علم التاريخ

43- بطرس والدو



43- بطرس والدو

43- بطرس والدو

أحد
أعضاء مدينه ليون، وبينما كان حاضراً أحد اجتماعات مجلس المدينة توفي فجأة صديق له

من
أعضاء المجلس فاثر فيه هذا الحادث تأثيرا عميقاً وراح يفكر في انه ربما وقع له مثل
ما دفع لزميله.

وفي
عام 1173 أثار انتباهه شاعر موسيقي كان يتجول في شوارع المدينة وهو ينشد اجزاء من
ترنيمة أحد القديسين، فاخذ الشاعر معه إلى منزله لكي يسمع منه المقطوعة وفي اليوم
التالي، قصد واحد من الكهنة المرموقين وسأله عن الطريقة التي يستطيع بها، ينال
القداسة العملية فأجابه الكاهن: “، أردت، تكون كاملاً أذهب بع كل ما عندك
أعطه للفقراء ”

 

وكان
الدو مستعداً لان يفعل أي شيء يعينه علي بلوغ غايته، لذلك لم يترددوا ويتوان ومضي
ونفذ ما أشار به الكاهن وباع كل ما عنده وقضي ثلاثة أيام من كل أسبوع يطعم فيها
الفقراء.

 

واودع
ابنتيه في دير العذارى وقد تفرغ لخدمه الله ودعا مواطنيه، يحذوا حذوه، فانزعجت
زوجته لهذا التحول في تفكيره وتصرفاته ولجأت إلى الأسقف متوسلة إليه، يمنعه من
تنفيذ فكرته: لكنه أصر علي قراره ولم تنفع معه محاولاتها.

 

وانضم
إليه عدد كبير من مواطنيه أطلقوا علي أنفسهم اسم (فقراء ليون) وتصادف، اجتاح
البلاد قحط شديد وكانت هذه المجاعة فرصه سانحة لوالدو ورفاقه لإظهار محبتهم
لمواطنيهم وتضحيتهم من أجلهم.

 

في
أول الأمر كانوا والدوا ورفاقه يصلون لاختيار القداسه في حياتهم الشخصية، وكانت
الخدمه والتضحية هي طريقهم لنوال هذا الاختيار، لكن هالهم الفساد والتفتيش بين
رجال الدين، فقررا العمل لعلاج هذا الفساد.

 

وللوصول
إلى معرفة اعمق للتعاليم الدينية قررا والدو، يقوم بترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة
القومية، وبمعرفة ثلاثة من الدارسين تمكن والدو من أعداد ترجمه العهد الجديد وسفر
المزامير واجزاء أخري من أسفار العهد القديم، وفي الوقت عينه قام والدو بجمع
مجموعه كبيرة من أقوال الأباء وتعليقاتهم علي بعض اجزاء من الكتاب المقدس وخصوصاً
أقوال الأباء: القديس امبروسيوس و القديس جيروم و القديس اغسطينوس والبابا
اغريغوريوس الأول.

 

وراح
والدوا ورفاقه يجولون الشوارع حاملين في أيديهم الكتب التي انجزوها وساروا من شارع
إلى شارع ومن مدينه إلى مدينه يقدمون للناس رسالة الإنجيل وكانت خدمتهم ناجحة
وبنفس الحماس الذي اندفع به السبعون رسولاً حاملين البشارة السارة إلى كل العالم
القديم انطلق (فقراء ليون) اثنين اثنين في الأسواق ويفسرون الكتاب المقدس للناس في
الشوارع وفي الطرقات، واما الكنائس فكان قد اغلق معظمها في وجوههم وكان الكهنة
يحاولون عرقله مساعيهم ويضعون العقبات في طريقهم، وقد اصدر أسقف ليون قرار بمنع
والدو ورفاقه من مباشرة خدمتهم.

 

وفي
عام 1179 توجه اثنان من رفاقه والدوا إلى روما يشكون إلى البابا من المعاملة
السيئة التي يلقونها علي نشاطهم ويرجونه، يسمح لهم بالعمل والخدمه دون معوقات وقد
اخذ معهما نسخه من ترجمه الكتاب المقدس التي كان قد أعدها زعيمهم، ورحب البابا
بهما وعبر لهما عن تقديره لهم وتضحياتهم. في هذا الوقت كان (مجمع لاتيران)
منعقداً، وكان من بين المسائل التي أدرجت في جدول أعماله موضوع إصلاح أحوال
الكنيسة، وقدم البابا لهيئة المجمع التماس (والدو) الذي كان يطلب فيه الترخيص له
ولرفاقه بمباشرة نشاطهم، فقرر المجمع أحاله الالتماس إلى لجنه تتولى فحص أعمال
جماعه (فقراء ليون) أو أصدقائه والدوا الذين اصبحوا يعرفون باسم (الوالديين)
Waldensians.

 

وكان
من بين أعضاء اللجنة شخص إنجليزي اسمه (والترمايس)، سجل عده ملاحظات عن هذه
الجماعة منها انه ليس لهم مقر ثابت لكنهم يتنقلون من مكان إلى أخر، حفاه الإقدام
يعملون اثنين اثنين، لا يملكون شيئاً ما يعيشون علي نظام الكنيسة الأولى، كل شيء
بينهم مشتركاً، وهم علمانيون لم يحصلوا علي شيء من العلم ولا يجب، يضيع المجمع
وقته في الانشغال بطلبهم.

 

ورغم
ما سجله هذا الرجل عنهم ألا انه نسي مدي تأثيرهم علي الشعب رغم (انهم بداو بداية
بسيطة، لكن علينا ألا ننسي انهم قد يصبحون في المستقبل قوة لا يستهان بها، وربما
يطردوننا من البيت لو أننا سمحنا لهم بدخوله)

 

ولذلك
سمح البابا لوالدو ولرفاقه ممارسه نشاطهم، ولكن تحت أشراف الاكليروس، إذ رأي انه
من الحكمة، تخمد الكنيسة هذه الحماسة الدينية، وكان إلى هذه اللحظة والدو ورفاقه
من الكنيسة الكاثوليكية، ويعملون من داخلها،

 

فوالدو
لم ينسي فضل الكنيسة الكاثوليكية علية فكاهن كاثوليكي هو الذي هداه إلى معرفة الله
وأيمانه لإيداع ابنتيه في الدير، وبفضلها تعمق في دراسة الإنجيل فلم يحاول مقاومة
سلطانها، واستمر فترة طويلة داخل الكنيسة في حدود ما سمح له البابا في مجمع
لاتران.

 

ألا،
الكهنة هم الذين ضايقوه هو ورفاقه، وراحوا يضعون العقبات في طريقه ولذلك أعلن
(الوالديون) عدم الاعتراف بسلطان الكنيسة الذي يمثله هؤلاء الكهنة، أعلنوه انه حيث
روح الرب هناك تكون الحرية، وعندما كان يطلب منهم الامتناع عن الوعظ كان جوابهم
بقول بطرس ويوحنا الأعضاء السهندريم (أن كان حقا أمام الله تشجيع لكم اكثر من الله
فاحكموا انتم) (أع 4: 19)

 

ومن
هنا اعتبر الوالديون متمردون علي السلطان الرسولي: وخارجين علي القانون الكنسي
واصبحوا اعرضه لصدور الحكم بتكفيرهم، وتوقيع اقصى العقوبات عليهم ألا انهم لم
يكترثوا.

 

فتقرر
بعد ذلك طردهم وحرمهم من عضويه الكنيسة وذلك في مجمع فيردنا سنه 1184 واصدر
قراراته ضدهم وضد عدد من الجماعات الأخرى التي كانت قد ظهرت آنذاك وتضمن القرار
نداء يمنع الشعب من قبول وعظهم أو الاستماع إلى تعاليمهم.

 

أما
الوالديون فظلوا ينشرون تعاليمهم في أقاليم في فرنسا وإيطاليا وأسبانيا حيث لقيت
تعاليم أذانا صاغيه كثيرة لدرجه، كان الناس يعتبرون تعاليم إنجيلا جديداً فالتفت
حولهم شعوب كثيرة رغم مقاومة السلطات المدنية ايضالهم إرضاء لخاطر رجال الاكليروس،
لدرجه، احرق منهم كثيرون وهرب والدو إلى بوهيميا ليكون بعيداً عن يد البابا حيث
أسس هناك كتيبه كبيرة لها شعب كثير وتزايد اتباع والدو، حتى عام 1198 وتحت تأثير
أسقف نورين قام إمبراطور ألمانيا (اوتو الرابع) بإصدار قرار إمبراطوري بالقضاء علي
الوالدين، فتعرضوا للاضطهاد الشديد حتى نهاية القرن السابع عشر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار