علم المسيح

مصير الإله – الإنسان



مصير الإله – الإنسان

مصير الإله –
الإنسان

. في
هذه المرحلة التي صرنا أليها، أي في الأيام الأخيرة من آذار سنة 30، كان يسوع قد
استوفي جوهر التعاليم التي جاء ليرسيها في العالم. ولم يبق آلا أن يحقق الحدث الذي
كان لا بد أن يفرغ علي تلك الدعوة معناها الحاسم، ويقدم ذاته لله الحي ضحية طوعيه.
ولسوف تختلف الأيام الأخيرة من حياته اختلافاً بيناً عن السنتين اللتين قضاهما في
غمرة من الإشراق وما تستتبعه رسالة الإشعاع من أفرح ومكابدات لا تخلو من تعزية..
أسبوع حاسم سوف يستفحل فيه وعيد البغض يوماً بعد يوم، وتبرز فيه ملامح (المسيا)
بروازاً، في ذاك الضياء الحالك، حيث تسطع الحقيقة لكل إنسان، علي ضوء العذاب
والموت

 

.
فبين حياه المسيح وشخصيته ورسالة، من جهة، ومأساة الجلجثة التي يستدرجنا إليها
الإنجيل منذ الآن، من جهة أخري، قد رسخت علاقات ليست من قبيل الصدفة في شئ.. إنه
من النادر أن يكون موت إنسان محض حدث، ومجرد صدفة. وأن لا يتصل بحياته اتصالاً
سرياً، وأن لا يفرغ أضواء علي معناها واتجاهها. ولقد وقع شاعر علي هذه الكلمات
الرائعة، في دعاء إليه تعالي ” رباه! أعط كل إنسان حتفه الخاص، ذاك الحتف
الأكبر الذي يحمله كل في ذاته! “. ولقد حمل المسيح ” موته “، وفي ذاته،
– أكثر من أي إنسان آخر – تعليلاً ووعداً، وذلك ليس فقط، منذ مولده (علي حد ما جاء
في نبوءة سمعان الشيخ)، بل في مطاوي أبدية العلم الإلهي، ومنذ اللحظة التي انجر
فيها آدم وحواء إلي المعصية. فالأحداث التي سوف تتعاقب. منذ الآن، نراها في
تسلسلها المنطقي، جارية علي صعيدين: أما علي صعيد الوقائع، فهي نتيجة المواقف التي
وقفها المسيح، علي وجه الدنيا. وأما علي صعيد ما فوق الطبيعة، فهي إنجاز وتحقيق
لمقاصد الله

 

. لقد
جاء في نبوءة سمعان الشيخ، عن المسيح وتعليمه، وأنهما سيكونان ” هدفاً
للخلاف! “. ويسوغ الاعتقاد، نوعاً ما، أن المقاومة العنيفة التي تصدي بها
الناس لتعليم يسوع، تعلل تعليلاً كافياً المأساه التي سوف ينكب بها. بيد أن هذه
الأسباب، في نظر المؤمن، وفي نظر المسيح نفسه – وكان واقفاً علي مصيره – لم تكن
سوي أسباب ثانية، والناس سوي وسائط.. ففي اللحظة التي استجابت فيها مريم التي من
بيت عنيا، لذاك الدافع الإنذاري، وأفاضت علي أقدام المسيح نارديناً نفيساً،
ممزوجاً بعبراتها، كانت قد دُبرت المؤامرة التي انتهت به العذاب. ولا شك أن الكهنة
والكتبة كانوا يتوهمون أن لهم أسباباً وجيهة يبررون بها تنكيلهم برجل هب يُعنت
آذانهم بأقوال مستهجنة.. ولكنهم ما دروا أن بغضاءهم باتت وسيلة مطوعة لتمهيد الحدث
كان لا بد أن يتحقق به نصر ذاك الذي كانوا يتربصون به

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار