اللاهوت الروحي

الفصل السابع



الفصل السابع

الفصل
السابع

حروب
الفكر

55-
حروب الفكر والأفكار الخاطئة

المفروض
في الإنسان أن يعيش نقياً وهذه النقاوة تشمل روحه وجسده ونفسه وفكره ومشاعره، وكل
شئ.. ونحن نصلي إلى الله في قداساتنا قائلين: ” كل فكر لا يرضي صلاحك، فليبعد
عنا”.

 

ونقول
أيضاً في صلواتنا: ” طهر نفوسنا وأجسادنا وأرواحنا، وأفكارنا ونياتنا”
إذن لأفكار أيضاً تحتاج إلى تطهير.

 

والأفكار
الخاطئة التي تمر على العقل قد تكون أفكار غضب أو انتقام، أو أفكار عظمة وكبرياء
ومجد باطل وأحلام يقظة، أو أفكار حسد وغيره، وشهوات عالمية، أو قد تكون أفكار زنا
ونجاسة.. وما إلى ذلك، ولهذا يقال في القداس أيضاً:


تذكار الشر الملبس الموت”.

أي
الذي يؤدي إلى الموت الروحي، هذا ينبغي ألا نجعل ذاكره تجول في أذهاننا.

 

56-
البُعد عن تذكار الشر

تذكرك
خطايا الآخرين، قد يوقعك في خطية الإدانة، أو تحقير الناس والتشهير بهم.. وتذكرك
إساءات الناس إليك، قد يوقعك في كراهيتهم وفي خطية الغضب وربما شهوة الانتقام..
وتذكرك الخطايا الجسدية، قد ينجس فكرك ويوقعك في شهوة الجسد مرة أخري.

 

إن
تذكر الشر باستمرار، يثبت الفكر الشرير في أعماق النفس. يثبته في العقل الباطن.
ومن الأفكار الخاطئة المترسبة في العقل الباطن، تصدر أفكار شريرة، وظنون سيئة،
وشكوك وتصدر أيضاً شهوات. وقد تظهر أيضاً شهوات. وقد تظهر الخطايا في هيئة أحلام.

 

لذلك
ابعد عن الفكر الشرير، ولا تحاول أن نتذكره.. حتى في تبكيت النفس عليه. فما أدراك؟
قد يبدأ دخول الفكر إليك بالتبكيت، ثم يتحول إلى حرب داخلية تعود فيها المناظر
الشريرة، لا بأسلوب ندم إنما بانفعال وشهوة..

 

ولعل
إنساناً يسأل: ألا يجوز لي أن أضع خطيتي إمامي في كل حين، أبكت نفسي عليها، لا كسب
التوبة والاتضاع؟

 

أقول:
يمكن أن تتذكر خطيئتك بصفة عامة، ولكن حذار أن تدخل في التفاصيل المعثرة، أو في
التفاصيل المثيرة.

 

ونقول
هذا بالذات عن الخطايا الانفعالية، والخطايا الشهوانية، وبخاصة إن كان الإنسان لم
يتخلص منها تماماً، ولم يصل فيها إلى النقاوة الكاملة، ويمكن أن تعود فتحاربه..

 

إنك
أن بدأت تتذكر تفاصيل هذه الخطايا، إنما تدخل نفسك في دائرتها مرة أخري.

 

وقد
يكون التبكيت على الخطية، مجرد خدعة يلجأ إليها الشيطان ليدخل بها الفكر إليك أو
أنه ينتهر هذه الفرصة المقدسة لكي يحولها عن مسارها إلى اتجاه مضاد.

 

57-
بداية الفِكر

إن
فكر الخطية قد لا يبدأ بخطية.. لأنه لو بدأ هكذا، يكون قد كشف عن نفسه، وعندئذ
يهرب منه القلب النقي، أو يطرده، أو يقاومه بكل السبل حتى لا يثبت.

 

ولكنه
قد يبدأ بصورة خداعية.. ربما يبدأ مثلاً بالغيرة المقدسة، ومحبة الرغبة في بناء
الملكوت.. ويتطور إلى دراسة الأخطاء التي تحتاج إلى إصلاح. ويتدرج من الأخطاء إلى
المخطئين. ومن الرغبة في إصلاحهم إلى القسوة عليهم. وحينئذ يصبح الفكر كله إدانة
وسخط على هؤلاء، وكراهية لهم، ورغبة في القضاء عليهم. وهناك فقط يكشف الفكر عن
ذاته.

 

وقد
يبدأ الفكر بعكس هذا، بالعطف على الساقطين ومحاولة إنقاذهم.

 

وهنا
يستعرض نوعية السقوط، ودرجته وأسبابه وقصصه.. وربما ينفعل بكل هذا انفعالاً أليماً،
فيسقط فكرياً في نفس الأمر..

 

لذلك
ليس كل إنسان يصلح في العمل على إنقاذ الآخرين، ولا في ميدان الإصلاح.

 

الفكر
الخاطئ قد لا يبدأ بصورة خطية. وأيضاً قد يبدأ ضعيفاً. يخيل إليك أنك تستطيع
بسهولة أن تنتصر عليه.. ولكنك كلما تستبقيه داخلك، وكلما تأخذ وتعطي معه.. يثبت هو
أقدامه ويقوي عليك. ذلك لأنك مكنته من وضع اليد على أرض مقدسة داخل نفسك.

 

كما
إنك أشعرت الفكر أنك تريده باستبقائك إياه.. ومادمت تريده، إذن فأنت تعجز عن طرده.

 

كذلك
في استقباله، يكثر إلحاحه عليك، وضغطه على مشاعرك، وحينئذ قد تضعف أمامه، لأنك لم
تعد في قوتك الأولي التي كانت لك بداية الفكر.. ولم يعد هو في ضعفه الذي بدأ به..
وهنا تبدو الحرب غير متوازنة، وتحتاج إلى مجهود أكبر للسيطرة عليها.

 

أمنا
حواء، لما بدأ معها الفكر، كان أضعف منها، مجرد سؤال. وقد تمكنت فعلاً من الرد على
الفكر بقوة، فلم تذكر فقط أن الله قال لهما: “لا تأكلا من الشجرة” بل
أنه قال بالأكثر” لا تمساه”.. ولكن حواء مع معايشة الفكر الخاطئ،
واستمرار عروضه وإغراءاته، بدأت تضعف، وتحولت من الفكر، إلى الشك، وإى الشهوة،
وأخيراً مدت يدها وقطفت وأكلت، وسقطت واسقطت غيرها.

 

وبالمثل
حدث لقايين..

 

قال
له الله إن الخطية رابضة على الباب، إنها لم تدخل بعد، إنه (أي قايين)” يسود
عليها” (تك4: 7). ومع ذلك بتوالي الفكر، وسماحه له أن يدخل إلى قلبه ومداولته
معه، خضع قايين أخيراً للفكر الذي سيطر عليه، وقاده إلى قتل أخيه..

 

نقطة
أخري في سبب سيطرة الفكر عليك بعد أن كان ضعيفاً:

 

وهي
إنك باسترخائك في طرد الفكر الخاطئ، إنما تخون الرب، باستبقائك فكراً ضده، وبسبب
هذه الخيانة تتخلى عنك النعمة التي كانت مصدر قوتك. وحينئذ يصبح من السهل سقوطك..
ورمبا كان في داخلك لون من الكبرياء، شعور بالذات، يقنعك أنك أقوي من الفكر، وأنك
تستطيع طرده في أية لحظة أردت!!

 

ولذلك
تتركك النعمة لتشعر بضعفك فتهرب في المستقبل من أي فكر خاطئ يأتيك.. وهكذا تنتصر
عليه بالاتضاع وليس بادعاء القوة والقدرة على طرده..

 

وربما
الفكر الضعيف الذي أتاك، استطاع أخيراً أن يقوي عليك، لأنك حاربته وحدك، ولم تلجأ
إلى الله بالصلاة لكي ينقذك منه، ونسيت أن ترشم ذاتك بعلامة الصليب وتلبس قوة من
فوق..

 

58-
مصادر الفكر الخاطئ

1-
قد يأتي الفكر من فكر سابق..

فالأفكار
ليست عميقة، إنها تلد أفكاراً من نوعها، كجنسها، ربما فكر بدأت به من أيام، ويريد
أن يكمل.. قصة بدأت، ولم تصل إلى نهاية، وتريد مزيداً من التفاصيل. ولو من باب حب
الاستطلاع، فأهرب من ذلك.

 

2-
وقد يأتي الفكر الخاطئ من الخبرة.

3-
أو ربما تركت في عقلك الباطن قصص أو مشاعر أو رغبات، تحب أن تطفو على عقلك الواعي،
وتتفاوض معك!..

فاحرص
على نقاوة عقلك الباطن، ولا تختزن فيه أشياء تعكر نقاوة فكرك.. وإن كنت قد اختزنت
فيه خطايا أو معثرات قديمة، فلا تستعملها. بالوقت والأهمال يتنقى منها، بحلول
أفكار نقية جديدة تحل محلها داخلك.

 

4-
والعقل الباطن يختزن من مصادر متعددة، منها القراءات، والسامعات، والمناظر،
والأفكار، والشهوات..

عليك
إذن أن تكون حريصاً على نقاوة قلبك في كل ما تقرؤه وما تسمعه وما تراه، وكل ما
تفكر فيه.. وإن تجعل رغباتك أيضاً نقية، كما تحرص على نقاوة حواسك، وعلى رأي
مارإسحق.

 

5-
الحواس هي أبواب الفكر.

احترس
إذن من الحواس التي عملها هو” الجولان في الأرض والتمشي فيها” (أي1: 7).
فهي تجول هنا وهناك تجلب للعقل أفكاراً من النظر الطائش غير النقي، ومن السماعات
الباطلة، ومن كل ما تشم وما تلمس.

 

الحواس
النقية تجلب أفكاراً نقية. والحواس الدنسة تجلب أفكاراً دنسة.

 

والحواس
الطائشة تجلب أفكاراً طائشة.

 

وضبط
الحواس يساعد بلا شك على ضبط الفكر أيضاً.. والذي جاهد للحصول على نقاوة الفكر،
علية أن يراقب حواسه، ويدربها على الحرص الروحي.

 

6-
والفكر الخاطئ قد يأتي أيضاً من الشيطان، أو من الناس.

سليمان
كان أحكم أهل الأرض، وبالوقت تأثر بنسائه (1مل11: 3).

 

وكم
من زوج فشل في حياته بسبب ما تصبه أمه أو أخته في أذنيه من جهة زوجته، فتأثر بذلك،
ودخلته أفكار لم تكن عنده من قبل في فترة الخطوبة وفي الشهور الأولي للزواج. وكذلك
كم من زوجة فشلت بسبب نصائح أهلها.

 

أفكار
غريبة تأتي لأي شخص، ليست هي منه، ولكنها تستطيع أن تغير طبعه وأسلوبه.

 

لذلك
راجع أفكارك باستمرار، ولا تكن تحت تأثير أو سيطرة شخص ما، تعتنق ما يقوله من
أفكار، بغير فحص..

 

ويحدث
هذا أيضاً من بعض المرشدين الروحيين، ومن يقومون بالتعليم. فكثيراً ما يصير
مريدوهم وتلامذتهم صوراً كربونية منهم، يقولون كما يقولون، ويفكرون بما يفكرون في
اعتناق لكل أفكارهم مهما كانت خاطئة أو خطية.

 

7-
وقد تأتي الأفكار من الشيطان يلقبها في ذهن الإنسان ولو كاقتراح.

وعلى
الإنسان أن يميز، ليري هل هذا الفكر من الله أم من الشيطان؟ وإن لم تكن له موهبة
الأفراز، يمكنه أن يستشير من له هذه الموهبة.

 

إن
الشيطان لا يرغم إنساناً على قبول أفكاره، إنما هو يقدم عروضاً، ويقدمها في إغراء.

 

وهكذا
فعل مع أبوينا الأولين..

 

والإنسان
الروحي يقاوم كل فكر ضد وصية الله.. وكما قال الرسول: “قاوموه راسخين في
الإيمان” (1بط5: 9).

على
إننا نود أن نضع في هذه النقطة قاعدة هامة وهي:

 

59-
الحرب والسقوط

ليس
كل فكر خاطئ يأتي إلى عقل الإنسان يعتبر خطية..

فقد
يكون مجرد حرب..

وهناك
فارق بين الحرب، والسقوط.

في
الحرب الروحية، تكون هناك أفكار خاطئة تلح على عقل الإنسان إلحاحاً، وبشدة وربما
لمدة طويلة وهو رافض لها، يقاومها بكل ما يستطيع من قدرة، ومع ذلك هي مستمرة
وضاغطة.

 

أما
السقوط بالفكر، فهو قبول الفكر وعدم مقاومته، أو مقاومته بمقاومة شكلية ضعيفة، هي
في الحقيقة مستسلمة وراضية!!

 

وقبول
الفكر الخاطئ نقول إنه خيانة لله؛

 

لأنه
فتح أبواب القلب لأعداء الله، وقبلهم مكانه.

 

ولأن
الإنسان أثناء هذا الفكر يكون قد دنس هيكله المقدس؛

 

الذي
هو أصلاً هيكل للروح القدس (1كو3: 16).

 

وكأنه
يطرد روح الله من قلبه، لأنه:

 


لا شركة للنور مع الظلمة” (2كو6: 14).

 

وفي
السقوط بالفكر، يكون الإنسان ملتذاً بالفكر، أو متعاوناً معه، ينميه ويقويه ويستديمه
ويكمل عليه.

 

ويكون
هو والفكر شيئاً واحداً، ولا يستطيع أن يميز في مجرى التفكير الخاطئ بين الفكر
الذي بدأ كالحرب، والفكر الصادر من هذا الإنسان الساقط..

 

من
قلبه وعقله هو!

 

وفكر
السقوط قد يكون مصدره شهوة أو رغبة..

 

والشهوة
والفكر يتبادلان الوضع كسبب ونتيجة..

فالفكر
الخاطئ تنتج عنه الشهوة والشهوة ينتج عنها الفكر الخاطئ.

وكل
منهما سبب للآخر أو نتيجة له، يقويان بعضهما البعض في خط واحد.

وفي
هذه الحالة يتعاون الفكر الذي من الخارج، مع الفكر الذي من الداخل.

 

60-
ما يساعد على السقوط بالفكر

والسقوط
بالفكر تساعد عليه أمور أخري منها الاسترخاء، والفراغ والضعف، والاستسلام، ومحبة
الحكايات، والرغبة.

 

1-
فإن حورب الإنسان بفكر خاطئ، وبقي في حالة فراغ واسترخاء، لابد أن يشتد الفكر عليه،
وقد يقوي بسهولة على إسقاطه.

لأنه
في حالة الفراغ ينفرد الفكر بالإنسان، بلا مقاومة، وبلا دفاع.

 

وقد
قيل في الأمثال: “عقل الكسلان معمل للشيطان” وقيل عن هذه الحالة في
الإنجيل إن الشيطان يأتي إلى هذا البيت، فيجده مزيناً مكنوساً، فيذهب ويأخذ معه
سبعة أرواح أشر منه، فتدخل وتسكن هناك (لو11: 24، 25).

 

لذلك
احترس في قوت فراغك من الأفكار التي تأتي إليك.. والأفضل أنك لا تترك فكرك في حالة
فراغ.

 

إن
العلق من طبيعته أنه دائماً يعمل، وهو في انشغال مستمر، إما بأمور هامة، وإما
بأمور تافهة.. ولكنه لا يتوقف.

 

2-
ففي حالة الاسترخاء، قد يفكر في أي موضوع، وقد يعبر على عديد من القصص والأخبار
والأفكار..

هنا
قد يستغل العدو استرخاءه فيلقي إليه بفكر خطية أو بفكر يؤول إلى خطية.. دون أن
يشعر.

 

وهنا
ينبغي أن يستيقظ الإنسان لنفسه، ويطرد هذا الفكر بسرعة، قبل أن يستقر ويستمر..

 

ويحسن
في حالة الاسترخاء، أن تشغل نفسك بشئ هادئ بسيط، لا يقود إلى خطية.

 

والاسترخاء
معناه إراحة الأعصاب وليس معناه إلقاء النفس إلى الأفكار..

 

3-
قلنا إنها تساعد على السقوط بالفكر أيضاً حالة الضعف الروحي، التي لا تقدر على
المقاومة فتستسلم للأفكار.

لذلك
إن وجد الإنسان الروحي أنه في حالة ضعف، عليه أن يهتم بنفسه بالأكثر، ويكون في
حالة حرص مشدودة، ويراقب نفسه بكل قوة، ويقدم لها في نفس الوقت كل الأغذية الروحية
التي تقويها وتنتشلها من ضعفها.

 

احترس
جداً من حالات الضعف، واهرب أثناءها من كل مسببات العثرات والأفكار..

 

ولعله
عن أمثال هذه الحالة، قال الرب: “صلوا لكي لا يكون هربكم في شتاء، ولا في سبت”
(مت24: 20)..

 


في شتاء” حسب الرمز- تعني فترة البرودة الروحية التي لا حرارة فيها. و”
في سبت” أي فترة الراحة والاسترخاء.. فكلاً الأمرين لهما خطورتهما. على أنني
أقول لك في هذا:

 

4-
مهما كنت ضعيفاً، لا تستسلم.

اثبت
في قتالك مع عدو الخير، إلى أن تأتيك قوة من فوق، فتنتشلك مما أنت فيه، وتنتهر
الشيطان من أجلك.

 

وذلك
كما حدث لهوشع الكاهن الذي بسببه قال ملاك الرب:

 


لينتهرك الرب يا شيطان، لينتهرك الرب.. إليس هذا شعلة منتشلة من النار” (زك3:
2).

 

والضعف
ليس حجة للسقوط، إنما هو حجة لطلب المعونة، التي بها تقاوم الشيطان.

 

أما
كيف تقاوم الفكر، فهذا ما أريد أن أحداثك عنه في المقال المقبل..

 

5-
لا تكن في داخلك محباً للحكايات الخاطئة.

لأنك
إن كنت هكذا، فستجد لذة في تأليف قصص خاطئة تؤذيك روحياً، تشبع رغبات خاطئة داخل
نفسك.

 

وهنا
تكون الخطية في داخلك، نابعة منك، من (مواهبك)! وكثيرون من هواه تأليف القصص! إما
يبدأون بها، أو أن الشيطان يلقي إليها بفكر، فيؤلفون عليه حكايات طويلة لا تنتهي..

 

وتكون
الأفكار مجرد عمل إرادي، لإشباع رغبات خاطئة..

مثل
فكر انتقام، أو زنا، أو أحلام يقظة..

 

61-
أنواع حروب الفكر

ثلاثة
أنواع من الناس:

ثلاثة
أنواع من الناس تتعبهم الأفكار:

1-
النوع الذي من الناس تتعبهم الأفكار.

2-
والذي يعايش الفكر ويستبقيه.

3-
والنوع الخصب في خيالة، الذي يمكنه أن يؤلف أفكاراً وقصصاً.

 

كل
هؤلاء، إن كانت أفكارهم تحوم حول خطايا معينة، فلا شك أن الأفكار تستطيع أن تتعبهم
جداً، لأنها لا تجد في داخلهم مقاومة بل ترحيباً.

 

62-
الإنسان الذي يسعى وراء الفكر

هذا
لا تأتيه الأفكار وتتعبه، إنما هو الذي يتعب الأفكار!

هو
الذي يفتش عن مصادر الفكر، يسعي ليحصل على مادة للفكر.

يرسل
حواسه هنا وهناك، بقصد ونية، لكي تحصل له على مادة تغذي فكره، ويفرح بذلك جداً
ويشتهيه.

هذا
هو النوع المحب للاستطلاع، الذي يبحث عن أخبار الناس وأسرارهم.

ويسره
أن يتحدث في أمثال هذه الموضوعات، ويزيد على ما يسمع تعليقات واستنتاجات من ذهنه،
وبخاصة في كل ما هو سيئ وشرير. وكل هذا يكتنز في ذهنه صوراً تؤذيه روحياً..

 

وهكذا
يقع في نوعين من الخطايا: خطايا اللسان، وخطايا الفكر.

 

وكل
منهما يقوي الآخر ويسببه..

 

إن
جلس هذا النوع مع أحد أصدقائه ومعارفه، يبادره على الفور: ماذا عندك من أخبار؟
ماذا حدث لفلان، وماذا حدث من فلان؟ ماذا رأيت وماذا سمعت؟ وما رأيك في كل هذا؟
وماذا تعرف أيضاً؟

 

ويظل
ممسكاً بهذا الصديق، يستخرج كل ما عنده، مثل فلاح يحلب بقرة، ولا يترك ضرعها حتى
يخرج كل ما فيه!

 

وبهذا
يضر نفسه، ويضر غيره، بما حواه الحديث من أسرار الناس.

 

إنه
يهوي معرفة أخبار الناس. وكل شخص يصادفه في الطريق، يحاول أن يصطاده منه خبراً!
وإن جلس إلى مائدة يأكل مع غيره، تجول عيناه ليعرف ما الذي يأكله فلان، وما طريقته
في الأكل، وما الذي يحبه، وما الذي لا يستسيغه؟! وهكذا في باقي الأخبار، حتى في
صميم الخصوصيات!!

والعجيب
في مثل هذا أنه: إن كان هناك شئ رديء يتهافت على سمعه.

 

وإن
وجد شئ حسن، لا يستقبله بحماس!

 

إنه
يجمع الأخبار والأسرار والأفكار. حواسه طائشة، يتعبها” الجولان في الأرض
والتمشي فيها” (أي2: 2).

 

وتسأله
ما شأنك بهذا؟ أو ما الذي تستفيده؟ فلا تجد جواباً. إنه مرض. يصبح عادة عند البعض،
جزاءاً من طبعه!

 

أتسأل
مثل هذا: ما أسباب الفكر عنده؟ إنها عادته في محبة الاستطلاع.

 

كم
من أناس أضروا أنفسهم، وأضروا غيرهم بحب الاستطلاع، ومحاولة كشف كل ما هو مستور،
وربما بحيل غير لائقة تشتمل على خطايا أخري كثيرة..

 

ولكن
لعلك تقول، ماذا أفعل إذا لم أكن أنا مصدر الفكر، وإنما أتاني من آخرين، ونت أنا
الضحية؟

 

أقول
لك: إن الفكر الخاطئ، لا يجوز لك أن تسمع عنه، أو تفكر فيه، أو تقرأ عنه، أو تكلم
أحداً في موضوعه. لا تعايشه على الإطلاق.

 

63-
لا تُعايِش الفكر

فلا
أنت تعيش معه، ولا تتركه يعيش فيك. بل اطرده بسرعة.

لا
تستبقه في ذهنك، ولا حتى في أذنيك. وابعد بكل جهدك عن الأشخاص الذين يسببون لك
الفكر. وإن اضطررت إلى الاستماع إليهم، بسبب خارج عن إرادتك، فلا تنصب.

 

واشغل
نفسك أثناء الحديث بموضوع آخر. ولا تأخذ معهم ولا تعط أثناء عرضهم لكلام معثر..

 

وما
اضطررت إلى سماعه من كلام خاطئ، لا تعاود التفكير فيه مرة أخري، فإن ذلك يثبته في
عقلك الباطن. وأذكر باستمرار المزمور الأول الذي يأمرك بالبعد عن طريق الخطاة
ومجالس المستهزئين.

 

إذن
لا تعايش الفكر ولا مسبباته..

 

أبعد
عن الشخص الذي يصب في أذنيك أخباراً تجلب أفكاراً، أو الذي يكون مجرد منظره أو
حركاته أو أسلوبه مصدراً للأفكار.؟

 

إن
داود لما عايش مسببات الفكر سقط ليس في الفكر وحده، بل فيما هو أشد منه وأبشع.
وكذلك كان الحال مع شمشون ومع غيرهما ممن كانوا أقوياء..

 

وآخاب
الملك ظل الفكر يتعبه من جهة حقل نابوت اليزرعيلي. وإذ استمرت معه الأفكار، واشتعل
بخطية السطو على نصيب غيره، وإذ أضافت زوجته إيزابل وقوداً إلى هذا الاشتعال، تطور
آخاب من مجرد الفكر، حتى وصل إلى القتل والسلب والظلم.

 

واعرف
أنك إن تهاونت في طرد الأفكار فقد تلد أفكاراً أخري، إذ لا يوجد فكر عقيم. قد يلد
الفكر فكراً من نوعه أو نوع آخر. وقد يل انفعالاً، او شهوة أو مشاعر رديئة عديدة.
وقد يلد خطايا كثيرة يصعب حصوها ويصعب طردها.

 

ويصبح
الفكر أباً لعائلة كبيرة.

 

إذن
اطرده من أوله، قلب أن ينمو وينتشر في داخلك، وقبل أن يسيطر على إرادتك. واعرف أن
طرد الفكر يكون سهلاً في أوله. ولكنه يصبح صعباً إن استمر.

 

إن
الفكر الخاطئ يجس نبضك أولاً ليعرف مدي نقاوة قلبك، ومدي استعدادك الداخلي للتفاوض
معه..

 

فإن
رفضت التفاهم معه، يعرف أنك لست من النوع الرخيص السهل الذي يحب الأفكار، فيتركك.
وإن حاول أن يستمر يكون ضعيفاً بسبب نقاوتك الداخلية.

 

64-
أغلق أبوابك من الأفكار الخاطئة

لذلك
حذار أن تفتح باباً للفكر.

تفتح
الباب له، معناه أنك بدأت تخضع له، وبدأت تحب به وتخون سيدك..

بل
عليك أن تتذكر ما قيل عن عذراء النشيد:


اختى العروس جنة مغلقة، ينبوع مختوم” (نش4: 12).

إنها
مغلقة أمام كل فكر شرير يطرق باب الذهن، وأمام كل شهوة خاطئة تطرق باب القلب.. لا
تفتح بابها لكل أحد. بل لا تفتح إلا لكل فكر مقدس طاهر..

 

أما
من جهة الأفكار الخاطئة، فإن الملائكة تغني لهذه النفس قائلة:

 


سبحي الرب يا أورشليم، سبحي إلهك يا صهيون، لأنه قوي مغاليق أبوابك، وبارك بنيك
فيك” (مز147: 12، 13).

 

هذه
البواب المغلقة هي أبواب النفس الابية التي لا تفتح لكل طارق من الأفكار العدو. بل
هي نفس مخلصة لربها. لذلك بارك بنيها فيها، بنيها المولودين فيها من الروح القدس،
أي المشاعر المقدسة.

 

إغلق
أبوابك أمام الفكر الخاطئ، لأنه لا يستريح حتى يكمل.

 

الفكر
هو مجرد خادم مطيع ترسله الشهوة ليمهد الطريق أمامها.

 

من
الصعب أن يبقي الفكر فكراً، دون أن يتطور إلى ما هو أخطر. الفكر إذن هو مجرد مرحلة
في حروب العدو. فاحترس منه جداً، حتى لا يقودك سهلاً إلى مرحلة أخري لا تدري مدي
خطورتها.

 

الفكر
يتطور في تنقلاته، من الحواس إلى الذهن، إلى القلب، إلى الإرادة.

 

إذا
استبقيت الفكر في أذنيك ولو قليلاً، يزحف إلى عقلك، وهنا قد يتناوله الخيال فيلد
منه أبناء عديدين، وينمو الفكر داخلك، حتى يصل إلى قلبك وإلى مشاعرك وعواطفك
وغرائزك وشهواتك. وهنا تكون الحرب قد وصلت إلى قمتها..

 

إذن
بتداولك مع الفكر، يأخذ سلطاناً عليك، لأنه اصبح داخلك. اجتاز حصونك، وصار داخل
المدينة مختلطاً بأهلها!!

 

ما
أخطر هذه المرحلة عليك!

 

إنه
في هذه الحالة يكون قلبك هو الذي يحاربك، أو تكون لك حربان داخلية وخارجية،
والداخلية أصعب. ويكون وصول الفكر إلى قلبك هو أقصي ما يتمناه.

 

وحينئذ
يجتمع أولاده حوله ضدك. وأولاده هم شهوات القلب.

 

فإن
سقط القلب في يد الفكر، تسقط بالتالي الإرادة بسهولة، إذ يضغط القلب عليها.

 

الإرادة
تكون قوية، حينما يكون القلب قوياً، وحينما يكون الفكر في الخارج. ولكن حينما يضعف
القلب، تضعف الإرادة تلقائياً. وإن لم تفتقدها النعمة بقوة من فوق، ما أسهل أن
تستسلم وتسقط في خطية عملية.

 

إذن
اغلق أبوابك من بادئ الأمر، حتى لا تتطور إلى مراحل خطرة.

 

قال
القديس دوروثيئوس: [من السهل أن تقلع عشبه صغيرة، ولكن إن أهملتها حتى تصير
سنديانة ضخمة حينئذ يكون من الصعب عليك اقتلاعها].

 

لذلك
اقتلع الأفكار من أول خطوة تخطوها إليك، وما أجمل ما قيل عن ذاك في المزمور: “طوبي
لمن يسمك أطفالك، ويدفنهم عند الصخرة” (مز137: 9).

 

أي
يسمك الخطايا وهي أطفال، وهي أفكار، قبل أن تنمو، ويدفنها عند الصخرة، والصخر كانت
المسيح (1كو10: 4).

 

65-
مضار استبقاء الفكر

قلنا
إن الفكر إذا لم يطرده الإنسان بسرعة، يتقوى عليه، ويصبح داخله ويصل إلى القلب
وإلى الإرادة، ويتعب النفس، ويصبح مادة لأفكار أخري ولخطايا أخري..

 

وحتى
إن أمكن للإنسان أن ينتصر بعد كفاح مرير، فإن الحرب لابد ستطول. وطول هذه الحرب
الروحية ينهك الإنسان، الذي ربما يصبح قريباً من اليأس والاستسلام، لأنه يكون قد
بدأ يشعر بضعفه أمام الفكر.

 

وطول
فترة القتال مع الفكر، قد يثبته في العقل الباطن.

 

ويضيف
إلي ذاكره الإنسان صوراً ما كان يود أن تضاف إلى ذاكرته، لئلا تصبح في المستقبل
مصدراً لأفكار أخري ولشهوات وأحلام وظنون.

 

وحتى
إن انتصر الإنسان أخيراً، يكون عقله قد اتسخ أثناء القتال.

 

إذ
أتيح للفكر أن يصب فيه قتالات وتأثيرات ومشاعر، كما أن الفكر في فترة بقائه يكون
قد دغدغ الحواس وترك تأثيره على القلب وعلى الجسد أيضاً.

 

وكمثال
للتأثير على الجسد:

 

إنسان
ذكره العدو بمشاجرة بينه وبين شخص آخر، فتهاون في طرد الفكر، حتى بدأ يتذكر تفاصيل
المشاجرة كلها، في ذلك يجد نفسه قد عاد إلى الغضب، يجد جسده قد سخن، اندفعت الدماء
إلى عروقه، واحمرت عيناه، واكفهرت ملامحه، وبدأ يفكر كيف ينتقم لنفسه.

 

انظر
إلى داود النبي يحكى ضغطات الأفكار فيقول:

 


إلى متى يارب تنساني، إلى الانقضاء؟ حتى متى تحجب وجهك عني إلى متي أردد هذه
المشورات في نفسي، وهذه الأوجاع في قلبي النهار كله؟ إلى متى يرتفع عدوي على.. أنر
عيني لئلا أنام نوم الوفاة، لئلا يقول عدوي قد قويت عليه” (مز12).

 

إذن
اهرب من الفكر ولا تسبقيه، فأنت لا تعرف إلى أين يقودك، وإلى أين ينتهي..

 

والهروب
أيضاً فيه أتضاع قلب، والاتضاع هو أكبر سلاح لهزيمة الشيطان، أما الذي يعتد بقوته،
وبقدرته على قتال الأفكار، فقد تتخلي عنه النعمة قليلاً، حتى إذا ما دخل في الحرب
الروحية وعنفها حينئذ لا يدعي القوة مرة أخري، ويعتمد على الله أكثر مما يعتمد على
إرادته الخاصة وصمودها وقوتها.

 

لهذا
كثيراً ما يسمح الله بالحروب، لكي يقتني الإنسان الاتضاع. لا شئ يغيظ الشيطان، قدر
رفضك للتفاوض معه..

 

لقد
كان تفاوض حواء مع الحية، هو أول خطوة في السقوط، واستطاع الشيطان في حديثه معها،
أن يتولي توجيه فكرها وحواسها، وصارت لعبة في يديه وتحت قيادته وتأثيره.

 

إنك
بالتفاوض مع الفكر الشرير إنما تدخل نفسك في دائرته.

 

على
الأقل يشعر أنه لا مانع لديك من التفاهم معه، وكم من علاقة خاطئة بدأت بالجدل أو
بالمقاومة، وانتهت إلى الاستسلام، أما رفض التفاهم مع الفكر، فهو طرد صريح له من
بادئ الأمر، وعدم إعطائه فرصة لتجربة تأثيره.

 

أنت
قد تدخل الفكر إليك، ثم لا تعرف كيف تخرجه..

 

لذلك
فإن رفضه، وعدم معايشته، هو حل سليم لا نقاش فيه.

 

ذلك
أن استبقاء الفكر، قد يؤدي إلى سيطرته، وإذا استمر فترة طويلة فقد يؤدى إلى حالة
من العبودية.

 

66-
العبودية للفكر

إذا
سيطر الفكر على الإنسان، ليس فقط يقوده، ليس فقط يقوده إلى السقوط، إنما بالأكثر
إلى الخضوع الدائم للفكر، والاستبعاد له.

 

إن
شعر الفكر انه وصل إلى القلب وإن الإنسان أصبح يريده، لذلك لا مانع من ان يطرقه
باستمرار. فيستمر الفكر أياماً أو أسابيع في ذهن هذا الإنسان المستعبد له..

 

وفي
كل حين يضيف إليه شيئاً جديداً ويبقي معه باستمرار، يطرد منه كل فكر خير، ينام
والفكر في ذهنه، ويصحو والفكر في ذهنه، ويمشي ويعمل والفكر قائم.

 

إذن
كيف يمكن للإنسان أن ينتصر؟

 

67-
الانتصار على الفكر

أول
الوسائل، ذلك المثل القائل:

الوقاية
خير من العلاج..

لا
تأخذ باستمرار موقف المدافع، فإنك في دفاعك قد تنتصر حيناً، وتنهزم حيناً آخر.

 

إنما
خذ موقف الحصانة الداخلية، بالعمل الروي الإيجابي الذي يحصن قلبك ضد الأفكار.

 

ليكن
لك برنامج روحي قوي مستمر من صلوات ومزامير، وقراءات روحية وتأملات، وتراتيل
وألحان، واجتماعات روحية، وصداقات روحية، وغذاء روحي دائم يملأ القلب بمشاعر نقية
وحينئذ ينطبق عليك قول الرب:

 


الإنسان الصالح من كنز قلبه الصالح يخرج الصلاح، والإنسان الشرير من كنز قلبه
الشرير يخرج الشر” (لو6: 45).

 

إذن
قلبك هو منبع الأفكار، إن كانت مشاعره روحية تخرج منه أفكار روحية، وإن أتته أفكار
شريرة من الخارج، يرفضها.

 

فلنهتم
إذن بالقلب وخزينة الروحي بدلاً من أن نقضي الحياة الروحية صراعاً مع الأفكار.

 

وثق
إنك إن كنت مشغولاً باستمرار بفكر روحي نقي، فإن الأفكار الشريرة لن تجد لها
مكاناً فيك، ولن تعوزك اطلاقاً إلى القتال معها.

 

لذلك
غالباً ما نجد الأفكار الشريرة تتعب الإنسان في فترات فتوره.

 

وإذن
قلبك هو منبع الأفكار، إن كانت مشاعرة روحية تخرج منه أفكار روحية، وإن أتته أفكار
شريرة من الخارج، يرفضها.

 

فلنهتم
إذن بالقلب وخزينة الروحي بدلاً من أن نقضي الحياة الروحية صراعاً مع الأفكار. وثق
أنك إن كنت مشغولاً باستمرار بفكر روحي نقي، فإن الأفكار الشريرة لن تجد لها
مكاناً فيك، ولن عوزك اطلاقاً إلى القتال معها.

 

لذلك
غالباً ما نجد الأفكار الشريرة تتعب الإنسان في فترات فتوره.

 

وإذ
يكون فكرة خالياً من العمل الروحي، يأتي الشيطان ويعيش فيه.

 

أما
إن كان منشغلاً بصلاة، أو قراءة روحية، أو تأمل روحي، فإن الأفكار لا تقدر عليه.

 

ولعلك
هنا تسأل: هل الأفكار لا تحارب الإنسان في حالة نشاطه الروحي؟

 

أقول
إنها تحاربه، ولكنها لا تقدر عليه، ولا تتعبه. فالأفكار حاربت القديسين، ولكنها لم
تتعبهم ولم تهزمهم، بل قالوا مع القديس بولس: “مستأسرين كل فكر لطاعة
المسيح” (2كو10: 5).

 

والانشغال
الروحي يطرد الأفكار، بشرط أنه يكون انشغالاً بعمق.

 

فالقراءة
السطحية، والصلاة غير العميقة، قد لا تطرد الأفكار، ومن هنا كان البعض يسرح أثناء
صلاته، في أي فكر.

عيشوا
في عمق روحي، تهرب الأفكار منكم، بنعمة الرب..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار