المسيحية

أبوّة الله للمسيح



أبوّة الله للمسيح

أبوّة الله للمسيح

في
محاولتك التعرض لبنوّة المسيح استندت إلي نصوص قرآنية من سورتي الأنعام: ”
بديع السموات والأرض أنَّى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء
عليم” (الأنعام 6: 101). وقصدى من الاستشهاد بهذا النص . أن ألفت نظرك الكريم
إلى علّة اعتراض الإسلام على بنوّة المسيح . ففى القديم نادى بعض الملتصقين
بالكنيسة من أصل وثني ببدعة مفادها أن مريم العذراء إلهة . ولعلهم استعاضوا بها عن
” الزهرة ” التي كانوا يعبدونها قبلاً، وقد أطلقوا على أنفسهم اسم
المريميين نسبة إلى مريم . وأشار إليهم العلامة أحمد المقريزى فى كتابه ”
القول الإبريزي” (ص 26). وكذلك ذكرهم ابن حزم فى كتابه ” الملل والأهواء
والنحل” (ص 48) . وبما أن بدعتهم تفترض اتخاذ الله زوجة وإنجاب ولد منها،
فبديهيّ جداً أن يشجبها القرآن، ولكن هذه الفكرة بعيدة كل البعد عن المسيحية .
وليس ثمة مسيحي واحد يؤمن بها . بل إن المسيحيين يعتبرونها إهانة موجَّهة إلى جلال
الله القدوس المنزه عن كل خصائص الجسد. ولقد انبرى علماء المسيحية لمقاومة هذه
الضلالة بكل الحجج الكتابية والعقلية، وهكذا لم ينته القرن السابع حتى كانت قد
تلاشت تماماً.

فمما
تقدم يتضح لنا أن القرآن لم ينتقد عقيدة المسيحيين، بل بدعة المريميين التى مصدرها
الوثنية، لأن الوثنيين الذين كانوا منتشرين في مصر وبلاد العرب واليونان كانوا
يعتقدون بأن آلهتهم تتزوج وتنجب أولاداً . أما المسيحيون فلا يعتقدون بأن المسيح
ابن الله على طريقة الاستيلاد من صاحبة . بل يعتقدون أنه ابن الله على طريق الصدور
من ذاته فى الوجود الإلهي، بصفة كونه ” كلمة الله وروح منه” وقد أشار
الرسول بولس إلى هذه الحقيقة إذ قال:


بولس عبد ليسوع المسيح، المدعو رسولا، المفرز لإنجيل الله، الذى سبق فوعد به
بأنبيائه فى الكتب المقدسة، عن ابنه، الذى صار من نسل داود من جهة الجسد، وتعين
ابن الله بقوة من جهة روح القداسة، بالقيامة من الأموات ” (رومية 1: 1-4).

وحين
نستعرض أقوال المسيح نرى فيها تصريحات واضحة تؤكد البنوة الإلهية، منها ”
طوبي لك يا سمعان بن يونا، إن لحماً ودماً لم يعلن لك، لكن أبى الذي في
السموات” (الإنجيل بحسب متى 16: 17) ” فهكذا أبي السماوي يفعل بكم
” (الإنجيل بحسب متى 18: 35). ” لماذا كنتما تطلباننى؟ ألم تعلما أنه
ينبغي أن أكون في ما لأبي؟ ” (الإنجيل بحسب لوقا 2: 49). فأجابهم يسوع ”
أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل ” (الإنجيل بحسب يوحنا 5: 17).

وحين
تمت معمودية المسيح فى نهر الأردن . سُمع صوت من السماء: ” هذا هو ابني
الحبيب الذي به سررت” (الإنجيل بحسب متى 3: 17).

والآن
لنعد إلى كلمة القرآن: ” لم يلد ولم يولد، فقد فسرها الإمام البيضاوي هكذا: ”
لم يلد” لأنه لم يجانس ولم يفتقر إلى ما يعينه أو يخلف عنه لامتناع الحاجة
والغناء عنه، ” ولم يولد ” لأنه لا يفتقر إلى شيء ولا يسبقه عدم،
فالولادة المعنيّة فى سورة الإخلاص لا تكون إلا جسدية تناسلية، وهذا ليس اعتقاد
المسيحيين إطلاقاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار