الديداكية أو تعليم الرب للأمم بواسطة الإثني عشر رسولا
الديداكية
أو تعليم الرب للأمم بواسطة الإثني عشر رسولا
مقدمة
في الديداكية:
جاءت
كلمة ” ديداكية ” Didache عن الحروف اليونانية الأولي لعنوان عمل يمسي ” تعليم الرب
للأمم بواسطة الإثني عشر رسولا “. وهي تعتبر أهم وثيقة بعد كتابات الرسل،
تكشف لنا عن الحياة الكنسية الأولي من كل الجوانب: السلوكي واللتيورجي والتنظيمي.
كما يقول Quasten: ” بين أيدينا ملخص لتوجيهات تعطينا صورة رائعة للحياة
المسيحية في القرن الثاني. في الحقيقة نجد هنا أقدم نظام كنسي، نموذجا قيما لكل
التجمعات القديمة الخاصة بالنظم والقوانين الرسولية. هذا النموذج هو بداية القانون
الكنسي شرقا وغربا “.
وقد
خدمت الديداكية الكثير من الأعمال الليتورجية والكتابات الخاصة بالقوانين الرسولية
مثل الدسقولية السريانية Didascalia والتقليد الرسولي لهيبوليتس Apostolic Tradition والقوانين Apostolic
Constitution.
كان
لها أهمية خاصة في العصور الأولي حتي حاول البعض ضمها الي اسفار العهد الجديد،
فانبري الكتاب الأولون يوضحون عدم قانونيتها مثل البابا أثناسيوس الأسكندري
والمؤرخان يوسابيوس وروفينوس.
القسم
الأول: الحياة العلمية السلوكية
يخبرنا
القديس أثناسيوس الرسولي أنها كانت تستخدم في تعليم الموعوظين قبل عمادهم، كان
غايتها تذكير طالبي العماد – بعدما قبلوا الإيمان – ان يعلنوا إيمانهم بأعمالهم،
كأنها تضع لهم دستور الحياة الجديدة التي في المسيح يسوع: حقا ان المسيحية ليست
مجموعة أخلاقيات، لكنها إيمان عملي معاش، شهادة حية لعمل المسيح في حياة المؤمن
علميا.
استخدمت
الديداكية نظام ” الطريقين Two
Ways ” يختار الإنسان
طريق الحياة أو الموت. هذا الأسلوب استخدمه اليونان في المجامع الهيلينية،
وأستعارته الكنيسة ليتناسب مع طالبي الإيمان الذين من أصل هيليني، لكن بروح
مكسيحية، مستقاة من ” الموعظة علي الجبل “.
القسم
الثاني: الحياة الليتورجية
كشفت
لنا الديداكية عن بعض الطقوس والمفاهيم الكنسية للعبادة المسيحية:
1-
المعمودية: تتحدث عن العماد بالتغطيس في ماء جار، أي في الأنهار.. هذه العادة كانت
قائمة في عصر الرسل وما بعدهم مباشرة.
واذا
لم يوجد ماء جار يتم العماد بالتغطيس في ماء آخر، وعند الضرورة يكن سكب الماء علي
المعمد ثلاثة دفعات باسم الثالوث القدوس.
ومن
الاستعدادات اللازمة للسر ان يصوم طالب العماد وخادم السر ومن الغير – ما استطاع –
يومين او يوما قبل العماد. ولاتزال هذه العادة سارية في الكنيسة القبطية، إذ يصوم
خادم السر والاشبين والمعمد في نفس اليوم الذي يتم فيه العماد.
ت-
الصوم والصلاة لكي لا نشترك مع اليهود في أصوامهم – يوي الإثنين والخميس – نصوم
يومي الأربعاء والجمعة. علي أنه يليق بنا الا نصوم أو نصلي برياء.
تأمر
الديداكية المؤمنين ان يصلوا الصلاة الربانية ثلاث مرات يوميا.
ث-
الافخارستيا: سبق معالجة هذا الموضوع بشئ من التوسع في كتاب ” المسيح في سر
الافخارستيا ” ووصلنا الي ان الفصلين 9، 10 يصور ان ليتورجيا الأفخارستيا
للمعمدين حديثا والفصل 14 يتحدث عن خدمة الأفخارستيا العادية التي تقام يوم الأحد..
د-
الاعتراف: يمارس قبل الاجتماع في الكنيسة (فصل 4، 14)، كما يلتزم به قبل التمتع
بشركة الاسرار المقدسة (الإفخارستيا).
ه-
الكنسيات: الكنيسة في مفهوم واضع الديداكية ” جامعة “، تضم العالم كله،
منن كل شعب وجنس، ليس فقط الذين آمنوا بل والذين يؤمنون يوما ما.. وهويطلب الصلاة
لكي يجمعها الرب من الرياح الأربع.
أما
من جهة الرئاسة الكهنوتية فلا يشتم منها افتراض وجود أسقفية واحدة رئاسية في
العالم..
كما
ركز علي وحدة الكنيسة وقدسيتها، رابطا بين وحدتها ووحدة الخبز الأفخاريستي.
كاتب
الرسالة وتاريخ كتابتها:
رفض
الدارسون ما اقترضه DEUCHESNE أن العنوان يوحى بأن كاتبها أحد الرسل. فإن العنوان فى جوهره لا
يشير إلى ذلك، انما يقصد واضع الديداكية أن يقدم بصورة واضحة متخصر لتعليم السيد
المسيح للأمم كما عليها الرسل.
و
إلى اليوم لم يستطع الدارسون التعرف على كانبها، بل اختلفوا فى تاريخ كتابتها.
فمال الدارسون الانجليز والامريكان الى تحديد تاريخ كتابتها ما بين عامى 80، 120،
وظن Hilgenfeld أنها كتبت ما بين عامى 160، 190 م، بينما حدد Brynnius, Harnack تاريخها ما بين عامى 120، 160.
على
أى الأحوال رفض الدارسون ما مال اليه القدامى من نسبتها ما بين عامى 70، 90 م،
ومال الأغلبية إلى نسبتها بالشكل الحالى إلى المنتصف الأول من القرن الثانى أو بعد
ذلك بقليل (1)، دون أن ينكروا وجود بعض فقرات ترجع إلى سنة 50 – 70 م.
لا
يمكن أن ترجع إلى عصر الرسل للأسباب:
1-لا
تحمل اى تلميح عن التهودية – المشكلة الرئيسية فى عصر الرسل.
2-
تجميع مثل هذه القوانين الرسولية تعنى شيئا من الاستقرار الكنسى، أى بعد كرازة
الرسل.
3-
خلال التفاصيل الواردة بالديداكية يظهر أن عصر الرسل إنتهى.
4-
4-اعتمد كثيرا على إنجيل متى فلا يكون قد جمعها قبل عام 90 م.
غير
ان الديداكية تحمل شهادة داخلية أنها جمعت فى عصر مقارب جدا للرسل، نذكر منها:
1-التعميد
فى ماء جار، وذلك فى عهد الرسل والقرن الثانى، كما أن الليتورجيا الواردة فى
الفصول 7 – 10 تشير إلى بساطة العبادة التى كانت فى القرن الثانى..
2-بساطة
اللغة الزائجة، التى اتسمت بها كتابات ما بعد الرسل مباشرة. كما أن لغتها تكشف عن
التحول ما بين كتابات العهد الجديد والكتابات الكنسية
3-لا
نجد بها آثارا لنص قانون إيمان أو تقنين للعهد الجديد، ولا يزال الأنبياء يقدسون
الافخارستيا.. الآمور التى تكشف أنها قبل نهاية القرن الثانى
4-جاء
وضعها فى المخطوط ما بين الرسائل الاكلندية ورسائل اغناطيوس، ربما أراد الناسخ أن
يشير على تاريخها ما بين اكليمندس الرومانى وقبل اغناطيوس، خاصة وأن النظام الكنسى
الوارد بها يكشف أن الوارد بها يكشف أنه سابق لما ورد فى رسائل اغناطيوس.
مكان
الكتابة:
رأى
البعض أنها سورية الأصل، وذلك بسبب علاقتها بالقوانين الرسولية
Apostolic Constitutions السريانية الأصل.
نسبها
البعض لفلسطين بسبب غياب تعاليم الرسول بولس. ونسبها آخرون إلى بلاد اليونان وآسيا
الصغرى. إلا أن كثيرين (1) راوا أنها مصرية وذلك للأسباب:
1-تشابهها
مع رسالة برناباس (100 – 120)، التى إستخدمت أسلوب ” الطريقين، فى الرسالة
(فصول 18 – 20).
2-وورد
أسلوب ” الطريقين ” فى كتابات مصرية أخرى مثل ” النظام الكنسى
الرسولى ”
Apostolic Ch. Order الذى عرف بالنظام الكنسة المصرى (2) كما وردت فى سيرة الانبا
شنودة (القرن الخامس).
3-من
المتحمل – وليس من المؤكد – أ، اكليمندس الاسكندرى عرف الديداكية (1).
4-أخذ
الأسقف المصرى سرابيون (القرن الرابع) مقتطفات منها فى صلواته الافخارستية.
الديداكية
والكتابات الآبائية الأولى:
1-رأينا
إرتباط الديداكية برسالة برنابا فى تعليم ” والطريقين “، وقد جاءت
الآراء المتضاربة: هل أخذت الديداكية عن برنابا أم العكس؟ غير أن الرأى السائد أن
الاثنين أخذا هذا التعليم من مصدر مستقل شكله المسيحيون بما يليق بالفكر المسيح،
كل واحد حسبما يرى (2)
2-حاول
البعض ربط الديداكية بكتاب ” الراعى ” الهرماس، دون أن يصلوا إلى نتيجة
محددة، غير أن بعض العبارات جاءت متشابهة فى النصين، لكن لا يوجد إلا عبارتين
جاءتا حرفيتين.
3-حملت
القوانين الرسولية Apoatolic
Constitutions (7: 1 – 32)
أكثر من نصف ما ورد فى الديداكية، غالبا بذات الترتيب مع تشابة قوى فى العبارات.
أما العبارات التى لم ترد، فعلى أغلب الأحوال كانت قد فقدت ارتباطها بالقرن الرابع
(3).