الإصحاح التاسع والثلاثون
الإصحاح التاسع والثلاثون]]>الإصحاح التاسع والثلاثون
يستمرالله في عتاب أيوب لأنهإتهمه بالظلم، بينما هو يراعي حتي المخلوقات الأخري المتوحش منها والضعيف ويهتمبها ويرزقها. والله يعاتب أيوب لأنه في خطبه الكثيرة إهتم بأن يذكر صلاحه وإهتمامهبالفقراء وأعماله الصالحة، وكأن الله يقول له، إن كنت أنت قد عملت بعض الأعمالالصالحة، فأنا كل أعمالي صالحة وأنظر للخليقة حولك وأنت تري أنني لا أنسي أحد، وإنكان هناك بعض الأعمال التي لا تستطيع حكمتك الإنسانية أن تفهمها، فتواضع وأشعر بأنمعرفتك بسيطة حتي بما حولك من الخليقة، فكم وكم بالأمور التي تجهلها.
الأيات1-4:- “اتعرفوقت ولادة وعول الصخور او تلاحظ مخاض الايائل، اتحسب الشهور التي تكملها او تعلمميقات ولادتهن، يبركن ويضعن اولادهن يدفعن اوجاعهن، تبلغ اولادهن تربو في البريةتخرج ولا تعود اليهن“.
تأويالوعول والأيائل إلي الصخور في الجبال العالية البعيدة عن مساكن الناس،فيصعب علي الإنسان إن يعرف طباعها وعاداتها، وأما الرب فلا يعرفها فقط بل يدبرهاايضاً لأن الكل منه. ومن عجائب عنآية الله أنه أعطي هذه الحيوانات حتي الصغير منهاسناً غريزة بها تقدر أن تدبر ذواتها بخلاف أطفال البشر الذين يحتاجون إلي أن يراعيهموالديهم عدة سنين إلا هلكوا. ولقد حدد الله لكل نوع من الحيوانات ميعاد للحملوالولادة بل هي تلد بسهولة أكثر كثيراً من الأنسان. ولا يعين الإنسان هذهالحيوانات حتي تلد، بل هي تلد وحدها والله يرعاها حتي تلد ثم يرعي صغارها، فإنإهتم الله بهذه الحيوانات فكم بالأولي يكون إهتمامه ببني البشر.
الأيات5-8:- “منسرح الفراء حرا ومن فك ربط حمار الوحش، الذي جعلت البرية بيته والسباخ مسكنه، يضحكعلى جمهور القرية لا يسمع زجر السائق، دائرة الجبال مرعاه وعلى كل خضرة يفتش”.
الفرا هو فتي حمار الوحش وهو أجمل وأسرعمن الحمار الأليف ولا يمكن تذليله وتربيته ولا الإستفادة منه= لا يسمع زجرالسائق= فلا يمكن ربطه إلي عربة ليجرها. ويحب أن يعيش منطلقاً في البرية= جعلت البرية بيته. السباخ=الأرض القفر. فالبرية والسباخ مكان الفرا. ولا يدخل إلي قرية ليعيش فيها= يضحكعلي جمهور القرية أي لا يقبل أن يكون له مالك يعمل عنده. وعلي كلخضرة يفتش= لأن لا مالك له فهو المسئول عن نفسه، يفتش عن أماكن الخضرة ليأكل.بينما الحمار الذي يتم ترويضه فهو يعمل ويعطيه سيده طعامه. ويؤخذ الفرا رمزاًللإنسان الخاطئ الشهواني الذي يجري وراء شهوته ويدعي أنه حر يفعل ما يريد أر 24:2+ هو 9:8. فكما أن الفرا أيضاً لا نفع منه هكذا مثل هذا الإنسان الشرير. أماالحمار الأليف المروض هو الذي يقبل التأديب من يدي سيده فيطعمه سيده. والإنسانالذي يقبل تأديب الله يسكنه الله في مراع خضر، بينما تكون حياة الشرير في قفروسباخ اي في خراب
الأيات9-12:- “ايرضىالثور الوحشي ان يخدمك ام يبيت عند معلفك، اتربط الثور الوحشي برباطه في التلم اميمهد الاودية وراءك، اتثق به لان قوته عظيمة او تترك له تعبك، اتاتمنه انه ياتيبزرعك ويجمع الى بيدرك”.
الثورالوحشي= أكبر وأقوي من الثور الأليف. وهو أيضاً لا يمكنأستخدامه كما يستخدم الثور الأليف. وفيه يظهر قوة الخالق وضعف الإنسان الغير قادرحتي أن يروض حيواناً. والثور الوحشي كان يوجد قديماً في فلسطين ولا يوجد الأن (عد22:23 + مز 10:92). والله يظهر لأيوب أنه لا يمكنه إخضاع هذا الثور الوحشي ليخدمه،وذلك لن أيوب كان يتصور أن كل الأمور يجب أن تخضع لفكره ولحكمته، وأن كل شئ يجب أنيسير علي حسب هواه، وكأن الله يقول له فلنبدأ بالثور الوحشي، هل تستطيع أن تجعله يسير وفق إرادتك.وقبل سقوط الإنسان كان له سلطان علي كل الوحوش. لكن بعد السقوط تمردت عليهالحيوانات وفقد سلطانه، ولكن الله أبقي بعض الحيوانات تحت سلطان الإنسان لتخدمه،ولم يعطه سلطاناً علي الباقي ليعرف ضعفه ولا يتكبر.
الأيات13-18:- “جناح النعامة يرفرف افهو منكب راوف ام ريش، لانها تترك بيضهاوتحميه في التراب، وتنسى ان الرجل تضغطه او حيوان البر يدوسه، تقسو على اولادهاكانها ليست لها باطل تعبها بلا اسف، لان الله قد انساها الحكمة ولم يقسم لها فهما،عندما تحوذ نفسها الى العلاء تضحك على الفرس وعلى راكبه”. توجد النعامة في بلاد العرب وفي إفريقيا وأماكن أخري ويربونهالريشها الجميل والثمين. وهي لها جناحان ولكن لا يمكنها الطيران فجناحيهاصغيران بالنسبة لطولها (يزيد علي المترين) ووزنها. ولكن جناحيها يساعدانها فيالركض وهي سريعة جداً، وأسرع من الخيل= تضحك علي الفرس وعلي راكبه. فطولخطوتها حوالي 8 أمتار. تحوذ نفسها إلي العلاء= أي ترفع رأسها حين تركض.وحين تبيض تضع بيضها في الرمال، قد تحتضنه أحياناً، ولكنها أحياناً تتركه حين يشتدالحر فيفقس بفعل الحرارة دون أن تتعب هي. وهي تترك بيضها مكشوفاً معرضاً أن يدوسهأي أحد (أيات 14، 15). وإذا كانت النعامة تترك بيضها هكذا فكيف يخرجالصغار؟ بالتأكيد هي عنآية الله “فإن نسيت الأم رضيعها فأنا لا أنساكم” وليتعلم الأباء منالنعامة، فسيكون أباً لا حكمة له إن ترك أولاده في العالم بلا رعآية روحية، فمنالمؤكد سوف تسحقهم شهوات هذا العالم وتدوسه أرجل الناس الأشرار. ويصير كل تعبالوالدين باطلاً= باطل تعبها بلا أسف= أي أن النعامة لا تأسف علي بيضها لو ضاعأو إنكسر. وفي إهتمامها بذاتها إذا خافت أو شعرت بخطر تجري بسرعة عظيمة وتتركصغارها= تقسو علي أولادها وهذا مثال للخدام غير الأمناء. وكنيستنا القبطيةتضع دائماً بيض نعام قدام الهياكل بهذا المفهوم، أن الله هو الذي يرعي شعبه حتي لونسيه كل أحد، ولو نسيتنا أمهاتنا وخدامنا فالله لا ينسانا فعينه علينا دائماً. تتركبيضها وتُحميه في التراب= تتركه ليفقس في التراب الساخن الحامي، ولذلك شاعأن النعامة جائرة الطبع وقليلة المحبة لفراخها وبلا حكمة= لأن الله قد أنساهاالحكمة ولم يقسم لها فهماً. فبينما ريشها ثمين تتباهي به، إلا أنها بلا حكمة.فأيهما نفضل الحكمة مع كوننا فقراء، أم كبرياء الغني مع عدم الحكمة. وإتخذ خيلاءالنعامة بريشها علامة علي كبرياء الأغنياء بثرواتهم وملابسهم.
الأيات19-25:- “هل انت تعطي الفرس قوته وتكسو عنقه عرفا، اتوثبه كجرادة نفخمنخره مرعب، يبحث في الوادي وينفز بباس يخرج للقاء الاسلحة، يضحك على الخوف ولايرتاع ولا يرجع عن السيف، عليه تصل السهام وسنان الرمح والمزراق، في وثبه ورجزهيلتهم الارض ولا يؤمن انه صوت البوق، عند نفخ البوق يقول هه ومن بعيد يستروحالقتال صياح القواد والهتاف”.
الفرس= بعد أن إستعرض اللهقوته وقدرته في خلق ورعآية حيوانات غير مروضة، يظهر قدرته في حيوان عجيب، له شجاعةغريبة في الحروب لذلك استخدموه في الحرب، ولكن مع هذه الشجاعة فطفل صغير قادر أنيقود هذا الفرس، والفرس لا يتمرد علي صاحبه. عُرفاً= هو غالباً غطاء مصفحيوضع حول رقبة الحصان ليحميه وهو ذاهب للقتال. والكلمة الأصلية في العبرية رعداً،وبهذا يفهم معني الكلمة أنها إشارة لمنظر الفرس الجميل والمخيف وهو ذاهب للقتال فيشجاعة. ثم يصور شجاعته في القتال. أتوثبه كجرادة= فقزته قوية بالرغم منوزنه. يَنْفِزْ ببأس= أي يثب ويطفر بقوائمه جميعاً ويضعهن معاً من غيرتفريق بينهن. تصل السهام= هو صوت السهام في الجعبة. ولكن لا شئ يرعبه.لا يؤمن أنه صوت البوق= كأنه مشتاق للقتال ومن شدة فرحه إن سمع صوت البوق لايصدق أن القتال قد بدأ فيندفع للمعركة، مشتاقاً للقتال، لا يكاد يصدق أذنيه أنهإستمع لصوت بوق القتال من فرحه به. يلتهم الأرض= إشارة لسرعة ركض الفرسفيري راكب الفرس الطريق أمامه وكأن فرسه يبتلعه. والسؤال لأيوب هل أعطيت الفرس هذهالشجاعة فلا يخاف الموت.
الأيات26-30:- “امن فهمك يستقل العقاب وينشر جناحيه نحو الجنوب، او بامرك يحلقالنسر ويعلي وكره، يسكن الصخر ويبيت على سن الصخر والمعقل، من هناك يتحسس قوتهتبصره عيناه من بعيد، فراخه تحسو الدم وحيثما تكن القتلى فهناك هو”.
النسروالعقاب= العقاب شبيه بالنسر. يستقل العقاب= يحلقبجناحيه عالياً جداً. ويمتاز كلاهما بالطيران عالياً جداً. وحدة بصرهما، فهمايريان الفريسة أو الجيفة من علي مسافات لا تدركها عين الإنسان وينقضان عليها.ويمتاز النسر بعلو أوكاره وشراهته في أكل اللحم والدم= فراخه تحسو الدم=فصغار النسور لا تستطيع أكل اللحم فتلحس الدم. والكبار تأكل جيف القتلي= وحيثماتكن القتلي فهناك هو يسكن الصخر= يقيم النسر أوكاره عالياً حتي لا يصل إليهأيدي الأعداء. فمن الذي أعطي النسر هذه الحكمة والقوة علي الطيران عالياً وحدةالبصر. ومن الذي يرشد الطيور المهاجرة التي تتجه نحو الجنوب الحار في فصول الشتاءالباردة= وينشر جناحيه نحو الجنوب= من أعطي لهذه الطيور هذه الغريزةالتي تميز بها الجنوب الجغرافي دون أن تخطئ، وهي تطير نحو الجنوب في خط مستقيم دونخطأ ليلاً ونهاراً حتي تصل إلي مكانها. فهل لك حكمة هذه الطيور يا أيوب أوقدراتها، ولكن الله أعطي لها حكمة وقدرات مميزة حتي تستطيع أن تعيش.
تعليقعلي الإصحاحات 39، 38
الإصحاحين39، 38 هما دعوة من الله للإنسان أن يرفع عينيه للخليقة حوله فيدرك قوة اللهوصلاحه وعنايته فيثق فى الله. وقوة الله ظاهرة في الأجرام السماوية، وفي الأرضالتي نحيا عليها، وفي خليقته الحيوانية سواء الجبار منها كالأسد والنسر أو ما هوضعيف منها كالنملة بل المخلوقات الميكروسكوبية. والله يرعي الجميع. والإنسانعموماً يحاربه الشيطان بفكرة أن الله أهمله خصوصاً إذا كان الإنسان في ضيقة، وهناالله يرد علي هذا الفكر. إن كنت لا أهمل كل خليقتي سواء جماد أو حيوان فهل أهملكمأنتم أحبائي”
وعرضصور خليقة الله الحيوانية أمام الإنسان تجعله يتواضع، فأين نحن من قوة الأسد أوحدة بصر النسر وإرتفاعه أو شجاعة الفرس. فما الذي يحمينا حتي نحيا سوي رعآية اللهوأعمال عنايته بالرغم من محدودية قدراتنا
وهناكتأمل في هذه الحيوانات يظهر صفات معينة للإنسان
1. الفرا:- يشير للإنسان الخاطئ الشهواني، الذي يكسر كل القيودالمعروفة، دينية كانت أو إجتماعية
جرياًوراء شهواته، وهذا يحيا في خراب لا يجد طعاماً.
2. ثور الوحش:- يشير للقوة التي لم تخضع تحت الترويض، فلا يمكن أن يكونلها نفع ويندرج تحت
هذهالقوي، قوتنا الجسمانية والشهوانية والعقلية والروحية.
3. النعامة:- هي رمز للأنانية، بلا قلب ومتكبرة، جبانة فهي تهرب تاركةصغارها فالأنانية
والكبرياءتقس القلب، أما الحب فيجعل من الإنسان بطلاً يفدي غيره وكل خاطئ يمكن أن نقول عنه
أنهأناني منغلق علي ذاته، وكما تدفن النعامة رأسها في الأرض حين تري الخطر قادم عليهاهكذا
يفعلالخاطئ إذ يري الخطر قادم فيخدع نفسه قائلاً سلام سلام ويرد عليه الله لاسلام قالالرب
للأشرار.والنعامة تمثل الإنسان المتكبر عموماً الذي يزهو بما عنده.
4. الفرس:- هو يمثل المؤمن الذي يقوده المسيح الذي خرج غالباً ولكى يغلبرؤ 2:6. وهذا لا
يهتمبحروب الشيطان حوله مهما كانت عنيفة مخيفة بل لا يهاب الموت.
5. النسر:- يمثل الإنسان الروحي، الذي يحلق عالياً في السموات، له حدة بصر يريبها أعدائه
الشياطين بحيلهم ويقف علي الصخر (28:39) وصخرتنا هي المسيح