الإصحَاحُ الأَوَّلُ
الإصحَاحُ الأَوَّلُ]]>
الإصحَاحُ الأَوَّلُ
آيه1: كان رجل فيارض عوص اسمه أيوب وكان هذا الرجل كاملا ومستقيما يتقي الله ويحيد عن الشر.
أرض عوص= على حدودبلاد أدوم وبلاد العرب شرق البحر المتوسط وشمال خليج العقبة بالبحر الأحمر ونلاحظأن السبئيين هم قبيلة سكنت بلاد العرب والكلدايين كانت أرضهم أولاً بين سوريا ونهرالفرات قبل أنيستقروا في بابل. والصديق أليفاز التيماني صاحب أيوب كان من أدوم فتيمان من بلادأدوم. وراجع مراثي 21:4 وقد إشتهرت أرض عوص بالحكمة. لذلك كان أصحاب أيوب منجيرانه الأدوميين والعرب. فأيوب لم يكن إسرائيلياً لا هو ولا أصدقاؤه. فالله إختارإسرائيل ليأتي منهم المسيح ولكن ليس معنى هذا أن الله قصر تعامله على إسرائيل وتركباقي العالم ( راجع نقطة رقم 7 فى المقدمة )
اسمه أيوب= الإسم لهأكثر من تفسير
1) أنه رجل يحزن ويئن
2) قيل أنه مشتق منالفعل العربي آب أي رجع ويكون معنى الإسم رجع وتاب
كاملاً= كمالاًنسبياً بالنسبة لمن هم حوله، هو أفضل ممن حوله. كطالب في الإبتدائي حصل على 100%ولكنه لا يفهم في دروس الثانوي. وأيوب كانت له خطية البر الذاتي فهو لم يقدم ذبائحعن نفسه بل عن أولاده فقط وكثر كلامه عن كماله وبره. وهذا عكس ما قيل عن موسى فيخروج 29:34 “أن موسى لم يعلم أن جلد وجهه صار يلمع”. لأن موسى لم ينظرإلى نفسه ليعجب بنفسه بل كان منشغلاً بالنظر إلى الله فلم يدري ما حدث له. ولنتعلمأن ننظر فقط للسماء ونقارن أنفسنا مع السماء “كونوا كاملين كما أن أباكم الذيفي السموات هو كامل” فحين ننظر للسماء نجد أنفسنا خطاة. وهذا ما وصل إليهأيوب أخيراً حين أضاء الله بنوره عليه فرأى حقيقة نفسه. أما من ينظر للأخرينويقارن نفسه معهم هو معرض 1) أن يشعر ببره الذاتي 2) يرى عيوب الآخرينويدينهم
يتقي الله ويحيد عنالشر=يقول الكتاب في أم 21:12 “لا يصيب الصديق شر” فلماذا تألم أيوب؟ كلمة شرفي أم 21:12 تعني ضرر أو أذي. وما أصاب أيوب لم يؤذه بل نقاه وطهره. . . “فكلالأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله” لذلك نسمى الله صانع خيرات فىصلات الشكر. فمهما يحدث فهو للخير. وقد لا نفهم أحياناً وهذا راجع لقصر إدراكنا.وكان سر نجاح أيوب أنه يتقي الله وكان أن باركه الله وأكثر له الخيرات منأملاك وبنين. ولكن لكي يكمله سمح له ببعض التجارب فالتجربة تكشف ما هو غائب عنا.
الأيات2، 3:- وولدله سبعة بنين وثلاث بنات، وكانت مواشيه سبعة الافمن الغنم وثلاثة الاف جمل وخمس مئة فدان بقر وخمس مئة اتان وخدمه كثيرين جدا فكانهذا الرجل اعظم كل بني المشرق“. .
“هذه البركةالكبيرة سببها كمال أيوب. وكانت الثروة في أيام الأباء البطاركة تقدر بعددالمواشي. فدان بقر= الذي يحرثه بقرتان بجانب بعضهم.
أعظم كل بني المشرق= المقصودببني المشرق من هم شرق أرض فلسطين. وكان أيوب أعظمهم في ثروته وحكمته وصلاحهوكماله. وقال عن نفسه أن الناس كانت تسجد له.
الأيات 5، 4:-“و كان بنوه يذهبون ويعملون وليمة في بيت كل واحد منهم في يومه ويرسلونويستدعون اخواتهم الثلاث لياكلن ويشربن معهم، وكان لمادارت ايام الوليمة ان ايوب ارسل فقدسهم وبكر في الغد واصعد محرقات على عددهم كلهملان ايوب قال ربما اخطا بني وجدفوا على الله في قلوبهم هكذا كان ايوب يفعل كلالايام“.
نجد هنا وصفاً آخر لرخاء أيوب وتقواه. وكيف كان فرحاً بأولادهوغالباً كانوا متزوجين فلهم كل واحد بيته، يعيشون في محبة ونجاح ولهم حياة مشتركة(مز 1:133)
وبكر في الغد= نلاحظأهمية أن يبدأ اليوم بالصلاة ليبارك الله اليوم كله ونتقدس. ونلاحظ خطأ أيوب هناواضحاً. فهو يقدم ذبائح عن أولاده، أما عن نفسه فلا يقدم ذبيحة فهو في نظر نفسه لايخطئ وهذا هو البر الذاتي. جدفوا على الله في قلوبهم = أي نسوا الله فيمسراتهم وهو واهب كل خيراتهم. ولا شئ يبعد العقل عن الله بقدر الإنهماك في مطالبالجسد. والإنسان يميل في مسراته أن ينسى الله لذلك إهتم أيوب أن يدعوا أولادهللعبادة بعد أن إنتهت ولائمهم. أرسل فقدسهم = التقديس يشمل التوبة عما إقترفوهمن خطاياه والطهارة الجسدية أيضاً (إستحمام وغسل ملابس) إستعداداً لتقديم الذبائحوالصلاة والعبادة. ونلاحظ هنا أن أيوب كان كاهن الأسرة، هو يقدم الذبيحة ليطلب لهمالمغفرة. هكذا كان أيوب يفعل كل الأيام = إن من يعبد الله عبادة مستقيمةيجب أن يعبده عبادة مستديمة.
آية 6:- “وكان ذات يوم انه جاء بنو الله ليمثلوا امام الرب وجاء الشيطان ايضا في وسطهم“.
كما إستخدمالسيد المسيح الأمثال لشرح طبيعة الملكوت. يشرح هنا الكاتب الملهم بالروح القدسمنظراً سماوياً وأحاديث دارت بين الله والشيطان في وجود الملائكة. ومثل هذا المنظرلم يراه إنسان ولا يمكن أن يتخيله إنسان، فالسماء فيها ما لم تره عين ولم تسمع بهأذن ولم يخطر على بال إنسان. ولكن هذا المنظر التصويري أن الملائكة تجتمع في حضرةالله يتلقون أوامرهم منه ثم يأتون ليقدموا تقريراً عما فعلوه، ويأتي الشيطانالمشتكي وسطهم ليشتكي على البشر هو تصوير بلغة البشر على قدر ما نفهم، وهكذا نجدبولس الرسول يعيد رسم نفس المنظر في رو 33:8، 34 وهناك بعض الملاحظات على هذهالآية :-
1. كان الشيطانطليقاً قبل مجئ السيد المسيح، ولما تجسد الرب متأنساً. . . ربط إبليس وقيده رؤ1:20-3. وتقييده معناه أنه لا يستطيع أن يجرب الناس على هواه بل هو الآن مثل كلبمربوط بسلسلة فلا يستطيع أن يعض إلا من يدنو منه، هو قد يعوي نابحاً ويرهب مفزعاًلكنه لا يقدر أن يعض إلا من يقترب إليه.
2. لقد تحدى إبليس اللهوصار عدواً له، بل وصار كل إنسان يتقى الله عدواً لإبليس، يحارب عبادته وخضوعهلله.
3. كانالشيطان في بادئ خلقته كاروباً مظللاً منبسطاً يحيط بالعرش الإلهي. لقبه الوحيالإلهي زهرة بنت الصبح قبل معصيته. وزهرة بنت الصبح هو كوكب منير يظهر في الصباحوهو ألمع الأجرام السماوية ويسمى فينوس وباللاتينية لوسيفر ولقد سقط الشيطان منهذه الرتبة اللامعة بعد أن كان ممتلئاً من الحكمة فدخله الغرور وبدلاً أن يمجدالله افتخر بنفسه. وبسقوطه تحول من كاروب للمجد إلى شيطان هالك. وكلمةشيطان من شطن إيل ومعناها خصم أو مقاوم أو ضد الله. وسمي باليونانيةذيافلوس ومعناها مشتكي زوراً أو ثالب ونقلت بالعربية إبليس وهو المفترىظلماً. ومن أسمائه أيضاً التنين أو الحية القديمة لقوته ودهائه في الحرب وهويشتكي على البشر دائماً، يكتشف نقاط ضعفهم ويغريهم بالوقوع وإن وقعوا يشتكي عليهم،بل هو أيضاً يشتكي الله في أسماعنا بأن الله قاسى لا يحبالإنسان ومع أي تجربة يقع فيها الإنسان يأتي إبليس ليشتكي الله فإن صدق الإنسانشكوى إبليس وردد معه “لماذا لا يحبني الله ويوقعني في هذا الألم” هنايذهب الشيطان ليشتكي الإنسان لله بأنه جدف وهذا ما حاوله إبليس مع أيوب.
4. نرى فيالتصوير السابق أن الله هو ضابط الكل والشيطان ليس مطلق الحرية في التصرف بل إنحياتنا يتم تدبير أمورها في السماء. . . فلماذا نخاف؟ بل لماذا نتساءل عن مصدر أيألم يقع علينا هل هو من الله أو هل هو من إبليس. وعلينا أن نردد مع أيوب أألشر منالرب لا نقبل؟ فالله هو ضابط الكل وكل ما يحدث هو بسماح منه وتحت سيطرته، بل أنالله في أول مرة سمح لإبليس أن يجربه في كل شئ ولكن لا يمس جلده وجسمه وفي المرةالثانية سمح بهذا على أن لا يمس حياته أي لا يموت. فنهم أن سلطان إبليس محدود وفيحدود ما يسمح به الله. وما يسمح به الله هو لخير الإنسان فالله يحب الإنسان رو28:8.
5. هذا المنظرالسماوي الله وحوله ملائكته والشيطان في وسطهم يتكرر في الكنيسة على الأرض فكلمايكون هناك تجمع لأولاد الله يدخل إبليس في وسطهم ليزرع الشك والكراهية بينهم.فلنحذر فالشيطان جرب المسيح نفسه.
6. قبل أن يحدثناالكتاب عن كيف فاجأت الآلام أيوب، وحلت به في هذا العالم المنظور، حدثنا عن كيف تمتدبير الأمور في السماء في عالم الأرواح، لأن الشيطان الذي كانت بينه وبين أيوبعداوة شديدة بسبب تقواه التمس الإذن ليعذبه من الله فإن كان الله هو الذي يسمحفنحن إذن في يدي الله فلماذ الخوف.
7. إعترض البعضكيف يكون للشيطان القدرة أن يصل إلى حيث العظمة الإلهية ومقر الملائكة الأطهار؟والرد أن الله ليس محصوراً في مكان (راجع أر 24:23، أش 1:66 +1مل 27:8 + أش 15:57+ مز 1:139-12 ) فالله موجود في كل مكان ومثول الملائكة والشيطان أمام الله هوتنازل العزة الإلهية وتجليها أمام خليقته سواء البارة أو الأثيمة لكي يكشف مقاصده.ولكن يجب أن نفهم أن هناك فرق فالملائكة تعاين مجد الله وتفرح وتبتهج وتسبح أماإبليس فيرى عدل الله وحكمه ضده فيقشعر ويزداد هيجاناً على أولاد الله، إبليس إذاجاء وسط الملائكة لا يرى مجد الله بل يرى وجه الله الغاضب الذي يدينه.
آية 7:-“قال الرب للشيطان من اين جئت فاجاب الشيطان الرب وقال من الجولان في الارضومن التمشي فيها“.
من أين جئت = هذه لاتعني أن الله لا يعرف بل تعني أنه مهما ذهب فهو تحت عين الله الفاحصة وبنفسالطريقة سأل الله آدم أين أنت. هو سؤال يشير أن الله يعرف كل ما كانيعمله الشيطان. الجولان في الأرض= الكلمة تعني العمل الدائم الثابت وبنشاطواسع وفي كلمكان. والشيطان لم يقدر أن يدعي بأنه كان يصنع خيراً فهو يعرف أن الله فاحص كل شئولم يجسر أن يعترف بأنه كان يصنع ضرراً فهو يقشعر بوجوده في حضرة الله.
آية 8:- “قالالرب للشيطان هل جعلت قلبك على عبدي ايوب لانه ليس مثله في الارض رجل كامل ومستقيميتقي الله ويحيد عن الشر“.
الله هو الذي يبدأبالسؤال فهو يعرف أن الشيطان حاقد عليه أي على أيوب والله يعرف أن الشيطان وضع فيقلبه أن يشتكي أيوب ويلتمس الإذن بأذيته وتجربته. فبدأ الله يتكلم عن أيوب بإعزازويفتخر بعبده ويشهد لكماله وأنه يسلك بإستقامة فمما يفرح الله أن يتكلم عن أبناءهالأبرار “أكرم الذين يكرمونني“ وكون الله يبدأ بالسؤالفهذا يعني أن الله هو الذي في يده كل الأمور كضابط للكل ويظهر إهتمام الله بأيوبكشخص وهكذا بكل منا. وهو الذي بدأ لأنه كان يعرف نية الشيطان وأنه يريدأن يجرب أيوب وأن الله كان يريد هذه التجربة لصالح أيوب وحتى يكمل أيوببالأكثر ويتنقى من بره الذاتي. وأن يبدأ الله بالكلام عن أيوب فهذا يعني أن اللهيقول أنا أعرف مهمتك يا شيطان وأنا أعرف فيماذا تفكر. وله معنى آخر أن لنا شفيعمستعد أن يدافع عنا حتى قبل توجيه الإتهام إلينا.
آية 9:- “فاجابالشيطان الرب وقال هل مجانا يتقي ايوب الله”.
هل مجاناً يتقي أيوبالله:-لم يحتمل الشيطان أن يسمع الثناء على أيوب وهو لا يحتمل أي إنسان بار مجاهد فيوجهكل سهامه ضده. ولذلك تزداد حروب إبليس ضدنا حينما نعترف ونتوب ونتناول. وكل منلايحتمل أن يوجه مديح لشخص آخر غيره فهؤلاء يشبهون الشيطان. وبدأ الشيطانشكواه وهجومه ضد أيوب وهو لم يجد خطية في أيوب يشتكيه عليها فإفترى عليه بأنه لايعبد الله من أجل الله ولكن لأنه يحصل على خيرات زمنية أي أنعبادته هدفها النفعية، وأنه إن لم يحصل على إمتيازات زمنية ما كان يعبد الله(وهناك من هو حتى الآن يعبد الله للحصول على إمتيازات وبركات مادية فإن خسرها تركالله أو تصور أن الله تركه) بل إنها حرب من إبليس، فهو يتحايل على أولاد اللهويقنعهم أنهم لابد ان يحصلوا على أجر مادي وإمتيازات مادية في مقابل عبادتهم ولكنعلينا أن نتطلع إلى الجزاء الأبدي والميراث السماوي فهذا ما أعده الله لنا ولنلاحظأن الشيطان يشتكي على أولاد الله إذا أخطاؤا وهكذا أولاد إبليس. أما أبناء اللهفيسترون الخاطئ. راجع قصة القديس الأنبا مقار حين تستر على خطية الراهب الزاني فسمعالصوت “طوباك يا مقاريوس لأنك صرت شبيها بالله”.
ولنفهم أن الله ما كانيسمح للشيطان أن يشتكي على أيوب إلا لأن هناك خطية ملأت قلب أيوب وهي البر الذاتي.لذلك إستطاع المجرب أن يجد فيه مكاناً ليشتكي عليه وهذا جعل الله يوافق أن يجربإبليس أيوب. أما المسيح فلأنه بلا خطية قال عن إبليس “رئيس هذا العالم يأتيوليس له فيَ شئ”
آية 10:- “اليسانك سيجت حوله وحول بيته وحول كل ما له من كل ناحية باركت اعمال يديه فانتشرتمواشيه في الارض“.
سيجت حوله= أيلحمايته وحمآية أسرته وممتلكاته. ودائماً شعب الله يتمتع فعلاً بحمآية الله زك5:2. وبدون بركة الله ما كانت ثروته قد إزدادت.
آية 11:- “ولكن ابسط يدك الان ومس كل ما له فانه في وجهك يجدف عليك“.
يتحدثالشيطان هنا بخبث وحقد أن أيوب لو سمح الله وجربه فهو سيكف عن تقواه بل سوف يجدفعلى الله. فالشيطان يريد أن يثبت أن أيوب لا يتقي الله حباً في الله لكن حباً فيعطاياه، ويريد إثبات أن الله ليس له عبد أمين واحد بين البشر وأنه لا يوجد فيالعالم اخلاص حقيقي في التقوى وكل التدين ما هو إلا إدعاء باطل وتظاهر وبذلك يصيرالشيطان هو الملك الفعلي على كل البشر. ومع أن الشيطان له قوة خارقة لكننا نجدههنا قد أخطأ في حساباته فلا أيوب جدف ولا ترك الله، وذلك لأن الله وحده هو الذييعلم ما في القلب ولذلك سمح الله بتجربة أيوب فهو يعلم أنه لن يجدف. والله وحده هوالذي يسمح بالتجربة ويحدد مداها، وهو يسمح إن كان هناك فائدة من التجربة للشخصنفسه.
آية 12:- “قالالرب للشيطان هوذا كل ما له في يدك وانما اليه لا تمد يدك ثم خرج الشيطان من اماموجه الرب“.
الله هنايعطي الإذن للشيطان أن يجرب أيوب ولكن في حدود= وإنما إليه لا تمد يدك =أي لا تمس جسده لكن أملاكه فقط. إذاً السلطان المعطى للشيطان محدود. والله لا يسمحبتجربة إلا في حدود ما نستطيع ونحتمل 1كو 13:10 والله عَلِم أن رصيد النعمة لدىأيوب يسمح له بأن يحتمل (راجع مز 23:37-25) خرج الشيطان من أمام وجه الرب=وهكذا فعل قايين وهكذا يفعل كل شرير تابع للشيطان فهو لا يستطيع أن يبقى أمام وجهالرب.
آية 13:-“و كان ذات يوم وابناؤه وبناته ياكلون ويشربون خمرا في بيت اخيهم الاكبر“.
من شر الشيطان وكراهيتهللإنسان خصوصاً الإنسان البار نجده هنا بمجرد أن حصل على سماح من الله بأن يؤذيأيوب شرع فوراً في التنفيذ ونلاحظ في خطة الشيطان أن ضرباته ضد أيوب كانت في يومفرح حتى يكون للضربات وقع أكثر إيلاماً على نفس أيوب. وكانت الضربات متلاحقةمتتابعة حتى لا يعطي لأيوب فرصة أن يلتقط أنفاسه أو يستريح فيتعزي. ونلاحظ في خطةالشيطان أيضاً أنه حاول الوقيعة بين الله وبين أيوب وبين أيوب وبين الله فهو حاولأن يشتكي أيوب لله وحاول أن يصور لأيوب أن كل هذه الضربات هى لغضب اللهعليه، فالنار والريح هما بيد الله والله تركهم ضد أيوب وهجوم السبئيينوالكلدانيين معناه أن الله لم يحافظ على عبده أيوب أو يحميه منهم، ولذلك وضعالشيطان في فم الغلمان قولهم نار الله سقطت من السماء.
آية14 :- “انرسولا جاء الى ايوب وقال البقر كانت تحرث والاتن ترعى بجانبها”.
الشيطان يثير أيوب ضدالله، مع أن الشيطان هو الذى أو عز للسبئيين بأن يهجموا على ممتلكات أيوب. ولقدكانت خسائر أيوب مطابقة لكل أملاكه السابق ذكرها فكأنه خسر كل شئ وبسرعة، فلم يعطهالشيطان فرصة أن يتأمل في حياته السابقة وربما إكتشف خطية فيندم عليها أو يهدأ بينالضربة والضربة فيكون له خضوع مبارك أمام الله وقال أيوب بعد ذلك “لأن البوارمن الله رعب علىَ أي 23:31”
آية 15: “فسقطعليها السبئيون واخذوها وضربوا الغلمان بحد السيف ونجوت انا وحدي لاخبرك“. السبئيون=هي في الأصل شبا بالعبرية وكانوا غزاة ووصلت حروبهم وغزواتهم حتى اليمن التي تنسبأيضاً إلى نفس القبيلة. وكانوا غزاة يغيرون على البلاد ويسبون ساكنيها ويتاجرون فيالعبيد. الغلمان= الفلاحون والرعاة وهؤلاء قتلوا وهم يدافعون عن أملاكسيدهم (تك 3:25)
آية 16:- “و بينما هويتكلم اذ جاء اخر وقال نار الله سقطت من السماء فاحرقت الغنم والغلمان واكلتهم ونجوتانا وحدي لاخبرك”.
نار الله= هو برقغير عادي وبكثافة شديدة وإتجه نحو أملاك أيوب مباشرة ومما يثير أيوب أنه كان يقدمذبائحه لله في عبادته من مواشيه والأن يجد أن الله يسقط ناره ليلتهم كل مواشيهبدلاً أن يباركها.
آية 17:- “وبينما هو يتكلم اذ جاء اخر وقال الكلدانيون عينوا ثلاث فرق فهجموا على الجمالواخذوها وضربوا الغلمان بحد السيف ونجوت انا وحدي لاخبرك”.
الكلدانيون=نسبة إلى المكان الذي سكنوه وهو كلديا جنوب بابل وكان منهم الكهان القدامى وكانواقبلما يستولون على بابل يقومون بغزوات في الغرب، يتجولون في الأرض بين شرقي الأردنوالفرات وبعد ذلك إستوطنوا بابل
آية 18:- “وبينما هو يتكلم اذ جاء اخر وقال بنوك وبناتك كانوا ياكلون ويشربون خمرا في بيتاخيهم الاكبر“.
ضربة بنوه وبناته هيالتي جرحت قلبه جرحاً عميقاً فهم أثمن ما يملك. لذلك حفظ الشيطان هذه الضربة لتكونآخر ضربة ليدفعه للتجديف على الله. والريح في يد الله فإذا جاءت الريح بهذه الشدةلتقتل الأولاد يفهم أن الله هو الذي فعل هذا وهكذا فهمها بلدد(4:8). زوبعة=عاصفة تدور في سيرها فتدمر.
آية20:- “فقامايوب ومزق جبته وجز شعر راسه وخر على الارض وسجد”.
تمزيق الجبة وجز الشعرعلامة الحزن، وهذه هى المشاعر الطبيعية، لقد تصرف أيوب كإنسان في محنته وهكذا بكىالمسيح على قبر لعازر فالمسيح شابهنا في كل شئ ما عدا الخطية. والله لا يتضايق منالمشاعر الطبيعية بل هو في كل ضيقة تلم بنا يتضايق. ولنلاحظ أن أي إنسان يتعرض لماتعرض له أيوب ولا يحزن يكون صخرة صماء لا إنسان. ومع كل هذا لم يصدر عن أيوب أيكلمة تجديف وظل محتفظاً بسلامه الداخلي حتى جاءه خبر موت بنيه بل هو خر علىالأرض وسجد فهو في ضيقته لجأ إلى الله ولم يجدف عليه، لجأ إليه فيعبادة وسجود ولم يهرب منه ويتركه. (هناك عادة رديئة عند بعض الناس الذين إذا ماتلهم شخص محبوب ينقطعون عن الكنيسة فترة) وأن يلجأ الإنسان لله في ضيقته فهذا يعطيهفرصة أن يهدأ أمام الله ويعطيه الله سلاماً يصعب أن يجده الإنسان بعيداً عن الله.
آية 21:- “و قالعريانا خرجت من بطن امي وعريانا اعود الى هناك الرب اعطى والرب اخذ فليكن اسم الربمباركا”. .
هنا تظهر عظمة أيوبوإقتبس بولس الرسول هذه الآية 1تي 7:6. والخطية هي التي جعلت الإنسان عرياناً(هكذا يولد وهكذا يموت) ولكن الأنفس التقية تخرج لابسة ثوب البر. 2كو 3:5. الربأعطي= هو نسب كل خيراته لله ولم يقل يداي وقوتي عملت بهما ثروتي. والرب أخذ=فنحن لا نهتم بمن هو سبب النكبة هل هو الشيطان أم الأعداء (سبئيين وكلداينين) أمهي الطبيعة (نار ورياح) بل نحن في يد الله، والله هو ضابط الكل وحين يضيع منا شئنقول الرب سمح بهذا. بل أن بعض الناس يقولون في خسارتهم أن حظهم سيئ وهذا ضدالإيمان بأن الله هو ضابط الكل، وكل شئ تحت سيطرته هو. ولنلاحظ أن أيوب قال هذاالقول الرائع وهو ساجد مصليا أمام الله فالعبادة وسط الضيقة تعطي قوة وعزاءللمتألم. وهذه الروح الخاشعة تؤدي للتسليم أمام الله بإقتناع. فليكن إسم الربمباركاً= هذه من بركات الصلاة والروح الخاشعة فهو لم يلعن السبئيين ولا البرقولا الريح ولا حظه السيئ، بل من فضلة القلب يتكلم اللسان، وقلب أيوب الخاشع لايقدر أن يلعن لذلك بارك الله وشكره (وهكذا الكنيسة تعلمنا أن نشكر في كل مناسبة)فالتذمر والضجر وعدم الصبر تتهم الله في الواقع بالجهالة.
آية22:- “يكل هذا لم يخطئ ايوب ولم ينسب لله جهالة”.
الروحالقدس يعترف لأيوب في شهادة كريمة بثباته وقداسته لأنه لم يخطئ.