المسيحية

عيسى ابن مريم آية في آخرته



عيسى ابن مريم آية في آخرته

عيسى
ابن مريم آية في آخرته

“إذ
قال الله: يا عيسى ابن مريم إني متوفيك ورافعك إلى” (آل عمران 55).

تمهيد

نصل
إلى نقطة حساسة من شهادة القرآن للانجيل والمسيح موضوعها نهاية المسيح على الأرض؟

إن
الإنجيل المقدس يكرس ثلث صفحاته ليسر تفاصيل استشهاد المسيح بيد اليهود في أيام
ولاية بيلاطس البنطي من قبل رومة على اليهودية، تأييداً منه لرسالته وتعليمه للذين
لم ينكرهما أمام الموت المحتوم: لقد زكى شهادته بتضحية حياته؛ والشهادة المطبوعة
بخاتم الدم لا تٌنقض. فيخبرنا الانجيل أن المسيح قد أوقف وحوكم وتألم وصلب ومات
على الصليب ثم قام من القبر في اليوم الثالث وصعد حياً إلى السماء. والانجيل كله،
والدين المسيحي كله مبني على فداء البشرية من خطاياها باستشهاد المسيح. فهل يمكن
أو يعقل أن يزور كتاب برمته تفديه الملايين من الناس بالمهج والأرواح، وهؤلاء
الملايين قد اختلفوا في عقائدهم المستمدة منه وفي فهم بعض آياته الخطيرة، ولكن لم
يختلفوا في نص الكتاب الذي ائتمنوا عليه وكانوا عليه شهداء.

والنصارى
انتشروا في كل زمان ومكان، وافترقوا فرقاً وجماعات مدة 600 سنة قبل ظهور القرآن،
وراحوا يبشرون في كل موضع بحقيقة موت المسيح التاريخية على الصليب. فكيف يمكن أن
نُكذب شعوب برمتها، اتفقت جميعها، مع اختلافها في غير أمر، على هذه الشهادة لحدث
جلل محسوس مشاهد منقول بالتواتر؟

والقرآن
ينقل لنا أيضاً شهادة شعب اليهود تحت كل سماء، وتبجحهم يكفرهم وقولهم: “إنا
قتلنا المسيح، عيسى ابن مريم” (نساء 157)؛ شعب بكامله يشهد لحادث خطير محسوس
قاموا بتمثيله، ونقلوا خبره بالتواتر حيث رحلوا وحلوا، ونأتي فنكذب شهادتهم ونكذب
عيونهم وأيديهم وآذانهم وألسنتهم؟ وذلك بعد 600 سنة من جريان الحوادث وتواتر
الشهادة، التي لم يرتفع صوت من النصارى أو اليهود أو الوثنيين ينقضها أو يطعن
فيها؟!!

وقد
شعر العلماء المسلمون بهذا الاشكال الضخم يوجه إلى مقالة من أنكر موت المسيح من
المسلمين. ونقل العلامة الرازي: “الاشكال الخامس: أن النصارى على كثرتهم في
مشارق الأرض ومغاربها وشدة محبتهم للمسيح وغلوهم في أمره أخبروا أنهم شاهدوه
مقتولاً مصلوباً فلو أنكرنا ذلك كان طعناً في ما ثبت بالتواتر، والطعن في التواتر
يوجب الطعن في نبوة محمد وعيسى وسائر الأنبياء”.

إذن
موت المسيح حقيقة تاريخية رددت الشعوت المختلفة والأجيال المتعاقبة صداها مدة 600
سنة قبل القرآن. فهل في القرآن صدى لهذه الحقيقة التاريخية، أم أنه ينفي، كما يزعمون،
قتل المسيح وموته؟

أن
موقف القرآن العام من هذا الموضوع لرائع!

فهو
يشهد أنه كما دخل المسيح العالم بمعجزة فريدة خرج منه بمعجزة فريدة لا مثيل لها في
تاريخ البشرية، وتاريخ الأنبياء والمرسلين. فعيسى ابن مريم – مات أم لم يمت – قد
ارتفع حياً إلى السماء حيث لم يزل حياً عند الله إلى قيام الساعة: “إذ قال
الله، يا عيسى ابن مريم أني متوفيك ورافعك إلى وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا
إلى يوم القيامة” (آل عمران 55). ونقول أن معجزة ارتفاع المسيح إلى السماء
حياً في آخر حياته على الأرض – دون أن يذوق طعم الموت شأن كل بشر وكل نبي ورسول –
أغرب وأعظم في جانبه من موته وقيامته وصعوده: في هذه المقالة مجد جديد للمسيح لم
يحلم به بشر أو نبي ألا وهو استثناؤه من فريضة الموت العامة التي لا يستنثى منها
أحد!! فبدل معجزة واحدة لآخرة المسيح يجدون معجزتين: استثناءه من الموت، وارتفاعه حياً
إلى الله.

 

أولاً:
شهادة القرآن بموت المسيح

“وكنت
عليهم شهيداً ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم” (مائدة 120).

1
النصوص التي تذكر آخرة المسيح بحسب تاريخ نزولها

1)           
سورة مريم: “والسلام علي يوم ولدت ويوم
أموت ويوم أبعث حياً” (33).

2)     سورة
البقرة: “ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل وآتينا عيسى ابن مريم
البينات وأيدناه بروح القدس: أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم: ففريقاً
كذبتم وفريقاً تقتلون” (87) (قد يكون فيه تلميح لموت المسيح).

3)     سورة
آل عمران: “قالوا أن الله عهد إلينا ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله
النار. قل قد جاءكم رسل قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم
صادقين” (183). (قد يكون فيه تلميح لموت المسيح).

وأيضاً:
“إذ قال الله: يا عيسى ابن مريم إني متوفيك ورافعك إلى ومطهرك من الذين كفروا
وجاعل الذين تبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة” (55).

4)     سورة
النساء: “وقولهم (اليهود): إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم، رسول الله! – وما
قتلوه! وما صلبوه! ولكن شبه لهم. وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه. ما لهم به من
علم إلا اتباع الظن. وما قتلوه يقيناً، بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزاً
حكيماً” (156). (هذا النص هو سبب كل الجدل). وأيضاً: “وإن من أهل الكتاب
إلا ليؤمنن به قبل موته، ويوم القيامة يكون عليهم شهيداً” (157).

5)     سورة
المائدة: “وإذ قال الله: يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين
من دون الله؟-قال، سبحانك، ما يكون لي أن أقول ما ليس بحق: إن كنت قلته فقد علمته،
تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك، إنك أنت علام الغيوب. ما قلت لهم إلا ما
أمرتني به أن أعبدوا الله ربي وربكم. وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم = فلما
توفيتني كنت أنت الرقيب عليههم، وأنت على كل شيء شهيد” (116 – 120). (وهذا
النص هو آخر ما نزل في آخرة المسيح).

 

2
تحليل ونقد

نرى
من جميع هذه النصوص المذكورة أنها تؤكد تصريحاً أو تلميحاً “وفاة”
المسيح؛ ما خلا الآية 157 من سورة النساء “فيظهر” أنها تنفي القتل
والصلب، وتخلقك بذلك المتناقضات بين التاريخ العام الذي تدعمه شهادة النصارى
واليهود والرومان والتاريخ الخاص الذي تبدؤه هذه الآية الوحيدة؛ وبين الإنجيل
المبني جميعه على حادث الصلب الفدائي وبين القرآن الذي يحصرون معطياته، بدون مبرر،
في هذه الآية؛ وأخيراً بين سورة النساء وسائر السور التي قبلها (آل عمران، مريم)
والتب بعدها (المائدة).

وإزاء
هذه المشكلة المستعصية يذهب المفسرون مذاهب متباينة متناقضة:

1
القائلون بالمجاز: يجنح أكثر المتأخرين من المسلمين على قصر رواية القرآن عن آخرة
المسيح على سورة النساء، وعلى تفسير كل ما تبقى من سائر السور على ضوئها. وقد يجمع
هؤلاء القوم على أخذ “الوفاة” المذكورة في آل عمران 55 والمائدة 120
بالمعنى المجازي أي وفاة النوم استناداً إلى قوله “وهو الذي يتوفاكم بالليل
ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه” (انعام 60). وقوله: “الله يتوفى
الانفس حين موتها. والتي لم تمت في منامها: فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل
الأخرى إلى أجل مسمى، أن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون” (زمر 42).

ولكن
هؤلاء القوم نسوا أن القرآن يأخذ “الوفاة” بالمعنى الحقيقي أي الموت
خمساً وعشرين مرة. ولم ترد بالمعنى المجازي إلا في الموضعين المذكورين بسبب قرينة
لفظية تحملهما على المجاز “يتوفاكم بالليل” (انعام 60) و”يتوفى
الأنفس في منامها” (زمر 42). وبدون قرينة لفظية أو معنوية تقيد المعنى يجب
حمل اللفظ على معناه الحقيقي الوضعي البديهي. والقرآن ذايته يشعر بأن المعنى
الحقيقي “للوفاة” هو الموت “الله يتوفى الأنفس حين موتها”
لذلك لما أخذ “الوفاة” على المجاز اضطر إلى تبيان ذلك بقرينة لفظية
فأضاف “الله يتوفى الأنفس حين موتها، والتي لم تمت، في منامها”. وفي
النصوص كلها التي تذكر “وفاة” المسيح لا توجد أدنى قرينة لفظية أو
معنوية تحلم معنى الوفاة على المجاز بل بالعكس فالقرآن المعنوية واللفظية تتطلب
وفاة الموت.

 

2
القائلون بالاستيفاء: وهناك فئة تفسر معنى “الوفاة” لغة
“بالاستيفاء” من استوفى الشيء وتوفى الشيء أي أخذه كاملاً. فقوله
“إني متوفيك معناه مستوفي أجلك المسمى”. وهذا ما ذهب إليه الزمخشري
والبيضاوي، لتستقيم نصوص القرآن وتنسجم في شأن آخرة المسيح.

وفات
هؤلاء القوم أن الكلام مركب من ألفاظ تستكمل معانيها في تركيبها وإن احتملت لغة
ومفردة معاني عديدة. فالوفاة قد تعني “الاستيفاء” بحد ذاتها ولكن في
تركيب الكلام المفيد لا تعني في لغة العرب ولغة القرآن كله إلا الموت، ما لم تخرج
بها قرينة لفظية أو معنوية عن هذا المعنى.

وقد
اختصر الرازي تفاسير المفسرين بقوله: “يا عيسى أني متوفيك (آل عمران 55)
ونظيره قوله: “إني متوفيك” (مائدة 120): اختلف أهل التأويل في هاتين
الآيتين على طريقين (احدهما) اجراء الآية على ظاهرها من غير تقديم ولا تأخير،
و(الثاني) فرض التقديم والتأخير. أما الطريق الأول فبيانه من وجوه: 1 أني متمم
عمرك من أجلك؛ 2 متوفيك أي مميتك وهو مروى عن ابن عباس قال مع وهب توفي ثلاث ساعات
ثم رفع، ومع محمد بن اسحاق توفي سبع ساعات
ثم أحياه الله ورفعه إليه؛ 3 قال الربيع ابن أنس أنه تعالى توفاه حين رفعه إلى
السماء؛ 4 يحمل الألفاظ على ظاهرها من موت ورفع ولكن كيف ومتى فلا يذكره؛ 5 متوفيك
عن شهواتك؛ 6 التوفي هو أخذ الشيء وافياً أي كاملاً أي أخذه بجسده وروحه؛ 7 متوفيك
أي اجعلك كالمتوفي في نظرهم برفعك؛ 8 التوفي هو القبض، يقال توفى واستوفى، وهو
رفعه؛ 9 أن يقدر حذف المضاف أي متوفي عملك. – والطريق الثاني لابد من تقديم وتأخير
في آية آل عمران، فالواو لا تفيد الترتيب، فيقدم الرفع وتؤخر الوفاة وتحمل على
ظاهرها الموت. واعلم أن الوجوه التي قدمنا تغني عن التزام مخالفة الظاهر”.

وهكذا ما أخذ “الوفاة” بمعنى
“الاستيفاء” إلا قول عشرة أقوال. وأكثر الأقوال تقتضي حمل اللفظ على
ظاهره بمعنى الموت.

3 الآخذون بمبدأ النسخ: تشاهد حيرة المفسرين لاستنباط
تفسير منسجم بين النساء من جهة وآل عمران والمائدة من جهة أخرى. وهذه الحيرة وهذا
الارتباك شاهد على وجود اشكال لم يسلكوا بعد إلى حله السبيل السوي.

وظن قوم آخرون أن لهم مخرجاً في مقالة الناسخ والمنسوخ
فقالوا: أن ما جاء في سورة النساء ينسخ ما ورد في آل عمران ومريم. وعليه ظل الرأي
العام الاسلامي على أن المسيح لم يمت. ولكن فات هؤلاء القوم أن النسخ – إن قُبل
كمبدأ في تفسير كلام الله – لا يقع إلا في الأحكام من أمر أو نهي، ولا يجوز البتة
أن يُسند إلى الاخبار: فالخبر أمر جرى على وجه معين لا تقدر قدرة أن تجعله لم يكن،
“وكان أمر الله مفعولاً”. فبعد أن شهد في مريم وآل عمران أن المسيح
سيموت ومات فلا يجوز أن يكذب هذا الخبر بقوله في النساء: “وما قتلوه وما
صلبوه!..وما قتلوه يقيناً بل رفعه الله إليه”! أي أنه لم يمت بأي حال من
الاحوال.

وهب وقوع النسخ في هذا الخبر بعينه، فالمعروف بديهياً
أن النسخ يتناول ما قبله، ولا يقع فعله على ما بعده. وهب أن الآية 156 في النساء
قد نسخت وفسرت ما قبلها من سورة مريم وآل عمران، فكيف تنسخ ما بعدها من سورة المائدة
التي لم تكن بعد قد نزلت، ولما نزلت لم يرد شيء بعدها عن آخرة المسيح؟ فما النسخ
هنا كما ترى سوى المسخ بعينه!

 

4 اسطورة الشبيه: وهناك اسطورة غريبة يتناقلها القوم،
ويسف بعض المفسرين إلى الأخذ بها، ألا وهي قصة “الشبه”؛ ومضمونها أنه
لما مكر اليهود بالمسيح ليقتلوه مكر الله بهم، فألقى شبه عيسى على غيره فأخذ هذا
الغير المسكين وقُتل بدل المسيح فيما المسيح عيسى ابن مريم يُرفع حياً إلى السماء
(نساء 157) وكان الله خير الماكرين (آل عمران 54).

فهذا التعبير “شبه لهم” من هذه الآية
“وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم”،(نساء 156) أصل الرواية التي
اخرجوها. وقد أثارت جدلاً طويلاً عقيماً وانقسم القوم حول الموضوع فرقاً: هل قُتل
أحد بدل المسيح أم لا؟ وعند من قالوا بمقتول بدل المسيح هل ألقى على المقتول شِبه
عيسى أم لا؟ وهل يجوز القاء شبه انسان على انسان آخر؟ وبعد أن يسرد الرازي برصانته
المعهودة روايات الشبه الملقى يختم بقوله: “وهذه الوجوه متعارضة متدافعة
والله اعلم بحقائق الأمور”.

ثم يورد الرازي اشكالات ستة لا مرد لها على فساد نظرية
“الشبه” الذائعة بين عامة المسلمين: “فكيفما كان ففي القاء شبه
عيسى على الغير اشكالات: (الأول) أنه ان جاز أن يقال أن الله تعالى يلقي شبه إنسان
على إنسان آخر فهذا يفتح باب السفسطة ويفضي أيضاً إلى القدح في التواتر: ففتح هذا
الباب أوله سفسطة وآخره ابطال النبوءات بالكلية. (الثاني) أن الله أيده بروح القدس
جبريل، فهل عجز هنا عن تأييده؟ وهو نفسه كان قادراً على احياء الموتى فهل عجز عن
حماية نفسه؟ (الثالث) أن الله تعالى كان قادراً على تخليصه برفعه إلى السماء فما
الفائدة في القاء شبهه على غيره، وهل فيه إلا القاء مسكين في القتل من غير فائدة
إليه؟ (الرابع) بالقاء الشبه على غيره اعتقدوا أن هذا الغير عيسى مع أنه ما كان عيسى،
فهذا كان إلقاء لهم في الجهل والتلبيس، وهذا لا يليق بحكمة الله. (الخامس) أن
النصارى على كثرتهم في مشارق الأرض ومغاربها وشدة محبتهم للمسيح وغلوهم في أمره
أخبروا أنهم شاهدوه مقتولاً مصلوباً، فلو أنكرنا ذلك كان طعناً فيما ثبت بالتواتر
والطعن في التواتر يوجب الطعن في نبوة محمد وعيسى وسائر الأنبياء. (السادس) ألا
يقدر المشبوه به أن يدافع عن نفسه أنه ليس بعيسى، والمتواتر أنه فعل. ولو ذكر ذلك
لاشتهر عند الخلق هذا المعنى. فلما لم يوجد شيء من ذلك علمنا أن الأمر ليس على ما
ذكرتم”.

لذلك يجب رفض خرافة “الشبه” الشائعة بين
المسلمين إلى حيث لا رجعة ورفضها لا يغير من موقف القرآن، ومقالة النساء، شيئاً.

5 القائلون بالارجاف: بقى قول من قال: “لم يُقتل
أحد، ولكن أٌرجف بقتله فشاع بين الناس” وإليه يميل الرازي. قال البيضاوي
أيضاً: “وشبه مسند إلى الجار والمجرور “لهم” كأنه قيل: ولكن وقع
لهم التشبيه بين عيسى والمقتول، أو وقع لهم التشبيه في الأمر على قول من قال لم
يُقتل أحد ولكن أرجف بقتله فشاع بين الناس”. – نقول لا تجوز فرية على شعوب
مختلفة مدة مئات السنين!. ولا شيء ينقض تعليل الزمخشري وتفسيره لقوله “شبه
لهم”: “شبه مسند إلى ماذا؟ إن جعلته مسنداً إلى المسيح فالمسيح مشبه به،
وليس بمشبه. وإن اسندته إلى المقتول، فالمقتول لم يجر له ذكر! – قلت هو مسند إلى
الجار والمجرور (لهم) كقولك خُيل إليهم”. وهكذا فليس من ضرورة لغوية لاسطورة
الشبه والتشبيه.

ومعنى التعبير بسيط له أمثاله في العربية: “شبه
لهم” أي “خيل إليهم” (الزمخشري) أو “وقع لهم التشبيه في
الأمر” (البيضاوي) أو اشتبه الأمر عليهم. فاسطورة “الشبه” ومقالة
المقتول بدل المسيح، باطلة لغوياً ومنطقياً وتاريخياً فيجب طرح هذه السخافة
نهائياً.

 

6 استنتاجات وتطبيقات: وبناء على ما تقدم نقول:

أولاً: إن التعارض في آي القرآن عن آخره المسيح موجود
لا سبيل إلى انكاره إذ أصر القوم على فهم الآية 156 من سورة النساء حسب
“ظاهرها” الذي ينكر موت المسيح وقتله وصلبه. إن صراحة وشدة نفي القتل
والصلب والموت في سورة النساء حمل القوم على “تدبر” معنى الوفاة في آل
عمران والمائدة على غير معناها الحقيقي. وهي محاولة فاشلة كما رأيت.

فقبل سورة النساء يعلن القرآن مرتين تصريحاً ومرتين
تلميحاً بموت المسيح وقتله.

1)           
ففي سورة مريم المكية
يتنبأ المسيح في مهده عن حياته وآخرته بقوله “والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت
ويوم أبعث حياً” (33).

قال قوم لا يذكر القرآن هنا موت المسيح الوهمي الذي حصل
عند مجيئه الأول بل موته الحقيقي الذي سيتم عند مجيئه الثاني قبل قيام الساعة.

لاشك أن القرآن يعني موت المسيح الحقيقي وبعثه الحقيقي
كما يعني مولده الحقيقي الذي يقص خبره. ولا شك أن القرآن يعني موته الحقيقي الذي
ختم به حياته بعد ظهوره الأول على الأرض كما عنى ذلك عن يحيي بن زكريا الذي ختم
ذكره بالكلام ذاته “وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت، ويوم يبعث حياً”: فكما
مات يحيي مات عيسى: فالمشهور أن هذا السلام يصف حادثاً تاريخياً مماثلاً، وموتاً
حقيقياً لا مجاز فيه ليحيي كما للمسيح.

ولا تنس أن كلام عيسى عن نفسه في مهده (29) نبوة منه عن
آخرته، مدعومة بمعجزة نطقه الخارقة: فإذا كان المسيح لم يمت كانت نبوته كاذبة،
وشهادته لنفسه بهاتين المعجزة والنبوة كاذبة! ومعجزة نطقه في مهده زوراً وبهتاناً!
وحاشى! وإذ حملنا تحقيق النبوة إلى آخر العالم، ضاع مغزاها على أهل زمانه والاجيال
المتعاقبة إذ لا يدري أحد متى تتحقق.

فعندنا في سورة مريم شهادة صريحة لا ريب فيها على حقيقة
موت المسيح وانبعاثه في شكل نبوة ترتكز على معجزة. وقول من قال: الموت لا يعني
القتل، أو هو الموت الآجل لا العاجل، حذلقة فارغة ينقضها سياق الحديث في السورة
كلها.

 

2)    
في سورة آل عمران
المدنية يسرد قصص آل عمران مطولاً ويختمه بهذا التصريح عن آخره المسيح لما مكر
اليهود به ليقتلوه (54): “إذ قال الله يا عيسى أني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك
من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة” (55).

هذا أيضاً اقرار لا ريب فيه عن حقيقة وفاة المسيح
وانبعاثه ورفعه إلى السماء. وتفسير الوفاة هنا بمعنى النوم كما يريد البعض-. أي
رفعه الله إليه في سنة الكرى – تفسير سخيف لا قرينة لفظية أو معنوية تدل عليه.
وجمهور المفسرين على أن القرآن يعني وفاة الموت كما يتضح جلياً من سورة المائدة
(117) حيث الوفاة ترد معارضة للحياة.

قال الرازي: “روى عن ابن عباس ومحمد بن اسحاق
أنهما قالا: متوفيك أي مميتك ثم أقامه الله ورفعه إلى السماء. وقال وهب توفي ثلاث
ساعات ثم رفع إلى السماء. وقال محمد بن اسحاق توفي سبع ساعات ثم أحياه الله
ورفعه”. وختم البيضاوي بقوله: “وقيل أماته الله سبع ساعات ثم رفعه إلى
السماء وإليه ذهبت النصارى”.

لايوجد مفسر واحد في الاسلام وغيره يستطيع أن يجزم بأن
الوفاة هنا لا تعني أيضاً الموت؛ قال البيضاوي: “التوفي أخذ الشيء وافياً
والموت نوع منه”. وسياق الحديث (54 – 56) يؤيد ذلك: مكر اليهود بالمسيح
وقتلوه، فمكر الله بهم فتوفاه ورفعه إليه، وهكذا “كان الله خير
الماكرين”.

 

3)    
وهناك في سورة البقرة
تلميح يتضمن معناه الكامل قتل المسيح: “ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من
بعده بالرسل، وآتينا ابن مريم بالبينات وايدناه بروح القدس: أفكلما جاءكم رسول بما
لا تهوى أنفسكم استكبرتم؟ ففريقاً كذبتم! وفريقاً تقتلون!” (87). يذكر
المفسرون من الفريق المقتول زكريا ويحيي، لا عيسى. مع أن القرآن لا يذكرهما هنا بل
يسمى صراحة موسى وعيسى، ويشمل بينهما باقي الرسل بكلمة عابرة، أفلا يقع التكذيب
على موسى والقتل على عيسى؟

4)    
وتلميح آخر في آل
عمران أوضح: “قالوا أن الله عهد الينا ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان
تأكله النار. – قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم أن
كنتم صادقين؟” (183) – من هو الرسول الذي جاء بالقربان “الذي قلتم”
وقتلوه؟ راجع قصص القرآن كله عن الأنبياء جميعاً، فلا ترى غير عيسى ابن مريم وحده
قد أنزل على تلاميذه قرباناً أو مائدة من السماء (مائدة 111 – 115). فهو إذن رسول
القربان الذي قتلوه (120).

وبعد سورة النساء التي ظاهرها ينفي موت المسيح وقتله
يعود القرآن في آخر حياة النبي العربي يشهد بحقيقة موت المسيح في سورة المائدة
التي بعدها لا ينزل شيء عن آخرة المسيح:

“وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم = فلما توفيتني
كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد” (120).

هذا النص هو الصخرة التي تتحطم عليها جميع محاولات الذين
ينكرون شهادة القرآن بموت المسيح. فالوفاة هنا تعني الموت والموت دون سواه، وتعني
الموت الحقيقي لأنها ترد معاكسة للحياة: “مادمت فيهم = فلما توفيتني”.
فهي شهادة صريحة وما من شك فيها. ويريد القرآن موت المسيح في ختام رسالته، لا موته
في آخر العالم قبل قيام الساعة، لأن الله يستجوبه عن عبادته بعد رسالته: “أأنت
قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله” (119) فينكر المسيح أن رسالته
تضمنت شيئاً من ذلك (119 – 120) ويقول شهدت لهم بالتوحيد مادمت فيهم فلما توفيتني
صرت أنت الرقيب عليهم (120) فالوفاة عقبت رسالته في الحال. وموت المسيح عند قيام
الساعة لا يترك مجالاً لأحد كي يبعده إلهاً من دون الله. وهذه الشهادة على لسان
المسيح نفسه لا مرد لها لأنها من يوم الدين حيث ينفع الصادقين صدقهم (122). وهي
شهادة نهائية لا ينسخها شيء لا يفسرها شيء لأنها آخر شيء ورد في القرآن عن آخرة
المسيح.

وهكذا فقد تبين لنا بوضوح أن القرآن قبل سورة النساء في
مكة والمدينة، وبعد سورة النساء، في آخر القرآن (سورة المائدة) يشهد دون التباس
البتة بحقيقة موت المسيح في ختام رسالته. فإذا تمسكنا بظاهر الآية 156 من النساء
“وما قتلوه وما صلبوه” بمعنى انكار موت المسيح وقتله، نجد أنفسنا أمامم
تناقض صريح فاضح.

ثانياً: أن الطريق التي سلكوا إلى إزالة هذا التناقض
الظاهر ليست بالطريق السوي: إنهم يفسرون الكل بالبعض! يريدون أن يفهموا كل آي
القرآن عن آخرة المسيح على ضوء آية واحدة (نساء 156). لا تؤخذ نظرية أو عقيدة في
كتاب منزل أو غير منزل من نص واحد، بل من مجموع النصوص الواردة في المعنى ذاته.
وعندنا في القرآن أربعة أو ستة نصوص عن آخرة المسيح، تشهد جميعها ألا واحداً بموت
المسيح وقتله، فهل من العقل والمنطق أن نهمل الكل لنتمسك بجزء واحد؟!

أنخلق بهذا الموقف الشاء تناقضاً في القرآن بين سوره،
وبين الانجيل والقرآن، وبين تفسيرهم المخطيء والتاريخ العام عند النصارى واليهود
والأمميين؟ وقد قال القرآن عن نفسه: “أفلا تدبرون القرآن؟ ولو كان من عند غير
الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً” (نساء 82).

إن الطريق السوي هي في فهم آية النساء الوحيدة على
أضواء جميع آيات القرآن عن حقيقة موت المسيح وقتله. فالمنطق يقتضي فهم البعض على
نور الكل. والطريق السوي هي عكس التي سلكوا.

لقد “تدبرنا” الآية 156 من سورة النساء على
أنوار ما قبلها وما بعدها فوجدناها لا تتعارض معها. وسياق الكلام في النص المشبوه
يؤكد ما نحن ذاهبون إليه: فالقرآن يسفه اليهود على زعمين: “كفرهم وقولهم على
مريم بهتاناً عظيماً! وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم”. قال البيضاوي:
“وإنما ذمهم الله تعالى بما دل عليه الكلام من جرأتهم على الله وقصدهم قتل
نبيه المؤيد بالمعجزات القاهرة، وتبجحهم به، لا بقولهم هذا على حسب حسبانهم”.
إنه يسفههم على تبجحهم الفارغ، لا على حقيقة القتل والصلب والموت لأن مكر الله بهم
باحياء المسيح ورفعه حياً إلى السماء كان أشد من مكرهم بنبيه. فقتلهم اياه ليس
بالقتل الذي يتوهمون وصلبهم إياه ليس بالصلب الذي يظنون اذ ما لبث أن انبعث حياً
للحال وصعد إلى السماء حيث رفعه الله إليه. نقل الرازي “اجعلك كالمتوفي في
نظرهم برفعك إلى”.

ظنوا أنهم قضوا على المسيح عيسى ابن مريم رسول الله
قضاء مبرماً ولا شوا ذكره إلى الأبد، فلا حاجة إذن لأن يذكره النبي العربي لهم.
ولكنهم قد خاب ظنهم فما قتلوه نهائياً وما قضوا عليه قضاء مبرماً أي “وما
قتلوه يقيناً” إذ أحياه الله في الحال ورفعه إليه وكان الله عزيزاً حكيماً،
ومن ثم فلابد لهم من الإيمان به.

ومجموع التعابير في الآية يؤيد أن تبجحهم بالقضاء
نهائياً على المسيح: غرور

1)    
شبه لهم وخيل إليهم
انهم قضوا عليه قضاء نهائياً: فما قتلوه ذلك القتل وماصلبوه ذلك الصلب، ولكن شبه
لهم، واشتبه الأمر عليهم. 2) وهم أيضاً مختلفون فيما بينهم على زعمهم ذاك وفي شك
من قولهم: “وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه” 3) تبجحهم الفارغ من باب
الظن لا من باب العلم اليقين: “ما لهم به من علم الا اتباع الظن”. 4)
أجل “ما قتلوه يقيناً” أي نهائياً وما قضوا عليه إلى الأبد كما يفتخرون،
بل رفعه الله إليه حيث لم يزل حياً عند الله. 5) فالذي قتلوه وصلبوه ثم هو قام
منبعثاً حياً ورفعه الله إليه كان كأنه لم يقتل ولم يصلب، وكان الله عزيزاً حكيماً،
قادراً على اجراء هذه المعجزة.

والآية 157 التي تؤكد موت المسيح صراحة توجب علينا فهم
الآية 156 كما رأيت يقول: “وإن من أهل الكتاب الا ليؤمنن به قبل موته”.
يوجد غموض في الضمائر. ولكن سياق الحديث كله من 154 – 157 يدل على أن المقصود بها
جميعاً عيسى ابن مريم: لابد لكل كتابي أن يؤمن بالمسيح قبل موته. فآمنوا بالمسيح
يا يهود، ولا تتبجحوا بقتله: فلا مندوحة لكم عن الإيمان به.

فاستنتج أنه كان ظاهر القول ينفي قتل المسيح وصلبه فإن
باطنه يؤكده. وهكذا تنسجم جميع تصريحات القرآن عن آخرة المسيح؛ أما إذا أصر القوم
على موقفهم بأن الآية 156 من النساء تنفي قتل المسيح وصلبه، فإن التناقض بينها
وبين سور مريم وآل عمران والمائدة قائم لا يزول على الاطلاق. وعلى كل حال إن كانت
ثمت تطور أو تعارض فقد استقر رأي القرآن وانتهى بصراحة المائدة: فإنه لا اشكال على
شهادة القرآن بعد تصريح سورة المائدة: “وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم فلما
توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم” (120).

 

ثانياً: صعود المسيح إلى السماء

“بل رفعه الله إليه” (نساء 158)

مهما يكن في مسألة موت المسيح التاريخية في القرآن
فالقرآن الكريم يشهد بأن آخرة االمسيح على الأرض ختمت بمعجزة كما بدأت بمعجزة.

فسواء مات المسيح وقام أم لم يمت بل ظل حياً إلى الأبد،
فهذا لا يقلل من قيمة شهادة القرآن للانجيل والمسيح: فالمسيح حي “رفعه الله
إليه” (نساء 158) ولا يزال حياً عند الله. وتلك ميزة انفرد بها المسيح على
جميع البشر وعلى جميع الأنبياء والمرسلين. فعيسى ابن مريم آية في مولده للعالمين،
وهو آية أعظم في آخرته: وهاتان المعجزتان الفريدتان هما أفضل شهادة شهد بها الله
لولي أو نبي أو رسول أو مخلوق أياً كان.

والقول بأن المسيح لم يمت ولم يذق طعم الذل الأكبر
كسائر البشر المحكوم عليهم بالموت لا يستثنى منهم أحد، قول أعظم من الاعتراف بموته
وقيامته لو فطنوا: أنه ينقل عيسى ابن مريم من صف البشر المائتين إلى صف غير البشر
الخالدين.

“ورفع المسيح حياً إلى الله” عقيدة راسخة في
القرآن، يؤكدها في مكة والمدينة ثلاث مرات: في سورة مريم: “والسلام علي يوم
ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حياً” (33) يتنبأ ميلاده عن بعثه حياً، ويخاطبه
الله مؤكداً رفعه إليه: “يا عيسى ابن مريم أني متوفيك ورافعك إلي” (آل
عمران 55)؛ وقد ينكر قتله ولكن يشدد على التاكيد برفعه: “وماقتلوه يقيناً! بل
رفعه الله إليه”! (نساء 158): ما قتلوه نهائياً كما فعلوا بغيره من الأنبياء،
لأن الله رفعه حالاً إليه فكأنه لم يقتل، وكأنه لم تسر عليه سنة الموت، فهو أقوى
من الموت!.

هل قال القرآن مثل هذا عن بشر؟ هل نسب مثل هذا إلى نبي
أو رسول؟ هل أشار القرآن إلى أن محمداً “خاتم النبيين”، قد نال شيئاً من
هذا؟ فالقرآن والحديث والتاريخ العام تشهد جميعاً بأن محمد قد مات كسائر الأنبياء،
وحواه قبر في المدينة المنورة: “فما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل،
أفئن مات أو قٌتل انقلبتم على أعقابكم؟” (آل عمران 144).

ويقول القرآن عن مصير “خاتم النبيين: “عسى أن
يبعثك ربك مقاماً محموداً”: فالقرآن اذن يؤكد أن المسيح صعد في الحال حياً
إلى السماء فيما ينتظر محمد أن يُبعث مع سائر الناس يوم يبعثون؛ ويؤكد أنه
“عسى” أن يبعث محمد “مقاماً محموداً”، بينما يجزم ثلاث مرات
أن “الله رفع عيسى إليه” وهو عنده حي إلى الأبد “ومن
المقربين”. قال الرازي: “رفع عيسى عليه السلام إلى السماء ثابت بهذه
الآية. ونظير هذه الآية قوله في آل عمران “رافعك إلي” ودل ذلك على أن
رفعه إليه أعظم في باب الثواب من الجنة ومن كل ما فيها من اللذات الجسمانية. وهذه
الآية تفتح عليك باب معرفة السعادات الروحانية”.

ثم ما معنى قوله “عسى”؟..وما مدى اليقين في
هذا التمني؟..

وهكذا يشهد القرآن أن واحداً لا غير بين البشر، ودون
الأنبياء والمرسلين بلا استثناء، كان أقوى من الموت، فلم يكن له عليه من سلطان: ألا
وهو عيسى ابن مريم. بهذه المعجزة الفريدة جعل القرآن المسيح نهائياً، فوق البشر
أجمعين لا يستثنى أحداً من الأنبياء والمرسلين.

فكان عيسى ابن مريم في آخرته كما كان في مولده آية
للعالمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار