علم الكتاب المقدس

الحواشى



الحواشى

الحواشى

(1):
الله يتكلم في التاريخ. إذن فللنقد التاريخي، الرامي إلى وضع كل نص في ظروفه
التاريخية، مكانه الشرعي في أية دراسة جدية للكتاب المقدس. إننا نعلم اليوم أن
كتابة أسفار الكتاب قد امتدت على عشرة قرون في أقل تقدير قبل أن تتخذ شكلها الحاضر،
وأن بعض الأسفار تحوي مصادر شفوية أو كتابية أقدم منها بكثير، ونعلم أيضاً أن
شهادة كاتبي الأسفار المقدسة قد أكملت ونقحت وبسطت على مر الأجيال. فنحن إذن أمام
شهادة جماعية، شهادة الجماعة المؤمنة التي هي إسرائيل العهد القديم وكنيسة العهد
الجديد. ومعضلة معرفة المصادر، مهما كانت هامة لمن يبتغي إثبات المعنى المضبوط لنص
ما، أو معرفة تطور الفكر العبري خلال القرون، لا تهم الإيمان إلا بصورة غير مباشرة.
لأن إيماننا مبني على الشهادة الجماعية لكنيسة العهدين القديم والجديد. والكنيسة
في جميع الأزمان قد عرفت في تلك الوحدة العميقة التي للشهادة الكتابية طابع الروح
القدس. وهذا ما تعنيه بقولها أن الأسفار المقدسة هي (كلام الله) لمن يسمعها
ويقبلها بإيمان. والروح القدس الذي ألهم الأنبياء والرسل وجعلهم شهداء للمسيح هو
نفسه الذي يختم شهادتهم في قلوبنا، وهو وحده يقدر أن يجعل لنا من هذا الكتاب لا صفحة
من صفحات تاريخ الأديان (وهي صفحة جد لذيذة ولا شك): بل رسالة من الله الحي موجهة
إلينا شخصياً ويتوقف عليها خلاصنا.

 

إننا
نحاول في هذا المؤلف كتابة تاريخ الخلاص كما فهمه كاتبو الأسفار المقدسة. وقد
اختصرنا الإيضاحات التاريخية والنقدية إلى أبعد حد ونقلناها في أكثر الأحيان إلى
هذه الحواشي الإيضاحية. ونحن نشير على من تهمه هذه المعضلات بمراجعة المؤلفات
الخاصة بها: (تاريخ إسرائيل) للأستاذ لودز
Lods و(المدخل للعهد القديم)
للأستاذ ل. غوتييه
L.Gautier فيما يختص بالعهد القديم، ثم المقدمات في توراة الذكرى المئوية Bible du Centenaire ومن وجهة النظر الكاثوليكية المقدمات في توراة بيرو Pirot وتوراة ماردسوس Maredsous وتوراة مدرسة أورشليم Bible de Jérusagem
دار نشر
Cerf

 

هذا
وأما تفسيرنا للعهد القديم تفسيراً (مسيحياً) (أعني محوره المسيح) فندين به كثيراً
لمؤلفات الأستاذ فيشر (
Vischer: Das
Christuszeugniss des Alten Testaments
) وكذلك لدروسه الغير المنشورة التي ألقاها في حلقة كتابية نظمتها
الهيئة البروتستانتية للشبيبة الفرنسية. وتفسيرنا لملكوت المسيح ندين به لكراس
الأستاذ أ. كولمان (
O.Cullman) (الكنيسة وملك المسيح في العد الجديد) (Cahiers Bibliques de Foi et Vie).

 

(2):
للتوراة العبرية ثلاثة أقسام رئيسية:

 

1-
التوراة، أو الناموس، وتتضمن أسفار التكوين والخروج واللاويين والعدد وتثنية
الاشتراع، المسماة بالأسفار الخمسة.

 

2-
الأنبياء وهم على قسمين: الأنبياء الأولون: يشوع، قضاة، صموئيل، ملوك، والأنبياء
الأخيرون: اشعيا، ارميا، حزقيال، والأنبياء الاثنا عشر (من هوشع إلى ملاخي).

 

3-
الأسفار أو الكتب المقدسة وهي المزامير (في خمسة أقسام) والأمثال وأيوب ونشيد
الانشاد وراعوث والمراثي والجامعة واستير ودانيال وعزرا ونحميا وأخبار الأيام.

 

ويلاحظ
أن ترتيب الأسفار في التوراة العبرية يختلف عن ترتيبها في الطبعات الفرنسية (التي
تتبع الترجمة اليونانية السبعينية ليهود الإسكندرية). والترتيب العبري أكثر منطقاً
من الآخر:

 

1-
كان للناموس (أعني الأسفار الخمسة) اعتبار فريد في الديانة اليهودية. فالتقليد
اليهودي في زمن يسوع كان يعتقد أن موسى نفسه هو الذي وضع الأسفار الخمسة، وفي
الواقع إنها تحتوي على مصادر قديمة هي مجموعات من الروايات كتبتها للمرة الأولى
(المدارس النبوية) على الأرجح، في القرن التاسع إلى الثامن، ثم على مصادر أخرى
متأخرة عنها (هي التثنية والشرع الكهنوتي
code sacerdotal
أما كتابة هذه الأسفار للمرة الأخيرة فترجع إلى زمن عزرا على الغالب، أي إلى القرن
الخامس.

 

2-
أما الأسفار التاريخية الأولى فكتبتها المدارس النبوية في القرن الثامن إلى السادس
(قضاة، صموئيل، ملوك)، ولذلك تعد من الأسفار النبوية، فهي تقدم لنا تفسيراً نبوياً
للتاريخ.

 

3-
أما الأسفار المقدسة فهي أقرب منها إلى الكتب التقوية: فالمزامير سفر أناشيد
إسرائيل، وكان التقليد ينسب قسماً كبيراً منها للملك داود بالذات، ونشيد الانشاد
وراعوث والمراثي والجامعة واستير أسفار كانت تتلى في الأعياد الكبرى الخمسة التي
تتضمنها السنة الكنسية اليهودية. وترجع مجموعة هذه الأسفار إلى زمن أقرب إلينا من
الأولى بكثير (من القرن الخامس إلى الثالث أو ربما القرن الثاني قبل الميلاد).

 

وعندما
يذكر كتاب العهد الجديد (الناموس والأنبياء) أو (الناموس والأنبياء والمزامير)
فهذه العبارات تعني مجموعة الأسفار كلها، أي ما نسميه اليوم بالعهد القديم (متى 17:
5 ولوقا27: 24، 44).

 

(3):
للاسم أهمية كبرى في التقليد الكتابي بل في العصور القديمة كلها، فالاسم يعلن
الشخص، ومن يعرف اسم الشخص أو اسم شيء فله سلطان عليه. لذلك فاسم الله محجوب،
ولذلك يعطى المختارون عند حلول الخليقة الجديدة (اسماً جديداً لا يعرفه أحد).

 

(4):
(خلق الله الإنسان.. الخ..): إن كلمة إنسان هنا تعني الجنس البشري (أنظر الترجمة
الألمانية
Mensch)، فالترجمة الحرفية هي: (خلقه الله ذكراً وأنثى) في حين أن
الطبعات الفرنسية تقول: (خلق الله الذكر والأنثى).

 

(5):
رواية السقوط صفحة من أغرب صفحات الكتاب المقدس، ولذلك تناولها البحاثة بمختلف
التعليقات، ابتداء من الذين أرادوا فهمها فهماً حرفياً، إلى الذين جعلوها أسطورة
لوصف تنبه الغريزة الجنسية في الإنسان. وفي الحقيقة أن ما تكشفه لنا هذه الرواية
هو كل مأساة وضعنا كأناس خلقوا للحياة وهم تحت راية الموت. إن التجربة الحقيقية
التي يسقط فيها آدم وحواء هي التجربة (البروميتية)، تجربة تخطي حدودها كخليقة وطلب
المساواة بالله. فمن الطبيعي أن يكون لهذا التمرد الأول، ولتأليه الخليقة هذا،
عواقب فورية في نظام علاقاتها بالخالق، إذ بمجرد انقطاع الخليقة عن اتجاهها نحو
خالقها تفسد كافة العلاقات ويسود البلبال. ففي رواية سفر التكوين عمق نفساني غريب
من وجهة النظر هذه، وأسلوبها التصويري مليء بالمعاني حتى أن كل كلمة فيه بليغة: فمأساة
الوجود البشري كلها ملخصة في أسطر قليلة.

 

(6):
إن جبل مريا في التقليد اليهودي هو الجبل نفسه الذي سيقام عليه يوماً هيكل أورشليم
(أخبار الأيام الثاني 1: 3). والعرب حتى اليوم يعتبرون (قبة الصخرة) في القدس صخرة
ذبيحة ابراهيم. لا شك أنه تقليد أسطوري ولكنه يحتفظ بقيمة رمزية.

 

(7):
لقد ورد مرات عديدة في الكتاب أن نساء عاقرات استجاب لهن الله في ضيقهن بتدخل
مباشر منه. إن العقر عند السامريين أكبر عار يمكن أن يلحق بامرأة. والأمومة أعظم
منحة يمنحها إياها الله: ألا يعني اسم حواء (أم الأحياء)؟ (تكوين 20: 3). وبليغ أن
محنة العقر هذه تصيب بالضبط نساء كتب لأبنائهن القيام بدور أولي في تاريخ الخلاص: ساره،
ربخا، راحيل، حنة، اليصابات. فلإيمان الأم مكانة في تاريخ الخلاص، وهذا الإيمان
يمتحن. والابن الذي يعد الله به ضد كل رجاء وكل انتظار بشري هو حقاً ابن النعمة.
لا شيء (طبيعي) في تاريخ الخلاص. بل كل شيء عطية حرة من الله. ولذلك يرى بولس
الرسول في قصة هاجر وساره رمزاً للعهدين، ويقابل إسرائيل الجسد بإسرائيل الموعد
(غلا 21: 4- 31).

 

(8):
قد يكون من الضروري هنا إيراد بعض المعلومات التاريخية. فتاريخ شعب الله متصل
بتاريخ الممالك الكبرى التي تتنازع السيطرة على الشرق ابتداء من العام 3000 قبل
الميلاد. إن فلسطين معدة للغزو بسبب موقعها الجغرافي. ولكن تدبير الله يجعل تقلبات
التاريخ تساهم في تكوين شعبه وتهيئ له أوقات الفرج التي لا بد منها لأدائه رسالته.

 

من
العام 3000 إلى العام 1926ق.م. تسود الشرق الحضارة البابلية ويمتد تأثيرها حتى سوريا.
نحن نذكر أن ابراهيم كان في مدينة أور الكلدانية. وقد تكون شريعة حمورابي (العام
2000ق.م) قد أثرت في بعض نقاطها على التشريع الموسوي، وعل كل حال إن لها معه
نقاطاً مشتركة. وفي العام 1926 يهدم الحثيون بابل، فتغيب هذه عن التاريخ حوالي
1300 سنة (إذ نعود نراها تلعب دوراً رئيسياً من جديد في نهاية القرن السابع قبل م).
وتشع الحضارة المصرية حينئذ على الشرق كله. ويبدو أن أسباط إسرائيل البدوية، التي
ذهبت بها المجاعة إلى مصر، قد عاشت فيها حرة في حماية أسرة الهيكسوس السامية. وفي
العام 1600 يطرد الهيكسوس فتسوء حالة الإسرائيليين ويتم حينئذ الخروج. ثم تأتي
غزوات من الشمال فتطرد مصر من فلسطين وسوريا في القرن الثاني عشر، وبين عشائر
الشمال هذه الفلسطينيون أعداء إسرائيل الألداء. وبنتيجة ضعف مصر ترتاح شعوب فلسطين
وسوريا مدة أربعة قرون (تتخللها دون شك حروب داخلية مستمرة) إلى أن تبدأ الغزوات
الآشورية الكبيرة. وفي مدة القرون الأربعة هذه يقع تاريخ إسرائيل كشعب حر،
اعتباراً من وصوله إلى أرض الميعاد حتى فتح أشور لمملكة الشمال عام 722 (أنظر لودز
(إسرائيل من البدء حتى نصف القرن السابع)).

 

والأسفار
الأربعة التي يدور حولها هذا الفصل تروي لنا كيف يحرر موسى إسرائيل من النير
المصري ويقوده عبر البرية حتى عتبة أرض الميعاد. والحدث الرئيسي في هذه الفترة هو
ميثاق جبل سيناء وإعطاء الشريعة. وتظهر لنا هذه الشريعة كأنها تكتب بكاملها في زمن
موسى. لقد ظل موسى في ذكرى إسرائيل النبي الذي أوجد إسرائيل كشعب وأعطاه الشريعة.
فنراه يصدر الأحكام باسم الله، أي يقضي بالعدل (خروج13: 18- 16)، ونراه يحفر شريعة
الله على لوحين حجريين، وهذه الواقعة بالذات تبرهن أن الشريعة كانت عبارة عن وصايا
قصيرة نوعاً ما! إن موسى ولا شك قد وضع أساس الشرع في إسرائيل وأصدره باسم الله.
ولكن من الخطأ التاريخي أن ينسب إليه شرع بأجمعه، شرع قد اكتمل في سياق العصور وهو
يعكس أوضاعاً اجتماعية تختلف كل الاختلاف عن أيام موسى. إن النقاد اليوم يجمعون
على أن سفر تثنية الاشتراع تعود كتابته إلى القرن السابع، وأن سفري اللاويين
والعدد كتبتهما المدرسة الكهنوتية بعد الجلاء (من القرن الخامس إلى الرابع). أما
سفر الخروج فهو يحمل آثار أزمنة مختلفة كسفر التكوين، فالمصادر النبوية (وقد كتبت
لأول مرة في القرن التاسع أو الثامن) قد أكملتها مصادر أخرى صادرة عن الأوساط
الكهنوتية بعد الجلاء (وهي ما دعوه بالشرع الكهنوتي).

 

كان
ينبغي، في دراسة كهذه تقتصر على تحديد أزمنة تاريخ الخلاص، تأخير بحث الشرائع
الكهنوتية إلى عهد ما بعد الجلاء، إذ إنها في ذلك العهد بلغت كامل تطورها (أنظر
عزرا). ولكننا آثرنا بحث مشكلة الشريعة بكاملها في الوقت الذي يثيرها فيه الكتاب
المقدس نفسه، أي في علاقتها المباشرة مع ميثاق جبل سيناء.

 

(9):
للأعداد في الكتاب المقدس معنى رمزي في كثير من الأحيان. فالعدد 7 هو العدد الكامل،
الخلق تم في سبعة أيام، ويلعب العدد 7 دوراً كبيراً جداً في الفرائض الطقسية،
ونجده أيضاً في سفر الرؤيا. والعدد (3 ونصف) هو بالعكس رمز لعدم الكمال. وتستمر
أمطار الطوفان أربعين يوماً. وينفى موسى إلى مدين أربعين سنة (أعمال 30: 7)، ويدوم
سير إسرائيل في البرية أربعين سنة، ويجاهد موسى (أربعين نهاراً وأربعين ليلة)
ليحصل على غفران الله للشعب المذنب (تثنية 18: 9، 25)، ويسير إيليا في البرية
أربعين يوماً (ملوك الأول8: 19). وكذلك ستدوم تجربة يسوع في البرية أربعين يوماً
(متى 2: 4) الخ..

 

(10):
لما كانت الكتابة العبرانية لا تتضمن أحرف علة، وكانت الديانة اليهودية بعد الجلاء
تتجنب لفظ اسم الله، فلا يزال الارتياب قائماً حتى اليوم حول صحة لفظ الكلمة
العبرية المؤلفة من الأحرف الساكنة الأربعة ج ه ف ه (يهوه، جيهوه).

 

وكذلك
الأمر بالنسبة لأصل هذا الاسم. فجواب الله لموسى غامض لغزي، ويحاول المترجمون
تعبيره بأشكال مختلفة: (أنا الكائن الذي لا يتغير) (
Kahn
(أنا من أقول: إني كائن) (الطبعة المجمعية
version synodale).
ويلاحظ السيد لودز أن هذه الصيغة العبرية تستعمل عندما لا يراد تحديد الأمر: (أنا
من أنا). (فطبيعة إله إسرائيل بعيدة ويجب أن تكون بعيدة عن أي استقصاء). (أ. لوز
(إسرائيل) الجزء الأول ص374 بالفرنسية). والسيد
W.Vischer
يترجم أيضاً العبارة موضوع البحث ب (أنا من أنا) أو بشكل أبسط: (أنا أنا). إن
الصيغة العبرية هي صيغة الماضي المعبر عن فعل مازال جارياً، ولذلك يمكن أيضاً
ترجمة العبارة المذكورة على الشكل التالي: (سأكون من سأكون) فالله هو الذي يأتي،
الذي يعتلن في العمل، ولا نرى أبداً مفهوماً لله يدل على الجمود أو على التجريد
(أنظر
W.Vischer في كتابه Das
Christus Zeugniss des Alten Testaments
صفحة 209).

 

(11):
الجزء يمثل الكل في الفكر العبري. فتقدمة بواكير الحصاد تقدس الحصاد كله. وفي شخص
ابراهيم جميع إسرائيل المؤمن يحظى بالموعد. وكذلك فإن الله بإنقاذه قبضة من
الإسرائيليين من العبودية المصرية واقتيادهم إلى أرض الميعاد إنما يعلن نعمته
لإسرائيل بأجمعه. وهذا ما يتيح لكل إسرائيل أن يبتهج بصنيع الله لآبائه كما لو كان
صنع إليه شخصياً.

 

وبقوة
مبدأ التضامن هذا بعينه يستطيع يسوع حمل خطيئة شعبه ويستطيع القديس بولس القول
بأننا في المسيح جميعنا أموات وجميعنا منبعثون.

 

(12):
العدد 7 (ومشتقاته هو العدد الكامل (وكذلك العدد 12). وكان التقليد اليهودي يقول
بأن أمم الأرض سبعون أمة. والعدد 12 يشير إجمالاً إلى إسرائيل بكامله (الاثنا عشر
سبطاً، والاثنا عشر رسولاً، أنظر الاثني عشر حجراً في خروج4: 24). ويشير العدد
سبعون إلى جميع الأمم (أنظر إرسال الاثني عشر والسبعين تلميذاً في لوقا 1: 9- 6 و1:
10- 20).

 

(13):
نشير على من يريد دراسة الوصايا العشر بالرجوع إلى سلسلة المحاضرات التي نشرها
لفيف من القسوس تحت عنوان (
Labor)L’ordre
de Dieu
كما نشير على من يريد
دراسة سفر الخروج بكامله بالرجوع إلى كراس القس
R.de Puryتحت عنوان (Edition des Cahies bibliques du C.P.J) (Le libérateur).

 

(14):
من البديهي أن العبادة في البرية لم تتصف بالأبهة الموصوفة في الإصحاحات 35 إلى 40
من سفر الخروج والتي تعكس زمناً متأخراً جداً عن أيام البرية.

 

(15):
تحت عنوان (الأنبياء الأولون) نجد الأسفار التالية: يشوع، القضاة، صموئيل، الملوك
(أنظر الإيضاح عدد 2). إن عدة مؤرخين يقولون بأن سفر يشوع لم يكن في بادئ الأمر من
الأسفار النبوية بل من التوراة، وذلك لأسباب تتعلق بمحتواه وشكله. فمصادره هي
مصادر أسفار التوراة الخمسة عينها، وهو يكملها طبيعياً بإيصاله الإسرائيليين إلى
أرض الميعاد. وميثاق سيناء يجدد في شكيم. والذين يقبلون بالنظرية القائلة بأن
أسفار التوراة كتبها عزرا ودفعها إلى ملك فارس قالوا بأنه قد يكون استثنى منها سفر
يشوع لأسباب سياسية.

 

إن
سفر القضاة يروي إقامة الأسباط الإسرائيلية في فلسطين والحروب التي خاضوها
للمحافظة على حريتهم. وفيما عدا أبيمالك الذي أنتخب ملكاً في شكيم بذات سلطانه
والذي لم يحسب في عداد القضاة على ما يظهر، فهناك مجموع اثني عشر قاضياً إلى أيام
صموئيل (وبدونه).

 

إن
سفري صموئيل (وكانا يؤلفان أولاً سفراً واحداً) يرويان وإنشاء الملكية. والروايات
المختصة فيهما بشاول وداود تمتاز بدقة ونضارة تستحقان الإعجاب إنها شهادة معاصرة
بالتأكيد ولكنه يصعب تحديد التواريخ بالضبط. وإذا ما انطلقنا من تاريخ انشقاق
الأسباط العشرة حوالي 935 قبل الميلاد) نصل إلى تحديد عهد داود في حوالي العام
1000، لأن كلاً من عهدي داود سليمان دام أربعين سنة حسبما هو مقبول.

 

إن
عهد سليمان الزاهر يملأ وحده الأحد عشر إصحاحاً الأولى من سفر الملوك.

 

ثم
يحدث انشقاق الأسباط العشرة انفصالاً مشؤوماً بين مملكتي إسرائيل. ويروي سفر
الملوك تاريخ المملكتين معاً حتى زوال مملكة الشمال عام 722، ثم تاريخ مملكة يهوذا
حتى زوالها عام 586.

 

(16):
لسبط بنيامين مكان خاص في الإعلان الكتابي. فبنيامين هو الابن المفضل ليعقوب والذي
ولد وحده في أرض الميعاد. وقد جاء عن سبطه:

 

(بنيامين
ذئب يفترس. بالغداة يأكل غنيمة وبالعشي يقسم السلب) (تكوين27: 49).

 

يروي
سفر القضاة حرب الإبادة الفظيعة التي جلبها بنيامين على نفسه بإخلاله بواجبات
الضيافة، فالرجل الذي أسيء إليه بيتلحمي هو، والمسيئون سكان جبعة. وسيكون أول ملك
على إسرائيل رجل بنياميني من جبعة، ثم يرذل لصالح داود البيتلحمي وتكون الخصومة
رهيبة بين البيتين. وأرض بنيامين تتبع مملكة يهوذا بعد الانشقاق، ويدعي ذرية
بنيامين أنهم يمثلون التقليد الإسرائيلي الأكثر نقاوة (أنظر شاول الطرسوسي: (من
سبط بنيامين) في 5: 3).

 

(17):
إن معظم النقاد متفقون اليوم على القول بأن قسماً من المزامير المنسوبة لداود تعود
بالحقيقة لزمن متأخر عنه. لنذكر هنا أن حقوق المؤلف لم يكن مفهومها في العصور
القديمة كما هو في عصرنا الحاضر. فكثيراً ما كانوا ينسبون مؤلفاً ما إلى اسم كتاب
شهير، وكان من الطبيعي أن توضع بعض الأناشيد المستوحاة من حياة الملك العظيم على
لسان الملك نفسه.

 

(18):
تروي لنا الإصحاحات 22 إلى 29 من سفر الملوك الثاني أن سفر الشريعة اكتشف في
الهيكل وقرئ على مسمع الملك يوشيا. ولما سمع الملك أقوال السفر (مزق ثيابه) وأمر
بتلاوة السفر على مسامع جميع شعب أورشليم، وجدد الميثاق، ثم نزع من الهيكل كافة
الأشياء المكرسة للعبادة الوثنية وكافة الأصنام، وأزال المرتفعات، أي سائر معابد
المقاطعات.

 

فأي
سفر هو هذا الذي تستدعي تلاوته تلك الإصحاحات الجذرية؟ يجمع المؤرخون اليوم على
أنه سفر تثنية الاشتراع. وارميا، الذي جرى هذا الحادث في زمنه، أيد الإصلاح ولكنه
اضطر سريعاً إلى الاعتراف بأن تأثيره لم يكن عميقاً وبأنه لن يحول سير التاريخ.
وهو يلمح إلى ذلك تلميحاً (ارميا11).

 

(21):
يشتد النشاط الأدبي جداً أثناء الجلاء والقرون التي تليه، ولكن الأدب الكهنوتي
يخلف الأسفار النبوية. فيحاول الكهنة كتابة تاريخ طقوس إسرائيل وعاداتها. إن ما
سمي بشرع القداسة (لاويين17- 26) يعود على الأرجح إلى نهاية الجلاء، ويشابه كثيراً
سفر حزقيال. وبعده بمدة وجيزة تكتب الوثيقة الكهنوتية (حسب تسمية النقاد لها) التي
تتناول المعطيات التقليدية الخاصة بأوائل أيام إسرائيل وبالتشريع الموسوي وتكملها
مؤكدة على العنصر الطقسي. واندماج الوثيقة الكهنوتية هذه مع وثائق المدرسة النبوية
القديمة وتثنية الاشتراع يؤدي إلى ما نسميه بالأسفار الخمسة (أنظر الإيضاح عدد 2).
ويعتقد البعض أن الشريعة التي تلاها عزرا على مسامع الشعب هي شرع القداسة والبعض
الآخر أنها الأسفار الخمسة بشكلها الحالي.

 

ونلاحظ
الصبغة الكهنوتية نفسها في سفر أخبار الأيام (الأول والثاني) الذي يروي تاريخ
مملكة يهوذا أي بيت داود، إن هذا السفر يتناول معطيات سفري صموئيل والملوك ويتوسع
في بعض نقاطها. أما سفرا عزرا ونحميا فيرويان قصة الإصلاح.

 

سبق
أن أشرنا إلى أن الأسفار الأخرى في القسم الثالث من التوراة العبرية تعود لفترة ما
بعد الجلاء (أنظر الإيضاح عدد 2). فنذكرها هنا باختصار.

 

لقد
رأينا قبل الآن أن التقليد ينسب قسماً كبيراً من المزامير إلى داود، ولكن معظمها
يعود لما بعد الجلاء. وكانت المزامير في الأصل أناشيد ترتل أو تتلى في احتفالات
الهيكل على الأغلب وقد كتبت لمختلف الظروف: أناشيد شكر أو تضرع أو حزن، أناشيد
للحج يرنمها الحجاج أثناء مسيرهم. وكانت هذه الترانيم تعبر عن الإيمان الجماعي
ولكنها تتناول أيضاً التقوى الفردية بشكل أوسع معبرة عن آمالها وجهاداتها
ويقيناتها.

 

أما
سفر الأمثال، المنسوب لسليمان، فهو مجموعة حكم. إنه يفتح أمامنا كتاب الخليقة،
ويرينا الحكمة مترئسة خلق العالم، إن تلك الحكمة تذكر المسيحي ببدء إنجيل يوحنا
(أمثال 8، يوحنا 1). فيسوع المسيح (حكمتنا) كما أنه برنا (1كور 24: 1- 30، 6: 2- 8).

 

ولا
بد أن أصل سفر أيوب يرجع إلى تقليد قديم يجعل من أيوب مثال البار (حزقيال14: 14)
الذي يقاوم كل تجارب الخصم (أي إبليس) الرامية إلى إبعاده عن الله. فتصبح هذه
الأسطورة باعثاً لنظم قصيدة قوية تصف طبيعة الإيمان الحقيقية.

 

أما
الأسفار التالية الخمسة، التي نميل أحياناً، نحن العصريين، إلى استغراب وجودها في
التوراة (أو وجود بعضها على الأقل)، فكانت جميعها داخلة في ليتورجية الأعياد
اليهودية الكبرى:

 

1-
نشيد الانشاد نشيد عرسي، وكان يتلى في الأعياد الفصحية (تثنية 1: 16- 8 وأنظر خروج
13).

 

2-
سفر راعوث كان يتلى في أعياد الأسابيع، أي أعياد بواكير الحصاد (عنصرة، خروج22: 34
وعدد26: 28 وتثنية9: 16- 12).

 

3-
سفر المراثي كان يتلى في ذكرى خراب أورشليم.

 

4-
سفر الجامعة (الذي ينسبه التقليد إلى سليمان) كان يتلى في عيد المظال أو عيد جمع
الحصاد (تثنية13: 16- 15 ولاويين39: 23- 42 ونحميا 13: 8- 18) وهو تذكار للأيام
التي كان يعيش فيها إسرائيل في الخيام، فهل كانت غايته تذكير إسرائيل ببطلان
ممتلكات هذا الدهر؟

 

5-
سفر استير، وقد كتب في زمن اضطهاد، كان يتلى في عيد فوريم الذي أحدثه يهود الشتات
في القرن الثاني.

 

أما
سفر دانيال فيعود لزمن المكابيين. وقد ورد اسم دانيال في حزقيال14: 14، وليس لدينا
أية معلومات عنه: هل هو شخص حقيقي أم وهمي؟ لا ندري وليس هذا الأمر بذي أهمية إن
رواية السفر تجعل من دانيال بطلاً من أبطال الأسر البابلي، وهو ورفاقه يرمزون إلى
الكنيسة الأمينة.

 

(22):
لا يدخل سفر المكابيين في التوراة العبرية القانونية، إنهما من الأسفار المدعوة
أحياناً (قانون بالدرجة الثانية) وقد ضمت إلى التوراة في الترجمة اليونانية ليهود
الإسكندرية، ومنها انتقلت إلى التوراة اللاتينية (إننا نجدها في بعض الطبعات
اللوترية وفي سائر الطبعات الكاثوليكية: راجع طبعة
Crampon).

 

(23):
كانت شهادة الكنيسة الرسولية في بادئ الأمر الكرازة (بالبشارة)، وهذه البشارة أي
(الإنجيل) هي أن يسوع الناصري، الذي صلب على عهد بيلاطس البنطي، هو مسيح الله،
ماسيا الذي أنبأت به جميع الأسفار وملك إسرائيل الحقيقي. وكانت الكرازة الشفهية تكتمل
برسائل يواصل الرسل بواسطتها تعليم الكنائس المؤسسة حديثاً. وكانت الكنيسة تعيش في
انتظار عودة الرب، ولما أشرف الجيل المسيحي الأول على الانقراض، آنئذ فقط اهتموا
بكتابة أقوال الرب، ثم بجمع ذكريات من شهدوا عياناً كرازة يسوع على الأرض وموته
وقيامته، وهكذا كانت الأناجيل.

 

وبالتالي
يمكن تقسيم أسفار العهد الجديد إلى ثلاث فئات: أولاً- شهادات مختصة بالوقائع
التاريخية التي كانت أساس الإيمان الرسولي، وهي الأناجيل الأربعة وأعمال الرسل،
ثانياً- تعليم في أمور عقائدية ومسلكية مختلفة: وهي الرسائل، التي يشكل بعضها
أبحاثاً لاهوتية بكل معنى الكلمة (الرسالة إلى أهل رومية وإلى العبرانيين). وبعض
آخر مجرد (وريقات). وأخيراً سفر الرؤيا الذي يعتبر فئة ثالثة، وهو سفر نبوي يقابل
سفر دانيال في العهد القديم: إنه سفر رؤيا (الأزمنة الأخيرة) التي تسبق قيام ملك
الله.

 

أما
من ناحية الترتيب الزمني فإن أقدم النصوص المكتوبة التي لدينا هي رسائل القديس
بولس، فالرسالتان إلى أهل تسالونيكي تعودان إلى حوالي العام 50، والرسائل البولسية
الكبرى تعود إلى الثمانية أو العشرة أعوام التي تليه. ومن المقبول بصورة عامة أن
إنجيل مرقس في شكله الحالي كتب قبل العام 70، وإنجيلي متى ولوقا بعده ببضع سنين،
وإنجيل يوحنا في أواخر القرن.

 

إن
متى ولوقا يتبعان كلاهما تسلسل الحوادث كما جاءت في مرقص ويعيدانها بكاملها
تقريباً، ولكنهما يدخلان في روايتهما معطيات أخرى. ويرجح أنهما استخدما مجموعة
لأقوال يسوع كانت تتناقلها الكنائس منذ زمن ما. وبالإضافة إلى هذه المجموعة كان
لكل منهما مصادر خاصة به (شفوية أو كتابية: روايات الطفولة والقيامة، روايات عن
صعود يسوع إلى أورشليم، لوقا إصحاحات 10 إلى 18 وفيها عدد كبير من الأمثلة الخاصة
بإنجيل لوقا. الخ..).

 

وغاية
الإنجيليين الشهادة بأن يسوع هو المسيح ابن الله. هم لا يبغون ذكر كل شيء بل جمع
الوقائع والشهادات ذات معنى. وانتقاؤهم لها متأثر بهدفهم وبالقراء الذين يتوجهون
إليهم. فإنجيل متى موجه إلى أوساط فلسطينية، فيورد على الدوام آيات من العهد
القديم ليبين أن يسوع جاء يتمم كل ما تنبئ عنه. والعظة على الجبل تلح على أن يسوع
يكمل الناموس والأنبياء. ومتى هو الإنجيل الوحيد الذي يذكر واقعة إرسال الاثني عشر
إلى إسرائيل فقط بادئ الأمر (متى5: 10). ولكنه يظهر أيضاً أكثر من بقي الأناجيل
خطيئة إسرائيل (متى23، 6: 27- 25). أما إنجيل لوقا الموجه للأوساط اليونانية فهو
قليل الإلحاح على كل ما يتصل بالعادات والتقاليد اليهودية، في حين يظهر الطابع
العام والشامل الذي للإنجيل.

 

وإنجيل
يوحنا الذي كتب في ما بعد يظهر استقلالاً كبيراً عن المصادر السابقة له، ويبدو أنه
ابتغى تكميلها في بعض النقاط وقد يكون ابتغى تصحيحها. وقد أنكر النقاد قيمته
التاريخية، ولكن مؤرخين بارزين ينقضون اليوم هذا الحكم السريع. إنه مؤلف لاهوتي ذو
قوة نادرة، ويحمل بصورة ظاهرة جداً أسلوب كاتبه وفكره خلاف الأناجيل الثلاثة
السابقة.

 

لن
نحاول في هذه الدراسة الرجوع إلى (المصادر)، أعني فصل أقوال يسوع عن ظرفها التاريخي
– وهي محاولة من باب الافتراض دائماً. فإيماننا مستند إلى شهادة الكنيسة الرسولية
بمجموعها. بل نحن نتبين عمل الروح القدس في الوحدة العميقة التي لهذه الشهادة وراء
تنوعها. ذلك لأن ليس لجميع كتاب العهد الجديد سوى هدف واحد: إثبات أن يسوع هو
فعلاً ماسيا المخبر عنه في كل الأسفار، وأنه نبي العهد الجديد وملكه وكاهنه، وأنه
ابن الله، وبيان أن فيه يتم قصد الله الأزلي لخلاص العالم.

 

(24):
إن سلسلتي النسب الواردتين في متى ولوقا توردان كلتاهما، لا نسب مريم كما قد ينتظر،
بل نسب يوسف إذ كان مفهوم التبني عند اليهود يجعل من الأب المتبني أباً شرعياً.
ولكن صعوبة أكبر تقوم في عدم توافق السلالتين. وكافة المحاولات لتفسير هذا الأمر
لا تصل إجمالاً إلا إلى طمس المشكلة. وهي مشكلة مقلقة فقط للذين يتمسكون بحرفية
الكتاب، أما بالنسبة لنا فليست أهمية هاتين السلسلتين في صحتهما التاريخية بل في
معناهما اللاهوتي، لقد أراد الكاتب القديس التأكيد على عدم انقطاع الإعلان الإلهي
وعلى واقع التجسد اللحمي، وليست غاية اللائحتين السلاليتين إلا إظهار هاتين
الواقعتين الجوهريتين. فمتى، وهو يكتب إلى مسحيين ذوي أصل يهودي، يؤكد على كون
يسوع ابن داود، ابن ابراهيم، أي على كونه الوارث لكرسي داود وللموعد المعطى لشعب
الله في شخص ابراهيم. أما لوقا، وهو يكتب بصورة خاصة إلى مسيحيين وثنين في الأصل،
فيرجع حتى آدم الإنسان الأول، ومع يسوع آدم الثاني تبدأ البشرية الجديدة، المولودة
من فوق – المولودة من الروح القدس (أنظر 1كور45: 15- 49 ورو 12: 5- 15).

 

(25):
لم يرد في النص اليوناني (يوحنا 11: 1): أتى (عند خاصته) بل (في ما هو له).

 

(26):
يلاحظ ريشارسون
The Miracle
Stories of the Gospels

أن هناك تقابل مقصوداً في إنجيل مرقس، إصحاح 6 إلى 8، بين العمى والصمم الطبيعيين
في المرضى اللذين يشفيهم يسوع وبين عمى وصمم التلاميذ. فالتلاميذ أيضاً يحتاجون
إلى عملية جراحية لإزالة الماء الأزرق من عيونهم، وهذا ما يحصل حين يعترف بطرس
بسيده (29: 8- 30).

 

أما
إنجيل يوحنا فيرى في عجائب الشفاء أمثلة حية للعتق الروحي الذي هو دوماً في نظره
انتقال من الموت إلى الحياة، ومن الظلمة إلى النور (أنظر يو 4: 1- 9، 19: 3- 21، 5:
9، 1يو 5: 1- 7).

 

(27):
يبدو أن اللفظة الكتابية المترجمة في طبعاتنا بكلمة ثعلب تعني في بعض الحالات على
الأقل ابن آوى (مز11: 63 وحز4: 13). ويشترك كلا الحيوانين في أنهما يقتاتان من
الجيف. وميزة الثعلب المراوغة. فالمعنى الأخلاقي للفظتين واحد تقريباً.

 

(28):
يبدو أن هذا المقطع (2بطرس 3) تضاداً مقصوداً بين الإفناء بالماء (العدد 5)
والإفناء بالنار (العدد 7 و10 و12). فالبحر، الهاوية الكبرى، رمز لقوات الشر، ومنه
تخرج القوات الشريرة (رؤ1: 13). أما الله فممثل بالعكس في الكتاب كله بمظاهر النار
(تكوين17: 15، خروج 3: 3، 18: 19، لو49: 12، أعمال 3: 2). وكانت قوات الشر قد
ابتلعت البشرية بأجمعها لو أن الله بفعل من نعمته لم ينتزع نوح من الطوفان (ترمز
سفينة نو للكنيسة وللمعمودية، بطرس الأولى 20: 3). ويعد الله بعد الطوفان بأنه لن
يفني البشرية بالماء من بعد (تكوين 15: 9). ولكن نار القداسة الإلهية ستفني في
اليوم الأخير كل ما هو غير طاهر، والشدة هي النار التي تطهر الكنيسة قبل الوقت
وتبعد عنها الفناء الأخير (1كور 12: 3- 15، 2بطرس 7: 3).

 

(29):
إن ترجماتنا الفرنسية (
Version
synodale et Segond
)
تهمل عبارة (بعلامات) الواردة في النص اليوناني (راجع
Ch. Brutsch (رؤيا يسوع المسيح) ص 19 والإيضاح عدد 34 في دار نشر Labor).

 

(30):
إن العدد 12 ومشتقاته (رؤ 4: 7- 8) يرمز في لغة الكتاب إلى الملء، فهؤلاء المائة
والأربعة والأربعين ألفاً يمثلون إسرائيل بأجمعه، ولكن هل هذا وعد بخلاص شعب
إسرائيل بمعنى الرسالة إلى أهل رومية 25: 11- 26؟ أم هو إسرائيل الإيمان أعني
الكنيسة؟ تختلف أراء المعلقين في تفسير هذه النقطة، ويبدو أن مقطع سفر الرؤيا 3: 14
يرجح الفرضية الأخيرة فتكون الإشارة إلى بواكير الكنيسة (رؤ1: 14- 5 و1: 20- 6،
أنظر 1كور23: 15) التي تسبق قيامتها النداء الأخير الموجه إلى جميع الشعوب،
والدينونة الأخيرة (رؤ6: 14- 13، 12: 20، 9: 7- 12).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار