+ المنظر العام:
+ المنظر العام:
كان هيكل سليمان عجيبة من عجائب الدنيا في عظمة
مبناه ومعناه: “ بيت الله “، “بيت الصلاة “،وللأسف
لقد ضاعت كل معالم هندسة الهيكل، واندثرت مع اندثاره، ولم يستطيع أعظم عظماء
المهندسين والمنقبين أن يستردوا أى شكل من أشكاله، إلا ما بقى من أوصافه المدونة
في الكتاب المقدس (ملوك الأول 5 –
8، أخبار الأيام الثاني 2-5).
أُقيم الهيكل فوق جبل المريا علي قاعدة هائلة
بُنيت من حجارة منحوتة (ملوك الأول 7: 10)، لتشهد عن ذاك الذي هو صخر
الدهور والذي عليه يقوم الكل (كورنثوس الأولي 3: 12 –
15).
أما طول الهيكل وعرضه فكان ضعف ما كان
عليه في خيمة الاجتماع، وكبناء دائم كان محكماً ومتقناً ورحباً وشاملاً ومضافاً
إليه أجنحة وغرف وسط فناء كبير.
كان طول الهيكل ستون ذراعاً (27 متر)،
وعرضه عشرون ذراعاً (9 متر)، وارتفاعه ثلاثين ذراعاً (13.5 متر) [ هذه مقاييس
داخلية أي أنها لا تشمل سمك الجدران ].
وقد بنى كله بحجارة صحيحة، اقتلعها
العمال ونحتوها في مقالعها، فلم يسمع في الهيكل عند بنائه صوت منحت أو معول أو أي
أداة حديدية، كان البناء يرتفع في هدوء يليق بهيكل إله السلام، وسقف البيت بألواح
من خشب الأرز (ملوك الأول 6: 10)،وكسيت جدران الهيكل من الداخل، ومن الأرض إلي
السقف بعوارض من خشب الأرز، وغُطِّيت أرضيته بخشب السرو، ونقشت علي ألواح خشب
الأرز التي غطت الجدران الداخلية أشكال قثاء ([1])(يقطين)،
وبراعم زهور متفتحة ونخيل ([2]) وكروبيم
كرمز للخلائق كلها تسبح إلهها (أخبار الأيام الثاني 3: 7).
فكان
البناء الداخلي مغشياً كله من خشب الأرز فلم يكن يُري حجر. أما خشب الأرز وألواح
السرور التي فرشت أرضية البيت فقد غشاها جميعاً بالذهب. ولاحظ أنه لم تكن في
الخيمة أرضية مجهزة، بل كانت أقدام الكهنة تدوس علي رمل البرية،ومكتوب عن أورشليم،
المدينة المقدسة، أن “ سوقها “ أي شارعها “ذهب نقي كزجاج شفاف” (رؤيا يوحنا
21: 21).فما أمجده مشهداً داخل هيكل سليمان! فمن أعلي، غشي السقف
بذهب (أخبار
الأيام الثاني 3: 5). ومن أسفل، مشي الكهنة علي الذهب، وكأن
هذا لم يكن يكفي “فرصع البيت بحجارة كريمة
للجمال” (أخبار
الأيام الثاني 3: 6) وهنا نقول تلك التسبحة: “ما فعل الله” أو “يالعظمة ما فعل الله!“ (عدد
23: 23).
كان مدخل الهيكل من
الشرق، وكان ينقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسية:
(1) الرواق (بالعبرية Ulam):
كان
الرواق (أي المدخل) طوله عشرون ذراعاً (9 متر) بعرض البيت، وعرضه عشر أذرع (4.5
متر) (ملوك
الأول 6: 3)، وارتفاعه مئة وعشرين ذراعاً (54 متر) (أخبار
الأيام الثاني 3: 4)، وغشاه من الداخل بالذهب الخالص، وأقام
في الرواق عمودين
من النحاس، طول العمود الواحد ثماني عشرة ذراعاً (8.1 متر) ومحيطه
اثنتا عشرة ذراعاً (5.4 متر)، وكانا أجوفين، سُمْك كلٍّ منهما نحو أربع أصابع (76
مم).وصنع تاجين من النحاس المصبوب ليضعهما علي رأسى عمودي النحاس. طول التاج
الواحد خمس أذرع (2.25 متر)، وزين كل تاج من التاجين الموضوعين علي رأس العمودين
بسبع نوافذ من شِباكٍ مصنوعة من ضفائر النحاس. وسبك صفين من الرمان حول محيط
العمودين علي نوافذ الشبكتين، لتغطية التاجين اللذين علي رأس العمودين، وكان عدد
الرمانات في كل صف مئة رمانة، ولكن يبدو للناظر 96 رمانة فقط، أما الأربع الأخرى
فالأرجح أنها في الأركان الأربعة أو في وضع مرتفع بحيث لا ترى من الجانب (إرميا 52: 23). أما الجزء الأعلى من التاج، فقد كانا علي شكل زهرة السوسن، وطول كل
منهما أربع أذرع (1.8 متر). وعلي ذلك فالتاج كله بجزيئه السفلي والعلوي 9 أذرع،
وإذا كان طول العمود 18 ذراعاً، وطول العمود كله بحسب سفر الأخبار الثاني (3: 15) هو 35 ذراعاً، فلا يبعد أن تكون لكل من العمودين قاعدة طولها 8 أذرع..
ونصب أحدهما إلي اليمين أي يمين الخارج من الهيكل وهي الناحية الجنوبية من الهيكل
ودعاه ياكين (يثبت)، والأخر علي اليسار بالنسبة للخارج من الهيكل وهي الجهة
الشمالية من الهيكل ودعاه بوعز (فيه قوتي) (ملوك الأول 7: 15 – 22).
ولم
يكن البناء يستند عليهما لكنهما كانا من أعمال الزخرفة، وقد قصد بهما أن يلفتا نظر
الداخل للعبادة أن الله هو الذي يثبت ذهن الإنسان فيه وحده (ياكين) “ذو الرأي الممكن تحفظه سالماً سالماً لأنه عليك متوكل”(إشعياء 26:
3)، أما العمود الثاني (بوعز) فهو يوحى للإنسان بأن الله وليست
الذبائح – هو مصدر القوة للإنسان الضعيف.
كان
هذان العمودان شهادة علنية علي أن الثبات يوجد في المسيح والمسيح وحده.وفي سفر
الرؤيا يذكر يوحنا ما قاله الرب: “من يغلب فسأجعله عموداً في
هيكل إلهي، ولا يعود يخرج إلي خارج” (رؤيا يوحنا
3: 2).
(2) البيت أو القدس
ويسمى أيضا الهيكل Hekal)):
كان
طوله أربعون ذراعاً (18 متر)، وعرضه عشرون ذراعاً (9 متر)، وارتفاعة ثلاثون ذراعاً
(13.5 متر)،وكان لمدخله باب قوائمه مربعة من خشب الزيتون، مغطاة بنحاس، ومصراعين
من خشب السرو، والمصراع الواحد دفَّتان تطويان، ونقش عليهما كروبيم ونخيل وبراعم
زهور وغشاها بذهب مُطعَّم علي النقش (ملوك الأول 6: 33- 35).
وصنع
للبيت نوافذ مشبكة (مغطاة بشبك) ضيقة من الخارج متسعة من الداخل تسمح بنفاذ الهواء
والضوء وتمنع الطيور، أي أن القدس كان مضاء بالنور الطبيعي المنبعث من النوافذ التي
علي كل الجانبين من أعالي الجدران.
وفيه
كان يمارس الكهنة وظائفهم المقدسة وقد كان فيه:
أ – عشر موائد:
كان
في الخيمة مائدة واحدة، جاءت أوصافها في (خروج 25: 23 – 30)، أما في الهيكل فكان عشر موائد جاء ذكرها في معرض الحديث عن أواني الهيكل
بدون التعرض لمقاييسها أو مواصفاتها (ملوك الأول 7: 48، أخبار الأيام الثاني
4: 19).ومدلول مائدة خبز الوجوه (1)هو
واحد سواء في الخيمة أو الهيكل.
ب – عشر منارات:
والمنائر
خمساً عن اليمين وخمساً عن اليسار أمام المحراب من ذهب خالص والأزهار والسرج
والملاقط من ذهب (ملوك الأول 7: 49، أخبار الأيام الثاني 4: 20) ومدلول المنارة هو واحد (2)، سواء في الخيمة أو الهيكل.
ج–
مذبح الذهب:
هذا
المذبح كان يقدم عليه البخور يومياً (لوقا 1: 9)،
ذُكر عرضاً خلال التعليمات المتعلقة بالهيكل إلا أن الوحي أفرد أربعة عشر عدداً
للكلام عن مذبح الذهب في الخيمة (3) (خروج 30: 1- 10 و37: 25
– 28). كان مذبح البخور الذي في خيمة الاجتماع
من خشب السنط. ولا نعرف من أي شئ بُني المذبح في هيكل سليمان والأرحج أنه من حجارة
وكان مغشي بأرز وكان الأرز مغشّي بالذهب (ملوك الأول 6: 22)، وسمي
مذبح خيمة الاجتماع مذبح الذهب للبخور (خروج 40: 5).
(3) المحراب (قدس
الأقداس) وبالعبرية) Devir):
هو
أقدس جزء في الهيكل، وما كان لأحد أن يدخله سوي رئيس الكهنة ولا يدخله سوي مرة
واحدة في السنة أي في يوم الكفارة بشرط أن يحمل معه دم ذبيحة الكفارة.
كان
طوله عشرون ذراعاً (9 متر)، وعرضه عشرون ذراعاً، وارتفاعه عشرون ذراعاً ويبدو أنه
كان بلا كوى، وعمل له باب من مصراعين مصنوعين من خشب الزيتون، لهما عتبة وقائمتان
علي شكل مُخَمَّس ورسم علي المصراعين نقش كروبيم ونخيل وبراعم زهور وغشاهما بذهب
ورصع الكروبيم والنخيل بذهب (ملوك الأول 6: 31 و32)،
وحتى مفصلات الأبواب كانت من ذهب (ملوك الأول 7: 5)،
والذهب يشير إلي البر الإلهي والمجد الإلهى.
كان
باب المحراب أضيق قليلاً من باب القدس.
وكان
عليه حجاب مثبت بسلاسل من ذهب (أخبار الأيام الثاني 3: 14 – 16) من نفس المواد التي صُنع منها حجاب الخيمة (1)،
أي من الأسمانجوني والأرجوان والقرمز والبوص المبروم، عليه رسم كاروبيم بارز، أي
أن الكاروبيم ظهرت كما لو كانت صاعدة.
وكان فيه:
أ-
تابوت
العهد:
واضح
أن التابوت لم يكن قطعة هيكلية خاصة إذ هو نفس التابوت الذي كان في الخيمة الذي
كان رمزاً لحضور الله في وسطهم، وهذا لا يتغير أبداً، فالرب معنا دائماً سواء كنا
في خيمة أو في بيت، والواقع أن الهيكل برمته وبكل ما احتواه وما أحاطه لم يكن إلا
مكان راحة التابوت، وكان في تابوت العهد ثلاثة أشياء: قسط المن،وعصا هرون التى
أفرخت،ولوحا العهد (عبرانيين 9: 4)، ولكن لم وضع
التابوت في مكانه في هيكل سليمان نقرأ “لم يكن في التابوت إلا
اللوحان اللذان وضعهما موسى في حوريب حين عاهد الرب بنى إسرائيل عند خروجهم من
مصر”(أخبار
الأيام الثاني 5: 10).
ب – الكروبان الكبيران:
بينما
بقي الكروبان اللذان كانا يظللان غطاء التابوت (كرسي الرحمة) كما هما – لأن التابوت
كان هو نفسه الذي كان في الخيمة _ وضع سليمان كروبين آخرين مصنوعين من خشب الزيتون
المغشي بالذهب، علو الواحد منهما عشر أذرع (4.5 متر)،وطول جناحي الكروب الواحد، من
الطرف الواحد إلي الطرف الآخر، عشر أذرع وكذلك كان طول جناحي الكروب الثاني، عشر
أذرع، لأنهما كانا متماثلين في القياس والشكل. وأقام الكروبين في وسط قدس الأقداس
(المحراب)، بحيث يمتد طرفا جناحيهما الخارجيين من الحائط إلي الحائط، ويتلامس طرفا
جناحيهما الداخليين في منتصف المحراب، “وهما واقفان علي أرجلهما
وأوجههما إلي المدخل (الشرق)” (أخبار
الأيام الثاني 3: 13 الترجمة الجديدة).
كانت
أجنحة الكروبين منبسطة فوق التابوت كرمز لحماية التابوت الذي يوضع بينهما تحت
الأجنحة المبسوطة، أما الكروبان فكانا واقفين علي أرجلهما في وضع الخدمة وليس في
وضع الكرامة (وإلا كانا يجب أن يكونا جالسين) حتى لا يظن أحد أن يسجد لهما،
ولكنهما واقفان هناك لخدمة الله غير المنظور، فإن الملائكة تشترك مع الإنسان في
السجود الله (عبرانيين
12: 22).