروا ظهوره بالتلاميذ وحدهم. لأن
المختلِق الذكي لا يترك هذا الباب دون أن يطرقه. ونعلم من التاريخ أن هذا الانتقاد
حصل باكراً من أعداء المسيحية. أما الذين يقولون باستحالة المعجزات فيضطرون طبعاً
لإِنكار القيامة التي هي أعظمها.

 

وهناك
من يقول إن التلاميذ لم يختلقوا خبر القيامة، لأنهم رجال صالحون صادقون، لكنهم
رأوا رؤى ظنوها حقيقة. لكننا يجب ألاَّ نغفل أن تحقيق قيامة المسيح لم تبتدئ
بمشاهدة شخصه، ليصحَّ القولُ إنه رؤيا، بل ابتدأ بالبرهان الحسّي في فراغ قبره.
ومعلوم أن الرؤيا الوهمية تأتي الإِنسان طِبقاً لتصوُّراته. وقد كان التصوُّر
بقيامة المسيح، بعيداً عن كل استعدادات التلاميذ الفكرية السابقة. ونعود إلى القول
بأن البشيرين لم يوردوا خبراً من الأخبار التحليلية، بل اقتصروا على ما هو تحت حكم
حواس البصر والسمع واللمس، وبذلك ختموا على أهمية شهادة الحواس في الدين. نعلم أنه
لما ظهر المسيح لهم ألزمهم أن يلمسوه ويطعموه لكي يعرفوا أنه بالحقيقة قام.

 

كان
الرسل في وعظهم يعودون إلى حقيقة القيامة، دون أي معجزة أخرى، كشهادة بأن المسيح
ابن اللّه. وعلى تصديق القيامة يتوقف تصديق المعجزات كافة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار